على حافَّة المستقبل: خيارات ما بعد المدرسة الثانوية

 

أديب الخوري

 

تتفرَّق الدروب وتتفرَّع الطرق بين المدرسة الثانوية والكلِّيَّة الجامعيَّة. وبين الطلبة الذين يلتزمون رصيف المفاضلة، وأقرانهم الذين يستقلُّون مركبة ضغوط الأهل، وأترابهم الذين يتبعون طريق رغباتهم الشخصيَّة،... تتباين الاتجاهات وتختلف معايير الخيارات.

ولكن، هل هناك حقًّا طريقة فضلى؟! هل هناك معايير أكيدة يمكن اعتمادها في الاختيار؟! وما هي إن وُجِدت؟...

أحاول إلقاء بعض الأضواء على أهميَّة هذه المرحلة وعلى بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد كلاًّ من الطالب وذويه على اختيارٍ أقرب إلى الصحَّة. فمقولة "الإنسان المناسب في المكان المناسب" لا تبدأ عند استلام الإنسان وظيفةً معيَّنة، كما يغلب الظنُّ، بل تبدأ قبل ذلك حين يدرس الطالب ما يناسب إمكانياته ومواهبه ورغباته.

بين المثال والواقع

في الحالة المثالية لا يتأخَّر اتخاذ القرار إلى هذه المرحلة ولا يُحصَر في لحظة أو في فترةٍ زمنية ضيِّقة هي الوقت بين صدور النتائج وانتهاء فترة التقدُّم إلى "المفاضلة". إنَّ اتِّخاذ مثل هذا القرار الكبير في حياة الفرد يُفترض أن يجري عبر جميع مراحل الدراسة بحيث يكون ناضجًا وجاهزًا في مثل هذه اللحظة. بمعنى أنَّ مرحلة الدراسة الأساسيَّة والثانوية هي أصلاً مرحلة تعلُّم من جهة وتمييز للإمكانيات والمواهب من جهة أخرى والدليل الأكبر على ذلك هو أنَّ خيارًا مبدئيًّا يجري بين هاتين المرحلتين (الثانوية العامَّة بفرعيها العلمي والأدبي، الثانوية الصناعية، الفنية، التجارية، الخ...) إنَّ هذا التوزيع للطلاَّب في الاختصاصات المختلفة والذي يجري عمليًّا بناء على مجموع الدرجات في الصفِّ التاسع هو توزيعٌ يُفترض، من حيث المبدأ، وفي الحالة المثالية، أن يكون أكثر حرِّيَّةً وأن يجري على أساس تمييزٍ دقيقٍ للموهبة والتوجه...

عمليَّة التمييز هذه واجبٌ يتقاسمه ويقوم به معًا كلٌّ من ذوي الطفل الذي سيصبح شابًّا على عتبة المستقبل، ومدرِّسيه وموجِّهيه ومديريه على امتداد أعوام دراسته، إضافةً إلى الشخص نفسه الذي يجب أن يتسلَّم بالتدريج، بدءًا من الصفِّ الأول الأساسيِّ وحتَّى الثالث الثانوي مهمَّة القرار الأخير.

يمكن أن نذكر في هذا المقام بعض الوسائل التي يجري اللُّجوء إليها في بعض المدارس وفي بعض البلدان والتي يمكن أن تكون مفيدةً في إجراء هذا التمييز:

-       سجلٌّ خاصٌّ لكلِّ طالب في المدرسة ينتقل من صفٍّ إلى صفٍّ ويصنِّف فيه مدرِّسو الطالب المهارات التي يتميَّز بها (يمتلك قدرًا كبيرًا من سرعة البديهة، شخصٌ مبادر، شخص قادر على حلِّ الألغاز الغامضة،...) والإنجازات الخاصَّة التي قام بها خلال رحلته الدراسيَّة (فاز في بطولة جري على مستوى المدرسة، حلَّ مسألة رياضيات عالية المستوى، حاول القيام باختراعٍ لأداة كهربائيَّة،...)

-       ملفٌّ خاصٌّ لكلِّ طالب يحتفظ به هو نفسه ويتضمَّن أهمَّ إنجازاته الشخصيَّة (رسم فنِّي أو عمل تشكيلي مميَّز، موضوع تعبير حاز على تصفيق المدرِّس والطلاَّب،...)

-       ملاحظات الأهل لبعض الأعمال التي قام بها أولادهم: (جمع أحد التلاميذ وهو في الصفِّ الثامن علب الكبريت الفارغة وصنع منها مجسَّمًا لشارعٍ في مدينة مع أبنية ودور وحديقة... آخر قام، وهو في الصفِّ الخامس الأساسيِّ، باصطياد بعض الذبابات ووضعها في زجاجةٍ فارغة وظلَّ يراقبها بعض الوقت... ثالث قصَّ قصبةً من حقلٍ وحرق داخلها وحاول صنع ناي،...)

إنَّ قيام طالبٍ ما خلال مراحل عمرية مختلفة بإبداء اهتمام أو بالقيام بأعمالٍ تخصُّ اتجاهًا معيَّنًا (موسيقا، طبيعة، الخ...) يمكن أن يكون مؤشِّرًا هامًّا إلى المجالات التي يمكن للطالب أن يتابع فيها دراسته، وأن تكون مجال عمله وحياته في المستقبل.

هناك العديد من الوسائل الأخرى التي يمكن اللجوء إليها بشكل أكثر تنظيمًا أيضًا، وهذا وحده موضوع بحثٍ آخر لن نذهب فيه أبعد ممَّا فعلنا.

الواقع القائم شيء آخر، إذ يغيب مسار التمييز خلال عموم مراحل الدراسة ليؤجَّل إلى فترةٍ محدَّدة. وتُستبعد الأساسيَّات التي يجب أن يقوم عليها هذا التمييز ليلعب مجموع الدرجات الدور الأعظم في القرار. يبقى هناك رغم ذلك هامش للاختيار وتبقى الأمثلة التي طُرِحَت أعلاه نقاطًا يمكن أن تفيد من أراد أن يختار أكثر ممَّا يُقاد.

فإذا لم تكن هناك ملفَّات منظَّمة تتناول أفضل الإنجازات، أو إذا كان الأهل أو الطالب لا يحتفظون بسجل للأعمال المميَّزة، فإنَّ الذاكرة يمكن أن تكون مفيدةً في كثيرٍ من الأحيان... فروايات الوالدة عن "شقاوات" ولدها حين كان صغيرًا، وأجمل ذكريات الطالب نفسه عن أسعد لحظات حياته في المدرسة يمكن أن تكون على سبيل المثال مؤشِّراتٍ هامَّة لماهيَّة شخصيَّته وبالتالي لما يمكن أن يتوجه نحوه في دراسته.

بين الموهبة والإمكانيات وسوق العمل

غالبًا ما يلعب العامل الماديُّ دورًا كبيرًا في تحديد الخيارات. ثمَّة رابطٌ لا شكَّ فيه بين الكلِّيَّة أو مجال الدراسة، وبين فرص العمل التي تقدِّمها، فخريج كليَّة الفنون لن يصبح جرَّاحًا وحامل شهادة المعهد المتوسِّط لن يكون أستاذًا جامعيًا. من الأكيد أيضًا أنَّ خريجي بعض الكلِّيَّات وحملة بعض الشهادات يضمنون إيجاد فرص عملٍ أكثر من حملة شهاداتٍ أخرى أو خريجي كلِّيَّاتٍ أخرى، حتَّى أنَّ هناك نظرةً شائعة - وهي فكرة موجودةٌ في كلِّ زمان وفي كلِّ البلدان - تصنِّف الكلِّيَّات والمعاهد بشكل مرتَّب وفقًا لما يمكن أن يكون عليه الدخل المادِّيُّ لخريج كلِّ كلِّيَّة أو معهد.

أعتقد أنَّ هذه النظرة غير صحيحة كليًا وأنَّ مَن يرى من خلالها يشبه مَن يرى بعينٍ واحدة، ذلك أنَّنا إذا نظرنا من منظورٍ ماديٍّ بحت، وجدنا أنَّ دخل الطبيب ليس دخلاً ثابتًا عند جميع الأطباء، والأمر نفسه ينطبق على أيَّة مهنةٍ أخرى. هنا يمكن أن نرى العلاقة بين الموهبة والإمكانيات من جهة والدراسة والعمل من جهة أخرى: إنَّ طالبًا يمتلك موهبةً واضحةً في الرسم وغير قادرٍ على حفظ أسماء مئات الأدوية، يمكن أن يصبح صيدلانيًّا فاشلاً إذا اختار دخول كليَّة الصيدلة بدلاً من كليَّة الفنون لمجرَّد أنَّ درجاته تسمح له بذلك أو لأنَّ والدَيه دفعاه إلى هذا الأمر أو لأنَّ الفكرة الشائعة هي أنَّ "الفنَّ لا يُطعِم خبزًا"!

ما أعتقد أنَّه صحيح هو أنَّ صاحب موهبةٍ حقيقيَّة في الرسم (أو الموسيقا أو الشعر أو الرياضة أو الكثير من المجالات الأخرى التي تُصنَّف في فئة الأعمال التي لا تُطعِم خبزًا) تُصقَل صقلاً مناسبًا في دراسة أكاديميَّة جيِّدة يمكن أن تفتح لصاحبها (وما زال الحديث في المجال المادِّي) مجالاتٍ رحبة واسعة أكثر ممَّا لو توجه إلى دراسةٍ "تُطعِم خبزًا" لكنَّها لا تناسبه!

لا بدَّ من الإشارة هنا إلى أنَّ الأمور لا تكون واضحةً جدًّا في معظم الأحوال، فهناك أشخاص يمكن أن يظنُّوا في أنفسهم موهبةً معيَّنة قد لا تكون حقيقيَّة والحذر وطلب مساعدة الآخرين واجبان ضروريَّان هنا.

يمكن تقديم مثال بسيط عن هذا الخلط عند بعض الطلاَّب: تسأل طالبًا أنهى تقديم امتحان البكالوريا: ما هو ميلك أو ماذا تحب أن تدرس؟ فيجيب: "الطبُّ أو طبُّ الأسنان، فأنا أحبُّ الطبَّ وهذه هي موهبتي وأعتقد أنني سأبدع في هذا المجال". تعيد السؤال: وماذا لو لم تحصل على مجموع الدرجات الكافي؟ فيجيب الطالب: "في هذه الحالة سأدرس هندسة معلوماتية أو هندسة مدنية،..."!

يبدو التناقض واضحًا هنا (إلا فيما ندر من الحالات) فالَّذي يريد أن يدرس الطبَّ لأنَّه يحبُّ هذا الاختصاص يمكن أن يغيِّر هذا الخيار إذا كان مضطرًا لذلك نحو الطبِّ البيطري أو التمريض أو العلوم الطبيعيَّة أو ربَّما علم النَّفس... أمَّا أن ينتقل الميل وتنتقل الموهبة من الطبِّ إلى المعلوماتية إلى الهندسة المدنيَّة بهذه البساطة فأمرٌ يدعو إلى الغرابة، وتشتدُّ الغرابة حين تكثر جدًّا في لوائح رغبات الطلاب في طلبات المفاضلة تقلُّبات من مثل هذا النوع في الرغبات.

لا أقول إذًا إنَّ من الممنوع أو من المحرَّم على الطالب أن يتنقَّل بين الرغبات كما يريد، لكنَّني أعتقد أنَّ تنقُّلاً من نوع المثال الذي ذكرته لا يشير إلى طالبٍ يعرف رغبته بل إلى طالبٍ يتبع معيار تسلسل الدرجات المبدئيِّ أو معيار تقييم المجتمع لمرتبة كلِّ اختصاص أو معيار الاختصاص الذي قد يدرُّ دخلاً أفضل أو بكلِّ بساطة إلى طالبٍ لا يريد أن "يضيِّع" على نفسه أيَّة درجة. وأدعو مثل هذا الطالب إلى الاعتراف – أمام نفسه – بأنَّ الأمر بالنسبة له ليس موضوع رغبةٍ شخصيَّة أو ميل أو موهبة، أكثر ممَّا أحاول أن أفرض عليه ترتيبًا غير الذي اختاره هو.

قبل تقديم ورقة المفاضلة

تبقى بعض النصائح البسيطة التي يمكن أن تكون مفيدةً لطالبٍ أو لآخر:

-       ليس هناك خيارٌ أفضل على نحوٍ مطلق، بل هناك خيارٌ أفضل بالنسبة لطالبٍ أو لآخر. أعني أنَّ دراسة الطبِّ البشريِّ مثلاً ليست أفضل شيءٍ يمكن أن يختاره الطالب، حتَّى لو كانت درجاته تؤهِّله لذلك، قد يكون خيارًا مثاليًّا للكثيرين ولكن ليس للجميع. إنَّ الطالب نفسه هو الذي يقرِّر ذلك.

-       كل طالب حالة خاصة. لا توجد قواعد مطلقة تفرض اختصاصٍ أو آخر. وإذا كانت هناك قاعدةٌ معيَّنة أو معيارٌ ما قد جعل زيدًا يختار دراسة الأدب فهذا لا يجعل من هذه القاعدة أو ذلك المعيار شيئًا منزلاً بالنسبة لعمرو. وعلى الأهل على نحوٍ خاصٍّ تفهُّم خصوصيَّة كلِّ ولدٍ من أولادهم.

-       هناك من الطلاَّب مَن حدَّدوا خياراتهم بشكل مسبق وأحيانًا منذ مراحل مبكِّرة من الطفولة. إنَّ إعادة النظر في الخيار في اللحظة الأخيرة أمرٌ مشروعٌ، بل ومطلوب أيضًا، ففي كثيرٍ من الأحيان يكون الخيار المبكر نتيجة تأثُّرٍ بشخصٍ ما أو بظرفٍ ما، وهو على الأغلب غير واعٍ لنفسه، فالذي اختار منذ مرحلةٍ مبكرة أن يصبح مهندسًا مدنيًّا (لأنَّ والده مهندس مدنيٌّ مثلاً) يمكن ألاَّ يعرف أنَّ هذه الدراسة تتضمَّن مقدارًا كبيرًا من الرياضيَّات، أو يمكن ألاَّ يعرف الكثير عن الاختصاصات والفروع الأخرى...

-       من المناسب جدًّا أن يحاول الطالب قبل تحديد خياراته التعرُّف على نفسه بشكل أعمق: يمكن ذلك من خلال طرح بعض الأسئلة: حول ماذا تدور اهتماماتي وتحرُّكاتي في الحياة؟ ما هي المواضيع التي اهتممت بها في المدرسة أكثر من غيرها، وكذلك في الحياة اليوميَّة؟ ما هي مجالات تفوُّقي وما هي نقاط ضعفي؟ فيمَ أنا جيِّد في الحياة؟ هل أنا مبدع، وفي أي مجال؟ هل أنا صاحب مشاريع؟ هل أنا اجتماعي؟ ماذا تتطلَّب دراسة هذا الفرع أو ممارسة هذا العمل وهل تتوفَّر بي تلك الصفات؟! على الطالب أن يطرح الأسئلة بدقَّة هنا، وأن يجيب بموضوعيَّة، ومن الحسن جدًّا أن يفعل ذلك مع أكثر من شخصٍ (صديق كبير، أهل،...)

-       إنَّ الاستئناس برأي الأقرباء كالمعلِّمين من أصحاب الثقة أو الأهل أو بعض الأقارب أمرٌ مفيدٌ جدًّا. وبشكل عام فإنَّ عادة التحدُّث مع الآخرين، ولا سيَّما صديق ناضج ومسؤول وموضع ثقة، حول مواضيع هامَّة ومفصليَّة في حياة المرء هي عادةٌ يحسن اكتسابها وممارستها.

-       في كثيرٍ من الأحيان يجهل المتقدِّمون إلى الجامعات تفاصيل الدراسات التي يختارونها، إنَّ معظم المتقدِّمين إلى كليَّة الآداب (لدراسة الأدب الفرنسي أو الإنكليزي مثلاً) يعتقدون أنَّهم على باب دراسة اللغة الفرنسيَّة أو الإنكليزيَّة ويجهلون أنَّهم سيدرسون مواد عن الشعر والقصَّة والمسرح والنقد الأدبي واللسانيَّات، بل إنَّ معظمهم لم يعرف كلمة "لسانيات" من قبل... من المفيد جدًّا أن يسأل الطالب قبل التقدُّم لاختصاصٍ معيَّن طلاَّبًا سبقوه إلى الكليَّة نفسها أو تخرجوا حديثًا منها. إنَّ معرفةً مفصَّلة في ماهية الدراسة المقبلة يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تقليل نسب الطلاَّب الذين يدخلون الجامعة ولا يتخرَّجون منها!

-       كثيرًا ما تلعب ظروفٌ آنيَّة عابرة دورًا هامًّا في تحديد الاختيار، يمكن لبعض الطلاَّب أن يختاروا فرع دراستهم على أساس ما اختار بعض أصدقائهم أو ربَّما واحدًا أو واحدةً من أصدقائهم، أو على أساس قرب الكليَّة من بيتهم أو من مدينتهم... أعتقد أنَّ على الطالب أن يفكِّر هنا في المستقبل أكثر ممَّا في اللحظة، وبمجمل حياته أكثر ممَّا في ظرفه الراهن.

قبل نقطة النهاية

صديقي الشاب...

الحياة لك، والمستقبل أنت!

سنوات الدراسة الجامعيَّة أعظم من معلوماتٍ تخزِّنها في عقلك، وأكثر من محاضرات وكتب ودفاتر ومصنَّفات، وأهمُّ من شهادة تلصقها على حائط...

سنوات الدراسة الجامعية هي سنوات تكوين علمي وثقافي واجتماعي، ليس اختصاصك غير جزءٍ يسيرٍ منه... وبقدر ما تهتمُّ بهذا التكوين، تنال الحياة وتكون المستقبل.

وفَّقك الله وسدَّد خطاك وأنالك مرتجاك.

*** *** ***

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني