صباح الياسمين يا دمشق

 

حبيب عيسى

 

كم كنت أحلم أن أبوح إليك بالحب يا دمشق، لكن الحب في عيده اليوم لوعة وحداد وبكاء.

الأحزان مقيمة، والمجرمون يمعنون في القتل، وفي الدروب والبيوت تسيل الدماء.

الورود كلها حمراء، نعم، لكن ليس من فتنة العشق في خدود الصبايا، وإنما من دماء الأطفال تنوح وتنحني استحياء.

والدروب إلى الحبيب مسدودة بمتاريس غريبة الأطوار، وأرواح الشهداء ترف في علياء السماء.

اعذريني حبيبتي، العيد مؤجل، سأغلق عليَّ بابي، وأتكوُّر على ذاتي، وأجهش بالبكاء، فالعيد هذا العام دموع وشهداء.

اعذريني فالحب مؤجل إلى يوم لا أعرف تاريخه لكنه آت، هكذا تقول نجوم تجوب السماء وتسجل الأسماء.

إذا جاء ذلك اليوم ولم يفتنا قطار العمر سأحملك يا حبيبتي على غيمة تجوب البلدان والأمصار وتكتشف الأكوان.

أما إذا تأخر اليوم الموعود وكانت روحانا قد غادرتا. فستتعانقان في قبة السماء. وعناق الأرواح أسمى، لن أبوح بسره فهو عصي على الأوصاف، فهو مصدر الأسرار.

من قلب تلك الخرائب، والدماء، سينبثق فجر للحب، للحرية الحمراء، وللضياء.

من قلب تلك الأحزان سيولد الحلم وتزهر الحدائق الغناء بأطفال يولدون اليوم في الدروب، والمغائر، والخيام... وفي العراء.

سيزقزق الأطفال بحلم أمسكوا به يجسدوه حقيقة يكبر فيهم ويكبرون فيه صبايا وشباب في حدائق غناء، ويغيبون في قبل ما لها انتهاء، يتبادلون الورود ويزفون لنا أفراحًا تنحني لها النجوم والكواكب في السماء خشوعًا وحياء.

وبعد طول تصحر وعقم وانقطاع تولد الأقمار في ديار قدرها أن تشع على البشرية حضارة وأنسنة وضياء.

دمشق... رغم الدماء والغربان، ياسمينك الأبيض سيشع بياضًا وضياء ويتطهر بالدماء والدموع المشعشعة صفاء.

دمشق... كبيرة أنت على الأحزان. محنة وستمضي. وستعرفين كيف تحمِّمين صباياك بماء الياسمين، وكيف تجدلين الجدائل، وكيف تعطرين شبابك بالكبرياء والعزة والحرية، وكيف تكون الزفة فرحة وزغاريد ومواويل وغناء.

وللحب في ديارك يا دمشق أعياد وطقوس لا نهاية لها يندفع فيها أبنائك، صبايا وشباب، إلى الميادين، ويعود المغتربون الذين أضنتهم الغربة، عندها ستصدح الأنغام، وتزهر في العيون الأحلام فترف دلعًا واستدعاء.

حتى العجائز، أمثالنا، قد يستعيدون شبابهم ولو بالأوهام. وتدب الحياة في خلايا ماتت تبث عشقها دونما استحياء.

دمشق... عيد الحب قادم، وسيغرب عن وجهك الغربان، وستتحول الخرائب إلى حدائق غناء، وستصدح في أرجاءك أجمل الألحان وسيطرب من الغناء الغناء.

دمشق... لن يكون خرابًا. الخراب كان، وما بقي منه مجرد أشلاء.

*** *** ***

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود