رمزية الأرقام في الحياة النفسية والعصبية

 

د. قيصر زحكا

 

هرمس ثلاثي العظمة hermesTrismegistus هو شخص عظيم من المفترض أنه حصل على المعارف الثلاثة الرئيسية وهي الخيمياء والفلك واللاهوت وعاش في مصر القديمة وكان يسمى ثوث Thoth وأصبح بعدها أحد وأهم آلهتها (إله الكتابة والسحر، معلم الفلك والخيمياء)، ومع تداخل الإغريقية مع الحضارة المصرية وحدوث الحضارة الهيلينستية، تم جمع صفات الإله هرمس – وهو أيضًا إله الكتابة والمعارف الإلهية - مع ثوث ليسمى بهرمس ثلاثي العظمة أو تريسماجستس، وكان مؤسس الهرمسية وهي تقليد ديني فلسفي سراني، كان له دور كبير في الفلسفة اليونانية وعصر النهضة الأوروبية. اكتشف لوح الزمرد Emerald Tablet وكان مكتوبًا – حسب الفرضية- باللغة الأطلنطية، وتمت ترجمته لاحقًا إلى اللغة اليونانية في القرن الثاني الميلادي، ومن ثم إلى اللغة اللاتينية، ووجد ذكر لهرمس لأول مرة في كتاب عربي بين القرن السادس والثامن الميلادي. اكتشف لاحقًا ما يسمى بالهرمتيكا. وفي أوائل القرن العشرين، تمت كتابة الكيباليون Kybalion بناء على الفلسفة الهرمسية من قبل 3 كتاب مجهولين.

قامت الهرمسية على 7 مبادئ أساسية هي:

1.    مبدأ العقلانية Mentalism وهو أن الكون بكامله هو تكوين عقلي من الله عز جلاله.

2.    مبدأ الترابط Correspondence، هو كما في الأعلى، كذلك في الأسفل، وكما في الأسفل، كذلك في الأعلى.

3.    مبدأ الاهتزاز: لا شيء ساكن، كل شيء يتحرك، كل شيء يهتز.

4.    مبدأ القطبية: كل شيء ثنائي. كل شيء له قطبان. كل شيء له وجهين متضادين. المشابه والمغاير هما الشيء نفسه. المتضادان لهما نفس الجوهر ولكن يختلفان بالنسب. المتضادان يلتقيان. الحقائق هي أنصاف حقائق ويمكن التوفيق بين جميع الأضداد.

5.    مبدأ الإيقاع: كل شيء له إيقاع معين، كل شيء يصعد ويهبط ويعمل بشكل موجي معين.

6.    مبدأ السبب والنتيجة Cause and effect: كل سبب له نتيجة، وكل نتيجة لها سببها. كل شيء يحدث نتيجة قانون. الصدفة هي اسم فقط لقانون غير معروف بعد. هناك عدة مستويات للأسباب والنتائج، ولكن لا شيء يهرب من هذا القانون

7.    مبدأ النوع أو الجنس: الجنس موجود في كل شيء. كل شيء له ذكريته وأنثويته، وهذا المبدأ يعبر في كل المستويات، ليس فقط على المستوى الفيزيائي، بل أيضًا على المستوى العقلي العاطفي.

من المبادئ السبعة السابقة، سأركز على المبدأ الثاني (مبدأ الترابط) والثالث (مبدأ الاهتزاز). تعتبر الهرمسية أن هناك ثلاثة مستويات أساسية من الوجود: المستوى المادي، المستوى العقلي والمستوى الروحي. هذه المستويات غير منفصلة، بل هي تدرجات لانهائية، التدرج السابق يتصل بالتدرج اللاحق، إذ إن كل مستوى يتدرج إلى سبعة تدرجات متتالية وكل تدرج فيه تدرجات ثانوية سبعة وهذه بدورها تتدرج إلى تدرجات سبعة ثالثية... إلخ، فالتدرجات متصلة ببعضها، بشكل مشابه للألوان والنوطات الموسيقية. قبل أن أذكر ما هي هذه المستويات، لا بد أن نسأل نفسنا ماذا يعني المستوى أو التدرج؟ هل هو مكان له أبعاد أو هو حالة ذهنية فكرية معينة. الحقيقة الجواب عن هذا ليس سهلاً، فهو طبعًا أكثر من مجرد حالة ذهنية ولكنه ينبثق عن الفكر، لأن كل شيء هو فكري حسب المبدأ الأول للهرمسية، وكذلك لا يقوم فقط على الأبعاد الثلاثة المعروفة، بل يعتمد على بعد آخر هو البعد الاهتزازي، بمعنى، أنه حسب المبدأ الثالث وهو مبدأ الاهتزاز وأن كل شيء يهتز، فهذه التدرجات والمستويات يعتمد وجودها على درجة الاهتزاز، فكلما ازداد تواتر الاهتزاز وقل طول الموجة، ارتفعنا بالتدرج والمستوى؛ وعليه يمكن تقسيم المستويات الثلاثة إلى التدرجات السبعة الرئيسية:

أولا: المستوى الفيزيائي:

-        العالم المادي الأول.

-        العالم المادي الثاني.

-        العالم المادي الثالث.

-        العالم الأثيري.

-        العالم الطاقي الأول.

-        العالم الطاقي الثاني.

-        العالم الطاقي الثالث.

ليست الألوان إلا جزء من هذه التدرجات وكذلك الأصوات والروائح والكهرباء والمغناطيس والجاذبية وغيرها، وربما الأرقام إلى حدٍّ ما. يكمن الاختلاف في أن العضو أو الشيء القادر على تحسسها يعمل على مجال معين من هذه الاهتزازات.

ثانيًا: المستوى الفكري:

-        العالم الفكري المعدني.

-        العالم الفكري العنصري الأول.

-        العالم الفكري النباتي.

-        العالم الفكري العنصري الثاني.

-        العالم الفكري الحيواني.

-        العالم الفكري العنصري الثالث.

-        العالم الفكري الإنساني.

ثالثًا: المستوى الروحي:

من الصعب كثيرًا وضع اسم لتدرجاته، بل من الأحرى يكون هناك إنقاص كثير بوضع اسم محدد لتدرجاته، وخاصة أن التدرجات تنقسم إلى تدرجات ثانوية وثالثية ولا نعرف تمامًا أين ينتهي الواحد ويبدأ الثاني، ولكن يمكن القول تقريبًا أن هذه التدرجات تحتوي على مستويات الملائكة المختلفة.

