إن
ما نتوقعه من هذا السؤال هو أن يكون مناسبة لتقديم خطاب عن الميتافيزيقا. لكننا
سنتخلى عن ذلك. وبدله سنناقش مسألة ميتافيزيقية محددة. وبسلوكنا لهذا السبيل
ننتقل مباشرة إلى الميتافيزيقا. وبهذه الطريقة وحدها نوفر للسؤال الإمكانية
الحقة ليقدم نفسه. إن مشروعنا يتضمن، كخطوة أولى، الإعداد التدريجي لتساؤل
ميتافيزيقي. وسيحاول هذا العرض، فيما بعد، تهيئة السؤال، وسيختم بمحاولة تقديم
جواب عنه.
الإعداد التدريجي
لتساؤل ميتافيزيقي
إن الفلسفة، من وجهة نظر الحس المشترك، هي حسب كلمة هيجل، "العالم مقلوبًا".
ونتيجة لذلك فإن الطابع الخاص لمحاولتنا هذه في حاجة إلى أن يكون ذا ميزة خاصة.
وهذه الخصوصية تنتج عن الطابع المزدوج للتساؤل الميتافيزيقي.
فمن ناحية أولى نجد أن كل سؤال ميتافيزيقي يلامس دومًا مجمل إشكالية
الميتافيزيقا. بل إن هذا السؤال هو في كل مرة، هذا المجموع نفسه. لكن، لا يمكن
من زاوية ثانية، مساءلة أية مسألة ميتافيزيقية دون أن يكون الُمسائل - من حيث
هو كذلك - متضمنًا في السؤال، أي مأخوذًا ضمنه ومشمولا به.