أنين ينام في أصيص
الحبق
مروة ملحم
أنسى، وأخرج الموت من جيب معطفٍ شتوي
أنسى كيف ظننتُ أن الأرض تملؤها الأجنحة
ونزلت شيئًا فشيئًا أرف بحزني القديم
وأقول إن الحزن سيزول
وسوف يصبح انعكاسي في المرآة أبيضَ
وقد أقايض الريش الفائض بوقت مضى
وقت ملتف كشرنقة
وقد أفتحه وأفلي ذكرياته.
ذكريات ذكريات
جدائل عذراوات انتحرن على الأغصان
أنين خافت يطير مثل شال وينام في أصيص الحبق
قبلات فاترة تسيل عن الأجساد وتتخثر على أبواب الكهوف
الوقت يخبئ كل شيء في جسده العملاق
ويفتح ثقبًا صغيرًا للضوء
ثقبًا يلح مثل منارة
ومثل زورق حديث العهد في البحر
أهرع صوبه
فتهجم الذكريات مالحة وصدئة.
وقلت إن الموت لا يجيء من المستقبل
الموت يأتي من الذاكرة
الموت نسياني المر
كل مرة وقفت فيها أنظر من الوراء إلى الحياة
كل مرة تمددت فوق سكة وتسرب إلي طعم الحديد
وكل مرة صار الصفير صوت أقدامي الهاربة
وشاهدت رجوع القطارات
ونسيت أني أنظر من الوراء.
أنسى
وأخرج الموت من جيب قميص نومي
وأفرد الموت وأنام
وأصحب النوم والليل والمرارة إلى عوالم ثانية
إلى حيث صارت الأغصان أيادٍ تضم الحزانى
قبل الموت
وبعد الموت
وبعد أن وقفوا طويلاً أمام المرايا
ينتظرون أن يخرج هذا الظل الأبيض المجهول
يعانقهم
ويقول أنا أنتم
وتسير في الأرض ميتات صغيرة
وتمتلئ السماء بالأجنحة.
*** *** ***