|
حـزنٌ
فـوضـويٌّ 1 إهـداء إلى
الذين دافعوا – ويدافعون – عن جيلنا
المغيَّب بدمائهم العزلاء – وأخص منهم:
والدي، الذي علَّمني أن الأمل ينبت بريًّا
في الضلوع كالتمائم. إلى
مَن زرعتِ الحنينَ في دمي كشقائق النعمان
لأكون بسيطًا وصافيًا كحبة عنب: أمي. –
عبد الوهاب مـقـدِّمـة يتغير
مزاجي حسب
الضوء والموسيقى أشعر
بالحرارة والبرودة معًا شيءٌ
ما يغمرني يُشعِلُني يفتحني
على الغياب يقسمني
سماءين ينسِّلني
كضوءٍ من جثةٍ يسحقني ويُبكيني ويرفعني على
جبلٍ يخترق الظهرَ يدسُّ
البحرَ بين الجلد واللحم ويملؤني كفرسٍ
تُرضِع الليلَ شجونَه يفتح
في جبهتي جرحًا أزرقَ الشفتين يهمسُ: آهٍ...
إنه الشعر اللَّعين ذاته يا
إلهي! لا
بدَّ أن أكتب... 11/2004 حـزنٌ
فـوضـويٌّ "ألا
أيها اللَّيل الطويل ألا انْجَلِ" –
امرؤ القيس "يا
ذا القروحْ... لوعدتَ
متَّ ووجهك الحافي يسير
إلى الطلول الشاحباتِ... وكم
رأيتك عاريًا من كلِّ حزنك يا
غريقْ..." 1 هَـجْـس في
عتم حزني الفوضويِّ تشدُّني
الرؤيا لماءٍ غامقٍ يتخثرُ فالحزن
ليلٌ غامقٌ والقلب
بابٌ للهبوبْ تمشي
ضلوعُ الأفق في
ساح اليدِ ليلاً
من السهد المعلَّق فوق
أعواد المشانقِ فالجفون
تحجَّرتْ والدرب
حبرٌ جاحظٌ كالموت
يثقبه الحنينْ ضلعي
عصاي إلى
التلمس والرؤى والروح
تعبُر في الظلامِ ولا
سبيلَ لنُرجِعَ
الوقتَ المدلَّى كالذبيحة في
الفناءِ لمهدِهِ لنعود
من جرف الغيابِ إلى
الأصابع من وراء النافذهْ والرمش
يرعش كالطيورْ والقلب
يهمس خفقَه للعائدين
على هواءٍ شاحبٍ كالذاكرهْ 2 في
مَـهَـبِّ الذَّاكـرة في
غمر حزني الفوضويِّ الليل
يعلو كالجنادب في الفناءْ والحزن
يصفُر في المدى للميتينَ أنِ
استفيقوا من
غياهبِ ليلكمْ من
غيب تاريخٍ يعرِّش في
الأصابع والطلولْ ولتصعدوا
تلَّ التوحُّد نحو
مبتدأ الغناءْ جثثًا
توزِّع نبضها وجدًا لروح
النائمين على الترابْ وفي
خفَّةٍ تطفو
كحلمٍ فاتحٍ لتعلِّق
الوردَ المخبَّأ في الصدور على
الجدارِ تداعب
الليل المندَّى في العيون وترفع
الثدي المدلَّى كالسماء
الطازجهْ كي
تُرضعَ الوجهَ الضرير عيونَه وتسيرَ
نحو غيابها بيضاءَ
يلفحها الحنينْ والموت
يرقُب دمعَها يجري
كغزلانِ السهول لوجهةٍ
في روحنا والجرف
في عتم العيون يُقطِّر
الملحَ المحمَّل بالصدى جثثٌ
توزِّع روحها سُحُبًا
من الضوء الأليف على
الضلوع النافرهْ كالخوف
في وجه القتيلِ وتنثني
كالماء فوق رياحها صلصالها
قمرٌ بسيطٌ كالمنامْ حان
الغيابْ سيروا
كرؤيا في دمي والقلب
يومض مثل ظبيٍ في
تلال الريح أرفع نخبكم من
ماء هاتيك الجبالِ ونبضكم
يطفو على ماء الوسادهْ والدمع
يجري كالخيول وراءكم والريح
ترفع عرفها الزهريَّ تصهل
في المدى أعناقُكم
سحبٌ تشفُّ شعورُكم
كرمٌ من العنب المحنَّى
بالشهيقِ الغيم
يخفيكم وراء سدودهِ فأسير
نحو ظلالكمْ فوق الثرى وأنا
أَسِيرُ الصَّوتِ في خُطواتكم جسدي
حصًى يُضنيه شوقٌ للفراتِ الزلُّ
يعلو من ضلوعي الحاسرهْ وأصابعي
غرَبٌ غريقٌ كالرؤى وحديْ
بقفر الليل أبكي
وردكمْ قلبي
وسادة كلِّ هذي الريح والليل
العَميْ والروح
تلعق ركبتي ودمشق
تكبر كالأنينِ المعدني الوقت
يغرس رأسه في وجنتي والظهر
محنيٌّ كبابٍ ثامنٍ فالسور
داستْه البنادقُ والحرسْ ما
من مجيبٍ للصراخ الآدميِّ: "اللحم
فوق السور ينضج للنسور
الواقفات على
دمي المنثور في
عتم الأزقة والسطوح
الواطئهْ" قلبي
يفتش عن غلاصمَ في الهواء لينشقَ
الضوءَ المشظَّى في
الجدار الخامسِ عشرون
سدًّا وسط روحي السائلهْ والخوف
يُعمي وجهتي الوجه
كهفٌ باردٌ والكفُّ
متراسٌ أخيرْ كان المنيُّ
يشدنا نحو السماءِ الحور
يغزلنَ المفاتن من
عيون الميتينَ رموشهنَّ
حبالُنا نحو التأمل والمماتْ فالصمتُ
يَنهش لحمنَا والذئب
يحرس أرضَنا من نفسها 3 ليلٌ
وراء كلِّ هذا اللَّيل الليل
يعبُر كفِّيَ المثقوبَ في
وجه السماء والحزن
ينتأ من فمي كقلادةٍ أو
وجهةٍ لِليلٍ كي يلقي حراشفَ
عتمه في
وسط حلمٍ فوضويْ الليل
ألوانٌ يغازل بعضُها بعضًا وأصابعي خشبٌ
لنافذةٍ تطل
على الصدى أو
لوحةٌ تتحرك مرَّتْ
شعوبٌ لونها كالشاي في
ماء المساء عيونها
عنبٌ أليفٌ ثوبها
صفصافةٌ سمراءُ من
أثر الدموعِ مشيتُ
كالفرس الأليفةِ بينها وشربت
من أيدٍ تخبِّئ
غيمَها للعابرين وصهلتُ حتى
سالتِ العتباتُ في
وجهٍ تلوَّن بالندى والعشبُ
سال على الضلوع رقصتُ كالطير
المهاجر في الأغاني والريح
ترقص حوليا وسهوتُ
ثم أفقتُ حين
سقطتُ دون حمامةٍ في
القلب تؤنس وحدتي فالقوم
تاهوا في الضبابِ وظلي
المعوجُّ يزحف حوليا الحلم
يصعد كالجبالْ والضلع
يسبح في الجدار كحكمةٍ تأويلها
يلغي جمالَ ظلالها مرَّتْ
مراكبُ في الهواء ظلالُها
رئةٌ لأرضٍ في
جبيني تنبتُ الحزن
ينضج في الضلوعِ وقلبيَ
المرفوعُ كالوجه القديم يلوِّن
الأشياءَ بالذكرى وبالنبض
الطريْ ها
قريةٌ منحوتةٌ وسط الصخورْ وهنا
ظلالٌ تنجب الضوء المدمَّى في
الحقول القمح
يزحف من صدورٍ هشَّةٍ فخَّارها
دمعٌ تجمَّد وانحنى وهنا
تنام صبيةٌ فيها
خيولٌ حالمهْ زهرٌ
وشمسٌ من دمي والياسمينُ
يعلِّق التاريخَ في
شفة الغريقِ الحزن
ينمو من
غموض البُوصلهْ نحو
الأزقة في يدي ينساب
من تحت الرموش سحابةً يعلو
كعشقٍ جافلٍ في
عتم روحي الفوضويَّةِ كالطلولِ
الغافياتِ وراء ظهريَ كالحرابِ
تعضُّني وتمط
قلبي كالمزامير الغريقةِ
في الحنينْ الليل
يزحف فوق أرضي ذيلُه
وتدٌ لأبواب السماء أشدُّه
وأعضُّه كي
يوقف الرؤيا ويمضي
كالسحالي في ثقوب النافذهْ لكنني
كالطير وجهي
موثقٌ نحو الحنينْ وحديْ بقفر
الليل أمشي نحو
مفترقٍ كفكِّ ميتٍ ضلعي
عصاي إلى
التلمس والرؤى في
ليليَ اللامنتهي 2/2005 شاي
الصباح أيها
الموت اتَّئدْ وابتعدْ فلم
أُنْهِ شايَ الصباح حبيبتي
هناك شعرها صفصافٌ
أصفر حانةٌ سربُ
حنين أطير
فيه كالقطا وأنفخ
الحلمَ في ضلعي الأحدب كهدبٍ
مقطوع سأبتكر
من ضلعي نفيرًا لقيامةٍ
غائمةٍ كعيون
الموتى وراء النافذة سأنفخ
فيه لحنًا شعبيًّا ليرقص
الجميع –
الأحياء والأموات – وسأرقص عيناي
سوداوان وقلبي
أخضر وأنا
أشرب شاي الصباح فيُغرِقني
الحنين فاتَّئدْ
أيها الموت اتَّئدْ وابتعدْ
قليلاً لأكملَ
كأسي وأرفعَ
رئتي رايةً لحربٍ
لم تقع 2/2005 شـرود ويكويني
حنيني لامرأةٍ كنت
سأحبها لو كنت في عالم آخرَ وقتها
سأكون باسم مختلفٍ ومزاجٍ
مختلفٍ وقتها
سيقع قلبي بين غمَّازتين والضوء
ينشرح على نهدٍ أصلب من
ورد أمِّي وذاكرتي
تهطل كحبرٍ وسط الماءْ يكويني
حنيني لأنثاي في البعيد فتقترب
ضلوعي بعضها من بعض تفرك
قلبي فتتقوس سماؤه وتهطل
أنثاي كالمنام لتمشط
قلبي كالقطط الأليفة –
وقتها سأرقب البحر بين قوسَي سرَّتها يتجه
صوب روحي فأحك
ريحًا على فخذها ليهدأ
دمي بين
أثداء الغيوم هناك ويسرق
منها شالَها أفقًا
لعالم آخرَ –
وقتها سأوسع قلبي لأغنيةٍ جديدةٍ
لا أحفظ كلامَها كغيمةٍ
خلاسيَّةٍ تحفظ
ماءَ قلبي وتقطره
كما تشاء –
وقتها سأغدو كاملاً لا
شيء ينقصني سأسند
جبهتي إلى نهدها لأتصيَّد
آلهتي بسهولة وسأقطف
ملكوتًا جديدًا أزرعه في
خوخ كتفيها –
كاملٌ أنا لي
قمرٌ فوق كتفي بسيطٌ
دون إسقاطٍ وداليةٌ
على نهدها وحمامتان
تظلِّلان المشهد وريحٌ
تئن في الجهات كلِّها ثم
تسري في ظهري كعمود ضوءٍ فأئنُّ: إن
شئتِ انقعي ليلك في نهديك واتركي
للخيل أن تعدو على سجيَّتها وقمِّري
قَمَري في سرَّتك ثم
اقْطريه كائناتٍ من ضوء تسبح
في الهواء واجدلي
الرياحَ عرائش لكتفيك وارفيعهما
سماءً للمؤمنين ليقرأوا
من جسدك سفرًا جديدًا 5/2003 وَجَـعٌ ينهكني
وجعٌ عتيقْ ولم
يعد الشعر يكفي لردم
دمي فوق المائدة لم
يعد الشعر قادرًا على
مصِّ خيط الحلم من
أحراش الكبد وهذي
الأرض اللعينة مازالت
تحتاج الكثير من
الدم الحرِّ لأرى
كفِّيَ فيها وأعدَّ
أصابعي مطمئنًّا ملعونةٌ
هذي الأرض ساقاها
الوحشيتان كساقي
نعامةٍ معلَّقتان
في الغيم ودمي
يئنُّ مثل المنبِّه أعصابي
شجرة صنوبرٍ منخورةٌ ويدي
ترتعش كحمامٍ مذبوح صداعٌ
مدمِّرٌ ينهش رأسي والشعر
لم يعد يُسكِرُني قصائدي
المخنَّثة الثائرة ترقد
حولي جثثًا زرقاء تبحث
عما يبرِّرها وأنا
أبحث عن شيءٍ قديمٍ في
دمي لألهي
روحي به يا
إلهي! كم
أود أن أعجن هذي السماء وأبريها
لتكون أقل ترهُّلاً سأحملها
رمحًا بدويًّا لنحيي
ذكرى الدون كيشوتي وسنحرِّر
دمشق من
ظلال الأحذية الطويلة وسأمصُّ
نهدها البكر بمحبةٍ وأغرق
في لحمها المضيء أسبح
فيه حتى الرمق الأخير كم
هو جميلٌ أن أحسَّ أن
هذي الأرض اللعينة لي لأموت
على طرف ثوبها كما
أشاء بسيطًا
ونقيًّا كحبَّة
توت 19/6/2004 *
* *
|
|
|