أعراض سير في حلم قسري

 

فخري رطروط

 

1. مشاهد فاضحة

* ملاك أسود لا أجنحة له – أبالسة طلقاء – خلاعات ملكية
عرق بشري – سكارى جحيميون – رائحة عاهرات آسنات.

* وجوه مشوَّهة – متسوِّلو ريح عقيم – صليب يجرجر مسيحَه – صوتُ وَثْبٍ حثيث
عري الكائنين الأولين – أيادٍ تريد أن تتشابك – وفي الخلف طوفان عصاة ومؤمنين.

* لا يرمش لك جفن – تنظر بصعوبة أخرى – تتساءل: إلى أيِّ جحيم يمضي هؤلاء
ولماذا يُبقونك في الجنَّة وحيدًا؟ – تراقب مشدوهًا مهرجانات النار والقسوة.

* نداءات آمرة متداخلة – حَضَر تحوَّل – حاذروا التعثر – ارقصوا في لهب
أشيائكم – أغلقوا الستائر: فكلِّ المشاهد فاضحة!

 

2. حطام العين

تضيق عيناك قليلاً
الضياءُ جارح
شرفتان مهدَّمتان
ترقبان كونًا شاسعًا
يتقلَّص شيئًا فشيئًا.

أية قوة تدميرية حبستْه في عينيك
لا شيء يهتز
سوى حطام عينيك:
متمترسًا خلفهما
تقاوم كلَّ ما يأتي
وكلَّ ما لا يأتي
الجحيم في عينيك:
تبًّا لتلك الجنائن العمياء!

التأمل الرديء في كأس
أرضك المترعة بالفراغ
تلك هي كينونتك:

لا تمتلئ
لا تفرغ
لا تشرب.

[مخرَّب بالأمل النائم على بوابات العالم، ناسيًا أبدًا كلماتك السرِّية.]

 

3. مسٌّ من الظلمة

الكلُّ عبروا
أيها الأبله الذي ضاع عن نفسه
أضواءُ العالم تخبو
شيئًا فشيئًا
سيفتك بك الظلام
الأشباح تحب الأطفال، أليس كذلك؟

سيحملك على ظهره
ويطوف بك سوادَ العالم.

حبل السرَّة يربطك بالعالم
ينقل إليك السمَّ في بطء
لن تجرؤ على قطعه!

لم تعد تميِّز الجنَّة من الجحيم
آه، كيف اختلطت عليك الأمور؟!
لا عليك، الموت مزدوج.

قنديلك الأبله
ماذا سيكشف لك غير وجه الألم الأعمى؟
أطفِئْه!

كأصم تمضي أوقاتك في قرع الأجراس
لا أصوات تدخل
لا أصوات تخرج
وفي قلبك زلزلةُ العالم.

 

4. ممالك متبخِّرة

تقيم ممالك
تذبح ملوكًا
تلبس التاج
تحطِّمه
المعطف مرقَّع.

الحياة تتبخَّر من بين يديك
بماذا ستلهو فيما بعد؟
كفَّ عن رؤية العالم بعينَي طفل
فرج العالم ناضج بالأسرار
أورثوك شيطانًا
لم يكسر كبرياءَه كلُّ هذا الجحيم.

حطام جمع
أرواح نفخت
الجنَّة نضجت
تسرَّب الملل
بدأت:

عربدةُ شياطين
تفاحٌ مقضوم
منافي تلوح
عوراتٌ تنضج
رهاناتٌ شيطانية
أخٌ قُتِلَ وآخر يعذِّبه السأم.

 

5. خشخشة الأقفال

الغرابُ يعلم الحكمة
أين السر:
من أين تدفقت هذه الفوضى؟
مَن سيلملمها؟
مَن سيخيط للوجود بزَّة أخرى؟

حين أموت أنطلق منضومًا
كسهم ناريٍّ ينطفئ على جدار العتمة الأخيرة.

العقلُ يعمل بطريقة تدميرية
كم أخافك، أيها الرب
حين أسمع خشخشة الأقفال!

البرج الخشبي الذي بنيتُه لأصل إليك
نَخَرَه السوس
لم أترك جبلاً إلا وصعدتُه
أقيم فيه أربعين دهرًا
السهول دائما تُنكِرُني.

آبق
ملعون
مشطور
مغرَّر به
السر الطافي في الكون بدأ يشقِّق بياضَ عينيه
في أقبية الآلهة فُتِحَتْ كلُّ الصناديق المغبرَّة:
كانت جميعها فارغة!

وراء الحجاب إدانتُك
وما قبل الحجاب مقتلُك.

وحيد سادي
خازن جنان فارغة
إن وطئها أحدٌ تسرَّب إليك طوفانُ جحيم.

الجحيم الوارف الذي يسيل في داخلك
صدى

جنانٍ بعيدةٍ تفتك بك.

سائرٌ لأقبل أول جحيم
هذه الجنان الباذخة لا تليق بضجيج قلب.

 

6. ثورة العماء

الأعمى السائرُ في حلمه
يخبِّئ الجنانَ في عينيه
ظهرُه محزَّز بسياط الجحيم
والأرضُ قلبُه الذي انفرط.

لاجئٌ أخير
طُرِدَ من الجنان
لا يريد العودة للجحيم
ويرفض أن يموت
أشلاؤه على سياج الجنان
تروي سيرةَ جحيم
لا زال يتميَّز من المتعة
في نظراته الممزَّقة
أشلاؤه الممزَّقة على سياج الجنَّة
وَلَهٌ ناضج.

ما رأى سياجًا إلا وحطَّمه
حتى سياج الجنان –
ليتداخل
الحزنُ في الفرح
الجنَّةُ في الجحيم
والعصارة ستكون أنت
كما كان الكون.

 

7. تاج الليل المشقوق

الرغبةُ في النظرات!
ثمة مداراتٌ زاهيةٌ تتعثَّر في عينيك
تقودك روائحُ مُسكِرَةٌ عتيقة
إلى ذراعَي الأبدية.

ضفافُ الجحيم نائية
الأبوابُ موصدة
القيامةُ بعيدة
القلبُ ثانيةً مُتعَب.

تسلم الروحَ لطيور سوداء
في مناقيرها أشلاءُ شمس معذَّبة
ودَّت يومًا ما أن تنتحر احتراقًا:
الشموسُ دعوةُ انتحار لا يحتمل التأجيل!

الروحُ خفيفة
هسيس الهواء حادٌّ كشفرة
فقاعاتُ اليأس الشفاف تطفو من فمك
الذكرياتُ السوداء مكمَّمة
تاجُ الليل شقَّقَه ضوءُ عينيك المتسوِّلتين
ظللتَ طوال الليل تردِّد:

الفضاء بارد
للعجز عطايا
الكفن أبيض
الحقيقة سوداء –
تلك ثيمته المشروخة.

لك:

عتبات الشك
وسلالم الخوف
درجات الموت
لا تهبط
ولا تصعد
ولا تموت.

لك:

ذراعا الأبدية –
ماذا بعد؟

 

8. حمائم تنام تحت جفن

اللوعةُ لا يهدأ جمرُها
صرختك لن تكون وسادةً للخلود
مريضٌ بالوجود
كيف ينام
إنْ أغفل لحظةً واحدة؟!

أفزعتَ النواقيس
الحمامُ النائم تحت جفنه
شاخصٌ بعينيك
تعرف أن
للخوف أجنحة
للخوف المتمدد في الظلِّ روائحَ نفاذة
بالآزال والآباد
لا تفنى ولا تبيد.

خوفًا بعد خوف
حطامًا بعد حطام
تجرجر أشلاءك نحو الأنوار المطفأة.

بين النَّطْع والسيف
تزلف إليك هذه الدنيا
بين الجنَّة والجحيم
تزلف إليك رائحةُ الضجر
بين الموت والخلود
تزلف إليك رغباتٌ أخرى
بين قلبك وعقلك
يزلف الخوف
بين ما تحب وما تكره
يزلف إليك الشك
اليقين يتراقص في قلبك الذبيح
والخوف قيامتك
أصحابُ اليقين هم أصحاب الخوف.

وهمٌ كبيرٌ ما يُثقِلُ كاهلَك
أيها المشرَّد في براري الحقيقة
الوحل الذي لطَّخ قدميك
لن تغسله ماءُ النبوءات.

نفخ فيك الربُّ نفخةً واحدة –
ماذا لو كانت نفختين؟
أية سماء ستطيق صراخك؟!

أنت لا تطير من الأرض إلى السَّماء
أنت كتلة عذاب تسقط من السَّماء الثامنة
على ربوة مسنَّنة.

الظلام – مجدُك الذي اكتمل –
ينساب في عينيِّ الموت بهدوء.

آه كيف ابتلعتَ هذه الخديعة؟ –
وأنت الرائي –
أكانت حكمتك مجرد بيضة غراب
وجذورك أسنان جرذ؟!

مناغوا، نيكاراغوا

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود