|
علم نفس الأعماق
بتنا نعرف جيدًا كبيئيين أن تلوث الهواء والماء والتربة يشكِّل تهديدًا مباشرًا لسلامة كلٍّ من الناس والموائل الطبيعية. ومع ذلك، قلما نتوقف في قلب المعركة كي نتأمل في الضريبة العاطفية الهائلة التي تُرافِق التدهورَ البيئي؛ كما أننا لا نسأل ما الذي فيما صنعه الإنسانُ دَفَعَنا إلى إساءة التعامل مع الطبيعة بهذه القسوة. علم النفس الإيكولوجي ميدان جديد صاعد يُكامِل ما بين علم النفس والمذهب البيئي، منكبًّا على دراسة الطرق التي تؤدي إلى أذية الأرض من جراء سلوك الناس وعلى كيفية معاناة الناس بدورهم من تدهور الأرض. وضع ثيودور روزاك Theodore Rozak مصطلح «علم النفس الإيكولوجي» Eco-psychology في متناول الجمهور مع نشر كتابه صوت الأرض: اكتشاف علم النفس الإيكولوجي. يعمل روزاك أستاذًا للتاريخ في جامعة ولاية كاليفورنيا، هيوارد، كما أنه أحد مؤسِّسي «معهد علم النفس الإيكولوجي».
اتَّجهت نظرياتُنا التطورية إلى التركيز على نموِّ نفس الطفل عبر صلتها بالناس الآخرين وعلى دخول الطفل إلى المجتمع الإنساني: يتعلَّم رموزَه وقواعدَه وقيمَه، فارِزًا ومطوِّرًا استقلاليتَه الذاتيةَ ومعزِّزًا ما يُعرَف بـ«الوظائف التنفيذية للأنا»، بحيث تتخذ هذه مكانها في عالم من الذوات الفردية المستقلة، المنفصل بعضها عن بعض. لكن ثمة ثقافات ما تزال حيَّة في عالم اليوم لا تتصور تطور الطفل فقط في العلاقة مع الأسرة أو من خلال انتسابه إلى المجتمع البشري. في بعض المجتمعات القبلية، يصاحب كلَّ شخص، طوال حياته، حيوانٌ طوطمي يُسمَّى باسم الطفل أو بأية أسماء أخرى، ووظيفته أن يجسِّد صلة الطفل بعالم الطبيعة؛ وأي تهديد للحيوان الطوطمي يُعتبَر أيضًا تهديدًا للشخص الذي يعتقد أنه يشاركه هويتَه. في الجنوب الغربي للولايات المتحدة، تحتفي قبائل الهوپي Hopi للعلاقة بين الطفل وعالم الطبيعة بتمثيل شعائري لاعتقادهم بأن المواليد الجُدُد ينبثقون من العالم السفلي عبر سُرَّة الأرض. يبقى الطفل إبان الأيام العشرين الأولى في عتمة هذا التحول؛ بعدئذٍ، عند الفجر، يُحمَل إلى الشرق ويقدَّم إلى الشمس البازغة، بينما أمه تقول: «هذا هو ابنك». لذا يقر الهوپي باعتمادهم على دورات الطبيعة وإيقاعات الزمن اليومي، ولا ينضم الطفل إلى المجتمع البشري فحسب، بل وإلى مجتمع الأرض أيضًا. |
|
|