التواصل البصري
في الصفحات الأولى من الكتاب الوجيز في طب العيون الذي درستُه خلال سنتي الدراسية
للطب، كان مكتوبًا: "العينان هما مرآة النفس". حيث أصبحتُ أتساءل وأنا متأكد، بأنني
كنتُ قد سمعتُ بذلك سابقًا، وأنا متلهِّف لكي أتعلَّم أكثر بخصوص الوظيفة التعبيرية
للعينين. ولكنني أُحبِطتُ بعمق، فالكتاب لم يكن يحتوي على أية إشارة للعلاقة بين
العينين والنفس، أو بين العينين والمشاعِر. فالتشريح، والفيزيولوجيا، وعلم أمراض
العيون كانَت موصوفة على نحوٍ مستفيض بشكلٍ آليٍّ، كما لو أن العينين كانتا عبارة
عن ماكِنة كآلَة تصوير فوتوغرافية، على عكس أعضاء الشخصية التعبيرية.
أظن أن الباعِث الذي جعل طب العيون يتجاهل هذا المظهَر للعينين، هو أنه يلعب دورًا
في نظام بدقة علمية، عليه أن يعمل كقاعدة وفقًا لمعطيات موضوعية. فالوظيفة
التعبيرية للعينين ليسَت انفعالية لعدَسَة مرئية، كما أنها ليست عرضةً للقياسات.
ولكن هذا يطرَح السؤال التالي: هل تستطيع منظورية العدسة العلمية أن تفهم بشكل
كامِل وظيفة عينَي الكائن الإنساني على هذا الأساس؟ لا يستطيع الأطباء النفسيون،
والدارسون الآخَرون للشخصية أن يسمحوا لأنفسِهم باستخدام منظور ضيِّقٍ إلى هذا
الحدِّ. علينا اعتبار الشخص في طبيعتِه التعبيرية، والطريقة كما رأيناها لا
تُحَدِّد فقط كيفيةَ فهمِنا لها، ولكن كيف تستجيب لنا أيضًا.