|
علم نفس الأعماق
قدَّمَ علماءُ العرب والمسلمين إسهاماتٍ جليلةً في مجال علم النفس تبهر كلَّ مَن يطَّلع عليها. فقد تشكَّل علم النفس في التراث الإسلامي كما تشكلَّتْ معارفُ المسلمين المختلفة. غير أن علم النفس في التراث الإسلامي لم يكن "صنعة" تجتمع عليها فئةٌ من الدارسين كما كان النحوُ صنعةً تجمع النحويين والشعرُ صنعةً تجمع الشعراء. فقد استعمل علماء التراث المناهج بأسلوب علمي، كالملاحظة ودراسة الحالة والاستبطان، وكان للمسلمين فضل السبق والإضافة في كثير من مجالات علم النفس. وقد عالج علماء التراث الظاهرات النفسية، كلٌّ من زاوية اهتمامه العلمي؛ إلا أن هذا العلم توزع بين المؤلَّفات التراثية المعنية بأسُس السلوك البيولوجية والكتب الفلسفية والفيزيائية والرياضية. وتُعَد كتبُ التراجم وطبقات الأعلام التراثية مصادر أساسية؛ فبعض هذه الكتب غني بمادته الپسيكولوجية، مثل طبقات الأطباء (ابن أبي أصيبعة وابن جلجل)، وبعضها الآخر يتسع ليشمل تراجم جميع أعلام الفكر. وتوفِّر هذه المؤلفات قاعدة متينة تمكِّننا من متابعة تطورات المفاهيم عند العلماء العرب. كذلك الأمر في خصوص كتب الأدب والمصنفات الأدبية، مثل: الأغاني، الإمتاع والمؤانسة، العقد الفريد، وغيرها؛ إذ تحتوي هذه المصنفات على تفاصيل هامة كانت قد أُهملت أو اختُزِلَتْ. وكذلك المؤلفات الفلسفية التي تضم آراء الفلاسفة في النفس، إضافة إلى بعض النظريات الهامة التي تشكل أساسًا نظريًّا لشرح التصور الإسلامي للإنسان وحياته النفسية.
بتنا نعرف جيدًا كبيئيين أن تلوث الهواء والماء والتربة يشكِّل تهديدًا مباشرًا لسلامة كلٍّ من الناس والموائل الطبيعية. ومع ذلك، قلما نتوقف في قلب المعركة كي نتأمل في الضريبة العاطفية الهائلة التي تُرافِق التدهورَ البيئي؛ كما أننا لا نسأل ما الذي فيما صنعه الإنسانُ دَفَعَنا إلى إساءة التعامل مع الطبيعة بهذه القسوة. علم النفس الإيكولوجي ميدان جديد صاعد يُكامِل ما بين علم النفس والمذهب البيئي، منكبًّا على دراسة الطرق التي تؤدي إلى أذية الأرض من جراء سلوك الناس وعلى كيفية معاناة الناس بدورهم من تدهور الأرض. وضع ثيودور روزاك Theodore Rozak مصطلح «علم النفس الإيكولوجي» Eco-psychology في متناول الجمهور مع نشر كتابه صوت الأرض: اكتشاف علم النفس الإيكولوجي. يعمل روزاك أستاذًا للتاريخ في جامعة ولاية كاليفورنيا، هيوارد، كما أنه أحد مؤسِّسي «معهد علم النفس الإيكولوجي». |
|
|