|
في المعنى العالمي للبيئة
يأتي يوم البيئة العالمي هذا العام وقد زادت المشكلات (ذات الصلة) تفاقمًا. كل شيء يتغير باتجاه الأخطر. موضوع تغير المناخ تفاقم في ظل فشل الدول في تطبيق بروتوكول كيوتو، وعدم وجود نية حقيقية وجدية في الوصول إلى اتفاق جديد، أشمل، يخفف من الانبعاثات المؤثرة. التنوع البيولوجي العالمي إلى المزيد من التدهور. كمية ونوعية المياه العذبة تزداد تراجعًا مع زيادة التصحر... بالإضافة الى الزيادة في أنماط الإنتاج والاستهلاك وزيادة في السكان وزيادة في أوهام الحرية والرفاهية... إلخ. كل ذلك ولا تزال السياسات الدولية محكومة بنظام اقتصادي متحرر من أي قيد يترك للسوق أن يقرر وأن يتحكم في الموارد وفي حياة الأنواع كافة. يأتي يوم البيئة هذا العام (في 5 حزيران الجاري) بالتزامن مع صدور تقرير جديد عن فريق العمل التابع للأمم المتحدة يحدد خطط التنمية العالمية لما بعد العام 2015 والذي ما يزال يراهن على «محاربة الفقر في سياق التنمية المستدامة». يعترف التقرير الجديد بأن الأهداف الإنمائية للألفية عجزت عن إدماج الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة على النحو المتصوَّر في إعلان الألفية. وبالرغم من الفشل في حل مشكلة الفقر، يجدد الوعود بحلها بحلول العام 2030، بالرغم من توقعه زيادة سكان الأرض أكثر من مليار نسمة بحلول هذا التاريخ، تضاف إلى زيادة المليار الأخيرة! كل شيء تراجع في العالم إلا اشتراكات الهاتف المحمول التي ارتفعت من أقل من مليار العام 2000 إلى أكثر من 6 مليارات، بالإضافة إلى الزيادة الهائلة في اشتراكات الإنترنت وتوفير المعلومات. وقد أصيب معظم سكان هذا الكوكب بالتخمة من الاتصالات والكلام والمعلومات، في حين لا يزال أكثر من مليار يعانون من الجوع ويشتهون الرغيف. بالإضافة إلى ذلك، زادت الهوة بين الناس والبلدان في ظل استمرار عدم المساواة في الوصول إلى الموارد وفي نسب الاستهلاك. لا تزال الخطة الجديدة للتنمية لما بعد العام 2015 تراهن على ما تسميها «خمس نقلات تحويلية كبرى»، أولها «عدم تجاهل أحد». بالإضافة إلى تسليط الضوء على التنمية المستدامة. أي أن هذه الخطة لا تزال تراهن على اللعبة نفسها التي انطلقت من قمة الأرض في الريو العام 1992، أي التوفيق بين محاربة الفقر وحماية الطبيعة، من دون التغيير في الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية المسيطرة، ومن دون أي ذكر لأدوار وطبيعة الدول في هذه العملية. كما لا تزال تطالب الدول الغنية بتقديم «المساعدات» للدول النامية بدل تغيير السياسات والأنظمة! بالإضافة إلى المطالبة بإصلاحات خجولة لسياسات التجارة والضرائب. كنا نعتقد أن يومًا سيأتي يصبح فيه مبدأ «عدم تجاهل أحد» أكثر شمولاً. فـ«الأحد» في الفلسفة البيئية يشمل باقي الكائنات، وليس الفقراء فقط. وهذا هو المعنى الحقيقي لفكرة الاستدامة وللفلسفة البيئية الجديدة، التي لو تم تبنيها لكان بالإمكان حل مشكلتي الفقر والبيئة معاً. إلا أن أهداف ما بعد العام 2015، لا تزال تدور ضمن الحلقة القديمة نفسها التي تتحدث باللغة التنموية العقيمة نفسها المنتجة للمزيد من الكوارث. والتي لا تزال تراهن على المساعدات من البلدان الغنية للبلدان النامية بدل أن تتأسس على وحدة الموارد والحقوق والمسؤولية. تبقى قضية إحلال السلام ووقف العنف والحروب والنزاعات مسألة مركزية بالطبع، إنما وفق أية قواعد. فإذا كانت معظم الصراعات والحروب في العالم هي في جوهرها على الموارد ومصادر الطاقة، أما كان يفترض أن تخصص الخطط «نقلة تحويلية كبرى» تعتبر العالم كوكبًا واحدًا وموارده مشتركة ويفترض إدارتها وحفظ ديمومتها على هذا الأساس؟ بحيث يصبح أي مواطن أيضًا، هو مواطن هذا العالم، يعيش من كل موارده بقدر ما يتأثر بكوارثه (ككارثة تغير المناخ). فمتى يصبح للبيئة هذا المعنى العالمي فعلاً؟ *** *** *** السفير، 4 حزيران 2013
|
|
|