كَــرْمَــى

وليَـم ك. دْجَـدْج[1]

 

إنَّما الولد أبو الرجل، ولا يقل عن ذلك صحة أن:

حياة كلِّ إنسان، يا إخوتي،
هي مآل ما سَلَفَ من عيشه:
فما فات من الأخطاء يولِّد الأحزان والبلايا،
وما فات من الصواب يَنْسِلُ الغبطة.[2]

تلكم هي عقيدة كرمى[3].

ولكن بأيِّ وجه من الوجوه يؤثِّر هذا الخطأ والصواب الماضيين في الحياة الحاضرة؟ أوَهل تظل نِمِسيس[4] القاسية تتعقب أبدًا المسافرَ المرهقَ بخطًى وئيدةً لا تأخذها هوادةٌ ولا ندم؟ أما ثمة مفر من يدها التي لا تفتر؟ وهل يظل قانون السبب والنتيجة السرمدي، لا يثنيه حزنٌ أو أسف، يوزع أبدًا قِسْطَه من السراء والضراء عاقبةً لما مضى من الأعمال؟ أوَينبغي لشبح أمس الخطيئة أن يكدِّر حياةَ اليوم؟ أوَهل يكون كرمى مجرد اسم آخر للقضاء؟ وهل يفتح الطفل صفحة كتاب الحياة السابق تدوينه الذي يسجَّل كلُّ حدث فيه من دون إمكانية لمحوه؟ ما هي صلة كرمى بحياة الفرد؟ أما ثمة على المرء إلاَّ أن يحوك سداة كلِّ حياة أرضية ولحمتها الشطرنجيتين بالخيوط الملوثة أو الباهتة اللون للأفعال الماضية؟ الخير يتفكك والنوازع الشريرة تطغى على فطرة الإنسان بطوفانها الذي لا يُقاوم، ويقال لنا:

أيًّا كان العمل الذي نقوم به، صالحًا كان أم طالحًا، على كلِّ شيء مفعول في جسم سابق بالضرورة أن يُتمتَّع به أو يُشقى به. (أنوگيتا، الفصل الثالث)

هناك كرمى صالح، وهناك كرمى طالح؛ وبينما يدور دولابُ الحياة، يُستهلَك كرمى قديم ويتراكم كرمى جديد.

ومع أنه قد يلوح، بادئ ذي بدء، أن ما من شيء أكثر جبرية من هذه العقيدة، فإن شيئًا من النظر المتروِّي يبيِّن أن الأمر في الواقع ليس على هذا النحو. إن كرمى ذو شقين، خفيٍّ وظاهر؛ كرمى هو الإنسان الموجود، وكرمى هو فعله. وكل فعل هو علَّة تنشأ عنها التشعباتُ التي لا عدَّ لها للنتيجة في الزمان وفي المكان.

"ما تزرعه إيَّاه تحصد."[5] والمحصول سوف يُجنى في إحدى نطاقات العمل. فمن الضروري أن يدرك الإنسانُ الناشطُ هذه الحقيقة. ولا يقل عن ذلك ضرورةً أن على تجلِّيات هذا الناموس في عمليات كرمى أن تُفهَم واضح فهمها.

قد يصح، إجمالاً، قولُنا في كرمى إنه تَواصُل طبيعة الفعل، وأن كلَّ فعل ينطوي في ذاته على الماضي والآتي. وكل قصور يمكن تحقُّقه اعتبارًا من فعل ما لا بدَّ أن يكون مضمَّنًا في الفعل ذاته، وإلا فليس له أن يبرز إلى حيز الوجود. فما المعلول إلا طبيعة الفعل، ولا يمكن له أن يوجد في معزل عن علَّته. إن كرمى لا يولِّد إلا تجلِّي ما يوجد أصلاً؛ وهو، بكونه العمل، يؤدي فعلَه في الزمان. لذا قد يصح قولُنا في كرمى إنه العمل عينه من نقطة زمانية أخرى.

وبعد، فيجب أن يكون بيِّنًا أنه ليس ثمة رابط بين العلَّة والمعلول فحسب، إنما ينبغي أيضًا أن يكون ثمة رابط بين العلَّة والفرد الذي يختبر المعلول. ولو كان الأمر على غير ذلك، لكان بوسع أيِّ إنسان أن يجني نتيجة أعمال أيِّ إنسان آخر[6]. قد نظهر أحيانًا بمظهر مَن يجني نتائج أعمال غيرنا، لكن هذا في الظاهر وحسب. فالأمر من حيث الواقع أن نتائج أعمالنا نحن هي ما نجنيه:

... لا أحد سواكم يرغمكم
لا أحد سواكم يحملكم على الحياة والموت.[7]

لذا فمن الضروري، كي تُفهَم طبيعةُ كرمى وصلتُه بالفرد، أن يُنظَر في العمل بمظاهره كلِّها. إن كلَّ فعل يتأتى عن الذهن، وفيما يتعدى الذهن ليس ثَمَّ عمل، وبالتالي ليس ثَمَّ كرمى. إن أساس كلِّ فعل هو الرغبة، ومرتبة الرغبة أو الأنانة[8] هو عينه العمل وأصل كلِّ فعل. وبالوسع اعتبار هذه المرتبة غير متجلِّية، فيما هي مع ذلك ذات تجلٍّ مثنوي فيما ندعوه العلَّة والمعلول، أي الفعل وعواقبه. وفي الواقع، الفعل وعواقبه كلاهما معلول، من حيث كونُ العلَّة على مرتبة الرغبة.

بذا فإن الرغبة هي أساس العمل في تجلِّيها الأول على المرتبة الجسمانية؛ والرغبة تُعيِّن استمرارية الفعل في علاقته الكرمية بالفرد. فحتى يتحرر المرء من نتائج كرمى أيِّ فعل عليه أن يعبُر إلى حالة لا تعود تتيح قاعدةً يمكن للفعل أن يتأصل فيها. إن التموجات على سطح الماء الناجمة عن سقوط الحجر سوف تمتد حتى أقصى حدٍّ لانبساطها، لكن من دون أن تتعداه، من حيث إنها مربوطة بالشط، ومساقها ينتهي حين لا يعود ثَمَّ أساس أو وسيط ملائم يمكن لها أن تنطبع فيه؛ فهي تصرف قوَّتها ثم تغيب. لذا فإن كرمى يعتمد على الشخصية الحالية لتحقيق ذاته اعتمادَه على الشخصية السالفة من أجل الفعل المبدئي الأول. وبالوسع تقديم مثال يساعد في شرح هذا.

إن البذرة – ولتكن بذرة خردل على سبيل المثال – تُنتِجُ نبتة خردل ولا شيء سواها؛ إنما من الضروري، كي تُنتِجَ، أن يكون عون التربة والإنبات كليهما موجودًا على حدٍّ سواء. فمن دون البذرة، مهما حُرِثَت الأرضُ ورُويت، لن تولد نبتة؛ على أن البذرة بمفردها تكون خاملة ولا تعطي شيئًا من دون العمل المشترك للتربة وللإنبات.

أول نتيجة عظيمة للعمل الكرمي هي التجسد في الحياة الجسمانية. فالكيان الطالب للولادة، مؤلَّفًا من رغبات وميول، يغذُّ السير نحو التجسد. فهو محكوم في اختياره لمسرح تجلِّيه بقانون الاقتصاد. فأيًّا كان الميل المسيطر، وفي عبارة أخرى، أيًّا كانت الأقوى بين جميع صلات القربى، فإن تلك الصلات تقوده إلى موضع التجلِّي حيث تكون المقاومة قي حدِّها الأدنى. إنه يتجسد في البيئة الأكثر تناغمًا وميولَه الكرمية، وكل نتائج الأعمال المحتواة في الكرمى المتجلِّي على هذا النحو سيختبرها الفرد. وهذا يحكم مقام الحياة والجنس وأحوال سنوات الطفولة غير المسئولة والبنية، مع الأمراض المتنوعة الملازمة لها، لا بل وجميع تلك القوى المعيِّنة للحياة الجسمانية التي تصنَّف عادة في خانة "الوراثة" و"الخصائص القومية".

إن قانون الاقتصاد هو حقًّا الحقيقة التي يقوم عليها هذان المصطلحان، وهي التي تفسِّرهما. دونك على سبيل المثال أمَّة ذات خصائص تختص بها. إنها مجال الانبساط لأيِّ كيان تتناغم غالبيةُ صلات قرباه وتلك الخصائص. فالكيان الوافد، عملاً بقانون المقاومة الأقل، يصير إلى التجسد في تلك الأمَّة، وكل النتائج الكرمية الناجمة عن مثل هذه الخصائص سوف تتأتى للفرد. وإن لفي هذا تفسيرًا لمعنى عبارات من نحو"كرمى الأمم"؛ وما يصح على الأمَّة يصح كذلك على الأسرة وعلى المرتبة الاجتماعية.

على أنه ينبغي أن نتذكَّر أن ثمة ميولاً عديدة لا تُستهلَك في فعل التجسد. فقد يحدث أن الكرمى الذي حتَّم على كيان ما أن يتجسد في بيئة محددة ما لم يكن من القوة إلا بما يحمله إلى الوجود الجسماني. ومتى استُهلِك في ذلك الاتجاه، انفسح المجالُ لظهور ميول أخرى مع نتائجها الكرمية. فالقوة الكرمية، على سبيل المثال، قد تجعل كيانًا يتجسد في نطاق للحياة متواضع، كأن يولد طفلاً لأبوين فقيرين. ويتبع الكرمى الكيان، فيدوم زمنًا قد يطول أو يقصر، ثم يُستهلَك. ومنذئذٍ يسلك الطفل مسار حياة مختلفًا بالكلِّية عن محيطه. وتعبِّر صلات قربى متولِّدة عن عمل ماضٍ عن ذاتها في نتائجها الكرمية. والنتائج المعوِّقة للكرمى الماضي قد لا تظهر بعدُ إلا على نحو عراقيل وعوائق تُذلَّل بدرجات متفاوتة من النجاح بحسب شدتها.

من وجهة نظر خَلْق خاص لكلِّ كيان يدخل العالم، ثَمَّ جور هائل لا تعليل له. أما من وجهة نظر كرمى، فإن صروف الحياة المستغرَبة وحظوظَها الظاهرة يمكن أن تُرى في ضوءٍ مختلفٍ بوصفها التجلِّي السديد للعلَّة وللتواتر. ففي أسرة ترزح جميعها تحت ظروف الفقر والجهل سيُفرَز طفلٌ واحدٌ في محيط شديد الاختلاف: كأنْ يتبنَّاه رجلٌ موسر، أو يحصِّل عبر فلتة طالع غير متوقَّعة تعليمًا يمنحه على الفور موقعًا مختلفًا. فمتى استُهلِك الكرمى الفاعل في فترة الولادة، يُثبِتُ كرمى آخر موجوديَّته.

على أن سؤالاً هامًّا جدًّا يُطرَح هنا: هل بوسع فرد أن يُحدِثَ أثرًا في كرماه، وإذا صح ذلك، فإلى أيِّ حدٍّ وعلى أيِّ نحو؟

لقد قيل إن كرمى هو تَواصُل الفعل، ومن الضروري لأيِّ خطٍّ كرمي، كيما يبذل نفسه، أن تكون ثمة قاعدة للفعل المولِّد لذلك الكرمى يستطيع أن يتأصَّل فيها ويعمل. لكن للعمل مراتب عديدة يمكن له أن يتأصل فيها: هنالك المرتبة الجسمانية – الجسم بحواسه وأجهزته؛ ثم هنالك المرتبة العقلية – الذاكرة التي تشد انطباعات الحواس بعضها إلى بعض في كلٍّ متساوق؛ والصواب[9] الذي يضع مخزونه من الوقائع في ترتيبات منتظمة. وفيما يتعدى مرتبة العقل هنالك مرتبة الانفعال، مرتبة تفضيل شيء على آخر – المبدأ الرابع للإنسان[10]. وهذه المراتب الثلاث، الجسمانية والعقلية والعاطفية، تختص كليًّا بمعالجة موضوعات الإدراك الحسي، وقد تُسمَّى بـ"معترك كرمى العظيم"[11]. وثمة أيضًا مرتبة الأخلاق، مرتبة التفريق بين "ينبغي لي أن أفعل ذاك، ينبغي لي ألا أفعل ذلك". وهذه المرتبة تُناغِمُ بين العقل والعواطف. وهذه كلها مراتب كرمى أو العمل، أي ما ينبغي فعله وما لا ينبغي. والذهن، بما هو الأساس للرغبة، هو الذي يُشرِعُ العملَ على مختلف المراتب، ولا يتم تلقِّي نتائج الراحة والعمل إلا عن طريقه.

يلج الكيان المتجسِّد بطاقة كرمية من الحيوات الماضية؛ أي أن عمل الحيوات السابقة ينتظر الكشف عن ذاته بوصفه نتيجة. وتندفع هذه الطاقة الكرمية إلى الظهور بالتناغم مع الطبيعة الأساسية للفعل. ويتجلَّى الكرمى الجسماني في الميول الجسمانية التي تأتي بالمتعة أو بالألم. والمرتبتان العقلية والأخلاقية هما أيضًا، على النحو نفسه، نتاج الميول الكرمية الماضية؛ والإنسان، بما هو عليه، بملَكاته الخُلُقية والعقلية، هو في استمرارية غير منقطعة مع الماضي.

لذا فإن للكيان عند الولادة مقدارًا محددًا من الطاقة الكرمية. وهذه الطاقة تترقب بعد التجسد فترة الحياة التي يبدأ فيها كرمى جديد. والكرمى القديم وحده هو ما يتجلَّى، إلى أن يأزف أوانُ المسؤولية كما رأينا. وبعدئذٍ تصبح الشخصية الجديدة حاكمة قَدَرها. إن من فادح الغلط أن يُظَنَّ بأن الفرد هو مجرد ألعوبة الماضي، وضحية عاجزة للقضاء. فقانون كرمى ليس الجبرية، ويبيِّن شيءٌ من النظر أن من الممكن للفرد أن يُحدِثَ تأثيرًا في كرماه. فإذا نُقِلَ مقدارٌ من الطاقة إلى إحدى المراتب أكبر مما نُقِلَ إلى مرتبة أخرى، سيتسبَّب هذا في انبساط الكرمى الماضي على تلك المرتبة. إن امرءًا يعيش بالكلِّية على مرتبة إشباع الحواس، على سبيل المثال، سوف يستمد من المرتبة التالية الطاقةَ اللازمةَ لقضاء رغباته. ولنوضح ذلك بتقسيم الإنسان إلى طبيعتين، عليا ودنيا[12]: بتوجيه العقل والأشواق إلى المرتبة الدنيا فإن "نارًا" أو بؤرة جذب ستوقَد هناك؛ ومن أجل تغذيتها وتسمينها، تُجَرُّ طاقاتُ المرتبة العليا برمتها إلى تحت وتُستهلَك في تزويد الطاقة اللازمة في الأسفل بسبب من مطاوعة إشباع الحواس. وعلى غير ذلك، قد تكون بؤرة الجذب مثبَّتة في القسم الأعلى، فتذهب حينئذٍ الطاقةُ اللازمةُ كلها إلى هناك لتُفضي إلى نموٍّ في الروحانية. وينبغي لنا أن نتذكر أن الطبيعة كلِّية الكرم، ولا تمسك يدها. فمتى رُفِعَ الطلبُ فإن المدد لا بدَّ آتٍ. ولكن بأيِّ ثمن؟ إن تلك الطاقة التي كان ينبغي لها أن تعزِّز الطبيعة المعنوية، وتحقِّق الأشواق إلى الخير، تُشدُّ إلى الرغبات الدنيا. وبذلك تُستنفَد حيويةُ المراتب العليا على درجات، ويُمتص كرمى الكيان، صالحُه وطالحُه، على المرتبة الجسمانية. أما إذا خرج الاهتمام، على غير ذلك، عن نطاق إشباع الحس، وإذا كان ثمة جهد متواصل لتثبيت الذهن على بلوغ المثال الأسمى، تكون النتيجة أن الكرمى الماضي لن يجد أساسًا يتأصل فيه على المرتبة الجسمانية. وبذا لن يتجلَّى كرمى إلا في تَناغُم مع مرتبة الرغبة. ولسوف تستهلك الطاقة الحسِّية للمرتبة الجسمانية نفسَها على مرتبة أعلى، وبذلك تتصيَّر[13] في نتائجها.

أما الوسيلة التي يمكن بها تغييرُ نتائج كرمى على هذا النحو فهي أيضًا واضحة. فالمرء لا يتعلق بشيء لا يفكر فيه؛ لذا فإن الخطوة الأولى تتمثل في تثبيت الفكر على المثال الأسمى. وبالوسع، بهذا الصدد، إبداءُ ملاحظة حول موضوع الندم. فالندم ضرب من التفكير يعود فيه الذهنُ إلى الخطيئة على الدوام. لذا ينبغي تحاشيه إذا شاء المرءُ إطلاق ذهنه من عقالات الخطيئة ونتائجها الكرمية. لكلِّ خطيئة أصلُها في الذهن. فكلما أطال العقلُ المكوثَ عند أيِّ مجرى من مجاري السلوك، سواء بلذة أو بألم، قلَّ حظُّه في الفكاك من مثل هذا النشاط. إن مَنَسْ[14] (الذهن) هو عقدة القلب؛ فمتى لم يكن مشدودًا إلى أيِّ شيء، وفي عبارة أخرى، متى فقد الذهن اهتمامه بأيِّ غرض، لن يعود ثمة صلة بين الكرمى المرتبط بذلك الغرض وبين الفرد.

إن موقف الذهن هو ما يُحْكِمُ شدَّ الأمراس الكرمية حول النفس. فهو يحجز الأشواق، ويكبِّلها بسلاسل الصعوبة والصَداد. وإن الرغبة هي ما يجعل الكرمى الماضي يتخذ شكلاً ويشكِّل بيت الطين[15] ويبنيه. فباللاَّتعلق يجب على النفس أن تقتحم جدران الألم، ولن يُرفَعَ الوزرُ الكرمي إلا عن طريق حدوث تغيير في الذهن.

لذا يبدو أنه مهما بلغت صحة أن العمل يأتي بنتيجته يبقى مع ذلك أنه "ليس ثَمَّ زوال هنا لأعمال صالحة أم غير صالحة. فبالقدوم إلى جسم بعد آخر يتم إيناعُها بطُرُقها الخاصة". إن هذا الإيناع من شأن الفرد. وإرادة الإنسان الحرة تُثبِتُ موجوديَّتها فيما هو يصبح مخلِّص نفسه. وإن كرمى هو للإنسان الدنيوي نِمِسيس جبارة؛ أما للإنسان الروحاني فإن كرمى يتفتح بالتناغم مع أسمى أشواقه. ولسوف ينظر في دَعَة إلى الماضي والآتي على حدٍّ سواء، فلا يقف نادمًا على خطيئة الماضي، ولا يعيش بانتظار ثواب على عمله الحالي.

*** *** ***

ترجمة: توفيق شمس وديمتري أڤييرينوس


 

horizontal rule

[1] ولد وليم كوان دجدج William Quan Judge (1851-1896) في دبلن، أيرلندا. هاجرت أسرتُه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو في الثالثة عشر. صار مواطنًا أمريكيًّا في العام 1872، وقُبِلَ في محكمة الدولة في نيويورك في العام 1874. ظلت مواهبُه الروحية الهائلة كامنة حتى تعرَّف إلى السيدة هـ.پ. بلاڤاتسكي (1831-1891) – التي تتلمذ عليها في الثيوصوفيا أول ما تتلمذ – وقام معها ومع الكولونيل الأمريكي المتقاعد هنري س. أولكوت لتأسيس الجمعية الثيوصوفية Theosophical Society في العام 1875 للمناداة بالأخوة الإنسانية الشاملة، ودراسة الآداب الروحية الشرقية، واستقصاء القوانين والقوى غير المعلومة في الكون والإنسان. وفي العام 1886، تأسست الشعبة الأمريكية للجمعية برئاسته. يعود الفضل إليه في نموِّ الحركة الثيوصوفية في أمريكا. مفكر ثيوصوفي وكاتب سرَّاني ألمعي، جمع في كتبه ومقالاته بين البساطة والعمق الروحي. من كتبه: محيط الثيوصوفيا والوجيز في الثيوصوفيا. (م)

[2] عن إدوين أرنولد، نور آسيا؛ والكتاب صياغة شعرية بالإنكليزية لحياة البوذا گوتاما بحسب أقدم السير. (م)

[3] لقد ارتأينا اعتماد هذه التهجئة، مفضِّلين إياها على تهجئة "كارما" الدارجة، لأن لفظ الكلمة السنسكريتي لا مدَّ فيه. (م)

[4] Némésis: إلهة الانتقام في اليونان القديمة. (م)

[5] يقول بولس الرسول: "إنما يحصد الإنسانُ ما يزرع: فمَن زرع في جسده حَصَدَ من الجسد الفسادَ، ومَن زرع في الروح حَصَدَ من الروح الحياَة الأبدية" (الرسالة إلى الغلاطيين 6: 7-8). (م)

[6] جاء في القرآن الكريم: "ولا تكسِبُ كلُّ نفس إلا عليها ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ أخرى" (الأنعام 164). (م)

[7] عن إدوين أرنولد، نور آسيا، مصدر مذكور. (م)

[8] بالإنكليزية: egotism. (م)

[9] بالإنكليزية: reason. (م)

[10] ترمز الدمية الروسية (الماتريوشكا)، المكوَّنة من سبع دمًى متداخل بعضُها في بعض، إلى بنية الإنسان الباطنة المؤلَّفة من سبع "مبادئ" هي، اصطلاحًا، من الأدنى إلى الأعلى: أ. الجسم الجُرْمي (أو البدن)؛ ب. طاقة الحياة prāna؛ ج. الجسم النجمي astral body؛ د. الجسم الرغائبي kāmarūpa؛ هـ. العقل manas؛ و. الجسم الإشراقي buddhi؛ وأخيرًا، ز. الروح atmā. والمبدأ الثاني ليس مركبة بالمعنى الدقيق، بل هو مبدأ الحياة المتخلِّل الكيان كلَّه والمحمول على الجسم النجمي؛ والعقل كذلك عقلان: عقل أدنى (أو فكر) وعقل أرفع، يفصل بينهما "برزخ" أو جسر من قوام العقل هو "الحاسة الباطنة" antahkārana. ويؤلِّف البدنُ مع الجسم النجمي والطاقة الحيوية الجسدَ، والجسم الرغائبي مع الفكر (أو الجسم الذهني mental body) النفسَ الدنيا، والعقل الأرفع (أو الجسم العِلِّي causal body) النفسَ العليا؛ وأخيرًا، يؤلِّف اجتماع الجسم الإشراقي والروح ما يُسمَّى اختصارًا بالموناد Monad أو الإله الباطن. والروح، كما يشير دجدج، ليست مبدأ سابعًا بقدر ما هي مختصر المبادئ الستة الأخرى الحاضر فيها جميعًا (الوجيز في الثيوصوفيا). (م)

[11] انظر البهگڤدگيتا، حيث تدور القصيدة كلها حول الصراع في هذا المعترك الذي يدعى "سهل كُـرُكْـشِتْرا المقدس"، أي "الجسم المكتسَب بالكرمى". (ن)

[12] النفس، فيما وصلنا من معطيات الحكمة القديمة، نفسان: نفس دنيا، أقرب إلى طبيعة المادة، هي مقر الرغبات والدوافع الطبيعية، وتستخدم الجسدَ لتحقيق هذه الرغبات وتينك الدوافع، وهي ذات طبيعة زائلة لا تتصف بالديمومة والخلود – هذه النفس تسميها الثيوصوفيا أنية الشخصية personal ego، أي ما يجعل الشخص مجرد "قناع" persona؛ ونفس عليا، أقرب إلى طبيعة الروح، هي مقر الأشواق والدوافع السامية، وهي تتصف بالديمومة والقدرة المباشرة على استقبال ما يَرِدُ عليها من الروح – وهذه النفس يُصطلَح على تسميتها بـأنية الفردية individual Ego، أي ما يجعل المرء "فردًا" أي واحدًا غير منقسم. (م)

[13] التصيير transmutation هو العملية الكيميائية التي يتم بواسطتها تحويلُ المعادن الخسيسة، كالرصاص، إلى فضة أو ذهب، باستعمال ما يُعرَف باسم "الإكسير الأعظم" أو "حجر الفلاسفة". والمقصود هنا هو البُعد النفسي–الروحي للعملية. (م)

[14] المبدأ الخامس في الإنسان؛ راجع بهذا الصدد الحاشية 10. (م)

[15] يقصد الجسد. (م)

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود