علم نفس الأعماق
|
|
أيار 2004
|
في هذا
الإصدار
|
|
|
اختلفت
الآراءُ التي اعتُنِقَتْ حول طبيعة الأحلام
على مدى القرون وفي شتى الحضارات والثقافات
اختلافًا شاسعًا. ولكن سواء آمن الفرد أن
الأحلام تعبيرات حقيقية عن أرواحنا
المنطلقة، التي تغادر الجسم في أثناء النوم،
أم اعتقد أن الأحلام موحى بها من الله، أو من
أرواح شريرة، وسواء رأى فيها تعبيرًا عن
العواطف اللامعقولة، أم بالعكس، عن أرفع
قدراتنا الأخلاقية وأنبلها، فإن فكرة واحدة
لم تكن خِلافية، هي الرأي القائل بأن كلَّ
الأحلام ذات معنى وذات مغزى: ذات معنى، لأنها
تشتمل على رسالة يمكن فهمها إذا امتلك المرء
مفتاح ترجمتها؛ وذات مغزى، لأننا لا نحلم
بأيِّ شيء تافه، وإنْ كان من الممكن أن يعبَّر
عنه بلغة يختبئ فيها مغزى رسالة الحلم خلف
واجهة لا مضمون لها ولا معنى.
|
|
|
|
يُعتَبَرُ البحثُ في المشاكل المتعلِّقة بالمراحل
التي يمرُّ بها الإنسان في نموِّه من أصعب
المهام وأعقدها، لأنها تعني لا أقلَّ من
نَشْرِ ما انطوتْ عليه صورةُ الحياة النفسية
في كلِّيتها، من المهد إلى اللحد. وفي هذا
النطاق الضيق من هذا المقال، لا يمكننا
القيام بهذه المهمة إلا في الخطوط العريضة؛
وينبغي أن يكون مفهومًا تمامًا أننا لن نحاول
وصف الحوادث النفسية في مختلف المراحل، بل
سنقتصر بالأحرى على معالجة "مشاكل"
بعينها، أي على الأشياء الصعبة التي تبعث على
الشكِّ وتتسم بالغموض؛ باختصار، على المسائل
التي تسمح لنا بأكثر من جواب، بل تسمح لنا
بأجوبة هي عرضة للشكِّ على الدوام. ولهذا، سوف
يكون لدينا الكثير مما يجب أن نضيف إليه علامة
استفهام في أذهاننا. ولعل الأدهى من ذلك أن
تكون لدينا أشياء ينبغي لنا التسليم بها عن
إيمان، بينما ينبغي لنا أن نطلق لتخميناتنا
العنان بين الفينة والأخرى.
هل الأزمة الحالية هي أزمة مساواة
المرأة مع الرجل؟ أم هي أزمة الرجولة؟ أم هي
أزمة هوية؟ إنها، في الواقع، هذه جميعًا.
منذ
فرويد، نعلم أننا لسنا أسياد إرادتنا
بالكامل؛ إذ يدور فينا مشهدٌ آخر غير العقل هو
اللاوعي، مكان الرغبات المكبوتة الهاربة منا.
وقد حافظ المعالج النفسي كارل غ. يونغ على
لُباب النظرية الفرويدية، معتبرًا، من
ناحيته، أن اللاوعي، "كالماء الذي يحمل
السمكة ويسمح لها بالسباحة"، هو أيضًا
خزَّان كبير للإمكانات المخبوءة. يساهم هذا
الجزء المجهول فينا في تحقيق ذواتنا؛ ويسميه
يونغ باللامعقول. لو رفضْنا أخْذَ اللاوعي في
الاعتبار لارتدَّ إلينا عبر ضربات القدر.
يُعتبَر إنكارُه سذاجةً ويسبِّب لدى ناكريه
اضطرابات نَفْسجسمية وعصبية وجنسية وسواها.
|