|
لذاكرة مكتظة بالدمامل على نحو ما
إلى غازي برهوم .. سامحني يا أخي، فلقد كان الميراث المعمد بالدم ثقيلاً، ولم أكن أملك سوى هاتيك الكلمات وبعض دموع، فسامحني واغفر لي! على البعد، على البعد وفي عمق المشهد، كانت الأقدام الخائفة تدهس أنصال العشب عند أطراف الوادي المنحدر، عند الأطراف تمامًا. وكصورة سينمائية أبطئت حركتها تحت سماء شزرة، شزرة وزرقاء بشكل فظّ، كان الرجل يهرول مُحتضنًا صغيره على نحو ما، لكنّ طرفيه، الطرفين السفليين للصغير، كانا يتدليان كخرقة مبلولة. وفي الخلف، في الخلف نحو الأعلى، ربّما لأنّ الرجل بدأ ينحدر سريعًا نحو الوادي، أو لأنّ المرأة كانت تركض بتثاقل، تتعثر.. تتعثر فتعلو ضفائرها نحو السماء كجناحين كسيرين لطير مهيض، وترتفع يداها بشكل لا إراديّ، ترتفعان ربّما لأنّهما ترومان توازنًا مُفتقدًا! وأخيرًا لاح لهما نهر الأردن في الشرق. لاح لهما مُتجهّمًا لسبب ما مجهول! وعلى نحو مباغت توقف الرجل... توقف، وأدار عينيه الحائرتين الدامعتين في سماء مُحايدة، سماء مُحايدة تقطعها رؤوس الشجيرات وذرى المرتفعات المُتكسّرة على تفاوت.. هل أراد أن يقول: "لا!" أن يحتجّ مثلاً، أو يحتدّ مُعترضًا! ألهذا بدأت الذاكرة تستعيد بطريقة سيئة ومتداخلة - ربّما لأنّها تفاجأت بحصار اليهود للقرية، التي ما فتئت تتمسّك بحافة المنحدر على جزع - صورَ القتل، صور القتل والدمار!؟ هل عجز عن شرح الواقعة لزوجته؟ هل عجز فتشبثت عيناه الغؤورتان المحتكمتان إلى اليبس بالصخور الناتئة والنافرة على نحو مُبهظ، ثمّ تابعت قدماه المتقصفتان هرولتهما بصورة أبطأ!؟ ولكّن متى.. متى وأين!؟ لقد اختطف الصبي على عجل، وأومأ لزوجته المرعوبة أن تلحق به. فمتى وكيف وأين!؟ إذْ ها هو يتفاجأ بسائل دافىء راح يخضّب قميص الصغير فقميصه! وآنّ وضع يده الراعشة على قلبه، تمامًا على قلب الصغير، ترنحت الأرض تحت قدميه، ترنحت ومادت أو ارتطمت بماء النهر في أسفل الوادي، هناك... في الأسفل حيث الأرض تتدثر بخضرة داكنة! ألهذا - مثلاً - راحت الذكريات تنفر من شقوق المخيلة، وتهوّم كخيول رامحة في عراء ليس له نهاية!؟ مقدّمات لفصل الرحيل: هناك... قريبًا من بحر فيروزي، راح يتوسّط الجهات، كان ثمّة فندق عريق، وهناك في الداخل، هناك في الجهة المطلة على البحر، تمامًا في الجهة الـ، كان ثمة جناح ملكيّ، جناح تتكلف المنامة فيه ألفي دولار لليلة الواحدة، فقط ألفي دولار! وفي أصل من ذاكرة الكبار، في أصل منها، أو في فرع، كان الفندق قصرًا لآل محمد علي باشا، أمّا الجناح فكان ينضوي على غرفة نوم الملك فاروق، آخر حاكم في سلالة ملعونة. هناك كان الملك ينام. نام الملك - إذن - تاركًا جنوده لرمال سيناء تذروهم على أصابعها. راحت الرمال تذروهم ثمّ تدفنهم، غبّ رصاص ما طفق يرتد نحو النحور . كان ذاك إبّان حرب وسمت بالإنقاذ، حرب خيضت ضدّ المُحتلين الصهاينة، لكنّ مكر التاريخ - بعيدًا عن هذر الجغرافية وجّه الرصاص، أو ما يُشبه الرصاص - في ما بعد - إلى شخصه على نحو ما بجريرة ما فعل! في التفصيل على المقدمات: هو كان ابن عائلة عريقة تقليديًا، بيد أنّه تفاجأ بما حصل حدّ الذهول، الذهول والانخطاف معًا. وفي التوّ سقط في الرُجعى، فاستعادت المخيلة - في جملة ما استعادت - تعليق شقيقه الساخر أن "كفاك كذبًا، فأنت عاجز - حتى - عن استعادة قطعة أرض تخصّ العائلة!". إذاك كان خطابه الناري يُسطرُ مفرداتِه - عن أرض سليبة ستُستعاد -، يُسطره برماد مُطفأ. وراح تصفيق الجمهور الهادر يطعن القلب كشفرات رهيفة! حدث هذا غبّ استفتاء أو إحصاء قامت بها حكومة ما، في عهد ما، في مكان ما، في زمان ما. وعلى عادتها وسمتها حكومة أخرى، حكومة أخرى تلتها، بالرجعية من غير أن تلغي نتائج ذلك الإحصاء. ولأنّه كان ما يزال متفاجئًا حدّ الذهول والانخطاف، لأنّه كان مُتفاجئًا، نسي أن ينبس ببنت شفة، فهمس الآخرون في أذنها، أذن الحكومة طبعًا: "ولكنّه كان في الأمس القريب رئيسًا لأركان جيشكم، فكيف سقط اسمه من لوائح المواطنة؟ كيف سقط ليتهاوى كورقة خريفية تهرأت في خانة أخرى!؟" تفصيل على تفصيل: لقلب مجيد فصل من الانكسار إذ هي ذي فقرات العمر تشرف على خريف أعجف! وها أنت يا مجيد صنو الجنون، فمن يُقايض عرق الحنطة بقطعة أرض في براري الله الوسيعة!؟ وها هم أهلوك - كعهدك بهم - يتجاهلون هذرهم عن جنونك، ويلحقون بك كنزيف، نزيف مدرار خلّفَ وراء ظهورهم عقدًا من القرى، عقدًا ترابيًا من القرى التي خوت أو تكاد! فهل كنتَ تعاندهم، وأنت تقايض جهد بائع جوّال - هذه المرّة - بمربع أرض مُربّع آخر في مقاطعة أخرى!؟ هل كنت تعاندهم، أم أنّك كنت ترى إلى ما لا يرون!؟ ولكن أن تخذلك مفاصل القدمين، وأنت لم تفرغ من قراءة كتبك الصفراء القديمات تلك، وأن تغيب إذاعة حبيبة إلى القلب فجأة، أن تغيب كتبك القديمة والإذاعة دفعة واحدة، فتقف على الحواف منتظرًا الأفول، فقط مُنتظرًا كما قمر مُنكسر أو كذئب كسيح؛ أن تخذلك مفاصل القدمين آنئذاك، فذاك أمر جلل! وها هو الجنى يسفر عن هباء، هباء ولا شيء غير الهباء، إذ ذاك كانت الدروب بينك وبين السجن سالكة مُعبدّة، سالكة كانت، فكانوا يلعنون الساعة التي استقرّ رأيهم فيها على اعتقالك المتوالي كحبات سبّحة. هم يلعنون وأنت تكفر بهم، تكفر بهم جهارًا! وها أنت ترتب حلاً للمعضلة على طريقتك، فتلقي بمتاع زهيد - اسفنجة رثة، وبطانية فقدت ألوانها بسبب الحياء ربما، أو تحت وطأة عمرها المديد، ووسادة غادرت ريشها منذ أمد - تلقي بمتاعك الزهيد فوق ظهرك، وتقف كنبتة إثل، تمامًا كنبثة إثل بجانب جسر هرم أوكل إليه حراسة المارين من وإلى، من بيوت متعبة مصدورة إلى بلدة فتية وخجولة! وها هي عربة الدورية تقطع الجسر في طريقها، تقطعه لاعتقالك للمرة الـ ... للمرة الألف ربّما! وها أنت تنادي على رئيسها، تناديه، فتتوقف العربة بسبب من دهشتها. تتوقف لتجيبه بأنك كنت تنتظرهم! وها هو رئيس الدورية يُخفض رأسه كالمُتألم ربّما، أو كمن اكتشف - للتوّ - مدى التلف والحيف اللذين ألحقوه بأعصابك! وها هو يرفع رأسه أخيرًا، يرفع رأسه مربتًا على كتفك، ليُسرّ إليك بصوت خفيض، وهو يغمز لك بهدوء باسم يشبه التعاطف على نحو ما: "ألم نتأخّر على المفرزة يا رفيق مجيد!؟" ذلك أنّ الأوامر - في المؤدى - هي الأوامر! فصل التشظي والجنون: ولأنّ ما حدث كان يفوق طاقته على الإدراك، طاش في فلوات وسيعة لا يعرف مسالكها أحد! ولأنّ ما حدث كان موغلاً في جسد الغرابة، راح الأهل يبحثون عن ابنهم الفقيد. راحوا يبحثون عنه بلا جدوى كالخذروف. أمّا كيف وقعوا عليه فجأة... وأين أمضى ذينك الشهرين الطويلين، ولماذا اعتقل الصمت لسانه تحت عباءته البكماء... صمت مُدوّ وفارق، ولماذا كان يفيق عندما تسبل المنازل جفونها، لماذا كان يفيق غارقًا في لجّة من العرق، ليصرخ وينشج بحرقة ما بعدها حرقة!؟ فلا أحد على وجه التحديد يستطيع أن يُضيء تلك الأسئلة بقناديلها المُضيئة! فيما بعد... فيما بعد، وبالتدريج ستستعيد ذاكرته تفاصيل كابوس لا يُحتمَل، كابوس سيزرعه في دائرة من دهشة، لم تُعْط الوقت لتفصحَ عن نفسها، إذ كيف لقوم انقسموا شيعتين، في مسألة تنتمي إلى حقل التاريخ لا الجغرافية، كيف لهم أن يمحضوا بعضهم حقدًا خالصًا، حقدًا شبيهًا بحقنة سمّ زعاف!؟ حقدًا سيدفع بطرف منهم إلى تفريق الجمع إلى جمعَيْن، فيصْطفُوا رهطهم ، يصْطفُونه ويحذفون الفرقة الأخرى بدلالة رصاص ضاغط، رصاص لم يتردّد أبدًا في الإسراع نحو الصدور العزلاء كخرافة!؟ ولأنّ المكان كان ضيّقًا كخرم أبرة، أو لأنّ العدد المحشور في مضيق الموت كان كبيرًا. لأنّ المكان، أو لأنّ العدد ... لم يعد يعقل كيف ألقى بنفسه على عجل في وجاق النار المُطفأ، ولا كيف ألقى زميل له بنفسه فوقه مسوطًا بالهلع والرعب والدهشة والاستنكار! ولأنّ المكان كان ضيقًا وكتيمًا، ولأنّ الجسدين اندغما بفعل الخوف، الخوف والضيق وأحاسيس أخرى استعصت على الفرز آنذاك، أعياه معرفة مصدر الدم الساخن، الذي راح يُخضّب جسده في غير مكان. ربّما لأنّه- لوهلة - توهّم بأنّه هو الذي ينزف، ربّما لـ، لكنّه - وإلى الآن - لا يعرف كيف نجا من الإرث المُعمّد بالكره والدم، ولا كيف هام في البراري لشهرين طويلين.. طويلين! ولأنّ الميراث كان ضاغطًا، تداعت إلى ساحة المخيلة مسرحية مماثلة. مسرحية ذات فصول بغيضة، شهدتها مدينة ما، في مكان ما، في زمان ما، في قطر عربيّ ما، ولكن بعد أن تبادل الممثلون الأدوار بإفراط! فصل من سورة النساء: أنّه جاء في كتب التاريخ كافة، تأسيسًا على أنّهن قد خُلقن من أقمار مكسورة ونبيذ وأقحوان وعنبر ودهن لوز، بأنّ الأمهات الفلسطينيات إذ انشغلن بصناعة القنابل، قنابل قيل بأنّّها قُدّت من حجارة سجيل، ربّما لأنّهن كنّ ينتمين إلى خير أمة أخرجت للناس، كان ثمّة أمّهات أخريات في مكان ما، في زمان ما، في قطر عربيّ ما أو أكثر، قد اقتعدن رصيفًا ما، في شارع ما، يعرضن عليه باقتي بقدونس- وفي رواية أخرى عن عبد الله بن عليّ - بل جرزتي بابونج، أو ثلاثًا من علب الكبريت، أو من دخان مُهرّب، دخان احتاس الجميع في معرفة الطريقة التي عبر بها الحدود! مُضيفًا بمكر ربّما، وربّما بأسى، بأنّهن كنّ قد نسين كل ما يتعلق بتاء التأنيث الساكنة من زينة. نسينها، وقطعن نون النسوة، تلك النون التي كانت مُتشبّثة بأذيالهنّ بعناد. بيد أنّ رائحة طيبٍ ظلت تفوح منهنّ، ربّما - والكلام ما يزال بيمين عبد الله - لأنّهن كنّ كالسمك، ما يزلن يتحمّمن كل سنة مرة، وبشيء من إسراف مُكابر! فصل الهُويّة: ولأنّك بدوي من مقام البساطة، ولأنّك بدوي واضح وضوح طلقة مُسدّس، ولأنّك أقرب إلى الفطرة الأولى والسذاجة الأولى والأرض العذراء البكر، أعياك استيعاب النظرة المطلة من عينيّ المُوظّف، تلك النظرة المُطلة من عل، أعياك الاستيعاب وأربكك، بل وأخافك بعض الشيء! ألهذا أضيف إلى مواطن خيباتك الخصيبة انكسار جديد!؟ ألا يكفي الحرمان من لحم مشويّ راح يبهظ الذاكرة بغلاء مباغت، وأنت الواهم بحلم بسيط مع كل نزول نحو بلدة ثرّة... حلم بسيط ولكن عزيز!؟ بيد أنّ جاركم ذنون حتو رجل طيب وشهم. رجل طيب، نعم، طيب وكريم، فلماذا رمقك الموظف بتلك النظرة الشزرة المُستنكرة!؟ ثمّ أنك لم تقل شيئًا خطيرًا، فإلامَِ ذهبت به المظان!؟ فقط كان الفضول يسوطك بقوة، فسألته ببراءة طفل أن أين ستذهبون بالبطاقات الشخصية القديمة، غبّ أن استُبدِلت ببطاقات جديدة.. جديدة ولامعة على نحو مُفرط!؟ ولمّا جاءك جوابه بأنّها ستنتهي إلى الفرم، فلا يبقى منها سوى نثار تذروه الرياح. عندما جاءك جوابه ذاك، أفلت منك السؤال بدهشة طفل، أفلت كنابض، تمامًا كنابض مشدود... أنت لم تكن تقصد. مُؤكّد أنّك لم تكن تقصد. ثمّ أنّك لم تكفر بالآلهة... أليس كذلك!؟ فقط، وببراءة ما بعدها براءة، واجهته بالسؤال: "ولكن لماذا لا تمنحونها لأولئك الذين يحملون بطاقات حمراء..!؟" وللهذيان فصله: وكان أن جاء زمان عجيب. زمان لا يشبه ما قبله، ولا يتصل بما بعده. ربّما لأنّ منكرًا ونكيرًا غادرا الكتفين على سبيل الاحتجاج، أو لأنّ الأرض راحت تتعرّق من فرط الخجل والتوتر والغضب، وإمّا أمسكت بالأشياء تقصّفت على نحو مدهش، حتى دويبات الأرض أنشأت تنفر، فان يُنكر الابن أبيه، أو أن يطعن الصديق صديقه في الظهر، تمامًا في منتصف الظهر، فهذا وارد، لأنّه تواتر مرارًا على نحو ما متشابه، ولكن أن ينقسم الجمع بين هذا الفصيل وذاك، وأن يلصّ الشقيق روح شقيقه الطهورة برصاص غفل، لا لشيء إلاّ لأنّ هذا ينضوي تحت جناح "فتح"، وذاك يميل جهات "حماس"، فلقد أعيا الأمر الأم الفلسطينيّة، وقصم ظهرها على نحو مبرح، فتهاوت على التخوم بين قطاع وضفة! خاتمة فصل الرحيل: ولم يشأ أن يخبر زوجته بمصابهما الكبير، هو لم يشأ ذلك، فتابع مسيره الواهن فوق أرض سكرى، أرض سكرى راحت تترنّح، وسماء مُتماوجة وزرقاء أو مزرقة على نحو غريب. وأخذ النهر المتعرّج كذيل أفعى مُعمّرة يدنو. كان النهر يدنو، بيد أنّ السرّ الضاغط أنشأ يُثقل على فؤاده المُثخن، لقد تأكّد له موت وحيده، فحتّام يُخفي المصيبة عن زوجته!؟ أكثر فأكثر أنشأ النهر يقترب، كان النهر يدنو، وإلى الشرق منه، إلى الشرق تمامًا، كانت الحافة الشرقية التي تحدّ الغور - على صورة حيوان خرافيّ ضخم، أو ضرع بقرة مُتعدّد الرؤوس - تنهض على نحو نافر ووعر، إنّها الأرض التي ترتمي إلى الشرق من نهر الأردن إذن... "ولكن لماذا أيها الإله الرحيم!؟ لماذا... ولمصلحة من!؟" مُبرّحًا كان السؤال، ومبرحًا كان الجواب المؤسي، مُبرحًا إلى درجة استحال معها التكتّم أكثر، فالتفت إلى الوراء، التفت ليُفضي إلى زوجته بالوشل المدمّل الذي أخفاه خفق الضلوع، التفت ليفضي، وراعه أن لا أحد كان هناك، هناك حيث ينبغي لزوجته أن تكون، فانصعقت ذريرات الوعي، التي أعياها اكتناه الموقف. "ولكن هذا - على نحو ما - غير منطقي... غير منطقي وغير عادل!" انصعقت الذريرات، وهبط قلبه نحو القدمين، نحو القدمين تمامًا. وبهلع مُتوجّس تململت عيناه في محجريهما لائبة... فهناك... هناك عند المنعرج، هناك حيث تُغيّبُ شجيرات قصيرة وكثة ملامحَ الدرب، كان ثمّة جسد مُتكوّر... مُتكوّر ومُتكوّم على ذاته بشكل فظيع، ربّما لأنّ الألم الذي نالها إثر الرصاصة الغادرة، ربّما لأنّه كان مُبرّحًا، وفي المسافة التي بدت - إذاك - شاسعة وباهتة تلوّنَ المشهد بأحمر شبيه بالحناء... أحمر كالحناء ولزج، فخوّض في الماء إلى الركبة، وكم شعر - آنذاك - بالعطش... بالعطش والاختناق. وعلى نحو ما تهاوى ببطء نحو الأسفل، تهاوى بكرب، وأفلتت يداه جسد الصغير البارد، أفلت جسد الصغير الغضّ والبارد، ليرتفع في الأمداء عواء إنسانيّ مديد.. مديد! *** *** ***
|
|
|