تردَّد
اسم نوح في عدد كبير من السور، وهو في الميراث الإسلامي "أول رسول بعث إلى أهل
الأرض". وردت قصة الطوفان بشكل مختزل في القرآن من دون تحديد لزمنه، وتركَّز
الحديث فيها على سجال نوح مع قومه طوال "ألف سنة إلا خمسين عامًا" (العنكبوت،
15). في شرحهم هذه القصة، ذكر أهل التفسير كمًّا هائلاً من الروايات والأخبار،
وتطرَّقوا إلى أصغر التفاصيل في عرض وقائع الحوادث التي عاشها نوح في رحلته
الطويلة. استعاد المصورون هذه الحوادث في مرحلة لاحقة، وباتت صورة نوح وسط
عائلته في الفلك نموذجًا إيقونوغرافيًا يتكرر في الكثير من الكتب المزوَّقة.
منذ
القديم، تاق الإنسان إلى الحقيقة. وكان ذلك التوق ناجمًا عن دافع داخلي نحو
تحقيق المعرفة والسعادة، وإلى يومنا هذا، مايزال الإنسان باحثًا عن حقيقة
وجوده، منقبًا عن أسرار الطبيعة والكون، طارحًا على نفسه تلك الأسئلة الأولية
التي تلخص الوجود وغايته: من أنا، كيف وجدت، ولماذا؟!
لئن كان الإنسان لايستطيع اليوم إلا أن يتمرد ويثور، معلنًا رفضه لكل تفكير
منغلق، لا ينفتح في محاولة مخلصة لمعرفة الحقيقة، فإنه في غمرة بحوثه وفي خضم
كثيف ومتشابك من الأسئلة والأجوبة، لايستطيع أيضًا التخلص من إلحاح سؤال يتصعّد
من أعماقه فارضًا نفسه! يتعلق هذا السؤال بشكل مباشر بقدرتنا على المعرفة...
معرفة الحقيقة.