هناك مصدر أو طاقة إلهية بدئية والتي هي مصدر كل شيء مرئي وغير مرئي في هذا الكون. عبر عنها الصينيون من خلال الـ TAO، فهم يقولون عنه وبالذات Lao Tsu بأنه المبدأ الذي لا يعرف، ويتجاوز كل التعاريف والأوصاف. عندما تبدأ هذه الطاقة الخلاَّقة بأخذ طابع ما، يظهر قطبان تعبيريان واللذان يعطيان كل الثنائيات الموجودة في العالم. يطلق على هذين القطبين أو الثنائية أسماء مختلفة فقد نسميهما: 1) الروح أو الأب. 2) المادة Matter أو الأم Mother. من امتزاج الأب والأم ينجم الابن أو النفس.

        

من الواحد نشأ الاثنان ومن الاثنين نشأ الثلاثة، والثلاثة معًا تمثل الواحد. إن جوهر الأب أو الروح أو اليانغ يتظاهر بالإيجابية والذكورة والسيطرة والحركة النابذة والمنطق ويعبر عن رغبة التكوين وبالتالي النمو؛ بينما يتظاهر جوهر الأم أو المادة أو الين بالسلبية والأنوثة والاستقبال والحركة الجاذبة والإرهاف في الإحساس والرعاية، وتعبر عن حكمة التركيز وجلب الأضداد معًا من أجل رعاية بذور الخالق من أجل ولادة جديدة واستمرار الحياة. يحصل اتحادهما من خلال قوة الانجذاب أو المحبة وينجم الابن أو النفس، والمحبة توحِّد وتؤدي إلى زوال العزلة. إن طاقة الإرادة طاقة كهربائية إيجابية أو سلبية، أما المحبة فهي طاقة مغناطيسية تجذب الأب نحو الأم، أو الذكورة نحو الأنوثة، أو اليانغ نحو الين وبالعكس؛ ومن اجتماع المحبة مع الإرادة تتولد طاقة كهرطيسية.

إن التاو الكامن هو مبدأ الصفر/ والتاو الذي عبر عن نفسه من خلال التكوين والخلق هو مبدأ الواحد. بالنهاية هما نفس الشيء ولكن مداركنا العقلية المحدودة تجعلنا نظن أنهما مختلفان. عندما نضغط على القاطع، لا نمرر الكهرباء، وعندما نعيد الضغط، نمرر الكهرباء من جديد. إن وعينا يشبه هذا القاطع فالكهرباء موجودة، والجهاز الذي يعمل موجود بنفس الخواص، لكن الضغط على القاطع يجعل الكهرباء تمر والجهاز يعمل. التاو واحد على المستويات العليا، لكن على مستوى أخفض، صار ينظر لهما أنهما مختلفين، وأن هناك طاقة لتحويل الصفر إلى واحد وهي اليانغ، وطاقة لتحويل الواحد إلى صفر وهي الين، ومن هنا جاء مبدأ الاثنين. على مستوى أكثر انخفاضًا، رأينا التاو واليانغ والين أو الثلاثة، ورأينا التاو يبدأ بالكمون ويمر بعملية التحويل والخلق ومن ثم ظهر المعبَّر عنه وبهذا رأينا الثالوث أو الثلاثة. عملية تصاعد اليانغ ومن ثم وصوله للذروة، وهنا يبدأ الين بالتصاعد ومن ثم الوصول للذروة خلقت التظاهرات الأربعة والمبادئ الأساسية للعناصر الأربعة: الهواء والنار والتراب والماء. من أجل إعادة جمع العناصر الأربعة مع المصدر الأساسي، لا بد من حلقة توازن وعنصر خامس... الخ.

تاريخ الأرقام:

ننظر حاليًا للأرقام على أنها شيء بديهي، يستطيع الطفل الصغير أن يبدأ بإدراكه منذ السنة الأولى من العمر، وبمرور عدة سنوات فقطـ يصيح لدى الطفل فكرة لا بأس بها عن عدة أرقام ومفهومها. لكن إن نظرنا للتاريخ الغابر، لم يكن مفهوم الأرقام بهذه السهولة والبداهة، بل تطور خلال مدة امتدت خلال آلاف وربما عشرات آلاف السنين. من البديهي طبعًا أن تلفت نظر الإنسان في البداية الأرقام الصحيحة، قبل أن تلفت نظره الأرقام غير الصحيحة والتي لا بد، أن يتطور عنده الفكر التجريدي لدرجة أكبر ليستطيع إدراكها.  نظر الإنسان القديم للأرقام نظرة تقديسية، وكلما كان الرقم أكثر تواردًا وظهورًا، وكلما سهل جمعه وطرحه وضربة وقسمته، كان له بعدًا أكثر قدسية، ومن هنا نرى ظهور النظام الستيني / الاثني عشري قبل ظهور النظام العشري عند السومريين، والذي ما زال يستعمل للوقت الحاضر (بالرغم من سهولة النظام العشري الذي – حتى اليوم - لم يستطع استبداله إلا في بعض النواحي كقياس الطول والوزن والسعة والحجم والمساحة، أما الوقت والزوايا والدوائر وحتى المساحات في كثير من الدول ما تزال تتبع نظامًا ستينيًا اثني عشريًا. الساعة 60 دقيقة والدقيقة 60 ثانية، والشهر نصف الستين يومًا، والسنة 360 يومًا، لاحقًا أصبحت 365 يوما وربع، الدائرة 360*)... لماذا؟

لأنه بكل بساطة رقم الستين قابل للقسمة على 1، 2، 3، 4، 5، 6، 10، 12، 15، 20، 30 و60، أما رقم العشرة فقابل للقسمة فقط على 1 و2 و5 و10، وكان يهم الإنسان القديم هو الأرقام الصحيحة بالدرجة الأولى وقابلية القسمة من أجل توزيع النسب والحصص والأوقات والأعمال والمواعيد وغيرها. رقم العشرة لا يمكن تقسيمه على عدد كبير من الأرقام الأساسية. لا يمكن تقسيمه على 3، 4، 6، 7، 8، 9، أما الستين ففقط لا يمكن تقسيمه على 7 و9، وحتى رقم الثمانية كانوا يقسمون الستين عليه بإعطاء 7 قطع ونصف قطعة. رقم الـ 12 والذي يشكل الستين أحد مضاعفاته، قابل للقسمة على 1، 2، 3، 4، 6، 12 أي أكثر من العشرة بكثير، رغم أنه أكبر من العشرة قليلاً فقط. لهذا السبب، نرى أن النظام الستيني تواجد منذ أكثر من 5000 سنة، بينما ظهرت بدايات النظام العشري في القرن الخامس الميلادي في الهند، ثم ظهر رقم الصفر بعده في القرن السادس أيضًا في الهند، ثم انتشر بشكل كبير على يد العرب، وأصبح يسمى بنظام العدِّ الهندوسي العربي.

ظهرت الأرقام الكسرية عند الفراعنة والمصريين القدماء. عبَّر المصريون عن الأرقام من خلال الصور الهيروغليفية، واستعملوا الأرقام الكسرية التي يشكل فيها الواحد الرقم العلوي أو الصورة في الكسر، وقد اخترعت بالدرجة الأولى من أجل تنظيم ضرائب الأراضي، أما بالنسبة للأرقام غير الصحيحة على شكل فواصل ونقاط عشرية، فلم تظهر بشكلها الحديث إلا قبل 500 سنة فقط، مع أنه يوجد بعض الدلائل على الاستعمال البسيط لكسور عشرية في الصين القديمة والبلاد العربية في العصور المتوسطة.

استعمل المصريون القدماء والإغريق الدوائر والمثلثات والمربعات والمستطيلات والشكل البيضوي من أجل الحصول على نسب منسجمة من أجل معابدهم ومدافنهم، واهتموا بشكل خاص بالمثلثات ذات الزوايا القائمة التي اخترعها فيثاغورث، والجذور التربيعية والعلاقة بين الدائرة والمربع، والنسب ذات الأرقام الصحيحة، وبالأخص التي يشكل رقم 1 صورة الكسر – كما ذكرت سابقًا-. اعتبر المصريون والإغريق أن الأرقام الصحيحة بالدرجة الأولى، والأرقام التي يكثر تواردها، أو نشكل علاقات معينة مثل الـ π أو الـ Ф النسبة الذهبية Golden ratio والأشكال الهندسية ذات الميزات المعينة مرغوبة من قبل الآلهة، ولذلك اعتبروها مقدسة. كان أوقليدس 325- 265 قبل الميلاد هو أول من أطلق هذه المفاهيم وأسماها الهندسة المقدسة.

أظهر فيثاغورث كيف أن الأرقام الصحيحة أساسية في عملية التكوين والخلق، لأنها تشكل انسجامًا معينًا، سواء من خلال الموسيقى أو في المستويات السماوية، وكان على الإنسان الانتظار 2000 سنة لإثبات هذا الشيء من خلال يوهانس كبلر واكتشافه النسب بين محيط دورة كل جرم سماوي والمدة التي يستغرقها.

آمن أفلاطون بأن كل الأشياء تنمو من خلال أشكال معينة فراغية بسيطة هندسيًا، وهذا ما نراه مثلاً من خلال بنية الـ DNA المعتمدة على شكل الحلزون، ونمو أوراق الشجر المعتمدة على زوايا معينة.

أصبحت الهندسة المقدسة أساسية جدًا في العصور العربية الإسلامية، حيث كان من الممنوع استعمال الأشكال الإنسانية والحيوانية، فقاموا بالتعويض عنها من خلال استعمال الأشكال الهندسية الرائعة، والنسب المقدسة في أعمالهم.

آمنت كل الشعوب القديمة وفي العصور المتوسطة أن هدف المعبد أو الكنيسة أو الجامع جعله مكانًا مقدسًا من أجل الصلاة والعبادة والتقرب من الله، لذلك فإن استعمال نسب هندسية وأرقام مقدسة يجعل المكان أقرب لله ويسهل عملية الصلاة والتقرُّب، ومن هنا قاموا بجعل المكان مبنيًا على أسس هندسية معينة، في مكان معيَّن، وأن يتجه نحو جهة معينة؛ فالجامع يبنى باتجاه مكة، أما المعابد الهندوسية والكنائس فتبنى باتجاه الشرق، والأبنية الصينية حسب علوم الـ Feng Shui تبنى باتجاه نقطة التنين أو Hsueh التي تحمل الطاقة الأكبر للمكان. لم تخلو حضارة من هذه الأفكار بما فيها حضارات الهنود الحمر، الأفارقة، الشامانية السيبيرية وغيرها. ظهرت نادرًا بعض الشذوذات لأسباب أخرى لها علاقة بالمكان وطريقة تصميمه وغيرها، كما حدث مثلاً في كتدرائية Chartres في فرنسا نحو الشمال الشرقي، والصخور الكبرى في انكلترا أيضًا باتجاه الشمال الشرقي... كل هذا يثبت أن الإنسان القديم لم يكن أقل ذكاء من الحديث.

كان فيثاغورث أول القائلين بأن الأرقام بحد ذاتها مقدسة، وميَّز بين أنواع مختلفة من الأرقام، مثل الأرقام الساسية والأرقام المثلى، ومن ثم الأرقام الفردية والمزدوجة والتي وضعها من خلال رمز حرف اللامبدا λ وهو حرف يوناني توضع عدة أرقام فردية بجهة وعدة أرقام زوجية بجهة أخرى وبينهم نسب معينة، وحرف اللامبدا هذا ما يزال حتى يومنا هذا موضع دراسة معمقة بسبب علاقته بالجدول الدوري للعناصر وبالكون. عندما وجد فيثاغورث أن الأرقام الصحيحة هي الأساس في الانسجام الموسيقي، جعله هذا يقول أنه بما أن الأرقام الصحيحة خلقت الأصوات المنسجمة بخلاف الأصوات غير المنسجمة، فالأرقام هي أساس الانسجام الكوني على كل المستويات من مسير الكواكب وحتى أوتار القيثارة.

رمزية الأرقام:

نستطيع من خلال الرمز النقطي للصفر بالأرقام الهندية، أو الدائري البيضوي في الأرقام العربية، أو كما سنرى لاحقًا برمز الدائرة، وفكرة الدوران حول نفسه والعودة إلى نقطة البداية، أن نرى أن فكرة الصفر أتت من الكل المستتر الذي لم يعبر عن نفسه بعد، أي قبل خلق العالم، بينما فكرة الواحد هي الكل الذي عبر عن نفسه. هذا يفسر أيضًا لماذا حرف ال O يرسم مثل الصفر، لأن لفظه يعطي حركة إغلاق دائرية للشفاه، ويقال إن الله عز جلاله لفظ OOOOOOOm عندما خلق العالم (ومنها ربما أتت كلمة Aum ومن ثم آمين). بينما نجد حرف واو بالعربية دائري حول نفسه ومن ثم بعده امتداد نحو الخارج.

الصفر هو البداية والنهاية، الألفا والأوميغا، حيث لا يوجد بداية ولا نهاية والكل لانهائي. قال الأقدمون بأن القدرة الإلهية هي دائرة حيث مركزها في كل مكان ومحيطها ليس في أي مكان. يعبِّر الصفر عن الوجود قبل عملية الخلق، هو رقم القدرة الإلهية والطاقات الكونية الكامنة. يقوِّي الصفر كل الأرقام التي تظهر معه، وهو يشمل كل الأرقام الأخرى ويقرِّب الإنسان إلى القدرة الإلهية والجوهر. يتناغم الصفر مع اهتزازات الأزلية والأبدية والواحد والكل. يعطي معنى الخيار والإمكانيات والرحلة الروحية التي على الإنسان خوضها في الحياة، وعندما يظهر الرقم صفر، فهو يعني أن يسمع الإنسان لحدسه وذاته العليا وهناك يجد كل الأجوبة.

