|
ضـيـفٌ
لـم يـأتِ البـتَّـة تضاريس
الحب دائمًا
من جديد – ولو أننا نعرف تضاريسَ الحبِّ
أيضًا وباحة
الكنيسة الصغيرة ذات الاسم الشجيِّ والوادي
الصامت المهول الذي فيه ينتهي
الآخرون: دائمًا من جديد نتمشَّى نحن
الاثنين تحت
الأشجار العتيقة، نضطجع دائمًا من جديد بين
الأزهار، قبالة السماء. *
* * لأنِّي
لم أقبضْ عليكِ قطُّ أنتِ، التي
لا أقول لها إنِّي ليلاً أضطجع
باكيًا، التي
جوهرُها يجعلني متعبًا كمثل
مهد، أنتِ، التي
لا تقول لي حينما تسهر بسببي: كيف
نتحمَّل هذه الأبَّهة فينا
دون أن نرويها؟ تأمَّلِ
العشَّاق، حين
التصارُح لم يزل في مقتبله، كيف
سريعًا يكذبون. أنت
تصيِّرينني وحيدًا. فقط إيَّاكِ أستطيع أن
أبادل لهنيهةٍ
أنتِ، بعدئذٍ يكون الحفيفُ ثانيةً، أو
عطرٌ بغير بقيَّة. آخ،
في الذراعين فقدتُ جميعهم، أنتِ
فقط، أنتِ ستولدين دائمًا من جديد: لأنِّي
لم أقبضْ عليكِ قطُّ، أقبض عليك بقوة. *
* * داخل
الورود أين
لهذا الباطن خارج؟
فوق أيِّ وجع يضع
المرءُ كتَّانًا كهذا؟ أية
سماوات تعكس نفسَها في
البحر الداخلي لهذه
الورود المتفتِّحة، التي
لا همَّ لها؟ – انظر: كيف
مفكوكةً في مفكوك تمكث،
كأنما لا تستطيع قطُّ يدٌ
مرتجفةٌ أن تبعثرها. تكاد
لا تقدر أن تتماسك
بعدُ – العديدات امتلأن
وطفحن من
الفضاء الداخليِّ في
الأيام التي لا تنفك مترعةً
أكثر فأكثر تغلق نفسها، إلى
أن يصير الصيفُ كلُّه غرفة، غرفةً
في حلم. *
* * في
مقابل الأصياف لا
أريد أن أتودَّد إلى الحياة الضاجَّة ولا
إلى الأسئلة عن الأيام الغريبة: أشعر
كيف أحملُ بتلاتٍ بيضاء، وهي
ترفع في البردِ أريجَها. جمَّة
تنبثق من أراضي الربيع، في
باطنها تشرب جذورُها الأعماق، لئلاَّ
تقدر بعدُ أن تطوي الرُّكَب في
مقابل الأصياف التي
لن تباركها أبدًا. *
* * تلك
الغيمة تلك
الغيمة التي تصيخ السمع فوق الغابة – كم
تعلَّمنا أن نحبَّها، مذ
أدركنا كيف بسرعة مذهلة تهطل
كمطرٍ موقظٍ على
الثمار الحالمة. *
* * ضحك
خفيف خفيف الورود
الأولى تفيق وفوحُها
نَزِقٌ كمثل
ضحكٍ خفيفٍ خفيف، مختلسًا
بأجنحة السنونو المنبسطة، يمسح
النهار. وإلى
أيِّ مكان تصل لا
يزال الخوف هناك. كلُّ
لمعان حَيِيٌّ، ولم
يَصِرْ أيُّ إيقاع بعدُ أنيسًا، والليل
جدُّ جديد، والجمال
خَفِر. *
* * هذا
البيت الوحيد من
ذا الذي ذات مرَّة بنى هذا البيت الوحيد؟ ما
استطعت أن أسترق السمع في أيِّ مكان إليه. قمم
الأشجار أيضًا لا تتجرَّأ أن
ترفع حول سموِّه حفيفَها. *
* * القتل
القديم في
المتنزَّه: ميتةٌ كلُّ نأمة – والألوان
كلُّها لائذةٌ بالفرار، وحدها
التويجات القانية القانية ابتهلت... كأنما
كان على شقائق النعمان أن
تفشي القتلَ القديم دائمًا
من جديد، من
ولدٍ إلى ولد. *
* * لم
يأتِ البتَّة في
الأرض السهلة كان ثمَّة ترقُّب لضيفٍ
لم يأتِ البتَّة. ومرةً
ثانية تسأل الحديقةُ الوجلة، بعد
ذاك ببطء تشلُّ ابتسامتها. وفي
الأحراج المتكاسلة يُقفِرُ
مساءً الدربُ المشجَّر، التفاحاتُ
تفزعُ على الفروع، وتصيبها
كلُّ هبَّة ريح بالألم. *
* * والبيوت
كلُّها شاحبة أحيانًا
يحدثُ في الليل العميق أن
تسهرَ الريحُ مثل طفل وتأتي
عبر دروب الشجر وحيدةً، خفيضةً،
خفيضة إلى القرية، وتجسُّ
الأرضَ حتى حوض الماء، وعندئذ
تتسمَّع ما في الجوار: والبيوت
كلُّها شاحبة، والسنديانات
كلُّها بكماء... *
* * ما
عاد بعدُ واضحًا هذه
هي الحدائق التي أؤمن بها: حين
يصفرُّ التورُّد في مضاجع الأزهار، وفي
الرمل تحت الورق المنطفئ، ينساب
الصمتُ متخلِّلاً الزيزفون، فوق
حوض الماء من الدوائر المتألِّقة يعوم
بجعٌ إذ ذاك من جانب إلى جانب، وعلى
جوانحه البارقة يكون هو أول مَن
يجلب رقَّة القمر إلى
الشاطئ الذي ما عاد بعدُ واضحًا. ***
*** *** ترجمة:
عبد الرحمن عفيف |
|
|