رهانات العلم: حول النظرية الكوانتية

 

سيمون ڤـايل

 

هناك مفهومان خَلَقا هوَّةً بين ما كنا نعنيه بالعِلْم منذ اليونان القديمة وبين ما نعنيه اليوم بهذا الاسم؛ هذان المفهومان هما مفهوم النسبية ومفهوم الكَمّ أو الكوانتا quanta[1]. فالمفهوم الأول أحدث ضجةً كبيرةً لدى عامة الناس؛ بينما لا يكاد يُعرَف اسمُ المفهوم الثاني. يعود تاريخُ هذين المفهومين إلى بداية هذا القرن، وكانا مخرِّبَينِ بالطريقة نفسها، أيْ بإدخالهما في العلْم تناقضًا مقبولاً ومؤكَّدًا.

فيما يتعلق بالنسبية، ليس المقصود هنا النسبيةَ المعمَّمة التي تقوم على توسيعِ مفهومِ النسبية ليشملَ جميع الحركات، ذلك المفهومِ الذي لم يكُن الميكانيكُ التقليدي يطبِّقه سوى على الحركات المستقيمة أو المنتظمَة؛ وهي فكرة من شأنها بالتأكيد أنْ تقدِّمَ على الأقل مواضيعَ للتفكير لا حدَّ لغناها. المقصود هو النسبية الخاصة التي لم تكنْ تسميتُها موفَّقةً بتاتًا، لأنه قلَّما يكون لها صلة بمفهوم نسبية الحركة. إنها نظرية سهلة جدًا بمجرد أنْ نصرفَ النظرَ عن فهمها. فمن جهة، أدَّت أعمالُ كوﭙرنيكوس وكِـﭙلَر وغاليليه ونيوتن إلى إرجاع بعض الحركات إلى الأرض وإلى مختلف الأجرام السماوية؛ ومن جهة أخرى، توصَّـلَتْ سلسلةٌ من التجارب إلى قياسٍ ما لسرعة الضوء؛ وأخيرًا أدَّت بعضُ التجارب في نهاية القرن التاسع عشر إلى اعتبار سرعة الضوء ثابتةً في جميع الاتجاهات. وهذه النتائج متناقضة؛ فسرعةٌ منتهية لا يمكنها أنْ تكونَ ثابتةً في جميع الاتجاهات إذا ما قِسْناها ابتداءً من نظام موجود هو نفسه أيضًا متحركًا في جهةٍ ما. مع ذلك، ترجمَ أينشتاينُ في صيغ جبرية هذه الاستنتاجاتِ التي لا يمكن التوفيقُ فيما بينها وألَّفَ بين الصيغ وكأنها يمكن أنْ تكون صحيحةً معًا في الوقت نفسه واستخلصَ منها معادَلاتٍ. يتَّفق أنْ يَظهرَ الحرفُ الذي يمثِّل الزمنَ وكلُّ حرفٍ من الأحرف المقابلة لإحداثيات المكان الثلاثة بصورة تناظرية في هذه المعادَلات. لقد أحدثَتْ ترجمةُ هذه المعادَلات بلغة مبتذلة مفارقاتٍ أعطَتْ أينشتاينَ سمعةً سيئة، كمفارقة الزمن الذي اعتُبِرَ بُعدًا رابعًا.

ليست مفارقةُ الكَمِّ بأقلَّ حِدَّةً، وربما تكون أكثرَ حِدَّةً، مع أنها أقلُّ إثارةً للوهلة الأولى؛ زدْ على ذلك أنها سابقةٌ تاريخيًا. إنَّ النظرية الكوانتية التي كان ﭙـلانك Planck أولَ من كتبَ عنها والتي مازالت تشكِّل اليوم الشغلَ الشاغلَ للفيزيائيين تتمحور حول المفهوم الرئيسي للعِلْم، مفهومِ الطاقة. وتقوم على اعتبار الطاقة، أو الفعل، حاصل ضرب الطاقة في الزمن، مقدارًا grandeur يتغير بصورة منفصلة وبقفزات متعاقبة، هذه القفزات هي ما نسميه الكوانتات quanta. وعليه فقد قام كلُّ جهدِ العِلْم، منذ غاليليه، على ردِّ جميع الظواهر بلا استثناء إلى تغيُّرات في النِسَب المكانية والزمانية وعلى عدم قبول شيءٍ غيرِ المسافات والسرعات والتسارعات كعواملَ متغيرةٍ؛ لا يمكن للمكان والزمن أنْ يتمثَّلا بصورة أخرى غير المقادير grandeurs المتَّصلة؛ والطاقةُ تحديدًا هي المفهوم الذي بواسطته نردُّ كلَّ شيء إلى المكان والزمن. إذا كنتُ على مسافة كيلومترين اثنين من مكانٍ ومشيتُ فوجدْتُ نفسي على بعد كيلومتر واحد، مهما كان الطريقُ الذي أسلكُه ومهما كانت الانعطافاتُ التي أقومُ بها، فإنني سأجتاز جميعَ المسافات الانتقالية بين كيلومترين وكيلومتر واحد بدون أي استثناء. يمكن أنْ نشكِّكَ بهذه القضية، كأية قضية أخرى، ولكنْ من المستحيل أنْ نتصور نقيضَها. وعليه فإن العلْم يُعنَى بالظواهر، وبالتالي، خلافًا للفكر الميتافيزيقي أو الصوفي، يتوضع على مستوى التصور أو فوقه مباشرةً؛ فالتفسير العلمي الذي لا يمكن تصوره بتاتًا يكون بلا معنى.

يمكن أنْ نقتنع من خلال فتح أي كتاب بأن مفهوم الطاقة ينبثق من مفهوم العمل وإليه يعود وبأن تعريف العمل هو رفْع وزْنٍ ما إلى ارتفاع ما. عندما نقول أنَّ هناك فرْقًا في الطاقة بين حالة وحالة أخرى في منظومة معيَّنة فذلك يعني أنه يمكننا تصوُّرُ تحوُّلٍ تنتقل فيه المنظومةُ من الحالة الأولى إلى الحالة الأخرى من جهة ويصعد فيه أو ينزل بالمقابل وزنٌ ما من ارتفاع ما من جهة أخرى.

عندما نقوم بدراسة أولية للظواهر الميكانيكية نجد فيها ثابتًا يحدده حاصلُ القوة والمسافة المتفَق عليه. لقد أسَّسَ أرخميدسُ الميكانيكَ من خلال البرهان على أنَّ ميزانًا متناظرًا يبقى متوازنًا إذا غيَّرْنا الوزنَ من جهة نقطة الارتكاز من خلال تغيير مكانه، بشرط أنْ يبقى حاصلُ ضرب الوزن في المسافة عند نقطة الارتكاز ثابتًا. وأَظهر غاليليه أنه عند رمي كُرةٍ عدةَ مرات من ارتفاع واحد على سطوح مائلة مختلفة فإنَّ حاصل المسافة التي تقطعها الكُرةُ في القوة التي تدفعها يكون نفسَه في كل مرة. وافترضَ كقانون عام للتوازن أنه عندما يبقى جسمان تدفع كلاً منهما قوةٌ ساكنَينِ من خلال ارتباطهما بعضهما ببعض فإنَّ حاصل كلٍّ من القوة والمسافة التي كانت ستُقطَع بدون هذا الارتباط متساوٍ. وأَظهرَ هو وديكارتُ من بعده أنَّ حاصلاً كهذا هو مفتاح الآلات البسيطة أيضًا، هذه الآلات، مع أنها توفِّر عناءً على البشر، لا تغيِّر أبدًا، في أي حال من الأحوال، ناتجَ القوة التي ينبغي التغلب عليها بالانتقال الذي ينبغي القيام به. فضلاً عن ذلك فإنَّ الميزان، الذي يحمل اسم عَتَلَة، هو آلةٌ بسيطة، وكذلك السطح المائل عندما نرفع عليه وزنًا.

سنستخدم لاحقًا هذا الناتجَ نفسَه مفتاحًا لجميع ظواهر الديناميك تحت اسم الطاقة الحركية أو القوة الفاعلة. يُظهِر نظامُ الحركة المتسارعة أو المتباطئة بصورة منتظمة أنه عندما تصادف كرةٌ تتدحرج بسرعة منتظمة على سطح أفقي سطحًا مائلاً وتصعد إلى ارتفاع معيَّن فإنَّ العمل الذي يتم على هذا النحو، أيْ حاصل ضرب هذا الارتفاع في وزن الكرة، يساوي نصف حاصل كتلتها مضروبًا بمربَّع السرعة التي كانت تتدحرج بها على السطح الأفقي. وهكذا فإن الطاقة الحركية لجسم متحرك، بتعبير آخر نصف الناتج هذا، هي العمل الذي يمكن لهذا الجسم أن يقوم به، في شروط معيَّنة، بفضل سرعته فقط. والطاقة الكامنة هي العمل الذي يمكن أنْ يقوم به جسمٌ ما، بفضل وضعيته فقط، وبواسطة دفْع صغير جدًا، مثلما يكون الأمر عندما تكون هناك كرةٌ على طاولة؛ فمقولةُ مصونية الطاقة تُقرُّ بأنَّ مجموع الطاقة الحركية والطاقة الكامنة في منظومة ميكانيكية صِرْفة يبقى ثابتًا مادام أنه لم يحصلْ أيُّ عمل من الخارج على هذه المنظومة أو من هذه المنظومة على الخارج.

كانت فكرةُ القرن التاسع عشر المهمة هي أنْ تُدمَج في العمل، وبواسطة تكافؤات عددية، التغيراتُ الأخرى غير الانتقال. وبدأ جول Joule العملَ. إذا تركْنا وزْنَ كيلوغرام يسقط من ارتفاع متر واحد فأدار أثناء سقوطه وبواسطة بَكَرة طاحونةً صغيرة ذاتَ شفرات موضوعة في وعاء مليء بالماء فإنَّ الحرارة ترتفع؛ وتكون الطاقةُ الحرارية التي تسبب هذا الارتفاع في الحرارة مساويةً لكيلوغرام متر[2]. لقد أثبتَ جول أنَّ عدة طرق ميكانيكية مختلفة تتيح دائمًا، بواسطة الاستهلاك نفسه للجهد الميكانيكي، رفْعَ كتلة الماء نفسها من 0° إلى 1°. وبعد تجارب مماثلة كثيرة، أقرَّ علماءُ القرن التاسع عشر أنَّ في كل ظاهرةٍ زيادةً أو نقصانًا في الطاقة مكافئًا لطاقة ميكانيكية؛ وقد لاقى هذا المبدأ عددًا كبيرًا من التطبيقات الناجحة في دراسة الظواهر الكيماوية والكهربائية. إنَّ المبدأ الأساسي للعِلْم في القرن التاسع عشر هو أنه لا بدَّ أنْ يكونَ في إمكاننا، فيما يخصُّ أيةَ ظاهرة، أنْ نتصور نظريًا على الأقل إمَّا إنتاجَ هذه الظاهرة عن طريق انتقال الوزن وإمَّا انتقالَ الوزن عن طريق هذه الظاهرة. ليس لكلمة طاقة معنىً آخر، ولذلك يقاس أيُّ نوع من الطاقة بالإرج ergs[3]، وحدةِ قياسٍ يحددها رفْعُ وزن.

لا يمكن للوزن أنْ يكون له في البداية ارتفاع معيَّن، ثم ارتفاع آخر، من دون المرور بجميع الارتفاعات الانتقالية، بدون استثناء. المسافة هي مقدار متصل؛ ليس هناك أية هندسة، حتى غير الإقليدية، لا تصوِّرُها بغير ذلك. إن الزمن الذي يتمثل عند الفيزيائيين بالحركة المنتظمة، أيْ بالمسافة، هو مقدار متصل. كذلك الأمر في السرعة، التي هي المسافة على الزمن، وفي التسارع، الذي هو السرعة على الزمن. لا يدخل في أي تعريف للطاقة الميكانيكية مقادير أخرى غير المسافة والسرعة والتسارع متوافقةً مع الكتلة؛ العمل هو حاصل الطاقة والزمن. فالطاقة غير الميكانيكية هي في جميع الظواهر غير الميكانيكية ما يوضع كمكافئ للطاقة الميكانيكية. من السهل عندئذٍ أنْ نشعرَ كم هو مدهش الكلام عن كمِّ الطاقة أو العمل.

الأغرب من ذلك هو أنه عندما أَثبتَ ﭙـلانكُ أنَّ: "المادة لا يمكنها أنْ تُرسِلَ طاقةً إشعاعية إلاَّ بكميات متناهية غير متصلة تتناسب مع التردد" فإنه لم يصل إلى هذه القضية بدراسةِ ظواهرَ ميكروسكوبيةٍ [مجهرية] تتيح فيها التجربةُ قياسَ العتبات، بل بدراسةِ ظاهرةٍ ماكروسكوبية [تُرى بالعين المجرَّدة] هي إشعاع الجسم الأسود.

لقد أُدخِلَ مفهومُ اللاعَكوسية في مفهوم الطاقة من خلال المبدأ الثاني في الديناميكا الحرارية [الترموديناميكا]، مبدأِ كلاوزيوس Clausius[4]، الذي يُدعى مبدأ تدَنِّي الطاقة. هذا المفهوم كان قد أدى إلى مفهوم الاحتمالية، من خلال الفكرة البسيطة التي مفادها أنَّ الانتقالَ من حالة أكثر احتمالاً إلى حالة أقل احتمالاً لاعَكوسيٌّ من الناحية العَمَلية؛ فإذا كنَّسْنا بيدِنا أحرفًا طباعيةً كانت تؤلِّفُ بيتًا من الشِّعر لـﭭـاليري Valéry فإننا نضعها في حالةٍ من الفوضى، وإذا كنَّسْناها أيضًا بيدِنا مراتٍ كثيرةً جدًا فإننا لن نعيدَ تأليفَ بيتِ شِعرِ ﭭـاليري. لقد فسَّر بولتزمان Boltzmann، وهو عالِم فيزياء معاصر لـﭙـلانك، على هذا النحو الظواهرَ اللاعَكوسة مثل تحوُّل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة حرارية في الاحتكاك. وحاولَ ﭙـلانكُ أنْ يعيدَ بناءَ الظاهرة المسماة بإشعاع الجسم الأسود بواسطة الاحتمالات وبطريقة مطابِقة لمعطيات التجربة. فوجد في صيَغ هذه الاحتمالات انقطاعًا؛ فأَدخلَ الانقطاعَ في الطاقة لأنَّ هذه الاحتمالاتِ مرتبطةٌ بالطاقة.

لا يمكننا إلاَّ أنْ نتساءل فيما إذا لم يكن يستطيع القيامَ بغير ذلك. لم تكن تُجبِره التجربةُ بالتأكيد؛ لأنَّ المقاييسَ لم تكن تستطيع، بما أنها لم تكن مجهريةً، أنْ تزوِّدَ بعتبات، ولكنْ بنقاطِ علاَّم فقط كان ينبغي القيام بالاستقراء الداخلي أو الاستيفاء interpoler[5] فيما بينها. ونحن أحرار دائمًا بالاستيفاء بواسطة توابع أو دالاَّت fonctions إمَّا متقطعة أو متصلة. يبدو إذَنْ أنَّ ﭙـلانك كان باستطاعته أنْ يجدَ توابعَ أو دوالَّ أخرى حقًا غير التوابع التي يتطَلَّبَها الميكانيكُ التقليدي، لأنَّ هذه التوابع لا تتوافق مع التجربة، ولكنها متصلة. نميل لأنْ نتساءل إنْ لم يكن الموضوع هو الطبيعة نفسها لحساب الاحتمالات الذي تكون نقطةُ انطلاقه هي زَهْر النَّرْد، وبالتالي علاقات عددية، والذي قاد ﭙـلانكَ إلى إدخال أعداد صحيحة في صيَغِه. ربما يكون ذلك بالطبع أصلاً غريبًا لثورة كبيرة إلى هذا الحد. على أي حال فقد أدخلَ الانقطاعَ في الطاقة فيما يتعلق بالحالة الخاصة لإشعاع الجسم الأسود وذلك من أجل سهولة الحساب. لقد حقَّقَ ابتكارُه ثروةً طائلة، لأننا قبِلْنا فيما بعد بصحة صيَغِه في كل تبادلات الطاقة التي تحصل بين الذرات والإشعاعات، أي في كل مكان. كذلك لا يعود لكلمة الطاقة أية علاقة بالأوزان والمسافات أو بالكتل والسرعات؛ ولكنْ ليس لها علاقة بشيء آخر أيضًا، لأننا لم نضع تعريفًا آخر للطاقة؛ ليس لها علاقة بشيء. وهذا لا يمنع من أنْ نستمر في الكلام عن الطاقة الحركية. فالورقة تتحمل كلَّ شيء كما يقال.

إنَّ الدور المختلف للجَبْر هو الذي خلقَ الهوةَ التي تفصل عِلْمَ القرن العشرين عن عِلْمَ القرون السابقة. ففي البداية، لم يكن الجَبْرُ في الفيزياء سوى طريقة لتلخيص العلاقات القائمة بين المفاهيم الفيزيائية عن طريق الاستدلال الذي يستند إلى التجربة؛ وهي طريقة ملائمة إلى أبعد حد فيما يخص التحليلات العددية اللازمة للإثباتات والتطبيقات. إلاَّ أنَّ دَورَ الجبر لا يني يزداد أهميةً؛ وفي النهاية، بينما كان الجبرُ فيما مضى يشكِّل اللغةَ المساعِدة وتشكِّل الكلماتُ اللغةَ الأساسية، أصبحَ اليوم النقيضَ تمامًا. يتجه بعضُ الفيزيائيين حتى إلى جعل الجبر لغةً وحيدة أو شبْه وحيدة، بحيث لا يعود هناك في أقصى حدٍّ، حدٍّ يستحيل بلوغُه بالطبع، إلاَّ أرقامٌ مأخوذة من مقاييسَ تجريبيةٍ وأحرفٌ منسَّقة في صيغ. وعليه فالمتطلبات المنطقية التي تُرافق اللغةَ العادية واللغةَ الجبرية ليست نفسَها؛ والعلاقاتُ بين المفاهيم لا تنعكس بكاملها في العلاقات بين الأحرف؛ خاصةً أنَّ بعض القضايا المتناقضة يمكن أنْ تكافئَ معادَلاتٍ غيرَ متناقضة البتة. عندما نتلاعب بالصيغ آخذين بالحسبان فقط معطياتٍ عدديةً عن التجربة وقوانينَ خاصة بالجَبْر وذلك بعد ترجمة علاقات المفاهيم في الجبر فإنه يمكننا الحصول على نتائج تصطدم، عندما تُتَرْجَم بلغة محكية، بالحس العام اصطدامًا عنيفًا.

ينتج عن ذلك مظهر قوي من مظاهر العمق؛ لأن التأملاتِ الفلسفيةَ أو الصوفية العميقة تنطوي هي أيضًا على تناقضات وغرائب وصعوبة لا يمكن التغلب عليها في التعبير اللفظي. مع ذلك، فالموضوع مختلف تمامًا في حالة الجبر. عندما تكون فكرةٌ عميقةٌ عصيةً على التعبير فذلك لأنها تضم في الوقت نفسه عدةَ علاقات تتراكب فوق بعضها البعض عموديًا ولأن لغة العامة تعكس بصورة سيئة فوارقَ المستوى؛ ولكنَّ الجَبْرَ أقلُّ صلاحيةً أيضًا، فهو يضع كلَّ شيء على مستوىً واحد. فالبراهين والإثباتات والفرضيات والمسَلَّمات شِبْهِ الاعتباطية والتقريب والآراء المتعلقة بالتناسب والسهولة والاحتمالية، جميع هذه الأشياء تلعب الدورَ نفسَه في المعادلات عندما تُترجَم بأحرف. وعندما يُنتِج جَبْرُ الفيزيائيين الآثارَ نفسَها للعمق فذلك فقط لأنه مسطَّح تمامًا؛ فالبعد الثالث للفكر غائب منه.

لهذا العمق الكاذب نتائج مسلِّية ربما أفرَحَ بعضُها رابليه Rabelais[6] أو موليير Molière. لأنَّ الفلاسفة، ممتلئين حماسةً معتبَرة، يُنهكون أنفسَهم في تفسير ما لا يستطيعون فهمَه وفي ترجمة المعادَلات بفلسفة؛ وعمومًا، يبحث الشارحون من العوام profanes وحتى بعضُ العلماء بدأب بالغ عن المعنى العميق ومفهوم العالَم الذي يتضمنه العِلْمُ المعاصر. يبحثون سُدىً، لأنه ليس هناك شيء من هذا. يشبه العِلْمُ في هذا الصدد إمبراطورَ حكاية أندرسِن Andersen[7]؛ فقد وعدَه حِرَفيَّانِ بثياب مصنوعة من قماش لا يراه الحمقى، بحيث يمشي عاريًا في طرقات عاصمته دون أنْ يجرؤَ لا هو ولا أيُّ مُشاهد على التعرُّف على أنه عارٍ. قد يخشى أيُّ إنسان مثقَّف قليلاً أنْ يُعَدَّ أحمقَ عندما يعترف للآخرين أو لنفسه بعجزه عن أنْ يستشِفَّ أدنى معنى فلسفي مرتبط باختراعات العِلْم المعاصر؛ ويفضِّل لو يخترع لهم واحدةً منها، غامضةً جدًا بالضرورة. إنَّ كتاب ﭙـلانك الأخير الذي تُرجِمَ إلى الفرنسية بعنوان Initiations à la physique [تعلُّم الفيزياء]، وهو كتاب يمتلئ ثلاثةُ أرباعه باعتبارات فلسفية، قد قدَّم شرحًا جديدًا لحكاية أندرسِن. لأنَّ بعض النقاد، مأخوذين بشهرة المؤلِّف العلمية، ظنوا أنهم رأوا في هذا الكتاب فكرًا عميقًا؛ وجاؤوا بعدة شواهد ليدعموا رأيهم، فكانت هذه الشواهد أفكارًا مبتذلة مكرَّرة لا مثيل لسطحيتها.

فلو تغاضينا عن شخص المؤلِّف لكان هذا الكتابُ بحقٍّ شِبْهَ فارغ من الأهمية إلاَّ في بعض الصفحات. فكل ما يمتُّ فيه بصِلة إلى الفلسفة العامة والله والنفس البشرية والحرية والمعرفة ووجود العالَم الخارجي قليلُ الأهمية، ذو معنى عمومًا، ولكنه مبتذَل وغامض وسطحي. نرى فيه بوضوح أنَّ ﭙـلانك لم يكنْ مفكرًا كبيرًا. ونرى فيه أيضًا، وهذا شيء مؤثر جدًا، أنَّ هذا الكاتب المسؤول عن ثورة كبيرة جدًا لم يكنْ رجلاً نزيهًا جدًا فحسب، بل كان أيضًا ما نسميه رجلاً مستقيمَ الرأي متعلقًا جدًا بالدين وبكل ما هو محطّ احترام في التقاليد. ولكنَّ الصفحاتِ القيِّمةَ حقًا في هذا الكتاب هي الصفحات التي يقدِّم فيها ﭙـلانكُ، بسذاجة ومن دون أن يفكر في ذلك، بعضَ الاعترافات التي تقدِّم توضيحاتٍ فريدةً عن العملية الغامضة لوضع العِلْم؛ هذه الاعترافاتُ تهدِّم كليًا الفكرةَ المبتذلة التي غالبًا ما كان ﭙـلانك نفسُه يرددها بتفخيم والتي تقول بأن العِلْم شيء كوني يهيمن على العلماء في كل الأزمان وكل الأوطان.

هذه مقتطفات من تلك الصفحات:

خلافًا لما يدافعون عنه بطبيعة الحال في بعض أوساط الفيزيائيين فإنه ليس دقيقًا أنه لا يمكننا أن نستخدم لوضع فرضية سوى مفاهيم يمكن تحديد معناها بمقاييس بمعزل عن كل نظرية... ليس هناك أي مقدار على الإطلاق يمكن قياسه مباشرةً. على العكس من ذلك، وحتى في حالة المقاييس الأكثر مباشرةً ودقةً، كمقاييس الوزن أو شدة التيار على سبيل المثال، فإن النتائج لا يمكن استخدامها إلاَّ بعد أنْ تخضعَ لعدد من التصحيحات التي يُستنتَج حسابُها من فرضية.

العباراتُ التاليةُ تكشفُ أكثرَ أيضًا:

يمتلك واضع الفرضية إمكانياتٍ غيرَ محدودة عَمَليًا، فهو قلَّما يرتبط بعمل حواسِّه مثلما أنه قلَّما يرتبط بعمل الأدوات التي يستخدمها... يمكننا القول حتى إنه يخلق لنفسه هندسةً على هواه. وبأدوات دِقَّتُها مثالية... يمكنه أنْ ينفِّذَ في الفكر المقاييسَ الأكثر دقةً ويستخلص من نتائجها الاستنتاجاتِ الأكثر عمومًا؛ هذه الاستنتاجاتُ لا علاقةَ لها، بصورة مباشرةٍ على الأقل، بالمقاييس الحقيقية. ولهذا أيضًا، لا يمكن للمقاييس أبدًا أنْ تُثْبِتَ أو تنفيَ مباشرةً فرضيةً ما؛ يمكنها فقط أنْ تؤدِّيَ إلى موافقة عدد أكبر إلى حد ما.

ولكنْ إليكم أجملَ [ما في الكتاب]:

لم تجْرِ العادةُ على أنْ تغزوَ الأفكارُ العلميةُ الكبيرةُ العالَمَ، حيث أنَّ خصومها ينتهي بهم المطافُ إلى تبنِّيها شيئًا فشيئًا وينتهي بهم الأمرُ إلى الاقتناع بحقيقتها... ما يحصل في الأعم الأغلب هو أنَّ خصوم فكرة جديدة ينتهي بهم الأمر إلى الموت وأنَّ الجيل الصاعد يتأقلم عليها.

وهكذا، تختفي النظرياتُ العلمية على طريقة الأزياء الرِّجَّالية في القرن السابع عشر؛ فالبَدلاتُ من طراز لويس الثالث عشر اختفت بوفاة آخر الشيوخ الذين كانوا شُبَّانًا في عهد لويس الثالث عشر.

مَن يتأمل جيدًا في هذه العبارات لن يقول أبدًا: "يؤكد العِلْمُ أنَّ..." فالعِلْمُ صامت؛ والعلماء هم الذين يتكلمون. وما يقولونه ليس بالتأكيد مستقلاً عن الزمن، لأنه، بحسب اعترافِ ﭙـلانك، يصمت المؤيدون لطريقة الرؤية هذه أو تلك تمامًا في اللحظة التي يَفرِض فيها الموتُ الصمتَ عليهم. أمَّا بشأن الأماكن فإنه لا ريب بأنَّ العلماء ينتمون إلى بلاد مختلفة. ولكنَّ الأسفارَ والمراسلاتِ والاتصالاتِ سهلةٌ وسريعةٌ في أيامنا هذه، في زمن السِّلْم، إلى درجة أنَّ العلماء من اختصاص واحد، مع أنهم متناثرون في كل بقاع الكرة الأرضية، يشكِّلون قريةً صغيرة جدًا حيث يعرف الكلُّ بعضَهم وحيث يكون كلُّ فرد فيها على اطِّلاعٍ على الحياة الخاصة لكل فرد آخر وحيث تنتشر باستمرار نكاتٌ وطرائفُ قد يسمونها في مكان آخر ثرثرةً. وفي المدن التي يكون فيها عددٌ منهم يتلاقون باستمرار، إلاَّ إذا كانوا على خلاف، وحتى نساؤهم نادرًا ما يتلاقَين إلاَّ مع بعضهنَّ البعض. هذه القرية مغلقة؛ لا يدخلها أحد من الخارج. وحتى لو درسَ المرءُ عشرين سنةً كُتُبَ العلماء ولم يكنْ هو نفسُه عالمًا محترفًا فإنه يظلُّ غريبًا على العِلْم جاهلاً به؛ وليس لآراء الجاهلين أيةُ ثقةٍ في القرية، إذْ لا أحدَ يعيرها أدنى اهتمام، إلاَّ اللهمَّ أحيانًا لاقتراضِ بعضِ العباراتِ التي تثير الإعجاب أو للمجاملة. فالقارئُ والمثقَّف والفنَّان والفيلسوف والفلاَّح والـﭙولينيزي Polynésien[8] جميعُهم في منزلة واحدة، أي خارجَ العِلْم قولاً واحدًا، والعلماءُ أنفسُهم يكونون خارجَ جميع الاختصاصات غير اختصاصهم. ونادرًا ما يخرجون من القرية؛ فكثير من العلماء، إذا وضعْنا اختصاصَهم جانبًا، محدودو الأفق وقليلو الثقافة، أو إذا اهتموا بشيء خارج عَمَلهم العِلْمي فمن النادر جدًا أنْ يربطوا هذا الاهتمامَ، في عقلهم، بالاهتمام الذي يولونه للعِلْم. سُكَّان القرية ميَّالون للدراسة، أَلْمَعِيُّون، لديهم مواهبُ استثنائية؛ ولكنْ في النهاية، يكونون في المَدْرسة الثانوية كالآخرين ويغذُّون عقولَهم من كُتُبٍ ليست بذات قيمة وذلك حتى يبلغوا سنًا يتشكَّل فيه جزءٌ كبير من عقلهم وطبعهم. لا أحدَ أبدًا يصبُّ اهتمامَه بصورة خاصة على تطوير حسِّهم النقدي. ولم يهيِّـئْهم أحدٌ بصورة خاصة في أية لحظة من حياتهم على جعل المحبة الصافية للحقيقة فوق جميع الدوافع؛ وليس هناك أيةُ آليةٍ للفرْز تجعل من الاستعداد الطبيعي في هذا المنحى شرطًا للدخول إلى القرية. هناك آلياتُ فَرْزٍ من بينها الامتحاناتُ والمسابقات، ولكنها لا تنصَبُّ على شدة المحبة للحقيقة أو على صفاء هذه المحبة. إنَّ هذه المحبةَ، والمَيلَ إلى الدقةِ والعملِ المتقَنِ، والرغبةَ في الحديث عن الأنا، واشتهاءَ المالِ والاحترامِ والسمعةِ والمراتبِ والألقابِ، والنفورَ، والحسَدَ، والصداقةَ، جميعَ هذه الدوافعِ ودوافعَ أخرى أيضًا تمتزج مع بعضها لدى سكَّان هذه القرية ولدى جميع البشر أيضًا، بنِسَبٍ متغيرة. هذه القريةُ، شأنُها كشأن القرى الأخرى، مجبولةٌ من إنسانية متوسطة، مع فوارقَ نحو الأعلى ونحو الأسفل. لديها سمات فريدة؛ كذلك تهزُّها بصورة دورية تقلباتُ الأزياء؛ فكل عشر سنوات تقريبًا يتحمس فيها جيلٌ جديد لآراء جديدة. وكما في كل مكان آخر، يُنتِج فيها صراعُ الأجيال والأشخاص في كل لحظة رأيًا وسطًا. وحالةُ العِلْم في لحظة معيَّنة ليست غيرَ ذلك؛ إنها الرأي الوسط في قرية العلماء. لا ريبَ أنَّ هذا الرأي يستند إلى تجاربَ؛ ولكنَّ المقصود دائمًا تجارب تنفَّذ في هذه القرية، دون أية رقابة خارجية، بأجهزة مُكْلِفة ومعقَّدة لا توجد إلاَّ هناك؛ تجارب يُحَضِّرها سكَّانُ القرية فقط ويعيدونها ويصححونها، وخاصةً أنهم هم وحدهم الذين يفسِّرونها، وذلك بحُرِّيةٍ تعطي عباراتُ ﭙـلانك المذكورةُ آنفًا مقدارَها. ليس صحيحًا إذَنْ أنَّ العِلْمَ ضربٌ من الوحي الذي يفوق الطبيعةَ ومصدرُ الأحكام التي تختلف بالتأكيد من سنة إلى سنة، فتكون بالضرورة أكثرَ حكمةً بالمقابل. لأننا هكذا نتصوره اليومَ عمومًا، وحتى النشوةُ التي نشعر بها عندما ننادي: "يقولُ العِلْمُ بأنَّ..." لم يبَرِّدْها يقينُ أنه لن يقولَ ذلك خلال خمس سنوات. ربما نعتقد – في هذا الجانب كما في جوانبَ أخرى – أنَّ للحالةِ الراهنةِ قيمةً أبديةً في نظرنا. لقد تكلَّمَ ﭭـاليري نفسُه أكثرَ من مرة عن العِلْم طبقًا للخرافة superstition العامة. أمَّا العلماء فهم بالطبع أولُ من يمرِّرون آراءهم أحكامًا قد لا يكونون مسؤولين عنها وليس عليهم ربما أنْ يقدِّموا أيَّ تفصيل أو تبرير لها، فهي صادرة عن وحي. هذا الادِّعاءُ غير مقبول لأنه غير مشروع. ليس هناك أي وحي، إنما آراء العلماء فحسب، والعلماءُ بشرٌ يُثْبِتون ما يعتقدون أنَّ إثباتَه واجب، يُثْبِتون ما أصابوا فيه، ولكنهم هم أنفسهم المؤلفون المسؤولون عن كل ما يُثْبِتون، وينبغي عليهم أنْ يفصِّلوا ذلك، ولا يفصِّلوه؛ ولكنهم مخطئون؛ يخطئون بحق أنفسهم أولاً، لأنهم لا يبيِّنون ذلك لأنفسهم أيضًا.

ينبغي أن يبيِّنوا قطيعتَهم مع العِلْم التقليدي قبل كل شيء. ليس لأنه أصبح مصيبةً. فالعِلْمُ التقليدي، عندما بلغَ ذُِرْوتَه مدَّعيًا قدرتَه على تفسير كل شيء بدون استثناء، أصبح خانقًا فكريًا، ولذلك فإنَّ بِرغسون وإينشتاين وكلَّ من فتحوا عنوةً ثقوبًا في هذا السُّوْر المغلق قد استُقبِلوا كمحرِّرين. من جهة أخرى فإنَّ مفاهيمَ العِلْم التقليدي الأساسية وهي القصور الذاتي أو العطالة inertie والحركة المنتظَمة والقوة والتسارع والطاقة الحركية والعمل هي مفاهيم غامضة إذا ما نظرْنا إليها بتمعُّن. أليس غريبًا أنَّ الحركة المنتظَمة المستقيمة، وهي أبسط الحركات جميعًا بموجب مبدأ العطالة، لا يمكن أنْ تقاسَ، من جهة الزمن، إلاَّ بالحركة النهارية للنجوم، أيْ بحركة دائرية؛ ولا يمكن شرحها إلاَّ بمثالِ كُرَةٍ تتدحرج على سطح، وهي حركة تنطوي على دوران؟ أليس غريبًا أنَّ هذه الحركة التي تتمُّ دون تدخُّلِ أية قوة تحتوي على طاقة؟ أليس غريبًا أنْ يتحدَّدَ مفهومُ العمل المقتبَسُ من الخبرة الإنسانية بطريقةٍ تَعتبِر أنَّ الإنسان الذي يحمل خمسين كيلو خلال عشرة كيلومترات لا ينجز أيَّ عمل؟ وأنه عندما يقطع جسمان متجانسان المسافةَ المستقيمة نفسَها في الزمن نفسه يكون هناك عملٌ في حالة ولا يكون هناك عملٌ في الحالة الأخرى، وذلك إذا كانت حركةُ أحدهما منتظمَةً وليست حركة الآخر؟ وربما نجد أشياءً أخرى غريبةً.

إلاَّ أنَّ الأخطر هو ادِّعاء العِلْم التقليدي بأنه حلَّ التناقضاتِ أو بالأحرى ارتباطاتِ المتناقضات التي تشكِّل جزءًا من الوضع البشري والتي لا يُتاح للإنسان التحرر منها. وظنَّ أنه بلغَ ذلك بحذفِه أحدَ الحَدَّين. على سبيل المثال، لنأخذ المتصل continu والمتقطع discontinu؛ سنفكر بالمكان والعدد؛ فنحن لا نستطيع الانتقالَ من ضفة نهر إلى الضفة الأخرى دون أنْ نقطعَ النهرَ، ولا نعرف مرحلةً وسيطة بين الحديد والذهب. أرادت الفيزياءُ التقليدية أنْ تحذِفَ المتقطع؛ فكان لا بدَّ لها في هذه الحالة من أنْ تصطدمَ، وذلك في مركزها ذاته، في فرعها الرئيسي، بدراسة مفهوم الطاقة نفسِه الذي كان من المفروض أنْ يفيدَ في هذا الحذف، أيْ الترموديناميكا بتعبير آخر. لا نتصور بوضوح سوى تحولاتٍ من شأنها أنْ تَحدثَ في الاتجاه المعاكس، ومع ذلك نخضع لزمن إذا فات لا يُعوَّض؛ نشيخ ونموت، ولا يرجع الرماد خشبًا ولا الصدأ حديدًا، وبصورة عامة فإنَّ الأشياء التي تُدَمَّر بسهولةٍ وسرعةٍ إمَّا يستحيل إعادةُ بنائها أو استبدالُها وإمَّا يصعب ويطول. إنَّ محاولة تفسير عالَمٍ صنعَه على هذا النحو عالَمُ الذرَّات الخاضعُ للطاقة الميكانيكية وحدَها، تلكَ المحاولةَ التي لا تقتضي أيةَ لاعَكوسية، كان لا بدَّ أنْ تكونَ مستحيلةً. أراد العِلْمُ التقليدي أنْ يأخذَ الضرورةَ العمياءَ فقط بالحسبان ويلغيَ مفهومَ النظام إلغاءً تامًا؛ هذا المفهومُ يعود للظهور متنكِّرًا بالاحتمالية التي استخدمها بولتزمان Boltzmann لينتقلَ من العَكوس إلى اللاعَكوس؛ لأنه عند النظر إلى الشيء عن كثب لا يمكن تحديد الاحتمال الضعيف إلاَّ من خلال نظام. أراد العِلْمُ التقليدي، من العلاقة المزدوجة التي تُلْحِقُ المجموعَ بالأجزاءِ وتُلْحِقُ الأجزاءَ بالمجموع، ألاَّ يأخذَ سوى بالأُولى، حيث تبدو الثانيةُ كمفهوم النظام تشوبُها الغائيَّة؛ ففي وقتنا الراهن، تتَّجِه الرياضياتُ والفيزياء وعِلْمُ الأحياءِ نحو دراسة مجموعات يُنظَر إلى ما هي عليه بحدِّ ذاتها. ففيها تكون هذه التغيراتُ ناجحةً وإيجابية، لأنَّ آمالَ العِلْم التقليدي كانت عبثيةً ومُعانِدة في آنٍ معًا. فهي عبثية لأنه لا يمكن بصورة عقلانية الأملُ في تحليل عالَمٍ نجد فيه متناقضاتٍ متلازمةً من جَرَّاء حذْفِ حدٍّ من حدَّينِ؛ وحتى لو اعتُبِرَ الآخرُ وهمًا فلا بدَّ أيضًا من تحليل هذا الوهم، ولا يمكن ذلك بواسطة الحد النقيض، فالإنسانُ لا يمكنه أنْ يحذفَ أيَّ مفهوم من المفاهيم التي تُعطى له، يمكنه فقط أنْ يرتِّبَها. وهي مُعانِدة لأنه لا يُتاح للإنسان على هذه الأرض أنْ يتحرَّرَ من التناقضات، ولكنْ أنْ يستخدمَها استخدامًا مفيدًا فقط؛ وحسب ما كان أفلاطون يعْرِف فإنَّ كلَّ ما يمكن للعقل البشري أنْ يتصوَّرَه ينطوي على تناقضات تشكِّلُ عتلةً أو رافعةً يرتفع من خلالها فوق مجاله الطبيعي.

ما يشكِّل مصيبةً ليس التخلي عن العِلْم التقليدي، إنما الطريقة التي تخلينا بها عنه. كان العِلْم التقليدي يعتقد خطأً أنه قادر على تطور لا حد له؛ وقد اصطدم بحدوده حوالي عام 1900؛ فبدلاً من أنْ يتوقَّفَ العلماءُ عنده ليتأملوا حدودَه ويفكروا فيها ويحاولوا وصفَها وتحديدَها وتحليلَها واستخراج نظرات إجمالية منها، فقد تجاوزوا أبعدَ من ذلك يدفعهم زَخَمٌ جارف تاركين العِلْم التقليديَّ وراء ظهورهم. وما المدهش في الأمر؟ ألَمْ يُدْفَعْ لهم لكي يذهبوا دائمًا إلى الأمام؟ إذْ لا يُكتسَب بالتوقف ترقيةٌ ولا شهرةٌ ولا جائزةُ نوبل. ربما ينبغي على العالِم المتفوقِ موهبةً، لكي يتوقفَ بإرادته، أنْ يمتلكَ نوعًا من القداسة والبطولة؛ ولماذا يكون قدِّيسًا أو بطلاً؟ والناسُ من مهن أخرى، إلاَّ باستثناءات نادرة، ليسوا كذلك أيضًا. لقد ركض العلماءُ إلى الأمام من دون أنْ يراجعوا شيئًا، لأنَّ أيةَ مراجعة كانت تبدو لهم ربما عودةً إلى الوراء، فوضعوا إضافاتٍ فقط. وعندما اصطدموا بالمتقطع لم يتخلَّوا مع ذلك عن إرجاع كل شيء إلى تغيرات الطاقة؛ فوضعوا الانقطاعَ ببساطةٍ في الطاقة نفسها، منتزعين منها أيضًا كلَّ معنىً، ولكنْ مع ذلك واصلوا وضْعَ الانقطاع في مركز كل دراسة، تحت تأثير الزَّخَم الذي اكتسبوه على مر عصور سابقة. إنَّ صعوبة إنشاء جسر، من خلال مفهوم الاحتمالات، بين العالَم المعطَى لنا والعالَم الافتراضي والميكانيكي البحت للذرَّات لم تشوِّشهم؛ فنتائج نظرية الكوانتات التي تستقي مصْدرَها من دراسة الاحتمالات قادتْهم إلى إدخال الاحتمالات في الذرَّات نفسِها. وهكذا لم تعدْ مساراتُ الجزيئات الذرِّية حتميةً، بل احتماليةٌ، فالحتميةُ غير موجودة في أي مكان. مع ذلك فإنَّ الاحتمالية لا يمكن تحديدها إلاَّ كحتمية صارمة تُعرَف بعضُ شروطها ولا تُعرَف الأخرى؛ فمفهوم الاحتمال منفصلاً عن مفهوم الحتمية لا معنى له. فالاحتمال الذي يُفْصَل على هذا النحو لا يصبح سوى اختصار للإحصاء، والإحصاءُ نفسُه لا يُبرَّر بشيء، سوى بالفائدة العملية؛ إننا نرجِّح ألفَ واقعة مقابل واقعة واحدة، وذلك من خلال نوع من تغيير الاقتراع أو الاستفتاء. لا يعود يبقى إذَنْ سوى الخبرة الإجمالية، فيقوم العِلْم، كأي جهد فكري، على تفسير الخبرة. مع ذلك، لم نفسِّرْ قطَُّ كما فسِّرْنا اليومَ؛ ولم نضع فرضياتٍ بهذا القَدْر قَطُّ؛ ولم يكُ قَطُّ متاحًا القيامُ بذلك بمثل هذه الحرية.

مهما بدا غريبًا، اليومَ أيضًا، التعبيرُ عن مثْل هذا الارتياب، فإنَّ من غير المؤكَّد أنْ يتمكنَ العلماءُ من الاستمرار طويلاً في التقدم في مثل هذه الشروط. لأنه ليس لديهم شيئًا بَعْدُ يراقبهم في طُرُق تفكيرهم. ليس لديهم غير الجَبْر فحسبُ يراقب فقط مثلما تفعل أداةٌ بسيطة نتقيَّد بها لاستعمالها وتكون أداةً طيِّعة جدًا. نخطئ عندما نظن أن التجربة يمكن أنْ تفيدَ في هذا الغرض، لأنَّ كلَّ فكر إنساني، بما فيه المعتقَدات الأكثر عبثيةً في نظرنا، يكون هدفُه التجربةَ ويجد فيها سندًا وتعزيزًا. فهيبةُ السَّحَرة تستند إلى التجربة؛ والمعتقَد الذي لا يُثْبَت بالتجربة لا تُكْتَب له الحياةُ في أي وسط إنساني. وكلُّ فكر هو جهدٌ لتفسير التجربة، تفسيرٍ لا تقدِّم له التجربةُ نموذجًا ولا قاعدةً ولا معيارًا؛ نجد فيه معطياتٍ عن المشكلات، ولكنْ لا نجد فيه طريقةَ حلها ولا حتى صياغتها. يحتاج هذا الجهد كغيره إلى توجيهه نحو شيء ما؛ فكل جهد إنساني موجَّه؛ وعندما لا يذهب الإنسانُ إلى مكان ما فإنه يبقى مكانَه. لا يمكنه الاستغناءُ عن القِيَم. فالقيمة تحمل اسمَ حقيقة فيما يخصُّ أيةَ دراسة نظرية. والبشر الذين خُلِقوا من لحم ودم على هذه الأرض لا يمكن بلا شك أنْ يكون لديهم تصوُّرٌ لا عيبَ فيه عن الحقيقة؛ ولكنْ يلزمهم تصوُّرٌ عنها؛ صورةٌ ناقصة عن الحقيقة اللامُتصوَّرة التي رأيناها، كما قال أفلاطون، من الجهة الأخرى للسماء.

كان لدى علماء الفترة التقليدية تصوُّرٌ علميٌّ عن الحقيقةِ مغلوطٌ جدًا بالتأكيد، ولكنهم كانوا يمتلكون تصورًا؛ وعلماءُ اليومِ ليس لديهم في أذهانهم أيُّ شيء، مهما كان غامضًا وبعيدًا واعتباطيًا ومستحيلاً، يمكنهم أنْ يُوَلُّوا وجوهَهم شَطْرَه يسمونه حقيقةً. بالأحرى ليس لديهم صورةٌ لطريقٍ من شأنه أنْ يؤدِّيَ إليها ويقارنون به، لمراقبتها، كلَّ خطوة من خطوات فكرهم. يدفعهم أيضًا زخْمُ الأجيال السابقة، فيسلكون بسرعة ثابتة اتجاهاتٍ لا تلبِّي اليوم شيئًا؛ ولكنَّ هذا الزَّخْمَ سينضب. والعِلْمُ شيء مُسْكِر، ونحن نسْكر به في كل المجالات، ولكنَّ الحرية المطْلَقة تُقيِّد بصورة أكيدة أكثرَ بكثير من أية سلسلة. هناك إذَنْ ما يدعو للتنبؤ بأنَّ العلماء، بعد زمن قريب، جيلين أو ثلاثة أجيال ربما، وربما أقلّ، سيتوقفون.

إنَّ ذلك يدعو للتنبؤ لا للخشية. لماذا نرغب في تطور العِلْم بلا عائق؟ ليس لدينا أية سعادة نأملها من تطور التقنية مادمنا لا نعرف كيف نمنع البشرَ من استخدام التقنية للسيطرة على أقرانهم لا على المادة؛ أمَّا معارفنا فالتطور العلمي لا يمكن أنْ يضيفَ عليها، لأنه من الثابت اليوم أنَّ الجاهلين لا يستطيعون فَهْمَ شيء في العِلْم وأنَّ العلماء أنفسَهم جاهلون خارج مجالهم الخاص. قد يُجبِر التوقُّفُ القسري العلماءَ على القيام بعملٍ تلخيصيٍّ وتدقيقيٍّ وعلى تشكيل بديهياتِ axiomatique الكيمياء الطبيعية حسب النموذج الخالد الذي تركه أرخميدسُ؛ ليس من أجْل افتعال ترابُط سطحي، بل لوضع محصلة نزيهة للمسَلَّمات والمصادَرات والتعريفات والفرضيات والمبادئ، دون إغفال ما هو مشتمَلٌ منها في التقنية التجريبية نفسها، في استخدام الميزان على سبيل المثال. قد يجعل مِثْلُ هذا العمل من العِلْم معرفةً ربما، من خلال إظهارٍ واضحٍ للصعوبات والتناقضات والاستحالات التي نهرع اليوم لإخفائها بحلولٍ لا يعود في إمكان العقل أنْ يدركَ شيئًا وراءها. ولكنْ ربما ينبغي البدء بهذا العمل في القريب العاجل. فمِن دُوْنِ ذلك، قد يسبِّبُ توقُّفُ العِلْم غيابًا لا تجديدًا للروح العلمية من على سطح الكرة الأرضية على مدى عدة قرون، كما هي الحال عندما قتلَت الإمبراطوريةُ الرومانيةُ العِلْمَ اليوناني.

هناك شيء أغلى بكثير جدًا من العِلْم نفسِه يتعرَّض لهذه الأزمة؛ ألا وهو مفهوم الحقيقة الذي ربطَه القرنُ الثامن عشر والقرنُ التاسع عشر بصورةٍ خاصة ربطًا وثيقًا بالعِلْم؛ مع أنَّ ذلك كان خطأً، لكننا احتفظْنا بتلك العادة. إنَّ غياب الحقيقة العلمية أدَّى إلى غياب الحقيقة نفسها من أمام أعيننا التي اعتادت على اعتبار إحداهما هي نفسها الأخرى. عندما تغيب الحقيقةُ، تأخذ المنفعةُ مكانَها في الحال، لأن الإنسان يوجِّه جهدَه دائمًا نحو خير ما. ولكنَّ العقل، إذًا، ليس بعدُ أهلاً لأنْ يحدد هذه المنفعةَ ولا لأنْ يعطيَ حُكْمًا فيها، له فقط حرية استخدامها. فيتحوَّل من حَكَم إلى خادم، وتعطيه الرغباتُ أوامرَ. فضلاً عن ذلك، يصبح الرأيُ العامُّ سيِّدًا مطْلَقًا على الأفكار بدلاً من الضمير، لأن الإنسان يُخْضِع دائمًا أفكارَه لرقابةٍ عُلْيا إمَّا بالقيمة وإمَّا بالقوة. ونحن هنا اليوم كذلك. فكل شيء يميل نحو النافع، دون أنْ نفكرَ في تعريفه؛ ويسود الرأيُ العام سيادةً مطلَقة في قرية العلماء كما في الأمم الكبيرة. وكأننا عدنا إلى عصر ﭙروتاغوراس[9] Protagoras والسفسطائيين، حيث أنَّ فنَّ الإقناع، والذي يقابله حديثًا الشعاراتُ والإعلان والدعاية عن طريق الاجتماعات العامة والصحف والسينما والإذاعة، كان يحلُّ محلَّ الفكر ويحدد مصيرَ المدن وينفِّذ الانقلابات. ولذلك يبدو كتابُ أفلاطون التاسع الجمهورية République وكأنه يصف الأحداثَ المعاصرة. ولكنْ ليست اليونانُ اليومَ، بل الكرة الأرضية هي التي في خطر. ينقصنا سقراطُ وأفلاطونُ وأودوكس[10] Eudoxe والتراثُ الفيثاغوري وتعليمُ الأسرار. نحن لدينا تراث مسيحي، ولكنْ لا يمكنه أنْ يفيدَنا في شيء طالما أنه لم يعدْ حيًا فينا.

منذ زمن بعيدٍ مضى، وفي جميع المجالات بدون استثناء، تركَ حاملو لقب حُماة القِيَم الروحية هذه القيمَ تنحطُّ بسبب تقصيرهم وبدون أي إكراه خارجي. كان ثمة نوع من الخوف يمنعنا من الاعتراف بذلك، وكأننا نخاطر إذًا في النيل من هذه القيم نفسِها؛ على العكس من ذلك تمامًا، ففي الفترة الطويلة جدًا ربما من الألم والذل الذي نحن فيه، لا يمكننا أن نستعيد ذات يوم ما ينقصنا إلاَّ إذا شعَرْنا في كل كينونتنا إلى أي مدىً نستحقُّ مصيرَنا. إننا نرى قوةَ السلاح تستعبد العقلَ أكثرَ فأكثر، ويجعل الألمُ اليوم الجميعَ يحسُّون بهذا الاستعباد؛ لكنَّ العقل كان قد انحطَّ أصلاً إلى حالة العبودية قبل أنْ يجدَ أحدًا يخضع العقلُ له. فإذا عرَض أحدُهم نفسَه عبدًا في السوق، فما المدهش إذا وجد سيِّدًا؟

لقد اجتثَّتِ العاصفةُ التي تَحيقُ بنا القِيَمَ وفكَّكَتْ تراتُبيَّتَها ووضعَتْها على بساط البحث لتَزِنَها على ميزان القوة الخاطئ دائمًا. نحن على الأقل، وخلال هذا العصر، فَلْنضَعْها جميعَها على بساط البحث نحن أيضًا، كلٌّ منا عن نفسه، وَلْنَزِنْها بأنفسنا في صمت الانتباه، وَلْنَتَمَنَّ أنْ يُقَيَّضَ لنا أنْ نجعلَ من ضميرنا قِسْطاطًا[11].

ترجمة: محمد علي عبد الجليل

*** *** ***


 

horizontal rule

[1]  ماكس ﭙـلانك Max Planck، تعلُّم الفيزياء. فلاماريون Flammarion، 1949. لا يمكننا إلاَّ أنْ نشيرَ هنا إلى النواقص المطبعية: لم يُشَرْ إلى أي تاريخ، والصيغ الجبرية المذكورة في الحاشية مليئة بالأخطاء المطبعية. (ملاحظة سيمون فايل.)

[2]  الكيلوغرام متر: هو وحدة العمل وتساوي القوة المطلوبة لرفع كيلوغرام مترًا واحدًا. (المترجِم)

[3]  الإرج erg هو وحدة قياس للطاقة. كل 1 إرج يساوي 1 غرام سنتيمتر مربع/ثانية مربع. وكلمة erg مشتقة من اليونانية ergon وتعني العمل أو الشغل. (المترجِم)

[4] رودولف يوليوس إيمانويل كلاوزيوس Rudolf Julius Emanuel Clausius (1822 - 1888): فيزيائي ألماني، عمل أستاذًا للفيزياء في برلين ثم انتقل إلى زيوريخ وفيرتسبورغ وبون. يُعَدُّ من مؤسسي الحركية الحرارية (الثيرموديناميكا). فقد صاغ سنة 1850 القانون الثاني للديناميكا الحرارية القائل بأن الحرارة لا تستطيع أن تمر بذاتها من الجسم الأبرد إلى الجسم الأسخن. (المترجِم)

[5] الاستيفاء أو الاستقراء الداخلي interpolation (يُستخدَم أحيانًا مصطلح استكمال أو استكمال داخلي) هو إحدى الطرق الرياضية لإنشاء نقاط بيانية جديدة اعتمادًا على مجموعة متقطعة من النقاط البيانية المحددة سلفًا (مستوفين كافة النقاط). وهو بعكس الاستكمال (الاستكمال الخارجي) أو الاستقراء الخارجي extrapolation الذي هو عملية استنباط واستخراج نقاط بيانية أخرى خارج مجال المجموعة المتقطعة من النقاط البيانية. (المترجِم، بالاستعانة بموسوعة ويكيبيديا)

[6] فرانسوا رابليه François Rabelais: طبيب وكاتب فرنسي من رواد النهضة. وُلدَ في شينون Chinon في إقليم أندر ولوار Indre-et-Loire في فرنسا في تاريخ غير محدَّد بين عام 1483 و1494 وتوفي في باريس في التاسع من نيسان/أبريل 1553. دافعَ عن القيم الإنسانية والتسامح والسلام. وكان معجَبًا بالفيلسوف الهولندي دسيدريوس إراسموس Érasme [Desiderius Erasmus] (المترجِم)

[7] هانز كريستان أندرسِن Hans Christian Andersen (2 نيسان/أبريل 1805 - 4 آب/أغسطس 1875): مؤلف وشاعر دنماركي اشتُهِر بحكاياته الخرافية. (المترجِم)

[8]  الـﭙولينيزي Polynésien: أحد سُكَّان ﭙولِنيسيا أو ﭙولينيزيا La Polynésie  وهي مجموعة كبيرة من الجُزُر في المحيط الهادي تابعة لقارة أوقيانوسيا L'Océanie. (المترجِم)

[9]  ﭙروتاغوراس Protagoras: فيلسوف وسفسطائي يوناني (485 – 410 ق. م.) طرحَ القضيةَ المتعلقة بالمعرفة التي أودعها في كتابه الحقيقة وهي أن "الإنسان مقياس الأشياء جميعًا". وهو القائل بأنَّ القوانينَ والعاداتِ والأخلاقَ نسبيةٌ وأنَّ المعيارَ الصحيح لهذه النظم والقوانين هو المجتمع الذي تُطبَّق فيه، ولا يمكن أن يطالَب الأخلاقيون بمعيار مطلق للخير والشر. (المترجِـم)

[10] أودوكس الإكنيدوسي Eudoxe de Cnide: (إكنيدوس 408 – 355 ق. م.) فلَكي ورياضي وطبيب وفيلسوف يوناني. كان أول من حاول صياغة نظرية عن حركة الكواكب. (المترجِـم)

[11] القِسْطاط هو الميزان العادل balance juste، ميزانٌ بالقِسْط؛ وهو أيضًا ميزانٌ دقيق للدراهم والذهب trébuchet. (المترجِـم)

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود