احتمالات 2

 

أميرة سلامة

 

(16)

احتمالات

 

لأن قمرَ الحدسِ

يُبحرُ في حلمي

عرفتُ كلَّ شيء

في الغمزةِ الأولى

من الرحيل...

لنسافرْ حتى آخرِ الصَّدى

بعد الصَّدى

في الصَّمت يدورُ رمَّاناً

جُنَّتْ به الشَّمسُ

جُنَّ بالرُّمان القمر

عتيقةٌ أنا

لكنَّك أعتقُ

يلزمنا عُمران... بل أعمارٌ

لنتَّفقَ أكثر

هل يصيرُ القلبُ أزرقَ...

هل تلتقي الطرقاتُ فينا...

ويحملُ طوفانُ الإسمنتِ سفينتَنا؟

نغطُّ في احتمالاتٍ لا نهايةَ لها

تحتَ مظلَّةٍ من قوسِ قزحٍ

مباغَتين بمطرٍ أحمر؟

 

(17)

يا مهمازَ الشِّعر الذي يهتكني

مهما تناسيتُك

زارعةً الحقولَ بسنابكي

لن أهربَ من وخزتك!

 

(18)

سلام

 

هل سيكونُ طيباً الفجر؟

أرنبٌ أبيضُ

يقرضُ الجزرَ هناك

هناك... فوقَ ذاك الجحر!

 

(19)

 

بعد المطرِ

قلبي يَتَمَسْرَحْ

يعتلي صحوَ خشَبَتِه

طفلٌ من قوسِ قزحْ

فإنْ أقبلَ جمهورٌ

من غيمٍ كثيفٍ

مصفِّقاً

أُسدِلَتِ السَّتائرُ

ليعودَ قلبي وينهمرُ

 

(20)

 

ليستْ هي الأرضُ

بل عشٌّ عالقٌ

على غصنٍ صغيرٍ

من شجرةِ فراغٍ هائل

بل:

خاتَمُ عاشقٍ

في إصبعِ الكونِ يدور

يدور

يدورُ قلقاً حائرا

 

(21)

هل أميِّز بين ما يجرفُ البحرُ

من أصدافٍ على الشطآنِ

وبين كلماتي

يجرفُها الحبرُ على بياضِ الصَّفحات؟

هي احتمالاتي

هي صوتُ ملاكي وشيطاني

ولكنْ...

هيهاتِ أستدعيها متى شئتُ...

هيهاتِ!

 

(22)

مياهاً

قالَ البحرُ أولاً

ثم تلعثمَ

عالقاً بحنجرته... سمكة!

 

(23)

 

سألْتُهُ: "عرِّفْ لنا الشِّعر..."

أجابَ وابتسامةٌ تسقطُ من شفتيه: "وهل تستطيعين تعريفَ الحب؟"

بعنادٍ أجبت: "نعم..."

لكنَّه لم يصغِ إليَّ، أو حتى لم يتنازلْ ليسألني، بل أردفَ قائلاً: "لا، لا يمكن لأحدٍ أن يعرِّف الحب!"

قلت: "ألا أستطيع أن أقول: "الشِّعر نوَّاسٌ من قلقٍ، يتأرجحُ، ويتأرجحُ، حتى تُقبلَ القصيدةُ، فتسكُنُ حركتُه فيها ويرتاح؟""

أجاب: "تستطيعين قولَ هذا في الحبِّ أيضاً!"

وبسرعةٍ خاطفةٍ رددتُ قائلة: "لكن الحبَّ لا يرتاح..."

أجاب بثقة مضاعفة، هازاً رأسه من أعلى إلى أسفل، وبهدوء قاتل: "بلى، هناك لحظاتٌ يرتاحُ الحبُّ فيها..."

فتساءلت بيني وبين نفسي: "إذن، لمَ لم يقلْ منذ البداية: "الشعرُ هو الحبُّ، والحبُّ هو الشِّعر"، منهياً نقاشاً كهذا؟"

وبعد قليل، وجَّه لي سؤالاً وجواباً لكلِّ ما كان يدور في ذهني، قال: "أتعرفين ما الذي يلزمكِ؟"

أجبته: "ماذا؟"

قال: "يلزمكِ قطعُ رأس!"

أجبته بحدَّة: "وهل أقطعُ رأسي لأضعَ رأسكَ مكانَه؟"

فقال ضاحكاً: "على الإطلاق! لا رأسي، ولا أي رأس..."

 

(24)

هل يؤتَمَنُ هواءٌ

على ما باحَ به التُّرابُ

من أخبارْ؟

هو ذا يتخطَّفُ بأنامِله الخفيفةِ

كلَّ شيء

في أذنِ الغيمِ يفشي الأسرارْ

 

(25)

عصفور

 

كلُّ تلكَ المسافاتِ

لتعبُرَ بخفَّةٍ مضاعَفةٍ شرفتي

تعاشرُني

حاملاً بين ريشِ جناحيكَ

قبضةَ قمحٍ

وجرَّةَ ماءٍ

لم تكنْ لي

وليستْ لأحدٍ

هكذا

وقبلَ أن يأتيَ المساءْ

علَّقتَ بين أصابعي

طقوسَكَ وإشاراتِ البقاءْ

ناقراً عرنوسَ حزني

مانحاً روحي بُعداً قمحياً

كثافةَ الأغنياتِ

كيف أنْهَضْتَ ذاتي منِّي؟

كيف عنها كشفتَ الغطاءْ؟

أكثر من الينابيع امتلأْتُ

امتلأتُ أكثر من الحقولِ

خفيفةً غدوتُ

علوتُ

علوتُ

علوت

حتَّى نافستُك ونافستُ الهواءْ

ما الفرقُ ما بينك، يا ربِّي، وبين عصفورٍ

غير أنَّ الأخيرَ سطرٌ نحيلٌ

وأنَّك سماكةُ الكتاب؟

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود