|
دقيقة حكمة
ضمن منشورات المكتبة البولسية صَدَرَ كتاب دقيقة حكمة الذي نَقَلَه إلى العربية عن أصله الإنكليزي الأب رفعت بدر. وهو يضمُّ سلسلة من الأقاصيص المقتضبة جدًّا، ينطوي كلٌّ منها على عِبرة ذات أبعاد روحية وميتافيزيائية. وإذ هي مستقاة من سياقات دينية روحية متعددة، فإن شخصية جامعة تشكِّل قاسمًا مشتركًا فيما بينها جميعًا، هي شخصية "المعلِّم". وهذا الأخير ليس سوى الرمز إلى الحكيم أو النبي أو المرشد الروحي في كلِّ دين؛ فقد يكون المسيح في نصٍّ، أو البوذا في آخر، أو محمدًا في ثالث، أو كريشنامورتي في رابع، أو أيضًا حاخامًا، يهوديًّا، أو غورو هندوسيًّا، أو ناسكًا مسيحيًّا، أو صوفيًّا مسلمًا.
ومما جاء في التقديم للأب د. رفيق خوري أن الحكيم أو المعلِّم يتحدَّاك في شخص تلميذه. إن التلميذ على حقٍّ في ما يقول وما يعترض عليه. إنه متأكد من منطقه، لا يساوره أدنى شك: "أليس ما أقوله واقعًا، ومنطقًا، وحقيقةً، وبداهة؟" هكذا يعتقد، وهكذا تشاركه الاعتقاد، ولا أحد يلومك أو يلومه. ويأتي المعلِّم ليقول "لا" في لطف وخفة ظلٍّ لا تخلو من الدعابة. إنه يتحداك من غير أن يُذِلَّك، ويقنعك حقًّا، وبسرعة، من غير أدلة أو براهين. [...] الكتاب كان جَمَعَ أقاصيصَه الأب أنطوني دي مِلُّو اليسوعي.* ومنها، على سبيل المثال، واحدة عنوانها "انسجام"، وفيها أن "المعلِّم" اصطدم بأحد تلاميذه لأن الأخير كان مصممًا على أن تتبع ابنتُه شريعة دينها لدى اختيار شريك حياتها. إلا أن "المعلِّم" انحاز إلى موقف الفتاة، قائلاً للأب: "عليك أن تفهم أن الحياة كالموسيقى. فهي مكوَّنة من الأحاسيس والمواهب، أكثر من القوانين." وفي أقصوصة "ريبة" أن أحدهم سأل عن كيفية التمييز بين معلِّم حقيقي وآخر زائف، فأجابه المعلِّم: "إذا لم تكن أنت نفسك مخادعًا فلن يخدعك أحد." وفي أقصوصة ثالثة تحت عنوان "انسحاب" سأل شخصٌ "المعلِّم" كيف يستطيع أن يساعد العالم، فردَّ عليه: - بأن تفهمه. - وكيف لي أن أفهمه؟ - بأن تهرب منه. - وكيف أساعد البشرية آنذاك؟ - بأن تفهم نفسك أولاً. *** *** *** * راجع في مكتبة معابر كتاب أغنية الطائر للمؤلِّف نفسه، بترجمة أديب الخوري، سلسلة "الحكمة"، دار مكتبة إيزيس، دمشق، 2000. |
|
|