ما لا ينبغي تفسيرُه

 

ممدوح رزق

 

في طيِّ الكتمان

ما الذي جنيتَه من هذا؟

أدركتَ أنه لا فائدة منَّا

وأننا غير نافعين لترويض آلامك

فتمددتَ فوق الفراش

وأغلقتَ عينيك

متظاهرًا بالنوم

وحينما جئنا لنوقظك

لم تستجب

مرة بعد مرة

ولم ترد

هكذا

أصابنا الذعر والفزع

ورأيتَ

في عيوننا

خوفًا بالغًا

حينما فتحتَ عينيك بتثاقل

ووجدتَنا نسارع

لنحتضنكَ

فرحين بأننا لم نفقدكَ

ها

وماذا بعد؟

ألم تشعر بأنك لا زلتَ وحيدًا؟

وأن حيلتكَ هذه لم تغيِّر شيئًا؟

صراحة

أنت معذور جدًّا

فأنت لم تعثر أبدًا

سوى على أناس مثلك.

 

ما لا ينبغي تفسيرُه

استيقظنا

فلم نجدكَ

بحثنا عنكَ في أرجاء المنزل

ولم نعثر عليكَ

خرجنا جميعًا إلى الشوارع

نحمل كارثة خروج رجل عجوز بمفرده

فاقد للذاكرة

حافي القدمين

ولا يرتدي سوي ثياب نومه

ظللنا فترة طويلة

وفى أماكن مختلفة

نسأل

ونبحث

بلا جدوى

بينما تتمزق أذهاننا

في تصور ما يمكن أن يحدث لك

لكن

يااااااااااااااااه

كيف لم يخطر ببالنا

أنك ستكون في هذا المكان؟

بالفعل

وجدناكَ هناك

عند شاطئ النهر

الذي كنتَ تأتى إليه منذ سنوات طويلة

كلما تأكدتَ أنك بلا أحد

يمكن له أن يستمع إليكَ

أو على الأقل

يتبادل معكَ تلك الابتسامة المرتبكة

التي تعوَّدتَ دائما أن تبتسمها

كلما وجدتَ نفسكَ محاصَرًا

بالأشياء التي لا تفهمها

في هدوء

سرتَ معنا

عائدًا إلى المنزل

بالضبط

مثلما كنتَ تعود دائمًا

متطلعًا إلى الوجوه من حولكَ

بنفس النظرة القديمة

التي تحاول العثور

على شيء ما.

 

موضع الطعن

مات

وعيناه تتطلَّعان إلى هناك

نحو النافذة التي وقف فيها ذات يوم

ورأى وسط ازدحام الشارع

طفلاً حزينًا يمشى بمفرده

وينظر إليه

وقبل أن يختفي في نهاية الطريق

وقف للحظات

وأشار إليه بالسلام

ثم غاب.

 

نهاية اليوم

راقدًا فوق الفراش

مغمض العينين

وقتًا طويلاً

ومازلتُ أحاول النوم

الآن أسمعه

ينبح أسفل النافذة

أكاد أراه

يحرك رأسه في اتجاهات كثيرة

بعينين منطفئتين

ويواصل النباح

لماذا يفعل ذلك؟

لماذا لا ينام؟

ألأنه الآن

في الساعات الأخيرة من الليل؟

ولأنه طوال اليوم

ظلَّ يمشى كثيرًا

حتى وجد نفسه فجأة

هكذا

ومجددًا

بلا استجابة؟

ربما لهذا

لا يعرف كيف ينام

ولا يريد أن ينام

فقط

يريد أن يظل ينبح

وينبح

في فراغ الشارع

حتى يتعب من كثرة النباح

فينام دون مفرٍّ من تصديق

أن اليوم قد انتهى بالفعل

أممممممممممممممممم

لم يعد هناك الكثير

على بداية الصباح

إذن

س...أ...ن...ا...م

 

تحية الوداع

... وكان آخر ما اشتكيتَ منه

ذلك الذباب الذي ملأ حجرتكَ

داخل المستشفى

قبل ساعة واحدة

من العملية الجراحية

لإزالة انسداد فاسد بالأمعاء

بعد ساعة واحدة

تمَّ حملُك إلى القبر

بينما ظلَّ الذباب في الحجرة الخالية

يتفحَّص رائحة خمسة وستين عامًا

كأنما يطمئن

بأنه حتى اللحظة الأخيرة

كان كلُّ شيء على ما يرام.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود