لا تنظر إليَّ
راما وهبة
لا تنظر إليَّ
حتى يتمَّ جسدي دورته القمريَّة
في فيضك البحريِّ
وتلامس شهقة الجُّنون لجَّة الانعتاق الزَّرقاء
حتى تتفتح أصداف الملح بخضاب البرق
وتنعقد في محارات الغيب نطف السَّماء
لا تنظر... لا تنظر إليَّ.
*
الشطآن خارطة النِّسيان
والمراكب أشرعة الزَّوال
ونحن في التَّموج الفضيُّ للأحلام
في التَّوحد العشقيِّ لشبق البحار
ننتظر نشوة الغرق.
*
لا تنظر إليَّ
حتى تمتصَّ جذوري نسغ الضَّوء
وتتعمَّد أوردتي بنبيذ الفصول
حتى تتلو شمس المحال وصاياها على أصابعي
وتنضج بحمَّى جديلتي براعم النجوم
حتى تختم ربَّات الكروم رحيقها في دوار سرَّتي
ويرتعش صلصال اللَّذة بيننا
حتى يحلو في دمك قطاف فمي
لا تنظر... لا تنظر إليَّ.
*
كنت في السَّماء وحيدًا
متكئًا على عصا التَّكوين
حيث يهيم رسل الغاب بنبوءة المسرّات الضَّوئية
تسائل الرِّيح عن بوابات الشَّمس في مآذن الماء
عن مئزر الغواية في أشجار التِّين
وزيت المغفرة في مشكاة الله
قلتَ: أريدها ياقوتة ناريَّة في جسد بلون السَّحاب
أصابعها نفناف فجرٍ وعيناها غابات حنَّاء
وعلى العنق نجمة إيروسية تراقص مجون الشفتين
كتفاها تمتمات ريح... تعاويذ شفق
وفي دجى أسرارها تغرق أقمار الصَّهيل
وتبتهل هوادج الصحراء
قلتَ: كوني... فصرت منِّي
محمول فيَّ كغيب الينابيع القصيَّة
قلبك في قلبي وحيدين معًا
يتوقان لشهوة السُّقوط... للحظة العدم
فحتى نرتمي... وحتى نعود
حتى نرتشف رحاق الموت
ونصبح في ذروة العشق اثنين
لا تنظر... لا تنظر إليَّ.
*** *** ***