موضوعنا كان الذات الوحيدة؛ الوحيدة بفعل أنها موجودة. تنتج عزلة الذات من
علاقتها مع الوجود. الذات سيدة الانوجاد. هذه السيادة هي القدرة على البدء،
والانطلاقة من الذات لا تكون لغاية الفعل، ولا لغاية التفكير، وإنما لغاية
الكون.
ثمَّ بيَّنَّا كيف يغدو التحرر من الانوجاد الغفل ترابطًا متلاحقًا مع الذات من
أجل التعيُّن. فعليًا، إنَّ علاقة التعيُّن هذه هي رزوح الأنا تحت عبء ذاتها،
وانهمام الأنا بذاتها، أو ما أسميناه: المادية. هكذا، تصبح الذات مكبَّلةً
بذاتها بعد أن أغفلت كل علاقة مع مستقبل أو ماضٍ، مكبلة بذاتها من خلال الحرية
الآتية إليها من حاضرها. هي ليست وحيدة لأنها لا تلقى نجدةً بل لأنها ملقاة
كطعمٍ لذاتها، ولأنها تقع في وحل ذاتها – هذه هي المادية.