وصل
غاندي إلى بومباي بتاريخ 28 كانون الأول/ديسمبر 1931. وقد هتفَ له حشد من الناس
مبتهجين، لكنَّ أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب المؤتمر أبلغوه بأخبار سيئة:
اعتُقِلَ جواهرلال نهرو من جديد، ونُفيَ عبدُ الغفار خان إلى معسكر اعتقال،
واتَّخذ محافظو الأقاليم الاتِّحادية وإقليم الحدود الشمالية الغربية قراراتٍ
قمعيةً جدًا. ففي مدينة بيشاوَر
Peshawar،
أطلقَت الشرطةُ النارَ على الجماهير مسبِّبةً بذلك مقتلَ 11 شخصًا وجرح 50
آخرين. واعتُقِلَ أكثرُ من 1000 شخص. وفي مساء اليوم نفسه، خطبَ غاندي أمام حشد
يبلغ قرابةَ الـ 250000 شخص. وبعد أنْ عرَّجَ على ذِكْر الأحداث الأخيرة التي
جرت في الهند، تساءل عن القرارات التي ينبغي على حزب المؤتمر أنْ يتَّخذَها
لمواجهة هذه الأحداث...
كان
لويس فيشر، وهو صحفي أمريكي، يتابع بدقة حملات غاندي في الهند لسنوات عدة، وما
انفكَّ يتساءل عن الحكمة العملية لهذا الرجل الضئيل البنية الذي كان يطبق بنجاح
منقطع النظير قوانين المحبة على التحديات الهائجة لسياسة القوة. وحين سنحت له
الفرصة أخيرًا لزيارة غاندي في منزله، لم يجد ذاك السياسي الذي أسر قلبه، وإنما
كان غاندي الإنسان: حيويته الدائبة، دفء مشاعره، قوته الرقيقة الثابتة، حسَّ
الدعابة الذي لا يفارقه، وفرحه العارم. كان هناك رجل بلا ممتلكات خاصة ماعدا
غنى تجربته الداخلية؛ رجل بدا أنه يعاني من نكبات ونكسات بلا نهاية، لكنه لم
يفقد قط مرونته ومزاجه اللطيف؛ رجل لم يكن لديه سوى ستة أو سبعة كتب على طاولة
مكتبه، لكنه كان مفعمًا بالحكمة العملية.