|
مزمور
إلى العراق
نجاة
نعيمة ناصيف
مُهدى
إلى الشعراء رعد البصري، عبد السادة البصري،
نوفل الحمداني، صفاء ذياب، حسن عبد راضي،
فائز الشرع، برهان البرزنجي (شاعر كردي)، فوزي
ترزي (شاعر تركماني). من
انفجار
الصبح إلى الليل، تُغِير الطائراتُ
الأمريكية عليَّ. تعبُر سمائي وتقصفني في
عظامي، أنا الطريحة في الهجير بين بغداد
والبصرة. تسقط القذائف على ظهري وفي حدقة عيني.
صرت العراق لما صار العراق ابن مريم، تآمر
عليه الأشرار بالباطل. فاقتبلني، يا ألله،
كما اقتبلتَ الكنعانية. منذ وطأتُ بغداد
والبصرةُ توحَّد مجرى النَّفَس في أضلعي
بمجرى دجلة والفرات. إن اخترقتْ صفاراتُ
الإنذار قاعاتِ المتحف الوطني أغمي عليَّ. إن
انحبس الهواء في العتبات انحبس في رئتي. إن
أتى النزفُ امرأةً في بابل تمزقت أحشائي. أتوب
إليك، يا ألله، عن جهالتي وذنوبي باسم العراق.
باسم زينب وزين العابدين، باسم المتنبي وحسن
البصري، باسم السيَّاب والحيدري. أبلِّل
بالدمع ثيابي؛ فأنصتْ إليَّ. أنذرُ لعرشك أن
اقتاتَ جمرَ الحق بشفتيَّ؛ فبدِّد رجال
الدماء. عليك توكَّلتُ يا إلهي المقتدر؛ فأقمِ الحسين. لا تكون كربلاء
بعدُ، ولا أرض
سواد. وأقمِ الزبير والصحابة؛ فأجسادهم لمَّا
تزل طرية في الرفات. إنهم ينزفون اليوم دمًا
أبيض. يرفعون إلى عزَّتك أرض العراق. لا تدع
أورشليم تبكي على بنيها. ليكن دم العراق
عزيزًا في عينيك. يا ربُّ، كن ملجأ لذرِّياتهم
من جيل فجيل. النساطرة الآشوريون يشهدون
لعيساك منذ النعمان بن المنذر بن ماء السماء.
التركمان، هناك في طوز خورماتو، ينشدون على
أنغام الرباعيات، وأنغام الخوريات،
الرباعيات التركمانية، بالأبجديات الثلاث،
التركية والعربية والفارسية، يؤمُّهم حلاج
التركمان عماد الدين بغدادي. صَلَبَه
تيمورلنك، ولم يفارق وجه الحبيب. الأكراد منذ
زمن الميديين يتظلَّلون تخوم العراق
ويترنَّمون بالكردية الهورانية والسورانية
العربية على أنغام النبر الكردي والبحر
الخليلي وقصيدة النثر شعرًا صوفيًّا وتراثًا
إنسانيًا منذ المولوي. باقة من الشعوب، يا
ألله، سجدتْ آلهتهُا منذ التكوين، إنانا
ومرودك وآشور، لرب الحكمة إيا، المتحنِّن
القسمات، يتوسَّط جمع الآلهة حتى اليوم في
متحف بغداد. "الرب يحفظ الأطفال" (مزمور
114)؛ وجميع الودعاء استحالت وجوهُهم أطفالاً
ندىً وشعرًا وأكفًّا صافيات. أقمِ العراق
وبنيه، يا ألله، تحت ستر جناحيك، فلا يقوى
عليه شرير. أما أنا، والذين فيَّ، فاسقِنا من
دجلة قبل أن تغمرنا إليك. ***
*** ***
|
|
|