|
الأسطورة وعلم الأساطير
بشكل عام، ولنقل من منظور علم الأعراق البشرية أو الإيثنولوجيا، يمكن تعريف الأسطورة بأنها الحكاية الخرافية ذات الطابع الذي يقارب القدسية، وهي ذات علاقة بكائنات تجسِّد العوامل الطبيعية، أو الأصول الاجتماعية. لذلك نلاحظ أن الأسطورة، في الثقافات التي تلعب فيها دورًا فاعلاً، غالبًا ما تستخدم كمرجعيةٍ ذات صفة تبريرية أو كنموذج. أمَّا بشكلٍ أوسع، فيمكن القول إنها التعبير الجمعي للسلوكية الافتراضية لبعض المجموعات الاجتماعية (كتلك المتعلقة مثلاً براعي البقر Cowboy في القصص الكلاسيكية للغرب الأمريكي). أمَّا من الناحية الاجتماعية، فحين نتحدث عن الأسطورة فإننا نعني ذلك التصور الجمعي ذا الطابع غير المنطقي إلى حد ما، وإن كان في الوقت نفسه ذي أهمية كبيرة (كأسطورة التقدُّم، وأسطورة العصر الذهبي،... إلخ). ونلاحظ هنا أن الكلمة، من هذا المنظور، غالبًا ما تتخذ طابعًا إزدرائيًا، ولكن لا مناص من الاعتراف بفعاليتها الأكيدة. أمَّا بالنسبة للمنظرين الماركسيين فإن الأسطورة ليست إلا أحد أشكال الأيديولوجيا. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى واقع تعقيد العلاقة بين الأسطورة وبين الخطاب الفلسفي. فالخطاب الفلسفي، غالبًا ما كان يسعى، على مرِّ التاريخ، إلى حرمان الأسطورة من من تأثيرها وصدقيتها بحجَّة ما يفترض أنه المنطق؛ لكن هذا لم يمنع أفلاطون من أن يستعير من الأسطورة العديد من العناصر والتعابير (كتعبير الأعراق البدئية الثلاثة في كتابه الجمهورية) حين كان يواجه مسائل لم يكن بوسعه شرح أصولها عن طريق علم الكلام. وكذلك كان جان جاك روسو يحتفظ بالقيم المثالية للأسطورة وخاصةً حين كان يسعى لوضع "تاريخ" للإنسانية يستند بشكل أساسي إلى ما يفترضه منطقًا معقولاً أكثر مما يستند إلى ما هو حقيقي. ونسجل أخيرًا، أن لعبارة علم الأساطير استثناءان. فهو يعني من جهة مجموع الأساطير في مجتمع معين كما يعني من جهة ثانية الدراسة العلمية لهذه الأساطير. من هذا المنظور، يمكن القول إن علم الأساطير يرتبط بالمفهوم الواسع لتاريخ الأديان، وذلك لأنه يتناول حتمًا ديانات المجتمعات "البدائية". أمَّا من حيث المعنى الإزدرائي (كما هي الحال عند ر. بارتث) فيمكن القول إن علم الأساطير هو مجموع الخطابات الجمعية التي تدَّعي المنطقية، وفي الوقت الذي تتستر فيه وراء "المنطق السليم"، ما يجعلنا، في الواقع، نعتبرها بعضًا من الأيديولوجية. *** *** *** ملاحظة:
تم تعريب هذه المادة عن قاموس ناثان الفلسفي،
تأليف جيرار دوروزوي وأندريه روسيل. تعريب:
أكرم أنطاكي |
|
|