-        الواحد: هو رقم البداية والخلق والتفرُّد والاستقلال والطموح وقوة الإرادة، ويتناغم الرقم واحد مع طاقات النشاط والقوة والقيادة والمبادرة والحدس والبصيرة والنجاح والاعتماد على الذات والتنظيم. يرتبط بالشمس، اللون الأحمر ويوم الأحد. يجبرنا الرقم واحد على الخروج من أماكننا المريحة والروتينية باتجاه المغامرة وإثبات النفس والمعتقدات والأفكار والأحاسيس.

حرف ألف بالعربية مشابه للرقم واحد، لأنه به بدأت الأبجدية وبدأ التعبير عن الكون، وبالأحرف اللاتينية المشتقة عن اليونانية، كان حرف A يكتب بشكل جانبي وبدون الخط الواصل بين الفرعين، دليل على الإطلاق من الفم باتجاه الخارج كما نلفظه. في الكمبيوتر، نرى أن الدارة إما مغلقة ويرمز لها بصفر، أم مفتوحة ويرمز لها بواحد، فمن الصفر والواحد، من الاستتار والكشف ينشأ كل شيء.

-        اثنان: يعبِّر عن القطبية بين نور وظلام، ذكر وأنثى، جيد وسيء، محبة وكره، سعادة وحزن... الخ. يعبِّر عن التوازن، القدرة على استعمال المشاعر، الفن، الحساسية، السلام، الدبلوماسية والاهتمام بالتفاصيل، وله علاقة بهدف الحياة الروحي مع تحقيق الحياة المادية، يرتبط بالقمر، يوم الاثنين واللون البرتقالي. نشأ رقم 2، من فكرة وجود احتمالين، إما الصفر وإما الواحد، إما المستتر وإما المعبر. اليانغ هو عملية الانتقال من الصفر للواحد، والين هو عملية الانتقال من الواحد للصفر، فالمبدأ اليانغي الذكري هو مبدأ التعبير، واليني الأنثوي هو مبدأ الاستتار والانكماش وتكوين البذرة أو الجنين والانتقال من التعبير للاستكانة.

-        ثلاثة: يعبِّر عن التفاؤل والإبداع والتواصل والكلام والصداقة وحسن السلوك والتعاطف، وهو يعطي كما رأينا معنى التكوين من خلال مكوِّن، عملية التكوين، والشيء المكوَّن، والتوسع والنمو والتفكير والعفوية من خلال الثلاثية: خالق ومخلوق وعملية الخلق، والتي تنطبق على كل فعل نقوم به، مفكِّر، المفكَّر به، وعملية التفكير، ثلاثي الماضي والحاضر والمستقبل، ثلاثي الفكرة والكلمة والعمل، أو الفكر والإحساس والإرادة. يرتبط بالمريخ ويوم الثلاثاء واللون الأصفر وهو لون الفكر.

ينشأ مفهوم الثلاثة من وجود مبدأ مستتر، مبدأ معبِّر، وعملية انتقال بينهما وبالذات من اللاتعبير للتعبير، من اللاخلق للخلق، وهذا أحد المبادئ الأساسية للأيورفيدا الهندية من خلال الفاتا والبيتا والكافا: الفاتا مبدأ الحركة والتحول، البيتا مبدأ الطاقة والكافا مبدأ الكتلة، وهي مبدأ البراهما والفيشنو والشيفا في الفيدا الهندية: إله الخلق، إله المحافظة على الأشياء وإله الدمار.

-        أربعة: هو رقم الواقع والوجود الأرضي كما سبق وذكرت، إنه رقم العناصر الأربعة من ماء ونار وتراب وهواء، الاتجاهات الأربعة من شرق وغرب وشمال وجنوب، الفصول الأربعة. هو رقم العائلة من أب وأم وولد وبنت. يتناغم هذا الرقم مع الفكر العملي والتنظيم والصبر والإخلاص والشرف والتحمُّل وضبط النفس والعدالة والجديَّة والالتزام. إنه رقم الأساسات مثل المربع والمستطيل. يرتبط بكوكب عطارد بالدرجة الأولى ويوم الأربعاء واللون الأخضر، لون الطبيعة.

ينشأ مبدأ الأربعة 4، من وجود مبدأ مستتر، مبدأ معبِّر، ومبدأ متوسِّع من المستتر للمعبِّر، ومبدأ منكمش من المعبِّر للمستتر، أو بطريقة ثانية من وجود بداية ونهاية أو صعود وهبوط أو توسع وتراجع لأي من ثنائية اليانغ والين، أو النور والظلام، أو الحرِّ والبرد. وهذا ما نرى تظاهراته من خلال الفصول الأربعة: الصيف هو المبدأ المعبِّر، الشتاء المستتر، الخريف المنكمش، والربيع المتوسِّع، كذلك من خلال العناصر الأربعة: النار هي المبدأ المعبِّر، الماء هي المبدأ المستتر، الهواء هو المبدأ المتوسع، والتراب هو المبدأ المنكمش، لذلك كان رقم الأربعة هو الرقم الأرضي والوجود الأرضي ورقم البناء الأساسي ورقم المربع والمستطيل وشبه المنحرف وغيره.

-        خمسة: بعدما عبَّر الأربعة عن الوجود المادي وابتعد عن المركز إلى حدٍّ ما، لا بد من قوة تسمح بإعادة التوازن، فالخمسة يحمل بعض بذور الواحد مع الأربعة، فهو يعطي للأربعة مجالاً جديدًا للتكوين والإبداع والبداية الجديدة. يجمل الرقم خمسة فكرة التحرر من الواقع المادي والقيود التي يفرضها من خلال وجود الرقم واحد داخله والذي يعطي فكرة التفرد والاستقلال، فالرقم خمسة يحمل معاني التغيُّر والسفر والمغادرة وعدم التعلق، والتنوُّع والتأقلم مع الواقع الجديد والتطوُّر، يرتبط بعنصر الأثير حسب الحضارات الإغريقية والعربية والغربية، وبعنصر الأرض حسب الصينيين (والذي كما أسلفت لا يعني الأرض بمعناها الصلب والتي يعبِّر عنها عندهم المعدن، بل يعني الأرض النابضة بالنفس، والتي تجمع عالم الروح مع عالم المادة). له علاقة بأخذ القرارات الحياتية وتعلم دروس الحياة من خلال التجربة. يرتبط الخمسة بكوكب المشتري ويوم الخميس واللون الأزرق. عند السلتيين أو الكلتيين في غرب أوروبا والمملكة المتحدة، كانوا يتحدثون دائمًا عن العنصر الخامس.

-        ستة: مثلما عبَّر الخمسة عن دخول رقم الواحد من خلال الأربعة، فالستَّة هو دخول الاثنين من خلال الأربعة، فهو يعطي للعالم الواقعي معنى القطبية والثنائية، فيسعى للتوحيد والجمع والمحبَّة وربط ما هو أعلى بما هو أسفل، ربط الخيال مع الفكر، القدرة على تحمل مسؤولية القرارات المتخذة. يعطي الرقم ستَّة معنى الرعاية والإحسان والحماية والشفاء والاقتصاد ومحبة المنزل والعائلة، التضحية، التوازن... يرتبط بكوكب الزهرة بالدرجة الأولى وأورانوس ويوم الجمعة واللون النيلي وأيضًا الأخضر.

-        سبعة: بما أن الرقم أربعة هو رقم العالم المادي، والثلاثة هو رقم التكوين والإنشاء والخلق من خالق ومخلوق وعملية الخلق، فالسبعة يربط العالم المادي بالروحي، ويتناغم مع ذبذبات وطاقات الوعي الكوني والاستنارة الروحية والتطور الروحي ومعرفة الذات والحكمة والحدس والأساطير وعلم الفلسفة والخيمياء والمعرفة، يرتبط بكوكب زحل ويوم السبت واللون البنفسجي والرمادي.

-        ثمانية: يدخل الواقع المادي للأربعة بواقع جديد من خلال الثمانية، فهنا تدخل عوامل واهتزازات السلطة والقوة الشخصية والقدرات التنفيذية والمهنية والمال، لذلك كان رقم الحظ المالي عند الصينيين. تأتي هنا الرتبة الاجتماعية والتقاليد والأعراف والمظهر العام وحسن اختيار القرارات لتلعب دورًا أساسيًا في تكوين السبب والنتيجة أو مبدأ الكارما. يرتبط بيوم الأحد ولكن هنا باللون الفضي.

إذا نرى بشكل عام أن هناك دورة أساسية من الأرقام 1، 2، 3، 4 والواحد يعطي فكرة التفرد والاستقلال، اثنان القطبية والتوازن، الثلاثة عملية التكوين والخلق من المستوى الروحي للمادي، والأربعة فكرة الوجود المادي، وهذه الأرقام تشكل دورة أو حلقة، لتبدأ بعدها حلقة جديدة على مستوى أكبر من خلال الخمسة والستة والسبعة والثمانية، ومن بعدها دورة جديدة تبدأ بالتسعة... الخ، ولكن بنفس الوقت هناك دورة ثانية من خلال وجود الصفر، الذي كما سنرى، يقوِّي من تأثير الأرقام التي يتواجد معها، فتبدأ دورة من الرقم 10، وحتى 19، لتبدأ دورة جديدة من 20 وحتى 29... الخ.

-        تسعة: يعود الرقم 1 والرقم 5 ليؤثران من جديد من خلال الرقم 9، فيعطي معاني التفرد والإبداع والعبقرية والذكاء العالي والقيادة وربط العوالم الثلاثة من فيزيائي وعقلي وروحي وهو الرقم الأخير قبل العودة من جديد للوحدة من خلال الرقم 10 ويرتبط بيوم الاثنين واللون الذهبي.

-        عشرة: يقلِّص الرقم 10 إلى الرقم 1، ولكن وجود الصفر معه يضخِّم ويقوِّي من اهتزازاته وطاقاته. يحمل الرقم 10 كل التغيرات الجديدة للحياة مع عامل الحظ، لذلك ارتبط في علم التبصير Tarot مع ورقة عجلة الحظ. مثل الرقم 1، يحمل معه طاقات القيادة والتفاؤل والثقة والاستقلال والنجاح. الرقم 10 هو رمز الحب والحياة، ايزيس وأوزيريس.

-        11: بوجود واحد مضاعف، يعطي هذا قوة أكبر لذبذبات الرقم 1 ويحمل معه بدايات جديدة، وبنفس الوقت كون مجموعه رقم 2، يحمل التوازن بين الشمس والقمر، العمل والراحة، المشاعر والأفكار، الذكر والأنثى، وكذلك الكمال والصقل.

-        12: يتمم الرقم 12 الدورة الثالثة، وكونه يحمل الرقم 4 مضروبًا بثلاثة، فهو يعطي فكرة البداية والطريق والنهاية لكل عنصر من العناصر الأربعة، ولهذا جاءت فكرة الأبراج، بداية واستمرار ونهاية للنار والهواء والماء والتراب، والأشهر الاثني عشر من بداية للفصل وذروة ونهاية.

نعود للسبعة، فهي مجموع أربعة وثلاثة، هي الطيف الممتد أو الدورة التي يأخذها التاو الكامن للتعبير عن العناصر الأربعة والعودة للكمون من جديد، فهي العناصر الأربعة + البداية والاستمرار والنهاية، وهذا ما يعطي الطيف الضوئي بين الأبيض والأسود بألوانه السبعة الأساسية، وهو ما يعطي النوطات السبعة في السلم الموسيقي. نظام الشاكرات السبعة أو مراكز الطاقة في الجسم هي مثال آخر على الطيف الموجود بين البنية الذرية الالكترونية للأرض وما بين البنية الفوتونية الذهبية للسماء. أما الرقم 12 فهو أربعة مضروب بثلاثة، فهو بداية واستمرار ونهاية لكل عنصر على حدى، وليس لطيف العناصر الأربعة مجتمعة كما مع الرقم سبعة. هناك بداية واستمرار ونهاية لعنصر النار من خلال أبراج الحمل والأسد والقوس، وكذلك للماء من خلال السرطان والعقرب والحوت... الخ

الشاكرات والأرقام:

-        الشاكرا الأولى الموجودة في أسفل الحوض، ترتبط بالجسم الأرضي الفيزيائي وعنصر التراب وبطاقات الجسم السبعة من قوة، تحمل endurance، جمال، سرعة، غنى، عمل، مكانة اجتماعية...

-        الشاكرا الثانية الموجودة تحت السرة، هي الطاقة العاطفية الجنسية، عنصر الماء فينا. هي جسم الميريديانات الطاقية المختلفة التي يستعملها الصينيون من خلال العلاج بالتأبير، ترتبط بالطاقات العاطفية الستة من انجذاب، شجاعة، فرح ، صبر، أمل، ثقة ومقابلاتها من كره، خوف، تعاسة، اضطراب وتشوش، يأس ودونيَّة ومن هنا كان هناك 12 ميريديان أساسي، ومن هنا جاءة المذاقات الستة من حامض، مالح، حلو، مرٍّ، حادٍّ، قابض أو قلوي (كلنا درسنا في المدارس أنه يوجد 4 مذاقات رثيسية، ولكن العالم الياباني Kikunae Ikeda أثبت في عام 1908 أنه يوجد طعم خامس هو القابض أو القلوي وأسماه Umami واعترف به لاحقًا العلماء الغربيون وصار يستعمل نفس التغبير أومامي باللغات الغربية، وهو ينجم عن تنبيه مستقبلات خاصة في اللسان تتحسس لمادة الغلوتامات وأشباهها. هذا الطعم موجود بشكل خاص في الشاي والقهوة والملفوف والسبانخ وعدد من الخضار الصينية واليابانية بالإضافة للحوم والسمك المقدد. المذاق الحار ما يزال هناك العديد من التناقضات حوله. من خلال التجارب، يقال أنه ينبه العصب الخامس المدعو بمثلث التوائم وهو المسؤول عن الحس والألم في الوجه، وليس العصب السابع والتاسع المسؤولان عن حس الذوق.

-        الشاكرا الثالثة الموجودة بأعلى البطن في المنطقة الشرسوفية، هي الطاقة الفكرية، عنصر النار، الضفيرة الشمسية أعلى البطن، واحدة من أغنى المراكز العصبية خارج الدماغ والنخاع الشوكي (بالمناسبة، تبين أن عدد الخلايا العصبية الموجودة في الجهاز الهضمي قد تكون أكثر من الموجودة بالدماغ). هي الوعي اليومي أو الوعي الأخفض، الأنا، وهي تستطيع إصدار أفكار للخارج، مثل الإصدار الكوكبي Astral Projection، ولكن بذبذبات أخفض، ترتبط بالطاقات الفكرية الخمسة/ الذاكرة، التوجه، الوعي، البصيرة وحسن التقدير Judgement.

-        الشاكرا الرابعة الموجودة عند القلب، هي طاقة المحبة، عنصر الهواء، ترتبط بطاقات المحبة الأربعة من التعاطف Compassion، التضحية، المحبة الإنسانية (باليوناينية Agape وليس Philia محبة الصداقة والوفاء، أو Eros المحبة الانجذابية الجنسية أو Storge المحبة العائلية أو Ludus محبة المشاركة بالنشاطات والألعاب أو Pragma وهو الحب العملي الذي يؤمن استقرارًا معينًا) والتسامح.

-        الشاكرا الخامسة الموجودة بالرقبة هي طاقة التعبير وعنصر الأثير، هي الجسم النفسي، هي ما يحركنا من الموت للحياة وهي ما نعبر عنه بالتكوين، ترتبط بطاقات التعبير الثلاثة: الكلام، الفعل والمشاعر.

-        الشاكرا السادسة الموجودة خلف وبين العينين هي طاقة الخيال، هي الجسم الكوكبي والتي تعطي الإصدار الكوكبي Astral Projection وOut of body experience. خلال الأحلام، هي ما تشكل واقع الأحلام، وترتبط بطاقتي الإصدار عن بعد Telepathy والشفاء عن بعد Tele- healing.

-        الشاكرا السابعة هي الطاقة الروحية، هي جسم الذات العليا، الذات خارج الزمان والمكان، الطبعة البدئية للـ DNA. هي ما تعطينا البصيرة والهدف من حياتنا، وترتبط بالطاقة الإلهية الواحدة.

هذه هي الشاكرات أو مراكز الطاقة السبعة الرئيسية. هناك طبعًا مراكز أصغر تتصل بها، وهناك غالبًا مراكز أخرى خارج الجسم الفيزيائي، وقد نصل ربما للشاكرا 12 التي ترتبط بالقاطعة التي تحول الصفر لواحد أو 1 إلى صفر. يختلف رقم 12 عن 7 بأنه 3 مضروبة بـ 4، وبالتالي هو ليس طيف واحد من العناصر الأربعة الممتدة من بدايتها لنهايتها، بل هو بداية واستمرار ونهاية لكل عنصر على حدى من العناصر الأربعة (أو بالأحرى لكل نمط بدئي للعناصر الأربعة قبل تكونها).

هدف هذا الجهاز الطاقي هو إعطاء قطبية ما بين السماء والأرض، هو أداة تحويلية للطاقة أو مركبة Merkaba ما بين المادة والروح، ما بين التراب ومن ثم الماء ثم النار والهواء والأثير مرورًا إلى الذبذبات العليا، وكل الحضارات عبرت عن هذه المبادئ بطرق مختلفة، فالصينيون اجتهدوا من خلال التنفس وتمارين الطاقة المختلفة والأسس الروحية إلى ما يسمى بدورة الطاقة الكبرى والصغرى وابتلاع الجنين الروحي وتحويل مادة الجوهر في الشاكرا الأولى والتي يطلقون عليها Jing إلى الطاقة الأسمى والتي يطلقون عليها Qi ومن ثم إلى الوعي Shen.

الأرقام غير الصحيحة:

رغم أهمية الأرقام الصحيحة ورمزيتها المميزة في الحياة والهندسة والموسيقى والفن، فهناك بعض الأرقام غير الصحيحة التي تلعب دورًا هامًا جدًا أيضًا.

أولاً: الـ Ф أو النسبة الذهبية: اعتبر يوهانس كبلر الرقم Ф واحدًا من أهم كنوز الهندسة وشبهه بالجوهرة الثمينة. كان الحرف المعبَّر عنه عند الإغريق هو التاو، والذي يأتي من أول حرف من فعل يقطع أو يقسم، ولكن مع بدايات القرن العشرين، أطلق عليه Ф وهو الحرف الأول من اسم النحات الإغريقي Phidias الذي له آثار معمارية كثيرة من بينها بارثينون أثينا. بسبب أهمية الأرقام الصحيحة، فعندما اكتشف أحد تلامذة فيثاغورث أن الـ Ф لا يمكن التعبير عنه من خلال رقم صحيح أو نسبة صحيحة، ذهلوا وضحوا بمائة ثور. قد يكون طبعًا هذا الكلام مبالغًا فيه، خاصة أن الفيثاغورثيين كانوا نباتيين. في القرن السادس عشر، أطلق عليه النسبة الإلهية، وفي القرن التاسع عشر سمي بالرقم الذهبي أو المقطع الذهبي أو النسبة الذهبية. استعمله بعض رسامو القرن العشرين مثل Le Corlusier وDali في لوحاتهم، خاصة المستطيل الذهبي لأنه يجعل اللوحات أكثر جمالاً.

يحمل الرقم Ф قيمة: 1.6180339887. الغريب في الموضوع أنه بالرغم من أنه ليس رقمًا صحيحًا على الإطلاق تمامًا مثل الرقم π ولكنه يرتبط بالأرقام الصحيحة بشكل مذهل كما سنرى. يمكنه تقسيم أي خط معيَّن إلى قسمين غير متساوين، ولكن نسبة القسمين لبعضهما هي Ф، كما هي نسبة الخط بكامله للقسم الأكبر.

نفس الشيء بالنسبة للمثلث. تكاثر الخلايا على ما يبدو يتم بنفس النسبة، ويتواجد في الطبيعة بشكل دائم. يمكن إنشاؤه على النحو التالي:

   

هو إذًا رقم غير صحيح، ولكن علاقته مع بعضه يشكل دائمًا أرقامًا صحيحة. لنرى بعض الأمثلة:

Ф = 1.618=2/(1+ 5Ö)

2Æ = 2.618 = 2/ (3 +   5Ö)

1/ Ф =  2/(1- 5Ö) = 0.618

أي الفرق بين 1/Ф وФ وФ مربع هي 1 أو بعبارة أخرى: Ф مربع = Ф +1

Фمثلث= Ф مربع + Ф وبنفس الوقت Ф مربع ضرب Ф.

Ф مرفوعة للقوة الرابعة = Ф مثلث + Ф مربع + Ф

       

أيضًا: Ф = تظل 18* /2 = 1/ 2 جب 18* = 2 تجب 36* =  2/ظل 36* = 2 جب 54* = 2/ تظل 54*  = جب 72*/ 2 = 1/ 2 تجب 72*

من كل ما سبق، يتبين لنا أن الرقم Ф له علاقة وثيقة بالرقم 5، وبالرقم 18 ومضاعفاته من 36، 54، 72 وسنرى أهمية هذا لاحقًا.

يمكننا إنشاء الرقم Ф أيضًا من المثلث الذهبي (الصورة أعلاه رقم 18)، ومن المخمس الذهبي (البنتاغون الذهبي، أيضًا صورة رقم 18)، ومن النجمة الخماسية أو البنتاغرام الذهبي (الصور أدناه).

  

  

Ф = (5Ö+1) /2 = (5Ö +0.5) وبالتالي يمكن التعبير عنه بشكل كامل عن طريق الرقم 5، وهذا ما جعل الرياضيين يعتبرون الخمسية واحدة من صفات الـ Ф، وأظهروا علاقته بالمخمس والنجمة الخماسية.

المثلث الذهبي هو مثلث متساو الضلعين مع زاويتين 72*، وزاوية 36*. عندما تقسم إحدى الزوايا الجانبية نصفين متساوين، يكون المثلثان الجديدان أيضًا ذهبيين، ويمكن تكرار هذه للانهاية، وتكون نسبة الأطوال أيضًا نسبة ذهبية (الصورة رقم 18).

استعملت النجمة الخماسية ذات الذروة العلوية دائمًا كحماية من الشر، بينما الذروة السفلية كعلامة سيئة. إذا كانت جوانب النقاط المثلثية هي واحد، فقاعدة المثلثات هي 0.618 أي 1/ Ф، ونسبتها لبعضها هي Ф.

إذا كانت الشهرة العظمى لليوناردو دافنشي، فهناك ليوناردو آخر هو Leonardo de Pisa or Fibonacci، الذي له الفضل بإدخال الأرقام العربية إلى أوروبا، وقد وضع كتابًا من 15 فصلاً، يتحدث فيه عن فنون الحساب والأرقام والكسور، وذكر بشكل جانبي تسلسلات Febonacci. سافر إلى أهم مراكز العلم وقتئذ في مصر، سوريا واليونان وصقلية، ومن خلال محاولاته رصد تكاثر الأرانب، جاء بهذه الأرقام: 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، 55، 89، 144 إلخ. كل رقم هو مجموع الرقمين السابقين (صورة 21)، والأغرب من هذا أن نسبة كل رقم لما قبله تتراوح صعودًا وهبوطًا حول الرقم Ф (الصورة 22)، وتقترب تدريجيا منه. 2/3= 1.5، 3/5= 1.666، 5/8= 1.6، 8/13= 1.625، 31/21= 1.615، 21/34= 1.619، 34/55= 1.617، 55/89= 1.618.

     

صورة 21  صورة 22

يظهر في كثير من أنماط الطبيعة، بما فيها التوزع الحلزوني لأوراق الشجر، وعدد من أجزاء النبات لبعضها. أثبت Adolf Zeising أن النسبة الذهبية شائعة كثيرًا من جذور النباتات لأوردة الأوراق، للهياكل الحيوانية، لأشكال الكريستالات، للعديد من الظواهر البصرية والسمعية. في عام 2010، ذكرت مجلة Science أن النسبة الذهبية موجودة على المستوى الذري في الاهتزاز المغناطيسي لكريستالات نيوبات الكوبالت. ومنذ عام 1991، ذكر العديد من الباحثين أن النسبة موجودة في الـ DNA الإنساني، كما وجدت الدراسات النفسية بدءًا من Fechner وغيره أن النسبة الذهبية تلعب دورًا كبيرًا في إدراك الجمال.

         

إن نسبة كثير من أجزاء الجسم لبعضها تحمل النسبة الذهبية، كالجسم بكامله إلى القسم العلوي منه أي من الرأس لنهاية أصابع اليد، وكذلك نسبة الطول من الرأس لنهاية أصابع اليد إلى الطول من الرأس للسرة أو للمرفق، وكذلك النسبة من الرأس للسرة أو للمرفق إلى الرأس للإبط أو للمسافة بين الكتفين، وكذلك نسبة الطول من الرأس للإبط إلى الرأس فقط حتى الذقن أو للمسافة العرضية عند السرة.

وحيث أن الرقم Ф مرتبط بالرقم 5 كما ذكرت سابقًا، لذلك نرى الرقم كثيرًا من خلال: 5 أجزاء تنبعث من الجذع: الرأس و4 أطراف؛ 5 أصابع في كل يد أو قدم؛ 5 فتحات في الرأس: عينين، منخرين، فم؛ 5 فتحات حقيقية في الجسم: منخرين، فم، الفتحة البولية التناسلية، والفتحة الشرجية؛ 5 حواس. إن نمو القوقعة الحلزوني يحمل نفس النسبة. هذه النسبة تشكل جمالية كبرى على ما يبدو، وهذا ما يجعلنا مشدوهين ومسحورين أمام أبنية بنيت قديمًا من قبل المصريين والإغريق والعرب وعصر النهضة بالمقارنة مع الأبنية الحديثة التي لا تحمل أية جمالية. أكثر الأزهار تحمل 3، 5، 13، أو 21 بتلة، أي أرقام فيبوناتشي المعتمدة على Ф.

جعلت النسبة الذهبية كثيرًا من الموسيقيين يفكرون باستعمالها إضافة للنسب الصحيحة الواردة سابقًا (الصورة أعلاه). يبدو أن Bela Bartok استعملها بالإضافة للسلم الموسيقي في عدد من أعماله. المؤلف الفرنسي Erik Satie استعمل النسبة الذهبية في عدد من أعماله، خاصة Sonneries de la rose + croix، وفي أعمال Debussy خاصة Refletsdansl’eau (Reflections in water) أو انعكاسات في الماء، حيث تتتابع النوطات بفواصل 8، 13، 21، 34، والطابع الأساسي للمقطوعة في موقع الـ Ф، كذلك يبدو أن الحدود الأساسية لمقطوعة البحر لـ Debussy تخضع للنسبة الذهبية.

ثانيا: الرقم p: بما أن الـ p هو النسبة الأساسية في أي شيء دائري، فسنراه كثيرًا في الطبيعة ، مثل قرص الشمس، حدقة العين، الـ DNA، الأمواج الضوئية والصوتية، أشكال الأنهار. لقد وجد أن درجة ضوجان النهر لها علاقة بالرقم p، فالنهر الذي يسيل بشكل مستقيم تكون نسبة ضوجانه قليلة، أما الذي يتعرج كثيرًا فتكون كبيرة، وإن معدل صخب النهر بالنهاية يقترب من الرقم p. كان ألبرت اينشتاين أول من فسر هذا من خلال نظرية الشواش؛ بأن الأنهار تميل لأن تشكل التواء، وهذا الالتواء سيسبب مجرى أسرع على الناحية الخارجية منه، وهذا سيجعل نظرية الشواش تسبب أن يقوم النهر بإجراء التواء معاكس بعد فترة، وبما أن شكل الالتواء يقترب من نصف دائرة، والخط المستقيم من التواء لآخر يشابه القطر، فمن الطبيعي أن تكون النسبة قريبة من p. أيضًا إذا أخذنا رقمين عشوائيين، فإن احتمال أن يكونا رقمين أوليين (لا يقسمهما إلا الواحد) هو 2π 6/.

ثالثًا: الرقم e: يسمى برقم أويلر أو الثابت النابييري بعد الرياضيين أويلر ونابيير. إن بدايات استعمال هذا الرقم كانت في عام 1618 من قبل John Napier، فهو لم يذكر الرقم، ولكنه ذكر عدد من اللوغاريتمات المحسوبة من هذا الرقم. اكتشاف الرقم نفسه غالبًا تمَّ على يد الرياضي السويسري Jacob Bernoulli في عام 1683. أول استعمال حقيقي للرقم مرموز بالحرف b، كان على يد Gottfried Leibniz عام 1690 و1691، ثم قام Leonhard Euler بالرمز له بـ e واستعمله كأساس للوغاريتمات الطبيعية في عام 1727 وعام 1728 ثم في رسالته لكريستيان غولدباخ عام 1731، ثم من خلال كتابه المشهور بالميكانيكا عام 1736. قام بعض العلماء بعده بالرمز له بـ c، ولكن الرمز e بقي هو الأقوى. هو أيضًا رقم غير صحيح ولا يشكل نسبة صحيحة مثل الأرقام Φ و π ويساوي 2.718281828459045235360.

لنرى هذا المثال على رقم أويلر:

1) مثال جاكوب بيرنولي: إذا قام شخص معين بوضع دولار في البنك بفائدة مستحيلة حاليًا وهي 100%، معناه سيحصل في آخر السنة على دولار آخر وتصبح دولارين، ولكن في حال الفائدة ستضم كل 6 أشهر، فسيحصل بعد 5 أشهر على نصف دولار، معناه أصبح دولار ونصف، ثم سيحصل في آخر السنة على 50% أخرى على الدولار والنصف، عندها سيصبح معه 2.25 دولار. في حال أعطيت الفائدة كل 3 أشهر، سيحصل في آخر السنة على 1 ضرب 1.25 مرفوعة للقوة الرابعة أي يصبح 2.441، وفي حال أعطيت الفائدة كل شهر، ستكون 1 ضرب (1+ 1/12) مرفوعة للقوة 12، أي 2.613، وفي حال أسبوعيًا، ستصبح 2.692، وفي حال يوميًا، ستصبح 2.7145. شيئًا فشيئًا، سنجد نفسنا نقترب من رقم أويلر، وعندما نصبح باللانهاية، نصبح عند رقم أويلر.

له أهمية خاصة في علوم الكمبيوتر، وقد قامت Google وغيرها من شركات الأتمتة باستخدام تطبيقات عديدة مبنية على الرقم e. هناك تفسيرات عديدة لهذا الرقم، ولكن الأبسط هو أن نرسم تابعًا: ax Y=، ونغير أرقام الـ a المختلفة، فعندما تكون الـ a صفرًا، ستكون الـ Y واحد. ستكون هناك عدة منحنيات تمر بالنقطة (0، 1)، ولكن المنحنى الذي يقطعها بتدرج 1، هو الذي تكون فيه الـ a = 2.7182818 أو الرقم e. أيضًا من التابع التالي: y= 1/x.

أرقام أخرى مهمة:

الرقم الخيالي i: هو الجذر التربيعي لـ -1، أي i2 = -1 (الصورة أعلاه). هناك طبعًا حلان لهذه المعادلة هما: i وi- فسواءi2  أو i2 - = -1، وهما بنفس الوقت مضادان لبعضهما جمعيًا وضربيًا، أي: i = 0- (i-) وi= 1/-i، فهي أرقام خيالية ترسم على المحور المعقد أو الديكارتي. أهمية هذه الأرقام بشكل خاص هي في علوم الكهرباء والمعادلات الرياضية الرباعية.

الثابت الكوني للجاذبية G حوالي 6´1042.

سرعة الضوء.

الثابت المثالي للغاز: هو الثابت المتعلق بحرارة الغاز مع الضغط والحجم.

الصفر المطلق.

رقم Avogadro: هو 6 متبوعة ب 23 صفر، وهو عدد ذرات الكربون في 12 غ منه.

القوى النسبية للكهرباء السالبة والجاذبية.

ثابت بولتزمان في الأنتروبي.

ثابت بلانك في الكوانتية.

قطر Schwarzschild في الثقوب السوداء والكوانتيات.

الالتحام الهيدروجيني 0.007.

الحدُّ Chandrasekhar 1.4 وزن الشمس، وهو الحدّ الذي من بعده يصبح النجم سوبرنوفا.

ثابت Hubble في الابتعاد بين الكواكب والمجرات.

Omega بين 0.98 و1.1 لتحديد عمر الكون.

أحب أخيرا أن أذكر أن الرقم Ф يلعب أيضًا دورًا هامًا في العلاقات بين الدوائر وانبثاقها من بعضها وتكوينها لما يسمى بذرة الحياة، زهرة الحياة، ثمرة الحياة، وشجرة الحياة والتي يعتقد بدورها الأساسي في عمليات تكوين الخلايا والأجنة، وفي الأشكال الهندسة الأفلاطونية

  

         

       

    

 

27/12/2017

*** *** ***

المراجع:

The Ancient Secret of the Flower of Life:  Drunvalo Melchizedek

Sacred Geometry: Stephen Skinner

The complete Book of Chinese Health and Healing: Daniel Reid

A complete Guide to Chi Gung: Daniel Reid.

Le Langage des figures Geometriques: OmraamAivanhov.

Le Symbolisme du corps Humain: Annick de Souzenelle.

Spiritual Alchemy: Dr. Christine Page

The Kybalion:  Hermetism

 

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني