لم
يكتمل نصر يهوه على المصريين بعد الكوارث العشر التي انتهت بموافقة الفرعون على
رحيل بني إسرائيل. فلقد ندم الفرعون إلى إطلاقهم وتبعهم بمركبات كثيرة فأدركهم
وهم نازلون على البحر، فصرخ بنو إسرائيل وقالوا لموسى: "أَمنْ عدم القبور بمصر
أخرجتنا لنموت في البرية؟ ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر؟ أَليس هذا ما
كلمناك به في مصر قائلين دعنا نخدم المصريين فإنَّ خدمتنا لهم خير من أن نموت
في البرية؟" (الخروج 14: 10-12). وفي الحقيقة فإنه لا يوجد أبلغ من هذا الخطاب
توكيدًا على عدم رغبة بني إسرائيل في هذا التحرير المزعوم والباهظ التكاليف،
وعدم رغبتهم في الانتماء إلى هذا الإله. ولكن يهوه مُصرٌّ على الالتصاق بهذه
الجماعة، لأنها وسيلته الوحيدة للخروج من وحدته الجبلية الأزلية والدخول في
مجرى التاريخ، إنه عازم على إتمام نصره على أقوى قوة عسكرية في ذلك العصر، وهو
النصر الذي سيُخضع له هذا الشعب القاسي الرقبة ويتوِّجه ملكًا عليهم.
لعلنا
لسنا بحاجة لكي نعلم ولا لمن يقول لنا إن ماسونية اليوم هي أبعد ما تكون عن
ماسونية الأمس كما كانت في تأسيسها الأصلي. وأعمالها الحالية كلها ليست أكثر من
تذكير بالمساررة القديمة في أسرار أوزيريس، وتلك التي للدرويد (كهنة الطبيعة)
القدماء، جاعلين منها مثلها مثل الديانات كلها مؤسسة جرى تحديثها من زمن إلى
زمن وفقًا لضرورات الظروف.
يكمن هدف الديانات كلها في روحنة الإنسان وجعله "السوبرمان" مفكر وروحاني،
ويتمتع بسلطة أعظم على التحكم بذاته، نافضًا عنه الجهل والأنانية والخوف.
فالوصول لـ"السوبرمان"، أو المعلم إنما هو الوصول إلى مواجهة الرب. ومع الشعلة
الإلهية، ومع اللهب المشتعل من عليقة على جبل حوريب، والإصغاء للصوت الداخلي
الذي يصرخ إليه قائلاً:
"اخلع حذاءك من قدميك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه هو
أرض مقدسة".