أسئلة
متكرَّرة...
1. ما هي معابر؟
ما هو الهدف من نشرها؟ وما هي انتماءات
القائمين عليها وتوجُّهاتهم؟
إن تفاقم الأزمة الشاملة
التي تجتازها الإنسانية اليوم لهو أمر لم يعد
بحاجة إلى برهان ولا ينكره إلا كل متقوقع على
نفسه في عالم وهمي من صنعه هو، لا يريد أن
ينغِّص عليه هذا الوهم منغِّص. وهذه الأزمة
التي ستطال الجميع، عاجلاً أم آجلاً، ناجمة
مباشرة عن أنموذج paradigm
فكري ونفسي ساد على التيار "الرسمي"
للثقافة الإنسانية بضع مئات من السنين. يقوم
هذا الأنموذج على عدد من المفاهيم والقيم
السائدة، من أهمِّها اختزال الكون إلى منظومة
ميكانيكية مكوَّنة من لبنات بناء أولية؛
والنظر إلى الأجسام الحيَّة كآلات؛ واعتبار
العلم الوضعي التحليلي
التخصصي الطريق الأوحد إلى
المعرفة، واعتبار كل ما عداه من خبرات ثقافية
وروحية من قبيل الترف الفكري؛ والنظر إلى
الحياة في المجتمع كصراع تنافسي من أجل
البقاء؛ والمراهنة بكل شيء على التقدم المادي
غير المحدود الواجب إحرازه عبر النمو
الاقتصادي والتكنولوجي؛ وأخيراً، وليس
آخراً، الاعتقاد بأن المجتمع الذي يضع الأنثى
في منزلة دون منزلة الذكر هو مجتمع يمتثل
لقانون طبيعي إلهي.
لقد بلغ الإنسان المعاصر من
تطوره الفردي والاجتماعي شوطاً يقتضينا أن
ننمي فينا نظرة منظومية systemic
أوسع نستطيع من خلالها أن نبصر الكل حتى نفهم
الأجزاء (أنظر: فريتيوف كابرا، "معايير
التفكير المنظومي"، الإصدار 1). إن الأزمة
الراهنة ناجمة عن كون غالبيتنا الساحقة –
وخصوصاً مؤسَّساتنا الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية – ما تزال تقرُّ وتعمل بمفاهيم
وقيم الأنموذج القديم التي لم تعد قطعاً تصلح
للتعامل مع قضايا عالمنا المكتظ سكانياً
والعالمي الترابط والكلِّي التشابك. لقد أمسى
اتخاذ القرار في المؤسسات المذكورة عملية
منطقية محض خطِّية linear،
خاضعة في أغلب الأحيان لاعتبارات المنفعة
القريبة المدى ولمتطلبات الاستهلاك الآنية.
لم تعد القيم الإنسانية اعتباراً يؤخذ
بالحسبان كمقياس لصواب التفكير والعمل،
وكشرط لازم وكافٍ لتحقيق إنسانيتنا، ولم تعد
طرفاً في المعادلة إلا بمقدار ما يتم توظيفها
توظيفاً مشوَّهاً – ومشوِّهاً – يخدم مآرب
فئة متنفِّذة همُّها المزيد من الربح
والسيطرة. إننا، في تحليلنا للأمور، قلما
نأخذ ديناميَّة الحياة بعين الاعتبار،
ضاربين كشحاً عن قدرتها المتجددة على
الانتظام والتوازن الذاتيين، إنْ على صعيد
الطبيعة النازفة، أو على صعيد الإنسان المختل
التوازن، فرداً وجماعة. فلا عجب أننا نعيش
اليوم في مجتمع تسوده الفوضى والهلع
واللامبالاة وانعدام المسؤولية (أنظر: موسى د.
الخوري، "التوازن النفسي والتوازن البيئي"،
الإصدار 3).
إن الخطوة الأولى في
التخفيف من حدة الأزمة هي الإقرار بأن
الانقلاب الثقافي العميق المطلوب تحقيقه
للتغلب عليها قد بدأ يتحقق فعلاً. إذ لقد بدأ
باحثون على التخوم المتقدمة للعلم، وشبكات
معرفية بديلة، وحركات اجتماعية متنوعة،
تستلهم الحكمة القديمة وتتلقى تأييدها،
بتطوير رؤية جديدة للواقع ستصبح قاعدة للعمل
الإنساني في سبيل التحول التدريجي نحو أنموذج
جديد، ينطوي على مفاهيم وقيم جديدة. وهذا
الانقلاب هو ثمرة خبرة روحية عميقة تُترجَم
عملياً إلى نقلة نوعية في الوعي وفي النظرة
إلى العالم: نقلة من رؤية آلتية machanistic
للواقع، محدودة الأفق، إلى رؤية كلانية holistic
وإيكولوجية ecological
الآفاق، تبيَّن أن المفاهيم والقيم التي
تتبناها هي عينها المفاهيم والقيم التي توصلت
إليها الحكمة الإنسانية المعبِّرة عن النضج
النفسي والروحي للإنسان العاقل فيما يتعدى
الزمان والمكان.
تتلخص هذه المفاهيم في
التحول عن العقلانية المفرطة إلى الحدس
والكشف، عن التحليل إلى التركيب، عن الاختزال
إلى التكامل، عن التفكير الخطِّي إلى التفكير
"اللولبي"، عن الإمعان في التخصص إلى
العبرمناهجية transdisciplinarity
(أنظر: بسراب نيكولسكو، "مستويات التعقيد
ومستويات الواقع"، الإصدار 1)، وعن مراكمة
المعلومات إلى المعرفة كوظيفة وجودية (ليس
القصد استبدال مفهوم جديد بمفهوم قديم، بقدر
ما هو التحول عن التشديد المفرط على أحد
المفهومين إلى توازن أعظم بينهما).
أما على صعيد القيم، فهناك
تحول ملحوظ عن التوسع والاستغلال إلى الصيانة
والتكافل، عن الكم إلى النوع، عن الفردية
المنتفخة واللامبالاة غير المسؤولة إلى
الغيرية السمحاء والمسؤولية الواعية، عن
الصراع والتنافس والاستئثار إلى التعاون
والمشاركة والإيثار، وعن التعالي على الآخر
والسيطرة عليه إلى احترام الآخر باحترام حقه
المطلق في الحياة والحرية والتفتح على إيقاعه
الخاص، عن فرض النمط الثقافي الواحد إلى
الاغتناء بالتنوع كشرط لا بدَّ منه للتطور،
عن الجمود الفكري والتعصب والظلامية إلى
الديناميَّة الفكرية وانفتاح القلب والوعي
الكوني.
تسعى معابر إلى مواكبة
هذه الثقافة الصاعدة، الإنسانية في جوهرها،
بأن تجعل نفسها "معابر" بين مختلف مناهج
المعرفة الإنسانية وبين مختلف المقتربات إلى
الحقيقة (في بعديها النسبي والمطلق)، إسهاماً
من القائمين عليها والمشاركين فيها (الذين،
بالمناسبة، لا يعبِّرون إلا عن خبراتهم
وآرائهم الخاصة ويتحمَّلون مسؤوليَّتها) في
فتح آفاق جديدة لوعي المثقف العربي، لعله
يبدأ بالتغلب على عطالته النفسية والفكرية،
أسوة برفاق له عديدين في كل مكان من العالم،
فيدخل الألفية الثالثة بمعرفة (وجودية) أرسخ،
وثقة أكبر، ويدلي بدلوه في تيار الوعي الجديد
المنبثق من ظلمة عالم قديم بدأ بالأفول (للمزيد،
يمكن مراجعة: ديمتري أفييرينوس، "لماذا
معابر؟"، افتتاحية الإصدار 1).
2. هل لها
هيئة تحرير؟ ومن هم أعضاؤها؟
تم تأسيس مجلة معابر في عام 2000 من
قبل أكرم أنطاكي
(غادر عالمنا هذا بتاريخ 20 نيسان 2013)
وديمتري أفييرينوس ومجموعة من الأصدقاء.
وتتألف أسرة تحرير معابر
حاليًا من:
دارين أحمد (شاعرة، سوريا)،
محمد عبد الجليل (مترجم لغة فرنسية وكاتب، سوريا)،
معين رومية (سوريا)، موسى د. الخوري (سوريا)،
نورا أنطاكي،
حميدة التعمري (مدرسة لغة إنكليزية - سوريا)، هفال
يوسف (كاتب ومترجم لغة روسية، سوريا). وهم جميعاً ليسوا من "محترفي"
الفكر، وعملهم في تحرير المجلة طوعي مبدئياً.
3.
هل للمجلة هيئة استشارية؟ من هم أعضاؤها؟ وما
هو دورهم؟
للمجلة هيئة استشارية مؤلفة
من الأساتذة: ندره اليازجي (سوريا)، بَسَراب
نيكولسكو (فرنسا)، أدونيس (فرنسا)، هنريك سكوليموفسكي (بولونيا)،
فراس السواح (سوريا)، مصطفى المرابط (المغرب).
تحال إليهم بعض مواد المجلة المتعلقة، بحسب
ما تقدِّر هيئة التحرير، بـ"اختصاصهم"
الفكري، من أجل إبداء الرأي في صلاحية هذه
المادة أو تلك للنشر، إنْ من حيث المستوى، أو
من حيث الانسجام مع التوجُّه العام للمجلة.
4. كيف
يتم تمويل معابر؟
حتى السنة السادسة، لم يقع محرِّرو المجلة، على أية جهة "مريبة" تموِّلها!
بدأً من السنة السابعة بدأت معابر تتعاون مع بعض المنطمات الأوروبية كـIKV Pax Christi وNOVA لدعم بعض
ترجماتها ونشاطاتها.
مؤكدين، وبعيداً عن أي تهكُّم،
وانطلاقاً من إصرار "أصدقاء" معابر،
بما لا يقبل المساومة، على حرية مجلتهم
واستقلاليتها الفكرية عن أية إيديولوجيا من
أي نوع، وعلى رفضهم، من حيث المبدأ، لأي تدخل
خارجي في توجُّهها الإنساني الذي هو علَّة
وجودها أصلاً، فإنهم، وإن كانوا لا يرفضون
أية معونة خارجية غير مشروطة، فإنهم يفكرون
ويعملون على إيجاد مشاريع قد تساعد على تمويل
المجلة، كالمكتبة ودار النشر وسواها...
5.
ما هو إيقاع صدورها؟
تلتزم هيئة التحرير بإصدار
المجلة إصداراً شبه دوري، شهري،
وفي أوائل كل أسبوع
مبدئياً. وبالإضافة
إلى هذا الإصدار المنتظم، تصدر هيئة التحرير
إصدار أعداد "خاصة" خارج الإصدارات
العادية، مخصَّصة لمسألة فكرية إشكالية أو
لمفكِّر ألمعي من رموز الأنموذج الجديد،
وتقوم بذلك بحسب ما يتوفر لها من الوقت.
6. كيف
يمكن قراءة معابر على الإنترنت؟
يمكن لكلِّ مَنْ حاسِبُه
الشخصي مجهَّز بالـ Internet
Explorer أن يقرأ المجلة. أما
المجهَّزة كمبيوتراتُهم بالـ Netscape Navigator
فلا بدَّ لهم من التزوُّد بالـ Sindbad
Navigator (صخر)
الذي يستقر على الـ Netscape
ويؤهِّله لقراءة العربية. جدير بالذكر أنه
مهما تكن لغة نسخة Windows
2000 المستعملة فإن
بوسعها قراءة العربية من خلال نظام الـUnicode،
وليس من الضروري للقارئ، بالتالي، التزوُّد
بنسخة Arabic
Enabled.
من جانب آخر، لا ننصح للقارئ
مطلقاً بالقراءة على الشاشة وهو متصل بالشبكة
online،
بل يستحسن، توفيراً للجهد والمال، إما
القراءة offline،
وإما نسخ النص ولصقه في ملف Word،
وإما طباعته.
يمكن للقارئ، من الصفحة
الأولى، الوصول إلى أية صفحة من الإصدار
الأخير للمجلة. كما
يمكنه، انطلاقاً من "الدليل"،
أن يراجع أي بحث في أي من الموضوعات التي
غطَّتها معابر والتي سبق أن نُشِرت. فعن
طريق دليل الأسماء وفق الحروف الأبجدية،
بوسعه الوصول إلى ما نُشِر لأي من كتَّاب معابر؛
كذلك، عن طريق الدليل وفق الموضوعات، أو
الدليل وفق الإصدارات. وإذا لفت انتباهه أي
بحث لأي من الكتَّاب، فبوسعه أيضاً، انطلاقاً
من اسم ذلك الكاتب في أعلى الصفحة، الوصول إلى
ما نُشِر له.
7. ما هي
أبواب معابر؟ ما الغرض من كل منها؟
تتضمن معابر حتى الآن
الأبواب التالية:
أ. منقولات روحية:
مخصص لأبحاث تتناول التراث الروحي
للإنسانية، بحثاً ونقداً وترجمةً لنصوص
منقولة، من منطلق الوحدة الجوهرية المستعلية transcendent
للخبرات الروحية الإنسانية، التي يصطلَح على
تسميتها بـ"الحكمة". والمقصود بـ"الحكمة"
ذلك الموروث الروحي الإنساني المشترك الموغل
في القدم الذي وصلنا بالنقل والخبرة بواسطة
الوجه الباطن للأديان والفلسفات القديمة
ويعود بإسناده إلى الخبرات الروحية الكبرى
التي حققها الجنس البشري عبر مسيرته المضنية
في بحثه عن حقيقة وجوده والتي تجسدت في حياة
وتعاليم حكماء وعارفين من كل الشعوب والأزمنة.
ب. قيم خالدة:
مخصص لدراسات تتناول الأخلاق الإنسانية
الشاملة ("الحكمة الخالدة"، على حدِّ
اصطلاح مسكويه) في أبعادها الميتافيزيائية،
والفلسفية، والجمالية، والنفسانية،
والحضارية، والسياسية (بالمعنى الأرسطي، لا
البراغماتي)، ولكيفية "تطبيق" المبادئ
الأزلية في عالم الزمن، اعتناقاً من هيئة
تحرير المجلة، على خطى ميخائيل نعيمه، لمبدأ:
"ما لم تصلوا القمة بالقاع ابتليتم بالدوار
في الأعالي وفي الأعماق بالعمى." ( كتاب
مرداد)
ج. أسطورة:
تُنشر فيه دراسات تغوص في المعاني الباطنة
للأساطير، النفسانية والأخلاقية والروحية،
باعتبارها مستودعاً للخبرات الروحية
للأقدمين (أنظر: فراس السوَّاح، "الأسطورة:
التعريف والوظيفة"، الإصدار 3)، دعوةً
للقارئ إلى اكتشاف أسطورته
الشخصية، على غرار كارل يونغ الذي يحكي في
سيرته الذاتية "حياتي": ذكريات وأحلام
وتأملات عن اليوم الذي أدرك فيه فجأة "ماذا
يعني أن يحيا المرء مع أسطورة، وماذا يعني أن
يحيا بدون أسطورة"، ويقول متابعاً: "أخذت
على عاتقي أن أتعرَّف إلى "أسطورتي"
واعتبرت هذا مهمة المهمات."
د. إبستمولوجيا:
تُنشَر فيه أبحاث ودراسات في نظرية المعرفة
من منظور كلاني holistic،
منظومي systemic،
وعبرمناهجي transdisciplinary.
هذه المنظور المعرفي الشمولي لا يستبعد أي
منهاج معرفي، ولا يتناقض معه (اللهم إلا ما
فيه اختزال للإنسان أو للواقع إلى مجرد
تعريفات وإلى تقليصهما في بنى شكلانية
معقِّمة)؛ فهو يقرُّ بوجود مستويات مختلفة
للواقع، تحكمها أنماط مختلفة من المنطق. كذلك
لا يتناقض المنظور العبرمناهجي مع المقاربة
المناهجية disciplinary،
بل يتكامل؛ إذ إن العبرمناهجية تولِّد من
المواجهة بين المناهج المختلفة والمتلاقية
معطيات جديدة، تُمَفْصِلها فيما بينها،
فتقدم لنا رؤية جديدة للطبيعة وللواقع. من هنا
فإن العبرمناهجية لا تسعى إلى السيادة على
المناهج الراهنة للمعرفة، بل إلى انفتاح
المناهج كافة على ما يجتازها ويتخطاها جميعاً.
الرؤية العبرمناهجية، إذن، رؤية مفتوحة من
حيث إنها تتخطى مجال العلوم البحتة، إذ
تجعلها تتحاور وتتصالح، ليس مع العلوم
الإنسانية وحسب، بل ومع الفن والأدب والتراث
الروحي أيضاً.
هـ. طبابة بديلة:
باب يعرض لمدارس ما يعرف بالإنكليزية بـ"الطب
الموازي"parallel
medicine
وبالفرنسية بـ"الطب
اللطيف" médecine douce،
وللمنظور الذي تعتمده هذه المدارس، على
اختلافها، وسيلةً للشفاء. إن المتتبِّع
للمسيرة الطبية يستطيع اليوم أن يميز بين
فلسفتين أساسيتين للطب: الأولى فلسفة المذهب
المادي الآلي التجزيئي التجريبي (الأنموذج
الديكارتي–النيوتوني)، والثانية فلسفة
المذهب الكلاني الحيوي والديناميُّ التي
تنظر إلى الإنسان بوصفه كياناً واحداً
متكاملاً، إذا اعترى عضو من أعضائه المرض،
تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. وكما أن
ظهور الفيزياء الحديثة – أي الميكانيكا
الكوانتية – ونظرية النسبية لم يلغِ
الفيزياء الكلاسية النيوتونية، وإنما حدد
مواضع تطبيقها ومواضع القصور فيها، كذلك فإن
عودة الطب لتبني النظرة الكلانية لا تلغي ما
بلغته المسيرة الطبية من تطور وتقدم في
العقود الماضية، وإنما تعيد للطب أصالته
وحكمته ورسالته الإنسانية (أنظر: نبيل محسن،
"الطب التجريبي والطب الكلِّي"، الإصدار
1).
و. علم نفس الأعماق:
لقد كان لآراء ديكارت في الفصل بين العقل
والعالم أثر حاسم على العلوم، ولاسيما على
علم النفس والطب النفسي؛ فظل الاتجاه السائد
في علم النفس، وقد استمد طريقته من الفيزياء
النيوتونية، مرسِياً قواعده على المنهج
التجاربي empiricism
الذي يتنكَّر لكل معرفة غير متحصَّل عليها عن
طريق التجربة. فقد قام علم النفس القديم،
ممثَّلاً بالمدرسة السلوكية، على اعتماد
تجاربية صارمة تفترض وجود راصد معزول وأداة
رصد محايدة غير متفاعلة مع الظاهرة
المراقَبة، نجم عنها إرجاع الإنسان ككل إلى
بنية زمكانية، "موضوعية" هي الأخرى،
تنتظمها سببية حتمية لا سبيل إلى الإفلات
منها، فنظر بالتالي إلى البنى الحية نظرته
إلى آلات تستجيب للمنبهات الخارجية؛ بينما
كان من نتائج النظرية التحليلية الفرويدية
اختزال المنظومة النفسية إلى كتل بناء من
تصوُّر فرويد، وإرجاع الباثولوجيا النفسية
إلى أسباب في غاية المحدودية، واعتبار
المحلِّل منفصلاً عن المحلَّل، شأنه شأن
الراصد الفيزيائي للظاهرة المرصودة.
بيد أن طبيعة النفس
العصيَّة على التحديد، وعجز النموذج
الاتِّباعي عن تفسير العديد من الخبرات
الإنسانية العميقة وحشره إياها في زمرة
الاضطرابات الفصامانية schizoid،
ما كانت لتسمح لعلماء النفس بالاستمرار في
هذا المنحى. فبدأت صيحات الاحتجاج تعلو،
يطلقها علماء نفس ممَّن أبوا على الإنسان أن
يكون مرتَهناً لسلوك خارجي لائق، ليس في
الأعم الأغلب إلا محاكاة لنمطية اجتماعية
تسلبه كل أصالة وإبداع وتبتليه بالعصاب؛ وبدأ
علماء نفس الأعماق depth psychologists
والعبرشخصيون transpersonal
يستلهمون التراث الروحي
للإنسانية، من حيث إنه قد سبر منذ القديم
عالَم النفس وعرف مداخله ومخارجه وقدم تصوراً
محكماً عن طبيعة الوعي الإنساني ومنزلة
الإنسان من الطبيعة والكون. هذا الباب من
المجلة منبر للتعريف بمدارس علم النفس هذه،
من علم النفس اليونغي، وعلم النفس العبرشخصي،
وعلم نفس العلائقي، وسواها.
ز. إيكولوجيا عميقة:
باب يركِّز على علم البيئة من منظور يخترق
المركزية البشرية إلى "لامركزية" طبيعية
(أنظر: فريتيوف كابرا، "الإيكولوجيا
العميقة"، الإصدار 2)، باعترافه، ليس
بالبيئة الخارجية الظاهرة وحسب، بل
وبالبيئتين الاجتماعية والذاتية الداخلية (أنظر:
ألكزاندر كنغ، "بيئات الإنسان الثلاث"،
الإصدار 1)، فيحوِّل الإيكولوجيا "الضحلة"
السائدة والممارَسة حالياً إلى فلسفة شاملة،
حيَّة روحياً، ملتزمة اجتماعياً ومجاهرة
بالمسؤولية الفردية، حيوية التوجُّه،
متفطِّنة إلى صحة الأفراد والشعوب، واعية
سياسياً، مركِّزة على اقتصاد نوعية الحياة،
وساعية إلى الرشاد والحكمة (أنظر: المقابلة مع
هنريك سكوليموفسكي، "العقل الإيكولوجي
والتفكير الإجلالي"، الإصدار 3).
ح. إضاءات:
باب مخصص للمقالات واللقاءات التي تلقي ضوءاً
كلانياً على ظواهر سائدة في عالم اليوم، بما
يختلف عن المعالجة "الإعلامية" المنتشرة
أفقياً لهذه القضايا.
ط. اللاعنف والمقاومة:
ليست الدعوة إلى اللاعنف خطاً جديداً طارئاً
على معابر، بدأ مع الإصدار السابع وباب
"اللاعنف والمقاومة"، بل خط التزمتْ به
المجلة منذ البداية، حرصاً من أسرة التحرير
على نشر نصوص (كلاسية وظرفية) تعرِّف
بالمقاومة اللاعنفية، روحيَّتِها
وأساليبِها، عموماً، مع تقصِّي إمكانية
تطبيقها في حالة الاحتلال الإسرائيلي
لفلسطين، خصوصاً، بعد أن تبين فشل الوسائل
العسكرية والسياسية في إيجاد مخرج من أي نوع.
وما إيجاد هذا الباب الجديد، في ظلِّ الأجواء
المأساوية السائدة في الأراضي المحتلة، غير
قرار من أسرة التحرير بتسجيل موقف قاطع، ينأى
عن مجاراة الخطاب الإعلامي السائد الذي يزيد
الناس إما هياجاً وإما كرهاً وإما يأساً، وفي
كل الأحوال، يعميهم عن فهم ما يجري، ويحول
بينهم وبين فتح أفق للمستقبل.
في الحالات اللامخرجية impasse،
هناك دائماً خيار ثالث خفي، قلَّ من ينتبه
إليه، يجمع بين الخيارين الظاهرين
ويتجاوزهما في الوقت نفسه، إنما على مستوى
واقع أعلى (التعبير لبَسَراب نيكولسكو).
اللاعنف ليس مجرَّد عدم استعمال العنف
افتقاراً إلى سلاح أو عجزاً عن قتال. اللاعنف
هو الحدُّ الثالث الذي يجمع بين شجاعة القوي
وحكمة العاقل، ويرتقي بهما إلى صعيد الروح. هو
سلاح الضعيف مادياً، لكن القوي بروحه، بعقله،
وبشعوره العميق الموصول بأن حياته تعدم
المعنى ما لم يرتفع الجور عمَّن يحمِّل نفسَه
مسؤوليتهم. مرماه هو الإنسان الغافي في قلب
الخصم، أو على الأقل ضمير الجمهور الذي يحيط
به؛ إذ من شأن جرِّ فضيحة الظلم إلى وضح
النهار أن يوقظ القلوب، ويفتح الأبصار،
ويباغت الباغي ويزري به. واللاعنف يكسر سلسلة
العنف ببيانه للمعتدي أنه على باطل وبفرضه
عليه نوعاً من التحول الداخلي يكون فيه شفاؤه.
ما
زال اللاعنف، بكل أسف، يلتبس على أذهان
غالبية الناس بالسلبية وبالخنوع، لكنه في
الواقع شيء آخر تماماً: فالفعل اللاعنفي
كثيراً ما يكون بطولياً، وهو يتطلب قدرة
هائلة على ضبط النفس. إنه يوجِّه للخصم ضربات
موجِعة، لكنها معنوية وليست مادية؛ وهو سلاح
ماضٍ، لكنه السلاح الإنساني بامتياز لأنه
يرتقي بإنسانية مستعمليه ومكابديه على حدٍّ
سواء. كذلك يجب ألا يلتبس بالابتزاز النفسي،
حيلة ضعاف النفوس، ولا بالمداهنة غير
الموجِعة التي تُقنَّع بها الحقيقة، و"تُغسَل
الأدمغة"، وتُفرَض الإيديولوجيات.
واللاعنف – وفي هذا شرفه – لا يُفلِح إلا في
سبيل القضايا العادلة. فهو عندما يرمي إلى
منفعة أنانية، وليس إلى التحول الحقيقي
للخصم، سرعان ما ينحطُّ من صعيد الروح إلى
صعيد السياسة (بالمعنى المبتذل).
اللاعنف، إذن، لا يمكن أن
يكون سلبياً حيال أي حدث، وحيال الظلم بصفة
خاصة. وهو سلاح ينبغي ألا يُستعمَل لمجرد
المقاومة أو دفعاً للحرب؛ بل يجب، على العكس،
أن يدخل في نسيج كيان المناضل، فيثوِّر كل
جانب من جوانب حياته – الفردي، الأسري،
الاجتماعي، السياسي، والاقتصادي. على الفرد
المناضل أن يبدأ بممارسة اللاعنف في حياته
اليومية، فيقوم تدريجياً باجتثاث جذور
الأنانية والخوف من نفسه، وينمِّي حسَّه
بالمسؤولية الأخلاقية، ليس عن نفسه ومجتمعه
المباشر وحسب، بل وعن الإنسانية جمعاء. إن
المؤمن بـ"قوة الحقيقة" (ساتياغراها
بالمصطلح الغاندي) ينطلق من مبدأ أنه غير
منفصل عن خصمه، وأن مقاومة هذا الخصم،
تالياً، وردعه عن الإمعان في غِيِّه ليس عن
كراهية، بل عن شوق لافح إلى إيقاظ الإنسان
الغافي فيه – حتى إذا تطلَّب هذا بذل النفس.
ي. أدب:
باب مخصص للإبداعات الأدبية المختلفة، من
قصة، وشعر، وتأمل، ونقد، إلخ، مما يندرج،
بدرجة تزيد أو تنقص، في المنظور الإنساني
الذي تتبناه المجلة وينسجم مع روحيَّتها.
ك. فن:
يقدم هذا الباب، بالإضافة إلى دراسات في
فلسفة الفن، لوحات أو منحوتات أو أعمال فنية
لفنانين محليين أو عالميين، قدماء أو
معاصرين، يتميز إنتاجهم، بالإضافة إلى العمق
الفكري والجمالي، بأصالة اللغة التعبيرية
وخصوصيتها، مع نبذة مختصرة عن حياة كل منهم.
ل. كتب وقراءات:
يتضمن الإشارة إلى صدور كتب أو دوريات هامة،
تنسجم مع منظور معابر وتصب في أبوابها أو
مراجعات نقدية تقويمية لمثل هذه الكتب
والدوريات.
م. مرصد:
تُنشَر فيه نصوص مختلفة الشكل والطول، مستقاة
من الصحافة العربية والعالمية أو من مصادر
أخرى، دون أي تعليق، حيث تُترَك للقارئ مهمة
استخلاص العبرة منها.
وإذا وجد المحرِّرون ضرورة
ماسَّة لاستحداث باب جديد لاستيعاب مواد من
طبيعة لا تندرج تلقائياً في الأبواب المذكورة
أعلاه فإنهم سوف يفعلون. واقتراحات القراء
مرحَّب بها بهذا الصدد.
8.
من يستطيع الكتابة للمجلة؟ وكيف يمكنه أن
يفعل؟
موقع معابر مفتوح
لمشاركات الجميع دون أي اعتبار مبدئياً
للانتماء الفكري أو الطائفي أو القومي أو
للجنس، على ألا تعكس هذه المشاركات، ظاهراً
وباطناً، أي لون من ألوان الانغلاق الفكري،
أو التعصُّب المذهبي أو العقائدي، أو
الشوفينية، أو العنصرية، بمختلف تعبيراتها.
فمهما يكن مقترَب مَنْ يودُّ الكتابة للمجلة
يشترط فيما يكتبه أن يعبِّر عن توجُّه إنساني
أصيل، ينأى عن كل ما سبق، ويتصف بحدٍّ أدنى من
العمق والتماسك والجدية في التناول، مما
تقرُّه الهيئة الاستشارية والمحرِّرون (يتوقع
الأصدقاء في هيئة التحرير من القراء
الجادِّين أن يكونوا لهم بمثابة الضمير
الرقيب الذي "يخزهم" إذا هم أخلُّوا بما
يطالبون به!).
تفضل هيئة التحرير استقبال
المادة التي تصلها منضَّدة في ملف Word،
إما ملحقة برسالة إلى عنوان المجلة
الإلكتروني: maaber@scs-net.org،
وإما على diskette
على بريد المجلة العادي: ص ب 5866، دمشق، سوريا.
9. ماذا
عن معابرنا؟ ما هو الغرض منه؟
معابرنا
مجموعة معابر Yahoo!
على الشبكة. ولقد أنشئت لكي تكون منبراً حراً
يلتقي فيه محرِّرو المجلة وكتَّابها
وقرَّاؤها ليتحاوروا في الموضوعات المنشورة
فيها أو في موضوعات موازية، مستفسرين،
مستوضحين، معلِّقين، ناقدين، متخالفين،
مستكشفين – معاً –، لعل هذا اللقاء يتمخض عن
أفكار أو اكتشافات أو لمحات تتخطاهم جميعاً
كأفراد. ذلك أن فرح اللقاء والمشاركة
الإنسانية بنظرهم أهم بكثير من الاتفاق
الفكري أو العقائدي العقيم.
يلتزم أعضاء المجموعة،
المفتوحة هي الأخرى للجميع، بالشروط عينها
التي يجب على الكتَّاب للمجلة أن يلتزموا
بها، من انفتاح وأريحية ودافع حقيقي إلى
المعرفة.
ترحب هيئة تحرير معابر
بكافة الأسئلة والاستفسارات حول هذه
المسائل، أو أية مسائل أخرى.
|