خواطر صوفية1: الغفلة والسقوط

 

هالة أحمد فؤاد

 

الغفلة مفهوم أثير عند الصوفية، وقد نضج وتبلور نظريًا عند أبي حيان التوحيدي (القرن الرابع الهجري)، ويعد صاحب رؤية صوفية عميقة انجلت عبر نصه الهام الإشارات الإلهية رغم أنه لم يكن صوفيًا بالمعنى الدارج للكلمة، وهي مسألة لا ينبغي أن تعد معيارًا للحكم على مدى مصداقية رؤيته الصوفية ومشروعيتها معرفيًا وقيميًا، من وجهة نظرنا.

ولنتوقف عند مفهوم الغفلة كما صاغه التوحيدي، حيث إن "الغفلة" لا تعني عنده العدم المعرفي المحض، وإنما تعني حضورًا معرفيًا إزاء الموضوع، لكنه حضور الجهالة والغياب والعجز عن إدراك الحقيقة أو إدراكها إدراكًا وهميًا زائفًا ينطوي على الشبهة والضلالة والمخايلة، بمعنى أن الموضوع يستتر محتجبًا بظاهره الخارجي المموه الذي يستلب الوعي ويغيبه عن لب الموضوع وحقيقته الخفية الكامنة في عمقه، بل عن كونه حجابًا على الحقيقة، وليس منها في شيء، وإن كان يومئ إليها من طرف خفي، بوصفه أحد إمكانات الوجود. يقول التوحيدي:

أيها الغائص في الدهشة، أما لك من صرعتك نعشة؟ يا هذا، دع عنك ما خباله عاجل عيانا، وباله آجل زمانا، أما تمتعض من وقوعك في فخ الهوى، وحبالة الشهوة، وشرك الشيطان بسبب ظاهري لا ثبات له، وزبرج لا صنعة فيه، وعارض لا غيث معه، وظل لا معوج عليه؟ لكنك في سكرتك عامه، وفي صحوتك من خمارك واله... والندامة والحسرة يجتمعان في العواقب... يا صريع الشهوات في الشهوات، يا خائضًا في الشبهات على الشبهات، ويا ثاويًا في الضلالات بعد الضلالات، معتقلاً في الجهالات بعد الجهالات، متى يكون انتباهك؟ وإلى أي حد يبلغ سهوك؟ لعمري فطام الأرواح عن الأجساد شديد، لكن هلاك الأرواح والأجساد أشد، وفوت الدنيا والآخرة خسرانه أبين... ألا قفوا على ديار الهالكين... واستخبروها... كيف تفرقت تلك الأجسام الكثيفة؟ واضمحلت تلك الجواهر الشريفة؟ خدعتكم الشهوات فملكتكم، وسباكم الشيطان من أوطانكم فباعكم في أرض أعدائكم بثمن بخس، فبقيتم في بلاد الغربة، بلا أنس ولا سلوة، غرقتم في بحار الغرور، وركضتم في ميادين أجرامكم. إسلل نفسك من هذا العاجل المحشو بالتمويه، ولا تجنح في كل ما تراه عينك إلى ظاهره، بل غص على خفيته ودفينته، فهناك اللب والحقيقة.

ومن الواضح أن النزعة الأخلاقية الكلاسيكية ذات الطابع الديني تسيطر على النص، حيث يتبلور مفهوم الغفلة المعرفي في سياق السقوط القيمي للإنسان حين يغيب عن حضوره الروحي الخالد، أي حين ينحاز انحيازًا مطلقًا لطبيعته المادية حيث تستسلم الروح وتخضع خضوعًا مطلقًا لهيمنة الجسد فتنحسر داخل حدوده وقوانينه، قوانين اللذة والألم، والاحتياج المادي المحض، قوانين الضرورة المقيدة، بل التغير والزوال والعدم، بالمعنى العبثي، حيث لم يبزغ بعد فجر الوعي ولا التحديد الذاتي الذي يعبر عن القرار الإرادي الحر للفرد المتميز. إنها لحظة الانزلاق داخل ملكوت العمى، إذ يسقط المرء في عمق ظلمة الجسد مستعبدًا لهواه، مملوكًا لشهواته الدنيوية، أسيرًا لشياطينه القارة في أعماقه، لاهثًا وراء المتع العدمية اللحظية، منفيًا مغتربًا عن مملكة الروح حيث معانقة الوجود في حضوره الأصيل المنطوي على العلو والخلود والحرية.

إن حصار الروح وحسرها داخل قبضة الجسد ككيان مادي صرف يعنى اختزال إمكانيات الروح، وطاقاتها المعرفية والقيمية المتميزة والخلاقة، وفقًا للتصور الكلاسيكي الوسيط الذي يعتبر الروح (النفس الناطقة العاقلة) مركز الوعي والإدراك. وينحسر الوعي فاقدًا فضاءاته البرحة عقليًا وخياليًا، بل حسيًا، على مستويات عدة معرفية وقيمية. ذلك أن أسير ظلمة الغفلة لا يعي ذاته الإنسانية كمعنى وجودي كلي الحضور، أي لا يتحقق معرفيًا، ومن ثم قيميًا بكونه فضاء جامعًا للحقائق الوجودية (الإلهية بالأصالة) أو بوصفه مختصرًا وجيزًا أو إنسانًا كليًا جامعًا كما ارتأى إخوان الصفا، وتابعهم بصورة ما التوحيدي، ثم الصوفية المتأخرون كابن عربي ومن تلاه. وبالطبع، إذا كان الوعي يختزل حضوره الذاتي في الفضاء المادي بالمعنى شديد الفجاجة، فإنه لا يبتذل ذاته فحسب بل يبتذل كافة الكائنات من حوله، ومجمل العلاقات التي تربطه بها. حينئذ يتمثل الوعي ذاته، كما يتمثل كل كائن وآخر وعلاقة داخل فضاء الضرورة المقيدة ولا يستثنى من هذا علاقته بالمطلق. وهو ما يعني حصر الوعي، بل مجمل حضور الذات وعلاقاتها بما عداها داخل حدود الاستخدام والتشيؤ، أو في ظل علاقات عارضة متغيرة زائلة تنتهك حضور الذات، كما تختزل حضور الأشياء والآخرين اختزالاً مؤسيًا. ومن ثم، فإن فضاء الغفلة هو مجال للاستنفاد العدمي النفعي، حيث تنتفي إمكانات الجدل الحيوي الخلاق معرفيًا وقيميًا بين الذات وذاتها، وما سواها.

وربما كان امتلاء العالم، بل الذات نفسها بالفخاخ التي تترصد المرء فتخدعه وتغيب وعيه غيابًا تامًا عن إدراك الحقيقة في كافة تجلياتها المختلفة، هو نمط من أنماط إعادة إنتاج القمع والإذلال، تصدره الأشياء، ويمارسه الآخرون، بل كوامن الذات، ضد ذلك الوعي المنتهك لحضوره، وحضورها في آن. ذلك أنها تستبيحه نافية، بل مدمرة هيمنته وعزته الإنسانية، إذ تقتنصه كفريسة سهلة في حبائلها وتضلله، وتتأبى عليه، فلا تمنحه حقيقتها أو تتكشف له، بل تخايله دافعة به إلى عمق الغفلة والجهل. وحين يفقد الإنسان حضوره الواعي الحر أو هيمنته المعرفية، ومن ثم مركزية حضوره القيمي والوجودي في الكون، فإنه يغدو مجرد شيء أو بهيمة لا عقل لها تسقط صريعة في الشراك المتنوعة المنصوبة والمعدة لها سلفًا.

ولعل التوحيدي حين وصف الغافل بالمغيب المصروع أو بالواقع في الخبال والسكرة والعمه والوله، أراد إبراز مدى ما أصاب الذات من تدهور وانهيار، فغدت وجودًا عدميًا مبتذلاً، مستباحًا كالمصروع أو المخبول أو السكران فاقد الإرادة والعقل والمسئولية، ومن ثم الحرية والكرامة والكبرياء الإنساني، ويطلق التوحيدي على هذه الحالة تعبيرًا كاشفًا، هو فسولة النفس.

ومن اللافت حقًا أن ينطوي هذا الوعي الغافل اليائس، يأسًا لاواعيًا، على نوع من أنواع القلق السلبي، قلق القدر الذي هو مركب الضرورة والصدفة، وهو يعني سيطرة قوى عمياء بلا قانون أو نظام أو غاية. إنه قلق لاواع بدوره لا يضع الذات أمام فرادتها واستقلاليتها وحريتها، ومن ثم إمكاناتها المستقبلية، بل على العكس تمامًا يلقى بها في حمأة العالم لتفقد هويتها، وتفر من مواجهة مصيرها واتخاذ قرارها، الحر الإرادي. إنها حالة السقوط في العالم، والتلاشي بل الانسحاق في دوار اللامبالاة، وأوهام الأمان في أحضان اليومي وتفاصيله المبتذلة المشتتة. وتستسلم هذه الذات اليائسة القلقة دون وعي للاندراج داخل حدود القطيع أو الحشد، وتغدو رقمًا، لا شخصية متفردة متميزة. وبالطبع، فإنها تخضع تمامًا لمعايير القطيع وقيمه دون أدنى توقف أو مناقشة. ولعل الانغماس في القطيع، أو داخل حدود المتناهي، ومعايشة الإيقاع المتغير سريع الزوال لعلاقات هذا الفضاء اللاإنساني هو ما يمنح الذات أمانها الزائف؛ إذ تواجه اليأس والقلق القارين داخلها دون أن تعيهما بالغوص في أعماقهما حتى الثمالة، أو لنقل مواجهة التهديد بالتهديد دون وعي مأساوي بالمسألة، ولكنه وعي عبثي لا يعي قدر عبثيته. يقول التوحيدي:

وحين يبلغ العجز آخره، ويستغرق اليأس ظاهره وباطنه. أي رأى لمكذوب؟ أم أي عيش لمكروب، أم أي قرار لمرعوب؟ إرادة مشوبة، وعلامات متهمة، وطمأنينة قلقة.

وإذا كان فضاء الغفلة هو فضاء التشيئ والابتذال، واليأس والقلق اللاواعيين فإنه كذلك فضاء الوحشة المطلقة والاغتراب الحاد، حيث الهلاك والغرق في مساحات عدم التواصل وسوء الفهم المتبادلة بين الذات، وذاتها، وما سواها في آن. فحين تغيب الذات عن معناها الإنساني، كما ذكرنا آنفًا، فإنها تغترب عن حقيقتها الوجودية الأصلية، أي عن مراياها العاكسة والكاشفة للحقائق الكونية والإلهية بوصفها فضاء جامعًا لهذه الحقائق. إن هذه الحالة تنعكس بدورها على علاقات الذات بالأشياء والآخرين، بل بالمطلق ذاته حيث تسقط الذات في الرؤية الجزئية المبتسرة فتتشظى مراياها المعرفية. حينئذ لا تستطيع التقاط ذلك المعنى الكلي المتجلي عبر الجزيئات الكونية أو الكائنات بمستوياتها المتنوعة (الطبيعية والإنسانية)، وهكذا تغترب الذات عن ذاتها، بقدر ما تغترب عن كل ما عداها، لأنها لا تمتلك الوعي القادر على التقاط حقيقتها الذاتية الكلية الكامنة، أو حقائق الأشياء، ماهياتها الأصلية. وبلغة الصوفية، تعجز الذات حين تسقط في الغفلة عن قراءة الموجودات من حيث هي مجال للحقائق الإلهية الخلفية، بمعنى رموز وإشارات لابد أن تخضع للتأويل، أو كما يقول التوحيدي:

رمز وراءه رمز، وإشارة فوقها إشارة.

ويلتهم هذا العجز المعرفي، والسقوط اللاواعي في عمق المحدود والجزئي حضور الذات ويستنفد إمكاناتها، وينعكس بدوره على إدراك الذات للأصل الإلهي الواحد المطلق الكامن وراء الكثرة المتجلية بحقائقه وصفاته اللانهائية، التي لا تتكرر ولا تتماثل، حيث تنحصر علاقتها به في حدود الضرورة التشريعية بالمعنى السلبي لها، كعبد السوء، يرجو مباهج الربوبية ونعيمها، ويضيق بأوامرها ونواهيها، ويتحايل عليها مساومًا بالعبادة الزائفة، مقايضًا على الآخرة، مقايضة عبيد الدرهم والدينار فيما يطلق عليهم ابن عربي. ناهيك عن حصره المعنى الربوبي في صورة معتقده أو لنقل صورة احتياجه إن سلبًا أو إيجابًا، إن وعيدًا أو وعدًا.

ومن اللافت حقًا، أن ينطوي فضاء الغفلة على مفارقة أساسية تكمن في كونه فضاء للانتهاك. وفضاءات الانتهاك عادة ما تكون فضاءات لممارسة الحرية والانفلات والتمرد خارج حدود المعايير والقيم والقوانين السائدة بمستوياتها المختلفة. وهو ما يجعلها فضاءات خلاقة وساحرة ومغوية بصورة ما، رغم احتمالات التهديد والعقاب القائمة من قبل الآخر الذي تُنتهك قيمه ومعاييره أيًّا كان. غير أن الأمر في هذا السياق قد يكون سلبيًا أكثر منه إيجابيًا، لأن وضعية الغفلة، وضعية لاواعية، لاإرادية عبثية إلى حد كبير، أو بعبارة أخرى، فإن لذة الانتهاك هنا لذة وهمية زائفة قد تحول من يمارسها أضحوكة ومثارًا للتهكم والسخرية، أكثر مما تجعله مصدرًا للتهديد الفعلي للآخر وقيمه ومعاييره المستقرة الثابتة.

يحكى لنا إخوان الصفا في رسالتهم ما يلي:

ذكروا أنه كان رجل من أرباب النعم متدين، وكان له ابن متجاهر بالسكر، وكان الرجل كارهًا لذلك منه، فقال له يومًا: يا بني انته عن السكر، حتى أعطيك شطرًا من مالي وعقاري، وأفرد لك دارًا، وأزوجك بحسناء إحدى بنات أرباب النعم.

فقال ابنه: يا أبت، ماذا يكون؟

فقال الأب: تعيش فرحًا مسرورًا ملتذًا إما بقيت.

فقال ابنه: إن كان الغرض هو هذا، فهو حاصل لي.

فقال له أبوه: كيف ذلك؟

قال الابن: لأني إذا سكرت، وجدت نفسي من الفرح واللذة والسرور، حتى أظن معه أن ملك كسرى كله لي، وأتخيل في نفسي من العظمة والجلال حتى أرى العصفور مثلاً قدر البعير.

فقال له أبوه: ولكن إذا صحوت لا ترى ذلك حقيقة.

قال الابن: أعود فأشرب ثانية، حتى أسكر، فأرى مثل ذلك.

وهكذا تمارس الذات سقوطها، بل غيابها بلا توقف، مندفعة اندفاعًا عبثيًا نحو الهاوية المظلمة، وتحيي غفلتها ملتذة بالوهم الذي هيمن عليها، فأصبحت أسيرة في قبضته، يستلبها كيفما يشاء، وإن بدا أنها تسقط بإرادتها واختيارها. لقد قادت ممارسة انتهاك الذات إلى نقيض ما كان يُتوقع منها، إذ تحول فضاء الانتهاك الغافل إلى فضاء يكرس لمزيد من عبودية الذات وقمعها وتغييبها لا لحريتها وتمردها الخلاق. ولعل هذا يرجع إلى كون الذات مارست تجربتها ممارسة لاواعية بإمكانات الفعل ذاته وحدوده، حيث قامت الذات بفعلها داخل فضاء الوهم الذي ابتلع حضورها واستمتعت به عوضًا عن الحقيقة الواقعية القائمة. ذلك أن الذات فرت من مواجهة مسئوليتها المنوطة بها كذات إنسانية عاقلة مكلفة، وأسست حضورها في عمق الغياب عبر انتهاك معناها الوجودي الأصيل، ذاتها المتفردة، لتندرج في أوهام الحشد أو القطيع، وتُستنفد داخل فضاءاتها المدمرة لحضور الوعي ويقظته. حقًا إن وعود السكر وعود باهرة، فيما يخبرنا النص، خاصة أن ما نتوهمه هو دومًا ملك خاص لنا، لا يملك أحد حرماننا منه أو سلبنا القدرة على استعادته والاستمتاع به مرارًا وتكرارًا، ناهيك أنه يأتينا دون مجهود، ولا يحملنا مسئولية من أي نوع، بل يمكننا تجاهله وإقصاؤه حين نشاء. أضف إلى ذلك أن مخلوقات الوهم المنفلت خارج إطار القوانين الواقعية والعقلية، هي إمكانية مفتوحة لا نهائية الحضور، لا قيود تحدها، إنها رهن إرادتنا الجموح، وشططنا المستحيل، حيث تتحقق كل أشواقنا بيسر شديد داخل هذا العالم السحري اللذيذ. إن لذة الوهم لذة آمنة وفضاءاتها مليئة بالوعود الجميلة غير المكلفة، لكن الاستغراق فيها إلى درجة الاستغناء بها عن اللذة الواقعية، في هذا السياق، إنما هو تعبير عن نزعة عبثية يائسة، وإن كانت لا تعي يأسها وإحباطها. إن فتح باب الممكنات الذاتية دون وجود إرادة فاعلة واقعية لتحقيق هذه الممكنات، هو نفي لحضور الذات وإعلان لعدمها الخاص. بل يمكننا القول، إنه نفي وسلب لحضور موضوع الرغبة، إذ يدمج الموضوع في الوعي، ويفقد حضوره وشرطه الخاص ككيان مستقل مفارق مغوٍِ واعدٍ ومهددٍ في آن. ومن ثم ينبغي أن نفرق بين أوهام القطيع اليائس أو سيطرة الوهم المضلل الزائف، من ناحية، وبين الحلم الواعد للخيال المتمرد الخلاق الكامن في عمق تجربة الانتهاك بوصفها تجربة تمرد إيجابي إبداعي الطابع، من ناحية أخرى.

*** *** ***

الأوان، الأربعاء 6 شباط (فبراير)، 2008

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود