خربشات مفتوحة 1 *

 

دارين أحمد

 

صُوَرٌ مُضاعفة

 

امرأةٌ غبطتُها عُرْيٌ

وتنتظرُ

وحيدةً كالأزلِ

تضمُّ المآقيَ التالفةَ

وتبقى

وحيدةً كالأزلِ.

 

ما لعينٍ ترى عوائقُ

ولا لِصَمْتٍ تنحني الكلماتُ

لجلالِ صوتِه مسافةٌ مانعة.

 

مزهرٌ جسدُك بأريجِ عَمَادِه

والماءُ روحُها

ثَكْلى لن تكون

فَضَوْعُ عطرِك ابنٌ وأبٌ

وتلكَ الانحناءاتُ الفيَّاضةُ

من جسدِها

لا تتوهُ عن أطرافِ أصابعِكَ

الممتلئةِ رعدًا وغيمًا.

 

أكونُ ماءً فأعبرُ

أكونُ جسدًا فأعبرُ

أغرفُ من وحدتِها مقدارَ عُمْر

وأبكي وحدتي

حين تجأرُ صدوعٌ محرَّمة.

 

لكنكَ نارٌ – راسِمَ الصُّدوع –

وروحُكَ يحترقُ نصفُها

ونصفُها يتجمَّدُ

فلتصهرْ روحَكَ في قلبها

جسدُكَ يتشظَّى بين رغبتِه

ورغبتِكَ

فلتصهرْ جسدَكَ في رَحِمِها

تكنْ واحدًا فيها

تكنْ واحدًا بعدها

هي الوحيدةُ كالأزلِ.

5/2/2004

***

 

حكاية غراب أسود

 

أنْهَكَ الصعودُ جناحيه

وعَهْدَ الصمتِ الحزين

بوصوله بدأ الغناءَ والغيمةُ تسمع:

 

صديقتي العقيمة

أيمكن أن يتوهَ ريشيَ في صفائك

وينسى لونَه الموسوم؟!

عبثًا ناديتُ الكلامَ ودفءَ الملائكة

عبثًا امتزجتُ بنور الشمس وأفئدةِ الطفولة

يخافون منِّي كَلَيْلِ عيونِهم

يقولون: صوتيَ مفتاحُ الكوارثِ ولعنةُ الأذن

صمتُّ طويلاً كي ألامِسَ حبَّهم

وتحملَني ذراعٌ رشيقةٌ كحمامة

تُناغي ريشِيَ الأسودَ

وتدمدمُ أغنيةً قصيرةً

عن الحياةِ المستمرةِ وصديقِها

تدخلُ قلبيَ الصغيرَ فلا ترى جثةً

كانتْ طعامي

بل ترى خفقانَ السعادةِ المتموِّجةِ كالصحراء

التي أحب.

 

آه، حلميَ الصغيرَ

ابتلعَه السَّوادُ الذي يقاتلون

يخافونَ منه كَلَيْلِ عيونِهم

وأنا، إذ أنعقُ أحيانًا، أذكِّرهم أنِّي هنا

لم أنْسَهُم رغمَ السهام في جسدي والهرب.

 

طُوفي بي، صديقتي البيضاء

فلديَّ ما أقولُ لذاك الرجل

المهترئ حزنًا

سأعيدُ إليه بريقَ اللحظةِ الأولى

حينَ أشعلَ فيَّ الحلمَ الصغيرَ

سأعيدُ على أسماعِه صوتَه العذبَ

حين ضَحِكَ لصوتيَ الغريب وقلَّدَه

كان أكبرَ منِّي قليلاً وأصغرَ منه الآن بكثير

كان واسعًا كوحدتي الآن قبل أن تلبسَه العادة.

 

ظلِّلي سواديَ فيغدو أبيضَ

أم أن ظلَّكِ أسودُ كظلِّي

أمُتشابهان نحن –

أم أن الشمسَ والليلَ يوحِّدان بيننا؟!

21/2/2004

***

 

ساعيات للمشاركة

-       يبيِّن الفحصُ الطبي أن احتمال إصابتك بألزهايمر 98%.

تضحك:

-       هذه أعلى علامة أحصل عليها في حياتي!

-       وهل هذا مثير للضحك؟!

نظرة مشتَّتة أتقنتْها بطلةُ الفيلم.

ويبدأ وجه آخر للحياة بالتشكُّل.

أشياء "حقيقية" مكرَّرة نعرفها جميعًا، لكنها في مكان وزمان خاطئين (وِفْقَ ما أَلِفْنَاه).

تلعب أفكاري لعبة المقارنة، فتستحضر إحدى عجائز قريتي:

أتذكَّرها متعبةً من وضع كلِّ أغراض غرفتها الوحيدة خلف الباب المغلق كلَّ مساء وإعادتها إلى أماكنها في الصباح، خوفًا من زوجها الذي كان بطلَ كلِّ حكاياتها. أتذكَّرها وهي تروي لنا كيف أنه كسر أغصان التين واقتلع أشتال البندورة والباذنجان التي زرعتْها، وكيف أنه دخل إلى الغرفة وهي نائمة، ثم بدأ يمزِّق جسمَها بالسكين. أتذكَّرها فاتحة فمها البلاأسنان، مشيرةً إلى مواضع الجروح في اللثة، رافعةً يديها إلى السماء بالدعاء عليه.

وأتذكَّر أيضًا كيف كنا نستمع إليها، كاتمين ضحكنا مما تقول، وكيف كانت موضع سخرية القرية لعدة أيام مع كلِّ حكاية جديدة. وأفكِّر كيف قَضَتْ هذه المرأة عشر سنوات في عالم آخر مختلف، "حقيقي" مع ذلك، بكلِّ قصصه التي لا يقبلها منطقُنا السائد.

إذن، هاهي أفكاري تخرج من دائرة المقارنة لتلعب لعبة جديدة – دائرية ربما، لكنها لا تُحَدُّ – لأسألكم: ما هو الشيء الحقيقي؟

هل معرفتي بالأشياء – المادية مثلاً – هي أساس وجودها، أم أنها موجودة فعلاً – وبشكل جامد؟ كيف أدجِّن هذه الفكرة وأُدخِلُها حظيرة الكلمات؟

ولأني لا أريد الدخول من بوابة المقتطفات القصيرة البادئة بـ"أعلم"، ولأني أعلم أن مقتطفاتي القصيرة هي خربشات على بضع صفحات متناثرة في كتاب لا ينتهي بياضُ صفحاته، أنادي ألوانكم.

3/9/2003

***

 

عزف منفرد

 

تحية للجميع...

تحية خاصة لكلِّ من شاركوني بوجوههم.

 

كنتِ تعلمين

وجهُك لكِ وللآخرين

لماذا أخفيتِه؟

*

خروجٌ ودخولٌ معًا

يبدو أننا دائمًا على العتبات.

*

في كلِّ لحظة

في كلِّ قطرةِ كلامٍ أو تبخُّر صمت

كانت هناك طوبةٌ تسقط

لكننا نخافُ العُرْيَ.

*

مِمَّ جُبِلْتِ أيتها اللحظة؟

أتكفيني لشرحك بعضُ المعادلات؟

أم أنني سأضمُّك بلفافة ابتسامة

وأنحني أمام هامتِكِ كنجمة؟

12 تشرين الأول ‏2003‏‏

***

 

نوم لاعميق

 

كأني بقوم ما برحتْ أشلاؤهم تحدِّثُ عن يوم كانت فيه واحدًا.

قطعةٌ صغيرةٌ أنا، معجونةٌ بيدين سافرتا.

وبعد السفر، لا تتفنَّنْ بخلقي من بعد أن خُلِقْتُ، ودَعْني سائرةً إلى التصاق ما أذوي فيه كغيابك.

إذن، ستحضرُ، وقد لا – فحينًا تمتد آلافُ الأذرع من جهة واحدة.

كأني حضرتُ، ولم أحضرْ؛ كأن جذعي قُطِعَ، وبقيتْ جذور.

عُدْتُ موجةً لا تصلُ شاطئها. كيف توقِفني الصخورُ وأنا الماء؟

بكلِّ أشكالي، خذيني ضبابًا إليك، أيتها السماء.

لا شيء يَسَعُ حزني وفرحي إلاكِ – وحينًا هذه القطعة الغافية من اللحم.

4 تشرين الثاني 2003

***

 

ماذا عن الأنف؟

 

1

ليس من باب العيش في الماضي، وإنما لأننا – بالتأكيد – لا ننفصل عنه. فهو حاضر على هيئة تجارب ونتائج. ولكن ماذا عن حضوره الحسِّي؟ يعتمد البعض على الصور التي تُعتبَر مفتاحَ رؤيته عن طريق العين؛ لكنها محاطة بالجمود والعادة – أو على الأقل، هكذا أراها. قد يكون المفتاح أغنيةً أو صوتًا. الأذن أكثر حميمية من العين، ولكنها أيضًا مشروطة بوجود الصوت مع الحدث أو الحالة الماضية.

إنه الأنف – هذا الجزء المتواضع من الوجه. تكاد لا تشعر بوجوده، لكنه الأكثر أثرًا، كما على حاضرك كذا على ماضيك. ألم يحصل أن داهمتْك رائحةٌ ما، أبقتْك وقتًا، طال أو قَصُرَ، تقلِّبُ دفترَ دماغك متسائلاً: هذا يذكِّرني بشيء ما. والأغلب أنك، حتى لو لم تتذكَّر حَدَثًا، فإنك تعيش حالة يمكن أن تُعتبَرَ استقطاعًا من يوم رتيب.

ما دَفَعَني إلى الحديث عن الأنف هو قراءة بسيطة عن الروائح الصناعية واستخدامها التجاري – طبعًا بشكل غير مدروس، أو لِنَقُلْ مدروس، ولكن غير مسؤول. أعادني هذا إلى قراءة قديمة في أحد أعداد المختار التي تحدَّثَ فيها الكاتبُ عن حضور الطفولة من خلال رائحة أقلام التلوين. ومن جميل ما طرحَه قولُه ما معناه: أصبح بإمكانك شراءُ خراطيم مياه برائحة الكرز أو النعناع أو أية رائحة أخرى! أخشى غدًا وجودَ أفراد ينسون أن الكرز يأتي من شجرة!

دامتْ لكم أنوفُكم!

 

2

العطر – أعتقد أن الجميع قرأها، وأن الجميع، على الأغلب، حاول مَسْكَ الرائحة من مفصل الذراع.

للصدفة الجميلة أن تزامنتْ قراءتي الروايةَ مع زيارة لأحد الأقرباء في منطقة جبلية مرتفعة. خرجنا في نزهة إلى نبع قريب، حيث تملأ المكانَ رائحةٌ تنتمي إلى الكلِّ – كلِّ شيء هناك، من شجر وتراب وماء... لم أجرؤ على تلويثها بدخان السجائر.

غرونوي – ذاك القاتل من أجل الحياة! كم هو جميل حين اكتشفَ أن تلك المفرقعات التي تملأ السماء، ويهلِّلِ الناسُ لها فرحًا، ليست سوى بعض البارود، وحين التقطَ من الزحام رائحةً مختلفة، ليفاجَأ أنها رائحة إنسان، قبل أن تكون رائحة أنثى. وماذا فعل؟ قتلها ليحتفظ بها.

إنها قصة طويلة جدًّا.

3-5 تشرين الثاني 2003

***

 

كنيستي بحر!

 

كنيستي سماءٌ

يدُها الصغيرةُ شمسٌ تدور

عيناها أفقٌ سَكَبَ للبحر لونَه

جسدُها ترابٌ أسمر

للمساءِ احمرارُ وجنتيها

عندما تغطِّي عينًا بيد

وتتركِ الأخرى دامعةً

تُندِّي جفافَ الجسد.

8 تشرين الثاني 2003

***

 

عبث

 

مسَّني من محيَّا الفجر عبثٌ رمادي – فهل أصغيتَ إليَّ؟

أبتلعُ حزنَكَ، تاركةً وحدتَكَ والشمسَ لا لون لهما؛ وتنتظرُ وَقْعَ خطواتي لحين امتلائكَ بالمطر.

لا رعد يخيفكَ، لا برق يضيئك – راحلٌ في سُكناكَ، ومكانُكَ ثابت القدمين.

هلا عرفتَ معنى الدوران – عودةِ الأشياء من رَحِمِ موتها؟

وصقيعُ بردِك يُشعلُ نارًا من عينيكَ تُخرِجُها لآلئ حبٍّ.

وانتظارُ السَّواد ليس لونًا، والبياضُ امتلاءٌ بينهما.

لحظةُ الفجر الأبدية: أنا... وأنت... وَهُمُ – كلٌّ في طريق.

10 تشرين الثاني 2003

***

 

مُسَمَّيات

 

قسمًا بك

إلهَ البرق

لن أتركَ هدْبَك لاجئًا

في متاهات التراب

سأمتصُّ لعنةَ السماء كإسفنجةٍ

وأحترقُ بالضوء الأبيض

ليلاً

...

نهارًا

سأزورُكم نقرًا على زجاج النوافذ

ومحصولاً وافرًا من القمح

غَضَبًا سأزورُكم أيضًا

حين تمتلئُ جرارُكم نعمةً

تنتهي على حَوافِ الجِّرار!

سأكون طينًا خالدًا بزوالكم

وتكونون خالدين بزواله

برعمًا يتفتحُ بين أصابع طفل

يتصلَّبُ في يَدٍ قاحلة

...

اسمٌ واحد

يتضاعفُ بعدد عيونكم

يغيبُ منتشيًا

وكلُّ ألقابِه

في عينٍ واحدةٍ بيضاء

...

ينتهي الشتاء

أعودُ اسمًا واحدًا تعرفون

وآلافًا من الأسماء

لا تعرفون.

24 كانون الثاني 2004

***

 

مشهد صفر

 

(سابقٌ

يمنحُ الخطى

وِجْهَةً ما.)

 

-       عيناكِ فاضحتان كبوابتين مفتوحتين على غرفة بيضاء, كلُّ ما يتحرك فيها أراه. لا تستطيعين قول شيء آخر. ألا ما أشقاك!

توقفتْ عن الكلام، ومالتْ برأسها إلى أسفل، كأنها تستنجد شيطانًا يُعينُها على فهمِ ساذَجةٍ لا تقول شيئًا. فالغرفة بيضاء، وما يتحرك فيها أسئلةٌ لا تخرج في كلمات. كيف يمكن أن تفهم أكثر شيئًا واضحًا كصحراء؟

ذقنُها المدبَّبُ يتَّكئ على ذراع سمراء تحيط بالكرسي أمامي. مرَّ وقتٌ قبل أن ترفع رأسها بحركة مسرحية، مُطلِقَةً نظرةً صارخةً في وجهي:

-       لا يُعقَل هذا! يمكنكِ الفصل. بعض المِران فقط. انظري إليَّ.

رأيتُها تتحول من غاضبة إلى هادئة، تاركةً بَريقَ ذكاء قاهر يتحرك في مساحة العين الصغيرة.

توقفتْ عن التحوُّل وسألتْني:

-       أرأيتِ؟

أومأتُ برأسي أنْ نعم، بينما ابتسامةُ زَهْوٍ تنضج على وجهها المتعب.

ننمو باستمرار. نزيح قشور غطائنا بهدوء يمنحُ وقتًا لتَكَوُّن كائنٍ يتحمَّل العراء قسوة وجمالاً، ينطلق راكضًا في سهوله اللامتناهية. تأتي يَدٌ تنزعُ كلَّ ما يَسترُنا دفعةً واحدة.

نرتجف.

قد نستجدي، أو نغرق في بكاء يُعينُه أنْ لا أحد يرانا. وقد ننطلق قبل الأوان، فنسقط بعد قليل، وقد...

لوَجْهِ الحقيقة، لا أسهَلَ من التِحافِ غطاء جديد.

وبعد زمنٍ نزيحُ فيه قشرةً نضجتْ بسرعة، نحلم بتقبيل تلك اليدِ حاملةِ المصباح.

10 كانون الثاني 2004

***

 

القديس الأكبر في عيده

 

الكأسُ الأولى تعلنُ وجهيَ حديقةً للمطر.

 

الرشفة الأولى

جدَّتي، معروقةُ اليدين

حليبيةُ البشرة

تحتضنُ بدايةَ الرحلة

(كلَّ يوم أعاود رشفها، الرشفة الأولى.)

لا تتركْ شفتيكَ دون ماء

بلِّلْهما بالشمس، بالأرض

بندى الفجر أو غيب المساء

بقبلة.

 

الرشفة الثانية

إلهي، ذو الأصابع الرقيقة

يرسمُ الفناءَ جسدًا

وذاكرتين

تلتقي في يديه أصواتُ الخليقة

والنغمةُ الساكنة

(كلَّ يوم أعاودُ انتظارَها، الرشفة الثانية.)

لا تعتنقِ الكلماتِ

ابحثْ عن الصوتِ

لا تعتنقِ الصَّوتَ

ابحثْ عن الحياةِ فيه

وفيكَ عن الموتِ

لا تعتنقِ الموتَ

تجرَّعْ كاملَ الكأسِ

مرةً تِلْوَ مرة

فليس من كأسٍ ثانية.

 

فاصلة

على هداية يومٍ لا يفرُّ من حِبْرٍ مسكوبٍ برحمةٍ على هذه الأرض قلتُ للصبح حين مرَّ يزيِّن نافذةَ المكان:

كيف أمتشقُ روحَك هذا المساء وأصنعُ لخلقي نهرًا من السكون وقُبَلاً من قدسية الحقِّ المختبئ في العيون؟

لِمْ لا تظلِّلْ جفونيَ المتورِّمةَ انتظارًا وتُعلِّم حدقةَ العين طريقَ المرور في السَّواد الناعم الدائري؟

ثم، لِمْ لا تعطيني كلمةَ السرِّ لأنقلَ باطنَ يديك إلى مكانيَ الضيقِ في المساء؟

قلتُ لصَمْتِ الصُّبحِ وهو يبيحُ مكانَه هاربًا إلى شدَّةٍ تُحدُّدُ الأشياءَ وتعطي اليومَ قالبًا صغيرًا مربع الزوايا:

سأقفُ وأتركُ اللونَ يُفنيني

سأسيرُ على خطوطِ يديكَ جميعًا

أبدًا ما كنتُ مخروطًا ضئيلَ الحجمِ وحسب – لم أختبئ من رحيلكَ ولم أصمتْ عن بثِّ لعنةٍ خفيفةِ الوزنِ من اشتياقي إلى ظلِّك الخفيِّ المبتعد.

قلت للصُّبحِ حين مرَّ يزيِّنُ نافذةَ المكان:

كيف امتشقتَ روحيَ سكونًا وقُبَلاً؟

كيف مرَّرتَ حدقةَ العينِ في السَّوادِ الناعمِ الدائريِّ بلا علمي؟

كيف حضنتْني يداكَ دون كلمةِ سرٍّ في المساء؟

أمدُّ أصابعي أزاهيرَ تفوحُ انتظارَ أعناقِها لتُقْطَع.

هكذا هو مجيئك!

 

"ختام"

ابتهال إلى القديس الأكبر

لو ليلٌ يمتدُّ بيني وبينك فسيفساءَ فرحٍ وينبوعَ ذاكرة – عبورٌ يتوقفُ في نهايات الأصابع ينضحُ عالمًا من الأشياء الصغيرة بسكونٍ رائقٍ كلحظةٍ عالقةٍ في القلب تطولُ وتقصرُ متى تشاءُ وكيف تشاء.

لو حصةٌ أخرى لِوَجْدِ عشقٍ عتيق بدأ حين اكتملَ ندًى أبديًّا لأهدابه العطشى – زرعُه دفءٌ وحصادُه بتلاتٌ ناعمةٌ طافحةٌ بعطرها الأزلي.

وجهُك المتحوِّل وذاكرتي عينٌ واسعة – جرحٌ يهدهدُ ألمَه بحبِّ مَن وَجَدَ الحقيقةَ مضجعةً كعذراء سهول بعيدة نالَ نظرتَها ومشى.

لو رقصةٌ تَصِلُ الأرضَ بالسماء تنتشلُ المكانَ من علبتِه وترمي الاتجاهاتِ بضحكاتِ طفولةٍ تمدُّ يديها بين رَحِمٍ وقبر – سَيْرٌ كلُّ خطاه وصولٌ وواحدةٌ فقط تغمرُ الدربَ هدوءًا يصبُّ في الروح ويملأ جعبتي خبزًا وماء.

لو ترنُّحٌ أيضًا "نبيذُه شَفَقٌ" ينهضُ من هنا يرقصُ بخفةِ الحلمِ إلهٌ مباحٌ لجمراتِ ضوءٍ تجتازُ أناقةَ الرَّصيفِ وتذوبُ في فوضى بحيرةٍ شتاتَ صنوبرٍ – لا تسأل من أين جاءتْ ولا تستجدي اتجاهًا.

14 شباط 2004

*** *** ***

 ملاحظة: هذه الخربشات مقتطفة من بعض ما نشرته دارين في معابرنا.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود