إسهامات المنهَج
هيلين بالمر
إسهامات المنهَج
تتعلَّقُ كلُّ الأنماط بتمَوْضُع صحيح لها في الرسم التخطيطي
المكافئ للنجمة ذات النقاط التسع، لأن الأنماط تدخُلُ بعلاقة
فيما بينها بطرقٍ نوعية جدًا. قام أوسكار إشاثو
Oscar Ichazo
برَسمِ التمَوضع الصحيح للأهواء الانفعالية في النجمة
التاسوعية. ومع هذا الترتيب البسيط ظاهريًا لما كان يدعوه
غوردجييف بالسِّمَةِ الرئيسية، أصبحَت أخيرًا شيفرةُ التاسوعية
في مُتناوَلِنا.
وفقًا للفِكرةِ الصوفية التي مفادها أن قلق الشخصية يشير إلى
ميزاتِ جَوْهَرِنا المفقودَة. وبالتالي، أعطى إشاثو
Ichazo
اسمًا لسِمَةٍ أعلى للحياة العقلية، والحياة الانفعالية لكل
نَمَط من الأنماط التسعة المهيَّأة مُسبقًا لهذه النوعية من
السمة. فببساطَة إن سِمات الجَوْهَر هي الضدُّ للجانِب الأكثَر
تضرُّرًا لكلٍّ من الأنماط التسعة. فعلى سبيل المثال، إن نمطًا
جبانًا متطوِّرًا، فعلى الأرجح أنه سَوفَ يتصرَّف بشجاعَة،
ونَمَطٌ مُتكبِّر متطوِّر، فعلى الأرجح أن يكونَ قد طوَّرَ
توَاضُعًا حقيقيًا. لقد أطلقَ إشاثو
Ichazo
تسميةَ السِّمَة العقلية العليا بالفكرة القدسية، والسِّمَة
الانفعالية العليا بالفضيلَة.
ثمة مشاكل حقيقية جدًا، متعلِّقَة بإدراك دقيق لما هو سِمَةٌ
عقلية عليا، والفضائل الانفعالية. فليس لهذه السمات أي علاقة
مع الأفكار والمشاعِر الاعتيادية، وفي الواقِع فهي ليسَت
مُوَجَّهَة من خلال "أنا" فكري/حسِّي. وفي الحقيقة ليسَت هذه
السِّمَات العليا سِوَى سِمَات الجَوْهَر المفقودة. حيث
تُمَثِّلُ كلُّ سِمَةٍ حلاً مُرْضيًا لمَيلٍ عصابي مؤلِم.
والجوانِبُ العقلية العليا هي توجُّه اوتوماتيكي (ذاتي الحركة)
نحوَ سِمَاتٍ نوعية للمعرِفَة ليسَت خاضِعَةً لتدخُّل أو حكم
الفكر، والفضائل هي استجابات جسمانية أوتوماتيكية (ذاتية
الحركة)، غير مُوَجَّهَة من خلال الذوق أو الاشمئزاز
الشخصيِّين.
وبالرغم من اختِلافِ الذكاءات العليا عن بدائلِها في الشخصية،
فمن السهولَة بمكان تكوين فكرة أو مفهوم عمَّا نحن عليه في
جَوهرِنا. فعندما تكون لدينا أفكار متواضِعَة، أو عندما نُجبِر
أنفسَنا على أن نكون شجعانًا. فالأفكار التي نكوِّنُها حول
أنفسِنا تلامِس فقط على نحوٍ تماسي تفاعلية (وهي ظاهرة تكتُّل
للأفكار تتم بأن تكون كل فكرة مؤثِّرَة في الأخرى) متناغِمَة،
ومُنفتِحَة، وليسَت دفاعية لا مع الوَسَط المحيط، ولا مع
الأشخاص الآخَرين.
ظلَّ عملُ إشاثو
Ichazo
مجهولاً حتى عام 1970 عندما عمَّمَ تدريبًا "نفسيًا– روحيًا"
في الصحراء بالقرب من مدينة أريكا
Arica
في الشيلي. وتواجَدَ آنذاك حوالي الخمسين أميركيًا بين هؤلاء
كان كلٌّ من جون ليلي
John Lilly،
وكلاوديو نارانخو
Claudio Naranjo،
وجوزيف هارت
Joseph Hart،
الذين أعلنوا بأن إشاثو
Ichzo
كان يستخدِم المفاهيم الصوفية المألوفَة بالنسبة لكثيرين، وذلك
بفضل مؤلَّف غوردجييف
Gurdjieff.
وكان إشاثو
Ichazo
يستخدِم تمارينًا لتنمية الـ"ثلاثة أدمِغَة"، أو الثلاثة أنواع
للذكاء الإنساني الذي كان غوردجييف قد وصفهم بالذكاء العقلي،
والذكاء الانفعالي، والذكاء الغرائزي. وكان يستخدِم أيضًا
المنهَج التعليمي للصفات الحيوانية، كما كتب وجيزًا مقتضبًا
لأنماط الشخصية التسعة. ويشير هذا الوجيز في فصل حول تدريب
أريكا
Arica
في
[1]Transpersonal
Psychologies.
كان الأمر الأكثَر أهميَّةً يكمُنُ فيما قام به إشاثو
Ichazo
من وضع الأنماط بشكلٍ صحيح في النجمة ذات النقاط التسع، وعلى
نحوٍ يجعلُ فيه مُمْكِنًا تفحُّصَ العِلاقات بين الأنماط. وتم
ذلك من خلال المقابلات التي أجراها مع الآخَرين.
أعلَنَ إشاثو
Ichazo
في تصريحٍ شعبي نادِر له، بأن معلِّمًا أخذَه كمبتدئ حين كان
هذا الأخير يبلُغُ من العمر التسعة عشر ربيعًا، كما أنه تلقَّى
بواسِطَةِ مجموعةٍ تنتمي لهذا المعلِّم معارِفَ الزن[2]،
والقواعِد الباطنية (الإيزوتيرية) للصوفية والقباله[3].
وكانَت المجموعةُ تستخدِمُ أيضًا تقنيَّات عُثِرَ عليها
مؤخَّرًا في مؤلَّفٍ لغوردجييف
[4]Gurdjieff.
أكمَلَ إشاثو
Ichazo
مُؤسِّسًا معهد الأريكا
Arica Institute،
وأصبحَ مقرُّه حاليًا في مدينة نيويورك. وحولَ دورِه في نقلِ
التعاليم، يقول:
ليسَت أريكا
Arica
مساهَمَتي إلى هذا الحدِّ، وإنما هي حصيلة ما نعيِشُه في
عصرِنا. والمعَارِفُ التي ساهَمتُ فيها بالنسبة لهذه المدرسة
أتَت بالنسبة لي من خلال مصادر كثيرة عثَرتُ عليها في بَحثي
الشخصي.
التاسوعيات التي توَالَت، نجَمَت عن مقالَة لـ"جون ليلي"
John Lilly
وجوزيف هارت
Joseh Hart
حولَ التدريب في أريكا
Arica،
والتي تمَّ إدراجُها في
Transpersonal Psychologies.
وكانَت العبارات التي أُطلِقَت كتسميةٍ على نوعِ القلق الذي
يميِّز كلَّ نَمَطٍ من الأنماط التسعة، تُستخدَم كقواعِد
أساسية من قِبَلِ معلِّمي التاسوعية، الذين كانوا منذ سنوَاتٍ
طويلة، يقومون بمقابلات مع المشارِكين في بيانات الجدوَل
(نموذَجٌ من التحقيق تخضَعُ فيه عيِّنةٌ واحِدةٌ من الأشخاص
لمُقابَلات مُكَرَّرَة فترةً معيَّنةً من الزمن) للأنماط.
وقاموا بتصنيف سِماتِهم، وتصرُّقاتِهم. كما يضمُّ الرسم
البياني للمركز العقلي الأسماء الأصلية للأنماط التي قرَّرتُ
تغييرَها بِنِيَّةِ إبعاد المنهَج عن مثال غوردجييف الذي "يعطي
اسمًا للشيطان لكي يطرُدَه". والأسماء والخطوط الأصلية للتساؤل
تؤكِّدُ بالضرورة، القلَق السلبي لكلِّ نَمَطٍ، ولأن العادات
السلبية تعجُّ كفايةً ببسَاطَة إلى درجة تسهِّل كثيرًا
مُهمَّةَ التعرّف على الاختلافات بين الأنماط التسعة. فعلى
سبيل المثال، التمييزات من نوع "عندما أرزح تحتَ ضَغطٍ فإنني
أفتعِلُ نِزاعًا" (النقطة ثمانية – صاحِبُ العمَل). و"عندما
أكون تحتَ ضَغطٍ فإنني أنزوي" (النقطة خمسة – الراصِد)، فهذه
التمييزات تساعِدُنا على معرفة الاختلافات بين هذين
النمَطَيْن، وهي التي تجعَلُنا قادِرِين على خلق استراتيجياتٍ
لمساعدة كلا النمَطَيْن في تطوُّرِهِما. وإذا جمَعنا تصريحاتِ
البوذاوات (جمع "بوذا" أي "المستنير")، أو الأشخاص المتطورين
على نحوٍ استثنائي، فلسوف نسمع تصريحاتٍ كهذه آتيةً من المراكز
العقلية العليا مِثلَ "يبدو أنني لا أشعر بنفسي تحتَ الضغط،
وببسَاطَة أعرِفُ كيفيَّةَ حلِّ أيَّةِ مُشكِلَةٍ" (النقطة
خمسة "كلي الوعي") أو "أتبعُ القوَّةَ التي تنسابُ من خلالِ
جسَدي" (النقطة ثمانية – البراءة). وبعبارة أخرى، فبدون
تصريحاتٍ كهذه لن يكونَ بوسعِنا تمييز الأنماط.
وبالرغم من أن الاختلافات السلبية بين الأنماط تجعلُ التعرُّفَ
عليها أكثرَ سهولةً، فإنني أميل للاعتقاد بأن القلق المفرِط مع
ميزات الأنماط، يقلِّص من أهمية هذا القلق في لعبه دور المعلم
أو المرشد نحوَ حالات عليا من الوعي.
الأنماط التحتية
إن عمَلَ مركز البطن لاواعٍ في معظمِه، ولكن يمكن التعرُّف
عليه في واقِعِ أن كلاً منا لديه قلقه الضاغِط عليه من خلالِ
مسائلٍ تؤثِّرُ في بقائنا الجسماني على قيد الحياة
(المُحافَظَة الذاتية)، وفي جنسانيتنا، وفي حياتِنا
الاجتماعية.
ثمَّة تعليم يصرِّح بخصوص الأنماط التحتية من خلال المثال
التالي:
جلس راعي بقر على مِقعدٍ صغير ذي ثلاث قوائم لكي يُباشِر بحلبِ
البقرة. والحليب هنا يرمز إلى غذاء التعاليم، أو غذاء الحياة.
ولكن، إحدى قوائم المقعَد الصغير كانَت معطوبة، وهكذا أثناء
قيامِه بحلب البقرة فإن حقل إدراكِه كان يميل باتجاه القائمة
المعطوبة لمِقعدِه.
وما توحي إليه هذه القِصَّة بأنه لدَيْنا ثلاثة مجالات رئيسية
للدخول في علاقة، وإن واحِدًا من هذه المجالات هو الأكثَرُ
إصابةً من المجالَيْن الآخَرَيْن. وبالنتيجة فإن نِطاقًا من
العلاقة سوف يتضرَّر جرّاءَ ذلك، ويُطوِّر قلقًا عقليًا للحدِّ
من شِدَّةِ القَلَق في هذا النطاق من حياتِنا. والأنواع
الثلاثة من العلاقة هي الجنسوية (الحميميَّات، والعِلاقات
الأخرى بين شخصَين)، والاجتماعيات (اللقاءات الجماعية)، وتلك
التي تتعلَّق بالحفاظ الذاتي (علاقتُنا مع أنفسِنا في صراعِنا
من أجل بقائنا الشخصي على قيد الحياة). وكراشِدين، نكون
حسَّاسين إزاءَ الثلاثة أنواع لهذا القلق النفسي الذي يُطبَّق
على نمطِنا، ولكن أحدَها يُهَيْمِنُ من خلالِ القَلَق الذي
نشعر به على النحوِ الأكثَر عُمْقًا. فعلى سبيل المِثال،
تُركِّز الثلاثةُ أنواع لهذا القلق، الانتباهَ كثيرًا على
الشعور بالأمان، وعلى المكانَةِ الاجتماعية، وعلى الصورة
الذكورية/الأنثوية، ولكن واحِدًا من هذه المُصطَلَحات سوف يكون
النقطة البؤرية لانتباهٍ أعظَم من الاثنين الآخَرَيْن. فإذا
كان الأكثرُ إصابةً بين هذه الأنواع الثلاثة للقلق، يتعلَّق في
نطاق الحفاظ الذاتي، فبالتالي يُمكِنُنا التكهُّن أيضًا بأن
النطاق الأساسي للقلق سوف يكون في مجال الشعور بالأمان، وسوف
يكون متأثِّرًا أيضًا بالسمَة الرئيسية للغرور والشغَف
بالمُخادعَة.
الجسر نحوَ علم النفس المعاصِر
تكمنُ صعوبةُ تاسوعية إشاثو في وجيزِه الذي تأسَّسَ فقط على
مسائل ميزات كثيرة مُهَيْمِنَة على نمط ما، ولغتُه الوَصفيَّة
لا تُتَرجَم للحال إلى مصطلحات علم النفس. والفقرة التي كانَت
مفقودة في عملية نقلِها، قام بإكمالِها الطبيب النفسي من
الشيلي كلاوديو نارانخو
Claudio Naranjo،
والذي شاهَدَ أكبر جزء من التدريب في أريكا
Arica.
وعَرَفَ كيف يضعُ التاسوعية ضمن سياق أفكار علوم النفس. وكان
نارانخو قد نالَ شهرةً كمؤلِّفٍ بين المُقارَبَات الشرقية
والمُقارَبَات الغربية للوعي من خلالِ كتابِه
The One Quest
(التحقيق الوَحيد)[5].
وآلَفَت مساهمتُه بالنسبة للتاسوعية بشكلٍ مُرضٍ البصيرَة
والمَناهِج لطريقةٍ صوفية (سرَّانية) في تحويل النموذج النفسي
الغربي إلى القدرة الذهنية. وقامَ أيضًا بسَحبِ مسألة التصنيف
من هَيْمَنَةِ "أولئك العارفون"، وجعلَها مُمكنةً من خلالِ
تطوير سطورٍ من المُساءلة لكي يستطيع الأشخاص التعرّف على
أنماطِهم، وذلك من خلالِ رؤيَةِ، وسماعِ قِصَصِ أمثالِهم.
كانَ لِـ"نارانخو"Naranjo
رؤيته من خِلالِ مُقابلاتِه لأفرادٍ جيِّدين على الصعيد
النفسي، وقادرين على وصف قَلَقِ قلوبِهم وعقولِهم. فواحِدَةٌ
من تاسوعيَّاتِه هي عبارة عن مسح تخطيطي للمبادئ الآلية
الدفاعية التي تمنَحُ دعمًا للأنماطِ التسعة. وبالنسبة لي، فهي
تكمِلةٌ لذلك الذي كان قد قالَه غوردجييف بشكلٍ مُضْمَر،
وطَوَّرَه إشاثو. وبدون هذا النوع من التوظيف الدقيق في
التصنيف الغربي، لَبَقِيَت التاسوعية حتى الآن في خانَةِ
السرَّانيَّة.
تعلَّمتُ التاسوعية مع نارانخو
Naranjo
الذي كان يُعلِّمُ أسُسَها شفهيًا. وكان يقوم بمقابلاتٍ مع
مجموعات من أشخاص على مستوى عالٍ من الوعي، وكان هؤلاءُ
ملتزمين بقواعد روحية. وما ألهَمَنا دومًا كان سماعُنا لأشخاصٍ
يصِفون الأسباب التي تدفعُهم للبحث عن وعيٍ أكثرَ سموًّا،
واستماعُنا أيضًا لِقصصِهم التي تحكي عن كيفية تقدُّمِهم في
بحثِهم عن أمرٍ ما هو أبعد من الأنا الشخصي.
كان قد تمَّ تطوير المنهَج كوسيلةٍ نفسية باطنية (إيزوتيرية).
وكانَت اهتماماتي في مجالات المُمَارسَة الروحية، وتدريب
الحدس، أكثر مما هي عليه في مجال علم النفس، ولكنني كنتُ أريدُ
أن أعرِفَ فيما إذا كان الأشخاص من النمط نفسِه ينجذِبون إلى
ممارساتٍ مُتشابِهَة للتأمل، وكنتُ أريدُ اكتِشافَ المشاكِل
التي كان كلُّ نمطٍ ينزعُ إلى ملاقاتِها أثناء المُمَارَسَة.
وحدثَت لحظتي الحقيقية في أمسية "الخمسة" (الراصِد). وكان
نارانخو
Naranjo
يقومُ بمقابلةِ مجموعَة تنتمي للرقَم "خمسة"، فبدأوا بالتحدُّث
حول بدايةِ حيواتِهم في وَسَطِهم العائلي. حينها كان أحدُهم من
نمَطِ الـ"الراصِد"، وعلى درجةٍ عالية من الانزواء إلى حدٍّ
أنه جَثَمَ مُتَّكِئًا على مِسْنَد الصوفا أثناءَ الليلة
كلِّها، وهو يقوم برصد الفعل على مسافةٍ آمِنة، فقال شيئًا
مثل: "كنتُ أعرفُ ما تريدُه عائلتي مني قبل أن يعرفوا هم
أنفسهم ما يريدونه مني".
إذَّاكَ بدأتُ أتذكَّرُ نفسي، وحينَها راوَدَني شعورٌ فجائي
بالانشراح والرضى. فالرصد العرَضي لذلك الشخص "خمسة" أيقظَ
إدراكًا في داخِلي كان قد تطوَّر منذ وقتٍ طويلٍ. فحضور هذا
الشخص بجسمِه أمامي، وما تفوَّهَ به، كان ذلك كله بمثابة
المِشْبَك (الخطَّاف) الذي جذَبَني إلى التاسوعية. وأدركتُ
للحال بأن الموضوع كان حدسيًا في ذلك المجال النوعي الذي قد
طوَّرَ حساسيتَه إزاء تعطُّلٍ في استراتيجية صراعِه من أجلِ
بقائِه على قيدِ الحياة أثناءَ طفولتِه، والذي كان من الدهاء
بكل تأكيد حتى أنه استطاعَ وصفَ الكيفية التي كانَ يقومُ فيها
بتعديل إدراكاتِه لكي "يعرِفَ ما هي تكهُّنات الآخَرين؟!"،
وإذا استطاعَ أن يكونَ الأمرُ واضِحًا بالنسبةِ لنفسِه فيما
كان يقوم به سابِقًا في ذلك المجال الدفاعي الصغير من حياتِه،
فلسوف تكون لديه فُرَصٌ جيِّدَة لكي يحصَلَ من خِلالِ إرادتِه
الخاصَّة على مدْخلٍ إلى حالَةٍ حدسيَّةٍ لعقلِه.
أخيرًا، وُجِدَ آخَرون في تلك المجموعة الأصلية، كانوا
يُساهِمون أيضًا بطرُقٍ مُمَيَّزة بالنسبة لمنهَج التاسوعية.
فواحِدٌ من أفضل أصدقائي يُدعَى
Bob Ochs،
وهو كاهِنٌ يسوعي، ومتحمِّسٌ لمنهَج التاسوعية، قامَ بنقل بعضِ
التأمُّلات حولَ النقاط المختلِفَة، وحول الأشكال التي يُمكِنُ
أن تدخل من خلالِها في علاقةٍ مع الفكر الكاثوليكي. وهذه
الصَّفَحات القليلة لأوتشس
Ochs
تردَّد صداها بشكلٍ رائع في الأوساط
اليسوعية. وأعضاءُ هذه الجماعة الدينية الذين يعيشون ويعمَلون
معًا، وغالِبًا تحتَ وطأةِ ظروفٍ قاسية، أخذوا المنهَجَ على
محمَلٍ من الجدِّ، بالضبط لأن عليهِم أن يفهَموا المنظور
الحميمي للأشخاص الذين يُعايِشونَهم، ويعمَلون معهم. وكانَت
الأخرى الدكتوره
Dra Kathleen Speeth
من أوائل تلاميذ نارانخو
Naranjo
التي أضافَت للمنهَج كفاءتَها في فهمِ علمِ النفس، وواظَبَت
على المنهَج أثناء الفترة التي كانَ نارانخو
Naranjo
مريضًا ومُبعَدًا جزئيًا عن عمله.
بدَأتُ في عام 1976 بإجراء مقابلات في استبيانات الجدوَل
(نموذج من التحقيق تخضَع فيه عيِّنَة واحِدَة من الأشخاص
لمقابلات مُكَرَّرَة فترةً معيَّنةً من الزمن) مع تلاميذي
الخاصِّين، كجزءٍ من برنامَجٍ أكثرَ اتِّساعًا لتدريب الحدس.
وما أن بدأتُ في العَمَل مع مجموعةٍ من أربعين شخصًا في قاعَة
الاستقبال عندي، حتى اتَّسَعَت مع الوقت ليُصبِحَ عدُدُها نحو
البضعة آلاف من الأشخاص الذين كانوا يتعرَّفون على أنماطِهم،
وهم يَرَوْن، ويسمعون مشاركي "استبيانات الجدول"، وهم
يتكلَّمون عن حيَوَاتِهم. وأُخِذَت الشهادات المنتقاة في هذا
الكتاب من تسجيلات لتلك اللقاءات، وعلى الفور، أخذتُ أعمَلُ
على تطوير سلسلةٍ من التساؤلات التي تشدِّد على أهمية خُبُرات
الحدس، والجوهر. وما يبدو في هذا الكِتاب أنه يدور حول كل ما
يتعلَّق بالانتباه، والنمَط الحدسي، فهو من مساهمتي في
استمراريَّةِ انتشار التاسوعية. واتَّخَذتُ سياسةَ تفحُّصِ كل
مسألةٍ تطرحُ نفسَها على نحوٍ متكرِّرٍ عدَّةَ مرَّاتٍ أثناء
قيامي في استبيانات الجداوِل، وذلك قبل احتوائِها ضمن سمات
الطبع.
واصَلَ إشاثو تطويرَ رؤاه بالنسبة للمنهَح من خلال معهد أريكا
Arica Institute.
وفي الوقت الحاضِر فهو المصدَر الأساسي للمنهَج، ويتابع
مُهُمَّةَ اكتشاف التاسوعية كطريقةٍ لتحوّل الوعي الإنساني.
النقاط الأساسية للانتباه
1)
"الكمالي": يقوم بتقييم ما هو صحيح أو غير صحيح إزاء وضعٍ
مُعَيَّن.
2)
"المانِح": يرغَبُ بانتباهٍ يُعبِّر عن قبولِ الأشخاص الآخَرين
له.
3)
"المُتمَرِّس": يريد انتباهًا إيجابيًا بخصوص مهمَّات
يتَّخِذُها على عاتقِه.
4)
"الرومانسي التراجيدي": يُعَدِّلُ من إدراكِه في سبيل التهيؤ
أو عدم التهيؤ لأشياء أو أشخاص آخَرين. ويركِّز فيما هو
انتقائي لما هو الأفضل فيما هو غائب ولما هو الأسوأ فيما هو
حاضِر.
5)
"الراصِد": يرغَبُ في الحفاظ على الحياة الخاصَّة. وحسَّاس
لتكهُّنات الغير.
6)
"محامي الشيطان": يفحَصُ الوسَط المحيط حولَه في محاولةٍ منه
للعثور على دلائل تشير إلى النوايا الخفية للأشخاص الآخَرين.
7)
"الأبيقوري": يُغيِّر مسار انتباهِه نحوَ تأليفاتٍ عقلية ذات
طابع لذائذي، ومشاريع مستقبلية متفائلة.
8)
"صاحِبُ العمَل": يخشى أي إشارة تنمُّ عن فقدان قدرتِه على
الهيمنة.
9)
"الوَسيط": يحاوِل تحديد جداول مواعيد الآخَرين ووجهات نظرِهم.
يشير أيضًا المفهوم الذي لدينا عن الأنواع الثلاثة للذكاء –
العقلي، والانفعالي، والغرائزي المتمركز في البطن – إلى وجود
ثلاثة طرق متميزة للحدس – من خلال العقل، ومن خلال المشاعِر،
ومن خلال الذكاء المتمركِز في الأحشاء، والقائم في الجسد
الفيزيقي. إن قمة التاسوعية، النقاط ثمانية، وتسعة، وواحِد،
تنزع بشكلٍ طبيعي لكي تتمركز في البطن. وتستقبِل هذه النقاط
انطباعات حدسية بسهولة كبيرة من خلال الجسد الفيزيقي. أما
أنماط المشاعِر فهي على الجانب الأيمَن من التاسوعية، اثنان،
وثلاثة، وأربعة، فيستقبِلون انطباعات في أكبر جزءٍ منها من
خلالِ ردود الأفعال الانفعالية. وأخيرًا تتجمَّع الأنماط
العقلية إلى الجانِبِ الأيسَر من التاسوعية، خمسة، وستة،
وسبعة، ويستقبِلون الانطباعات الحدسية بشكلٍ عقلي خصوصًا.
إنه من الأهميةِ بمكان التذكُّر بأننا نستطيع تطوير سلسلةٍ من
الإمكانيات الحدسية، وبأننا لسنا محدودين بالطريقة النوعية
التي يستقبِلُ فيها نمطُنا المعلومَة الحَدسيَّة بشكلٍ
متميِّز. ولكن نمطَنا الخاصَّ مثلَ كلِّ نَمَطٍ آخَر فهو
يجعَلُ بُعْدًا خاصًّا في بؤرةٍ مُحدَّدَةٍ من حقيقةٍ كلية
باتِّساعِ 360 درجة. فرقم "واحِد" سوف يطوِّر على الأرجَح
طريقةً لتوجيهِ انتباهٍ مناسِب لاهتماماتِه الخاصة. أما
مجموعَةُ "التسعة" فتنزَعُ للإدراك من خلالِ الجَسَدِ
الفيزيقي، كما لو أنه استِجابةٌ على سؤالٍ داخِلي. "ما هي
مكانتي إزاءَ الوسَطِ المحيطِ الخارجي؟". ومجموعة "الثلاثة"
المتمركِزَة في الشعور فتنزَعُ إلى الإدراك من خلال الجسد
الانفِعالي كما لو أنه استجابةٌ على سؤالٍ من نوع: "مع من أنا
متواجِدٌ؟". وأخيرًا مجموعة "الستة" المتمركِزَة في الرأس
فتنزَعُ إلى إدراك انطِباعات عقلية كما لو أنها استجابة على
سؤال: "حول ما هي خلفية هذا الوضع؟". وهكذا ينزَعُ أشخاصٌ من
كل مجموعَةٍ إلى عادَةِ توظيف الانتباه في مركز الرأس، والقلب،
أو البطن. وبالرغم أن أشخاصًا من نمطٍ ما يستطيعون تعلُّمَ
مَوْضَعَةِ انتباهِهم بالشكل الذي ينزَع إلى توظيفِه أشخاصٌ من
النمَطَيْن الآخَرَيْن، فتظَلُّ مع ذلك مُرجِّحَةً أكثَر
طريقتهم الحدسية النوعية لِنَمَطِهم الخاصِّ.
يتأسَّسُ كلُّ نَمَطٍ من الأنماط الحدسية على تحييداتٍ نوعية
للانتباه الذي يَعمَل بدورِه على نحوٍ أوتوماتيكي (ذاتي
الحركة)، كجزءٍ من الإدراكات الاعتيادية للنمط. وعندما نتفحَّص
عن كثب هذه التحييدات نفسها، فتبدو لنا مُشابِهَة لمنظومة
تنتظِم فيها مُمَارَسات أساسية للتأمُّل تنمِّي القدرة على
تحييد الانتباه، واتّصالِه (تركيزه في بؤرَةٍ واحِدَة)
بعِدَّةِ طُرُقٍ نوعية.
الحدس الذي يكمن أساسه في الجسد: نقاط واحِد – تسعة – ثمانية
"واحِد"– يكتشِفُ إمكانيَّةَ الكمال في أحداثٍ عاديَّة.
ويَبرُزُ ما هو غير صحيح كخطأ يحتلُّ مكانَ الصدارة، الأمر
الذي يُضعِف الإحساس الدائم لـ"كيف بالإمكان أن تكونَ الأشياء
كامِلةً".
"تِسعَة"– يضُمُّ الآخَرين في ذاتِه، مثلَ مرآةٍ تتشرَّب
انطباع من يقف أمامَها. وهي تعكسه نسخةً للراصِد. وعندما
يتوَاصَلُ "التسعة" مع الآخَر فإنه يشعر نفسَه متَّحِدًا مع
منظور هذا الآخَر. "تتشابَهُ النقطتان "اثنان" وتسعة" انظر إلى
ذلك لاحِقًا.
"ثمانية"– لديه إحساس في أنه ينمو بسهولة "لِكَيْ يملأ
الفراغ". يُدرِكُ الصفات المميَّزَة للحضور وللقدرة لدى
الأشخاص. وفي المَراكِز التي يشغلُها. وبالتدريب يُمكِن
لـ"الثمانية" أن يُدرِكَ طيفًا واسِعًا من الصفات المميَّزَة.
الحدس الذي يكمن أساسه في الشعور: نقاط اثنان – ثلاثة – أربعة
"اثنان"– يُعدِّلُ من نفسِه مُتطابقًا مع الغير لإشباعِ
حاجاتِهم. ولديه شعور بالتحوُّل إلى ذلك الشخص الذي ينتظر
الآخَرون أن يكون إياه. تتغيَّرُ انفعالاتُه قبلَ أن يتمكَّنَ
العقلُ من التدخّل. "تتشَابَهُ النقطتان "اثنان" وتسعة" انظر
إلى ذلك لاحِقًا.
"ثلاثَة"– يُغيِّرُ من نفسِه كالحرباء التي تغيِّرُ لونَها
وفقًا للون المكان الذي تشغلُه. وإذن فـ"الثلاثَة" يُغيِّرُ من
شخصيَّتِه، ومن تقديمِ نفسِه الشخصي لكي يُجسِّدَ الصفاتِ
المُمَيَّزَة الضرورية لإنجازِ العمَل الموكَل إليه. يُرَكِّزُ
بؤرةَ انتِباهِه على المُهمّة التي يَقَعُ تنفيذُها على
عاتِقِه، أو على رد فعل الغير إزاء هذه المهمة. فشخصيَّةُ
الـ"ثلاثة" قادِرةٌ على التغيُّرِ أوتوماتيكيًا "ذاتية
التغيير" بشكلٍ فعَّال قبل أن يكون الـ"ثلاثة" قد قرَّرَ
عقليًا ماذا عليه أن يفعَل؟!!
"أربعة"– يتكيَّف مع انفعالات الغير. ويتَّخِذُ على عاتقِه
عذابَ وألَمَ الآخَر. ويتجاوَبُ انفعاليًا. يَقولُ الذين
ينتمون إلى الرقم "أربعة" إنهم قادِرون على اتّخاذ طاقة من
الحالَةِ الانفعاليّة المُتعلِّقَة بالعائِلَة الغائبَة،
والأصدقاء، والأشخاص المحبوبين الغائبين.
الحدس الذي يكمن أساسُه في العقل: نقاط خمسة – ستة – سبعة
"خمسة"– يقوم بتغيير مسار انتباهِه عن الأفكار والمشاعِر لكي
يرصُدَ بشكلٍ حيادي. إنه شاهِدٌ عقلي بدون تدخُّلِ الأفكار
والمشاعِر الشخصية.
"ستة"– يرى النوايا غير المُعلَن عنها، والتي تكمن وراءَ
المظهَرِ السطحي. ويستخدِم التخيُّل كوسيلةٍ لانتزاعِ القِناع
عن وجهات النظر الخفية.
"سبعة"– يعرِفُ كيف يُوَفِّقُ بينَ الارتِباطات البعيدة.
وتذهَبُ المُشكِلَة إلى مؤخَّرَةِ العقل بينما يُتابِعُ
نشاطاتٍ أخرى. ويثير أمرٌ ما في إطار نشاطٍ ثانوي ارتباطًا
لأفكارٍ، وهذه الأخيرَة تحلُّ المُشكِلَة الأوَّليّة.
تشابهُ النقطتين "اثنان" و"تسعة"
كِلاهُما "الاثنان" أو "التسعة" يُعبِّران على النحوِ التالي:
"أفقدُ هويَّتي"، عند وصفِهما لعلاقتِهما الحدسية مع الأشخاص
الآخَرين. أولاً يتغيَّر "الاثنان" على نحوٍ انفعالي، ثم
يتشرَّب ذلك الجانِب الانفعالي، وفي الوقت نفسِه تتوارى
الجوانبُ الأخرى لتحتلَّ الدرجة الثانية من الاهتمام بسبب
اندماجِه مع الآخَر. و"الاثنان" قادِرٌ على الشعور كليًا بأنه
أسيرٌ للإثارة التي تدفعُه لكَيْ يُصبِحَ ذلك الذي يريدُه
الآخَرون أن يكون إياه. فهو أمرٌ يبدو كما لو أنه يتعلق فيما
يُسمَّى بازدواج الشخصية: إذ بوسع الكثير من جوانِبِ
"الاثنان"، أن تبدو حقيقية بالإطلاق، وعلى نحوٍ فرديٍّ، ولكنها
لا تتواجَد في تزامُنٍ واحِدٍ.
يُغيِّرُ المُنتمون إلى الرقم "تسعة" تقديمَهم الشخصي
لذوَاتِهم، ويفضِّلون اتِّخاذَ رؤية العالَم التي يتبنَّاها
الآخَرون ككل. يتغيَّرون، ويتحوَّلون إلى ما هو مرغوب بالنسبة
للآخرين. يقول أيضًا "التسعات" إنهم يتمايلون بين مظاهر متعددة
للطبع. فعندما يَترُكُ "التسعات" أنفسَهم لكي يجريَ امتصاصُها
من قِبَلِ الآخَرين، فإنهم يُعَبِّرون عن هذا الأمر على نحوٍ
يقولون فيه إنهم تخلَّوْا عن الوجود لأنفسِهم، وباتوا ينزعون
لنسيان رؤيتِهم للأمور وفقًا لطريقتِهم الخاصَّة، فيقومون
بتشرُّبِ مشاعر ووجهات نظر الأشخاص الآخَرين الذين يشعُرون بهم
على نحوٍ أكثر شدَّةً من مشاعرِهم، ووجهات نظرِهم الخاصَّة.
بؤرَةُ الانتِباه في العلاقات
إحدَى أعظَم فوائد معرفة نمطِك وأنماط الأشخاص الذين هم قريبون
منك، هي القدرة على المعرفة في أيٍّ من نقاط الرسم التخطيطي
أنت والشخص الآخَر تستسلِمان للقاء فيما بينكما، وفي أيٍّ من
النقاط عليكما أن تشتغِلا على نفسَيكما لكي تتفاهما بشكلٍ
متبادَل. وعامَّةً، فإذا كان شخصان من النمَط نفسِه، فثمَّةَ
حظ كبير في أن يتَّفِقَا من حيث وُجُهَات النظر
المُتَبَادَلَة. وعلى سبيل المثال، لاقيتُ كثيرًا من الأزواج
ذوي الرقم "واحد" (الكمالي)، ينزَعون لأن يكونوا متوافقين في
تصوُّراتِهم حول طريقة العيش الصحيحة، ضمن مصطلحات الذوق
والنزاهة. وينزع "الكماليون" أيضًا إلى إزعاج أنفسِهم بسبب
انعكاس نقدِهم الداخلي المستمر.
إن منظور العالَم في علاقة من نوع
[6]folie
à deux
وفقًا لنمَط يؤكِّدُه شريكُ النمَط. فزوج ذو رقم "ثلاثة"
(المتمرِّس) سوف يتَّفِقان بأن الحياة هي سلسلةٌ من مشاريعٍ
تضعُهما في حالةٍ من التحدِّي. أما ارتباط يتم في الرقم
"أربعة" فإن منظورَيْهما للحياة يتأسَّس على شدَّةِ المشاعِر،
وعلى الخوف من الهجران.
عندما يلتقي أحدهما مع شريك أو شريكة، في نقطة، فثمة فهم طبيعي
للمسائل التي تنتمي لهذه النقطة. ولكن عندما تنزاح إلى وضعية
حيث الشريك أو الشريكة ليس مُهيَّأ لفهمٍ بشكل طبيعي لهذا
الوضع الجديد عليه، فلربما سوف يُعانيان ميلاً إلى تفسير كل
منهما لنوايا الآخَر بشكلٍ سيئ. فعلى سبيل المثال، إن زوجًا
مكوَّنًا من رقم "ستة" و"ثمانية" سوف يلتقيان في "سبعة"،
و"خمسة"، و"تسعة". ولن يلتقيا عندما يتحرَّك "الستة" إلى نقطة
ضغطِه (رهَقِه العام) الـ
estresse
في "الثلاثة". ولن يَلتقِيَا عندما يتحرَّك "الثمانية" إلى
نقطة شعوره بالأمان في "الاثنان". وبالإمكان أن نُغامِرَ ببعض
التشخيصات على أساس المسائل الخاصَّة المتعلِّقَة بهاتين
النقطتين.
اللقاء في سبعة
ثرثرة بسرور حول نهار هذا اليوم، مشاركة بمخططات مستقبلية
إيجابية، ورحلات مع مجموعة من الأصدقاء، وأمور للقِيام بها.
والعمل على مشاريع متبادَلَة. دعمٌ لأهداف الشريك. إن الجنس
بالنسبة لهما عبارة عن لعب بدون تحفُّظات.
اللقاء في خمسة
يلوذان معًا في المنزِل، وفي الغرفة نفسِها، يقرآن، أو يبحثان
عن فسحَةٍ خاصَّة للعُزلة. إنه لحَسَنٌ أن يكونَ لدَيْك شريكٌ
بالقُربِ منك، وليس قريبًا جدًا. وعلى الأرجح أنه لن يكونَ
هناك أي مخالَطَة جنسية في هذه الحالَة. (إن جناح "الستة"
كمظهَرٍ غير بارز للعَيَان، هو نقطة الضغط (الرهَق العام)
estresse
لـ"الثمانية). وعندما يكون "الثمانية" في حالة ضغط (رهق عام)
فما يسعى إليه هو حياتُه الخاصَّة، ويُنتظَر من "الستة" الكثير
من الحس الطيِّب، فلا يذهَب في خيالِه بأن ابتعادَ الشريك يعني
انتهاء العلاقة. فإن "الثمانية" سيخرج مُجَدَّدًا من عزلتِه
عندما تتوفَّر لديه الإرادَة الكافيَة.
اللقاء في "تسعة"
مُتَّحِدان على نحوٍ فعَّالٍ. فعلى "الستة" أن ينحِّيَ
القَلَقَ جانِبًا من خلال تولّيه الأمر. ولكن من الممكن أن يظل
"الستة" أسيرًا لأمور تافهة، وبدون معنى (المظهَر غير
المُحبَّذ لـ"التسعة"). إنه يتجوَّل عبر المنزل، ويراقِب وعاء
الشوربة في المطبخ، ويقوم بأشياء صغيرة. الشراهَة (جناحُ
"الستة" المشترَك مع "الثمانية" والجناح الآخَر لـ"الثمانية"
هو نقطة شعور "الستة" بالأمان). فإذا كان بمقدور "الستة" أن
يكون جنسويًا بدون أن يشعُرَ بالخوف، وبدون أن يوصِدَ البابَ
على نفسِه، فإن "الثمانية" سوف يتكيَّف مع "الستة" بشكلٍ دائم.
إمكانية "الستة" على إحساسِه بالاسترخاء بعمق ضروري لكي
تراوِدَه مشاعِر عشقٍ حقيقية. وللمُفارَقَة، يمكِن لـ"الستة"
أن يشعُرَ بالغضَب إذا ما اكتشف أن "الثمانية" يعني بالنسبةِ
له الشيء الكثير. وعلى الأرجَح أنه سوف يُعبِّر عن غضبِه من
البِدَايَة بقيامِه بإسقاطِ غضبِه هذا على شريكِه فيبدو له كما
لو أنه يتآمَرُ عليه بأمر ما. وإذا ما اتَّخَذَ "الستة"
الجانِبَ المُفَضَّل لنقطة شعورِه بالأمان، فهو أو هي سوف يسمح
لنفسِه بأن يتأثَّر بمشاعِر الحب الآتِيَة من "الثمانية".
الثمانية يتحرَّك إلى الاثنين، نقطة شعورِه بالأمان
إن تصرُّفَ "الثمانية" ينتقِل من الهَيْمَنَة الصَّارِمَة إلى
الصراحَة. فيُصيبُه ضربٌ من جنونِ الكرَم، ورَغبتُه في أن
يكونَ لديه الكثير من الأشياء الجيِّدَة في الحياة. ويُسامِحُ
الآخَر على كل شيء. سيفضِّلُ "الثمانية" الاعتناء به على أن
يظلَّ في موقع السيطرة. وسوف تكون بالنسبة له بعض الإيماءات
البسيطة بمثابة قيمةٍ لا تُقدَّر بثمَن. وعمومًا فالمُنتمون
إلى الرقم "ثمانية" لديهم شهوانية قاعِدَتُها الجسد؛ ولذلك
فإنهم يجدون في "الاثنان" طعامًا طيّبًا، وحفَلات، وولائم،
ورفقة ودودة. وإذا كان لدى "الستة" الحس الجيِّد، فهو أو هي،
سوف يشارِكُه بالحفلة.
الستة يتحرَّك نحوَ "الثلاثة"، نقطة شعورِه بالضغط (الرهَقُ
العامّ)
من المرجَّح أن يكونَ "الستة" في هذه الحالَة مُركِّزًا كثيرًا
على مُهُمَّةٍ إلى درجة يتأرجَح فيها إلى داخِل، وإلى خارِج
نِطاقِ الپارانويا. وعندما يتماهى مع المهمَّة، فإن انتباه
"الستة" يتمايل بين الاستثارة، والجنون الپارانوئي، وذلك بقدر
نجاح أو إخفاق المشروع. وإذا حاول "الثمانية" تولِّي السيطَرَة
أو إجبار "الستة" على الفعل، أو فيما إذا ابتدأ "الثمانية"
بموعِظَة حول مشاكل "الستة" في التصرُّف، فهذا الأخير قد
ينطلِق متجزِّئًا، وبقدر ما يهرب من المشروع، فكذلك تراه يهرب
أيضًا من "الثمانية".
ومع ذلك يُمكِنُ لـ"الثمانية" أن يمنح شريكه دعمًا بمُراقَبَةِ
آلية ما للمشروع الذي يقوم به "الستة"، ويرصدُه فيما إذا أخلَّ
به، أو إذا ماطَلَ فيه. وإذا أُبقِيَ على المشروع جاريًا،
فإذَّاك سوف تكون العقبات المستعصية ظاهريًا بالنسبة للمذعور
"الستة" في المنظور الصحيح، وسيكون "الثمانية" بطل أو بطلة
اليوم. وسوف يترتَّب على "الثمانية" الانتباه إلى الفارق بين
تولِّي السيطَرَة بالقوة وبين منح الدعم اللائق. كما سوف
يترتَّبُ على "الستة" أن يُميِّزَ بوضوح بين الخضوع، أو بين
تحمُّلِ المسؤوليات.
تاسوعية الفئات التشخيصية
التاسوعية التالية هي تنظيمٌ لفئات التشخيص التي تقوم على
Diagnostic and Statical Manual III
(الوجيز التشخيصي والإحصائي
III،
طبعة مُعدَّلَة)[7].
ففي الولايات المتحدة يُستعمَل الـ
DSM III R
على المستوى الوطني من أجل أهداف التأمين الصحي. ويحتوي
مُلحَقُ هذا الكتاب على ملخَّص للاكتشافات العلمية التي
تركَّزَت على هذا الاستعداد للأنماط.
فقَط بإمكانِ استقصاءٍ شديد الدقة، أن يُتيحَ للتاسوعية
اتِّخاذَ مكانِها المُناسِب في الفكر النفساني الغربي. فأنا،
على سبيل المثال، قد لاقيتُ عدَّةَ توافُقات للمنهَج التاسوعي
مع اختبارات وأساليب قِيَاس لِكَوْنِها مُطالبًا بها بدون أي
قاعِدة، ولا أي اكتشافات للاستقصاءات ولا حتى في العلاج
الفينومينولوجي (الظاهراتي)[8]،
من أجل تساؤلات استبيانات الجداول (نموذج من التحقيق تخضَعُ
فيه عيِّنةٌ واحِدة من الأشخاص لمقابلات مُتَكَرِّرَة فترةً
معينة من الزمن) للأنماط. وتبدو حظوظ التوافقات هذه واعِدة
وجذَّابَة، لكنها لا تؤدِّي أي خدمة للتاسوعية، لأنها لا
تتأسَّس على اكتشافات علمية. فالمُلحَق يحوي ملخَّصًا للأعمال
الجارية بهَدَف صِياغَة منظومة تجريبية للتاسوعية، ولإعداد
اختبار كتابي من أجل تحديد النمَط.
اعتمادًا على رؤى نارانخو
Naranjo
لآليات الدفاع، وعدد لا يُحصَى من القِصَص التي سمِعتُها في
حلقات بحث استبيانات الجداول على مدار السنين، فالتاسوعية التي
نتجَت هي تنظيم يُدرَج على نحوٍ باطني أكثر مع المعرفة
النفسانية الحالية. ويقوم إثبات هذا التنظيم في واقِعِ كونِه
تفحُّصًا ذاتيًا. وهذا يعني أنه يُمكِنُ لراصِدين جيِّدين
لأنفُسِهم أن يعرِفوا تصنيفَ أنفُسِهم انطلاقًا من وصف أسئلة
أنماطِهم والإجابة بشكل صحيح عما يتعلق بتغيير تصرُّفاتِهم
عندما يتحرَّكون نحوَ نقطة الضغط (الرهَق العام) لديهم، ونحوَ
نقطة شعورِهم بالأمان.
تصِفُ فئات الـDSM
III
علوم الأمراض الخطيرة. ووفقًا لها من منظور مُمَارِسَةِ
الانتباه، فهذا يعني أنه قد تمَّ فُقدانُ القدرة على الانسحاب
والرصد. وبدون القدرة على تحييد الانتباه لحيادية الحالَة
المفيدة للراصِد الداخِلي، فإن ميزاتِنا تُصبِح على نحوِ "إنني
ذلك الذي أفعلُه" أكثر من "ذلك الذي أنا أكونه فعلاً". ففي علم
الأمراض يستغرِقُ الانتِباه في الأفكار والمشاعِر التي هي سمات
طبعِنا، ونكون عاجِزين عن رؤيةِ منظور الآخَر.
بات تموضُعُ الخطوط الداخِلية للرسم التخطيطي للأنماط في
علاقات فيما بينها على أشكالٍ معيَّنة يلوح الآن فقط في أدبيات
علم النفس. فعلى سبيل المثال، يشير المثلث الداخلي وحيدًا إلى
بعض العِلاقات المتبادَلَة المُذهِلَة. فيُلمِّح هذا المثلث
إلى أن الميول القهرية – الوسواسية (تسعة)، والپارانوئية
(ستة)، والإدمان على العمَل (ثلاثة)، تتواجد في الفرد نفسِه،
وهذا النوع من الأفراد يستبِق الأمور في تحديد أوضاع الحياة
النوعية (من الحالَة السوية، والضغط (الرهَق العام)، أو الشعور
بالأمان) في كلِّ تصرُّف يُساعِدُ الظروف في حدوثِه.
إيضاح التشخيصات
أولاً: الأنماط المتمركِزَة في الجسد:
نواة "التسعة" وجناحان في "الثمانية" و"الواحد"
النقطة "تسعة"
قهري – وسواسي وفقًا للـ
DSM،
يُهيمِنُ عليه الجانِبُ الوسواسي. إنه نمطٌ فعَّال ازدواجي
النزعة وفقًا لميلتون
Milton.
ازدواجي النزعة في اتخاذ القرار، فهو أسير بين الرغبة في
التمرد والأخرى في الطاعَة. وفي مصطلحات التاسوعية يتأرجح
"التسعة" بين كونِه إنسانًا طيِّبًا "واحِد" وبين كونِه
إنسانًا مُشاكِسًا "ثمانية".
ينزَع "التسعة" للبقاء في صراع عِوَضًا عن اتخاذ موقف يُودّي
إلى تغيُّرٍ فِعلي. إن سؤالَه الداخلي هو من نوع: "هل تكمُنُ
رغبتي في أن أكون هنا؟" أكثر من قلق الـ"واحد" الذي يتركّز
سؤاله على نحو: "هل أقوم بالشيء الصحيح؟". موقفُه لا يؤول فيه
على نفسِه. يكمن الدفاع عندَه ضد الحاجة إلى التصرُّف فوق
مسألَة طاعَة/تمرُّد، في توجيه انتِباهِه إلى مهمّات غير
ضرورية وثانوية. تخدير ذاتي وانعدام للتركيز، وتُعتبَر هاتان
الحالتان كآليتين أساسيَّتين للدفاع عندَه. ويمكِنُ لازدواجية
النزعة أن تُؤكَّدَ بشكلٍ فعَّال، ولكنّه يُعَبِّرُ عن غضَبِه
بطريقةٍ استِكانيَّة وغير مُباشَرَة.
يَقبَلُ البعضُ من المُنتمين للرقم "تسعة" السِّمَتَيْن
استِكانيون – عِدائيون. وهؤلاء هم الأفراد الأكثر شكوةً،
والأكثَر عَنادًا، والذين يُشيرون في مُصطَلَحَات التاسوعية
إلى الجناح "ثمانية" (متمرِّدون بشكل فعَّال). والمفارقة هي
فضلاً عن أن الذين ينتمون إلى الرقَم "تسعة"، من نوع:
استِكانيون – عِدائيون، فهم يُشارِكون ازدواجية النزعَة نفسَها
فيما يتعلَّق بالموقف الشخصي مِثلَ "التسعات" الذين لديهم ميول
وسواسية أكثر، فلا يتبعون برامِجَ الآخرين. وهنا تكمن هذه
المفارَقَة من حيث موقِفُهم في تركِ أنفُسِهم تُمتصُّ من خلالِ
رَغَبات الغير، وبإظهارِهم تبَعيَّة للآخَرين، ولكنهم يُضيفون
إلى ذلك الكثير من الاتِّهامات، والعرقلة، وميول أخرى
للمقاوَمَة.
النقطة "واحد"
إنه الجانِبُ القهري للحالة الوسواسية – القهرية في الـ
DSM.
يُمكِنُه أن يكونَ ازدواجي النزعة داخِليًا إلى درجة كبيرة مثل
"التسعة"، ولكن هذا لا يُعبَّرُ عنه. إنه نمط ازدواجي النزعة
استِكاني وفقًا لميلون
Millon.
يستقطِبُه الجانِبُ "الطيّب" في صِراع الطاعَة/التمرّد. يمنعُه
تكوينُه التفاعلي (ردود أفعاله) من أن يُظهِر غضبَه، ورغباته
الحقيقية على مستوى الوعي. موالاة صلبة لقوانين الصحِّ والخطأ.
إكراه (قهري) للقيام بشيء ما. ثمة طريق سليم وحيد فقط بالنسبة
له.
النقطة "ثمانية"
إنه النمط المعتلُّ اجتماعيًا وفقًا للـ
DSM.
طريقي هو الطريق الصحيح.
ثانيًا: الأنماط المتمركز في الشعور: النواة في "الثلاثة"،
الجناحان في "اثنان" وأربعة
النقطة "ثلاثة"
ما من فئة ملائمة له في الـ
DSM.
تم التعرف على هذا النمَط مؤخَّرًا في الفكر النفساني الغربي.
فمشاعِرُه تُلغَى أثناء اهتمامِه بالعمل. أما انتباهُه فهو
مركَّز على المهمة التي يقوم بها، وليس على "الأنا". وفضلاً عن
ذلك يعترِفُ المُنتمون إلى الرقم "ثلاثة" ببعضِ سِمات
النرجسية، وأيضًا اعتقادُهم في فوقيَّتِهم الخاصّة ضمن مجالات
الأداء والاستحقاق. وهذا الاستحقاق يفوز به الرقم "ثلاثة" من
خلال عملٍ قاسٍ، ولا يُتَّخَذُ كلَقَبِ شَرَف أوتوماتيكي.
يُفضِّل "الثلاثَة" التضحية من أجل محافظتِه على صورة
المنتصِر، وتبنِّي الموقف الأكثَر نرجسية في استبدال العمل
الشاق في الوقت الحاضر بأفكار عن نجاح مستقبلي.
تتشابَه النقطتان ثلاثة وسبعة
كلاهما انبساطيان مليئان بالطاقة. كلاهما متفائلان، يتشجَّعان
ذاتيًا، ويسعيَان لإثبات ذاتِهما. كلاهما يُبرِزان صورةَ
المنتصِر. ومع ذلك يعمل المنتمون للرقم "ثلاثة" حتى الإنهاك.
ويعمل المنتمون إلى الرقم "سبعة" فقط عندما يستمرُّ المشروعُ
مُهِمًّا بالنسبة لهم. يريد المنتمون إلى الرقم "ثلاثة" تولِّي
السيطرة على الآخَرين، وأن يكونوا زعماء يُعترَفُ بهم.
يلتزِمون في القيام بما هو الأفضَل، وبما هو الأكثر مسؤولية في
الأعمال. إنهم ممتثِلون للواقِع، يتوجَّهون نحوَ الآخَرين في
مسعى لاحتياز قبولٍ لديهم، ويعملون بشقاء من أجل عائدة مالية
حالية.
يُريدُ المُنتمون إلى الرقم "سبعة" إثباتًا من الجميع عما هو
جيِّد. ويبتغون المغامرة أكثر من القدرة. ولا يحتاجون للإذعان
لكي يفوزوا بقبول الآخرين لهم، لأنهم ينظرون إلى أنفسِهم على
أنهم فوق الأعراف الاجتماعية. ويعفون أنفسهم من المسؤوليات.
ويثِقون بالاستحسان الذي يمنحونه لأنفسِهم، وينزعون إلى رؤيةٍ
إيجابية للمستقبل، أكثَر من العمل لأجل أهداف حالية.
النقطة "اثنان"
نمط هستيري، والمتعلِّق وفقًا للـ
DSM.
ويحتاج كلاهما تأكيدًا وقبولاً من قِبَلِ الآخَرين. يجِدُ
الـ"أنا" معناه من خلال علاقة مع شريك. ويتكيَّف كلاهما إزاء
حاجات الآخَر كضمانٍ لاستمرار الحب. "أجعل من نفسي ذلك الذي
يسعى إليه الشخص الذي أحبُّه". يتكيَّف النمط المتعلِّق من
خلال سهولة الانقياد ونيل الرضى. وبشكلٍ عام، يتشبَّثون بعلاقة
وحيدة. أما النمط الهستيري فيتَّخِذُ وقفةً عدائية، ومتلاعِبَة
لكي يُحرِزَ السيطرةَ على الرفيق.
النقطة "أربعة"
كآبَةٌ، وتوجُّهٌ ثنائي القطبية[9]
في الـ
DSM.
ففي لغة التاسوعية، يُمكِنُ حدوثُ تقديمٍ شخصي بإثارة بالغة في
نقطة الضغط (الرهَق العام) في الرقم "اثنان" (مكتئب هستيري)،
أو بسبب ميلٍ إلى الجناح في ثلاثة الذي يقود إلى نشاط جامح من
أجل الكفاح ضِدَّ الكآبة.
ثالثًا: الأنماط المتمركزة عقليًا: النواة في "ستة"، الجناحان
في خمسة وسبعة
النقطة "ستة"
الپارانوئي وفقًا للـ
DSM.
النقطة "خمسة"
إنه النمط الفصامي والجاف وفقًا للـ
DSM.
المشارِكون في استبيانات الجداول، يعترِف كلا النمطين أي
الفصامي والجاف بسماتٍ مركَّزَة في اللامبالاة الاجتماعية.
يقول البعض منهم إنهم مكتفون ذاتيًا، وليسوا قلقين بألا يكون
لديهم مخالَطَة شخصية حميمة مع أشخاص آخَرين (فصاميون،
منفصِلون عن الآخَرين على نحوٍ سلبي)، ويعترِفُ آخَرون بمشاعِر
من العذاب بسبب العزلة الاجتماعية (جافُّون، منفصِلون عن
الآخَرين على نحوٍ فعَّال).
النقطة "سبعة"
إنه نرجسي الـ
DSM.
يوعَز إلى هذا النمَط امتيازات على قاعدة مواهبه المتفوقة.
إنها امتيازات يتقبَّلُها من خلال إيعازها له، أكثَر من
محاولتِه اكتسابِها من خلال مجهودِه الشخصي. أنظر المفردة
السابقة "تتشابه النقطتان ثلاثة وسبعة". يجري إسقاط الانتباه
إلى مستقبل مليء بصور من التفاؤل، الأمر الذي يدفعُه إلى
تجنُّب الحاجة إلى الارتباط أو العمل الحالي. "عليّ أن أكون
مخلصًا لنفسي فوق كل اعتبار".
ترجمة: نبيل سلامة
*** *** ***