|
قيم خالدة
من نحن، ما نحن؟ إننا مجرَّد كائنات تافهة وضعيفة، قابلة للفناء في أية لحظة، انبثقت لبرهة من العدم إلى حياةٍ رائعة مفرحة، بسمائها وشمسها وغاباتها ومروجها وأنهارها وطيورها وحيواناتها، مع غبطة محبة الأقربين ومحبة أنفسنا، محبة الخير ومحبة كل ما هو حي...؛ ففيمَ الأمر؟
لماذا علينا جميعًا اقتناء الممتلكات؟ لماذا لا يجب علينا، جميعنا، وبعد فترة من الزمن، تجريد أنفسنا من كل الممتلكات؟ التُّجار عديمو الأخلاق يفعلون ذلك لغايات غير نزيهة، لكن لماذا ليس بوسعنا أن نفعله لغايات نزيهة؟ لقد كان هذا الأمر شيئًا اعتياديًا بالنسبة للهندوسي في مرحلة معينة، حيث كان يُتوقَّع من كلِّ هندوسي، وبعد أن عاش حياةً منزلية لفترة معينة، أن يدخل مرحلة حياتية أساسها اللاتملُّك. لماذا لا يكون بمقدورنا إعادة إحياء هذا المنقول الجميل؟ السبب في هذا يعود على الأغلب إلى أننا بقيامنا بذلك نضع أنفسنا تحت رحمة من ننقل إليهم ملكيتنا. لكن هذه الفكرة تبدو جذابة جدًا بالنسبة لي. لأنَّ من بين عدد لا يحصى من حالات تؤكد هذه الثقة المشرِّفة نادرة جدًا هي الحالات التي تتمُّ فيها خيانتها. ... أما كيف يمكن أن نطبق هكذا ممارسة من دون أن نُمكِّن أشخاصًا غير جديرين بالثقة من استغلالها؟ فحُكمٌ يمكن أن نكتسبه بعد ممارسة طويلة. مما يعني أنْ لا شيء يجب أن يمنعنا عن القيام بهذه التجربة لمجرد خوفنا من أننا قد نُستغل. حيث لا شيء منع المؤلف الإلهي للغيتا عن تقديم الرسالة المتضمنة في "أنشودة السماء"، وهو كان يعرف أنه بسببها سيتعرض للعذاب من أجل تبرير كل نوع من أنواع الرذيلة بما فيها القتل. (الهند الفتاة، 3-7-1924، ص 221)
... أنا انطلق من فكرة الاهتمام بمبررات النقد العملي وأسبابه. حيث وجدتها في الشعور بالظلم والإهانة وعدم الاعتراف. هذه هي نقطة الانطلاق لا يجب أن نفكر في الاحتجاج أو في النقد العملي باعتبارها أسبابًا نفعية أو مادية بل بالرجوع إلى مصطلح الاعتراف و انعدام الاحترام. بعد تمكني من ذلك رجعت إلى هيغل الذي ألهمني في صياغة أطروحتي. فهذه طريقة من الطرق للانخراط في التقليد النقدي مادام هيغل لعب دورًا كبيرًا فيه. لكن رجعت إلى هيغل الشاب حيث وجدت فكرة جيدة لديه مفادها أن المجتمعات تحافظ على استقرارها عن طريق صراعات مجموعاتها من أجل الاعتراف. فهذه الفكرة هي التي انطلقت منها لأطور أطروحتي حول الاعتراف، فجميع المجتمعات تتمحور حول دوائر الاعتراف التي بموجبها تسمح لأفرادها بالدخول في اعتراف متبادل....
أعتقد أنه يتوجب علينا أن نتناقش معًا، وأن نخوض بعمق في موضوع الآثار المترتبة عن الأسى، لنكتشف – من أجل أنفسنا – إمكانيةَ تعايش الحب والأسى. وأن نستكشف أيضًا ماهية علاقتنا بالأسى كبشرية، وليس فقط حزننا الشخصي اليومي، والجرح، والألم، والحزن الذي يتسبب به الموت. لقد خاضت البشرية آلاف الحروب، إلى حدٍّ يبدو فيه أن الحروب لا تنتهي. وفي كلِّ أنحاء العالم، تركنا أمر تحقيق السلام للسياسيين، إلا أن ما يفعلونه، إن فهمتموهم جيدًا، لن يجلب السلام أبدًا. فنحن جميعنا نحضِّر للحرب. وذات يوم، ستتفجر هذه التحضيرات في مكان ما من العالم. وككائنات بشرية لم نتمكن أبدًا من العيش بسلام مع بعضنا، مع أننا نتحدث دومًا وبكثرة عن السلام. كما بشَّرت الأديانُ بالسلام – بالسلام على الأرض وبالنوايا الحسنة – لكن يبدو أنه لم يكن بالإمكان تحقيق السلام على الأرض، وأنا لا أعني هنا الأرض الفرنسية أو البريطانية، بل أرضنا. فنحن لم نتمكن يومًا من حل مشكلة قتلنا لبعضنا البعض. |
|
|