خرائب ملحمية
5
فيصل زواوي*
خريف
أستطيع أن أسمع إجهاشك المُبكر
بخَلدي
فهلاَّ أحسست بعصفي المكتوم أيُّها المطر؟!
أستطيع أن أركض خلف لَهف الفراش لكنَّني
لم أتعب بعدُ من قراءة أكفِّ الكتب الطَّاعنة
فهلاَّ ذكَّرتني بزرقة العُلى
في موسم السرور البندقيِّ
أيُّها الأقحوان المصفرُّ المُغبرُّ؟!
بائس، يائس منك مشرَّد فيك
أيُّها الموت الآمن بالبلد الرَّهيب
هلاَّ انتشلت حياتك العزلاء منِّي
فهذي أصابعي قد عقدت بها أوجاع جبيني
من أوَّل مرَّة سمعتك بولادتي ترثيني.
*
إنسان
الآن،
إنِّي منكمش
في جدثه
الصَّادي
وقلبه الذي نمى عليه الخواء
ينبض بجحيمي البارد
من ذا الذي لا زال يؤرِّق ليله الشارد:
من؟!
موت مخادع؟!
حياة مأجورة؟!
أبديَّة مرعوبة
نفْس لاهثة
مرافعة وسِجال
بين إنسان مؤجَّل
وإنسان آن
سنلتقي في يوم موحوش من تكاثر الأيَّام
على الأكمة المرتعشة تحت وابل من الرُّكام
سوف لا بدَّ أن نموت ألفًا ومرَّة أخرى
لنهجر وهْم هذا الجسد الفاني
من أجل أن نحيا واحدًا أوحد
روحنا آنذاك ستسمو بنا في ملئه الأعلى
بنوره السرمد الذي سيظللنا أبدًا.
*
قلب
إلى أين تمضي بي الحياة
إلى أين المفرُّ بعد هذا المُنتهى
أركض مذ ولدت
ركض الوحش في البريَّة
والسنجاب الوفيُّ
مستمسك على كتفي
كم من حرب خضت
في سبيل النسيان
وكم من إنسان
قتلت بداخلي
ثم هربت
يوم جنازتي
منهم جميعًا
لكن أنتم
فقط أنتم
كنتم وبقيتم معي
أيُّها البجع العائم بسلام
أريد أن أسبح بينكم
أيُّها الغُراب الحزين
يا شقيقي الساذج
كفاك نحيبًا
على قتلي لنفسي
دهورًا
تعال نُعانق
شجرة النور
السماوية
ثم نركن تحت
شلال الغُفران
حدَّ الذَّوبان.
هاري
أيها الذئب الحكيم
المدفون بدلي
وحيدًا بالفلوات
نمْ بسلام
إنَّني أتعلَّم الضَّحك بدلك
مذ ذاك الحين
رغم عواء الأحزان الساكن
يومًا ما نضحك سويًا كالأطفال
على عالم ظنَّ أنَّه يدور بفضل خفَّته
والكبار.
*** *** ***