معالم في طريق الإصلاح

 

زهير الدبعي

 

يدرك المتابع للتاريخ الحديث والمعاصر لأمتنا ووطننا أن منحنى قوتنا وهيبتنا وقدرتنا على الدفاع المشروع عن وجودنا، بشرًا وأرضًا وهوية ومقدرات ومقدسات، في هبوط وانحدار متواصلين. رغم مئات محاولات الإصلاح التي أجريت تحت مختلف الشعارات. وذلك لأن الأخطاء التي ارتكبها كل دعاة التغيير من مختلف الأطياف والتيارات والمواقف، قد تجاوزت مستوى الأخطاء في التكتيك، بل مستوى الأخطاء في الإستراتيجية، ليصل إلى مستوى الأخطاء في الفكر. أي أننا غيرنا بعض الأنظمة من ملكية إلى جمهورية، ومن رجعية إلى تقدمية، ومن علمانية إلى إسلامية، ومن انفصالية إلى وحدوية، ومن مهادنة إلى ثورية، ومن انبطاحية إلى مقاومة. لكننا لم نغير ما هو أعمق وأكثر جدية، وهو نمط التفكير، ودرجة احترامنا للقيم. نعم إننا حافظنا على ذهنيتنا وكأنها إحدى المقدسات التي يحرم الاقتراب منها، فضلاً عن نقدها وتحليلها وتغييرها. كيف نفسر التعاسة والمهانة التي نغرق فيها، رغم كل التغييرات الكثيرة والمتنوعة التي أجريت على مستوى الأمة والوطن ولم تتجاوز تغيير لون الطلاء والديكور، والتصميم الداخلي، لكننا أبقينا القواعد الفكرية والقيمية على حالها. وكيف يتحقق التغيير بدون تغيير للذهنية المنتجة الفكر والبرامج والآراء السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والإدارية. كأننا حاولنا اصطناع تغيير لأعراض المشكلة، ولم نعمل على تغيير أسبابها، ولله در الحكيم القائل: (متى يستقيم الظل والعود أعوج).

وكلما استعرضت فشل كل التغييرات التي تمت في فلسطين وكل الوطن، قفزت في ذهني (قصة أم لطفي) وهي مواطنة من مدينة اللد، التي هجر المحتلون أهلها، وكذلك مدينة الرملة، وعدد من القرى المجاورة، بالقوة المسلحة في 13-7-1948. لتبدأ معاناة اللديين الأقسى، إذا قورنت بمعاناة غيرهم من اللاجئين. وذلك لأن معظم اللديين زراعين في أرضهم، ويعني طردهم منها بالقوة المسلحة حرمانهم من مورد رزقهم الوحيد. ولأن المحتلين، كذلك أقاموا حواجز سلب مسلح في طرق تهجيرهم، وسلبوهم ما كانوا يحملون من مصاغ ونقود، وكل شيء، حتى الدراجات الهوائية. طحنت الهموم والمعاناة أم لطفي، ولم تكف عن الانتظار للعودة إلى بيتها وأرضها في اللد. فتصدى ابنها فكري لتخليصها وأسرتها من المشكلة، بعرضه لفكرة السفر إلى أمريكا وجمع المال ليعود ويخلصهم من حياة البؤس والحرمان. وسافر فكري وانقطعت أخباره، وأصبحت أم لطفي تعاني معاناة مزدوجة لأنها ضحية طرد الاحتلال، ولفقد ابنها الذي علقت عليه أمالها بالخلاص. وبعد أعوام من الانتظار كبر ابنها الأصغر فهمي. الذي أعلن قدرته على حل المشكلة والتخلص من الهموم كليًا ونهائيًا قائلاً: أنا أذهب إلى أمريكا واحضر أخي فكري، وأجمع المال، ونعود معًا. سافر فهمي، وانقطعت أخباره هو الآخر، وبعد سنوات طويلة، وصلت منه رسالة مكونة من (18) نقطة، تحدث فيها عن الشوق والوفاء، والنجاحات والثروة، فانتشلت أخبارها أم لطفي وأسرتها وظانين أن عهد البؤس والحرمان قد ولى، وأنها ستبدأ عهدًا جديدًا من العدل والرخاء والرفاه. لكن الصدمة كانت في النقطة الأخيرة من الرسالة التي جاء فيها: "كتبت هذه الرسالة وأنا سكران وهذه نقطة من عرق البلاد". أم لطفي رحمها الله ماتت وجللتها الهموم الإضافية المركبة، وبخاصة الهموم الإضافية التي سببها فكري وفهمي.

قبل أن يتصدى أي مواطن أو مجموعة من المواطنين للإصلاح يتعين عليهم دراسة نتائج جهود دعاة الإصلاح التي جرت في فلسطين ووطن العرب وبلاد المسلمين، منذ منتصف القرن التاسع عشر، وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين، لنكتشف فشل الجميع، من الشيوعيين إلى الإخوان المسلمين، ومن القوميين العرب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومن حزب الوفد إلى حزب مصر الفتاة. وهذه قائمة بأسماء قادة الإصلاح من كل التيارات والأطياف، مع تواريخ وفاتهم:

محمد علي باشا (1849)، خير الدين التونسي (1879)، جمال الدين الأفغاني (1897)، عبد الرحمن الكواكبي (1902)، محمد عبده (1905)، سعد زغلول (1927)، عز الدين القسام (1935)، محمد إقبال (1938)، شكيب أرسلان (1946)، محمد علي جناح (1948)، عبد الحميد بن باديس (1940)، علال الفاسي (1974)، حسن البنا (1949)، سيد قطب (1966)، أمين الحسيني (1974)، تقي الدين النبهاني (1984)، أبو الأعلى المودودي (1979)، محمد حسن النائيني (1936). وكذلك من الأطياف والتيارات المتنوعة: الشريف حسين بن علي (1931)، مصطفى كمال أتاتورك (1938)، الملك عبد العزيز بن سعود (1953)، رياض الصلح (1951)، أنطوان سعادة (1951)، نوري السعيد (1958)، عبد الكريم قاسم (1961)، جمال عبد الناصر (1970)، هواري بو مدين (1978)، أحمد الشقيري (1980)، أنور السادات (1981)، ميشيل عفلق (1989)، خالد بكداش (2002).

تسيطر على الناس هواجس وأحلام التغيير بعد كل هزيمة، وخلال كل أزمة تطحنهم، وتسلبهم أرضهم، وتدنس مقدساتهم. وليأتي في كل مرحلة من يرفع راية التغيير ويعلن قدرته على الإصلاح. فيلتف حوله الناس، ويراهنون عليه، على أمل أن يخرجهم من معاناتهم وأوجاعهم. لكن نتيجة كل الرهانات بالإصلاح كانت مضادة، وعكس ما أراده الناس، فأنتج (المصلحون) مزيدًا من الهموم والأوجاع والانكسار والهزائم.

وهذا الحاج أمين الحسيني الذي طرح نفسه كقيادة شابة بديلة عن قيادة موسى كاظم الحسيني الذي قاد المقاومة من 1917 حتى وفاته في العام 1934. رغم أن الحاج أمين بزغ نجم زعامته ووطدت قيادته للشعب الفلسطيني، منذ أن صار مفتيًا للقدس في العام 1921، وانتخابه رئيسًا للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في العام 1922.

واستمر الحاج أمين في قيادة الشعب العربي الفلسطيني، الذي حاقت به نكبة احتلال أربعة أخماس وطنه، وتهجير معظم أهالي الساحل والنقب والجليل، وإلقائهم في عشرات المخيمات فيما تبقى من فلسطين، وفي الأردن، وسوريا، ولبنان، وتشريدهم في قارات العالم الخمس. وأصر الحاج أمين على التمسك بالقيادة بصفته رئيسًا للهيئة العربية العليا، حتى وفاته لاجئًا طريدًا في بيروت في العام 1974.

ومع بناء منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964، تولدت قناعة لدى معظم الفلسطينيين بأن زعامتها قادرة على إحداث تغيير في نهج قيادة الحاج أمين الحسيني، واستطاع أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، تسويق نفسه بأنه البديل الأفضل عن زعامة الحاج أمين، لأنه أكثر شبابًا، ولأنه يحظى بتعليم حديث من الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان مندوبًا دائمًا في الأمم المتحدة لكل من السعودية، وسوريا، على التوالي. ولطالما خاطب الشقيري سلفه الحاج أمين بقوله: "اتعظ بعثمان بن عفان يا حاج أمين". ومع هزيمة حزيران 1967، واحتلال الخمس الأخير من فلسطين، وتهجير موجة ثانية من المواطنين، وجد الشقيري نفسه مضطرًا لتقديم استقالته إلى الشعب الفلسطيني في أواخر العام 1968. وذلك نتيجة ضغوط هائلة بدعوى عدم شرعية الشقيري، وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ولتسليم القيادة إلى الفدائيين الذين لم يعرفوا طريقًا للفنادق والياقات البيضاء وربطات العنق، لأنهم لا يغادرون الخنادق، ولا يتركون البنادق، كطريق لتحرير فلسطين، كل فلسطين من بحرها إلى نهرها. واستلم الرئيس الراحل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في مطلع شباط 1969 حتى استشهاده في تشرين الثاني 2004.

وإذا حذفنا فترة يحيى حمودة، التي تلت قيادة الشقيري، واستمرت نحو عام واحد، فإن الشعب العربي الفلسطيني قادة ثلاثة طيلة (87) عامًا. وهنا تكمن المشكلة، فمهما أوتي القادة من إخلاص وهمة وحكمة وشجاعة، فإن القيادة لفترة طويلة تشخصن القيادة، وتجعلها مربوطة بشخص القائد، مما يضعف الأداء في مواجهة تحديات المؤسسة الصهيونية، التي تعاقب على قيادتها كثير من القادة الإسرائيليين خلال نفس الفترة. إذن المشكلة لدينا ليست في شخصيات القادة، وإنما في الذهنية التي تفرز القيادة وطبيعتها. والمشكلة أيضًا في الأداء القبلي الذي هو نتيجة للانتماء القبلي والتعبئة القبلية فحسب، وإنما أيضًا في التهويل بدور القائد على حساب الشعب، واختزال دوره إلى مستوى التصفيق والتصفير والتكبير والهتاف وتسديد فاتورة الدم والهم.

كيف يمكننا إنجاز تغيير حقيقي ايجابي، وإصلاح جدي بالإبقاء، على احتكار فئة الموظفين والخطباء للقيادة خلال العقود الأخيرة؟

وهل يمكننا الخروج من مسلسل الهزائم والانكسارات والأوجاع والهموم الاستثنائية والمركبة باستبدال المحتكرين بفئة أخرى؟ واجبنا ومصلحتنا التخلص من مبدأ الاحتكار، بغض النظر على شخصية المحتكر واسمه وشعاره وشريحته الاجتماعية. يمكننا الخروج من مسلسل الهزائم والتآكل المتواصل لوجودنا في وطننا، بالكف عن الرهان على القائد، واعتماد نهج القيادة والجهد المؤسسي، ومبدأ الشراكة الفعلية في القرارات العامة، وفي إنفاق المال العام.

وبناء على ما تقدم فإن أي مواطن أو مجموعة من المواطنين يتصدون لمسئولية انتشال الوطن وحماية ما تبقى منه، وحماية وجودنا المادي والمعنوي كمقدمة للوصول إلى تحقيق حقوقنا كبشر ومواطنين على أرض الوطن، يتعين علينا إدراك ما يلي:

1.    علينا الاعتراف بأننا شركاء فيما نعانيه ونتذمر منه ونستنكره، من فساد ولا عقلانية وعسكرة وقبلية وانقسام. لأننا تواطأنا بدرجة أو بأخرى، وبصورة أو بأخرى، مع كل الذين قادونا إلى الهلاك. لأننا نحن الذين حرصنا على امتيازات اقتصادية وتجارية، وعلى توظيف أنفسنا وأقرباءنا، والحصول على درجات ورتب، وعلى المنح والهبات، وحتى الطرود الغذائية. إن ما جرى لوطننا ولأهلنا ليس مسئولية الاحتلال العنصري الدموي الذي يستهدف وجودنا برمته فحسب، وليس مسئولية الأمراء والزعماء فقط، وإنما مسئوليتنا نحن أيضًا، لأننا هتفنا وصفقنا ورفعنا الصور ورايات المبايعة والتأييد. ونحن الذين وضعنا أصواتنا في صناديق الاقتراع. لذلك فإن الصورة ليست مقسومة إلى جناة وضحايا، وإنما كلنا شركاء في همومنا ومعاناتنا الإضافية المركبة. ولا يتوقع أحد أن يتحلى كل المواطنين بالشجاعة والجرأة للجهر بكلمة الحق. لكن من غير المسموح والمقبول هذا الرياء والنفاق والزيف. فإذا لم نستطع أن نقول للظالم أنت ظالم، فعلى الأقل أن لا نقول له ما أعدلك، وإذا لم نستطع أن نقول للبشع أنت بشع، فعلى الأقل أن لا نقول له ما أجملك، وإذا لم نستطع أن نقول للفاسد أنت فاسد، أن لا نقول له ما أصلحك. علينا الاعتراف بأننا نحن الذين صنعنا الأوثان، وهي أكلتنا حتى عظامنا، وبهذا، فإن حال بني حنيفة الذين أكلوا وثنهم الذي صنعوه من التمر، أفضل من حالنا بدرجات.

2.    النتائج السلبية للتغيرات التي جرت في الأمة والوطن طيلة العقود الماضية، التي ضاعفت همومنا وهزائمنا السياسية والاقتصادية والبحثية والاجتماعية والمعيشية والإعلامية والأمنية، إنما تدل على وجود منابع ترفد هذه الأزمات والهزائم، وتعيد إنتاجها لتتحول إلى مجرد أعراض لمشكلة أعمق تكمن في الفكر والقيم. لذلك فإن التغيير والإصلاح يجب أن يبدأ من التعليم المدرسي والجامعي. ومن خلال ثورة ثقافية، ومن خلال كل البرامج والأنشطة والفعاليات الخاصة بالأطفال والشباب والمرأة. كيف تتحرر أمة فضلاً عن تحقيق التنمية، وإنجاز النهضة، بمجتمع لا يقرأ، للأميين المقنعين فيه دور الصدارة؟

3.    حاجتنا أساسية لترسيخ قيم المواطنة التي تعني ببساطة تفضيل موقع جندي في وطن حر كريم آمن، على موقع الجنرال، في وطن مختطف مهشم ومحترق. لماذا يفضل كثير من قادتنا مصلحتهم الشخصية، ومصلحة قبيلتهم، حتى لو تعارضت مع مصلحة أولادنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة، وحتى لو كانت على حساب الأرض والقدس والمسجد الأقصى؟

4.    لسنا بحاجة إلى لاعب سياسي جديد، فنحن والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، نحظى بعدد وفير من القوى السياسية، لكننا بحاجة إلى قوة سياسية توظف قوتها ونفوذها لخدمة السياسة العليا، وليس السياسة الدنيا، التي تستنفد جهودها للوصول إلى الكراسي، والبقاء عليها، لتصبح هي الغاية والمنى والهدف الأول والأخير. لقد ألحق بنا إدمان الكراسي بأمتنا ووطننا من الأذى والأضرار والإذلال، أضعاف ما ألحقه الإدمان على الخمور والإدمان على المخدرات. نعم إننا بحاجة إلى قوى مجتمعية جديدة، تختلف جوهريًا عن غيرها، لأنها تكرس كل جهودها إلى حماية الوجود العربي في فلسطين وتطويره بغض النظر من يقود البلاد، لأن الحرية والعدل والعقلانية والاقتصاد والتعليم والثقافة هي التي تحمي وجودنا، وليس لون الحكومة.

5.    أن توظف هذه القوى المجتمعية الجديدة كل جهدها لسنّ قانون يخضع كل مال عام أو شبه عام للرقابة والمحاسبة والتدقيق، من حيث المصدر أو المصادر، ومن حيث النفقات. إذ كيف يمكننا الوصول إلى احترام المشروع الوطني وإعطاء الأولوية لمصلحة الوطن والمواطنين طالما أن مئات الملايين من الدولارات يتصرف فيها فرد أو خمسين. الذي يتحكم بالمال العام، يتحكم برقاب العباد، وبخاصة في وطن محتل ومحاصر، وتعاني آلاف الأسر من انعدام الدخل، أو تذبذبه، أو تدنيه.
أي منطق الذي يفرض علينا بأن يلزم القانون ناد رياضي، وجمعية خيرية، ومركز ثقافي بالكشف عن ميزانيتها، التي تبلغ بضع مئات أو آلاف الدنانير، بينما تترك مئات الملايين تصرف بدون أي نوع من الرقابة والمتابعة والتدقيق؟ هل توجد حكومة في قارات العامل الخمس تدفع لنا الأموال لوجه الله تعالى ولعمل الخير؟ ولأننا لا نستطيع أن نعيش خلال العقد القادم على الأقل، بدون مساعدات فإن علينا العمل على إيجاد بدائل، وفي مقدمتها إمكانيات (3) ملايين فلسطيني في الشتات يعيشون في مستوى مرتفع فما فوق، ومن بينهم آلاف العلماء والباحثين والموهوبين والمبدعين والأثرياء، ومن الواضح أن هؤلاء سيدفعون للوطن، وليس لمصالح شخصية أو قبلية.
إننا تناسينا خلال العقدين الأخيرين مكون مركزي من مكونات قضيتنا وهو أن أكثر نصف الفلسطينيين خارج فلسطين. وأن أكثر من نصفهم يحظون بدخول مرتفعة، وبكثير من الفرص والإمكانيات. لقد ارتكبنا خطيئة حينما تجاهلنا أبناء شعبنا في الشتات، وتصرفنا وكأن القضية من يكون أميرًا أو وزيرًا أو رئيس بلدية، أو يحمل رتبة لواء.

6.    طالما أننا نتحدث عن إحداث ثورة تعليمية وثقافية، لأننا بحاجة إلى ضبط فعال لوسائل الإعلام لتبدأ بالتخلص من جحور الدعاية القبلية إلى آفاق الإعلام الوطني. هل من حق أية جهة كانت أن تؤسس وسائل إعلام وتغطي مصاريف تشغيلها بالمال العام، وفي نفس الوقت تسبب الأذى بالمصلحة العامة من خلال الترويج للعسكرة واللاعقلانية والقبلية والفساد؟ هذا الرباعي المدنس الذي رفد الاحتلال بقدرة إضافية على التحكم بحياتنا اليومية، وبمزيد من الاستغوال. كما كان بمثابة الدفيئة التي أنتجت الانقسام، الذي قدم خدمة استراتيجية تاريخية للاحتلال.
وكي نقترب من إمكانية الفعل الملموس لا مناص من تأسيس هيئة أهلية مستقلة للإعلام، تضع الخطوط الرئيسية لأداء المنابر الإعلامية التي تدار بالمال العام.

7.    العمل على تأميم المقاومة والمفاوضات وتخليصهما من الخصخصة، وإخضاعها لدراسات عميقة، ووضع رؤية جديدة على ضوء التقييم. وبالتالي إعادة الاعتبار للمجلس التشريعي الذي يجب أن يكون شريكًا أساسيًا في كل القرارات، وفي مقدمتها المقاومة والمفاوضات.

8.    علينا الاعتراف بأن التحديات ثقيلة جدًا وصعبة، وأن الإصلاح سيواجه التشكيك، وحملات دعاية مضادة. كما أنه يحتاج إلى وقت طويل، مما يستدعي إتباع أسلوب المراحل، ويستلزم كثيرًا من الوقت والصبر والمثابرة والحكمة والإدارة الرشيدة. وكل ذلك يعني إقامة مؤسسة تجري حوارات في الوطن والخارج، وتضع رؤية وسياسة عامة واستراتيجية وخططًا وبرامج، ينفذها الإنسان المناسب في المكان المناسب، بإعادة الاعتبار إلى الكفاءة والتخصص والأمانة.

وكم هو ضروري أن نتذكر بأن الاحتلال عنيف ومسيطر، وأن مدمني الكراسي أتخمهم المال والمناصب والرتب والامتيازات. لكن يجدر بنا في نفس الوقت أن لا ننسى:

         أ‌-         أننا أمام البقاء أو الفناء، والمعركة ليست معركة زعامة أو إمارة أو حكومة، إنما معركة الدفاع عن حق أولادنا وأحفادنا في فلسطين، فالاحتلال يعمل بوضوح وبكل شراسة وعنصرية ودموية لطردنا إلى المنافي.

      ب‌-      أننا بوحدتنا وجهدنا المؤسسي المنظم، وبالمعلومات، والقراءة، ودراسة التاريخ، وبالإنتاج، وبالتقشف وإدراك خطورة ثقافة الاستهلاك. أننا أقوياء، بل أقوياء جدًا، طالما أننا أحدثنا تغييرًا وإصلاحًا عميقين في تفكيرنا ودرجة احترامنا لقيمنا.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود