قصص قصيرة جدًا - 2

 

جمال الدين الخضيري

 

بُغْية مطمورة

بعدما أضناني البحث عنها قصدت الدرويش لعله ينير لي ما تعتم من سراديبي. وجدته في ركنه المعهود مكدودًا يحمل عجزه البادي. دون أن ينتظر مني السؤال، ودون أن يتفحص محياي، بادرني قائلاً:

-       إخالك تبحث عنها؟

-       أجل.

-       صفها لي.

قلت بابتهال:

-       أناديها وأعاديها، إذا تكسَّرتْ تيسَّرتْ، وإذا التوتْ استوتْ، وكلما سردتْ سدرتْ، ومتى ما صاغت غاصت، فلا لهوتُ بجلدها ولا نجوتُ بجلدي.

قال رافعًا عينيه نحوي في ذهول:

-       ويحك! لن تتبدى لك، بغيتك مطمورة في كتاب.

* * *

اكتشاف

لا قطوف فيها، ولا نذور.

مستعصية الوطء، موغلة في الأحراش.

عندما هبط فريق العمل فيها من عل.

وبعد المسح من السفح إلى السفح.

توصل الفريق إلى الاكتشاف الآتي:

"المنطقة طاردة، ولا يمكن أن يعيش فيها إلا ذئب ومُعلِّم".

* * *

الأصلع

أستاذنا أقرع، بإمكان المرء أن يمشي على رأسه حافيًا حاسرًا دون أن يتأذى.

يطفق في الشرح مارًا بكفه على صلعته الناصعة بحركة لا إرادية. تتناهى إلى سمعه العبارة الدامية: (الأصلع).

يتناثر ريقه مدمدمًا:

-       الشعر لا يكسو إلا رؤوس الحمير أمثالكم، متى رأيتم حمارًا أصلع، أدفع عمري إن أتيتموني به؟!

ننسل هاربين من القسم مرددين بصوت جماعي:

-       رأيناه رأيناه...

* * *

الوسط

إخوة كُثْرٌ نحن، وأنا صغيرهم.

يغطينا لحاف واحد.

خيروني بين الرقود، إما في أقصى اليمين أو في أقصى اليسار.

كنت أبقى دائمًا دون دثار في تنقلي بين الموقعين، حاسرًا دون اللحاف المترنح مدًّا وجزرًا.

قلت: لا شيء أحلى من الوسط في هذا الوسط.

نبذوني متوعدين:

-       غلط، غلط... إنك تتوارى ممسكًا العصا من الوسط.

* * *

المنتظِرون

عندما قال بصوته المتهدج المعجون بأزيز آليات تشق سجف السماء والبيداء عبارته المتواطئة: "انتظرناهم من الشرق فجاءونا من الغرب"، اجتمع الجمع وقالوا بدورهم:

-       ما كان يجب أن ننتظر، هم مثل الطامة الزبَّاء يأتون دائمًا فيما لا ينتظر.

وفي حَوْمة الجدل أخلدوا إلى أن الكون زائل مندثر، والساعة زاحفة، وعلى مرمى حجر، أليس من أمائرها أن تشرق الشمس من الغرب بدل الشرق، وهذا ما حصل!؟

* * *

إتقان محسوب بالبركار

تهتز الأرض تحت خطواتها.

كل شيء فيها مرسوم بإتقان كأنه محسوب بالبركار.

قبل أن يكتهل الليل، تسلقا صور حديقتها. كالمصيبة تسلل الأول إلى الداخل كانسًا الزوايا بجوارح عمياء. ضربةٌ فتاكة كأنها رفسة حصان في ظلام، محسوبة بالبركار أيضًا، تُبيد فمه.

نُدفًا ثلجية، رنات نحاس، تساقطت اللوثة والأسنان. انقذف إلى الخارج كنيْزك يهوى.

قال له الثاني وَجِلاً: ما بك؟

أجابه متلعثمًا، مترنحًا، مداريًا فمه بيديه:

-       ينازِعُني الضحك، ادخل أنت أولاً.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود