وجه آخر... للحب
عادل
غالب المتني
يلاحقني مخلوق حيث ذهبت
في الصباح، وأنا أغسل وجهي، وطحالب أحلامي
أشعر به خلفي يزاحمني ضيق المكان
حيث أداعب همومي في العمل وحيدًا
يداعبني بأنامله وأطرافه الكثيرة
في المساء، في المقهى الكسول
يأخذ القهوة من يد النادل
يضعها أمامي، أحسهُ، ولا أراه
أمشي في شارع ضيق ببطء
ألتفت خلفي لأباغته
يقفز أمامي، ولا أراه
أرتمي على الأرض كجثة هامدة
أفتح عينيَّ على وسعها
أستنجد بكل حواسي
أشعر بكلتا كفيه
تحت رأسي
حين جلست خلف مقود سيارتي
يدٌ كحزام أمان
شدَّتني إلى مقعدي
لم أعُد ألتفتُ يمينًا أو شمالاً
ملاكٌ حارسٌ لا يفارقني
..
في المساء
أحضرتُ كأسين من الخمر
كأسًا لظلها الممشوق
وكأسًا لي
فراشة من حرير روحها تطوف حولي
صار المكان تفاصيل أنثى
أكاد أتحسس أكباش التوت بلونها الزهري
أطفأتُ رأسي
حملتُ جسدي الثقيل ورميتهُ على السرير
كان ظلها طريًا كأنفاسي
لفَّتنا العتمة
في غيبوبة النوم
جاءت من بعيد
تركضُ نحوي
شجرة التوت التي تركتها أمام بيتنا
ثلاثون عامًا تركض نحوي
ثلاثون عاماً تكتب رسائلها على أوراق صفراء صغيرة
وأنا، أدوس عليها وأمشي
لم يخطر ببالي – سامحيني - أن أتعثر برسالة على طريق
يا غبار المسافة
أكان الدمع في عَينَيَّ أكثر ذكاء منِّي؟
كم شجرة توت حرقناها في أرضها بدعوى السفر؟
عانقيني كما كنَّا صغارًا
عانقيني
..
في صباح اليوم التالي
قبل أن أغسل وجهي
وما علق على شفتَيَّ من عسل الليل
ملأتُ حفنة ماء ورميتها خلفي في الحمام الضيق
وأنا أخوض معارك يومي الصغيرة
لم أنسَ أن أنكز الغيم ليمطر
كل دقيقة
في المساء، كالعادة
ذهبتُ إلى المقهى كأنني على موعد
طلبتُ فنجانَي قهوة وزجاجة ماء كبيرة
قبل أن أشرب قهوتي
أفرغتُ زجاجة الماء على جذع لا أراه قربي، وفنجان القهوة
النادل الخمسيني
أشار بسبابته نحوي:
هنا، في هذا المكان
كانت تأتي كل مساء شجرة توت
تسال عن غريب.. لا يأتي.
4 يوليو 2018
*** *** ***
|
| |
Front Page
|
|
Spiritual
Traditions
|
Mythology
|
Perennial Ethics
|
Spotlights
|
Epistemology
|
Alternative
Medicine
|
Deep Ecology
|
Depth Psychology
|
Nonviolence &
Resistance
|
Literature
|
Books & Readings
|
Art
|
On the Lookout
|
|
|