نـشـيـد الـحـب

 

دارين أحمد

 

الفتاة

ليأتِ من أية جهة

عيناكَ جوهرتان

وخلفكَ في المدائن التي تركتَ

يذكركَ الرجالُ سرًّا

وتتغنى الصبايا بأصابعهن الطرية

إنْ لمسن ما لمستْ يداك

 

حبيبي

تتعطر الطرقاتُ بأنفاسك

والأشواك خلفي تلين

الكورس

خلف أشواك الشجيرات القصيرة

تجلس الجميلة

تغزل أحلامًا من ضوء الشمس الخابي

هي أعذب من ينبوع الماء في جوف الصخر

أرق منه

وحبيبها ماعز الجبال

لا يهدأ وإن ارتوى

الفتاة

خلف أشواك الشجيرات القصيرة

أجلس كل مساء

أغزل أحلامًا من ضوء الشمس الخابي

وأنتظر حبيبي

 

لو أُعطيتم عيوني

ورأيتموه يتمشى في الحقل

جميلاً

جميلاً كرائحة الغار

لما عرفتُ العزلة

الكورس

خلف الشجيرات القصيرة

مكان ضيق

تجلس فيه الجميلة

الفتاة

يا شمس

ها أنت خجلى

تذهبين وخلفك الضوء مثل شلال

 

ينادي حبيبي

لو تعرفونه

يضحك مثل طفل تدغدغه أمُّه

غمازتا خدِّيه مغارتان

وعيناه من البعيد كأنهما جنَّتان

يسيل من كلامه الشعرُ حين يفتح فاه

ويخبئ الرجال وجوههم خجلاً

صدره واسع مثل نهايات العالم

وعنقه كشمعة تذيب قلوب العذارى

أُخفي حمرة وجنتي حين أراه

فتركض نحوه الريح ويغني القصب:

"في قلب الجميلة سهمُ عشق

شقائق النعمان على خديها مروج

لو نظرتَ إليها الآن لما عرفتَ النوم

وإن نمتَ للاحقتْكَ في الحلم كأنها أحجية"

 

يا حاصدات القمح

أما رأيتن الشمس تودع الحقول؟!

إنه حبيبي آتٍ، وأنتن تجمعن الحكايات والحَب

 

يا حاصدات القمح

حلَّ المساء وأزواجكن يجلسون على عتبات البيوت

يتنهدون كلما مرت صبية

خلفكن تلال من سنابل صُفر

تكفي طعام الشتاء

 

يا حاصدات القمح

حلَّ المساء وأزواجكن الآن ينتظرون

حاصدات القمح

أيدينا بلون التراب

متشققة كالأرض العطشى

أزواجنا في المنازل ينتظرون

وخلفنا تلال من قمح أصفر

حلَّ المساء

وقلوبنا مليئة بالحكايات

الفتاة

أنا وحبيبي نرجسة ونهر

ينظر إلى وجهي فيرى جماله

أنظر إلى وجهه فأرى جمالي

هو وعلُ الغابة السوداء وأنا نجمته

 

وهو قال لي:

"يا حبيبتي

لا تنهضي حتى أجيء"

وقلت له:

"يا حبيبي

لا تجئ حتى أقطِّر نضارةَ الندى من العشب

ومن التراب سمرةَ العابرين فيه

وسموَّ رائحة المطر"

 

حبيبي مسكُ الأيام وإبطاه عنبر

فيا حاصدات القمح

وأنتن ذاهبات، مهِّدن الطريق لحبيبي

قدماه سمراوان كفراشات الليل

ناعمتان كأجنحة فراشات الليل

أخاف أن يخدشهما شوكُ الطريق

الشاب

ألبِسوني ثيابًا جديدة

ضَعوا على خصري حزامًا من ذهب

ثيابي عشبُ حبيبتي وحزامي لعبةُ أصابعها

شفتاها على شفتي

وذراعاها حول خصري

غصنان من الكرمة

الفتاة

انتظرتُه في بيت أمي

انتظرتُه، فما جاء

لبستُ أحلى ثيابي وانتظرتُه

فما جاء

عجنتُ الخبز

وضَعتُ الخمر في الكؤوس

وانتظرتُه، فما جاء

الشاب

حبيبتي لوتس الماء

هي بين الصبايا لؤلؤة طوق الفضة

تمشي فيحتفل الحمام بخطواتها

وتنام فينفطر قلبي

وأقول لها:

"يا حبيبتي

ساقاك ممدودتان على الأرض كالسكر الذائب

وقدماك الجميلتان تلتي حبق

أسجد أمامهما، وفي شغف أصلِّي"

 

يا حبيبتي

لا تنهضي حتى أجيء

شعركِ بين الأغصان لا يشبهه شيء

وعيناكِ، وهما مغمضتان، منارتا عشق

شفتاكِ قرمز

ونهداكِ النافران تحت الثوب لا مثيل لهما

 

فتقول لي:

"تعال وامرحْ في المُحال

تعال وضَعْ شفتيكَ على نبعي

الثلج على الجبال أصبح قمحًا

والعناقيد المدورة على الأغصان

تقطر خمرًا

يا حبيبي

النهار ولَّى

والأرض تفتح صدرها للعشق

وتهدي العاشقين ليلاً مطرزًا بالأنجم"

 

حبيبتي نهر البياض في الليل

تتزين الزينةُ بها

وعند الفجر هي أرجوان

لو أُعطيتم عيوني

ورأيتموها تعجن الخبز

وتضع الخمر في الكؤوس

لانهارتْ حجارةُ السور أمام منزلها

الفتاة

انتظرتُه في بيت أمِّي

انتظرتُه، فما جاء

عجنتُ الخبز

وضَعتُ الخمر في الكؤوس

وقلت لأمِّي:

"يا أيقونة الربيع

يا نخيل الصحارى

ويا رائحة الأطفال

حزينةٌ أنا كعشٍّ هجرتْه العصافير

حزينةٌ أنا كالعصافير في الشتاء

ليتكِ تذهبين إلى مرج الورود البنفسجية

ليتكِ تذهبين وقَدَحُ الندى في يديكِ

ليتني أجلس هنا على فراشكِ

وأغني حتى تعودي"

 

جلستُ على فراش أمِّي أغني

الخبز ناضج

والخمر في الكؤوس

جلستُ على فراش أمي أنتظر حبيبي

انتظرتُه، فما جاء

الكورس

ليتكِ تذهبين إلى مرج الورود البنفسجية

ليتكِ تذهبين وقَدَحُ الندى في يديك

الشاب

حبيبتي حلم اللذة

تمسك في يديها العجين كأنها الآلهة

يداها صغيرتان مثل قلوب اللصوص

جميلتان مثل كنوز اللصوص

وأنا أحبها

أحبها

حتى يكاد قلبي أن يتمزق

الفتاة

في الغابة

حيث تتعانق الأشجار

تمزَّق ثوبي

جرحتْني براعمُ السنديان

والصخورُ الفضية جرحتْني

حطَّ عليَّ الزعفران، وعريسي لمَّا يجئ

ماذا أقول لإخوتي إن رأوا ثوبي؟!

 

يا أشجار، يا أغصان الأشجار القاسية

يا قهقهاتِ الصخور

قولي لإخوتي، إن رأوا ثوبي

إن الجميلة كانت تجمع الحطب

قولي لهم إن الريح كانت قاسية

والشمس كانت قاسية

وإن الجميلة خرجتْ في المساء

كي تجمع الحطب

الكورس

الريح قاسية

والشمس قاسية

والجميلة خرجت في المساء

كي تجمع الحطب

الفتاة

في الغابة

حيث تتعانق الأشجار

انتظرتُ حبيبي

مزَّقتِ الأغصانُ ثوبي

نظرتُ إلى جسدي فاشتعلتُ شوقًا إليه

هو عسل، هو عسل

وريقُه أطيب من الخمر

يدُه على ظهري كأنها عباد شمس

وصدرُه على صدري عشبٌ طريٌّ

أيقظيني، يا رياح

أنعشيني برائحة البخور والغار

إني أموت عشقًا، وحبيبي لمَّا يأتِ

الشاب

حبيبتي، زنبقة الجبال، غافية

شفتاها تبتسمان

تلك التي تملأ قلب العجوز بالحزن

ويرتمي في حضنها الأطفال

غافية

وشفتاها تبتسمان

أيقظيها، يا رياح

أنعشيها برائحة البخور والغار

إني أموت عشقًا، وحبيبتي غافية تحلم بي

الكورس

أيقظيها، يا رياح

الزيت على عاج الآلهة يسيل

والليل يصمت في انتظار العاشقين

العمر قليل

والحب قليل

أيقظيها، يا رياح

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود