دور المتناقضات في تاريخ العلوم

قديمًا وحديثًا

 

إبراهيم كرو[1]

 

تلعب "المفارقات" paradoxes أو "المتناقضات"[2] دورًا مميزًا في تاريخ العلوم، منذ أقدم الأزمنة حتى اليوم، من حيث هي تمثل لحظاتِ موت أفكار قديمة وتفتُّح آفاق جديدة. سنتتبع في هذا المقال تاريخ المتناقضات عند الإغريق، فنتوقف عند بعض العلماء العرب، وخاصة الكندي ويحيى بن عدي، مبيِّنين علاقتهما بالمنطق الرياضي الحديث ونظرية الحواسيب، ثم نبرهن على حدود المعرفة الإنسانية ونسبيَّتها في صراعها الديالكتي (الجدلي)، ونحاول أن نضع أسُس إپستمولوجيا أو نظرية معرفة علمية مبنية على المتناقضات.

1. دور المتناقضات في العلوم القديمة والحديثة

ربما كانت من أولى المتناقضات المتناقضاتُ الثلاث التي وَضَعَها الرواقي اليوناني زينون عن الحركة والتي تدحض فكرة اللامتناهي. وقد تحدث عنها العلماء كثيرًا، قديمًا وحديثًا: فقد تعرض لها أرسطو في كتبه (2)[3]، وما كُتِبَ عنها في تاريخ العلوم والفلسفة لا يُعَد ولا يُحصى. وأشير هاهنا إلى كتاب Svozil العشوائية واللاحتمية في الفيزياء (11)، حيث يشير المؤلِّف إلى علاقة متناقضة زينون بالفيزياء الحديثة ونظرية النسبية – مع العلم بأن نظرية آينشتاين في النسبية والميكانيكا الكوانتية تشكلان أهم مبدأين للفيزياء الحديثة وبأن كليهما مبني على المفارقات أو المتناقضات: فقد نقضتا معارفَنا القديمة عن الزمن والسببية، كالعودة بالزمن إلى الوراء، ونقض مبدأ السببية، وعكس علاقة العلَّة بالمعلول، وغير ذلك.

وهناك مفارقات كثيرة للميكانيكا الكوانتية، أذكر منها مفارقة نيوكومب ومفارقة "ضيف فيغنر". وأخص بالذكر نظرية هايزنبرغ في الارتياب Indetermination Principle، التي يمكن لنا اعتبارها متناقضة وضعتْ أسُس الميكانيكا الكوانتية، إذ مُفادها: إذا قِسْنا أن قُسيمًا ما هو هنا فهو لن يكون هنا؛ أي أنه لا يمكن تعيين موقع قُسيم مهما كان القياس دقيقًا. وهذا، بلا شك، يناقض مبدأ الميكانيكا الكلاسيكية (سيأتي بحثه لاحقًا). كما سأبحث متناقضة حديثة جدًّا لأبراموفيتش، هي مفارقة القوى النابذة والثقوب السوداء.

أما المتناقضة المنطقية التي سأبدأ بالحديث عنها فهي متناقضة "الكريتي الكاذب"[4] التي وَضَعَها الشاعر إپيمينيدس الذي عاش في كنوسوس في جزيرة كريت. وهذه الظاهرة فريدة من نوعها في تاريخ الفكر لأنها من السهل الممتنع: على الرغم من بداهتها، لن نتمكن في سهولة من إيجاد ما يشابهها في اللغة؛ وقد كتب عنها علماءُ المنطق الحديث الكثير.

وسأبرهن في مقالي هذا، كما برهنت في مقال عالمي، على أن "متناقضة الكاذب" هي حالة خاصة من متناقضة يحيى بن عدي التي لها، بدورها، علاقة أساسية بمتناقضة الفيلسوف والرياضي الإنكليزي برتراند راسل، الذي وضع متناقضته في كتابه الشهير Principia Mathematica ["مبادئ الرياضيات"] الذي يُعتبَر مرجعًا أساسيًّا في المنطق الرياضي الحديث. وقد استعمل عالم الرياضيات غودل متناقضة "الكريتي الكاذب" في إنشاء نظرية رياضية لا يمكن البرهنة عليها أو دحضها، وبذلك برهن على أشهر نظريات القرن العشرين إطلاقًا، وهي "نظرية عدم تمام الحساب". ولهذه النظرية علاقة وطيدة بنظرية الحواسيب الحديثة: إذ ينتج عنها أنه مهما برمجنا حاسوبًا مثاليًّا وحشوناه بالعلاقات الرياضية اللامتناهية، فهناك دائمًا نظريات رياضية لن يستطيع البرهان عليها، ولو كان غير محدود الذاكرة والقدرة.

وفي أواخر ثمانينيات القرن العشرين، استعان عالم الحواسيب شيتين (11) بمتناقضة هنري پوانكاريه حينما وضع "نظرية المعلومات الخوارزمية [الألغورثمية]". وقد أورد پوانكاريه متناقضتَه في كتابه الأفكار الأخيرة بعد أن قرأ متناقضة راسل وعلَّق عليها بصيحته الشهيرة: "الآن بدأ المنطق يثمر!" ويمكن اختصارها كما يلي:

متناقضة پوانكاريه: نعرِّف أصغر عدد لا يمكن تعريفه بأقل من مئة كلمة؛ فإذا وُجِدَ هذا العدد، فقد عرَّفناه بعشر كلمات فقط – وهذا تناقض[5]. استغل شيتين هذه المتناقضة في نظريته عن تعقيد البرمجيات، فبرهن أن في إمكاننا إنتاج مبرهَنات ذات معلومات غير محدودة من نظام برمجيات ذي معلومات محدودة. وهذه النظرية تقيم علاقةً بين تعقيد برامج الحاسوب وبين تعقيد النظريات المبرهَنة بواسطته، فترينا أنها عكس ما نتوقع: تعقيد الأخيرة قد يفوق تعقيد الأولى!

2. متناقضات الهندسة عند العرب

لقد برهنتُ في مقال نُشِرَ في مجلة Logique et Analyse (5) أن الكندي والبيروني وضعا متناقضاتٍ هندسيةً يدخل فيها مفهوم اللانهاية، مما يوحي بأنهما أدركا احتمال وجود هندسة لاإقليدية، كما جاء في إحدى رسائل البيروني (13)، حيث يحاول البرهان على وجود مستقيمات غير متوازية يقترب بعضُها من بعض ولكنها لا تلتقي، على العكس من مفهومنا عن الهندسة الإقليدية. وقد قدم الكندي والبيروني إنشاءاتٍ هندسيةً لهذه المتناقضات.

كما أشرت إلى متناقضة أخرى للسجزي في مقال طرحتُه في "الندوة العالمية السادسة لتاريخ العلوم عند العرب" (8). لقد توصَّل العالم العربي السجزي إلى مفارقة (أو متناقضة) الحساب اللامتناهي في الصغر، التي تحتاج لحلِّها إلى "نظرية التحليل غير المعياري" في المنطق الحديث الذي أرسى دعائمَه روبنسون في الستينيات (10).

3. الأفكار الدينية كمصدر للمتناقضات عند العلماء العرب

سأتعرض في هذه الفقرة لعلاقة متناقضة يحيى بن عدي بمتناقضة اللانهاية عند العالم العربي الشهير يعقوب بن إسحق الكندي: فالأولى اكتشفتُها حديثًا عند دراستي رسالة ابن عدي في التوحيد (بتحقيق وتقديم الأب سمير خليل)؛ والثانية اكتشفتُها منذ عدة سنوات وعرضتُها في مجلات ومؤتمرات دورية وعالمية (6، 7).

وضع الكندي متناقضتَه متأثرًا بفكرة دينية هي تناهي جرم العالم وتناهي الزمن، وحاول، من خلال أربع مقالات، أن يبرهن أن فكرة الجرم اللامتناهي تؤدي إلى تناقُض رياضي. وهو أول مَن وضع دراسة أكسيوماتية (أي تستند إلى بديهيات) للحساب اللامتناهي، وإن كان في شكل بدائي، إلى أن جاء كانتور في القرن التاسع عشر ووضع أسُس الحساب اللامتناهي وحساب الأعداد الترتيبية والأصلية.

وفي الرسالة الأولى التي قام إفري Ivry بترجمتها إلى الإنكليزية (9)، وضع دراستَه للواحد وقال: "إن الواحد ليس عددًا وليس عنصرًا ولا جنسًا ولا نوعًا"، إلخ، متأثرًا بإيمانه بوحدانية الله، فوضع دراستَه على أسُس منطقية رياضية، تمامًا كما ظهرتْ متناقضة يحيى في مقالته اللاهوتية المتعلقة بالتوحيد (12، 14). وفي إمكاننا القول إن فلسفة التوحيد عند كلٍّ من يحيى والكندي متأثرة، من جهة، بعلم العدد numerology، وهي، من جهة أخرى، دراسة منطقية لغوية وفلسفة رياضية.

وهكذا نجد أن يحيى، مثل الكندي، يُدخِل اللاهوت في الرياضيات والرياضيات في اللاهوت، كما فعل فيثاغوراس والفيثاغوريون الإغريق قبلهما. وجدير بالذكر أنه قد برز عدة مَناطِقَة أوروبيين، من أمثال شرودر وبرور، كانوا لاهوتيين.

ولكوني باحث منطق، لم أدخل في المعاني اللاهوتية لرسائل يحيى والكندي، لكني درست أعمالهما بكلِّ موضوعية. وما لفت نظري إليهما – وإلى غيرهما – ليس إلا بحثي الدؤوب عن المخبَّأ لدى علماء مغمورين واكتشافات لها دورها في العلوم الحديثة. وكثيرًا ما استقيت من بحوثي هذه أفكارًا علمية جديدة، فربطت القديم بالحديث، جاعلاً همِّي "التاريخ للعلم، لا العلم للتاريخ"؛ إذ ليس التاريخ "علمًا" نفتخر به، بل أساس نبدأ منه ونسير عليه إلى الأمام.

كذا فمن أهم مساهمات يحيى في المنطق الرياضي متناقضته وعلاقتها بمتناقضة راسل ونظرية المجموعات ونظرية العلاقات و"العلاقة الفارغة"، كما سأبين لاحقًا. كما تحدث كثيرًا عن المتناهي واللامتناهي، والمنفصل والمتصل؛ وهي من أهم المواضيع في أسُس الرياضيات القديمة والحديثة. وبحوثي هنا في بدايتها، نظرًا لصعوبة الحصول على أعمال يحيى ومخطوطاته ولقلة ما كُتِبَ عنه؛ إذ لم يُؤخذ بدراسته جديًّا، لا شرقًا ولا غربًا، إلا في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من عظمة مكانته وأهمية أعماله فقد كان مغمورًا، غير مفهوم، مع أن شهرته طبقت الآفاق في زمانه، كما يقول ابن النديم عنه في الفهرست إنه كان: "أوحد دهره... وإليه انتهت رئاسةُ المنطق في عصره."

4. حياة يحيى وأعماله

ولد يحيى بن عدي بالعام 893 م في العراق. وقد كُنِّيَ بأبي زكريا، وأضيف إليه لقب "التكريتي المنطقي". نزل ببغداد، حيث درس وألَّف واشتهر. أما وفاته فكانت بالعام 974 م. وكما قلنا، فقد درس المنطق في بغداد على أبي النصر الفارابي، وقال البيهقي عنه إنه كان "أفضل تلامذة أبي نصر الفارابي". كما اشتهر، إلى جانب المنطق، بالفلسفة، فكان أرسطوطاليًّا، وله مقالات في فلسفة العلوم والرياضيات والأخلاق واللاهوت. كما ترجم عن السريانية إلى العربية الكثير من المؤلفات اليونانية؛ وكان يكسب من الترجمة ومن نسخ الكتب قوت يومه، غير معتمد على عطية عاطٍ، بكلِّ صبر وجلد، حتى "كان يكتب في اليوم والليلة مائة ورقة وأقل"، حسب ما جاء على لسانه لابن النديم، حتى إنه كانت له من نسخه مكتبةٌ خاصة.

5. عرض تفصيلي لمتناقضتَي راسل ويحيى

تكلمنا في المقدمة على دور المتناقضات في تاريخ العلم، وسنرى أمثلة حية على ذلك في هذا القسم من المقال.

أبدأ، أولاً، بتعريف "المتناقضة". وقد فضلتُ تسميتها هكذا – على "المفارقة" – لأنني أرى أنها تؤدي بالفعل إلى تناقُض؛ لكن هذا التناقض تناقُض "محلِّي": أي أن نظرتنا إلى الواقع لم تكتمل، وأن هناك حالات خاصة مخبأة لم تأخذها نظريتُنا بعين الاعتبار. فالميكانيكا الكوانتية تنقض الفيزياء الكلاسيكية، لا لتلغيها، بل لكي تتمِّمها وتُظهِر أنها ليست كاملة وأنها لم تأخذ في الحسبان الاعتباراتِ كافة. كذلك الأمر بخصوص المتناقضات المنطقية – لذلك سأسميها المتناقضات "الخاصة" أو "المحلِّية" أو "البناءة" – لأنها تتمِّم.

فـ"متناقضة الكاذب"، مثلاً، تُبرِزُ مبدأ الإشارة إلى الذات في المنطق والرياضيات. فأنا عندما أقول "إني كاذب" سأُسأل: "في ماذا؟" وسأجيب: "في أني كاذب" – وسيعاد السؤالُ والجواب نفسُه مكرَّرًا إلى ما لانهاية. فهذه المتناقضة متعلقة بمتناقضة اللانهاية؛ وإذا حددناها بحيلة تعبيرية، كما حددها غودل، ستنتج عنها نظريتُه الشهيرة التي ذكرناها في أول المقال. وهذا يصح أيضًا على متناقضة راسل التي نشأت عنها "نظرية الأنواع"، ومازال الرياضيون يقترحون حلولاً أخرى لها. لكن المتناقضة، في نظري، لم تُحَل، لكنه دوران حولها؛ وهي موجودة جوهريًّا في لغتنا، لكنها لم تُدرَس بما فيه الكفاية حتى يومنا هذا.

قبل أن أبدأ بسرد متناقضة راسل سأعرض المحيِّرة التالية: لنفترض أن هناك سفينةَ مراقَبة في البحر، وظيفتها إبلاغ الشاطئ بكلِّ سفينة لا تبلِّغ عن نفسها عند مغادرة الشاطئ. والسؤال هو: عند مغادرة سفينة المراقَبة للشاطئ هل ستبلِّغ هذه عن نفسها أم لا؟ هذا محيِّر، وينتج عنه تناقُض في كلتا الحالتين.

ولشرح متناقضة راسل، نعرِّف "المجموعة" بأنها فئة من الأشياء، تجمعها صفةٌ معينة، وكل عضو من هذه المجموعة يُسمى "عنصرًا". فمثلاً، مجموعة الدببة: كل عنصر منها هو دب. والسؤال هل مجموعة الدببة هي دب؟ الجواب عليه بالنفي – كما أن مجموعة الكتب ليست كتابًا. فكلٌّ من هذه المجموعات ليس عنصرًا من نفسه كمجموعة.

الآن ننظر إلى مجموعة جديدة، عناصرها مجموعات كمجموعة الدببة ومجموعة الكتب: أي أن عناصرها هي كل المجموعات التي ليست عنصرًا من نفسها – وسنسميها مجموعات "غير عادية"، أي أنها ليست عنصرًا من نفسها. والآن نتساءل: هل تنطبق على هذه المجموعة (أي مجموعة المجموعات غير العادية) الخاصيةُ التي تتصف بها؟ – أي كونها غير عادية؛ في عبارة أخرى، هل هي عنصر من نفسها أم لا؟ والجواب هو أن هذا محيِّر، كمثال السفينة – وبرهانه كالتالي:

نفترض، أولاً، أن هذه المجموعة عنصر من نفسها؛ لكننا نعرف أن عناصرها مجموعات غير عادية؛ فهي غير عادية؛ فيجب، بالتالي، ألا تكون عنصرًا من نفسها. وإذا فرضنا، ثانيًا، أنها ليست عنصرًا من نفسها، فهي من المجموعات غير العادية؛ فيجب أن تكون عنصرًا من نفسها!

لحلِّ هذه المعضلة، اقترح راسل إنشاء "نظرية الأنواع" التي ينتج عنها أن سؤال إذا كانت مجموعة ما عنصرًا من نفسها أم لا ليس له معنى، تمامًا كما أن متناقضة الكاذب لا معنى لها. وقد عبَّر عن ذلك پوانكاريه، الرياضي الفرنسي، بالتعريف اللااستنادي imperdicative، ومُفاده أنه لتعريف المجموعة يجب أن نعرف عناصرَها؛ ولمعرفة ما إذا كانت مجموعة ما أحد عناصر نفسها، يجب معرفة عناصر المجموعة نفسها. وهكذا نكون في دائرة مفرغة، نتيجتها تعريف الشيء بنفسه! وهذه الظاهرة، كما بينتُ، موجودة في متناقضات الكاذب وراسل ويحيى؛ كما أشرت إلى أن متناقضة يحيى تجمع بين صفتَي متناقضة الكاذب ومتناقضة راسل، كما يلي:

يعرِّف يحيى تشابُه شيئين إذا اشتركا في صفة معينة؛ ثم هو ينظر هل يمكن للأشياء أن تختلف في صفاتها كلِّها؟ فإذا كان الأمر كذلك فهو يعرِّف صفةً جديدة بين شيئين في أنهما لا يشتركان في أية صفة إطلاقًا، فيقول إن هذه الصفة هي صفة الاختلاف: فهما على الأقل سيقفان في صفة الاختلاف – وهكذا يكون قد عرَّف صفة "غير عادية"، بحسب تعريف راسل للمجموعة غير العادية. وتنتج عن ذلك متناقضة راسل. لكنه استنتج، بدلاً من ذلك، تناقضًا آخر، هو ما يلي:

إذا كانت الصفة (أي صفة الاختلاف) عنصرًا في مجموعة الصفات المشتركة، فالشيئان يشتركان أحدهما مع الآخر في الاختلاف. فهذه الصفة ليست عنصرًا من مجموعة الصفات للشيئين لأنها تنفي نفسها – والعكس صحيح. يقترح العلماء تسميةَ هذه الصفة (أي صفة الاختلاف)، التي هي نفي جميع الصفات، بـ"المجموعة الفارغة". ولحلِّ معضلة يحيى، اقترحتُ نموذجًا رياضيًّا هو "نظرية العلاقات الثنائية"، وهي قيد البسط.

وهكذا نرى أن دراسة الماضي يمكن لها أن تعيننا في تطوير المستقبل. والعلم دولاب يدور ويكرِّر نفسه، إنما يلبس في كلِّ مرة ثوبًا جديدًا. فنظرية العلاقات هذه، التي اعتمدتُ في بَسْطِها على الطوپولوجيا الجبرية، هي بالتأكيد غير فكرة يحيى البدائية، لكنها مستوحاة منها.

وإذا تساءلنا: ما فائدة هذه المتناقضات؟ فالجواب ما يلي:

أولاً: بما أن الحاسوب المثالي آلة حسابية تترجم أية معضلة منطقية بواسطة الجبر البولي إلى معضلة حسابية، فهي، في النتيجة، تحوِّل المتناقضةَ المنطقيةَ إلى قصور ذاتي وعدم تمام في الرياضيات، فتبين حدود حَسْبَنَة أو أتمتة الرياضيات.

ثانيًا: العكس صحيح – وهو أنه من خلال البرمجة المنطقية في إحدى لغاتها الشائعة الاستعمال، كلغة Prologue مثلاً، يمكن تمثيل المعضلات المنطقية وحلها بالرياضيات.

ثالثًا: بما أنه يمكن صياغة نظرية المجموعات في منطق المحمولات من الدرجة الأولى، فإن الأخير يمكن ترميزه في الحساب، كترميز غودل مثلاً. وبالفعل فقد صيغت نظرياتٌ جزئية من نظريات المجموعات في الحساب (3، 4) وكلية في نظرية الأعداد الحقيقية.

وبما أن الحاسوب أداة منطقية حسابية، يمكن ترجمة متناقضتَي راسل ويحيى – وهما متناقضتان في نظرية المجموعات – إلى متناقضات حاسوبية. وهذا ما يجب تجنبه كلما حدث؛ ولذلك فمن الضروري التأكد من خلوِّ النظام الحاسوبي من متناقضات المنطق.

6. الإپستمولوجيا أو حقيقة البراهين العلمية

العالِم إنسان يبحث عن الحقيقة. لكن الحقيقة مافتئت كالسرِّ المحجوب. فشتان ما بين الحقيقة في ذاتها وبين الحقيقة كما يراها العالِم. وربما كان خير عرض لهذه الظاهرة حكاية يرويها فيلسوف صيني قديم[6]. خبأ هذا الفيلسوف فيلاً تحت خيمة كبيرة، ثم استدعى تلامذته وطلب من كلِّ واحد منهم أن يُدخِلَ يده من طرف الخيمة ويخبره بما تحتها. وقعت يدُ الأول على خرطوم الفيل، فقال: هذا خرطوم ماء؛ ولمستْ يدُ الثاني قائمةَ الفيل، فقال: هذا جذع شجرة؛ وأمسكت يدُ الثالث بأذنه، فقال: هذه مروحة؛ وهلم جرَّا – فكان كلٌّ منهم يرى في الفيل ما عرضتْه عليه حاسةُ اللمس ولم يدرك حقيقتَه أي منهم. وهكذا الأمر لنا في الوقت الحاضر: نحن لا نرى من الحقيقة إلا ما تبديه لنا تجاربُنا العلمية وتصوراتنا الجزئية؛ إذ إننا في الخطوات الأولى من الحضارة الإنسانية، نرى أنفسنا أقزامًا قياسًا إلى مَن سيلحقون بنا، كما نرى أقزامًا مَن سبقونا. فليس هناك مقياس مطلق للحقيقة التي نبحث عنها، كما أنه ليس هناك مقياس مطلق للطول.

ولكن إذا تتبَّعنا مبدأ الشكِّية Skepticism هذا وطبَّقناه على نفسه أيضًا، سيراوح بين الشك واليقين. فهل في إمكاننا أن نخرج من هذه الدوامة؟ أن نستخرج من المدارس الفلسفية كلِّها، بل من عالم الفكر كلِّه، حقيقةً مطلقةً، أن نقول بوجود نظام في هذه الفوضى؟ – كما بدأ يفعل علماءُ الفيزياء الحديثة في نظرية المنظومات الديناميَّة، فيدرسون "نظام" الشواش Chaos. وهل الرياضيات هي "الطريق الملكي" للوصول إلى الحقيقة المطلقة، تمامًا كاللانهاية عندما عرَّفها العلماءُ تعريفًا سلبيًّا – بأنها "لا–نهاية" – حتى أخذت مكانَها ككيان خاص في عالم الوجود والفوضى.

هل العلم كله باطل وليست هناك حقائق ثابتة؟ هناك مَن يؤمن بذلك. لكني أعتقد أن هناك حقائق ثابتة، كلما تطور العلم عادت إلى الظهور في أثواب جديدة. ولذلك قال الأقدمون: "لا جديد تحت الشمس." فالنظرية الذرية، مثلاً، ظهرت منذ أقدم الأزمنة وعند شعوب عديدة؛ لكن لا شك أن ما نعرفه عنها اليوم لا يقارَن بما كان يعرفه الأقدمون، ولا بما سيعرفه اللاحقون. وكذلك بخصوص الكون: فالفيثاغوريون رأوا أن الكون عدد – مع ضيق معرفتهم بالرياضيات؛ ونحن اليوم نرى أن من وراء الكون نظامًا معقدًا جدًّا، وهذا النظام أساسه رياضي. كل شيء في الكون إنما يخضع لنظام رياضيٍّ ما، من أنواع أوراق الشجر حتى أعقد المنظومات البيولوجية والاجتماعية والسياسية. ولتطور العلم نفسه نظام، فيما يُعرَف بظواهرية النظام، وهلم جرَّا.

7. هل الفيزياء والرياضيات سليمة من التناقض؟

في الفيزياء، مثلاً، ظهر مبدأ الذرية على يد ديمقريطس ولوكريتيوس، وقد يكون سبقهما إليه الهنود. وقد اختلف العلماء على هذا المبدأ عبر عصور تاريخ الفكر. فهل توصل الإنسانُ بفضل علومه إلى قرار؟ في العصور الحديثة، درسنا أن الذرة مكونة من عناصر أولية لا تُكسَر؛ لكن حتى هذه كُسِرَتْ، وما انفكت تُظهِرُ شظايا جديدة، وباستمرار، في المسرِّعات الكبيرة cyclotrons، ولا ندري إلى أيِّ حدٍّ كان ديمقريطس على حق.

ومن المتناقضات الحديثة لأبراموفيتش (1) مفارقةُ انعكاس القوة النابذة نحو الداخل (قرب الثقب الأسود)، بعكس قوانين الفيزياء المعهودة. وقد شرح هذه المفارقة التي نتجت عن قياسات طالبين من جامعة كمبريدج رصدا انعكاسَ الاندفاع الزاوي قرب الثقب الأسود. ولحلِّ المتناقضة، وضع أبراموفيتش هندسةً جديدة هي "الهندسة الضوئية": وهي نموذج كوني جديد تتفق فيه جهتا "الداخل" و"الخارج" مع الهندسة العادية، لكنهما تتناقضان معها قرب الثقب الأسود. وهذه الظاهرة سببها المفعول النسبوي للثقالة [الجاذبية] الشديدة قرب الثقب الأسود: أي أن شخصًا قرب الثقب الأسود يرى جهتَي الداخل والخارج بعكس ما يراه الشخص بعيدًا عنه. وهكذا فحتى مفهوما "الداخل" و"الخارج" هما نسبويان. وهذا يتناقض مع الفيزياء النيوتُنية، التي تسمح أيضًا بأن تتسارع فيها الأجسامُ إلى ما لانهاية – وهذا ما لا تسمح به الفيزياء النسبية.

وحتى في الرياضيات، إذا طرحنا سؤال: إذا كان 1 + 1 = 2، فهل هو سؤال "تجريبي" أم "حدسي"؟ لا أود الدخول في هذا الموضوع هنا (فهذا سيُخرِجنا عن مسارنا)، لكن الجواب يتعلق ببرهان عدم وجود تناقُض في الرياضيات. نستطيع أن نبرهن من مسلَّمات بسيطة أن 1 + 1 = 2؛ لكن ما لا نستطيع أن نبرهن عليه هو أنه لا يوجد برهان على 1 + 1 = 2! وقد برهن المَناطِقَة على ذلك، لأنه من خلال نظام معيَّن لا يمكن البرهان على عدم وجود تناقُض في النظام نفسه؛ أي أن أيَّ حاسوب مثالي لن يستطيع ذلك – أي أن الحاسوب الأكبر سيلجأ إلى حاسوب أكبر منه وهلم جرَّا.

8. دور التكنولوجيا في الإپستمولوجيا

هذه النظرة السلبية إلى حقيقة العلم والمعرفة لا تعني بطلان العلوم الإنسانية ورفضها. لكن يجب أن نفرق بين العلم والتكنولوجيا. فعلى الرغم من جهلنا بحقيقة تركيب الذرة، كما رأينا في الفقرة السابقة، وعلى الرغم من عدم تمام نظريتنا الذرية وتناقُضها، استطاع الإنسان تصنيع القنبلة الذرية – وما قتل عشرات ألوف الأشخاص إلا خير دليل على فعاليتها! كذلك الأمر بالنسبة للطب: فعلى الرغم من جهل الإنسان بمسبِّبات الباثولوجيا وآلياتها، استطاع منذ القديم التوصل إلى تركيب أدوية ناجعة. فأنا عندما أفكر لا أحتاج إلى معرفة فسيولوجيا المخ، وعندما أسير لا أحتاج إلى معرفة قوانين نيوتن في الحركة وتطبيقها! حتى الميكانيكا النيوتُنية كافية لدراسة المشاريع الإنشائية المعقدة؛ كما أن الديناميكا الهوائية الكلاسيكية كافية لتصميم أضخم الطائرات النفاثة. ولم يحتج المهندسون لتحقيق هذين الإنجازين إلى معرفة الفراغ اللاإقليدي؛ كما لم تكن لديهم حاجة إلى حساب حركة الذرات التي يتكونان منها.

فالتكنولوجيا تُبرِز وجهًا غير كامل من وجوه الحقيقة، تمامًا كالفيل في الحكاية الصينية. وهذا سرٌّ من أسرار الكون، ونعمة من نِعَم الله – لولاها لما تحقَّق أي اختراع بشري وبقينا نعيش في العصر الحجري! للتكنولوجيا، إذن، دور في تطور العلم: فهي تربطه بالواقع. وللعلم الدور الأساسي في تطوير التكنولوجيا: فهو ينير طريقها. فنحن لا ندحض التكنولوجيا بمعناها العام كوسيلة لدفع عجلة العلم إلى الأمام.

9. متناقضة البرهان القياسي (التمثيلي)

يستعمل العلماء النماذجَ الرياضيةَ التي تترجم عالَم التجربة المجهول إلى عالَم الرياضيات ذي العلاقات المعروفة. فالنتائج التي نستقريها من نموذجنا هذا صحيحة مادامت المسلَّمات الأولية المتعلقة بعناصر النمذجة، عنصرًا عنصرًا، صحيحة. فمثلاً كانت النتائج المتعلقة بنموذج الفراغ الإقليدي صحيحة في الميكانيكا الكلاسيكية؛ لكن بسقوط المسلَّمات الأولية في علاقة العناصر في النموذج الإقليدي، سقطت العلاقاتُ والنتائجُ المستقرَأة منها، وحل محلَّه نموذج آخر أخذ بمسلَّمات أولية أخرى في الحسبان، هي مسلَّمات لاإقليدية.

سأحاول أن أقرب ذلك أكثر إلى الذهن: في عالم الجسيمات تؤخذ كمسلَّمات أولية في الحالة الكلاسيكية القديمة مقابلةُ الجسيم بنقطة في الفراغ الإقليدي، ومقابلة حركته بخطٍّ مستقيم في ذلك الفراغ الذي تمثَّل فيه القوى الفاعلة. ولذلك فإن استنتاجاتنا الرياضية في هذا الفراغ تترجَم بوقائع تجريبية في عالم الجسيمات. لكن بما أن نتائج التجارب برهنت على عجز هذا النموذج في حالات خاصة، فقد اقترح العلماء نموذجًا آخر فيه مسلَّمات أولية مختلفة. فالجسيمات هي نقاط في فراغ ريمَن تدور في مسارات هي خطوط جيوديسية (لاإقليدية)، ونتائج الرياضيات في هذا الفراغ يمكن ترجمتها كوقائع فعلية في عالم الجسيمات – وهذه هي متناقضة الفيزياء. وهكذا فإن العلم الفيزيائي علمٌ وصفي يعتمد على النماذج. وسأسمي هذا النوع من البرهان بـ"القياس" analogy – وهو برهان لا تصح نتائجُه إلا مادامت مسلَّماتُه الأولية صحيحة.

ولكن إذا طبقتُ نقدي للبرهان القياسي analogical على البرهان نفسه، فهو أيضًا من النوع القياسي. فأنا أبيِّن أنه بما أن المبدأ القياسي يفشل في الفيزياء الكلاسيكية والحديثة فأنا أشكك في نفسي. وهنا أتوقف قليلاً. فما نحن إلا أمام ظاهرة جديدة – متناقضة جديدة من نوع الإشارة إلى الذات، – كغالبية المتناقضات التي مرَّتْ بنا في هذا المقال، – وسأسميها بـ"متناقضة القياس". وتستدعي هذه المتناقضة دراسةً تفصيليةً خاصة سأتركها لمقال آخر إن شاء الله.

هذا النقد الذاتي سيقودنا إلى العدمية. لكن علينا أن نبدأ من مكان ما. لذا سأطبِّق مبدأها في الارتياب. وأرى أنه لا يمكن إجراء قياس (بمعناه الفيزيائي) ومعرفة حدٍّ معين معرفةً تامةً بدقة تامة إلا بالتضحية بقياس آخر وبمعرفته بكامله.

وبما أن براهيننا الفلسفية كلَّها يتعاون فيها المبدآن القياسي والاستنباطي ويتكاملان على حدٍّ سواء (لأنه لا يمكن دراسة الفيزياء من دون نموذج قياسي)، وبما أن الرياضيات كذلك تعتمد القياس قبل أن تبدأ بتطبيق مبدأ الاستنتاج والاستنباط، فإن القصور في مبدأ القياس يظل ساري المفعول، كما رأينا في براهيننا الفلسفية كلِّها.

10. طرح إپستمولوجيا مبنية على التناقض

رأينا التناقض المبدئي في الفيزياء، وتبيَّن لنا أنه حتى الرياضيات ليست استقرائية تمامًا، بل قياسية أيضًا، تعتمد على مسلَّمات أولية، مهما كانت قليلة وبسيطة، ولا تستطيع أن تبرهن على خلوها من التناقض؛ بل إن أكثر المتناقضات المنطقية ساريةُ المفعول فيها، كمتناقضتَي الكاذب وراسل وغيرهما. وإن ما فعله الرياضيون لتفاديها ليس طبيعيًّا تمامًا.

لقد أجمع الفيزيائيون والمَناطِقَة الرياضيون والفلاسفة على أن أيَّ عالم خالٍ من التناقض هو عالم متحقق في الوجود، لكنهم لم يستطيعوا أن يبرهنوا على وجود عالم واحد – كعالم الحساب مثلاً – خالٍ من التناقض المطلق، إنما برهنوا على خلوِّ نظام من التناقض بالنسبة إلى نظام آخر، كالهندسة بالنسبة إلى الحساب، أو حتى عالم الفيزياء: فهو خالٍ من التناقض بالنسبة لآلاتنا القياسية. وقد رأينا أن نظرية غودل تبرهن أنه من غير الممكن البرهنة على اتساق (أو عدم تناقض) نظام معيَّن من خلال النظام نفسه. فهل يجب أن نبدل فكرتنا عن التناقض ولا نخشاها، بل نتعايش معها، تمامًا كما فعل العلماء بالمتناقضات الفيزيائية والمنطقية، ولا ننظر إليها نظرةً سلبية، كالنظرية القديمة إلى اللانهاية، بل نتجاوز خوفنا وجهلنا، ونتجرأ على ارتياد المجهول – كما درس رياضيو القرن التاسع عشر، وعلى رأسهم الرياضي الألماني كانتور، الذي درس عالَم اللامتناهي ووضع له كيانًا إيجابيًّا – ونكسر قانون أرسطو[7]، كونيًّا وعموميًّا، كما كُسِرَ في حالاتٍ فردية اصطناعية وداخلية (فقد درس المَناطِقَة، مثلاً، المنطق اللاأرسطوطالي أو "المنطق كثير القيم"، لكن في لغة وقالب خارج منطق أرسطو).

لذلك نستطيع أن نقول، بكلِّ جرأة، بأن المتناقضات هي علم المستقبل، وبأن حلَّها يقرِّبنا من الحقيقة، لكنه، في الوقت عينه، يبعدنا عنها. ولذلك يجب علينا وضع نظريات شاملة لها، لأنها حين توسع علومنا وتستكملها تضع أيضًا حدودًا مطلقة على معارفنا الإنسانية وتدلنا على الطرُق التي يجب أن تسلكها بحوثُنا وراء المجهول.

*** *** ***

تنضيد: نبيل سلامة

 

المراجع

1.        Abramowicz, M.A., “Black Holes and the Centrifugal Force Paradox,” Scientific American, March 1993.

2.        Aristotle, Physics, trans. W.D. Ross, Oxford, 1936.

3.        Barwise, J., The Handbook of Mathematical Logic, North-Holland, Amsterdam, 1977.

4.        Friedman S.D., “A Guide to Coding the Universe,” by Beller, Jensen & Welch, Journal of Symbolic, Vol. 50 (1985), pp. 1002-1019.

5.        Garro, I., “Paradoxes in Arabic Geometry: An Archeology of Scientific Discovery,” Logique et Analyse, Vol. 24 (1981), pp. 351-379.

6.        Garro, I., “Al-Kindī and Mathematical Logic,” Proceedings of the First International Symposium for the History of Arabic Science, Aleppo, 1976.

7.        Garro, I., “The Paradox of the Infinite by al-Kindī,” Journal for the History of Arabic Science, Vol. 10 (1994), pp. 111-118.

8.        Garro, I., “Limits, Asymptotes and Infinities,” Submitted to the Sixth International Symposium for the History of Arabic Science, 1996.

9.        Ivry, A.L., Al-Kindī’s Metaphysics, Albany, 1974.

10.     Robinson, A., Nonstandard Analysis, North-Holland, Amsterdam, 1962.

11.     Svozil, K., Randomness and Undecidability in Physics, Singapore, 1993.

12.  ابن عدي (يحيى)، مقالة في التوحيد، بتحقيق ودراسة الأب سمير خليل، جونية 1980.

13.  البيروني، الرسائل، دار المعارف العثمانية، حيدر آباد 1948.

14.  خليفات، سحبان، مقالات يحيى بن عدي الفلسفية، منشورات الجامعة الأردنية، عمان 1988.


[1] د. إبراهيم كرو: باحث وأكاديمي من سورية، يهتم بالدراسات العلمية وفلسفة العلوم.

[2] "المتناقضة" قولٌ ظاهرُه متناقض وباطنُه صحيح (سيأتي شرحها لاحقًا).

[3] تشير الأرقام بين قوسين في المتن إلى المراجع في آخر البحث. (المحرِّر)

[4] يقول الكريتي "أنا كاذب": فإن كان صادقًا في قوله هذا فقد كذب، وإن كان كاذبًا في قوله "أنا كاذب" فقد صَدَق.

[5] لشرح هذه المتناقضة نبرهن على ما يلي: أولاً على وجود عدد لا يُعرَّف بأقل من مئة كلمة: فالأعداد التي تُعرَّف بأقل من مئة كلمة هي متناهية – وإذن فهنالك منها عدد أكبري؛ لنأخذ عددًا أكبر منه: هذا العدد تقع فيه الصفة المطلوبة. لكن العبارة التي وردت في أول المتناقضة: "نعرِّف عددًا لا يمكن تعريفه بأقل من مئة كلمة" تعرِّف هذا العدد بعشر كلمات فقط – وهذا تناقُض.

[6] يروي هذه الحكاية بحذافيرها الصوفي الكبير جلال الدين الرومي أيضًا. (المحرِّر)

[7] هو قانون عدم التناقض و"الثالث المرفوع" – مثلاً: أي شيء إما أن يكون موجودًا أو غير موجود ولا ثالث لهما.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود