تناقل
المؤرخون العرب أخبار ملوك العجم، وأشهرهم بهرام جور الذي نشأ في كنف ملوك
الحيرة، فأتقن العربية ونظم بها أشعارًا، وعُرف ببراعته في الصيد. بخلاف والده
"الأثيم"، حكم بهرام جور بالعدل، وقاد حملات واسعة انتصر فيها على الهنود
والروم والترك، وعاد ظافرًا إلى مملكته، وقضى غرقًا بينما كان يصطاد حمارًا
وحشيًا. استعاد الفردوسي سيرة هذا الملك الساساني في ملحمة شاهنامه،
ونسج نظامي كنجوي حولها قصيدة مطوَّلة تُعرف باسم بهرامنامه، أي كتاب
بهرام. عنوان القصيدة هفت بيكر، ومعناه الصور السبع، وهذه
الصور هي تلك التي رآها الأمير في صباه في قصر الخورنق بالحيرة، وكانت تمثل سبع
أميرات فائقات الحسن ينتمين إلى سبعة أقاليم.
المقدمة
تثبت لنا ملحمة جلجامش، يومًا بعد يوم،
أنها أكبر من مجرد نص أسطوري، فقد قدمت لنا الكثير من المعلومات الثمينة عن الواقع
التاريخي المعاصر لها. وفي بحثنا هذا سنحاول استثمار نص الملحمة في استقصاء رحلة
يمكن أن تعد أقدم رحلة بحرية مدونة في التاريخ. فبحسب علمنا ليس هناك نص يتكلم عن
رحلة بحرية يسبق من حيث الزمن النص المذكور في ملحمة جلجامش،
والذي يستوعب مجمل اللوح العاشر من ألواح هذه الملحمة،
فمعظم النصوص التي تتكلم عن رحلات كهذه متأخرة كثيرًا عن الزمن الذي دون فيه هذا
النص بما لا يقل عن عشرة قرون. ناهيك عن طوله الذي لا يدانيه نص آخر حتى مراحل
زمنية متأخرة حيث تنعدم النصوص المطولة إلى زمن هوميروس صاحب الأوديسة أو
حنون الفينيقي صاحب الرحلة التي اجتازت أعمدة هرقل ودارت حول ساحل المحيط الأطلسي
(بحر الظلمات).