المنهج الحيوي الطاقي

 

نبيل سلامة

 

مقدِّمة

يقوم الهدف من العلاج الحيوي الطاقي على مساعدة الناس في استعادة طبيعتها الجوهرية التي هي شرط لازب لكي يكونوا أحرارًا في حالة تظهر من خلالها الرشاقة (الظرافة)، والجمال اللذان هما سمتا كل العضوية الحيوانية التي يتمتع بها جسدنا. فالحرية هي غياب قيود داخلية لتدفق الأحاسيس. وبقدر ما هي الرشاقة (الظرافة) تعبير عن هذا الدفق في الحركات، فالجمال هو أيضاً تجلٍّ للتناغم الداخلي الناجم عن هذا الدفق (التيار). وهاتان السمتان تشيران إلى جسد سليم، وبالتالي إلى عقل سليم، فمقولة الجسم السليم في العقل السليم تنطبق تمامًا على عمل المنهج الحيوي الطاقي ككل.

وبالتالي، فالمنهج الحيوي الطاقي يسعى لمساعدة الشخص على انفتاح قلبه نحو الحياة والحب. وهذا الأمر لن يكون بالمهمة السهلة. فالقلب محميٌّ ضمن القفص الصدري. وتلقى محاولات الاقتراب من القلب مقاومة عنيفة سواء مصدرها نفساني أو جسماني. ويجب علينا فهم آلية هذه الدفاعات (المقاومة) والتعامل معها لكي نستطيع بلوغ هدفنا. وإذا لم نحقق هذه الغاية، فالنتيجة سوف تكون مأساوية حتمًا. لأن عبور الحياة بقلب منغلق، إنما هو كالسفر على متن سفينة عبر البحر وأنت محبوس في عنبر السفينة. وبالتالي، يغيب عنك الهدف الحقيقي من الرحلة، ألا وهو المغامرة والإثارة والمجد في أن تحيا. يظل ذلك كله أبعد من متناول الشخص ورؤيته. فـ

المنهج الحيوي الطاقي هو مغامرة اكتشاف الذات. وهذا الأمر يختلف عن تقصيات مشابهة حول طبيعة (الذات)، عند محاولة فهم الشخصية الإنسانية من وجهة نظر الجسد الإنساني. فمعظم الاستكشافات السابقة كانت تبئيرًا للعقل. فمعلومات قيِّمَة كثيرة تم الحصول عليها من خلال استقصاءات وأبحاث العقل، ولكنها في معظمها كانت تنسى أو تتحاشى أو تدع جانبًا الأرضية الأكثر أهمية من الشخصية: ألا وهو قاعدتها التي تقوم على أساس العمليات الجسمانية. لن يكلفنا الأمر الكثير الإقرار بأن ما يحدث في الجسد يؤثر بالضرورة على العقل، وهذا ليس بالشيء الجديد. ولكن الموقف الذي يتخذه المنهج الحيوي الطاقي هو أن العمليات الطاقية للجسد تحدد ما يحصل في العقل بالطريقة نفسها التي يحدد فيها ما يحصل في الجسد.

في عام 1975 أصبح المنهج الحيوي الطاقي معروفًا نسبيًا، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها خصوصًا في أوروبا، على الرغم أن مؤسس هذه المدرسة العلاجية العالم الكبير ألكسندر لوون - وهذه المدرسة تحمل علم النفس الرايشي في طياتها مع تطوير لأسسه ضمن منحى علاجي - لم يقم بتأسيس منهجه بهدف الربح المالي، وإنما كدمج علم النفس ونظرته الفلسفية للموجود الإنساني، واستنباط مبادئ علاجية فعالة لاستعادة الكائن الإنساني لطبيعته وحريته الحقيقيتين، وبالتالي إيجاد إجابات لصراعاته الأساسية.

لدينا في عمل ألكسندر لوون كتابه الذي نعتمده في دراستنا هذه أي كتاب المنهج الحيوي الطاقي[1]. ولدينا في هذا الكتاب محاولة في تنظيم يقوم منحاه على فهم العمليات الطاقية على قاعدة قوامها السلوك الإنساني، وبالتالي سوف نجد هنا أيضًا كما في التاسوعية سابقًا: خمسة أنماط سلوك أساسية تختلف الواحدة عن الأخرى بعملياتها الطاقية التي سوف نعمل على شرحها واحدة فواحدة في نهاية البحث تقريبًا.

ونرى الكتاب يتطرق أيضًا إلى المنحى الوظيفي الأمر الذي جعلني أستخدم غالبًا المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي، الأمر الذي يشير إليه مثلاً: معنى تموضع الغدتين الكظريتين فوق الكليتين، فلا معنى لمكان تموضعهما إذا لم ندرك أن موضعهما هو النقطة الأكثر أهمية في الجسم كمركز مضاد للشعور بالضغط والكرب estresse فتقوم بإفراز هرموناتها كاستجابة لحالة الشعور بالضغط والكرب. أساسًا هذا الشعور هو مظهر للشعور بالجاذبية بشكل خاص بالنسبة للكائنات الإنسانية الذين يتوجب عليهم مقاومة قوة الجاذبية عندما يقفون على أقدامهم. ومن الطبيعي أن هذا الأمر لا يمثل مشكلة بالنسبة للشخص الناضج، ولكن الشعور بالضغط وبالكرب قد يزداد بشكل كبير إذا ما حمل الشخص حملاً أو عبئًا هائلاً. وبالتالي يتم الشعور بهذا الـ estresse في المنطقة القطنية من الظهر حيث تكمن منطقة الغدتين الكظريتين اللتين تتفاعلان مع الحدث فتفرزان هرمون الأدرينالين الذي يعبئ الجسم باحتياطي قوى الجسد لمواجهة الوضع الباعث على الشعور بالضغط والكرب. وثمة مثال آخر ألا وهو تموضع الغدة الدرقية فوق الرغامى (قصبة الرئة) مباشرة تحت الغضروف الدرقي. وبنفس الطريقة التي رأينا فيها تموضع الغدتين الكظريتين للتفاعل عند حدوث الشعور بالضغط، فالغدة الدرقية متموضعة لكونها حساسة لعملية التنفس. وهذا يوحي لنا بأن إفراز هرمون التيروكسين tiroxina الذي يضبط النشاط الاستقلابي للجسم، فهو مرتبط بشكل مباشر بكمية الهواء الذي نتنفسه.

يعرف الطب هذه العلاقة المتبادلة منذ وقت طويل، وقد استخدم النشاط التنفسي لقياس مدى إنتاج هرمون التيروكسين.

إن نوعية التنظيم العضوي الحي للجسم لا يعمل كماكنة صلبة، وإنما يتفاعل مع الوسط المحيط بطريقة حساسة. فالأحاسيس هي حركات أو تيارات داخلية لاستثارة أو طاقة ناجمة عن مركز العضوية باتجاه السطح كاستجابة لمؤثرات العالم. وهذا التيار من الاستثارة يتبع مسارات معينة وفقًا لطبيعة المؤثرات. وعندما يبلغ التيار سطح الجسم نعي إحساسًا ونعطي اسمًا لهذا الإحساس. فمثلاً ذات مرة اختبر مؤسس المنهج نفسه أي ألكسندر لوون أثناء عمله على الجسد فأحس بموجة من الاستثارة تصعد من منتصف ظهره حتى الرقبة فأدرك أن شعر أعلى الظهر والجمجمة قد انتصب بفعل الموجة التي مرت من خلال أعلى الرأس ثم نزلت حتى أنياب الفم. فأحس بصوت دمدمة (هرير) يتضخم في داخله. ثم يصف الأمر أنه كان أشبه بموجة غضب حيواني عميقة، مثل كلب عندما يصرف على أسنانه ويستعد للهجوم. ويصف أيضًا كيف وعى هذا التيار من الغضب، وبوسعه تذكره دائمًا. إنني أذكر هذه الخبرة للإشارة فقط إلى ارتباط الطاقة الحيوية بوظائف الجسد والعقل والنفس والروح في كتلة جسمانية واحدة. فإن تيار الاستثارة عبر النسيج الجسماني ممكن لأن هذه الأنسجة هي على قدر كبير من السيولة بمعنى آخر مكونة من ماء مع مركبات عضوية واستقلابية فضلاً عن الأيونات المنحلة فيها.

الحساسية، والأحاسيس والحركات العفوية ليست أكثر من صفات جوهرية للنسيج الحي أي الحياة. ففي حالة الصحة تحدث هذه الوظائف بشكل حر، وتعطي للعضوية الحية الإحساس بالوجود والغاية من وجودها. فالمعنى الأساسي أو الجوهري هو ببساطة "أن تكون" الذي يمكن ترجمته على أنه "الشعور الجيد" أي "الهناء" في حالة التنظيمات العضوية الواعية. إن أي تشويش على التيار الطبيعي للاستثارة في جسم، يضعف الإحساس بـ"الشعور الجيد" (الحضور الحسن، أو الشعور بالهناء). وبالتالي، فالهدف من العلاج يكمن في استعادة تيار الاستثارة المُحَرَّر. كل الانحصارات (توقفات سيلان الطاقة) بالنسبة للعلاج ليست سوى حالات من انكماش في الأنسجة خصوصًا في الجهاز العضلي. فالشعور باللذة، و"الحضور الحسن" (الشعور الجيد) إنما هي إدراكات واعية لمسار حر للاستثارة. والألم، والقلق مرتبطان بانحباس لهذا التيار. فالانحباسات (توقفات سيلان الطاقة) تتسبب بها توترات عضلية مزمنة في العضلات الكبيرة المُثلَّمَة التي تكسو الجسد، وفي العضلات الملساء التي تشكل أنابيبًا متنوعة لداخل الجسم، ومن بينها الأوعية الدموية، ومجاري الهواء، والأمعاء، والرحم. إنه ليس بالعمل السهل أن نفك انحصارات الطاقة ونعمل على استعادة حرية سيلان تيار الاستثارة في الجسم ككل!

إن كل عضلة متوترة هي عضلة خائفة. الخوف يعادل الانكماش، ويجب أن يتم فهمه والإحساس به وإطلاقه. حالة الانكماش أيضًا هي ظرف محزن جدًا. ولكي يتم التحرر من الانكماش يجب أن يتم التعبير عن الشعور بالحزن. وثمة أيضًا الشعور بالغضب المكبوت في حالة الانكماش، ويجب الشعور به، وقبوله وتفريغه. أخيرًا وليس آخرًا، يصف المنهج الحيوي الطاقي كيف يمكن فعل ذلك.

مفهوم الطاقة الحيوية (الاهتزاز)

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

إن الطاقة متضمَّنَة في حركة الأشياء كلها سواء الحية منها أو غير الحية. ونعتبر هذه الطاقة في التفكير العلمي السائد أنها ذات طبيعة كهربية. إلا أن رايش أكد أن هذه الطاقة تستخدمها الكائنات العضوية الحية، وهي طاقة كونية أسماها بـ"الأورغون" وهو اسم مشتق من كلمة عضوية باللاتينية Organismo لا تملك طبيعة كهربية، وهي طاقة الحياة باختصار.

ولذلك نسميها بالطاقة الحيوية، ويتم الإحساس بها على نحو اهتزاز داخلي. وبالتالي فالطاقة موجودة في كل سياقات الحياة سواء في الحركات أو في المشاعر أو حتى في الأفكار...

لعل عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات هي القدرة التي تتمتع بها هذه الأخيرة في استخدام طاقة الشمس ودمجها فيها وتحويلها إلى أنسجة عشبية. أما الكائنات العضوية أو الحيوانات فتستهلك الطاقة الناجمة عن عملية تمثل الغذاء فيها مستخدمة في النهاية طاقة الأوكسجين في عملية احتراق الطعام، وإلى ما هنالك من عمليات عضوية داخلية.

بما أن الحمولة والتفريغ يعملان كوحدة، فإن المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي يعمل مع كلا جانبي المعادلة على نحو تزامني... فثمة مفهوم آخر يرافق الحمولة والتفريغ هو مفهوم السيلان الذي يشير إلى حركة داخل الكائن الحي، وأفضل تعبير عنه هو الجريان الدموي...

وعندما نأخذ بعين الاعتبار أن 99% من الجسم مكون من الماء، حيث يتكون قسمه الأعظم من أغلبية سائلة، فبإمكاننا أن نتخيل أحاسيسًا ومشاعر وانفعالات كما لو أنها تيارات أو أمواج لهذا الجسم السائل... فتحركات الكائن الحي هي أشبه ما تكون بأمواج بحيرة، مصدرها قوى داخلية....

بناء عليه، فالجسم عبارة عن نظام طاقي في تفاعل طاقي مستمر مع وسطه المحيط...

لقد ذكرنا آنفًا أن الإحساس بالطاقة كالإحساس بالنبض (الاهتزاز)، فهو يشير إلى ارتفاع في الحمولة الطاقية، ويتم الشعور بها في الشفتين اللتين تأخذان بالارتجاف وفي عضلات الساقين اللتين تسترخيان وتصبحان أكثر طاقية، وتأخذان بالاهتزاز الداخلي..

إن الاهتزاز هو تجل للحياة، فالجسد الحي ينبض، والاهتزاز مظهَر لخاصية النبض التي يتمتع بها النسيج الحي. وإذا لم يكن الشخص يخشى أن يفقد الضبط لنفسه، فالاهتزاز يصبح مرحبًا به كتحرر من الخاصية الصلبة لطبيعة العصاب!

لا يخشى الشخص السوي أحاسيسه خاصته، فخشية الأحاسيس هي علامة الشخصية العصابية. فنحن ما نشعر به.

يتعلق العلاج باستعادة الفعل الاهتزازي للعضلات الأمر الذي يقتضي ازديادًا للطاقة في الجسد خصوصًا في العضلات. وازدياد الطاقة في الجسم يتطلب أن يكون التنفس أكثر عمقًا.

اعتاد رايش على القول حول التنفس: "لا تفعل شيئًا"، فالجسد يعرف كيف يتنفس. وما علينا إلا الاستسلام إليه، وإذا لم نثق بالجسد فلن نثق لا بأنفسنا ولا بالطبيعة ولا بالله.

أحد الأمثلة لتجلي الصحة الانفعالية واختبار النشوة هو ما سوف يكون موضوع فقرتنا القادمة. وهو عبارة عن حركة اختلاجية لا إرادية ذات نمط خاص من الاهتزاز هو ما يسميه رايش بانعكاس هزة الجماع وهو ذو طابع شعور باللذة لأنه يضاعف من حركات الجسم في ذروة الفعل الجنسي من دون أن يكون هناك أي حمولة جنسية في الأعضاء التناسلية.

إذن نعود لموضوع فقرتنا "مفهوم الطاقة (الاهتزاز)". إن معظم الأشخاص لا يحسون بأقدامهم، وآخرون لا يحسون حتى بسيقانهم، وتنفسهم سطحي، الأمر الذي يسبب مستوى منخفضًا من الطاقة في الجسم وفقدانًا بالتالي للفعل الاهتزازي. ينجم عن هذا، حتى بالرغم من غياب إحساسهم بالكآبة، أن يفعل هؤلاء الأشخاص على مستوى انفعالي مكتئب، وبالتالي يعيشون ثابتين في الوظيفة الواعية وفي تمرين الإرادة وليس وفقًا لأحاسيسهم.

نعثر في كل مشكلة عصابية على جذور في الحالة الجسمانية من الإنهاك الاهتزازي أو المنع. امتناع عن الاهتزاز، امتناع عن الأداء، امتناع عن الوظيفة... الخ... وبما أن التوتر العضلي المزمن مسؤول عن الجسم المكتئب أو المحمل بشرط من نشاط في أعلى مستوياته! فالنشاط الاهتزازي للجسم هو قاعدة الحياة الحساسة. وبالتالي فالتحدي الذي يقوم عليه العلاج يكمن في إرجاع الجسم لحالته الاهتزازية، حالته الوظيفية، حالة حيويته الطبيعية، محررًا إياه من توتراته العضلية المزمنة التي تعيق تيار الاستثارة عبر الجسم. وعندما يحصل ذلك فهذا التيار يعبر الجسم مثل نهر يفيض عبر ضفتيه يزبد على الصخور في كثافات هائلة، يتراكض عبر مجراه في سرعة هائلة.

يتوجه العمل العلاجي إلى دفع المريض نحو الشعور بالصدمة، فهذه الصدمة تزعزع مؤقتًا البنية العصابية، وتسبب في حالات كثيرة اهتزازات وارتجافات. وهذا الأثر يمكن أن يصبح محوِّلاً ولكنه عموماً يفتح الباب جزئيًا.

البكاء العميق أيضًا في السياق العلاجي يؤدي إلى شعور بالاهتزاز يعبر الأنبوب الداخلي للجسم وللحبال الصوتية. وأخيرًا فالبكاء العميق يجعل القلب ينفتح على العالم...

انعكاس هزة الجماع

يشير الدكتور فريديريك بيرلز مؤسس العلاج الغشتالتي إلى أن بنية العصاب تتشكل من خمس طبقات. يسمي الأولى بـ"الكليشة" وهي (تكرار لنفس الحركات ونفس الكلام في اللقاءات والمناسبات... الخ). تأتي الطبقة الثانية وراء هذه وهي ما يسميها بـ"تأدية الدور" فهنا يكون الشخص كالممثل فهو مجرد مؤد لدور ما لا أكثر، كأن يكون طيبًا فهذا لا يعني بالضرورة أنه طيب وإنما يؤدي دور الطيب. وبعبارة أخرى يتصرف المرء في هذه الطبقة "كما لو أنه ذلك" ولكنه ليس ذلك!... فمن هو؟ إنه ذلك العصابي الذي ما زال يختبئ خلف طبقاته هذه... إذن فلنبحث عنه لكي نخلصه من معاناته، إننا الآن نقع في الطبقة الثالثة ويسميها بيرلز "المأزق"، وهنا يشعر المرء بأنه مسجون ضمن أمر ما، لا يستطيع الخلاص منه، ويشعر أنه ضائع تمامًا. وتتسم هذه الطبقة بسمة "الفوبيا" أو "الخوف" فهنا يتجنب الإنسان أمرًا ما على نحو دائم. وهنا يتلاعب الشخص مع العالم عوضًا عن معاناة ألم النمو. ففي هذه الطبقة يتحاشى المرء تمامًا مواجهة ألم المأزق. فخلف هذه الطبقة توجد الطبقة الرابعة والتي يسميها بيرلز بـ"الموت"، فهنا تظهر الطبقة على أنها موت أو خوف من الموت. وحالما ندخل باتصال مع هذه الطبقة ينبجس أمر ما. هذا الانبجاس يصبح انفجارًا. فطبقة الموت تعود إليها الحياة. وهذا الانفجار هو الصلة مع الشخص الحقيقي القادر على الاختبار والتعبير عن انفعالاته. وهناك أربعة أنماط أساسية لانفجارات طبقة الموت. فهناك الانفجار حزنًا عفويًا إذا ما كنا نشتغل على فقدان ما، أو موت لم يتم تمثله جيدًا. ونحن من دون شك نتذكر في سياق العلاج الحيوي الطاقي أهمية الوصول إلى "البكاء العميق". أما النمط الثاني من الانفجار فهو الانفجار في شعور بهزة جماع بالنسبة لأشخاص منحصرين جنسيًا (طاقتهم الجنسية محصورة أو متوقفة عند الأعضاء التناسلية فقط) وهذا هو موضوع فقرتنا، أي انعكاس هزة الجماع، وهو أمر علق رايش عليه أهمية كبيرة في بلوغ الشفاء الداخلي. أما النمط الأخير فهو الانفجار فرحًا وضحكًا. فالضحك أيضًا شأنه شأن البكاء العميق عامل شفائي بامتياز، يقود إلى الاتصال بالشخص الحقيقي أو النواة العميقة للكائن الإنساني.

إذن، نعود إلى النمط الثاني من الانفجار الذي أشار إليه بيرلز والذي جعل رايش منه الهدف العلاجي الشفائي الأخير. ألا وهو الوصول إلى ما أسماه رايش بـ"الانعكاس لهزة الجماع". يقول ألكسندر:

يكمن هدف العلاج بالنسبة لرايش في تطوير قدرة المريض على الاستسلام كليًا إلى الحركات العفوية واللاإرادية للجسم، والذي يؤدي بالنتيجة إلى استسلام لتنفس أكثر امتلاء وعمقًا على قدر الإمكان. وإذا ما تم ذلك فبوسع الأمواج التنفسية أن تولد تموجًا يدعوه رايش بالانعكاس لهزة الجماع.

آلية "انعكاس هزة الجماع"

هنا لا توجد حمولة، وبالتالي لا يوجد تفريغ، ولذلك أسماها رايش بـ"انعكاس هزة الجماع". وبما أن رايش كان يُعَرِّف هزة الجماع على أنها مختلفة عن القذف أو الذروة. فهي تمثل بالنسبة إليه ردة فعل لا إرادية للجسم ككل، تظهر ردة الفعل هذه في حركات إيقاعية واختلاجية.

وبالتالي عمل رايش على استنساخ هذه الهزة الحقيقية في تمرين أسماه "الانعكاس لهزة الجماع" عندما يكون التنفس حرًا بشكل كامل، والمرء في استسلام لكامل لجسمه... إذن، كما أشرنا أنه لا توجد في هذه الحالة ذروة أو تفريغ لأنه لا يوجد أصلاً تراكم للإثارة. وما يقوم به المريض إنما هو تحريك حوضه بعفوية إلى الأمام مع كل زفير، وإلى الوراء مع كل شهيق. وتنجم هذه الحركات بسبب الموجة التنفسية وفقًا لدورانها نحو الأعلى ونحو الأسفل متحركة من خلال الشهيق والزفير. وفي الوقت نفسه يقوم الرأس بحركات مشابهة للحوض مع الاختلاف بأن الرأس يتحرك نحو الخلف في فترة الزفير، وإلى الأمام في فترة الشهيق. ونظريًا فإن على المريض أن يتمتع بجسم حر بما فيه الكفاية لكي يستطيع الحصول على مثل هذا النوع من الانعكاس لهزة الجماع خلال جلسة العلاج، وبالتالي يكون قادراً للوصول إلى ما أسماه بيرلز "الانفجار" من خلال هزة جماع كلية في الفعل الجنسي. وبالتالي يجب اعتبار مريض كهذا سويًا على نحو انفعالي...

ثمة أمر يجب أن يظل واضحًا: إن الانعكاس لهزة الجماع ليس عبارة عن هزة جماع. فالانعكاس لهزة الجماع يحدث في مستوى منخفض من الاستثارة وهو حركة صغيرة الانتشار. ويتم اختباره كإحساس باللذة مع حرية داخلية تشير إلى ضآلة التوتر في الجسم.

تمرين التقوس

طوره ألكسندر لوون في "المنهج الحيوي الطاقي" كعامل مساعد لاستسلام أكبر للساقين والقدمين، ولإحساس أكثر رسوخًا بالاستناد على الأرض. ويُدعَى هذا التمرين بالقوس أو التقوس، ويُعتبَر وضعية أساسية للتوتر.

يشير الخط الموضوع فوق الرسم إلى القوس، أو التقوس الصحيح للجسم. والنقطة الوسطى للكتفين متموضعة مباشرة فوق النقطة الوسطى للقدمين، والخط الذي يوحد هذه النقاط هو قوس يكاد يكون كاملاً ويمر من خلال النقطة المركزية للمفصل الوركي.

عندما يكون الجسم في هذه الوضعية، تكون أجزاؤه في توازن كامل. ويكون التقوس (القوس) مشكلاً ومهيأ للحركة على نحو ديناميكي. ويكون الجسد على نحو طاقي محملاً من الرأس إلى القدمين. وهذا يعني أنه توجد سيالة من الاستثارة عبر الجسم. ويمكن الشعور بالقدمين على الأرض والرأس في الهواء، وفي الوقت نفسه ثمة إدراك لتكامل واتصال كليين... ويكون هذا التمرين عبارة عن وضعية توتر فإنه محمل على نحو طاقي، وتبدأ الساقان بالاهتزاز.

نستخدم هذه الوضعية لكي نجعل الأشخاص يشعرون بأنهم متكاملون ومتصلون، وأقدامهم مغروسة بثبات ورؤوسهم مرفوعة. لكننا نستخدمها أيضًا على نحو تشخيصي لكونها تفضح غياب تكامل الجسد مشيرة بدقة إلى مكان وطبيعة التوترات العضلية الرئيسية، وقد تم العثور بالتزامن مع اكتشاف وتطوير هذا التمرين على تمرين مشابه له يمارسونه في الصين ويُدعَى بـ"التقوس الطاوي" يسعى الممارس له أن يحصل على انسجام مع الكون من خلال توافق حركات الجسم مع تقنية التنفس.

الاتصال بالأرض Grounding

يمكننا القول حرفيًا إن تحليل المنهج الحيوي الطاقي قد تطور من الأرض إلى الأعلى، ولذلك علَّق ألكسندر لوون أهمية كبيرة على كيفية وقوف المرضى على أقدامهم إلى أي مستوى وصلت حساسية أقدامهم، وأي إشارات حيوية تظهرها. فدرجة الحيوية كانت تشكل مقياس الطاقة في أقدامهم.

آلية الاتصال بالأرض تقوم أولاً على الوقوف على القدمين مُبتعدَتَين، والركبتان مطويتان قليلاً والجسم مائل إلى الوراء، فهذه الوضعية تعطي شعورًا قويًا بامتلاك قدمين على الأرض. والبقاء في هذه الوضعية عدة دقائق وبعدها الانحناء إلى الأمام وملامسة الأرض من خلال رؤوس أصابع اليدين والركبتان مطويتان قليلاً والقدمان متوازيتان على مسافة ثلاثين سنتيمترًا تقريبًا، والمحافظة على هذه الوضعية لعدة دقائق يحرر اهتزازًا لا إراديًا في الساقين...

بما أن النشاط الاهتزازي للجسم الإنساني هو حركة عفوية يكون فيها الإنسان قادرًا على الإحساس بها، ويشكل هذا الإحساس قاعدة وعينا الذاتي، كما أن غيابًا كاملاً للأحاسيس يشير إلى جسم ميت داخليًا. وللسبب نفسه، فالقدمان الميتتان طاقيًا لا تملكان إحساسًا ولا تمنحان للشخص الإحساس بأنه متصل مع الوسط المحيط. أن يكون المرء على اتصال بالأرض يعني أن يكون على اتصال حسي معه. فالأرض حرفيًا هي المصدر ودعامة وجودنا، ولذلك نسمي الكوكب أمنا الأرض.

إن نوعية الوقفة على القدمين تعكس الشعور بالأمان وبالتالي، الدعم الذي تم تلقيه في السنوات الأولى من الطفولة. وتجارب متلاحقة تؤثر فيما بعد على نوعية الوقفة وكيفية البقاء على القدمين.

الشخص الذي لا يختبر ذلك الصنف من التجذر في سني حياته الأولى سيكون لديه الإحساس نفسه تجاه الحياة الخارجية. "هذه جذوري" يمكن ترجمتها أيضًا على نحو "هذا ما أنا عليه".

لدى أشخاص كثيرون يجري تعويض الضعف في السيقان بنمو زائد للأنا.

ذكاء الشخص متعلق بشكل مباشرة بدرجة ونوعية تجذره في الواقع أو في مستواه من الاتصال بالأرض Grounding.

يفكر الشخص المتجذر بجسمه كله، ومشاعره، وأحاسيسه تشارك بقوة بأفكاره كلها.

فقدنا جذورنا منذ بداية الحياة، عندما أحسسنا بالخوف وانعدام الشعور بالأمان بسبب غياب الدعم. ففي لحظات الشعور بالخوف تنسحب الطاقة من السطح وتتركز في الأجزاء الداخلية ضمن المناطق الأساسية أي الدماغ والقلب. وبالتالي، عندما تنسحب الطاقة من القسم الأدنى من الجسد بناء على اختبار الخوف مما يحصل هو فقدان الاتصال بالأرض الـ Grounding، عوضًا أن يكون الفعل من خلال قدمين في الأرض.

ومن الجدير بالذكر أن الفرد غير المتجذر كائن منعزل، انفصل عن شجرة الحياة، مخلوق من دون بيت، فالبيت بالنسبة لكل شخص هو جسمه خاصته. وبالتالي فما نحتاج إليه هو السقوط في الحقيقة، في حقيقة جسمنا وفي علاقتنا مع الأرض، ولذلك سوف نجد أنه من الضرورة بمكان التطرق إلى تمرين السقوط في نهاية هذا البحث.

ثقافتنا ثقافة فكرية، فإن معظم الأشخاص الذين يعيشون فيها يتوجهون من خلال الرأس. ويستخدمون إرادتهم عبثًا في مجهود لاستعادة حيوية أجسامهم، فالإرادة هي أداة الأنا الذي يبعد الشخص عن الاتصال بجسمه وأحاسيسه. لا يمكن حل هذه المشكلة في الرأس وإنما من الأرض إلى الأعلى، علينا بالأحرى أن نبدأ من أقدامنا.

إذن في المنهج الحيوي الطاقي ثمة موجتان تنفسيتان: واحدة صاعدة عبارة عن نبض طاقي صاعدة عبر القدمين الأمر الذي يقتضي انكماش العضلات الخاصة بالتنفس. والموجة الأخرى وهي نازلة عبر القدمين ويرافقها استرخاء العضلات. موجتان ذات طبيعة نبضية إيقاعية متساويتان فيما يتعلق بكثافة الحياة وامتلائها في داخل الجسم. فهذا المبدأ في قاعدة إثبات عام في المنهج الحيوي الطاقي الذي يحمِّل العينين بشكل مساوٍ تمامًا للتحميل في القدمين. ما أن يتحقق عمل مكثف على التنفس بطريقة أو بأخرى يشعر الأشخاص أن الحمولة الطاقية للقدمين قد ازدادت، ويروي الأشخاص عن تحسن ذي معنى في الرؤية أيضًا. ذلك أن عيونهم تبدو أكثر بريقًا وأكثر شدة.

يساعد تمرين الـ Grounding الشخص على أن ينفتح على الأحاسيس الأكثر عمقًا، وعندما يمارس تمارين تنفس والشعور بالاهتزاز الطاقي يحتاز على تجربة جسمانية كلية يمتلئ من خلالها بالحياة والطاقة. فهم مع شعورهم بأقدامهم تلامس الأرض وبواسطة الاتصال بالأرض يحسون أنهم متصلون بالجسم ككل.

ليس فقدان الشعور بالأمان هو الثمن الوحيد الذي ندفعه من أجل طريقة لحياة من دون جذور في الأرض. بالنسبة للأغلبية إن فعل المشي ليس نشاطًا باعثًا على الشعور باللذة في حد ذاته، وإنما هم يسيرون من أجل الوصول إلى ثمة مكان أو كمجرد تمرين لا أكثر.

إن الحركات الرشيقة (اللطيفة) هي السمة الأساسية للفرد المتصل بالجسم وبالأرض. وعندما يتحرك شخص بطريقة ظريفة فهو على اتصال بالإيقاعات الأكثر عمقًا للحياة. وفقدان الرشاقة (الظرافة) يشير إلى فرد غريب عن عالمه. وعوضًا عن استسلام إرادته في حركات انسيابية تراه لا يشعر بالأمان وفاقدًا للمرونة.

إنما تعود طبيعة الرشاقة (الظرافة) إلى الشعور بأننا نملك الدعم وحافز أمنا الكبرى أي الأرض.

قوتنا تأتي من الأرض مثلما هو الأمر عند الأشجار. فإذا ما تم قطع جذورنا مع الأرض، فسوف نموت، ليس موتًا جسمانيًا، وإنما موت طاقي أو روحي.

من الأهمية بمكان التأمل بكيفية عمل الجزء العضلي لمشط القدمين في إتاحة هذا الاتصال. ألكسندر يرى صورة موجة استثارة إلى أسفل من خلال الساقين في حركة حلزونية. وفي النهاية فإن الحركات الحية كلها لديها اتجاه حلزوني. فالحياة لا تحدث ضمن خط مستقيم. والجزء العضلي لمشط القدم هو مثل قمة شيء يقوم بتركيز وتفريغ الحمولة. يحصل التفريغ في حركة معاكسة نحو الأعلى من خلال الساقين وصولاً للمنطقة التناسلية. اختبر ألكسندر هذه الحركة الصاعدة عدة مرات، ومع ذلك لا يتوقف التيار عند الحوض أو المنطقة التناسلية فإن موجة العودة تتابع تحركها نحو الأعلى من خلال الظهر حتى الرأس. وثمة نقطة في قمة الرأس مواز للقمة للجزء العضلي من مشط القدم. وهذه القمة الأخرى تتمركز في فروة الرأس حيث الشعر يدور في دوامة حول النقطة المركزية التي هي الأخرى نقطة تفريغ.

ومن الجدير ذكره أنه كما القدمان هما مركز اتصالنا بالأرض فحدقتا العين لهما وظائف مشابهة للقدمين فالعين هي نقطة اتصالنا البصري مع العالم الذي نحن فيه.

ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الجسم يحتاج إلى توازن طاقي. فالحمولة والتفريغ الطاقيان يجب أن يكونا متساويين. وإذا ما كانت حمولة فرد تزداد إلى ما هو أبعد من قدرته على تفريغها فإن توازنه يختل وحركاته تصبح شواشية، ويشعر بالضياع. وإذا كان تفريغ الطاقة أعظم من عامل الطاقة الممتصة فالشخص يضعف ويموت.

أخيرًا وليس آخرًا، فالخوف عظيم من أن يصبح المرء منظومة أكثر حياة وأن يعاين الخوف أي خوفه الحقيقي، والحب، والغضب، والحزن، وأن يتخلى عن الدفاعات العصابية كسمة الطبع التي سوف تكون موضوع فقرتنا التالية. لدى المرء إذن خوف من الاستسلام للأحاسيس، وللحياة، وللجسم، وهذا واقع ذو طابع معدٍ ينتقل بالعدوى بين أفراد أجيالنا، الأمر الذي يجعل المرء يحقِّر الجسم على حساب العقل. وبالتالي فإن فكر الفرد هو أسمى من مشاعره وأحاسيسه، والقدرة أكثر أهمية من السرور، والفعل يعطي معنى للحياة، وليس أن يكون أي أن يوجد، أن يكون سعيدًا بذاته. هذا الموقف الذي يسم الشخص النرجسي الذي أصبح اليوم هو الشخصية المهيمنة في ثقافتنا المعاصرة.

علم الطباع الإنسانية

قبل أن نخوض في علم الطباع الإنسانية من منظور ألكسندر لوون الذي طوره عن معلمه فيلهلم رايش، وهذا الأخير اقتبس أو بالأحرى أنضج هذا المفهوم من خلال المعلم الأول زيغموند فرويد الذي رسم معالم طباع معينة وفق سيرورة نمو الليبيدو عند الطفل فأسمى هذه المراحل التي ميزت طبعًا خاصًا من خلال تفاعل الليبيدو في هذه المرحلة أو تثبته عليها فتمنح للطبع سمته العصابية. أولاً: الطبع الفموي؛ ثانيًا: الطبع الشرجي؛ ثالثًا: الطبع القضيبي؛ رابعًا: الطبع التناسلي. وإذا تحدثنا بلغة الغشتالت فالغشتالت يبدأ بالفموي وينغلق في التناسلي، إنه دائرة تشير إلى نضوج الكائن الإنساني لكي يمارس فعالياته بنجاح في المجتمع ككل.

والآن أتى رايش فطور الموضوع مع تركيزه على هزة الجماع كاملة تكون معيارًا للصحة السوية للإنسان، وبالتالي فإن بنى الطبع هذه ليست أكثر من آليات دفاع ذات طبيعة عصابية يتم فيها انحصار الليبيدو أو الطاقة الجنسية، وبالتالي إذا ما أردنا تحرير هذه الطاقة علينا أن نخوض في هذه المتاهة التي هي بنية الطبع وأن نعمل على تفكيكها حتى يتكامل الكائن الإنساني ككل، ويستطيع بلوغ هزة جماع كاملة تشمل الجسم بأكمله في موجة من النشوة تكون معيار الشفاء.

التحول الذي طرأ على نظرية نمو الليبيدو وتشكل الطبع عند فرويد هو ما يلي:

بالنسبة إلى رايش فما يميز تشكل بنية الطبع تكون بادئ ذي بدء ما يسميه بالدرع العضلي، وهو الذي يحتوي على عضلات ذات توترات مزمنة تحدد آليات الدفاع وبالتالي بنية الطبع ذا الميل العصابي. فهذه التوترات يتم احتباس الطاقة فيها وبالتالي لا تنساب عبر الجسم الأمر الذي يشير إلى مقدار صحته الداخلية.

في الحقيقة إن رايش يضيف مرحلة على ما أسماه فرويد بالطور الفموي، ويسميها رايش بـ"المرحلة الرؤيوية" ففي رأيه أن المنطقة النوعية الأولى التي يتصل من خلالها الرضيع مع العالم والمشاعر والأحاسيس كاستجابات تنشأ عن هذه المنطقة بالذات. وهذه المنطقة حساسة لدرجة أنها أول منطقة تتلقى الشعور بالصدمة من خلال تعابير الغضب أو غير ذلك ممن يحيط بالرضيع. ثم تأتي المرحلة التي أشار إليها زيغموند فرويد "المرحلة الفموية"... الخ.

أما الدرع العضلي الذي أشرنا إليه من خلال ما أشرنا إليه "العضلات التي تحوي التوترات المزمنة". وتبدأ أول ما تبدأ بالحلقة الرؤيوية حول الجمجمة ثم الحلقة الفموية ثم حلقة الرقبة ثم حلقة الحجاب الحاجز حيث تتسع منطقة الصدر بين حلقة الرقبة وحلقة الحجاب الحاجز. ثم حلقة الحوض والتي تحتوي أيضًا على منطقة البطن بين عضلة الحجاب الحاجز والحوض. وثمة حركتان أساسيتان واحدة طاردة نحو السطح أي الجلد حيث تتمركز الطاقة فتتجلى (العدوانية) أو (الانشراح) و(الشعور باللذة)، وأخرى جاذبة إلى المركز وتتصف بالانكماش والألم والقلق وتتسم بالهروب من مواجهة الخوف وتضاؤل مستوى الطاقة على سطح الجسم، والعمل العلاجي يتناول العمل على تحرير التوتر من أجزاء الدرع العضلي حلقة فحلقة كما أشرنا آنفًا، بدءًا من الحلقة "الرؤيوية" وصولاً إلى الأخيرة "الحوض".

هذا من جهة، والعمل على الحركة الطاردة من المركز، ومن جهة أخرى الجاذبة لخلق توازن ديناميكي وإعادة الكائن الحي إلى مساره السوي.

تطور من هذا كله مفهوم صديقنا الدكتور العالِم الكبير ألكسندر لوون بما أشار فتمايزت خمسة أنماط أساسية نستطيع استنباطها سواء على المستوى النفسي أو حتى على المستوى العضلي... ومن الجدير بالذكر الإقرار بأنه ما من أحد هو عبارة عن نمط واحد فقط، وإنما يضم مستويات متنوعة في شخصيته. ولكن أحدها يبدو أكثر تمايزًا من الأخرى وعلى هذا النحو فما يتطابق مع ما ذكرناه بالنمط الرؤيوي الذي يختص بالمرحلة الرؤيوية السابقة للمرحلة الفموية يسميها الدكتور ألكسندر:

1. بنية الطبع الفصامي (المجزأ)

الحالة الحيوية الطاقية:

إن الطاقة مقموعة دون البنى المحيطية للجسم، ولنعلم أنها بعيدة عن الأعضاء التي تقيم اتصالاً مع العالم الخارجي: الوجه، واليدان، والأعضاء التناسلية، والقدمان.. ونلقى هذه الأعضاء منفصلة عن المركز إلى حد ما لأن استثارة المركز لا تنساب مباشرة لهذه الأطراف، وهذه الأعضاء، لكونها محتبسة من خلال توترات عضلية مزمنة متموضعة في قاعدة الرأس، والكتفين، وفي الحوض، وفي مفاصل الورك. وبالتالي، تصبح الوظائف التي تقوم بها هذه الأعضاء منفصلة عن المشاعر الموجودة في مركز الشخص. ولذلك أسميناه أيضًا بالطبع (المجزأ).

المتلازمات النفسية:

ليس لائقًا الانطباع عن الذات أمام غياب التواحد مع الجسم فلا يشعر الشخص أنه متصل ولا أنه متكامل جسميًا.

الميل إلى الانفصال عن المستوى الجسماني من خلال غياب الاتصال الجسماني بين الرأس وباقي الجسم، مما ينشئ حالة من انقسام في الشخصية على شكل مواقف متناقضة. فمن الممكن على هذا النحو أن نلقى سلوكًا متعجرفًا وفي الوقت نفسه يكون وضيعًا، أو مثل سلوك عذراء إلى جانب سلوك عاهرة في الوقت نفسه أيضًا. وتعكس هذه السلوكيات انشطارًا للجسم إلى قسمين أعلى وأسفل.

يتصف الطبع الفصامي (المجزأ) بالحساسية المفرطة بسبب هشاشة محدودة تحيط بالأنا، وهي تعويض نفسي عن غياب الحمولة الطاقية المحيطية.

يظهر الطبع الفصامي ميلاً شديدًا لتجنب العلاقات الحميمة والفردية. وفي الحقيقة، فمن الصعوبة بمكان أن تستقر هذه العلاقات بسبب نقصان البنى المحيطة للاتصال.

إن إرادة الحث على الأفعال تعطي سلوك الفصامي صبغة اصطناعية فتتناول على هذا النحو التصرف الذي نسميه "كما لو أن" مما يعني كما لو أنه قائم على مشاعر، لكن الأفعال في حد ذاتها لا تعبر عنها.

2. بنية الطبع الفموي (الطفولي)

الحالة الحيوية الطاقية:

البنية الفموية هي حالة من حمولة طاقية منخفضة. فالطاقة ليست منحصرة على المركز فقط كما هي الحال لدى الفصاميين، لكنها تنساب حتى محيط الجسد ولكن بشكل ضئيل.

إن نقصان الطاقة والقوة هي الأكثر ظهورًا في القسم الأسفل من الجسم، لأن نمو الجسم الطفولي يحصل نحو الاتجاه الرأسي.

المتلازمات النفسية:

لدى الفرد ذو الطبع الفموي صعوبات لكي يعتمد على نفسه فهو ينزع لأن يكون عالة أو مدعومًا من قبل أحدهم. ومع ذلك، فهذا ميل يمكن أن يخفي وراءه موقفه الاستقلالي المفرط. فأن يدعم نفسه، ينعكس في الوقت نفسه في عدم مقدرته على البقاء وحيدًا. وثمة رغبة مفرطة في أن يكون برفقة أشخاص آخرين لكي يتلقى دفء محبتهم ودعمهم. إن الفرد ذا الطبع الفموي خاضع لتناوبات المزاج بين الكآبة والنشوة بسبب مستوى طاقته المنخفض. والميل إلى الكآبة هو السمة المرضية المميزة للسمات الفموية في الشخصية.

ميزة نمطية أخرى للفموي هي الموقف الذي يتبناه بأن الأشياء تنتسب له أي أن الآخر مديون له بها. ويمكن إظهار ذلك من خلال الفكرة بأن على العالم أن يسنده. إنه مركب ينجم بشكل مباشر عن تجاربه الأولى من الحرمان.

3. بنية الطبع المعتل نفسياً (المنزاح)

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة نمطان، والأجساد تتوافق مع هاتين البنيتين للمعتلين نفسيًا. فالنمط المستبد هو الأكثر سهولة لشرحه، ذلك أن النمط الآخر هو الغاوي أي الذي يغوي الآخر لكي يقع في إساره وتحت هيمنته... إذن لن نخوض في هذا النمط الفرعي من بنية الطبع المعتل نفسيًا، وإنما سوف نخوض ما ذكرناه بالنمط المستبد، فالحصول على قدرة أكبر من شخص آخر يحدث عندما يكون واحد في مستوى أعلى من الآخر. ففي هذا النمط ثمة انزياح واضح للطاقة نحو الطرف الرأسي للجسم.

بشكل عام ثمة تقلص واضح جدًا حول الحجاب الحاجز والخصر، الأمر الذي يوقِف نزول تيار الطاقة والمشاعر.

المتلازمات النفسية:

يحتاج الفرد ذو الشخصية "المعتل نفسيًا" لأحد ما كي يسيطر عليه، وبالتالي فثمة حد ما من الطبع الفموي في كل الأفراد "المعتلين نفسيًا".

وإذا ما نظرنا لحاجة هذا النمط للسيطرة عن كثب لرأيناها مرتبطة بخوفه من أن يُسيطَر عليه الأمر الذي يعني استخدامه.

الجنسانية موظفة بشكل ثابت في هذه اللعبة لبلوغ القدرة. فالمعتل نفسيًا غاو مع مظاهره في التحكم بالآخرين.

إنكار المشاعر بشكل أساسي هو إنكار للحاجات. فاستراتيجية المعتل نفسيًا يكمن في جعل الآخرين باحتياج دائم له، ولكي لا يحتاج التعبير عن هذه الحاجة فإنه يبقى دائمًا على هذا النحو فوق الآخرين.

4. بنية الطبع المازوخي

الحالة الحيوية الطاقية:

على خلاف بنية الطبع الفموي. فالمازوخي موهوب بمستوى عال من الطاقة التي تظل مع ذلك محتبسة بشكل قوي في الجسم، ولكن ليس بشكل مركَّز.

إن الأعضاء المحيطية هي أقل تحميلاً بالطاقة بسبب الكبت الداخلي الشديد، الأمر الذي بقدر ما يمنع من تفريغ الطاقة فكذلك أيضًا ينطبق الأمر على الإطلاق الطاقي، أي أن الأفعال التعبيرية تكون محدودة.

الكبت الداخلي من الشدة بمكان أنه يؤدي إلى انضغاط وانحلال قوى الجسم. يظهر الانحلال في الخصر، في حين يرزح الجسم تحت ثقل توتراته.

تتعرض الدوافع التي تتحرك نحو الأعلى، ونحو الأسفل للاختناق في الرقبة، وفي الخصر مما يؤدي إلى ميل قوي للتعبير عن القلق عند هذه الشخصية.

إن امتداد الجسم بمعنى الاتساع أو السعي لشيء خارج ذاته محدود على نحو كبير. كما أن الإقلال من الامتداد يؤدي إلى قصر في البنية الموصوفة أعلاه.

المتلازمات النفسية:

بسبب كون الكبت شديد، فالعدائية، وإثبات الذات يصبحان ضئيلين جدًا. وعلى عكس إثبات الذات، فالشخص المازوخي يُظهِر مشاعر ظلم وشكاوى. وهذا هو التعبير الشفهي الوحيد الذي يتمكن من الخروج بسهولة من حنجرة تكاد تكون مخنوقة. ويحل مكان العدائية السلوك الاستفزازي ذو هدف هو استجابة قوية بالشكل الكافي من قِبَل الشخص الآخر لكي يمتلك المازوخي فوق كل شيء الشروط للتحرك بعنف وانفجاري حتى في الحالات الجنسانية.

إن ركود الحمولة الطاقية الذي يسببه العنف المكبوت يؤدي إلى تكون الشعور بأنه "عالق بالوحل" وذلك باعتبار المازوخي عاجز عن التحرك بحرية.

إن موقف الإذعان والتودد هما سمتان مميزتان للسلوك المازوخي. وثمة على مستوى الوعي تمثل محاولته في أن يكون مُرْضيًا أمام الآخرين، ولكن هذه الحالة على مستوى اللاوعي مرفوضة بسخط، وذلك بسبب السلبية والعدائية. وعلى هذه المشاعر المكبوتة أن تُطلَق من جانب المازوخي قبل أن يتمكن من الحصول على استجابة مرحة أمام مواقف الحياة المتنوعة.

5. بنية الطبع الصلب

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة حمولة طاقية قوية على نحو يؤخذ بعين الاعتبار عند هذه البنية من الطبع وفي كل النقاط المحيطية للاتصال مع الوسط المحيط. فإن هذا يسهل اختبار الحقيقة قبل أن يتصرف.

كبته محيطي، ولكونه على هذا النحو، فبإمكان مشاعره الانسياب، ولكن ظهورها محدود.

المتلازمات النفسية:

إن أفراد بنية هذا الطبع هم بشكل عام دنيويون، وجشعون، وتنافسيون، وعدوانيون. أما الانفعالية فيتم اختبارها على أنها جانب ضعيف من شخصيتهم.

هكذا بمقدور شخص كهذا أن يكون عنيدًا، ولكن من الصعوبة بمكان إغضابه، ويأتي هذا العناد من غروره إلى حد ما، فلديه خوف من الإذعان لئلا يبدو بمظهر الغبي، ولذلك يظل متكتمًا. ومن جانب آخر، لديه خوف من أن يتسبب الخضوع لفقدانه لحريته.

إن الفرد ذا الطبع الصلب يواجه بشكل عام وسطه المحيط بشكل ناجح جدًا.

للختام

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

يكمن عيب تقنية التحليل النفسي تجاهلها للجسد، وذلك في محاولة هذه التقنية مساعدة المريض في التغلب على صراعاته الانفعالية. فإذا لم تقدم الأفكار التي تبرز خلال مدة العلاج أيَّ تجربة هامة للجسد، فستكون هذه الأفكار عاجزة عن إحداث تغييرات أكبر في الشخصية. كنت أرى غالبًا مرضى بعد سنين طويلة من العلاج بالتحليل النفسي، وقد توصلوا إلى معلومات كثيرة، ولكن إدراكهم ضئيل لحالتهم، وظلت مشاكلهم على حالها، ولم يجدوا حلاً لها. فالمعرفة تصير إدراكًا عندما تكون مصحوبة بالإحساس، وفقط إدراك عميق مصحوب بإحساس قوي يكون قادرًا على تغيير مستويات مكوِّنَة للسلوك.

من هذا المنطلق كان لابد في هذا المنهج من لجوء المعالج للتدليك أحيانًا لإطلاق التوترات من العضلات ذات التوتر المزمن. وكان لابد للجوئه لتقنية التنفس البطني العميق وتقنية الصراخ واللجوء للبكاء العميق وتفريغ الغضب من خلال ركل الأريكة في عيادة الطبيب، أو توجيهه ضربات للوسادة، أو حتى من خلال شده بين فكيه على قطعة قماش... الخ، وطور ألكسندر لوون تمارينًا عظيمة أغنت تقنية رايش العلاجية فأضحت مدرسة في حد ذاتها مؤسسها ألكسندر لوون التلميذ الروحي لرايش وأسمى ألكسندر لوون مدرسته بـ"المنهج الحيوي الطاقي" حيث يعلم المرضى أو التواقين تمارينًا حيوية كالقوس، وتمرين الاتصال بالأرض، وانعكاس هزة الجماع، وتمرين السقوط الذي لم نتطرق له، ويقف فيه المريض على قدم واحدة فوق فراش يستطيع امتصاص صدمة السقوط. فتمرين السقوط يعني الاستسلام للجسد على خلاف شعور الأنا بالهزيمة عند السقوط. فالعصابيون يخشون السقوط لأنهم بتركيزهم على الأنا تشكل الهزيمة بالنسبة لهم حالة السقوط نفسها التي لا يمكن تفاديها وهي إحدى أسرار الطبيعة، والجسد. ففي عملية السقوط ليس هناك استمرارية للمحاولة في السيطرة على الجسد وعلى الظرف المحيط وعلى الحدث وعلى حاجات الجسد... الخ، عوضًا عن ترك نفسه تنساب وسط تيار الحياة وتتخلى طوعًا عن الإرادة لتصبح مشيئة الكون التي تتوافق آنئذ مع حكمة الجسد في توجيهه نحو محيط الحياة اللامتناهي.

إذن باختصار، لابد من إشراك الجسد في العمل العلاجي إذا ما شئنا بلوغ شفاء حقيقي.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، الرسوخ في الجسد يعني التحرر من إسار العقل للوعي، والإحساس والشخص في حد ذاته. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يعني اتحاد الوعي بالانفعال كما هو من دون محاكمة أو شجب. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يتم من خلال الاتحاد بالانفعال أن يصير المرء هو الانفعال نفسه إذاك لا يكون ثمة سوى الانفعال والجسد هنا ليس أكثر من نابض بالحيوية أي حيوية الاهتزاز. الجسد هنا ما هو المرء عليه.

وفي أي حال من الأحوال الانفعال يصبح سامًا عندما يجري شجبه، وبالتالي كبته فيملأ الجسد بسمومه، ولا يجري التحرر منه إلا من خلال الوعي، ويصبح الانفعال إيجابيًا حاملاً للنعمة إلى كينونة الإنسان. وبعبارة أخرى، فالانفعالات السامة يمكن أن تصبح ترياقًا للجسد إذا ما تم التعبير عنها أولاً والعمل على تحويلها ثانيًا. إذن، يتحول الغضب إلى حنان، والاكتئاب إلى ولادة جديدة في فرح الوجود، واليأس إلى أمل، والضياع إلى إيمان حقيقي كلها قائمة على سياقات بيولوجية للجسد نفسه.

للتلخيص

الهدف من تمرين "الاتصال بالأرض" هو الإحساس بحيوية القدمين والسماح لموجة الاهتزاز الطاقية بالعبور من خلالهما مع استخدام الصوت والتنفس البطني العميق وتحريكهما وفقًا للإيقاع النبضي للاهتزاز. فالنبض يبعث بالاهتزاز، وتظهر من خلال هذا الأخير الطاقة الشفائية للنفس والجسد.

اختبار وتعليق

يذكر ألكسندر لوون مؤسس المنهج أنه حين كان في منزله على الشاطئ، أخذ يتنزه على الشاطئ ذات يوم حين أتت موجة من الطاقة منبعثة من الأرض انسابت عبره على نحو أحس في أنه أصبح بوعيه (في جسمه) على ارتفاع عن الأرض بمقدار خمسة سنتيمترات، وأن الموجة عبرت شعر رأسه كله. وبالنسبة له فالشعور بالطاقة تنساب عبر الجسم هو ما نسميه بالتحقيق (تحقيق الذات العميقة).

في رقصة الدراويش (المولوية) نراهم يدورون بحركة دورانية من دون توقف تبدأ الحركة من القدمين وتشمل الجسم كله من الأسفل وإلى الأعلى. فالهدف الذي يجري تحقيقه في كل هذه الأشكال هو تحرك الطاقة من القدمين إلى أعلى، وهي تجتاز الجسد وتكمل الدورة عائدة إلى الأرض.

فائض الطاقة المتراكمة يؤدي للانحطاط على نحو شبيه بما يجري للمحيط عندما يترك نفاياته على الشاطئ عند حركة الجزر. وأما الاهتزاز فهو أشبه ما يكون بحركة المد الذي يأخذ معه كل النفايات حتى تراب الشاطئ بارتفاع المياه وامتدادها، وهكذا فالاهتزازات القوية توقظ السياق الطبيعي لشفاء الجسد والنفس.

اختبار وتعليق

يقول ألكسندر لوون:

هدفي هو جعل الاهتزازات تبدأ في القدمين، ومن صعودها عبر الجسد. فإذا ما ازدادت الحمولة في القدمين والساقين فإنهما تأخذان بالارتعاش بقوة. وهكذا يبدأ سياق الشفاء الذي تعمل على تهيئته الاهتزازات نفسها.

التنفس البطني الكامل يفعل مثل موجة تعبر الجسم صعودًا مع الشهيق، وهبوطًا مع الزفير، توترًا مع الشهيق، واسترخاء مع الزفير.

الرعشة أي هزة الجماع هي الخبرة الأكثر عمقًا والأكثر جسمانية لوحدة الإنسان مع جسمه والطبيعة والكون. الرعشة أي هزة الجماع هي المدخل البيولوجي لفهم الإحساس بالوجد الصوفي والذوبان في الكون والألوهة... الألوهة هي تلك الذروة التي يغيب فيها الصوفي في حالة من الوجد التي يعبِّر عنها الجسد المتواضع من خلال خبرة هزة الجماع... وهذه الهزة لا يمكن اختبارها من خلال لذة موضعية أو إثارة لحظية، وإنما في البداية هي استثارة ولذة تتحول إلى هزة هائلة وشعور بالنشوة يشمل الجسد بكليته في موجة اهتزازية حتى ذات طبيعة كهربية أحيانًا ولكنها أورغونية (نسبة لطاقة الأورغون أو البرانا طاقة الحياة) بامتياز كما لو كانت معمودية للجسد وولادة جديدة له. ونشاط حي وشعور عميق بالسلام.

*** *** ***

المراجع:

-        UMA VIDA PARA O CORPO

-        AUTOBIOGRAFIA DE ALEXANDER LOWEN

-        GESTALT – TERAPIA EXPLICAA

-        FREDERICK S.PERLS

-        LABIRINTO HUMANO

-        ELSWARTH F.BAKER

-       "BIOENERGETICA" المنهج الحيوي الطاقي

 

 


 

horizontal rule

[1]  المنهج الحيوي الطاقي، الكسندر لوون، ترجمة نبيل سلامة، معابر للنشر، دمشق، 2014.

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني