توسُّع الوعي
تطوَّرَ في العقد الأخير اهتمام متزايد فيما يُدعَى بتوسيع الوعي. وتشكِّل
البؤرة المركَّزَة حول توسُّع الوعي جزءًا من مقاربة إنسانية داخل علم النفس
الذي وُلِدَ من تمارين التدرب على الإحساس، وحركة اللقاء، والعلاج الغشتالتي،
والمنهج الحيوي الطاقي، وقوالِب أخرى في توسيع احتياز الوعي للذات وللآخَرين.
وبما أن المنهج الحيوي الطاقي ساهم هذا التطور، وينتمي للمقاربة الإنسانية، فمن
الأهمية بمكان فهم دور الوعي الذي يقوم به في هذه المقاربة، فضلاً عن تقنياتها
في التوسُّع من خلال هذه المقاربَة.
علينا أن ندرك بالرغم من ذلك واقع أن هذه ليسَت فكرة جديدة في الثقافة
الإنسانية، لأن الثقافة هي نتيجة استمرار جهد الإنسان في توسيع وعيِه. فكل خطوة
تجري في حثِّ الثقافة للكمال – أي في الدين، وفي الفنون، وفي العلم الطبيعي،
وفي الحكومة، فهذا كله يمثِّل توسُّعًا للوعي. جديدة هي البؤرة الواعية للضوء
المسلَّط على الحاجة لهذا التوسُّع. وهذا العنصر الجديد يوحي إليَّ بأن أشخاصًا
كثيرين يختبرون الثقافة المعاصِرة، كعَرض ينفيهم ويحدُّهم، وإذاك هم يشعرون
بأنهم مخنوقون نفسيًا من خلال توجُّه أكثر مادِّيةً تدريجيًا. فالأشخاص يشعرون
بحاجة يائسة لتنفس هواء نقي، وإنعاش العقل والرئتين.
منظومة التاسوعية
تحقِّقُ النجمة ذات تسع النقاط مسحًا تخطيطيًا للعلاقة بين قانونين أساسيين في
الصوفية (السرانية). قانون الثلاثة (الثالوث)، الذي يتماهَى مع القوى الثلاث
الحاضِرَة في بداية أي حَدَث، وقانون السبعة (الثمانيات) الذي يحكُم مراحل
تنفيذ هذا الحَدَث بمقدار ما ينبسِط هذا الحدَث في العالَم الفيزيقي.
يُمثِّل مثلثٌ داخلي قانونَ الثلاثة في التاسوعية. فالمثلث ينقل فكرة الحاجة
إلى ثلاث قوى من أجل فعل الخلق، وذلك عِوَضًا عن قوتين اثنتين مرئيتين هما
السبب والنتيجة أي (العلة والمعلول). حوفِظَ على هذا المفهوم في الثالوث
المسيحي للآب والابن والروح القدس، وكذلك الأمر بالنسبة للقوى الإلهية الثلاث
الفاعِلَة في الخليقة وفقًا للهندوسية، وتُدعَى هذه القوى بأسماء: براهما
وڤيشنو وشيڤا. ويمكن تسمية هذه القوى الثلاث أيضًا من خلال فعالياتها في فعل
الخلق على النحو: الخلاَّقَة، والهدَّامَة، والحافِظَة، أو أيضًا: الفعَّالَة،
والمُنفعِلَة، والمُوَفِّقَة (المُصالِحَة). أما غوردجييف وهو مَرْجِعٌ أساسي
في منهَج التاسوعية، فبِبَساطَة أطلقَ تسميةً لهذه القوى، على نحو: قوة
"واحِد"، قوة "اثنان"، قوة "ثلاثة". وكان صاحِبُ المُلاحَظَة التي تُشير إلى أن
الإنسانية عمياء إزاء هذه القوة الثالِثَة.