الوضوء بالغيب

خالد البرازي

 

ها أنا ذا أتوضأ بالغيب

وأفتح ماء البحر وألقي

كلَّ يقيني...

ها أنا ذا

أرقى سُلَّم نفسي وأرقى...

لأقيم صلاتي

 في محراب ظنوني...

صلَّيتُ على الإنسان

صلاة الغائب وصلاة الميت...

من أهداني ماءً

تلبس نيراني...

رتَّلتُ على نفسي كل براكيني

أطفأتُ الماء

أخذتُ غباري

وأراني أعجن نفسي من نفسي

وأبارك هذا الخلق كسهمٍ

أطلِقَ من وتر النفس

إلى هدفِ الحقّ

أصاب جبيني...

ها أنا ذا

يُخرِج رأسي عشباً أخضر

يُخرِج رأسي شجراً

يُخرِج أنهاراً وثماراً

يُخرِج غزلاناً لا تطلبها الوحش

ويُخرِج أسماكاً

تسبح في ماء الغيم

وأخرجها الملل

إلى ذروة أرضي

يخرج رأسي

آه... من رأسي

أين يقيم وكيف يزول ويمضي

أتراني أصنع جنّاتي

شرق صراط الإنسان...

أتراني حادٍ ؟

أربط هولي ويلي وثبوري

وقوافل أخرى

تخرج من رأسي

آخاها زمن الوهم

وألقيها...

ها أنا ذا أفتح نافذتي

صوب النسيان...

وأضطرب

مات القاطف خلّفني عند الكرم

وحيداً أرتجف

وأنا حان قطافي

يوشك خمري

يوشك خمري

أبحث في بهو الإنسان

عن الكأس وأنسكب...

هأ أنا ذا

أقرَبُ من ماء النهر

إلى النهر وأقرب من عين

الوعل إلى الوعل

وأدخل بين الظلِّ

 وبين الشيء

وأحتجب...

 آه... من قلبي

يطفو ويغلِّف كل حرابي

ويعلِّق جرس الورد

على حدّ السيف

ويقترب...

آه... من رئتي أعطيها

سبع سماواتٍ أهديها

من مات من الخنق

ومن يبحث عن أرضٍ

غير الأرض فلا يلقى

غير الحزن وغير

الموت

فينتحبُ...

وأنا عيني تنفطر أمام الدمع

 أمام الموت

ولا أملك إلا قلباً

يرتحل أمام الشيء

وينتصبُ...

ها أنا ذا

أخرج من بابِ سؤالي

بابِ القلق المسجون

وباب مهاويَّ

وأدخل باب الخلقِ

بمفتاح التكوين

فأقتربُ

أنا نفسي من نفسي

أقترب...

ها أنا ذا

أعتصر التاريخ

وأنتظر الإنسان

ولا يأتي إلا شذراً

عجباً كيف يغيب

الإنسان عن الإنسان...

ولماذا

ينزف في التيه

يعلِّق خارطة المجهول

على جدران الرقِّ...

عجباً...

كيف يغور السيّد بين يديه

وينسحب

وأمد يديَّ مداداً

يطلب وصلاً

ما كان أخا أحدٍ

هذا النزقُ المتأصُّل فيَّ

ويرعاه البرق من الغيبِ

ويخرج كالفطرِ

على أضلاعي...

هيَّأتُ له بيتاً

فانتفض الحيُّ له

وأنا أتبع ما أنِسْتُ من النار

ولا ألوي

أسلكُ في الحيرة

لا أحد يتبع خطوي

وأنا لا أستوحش

إن سرتُ على النار وحيداً

 ها رأسي يغلي . . .

والحيُّ يطارد في الديجور سراباً

ملَّ على مرِّ الدهر

وما ملِّ الحيَّ

كفى هذا الركض/المقصلة

على عنقِ الوقتِ

كفى مهزلةً حاكتْ كلَّ الأشكالِ

على كلِّ الأمواتِ وما وصلت

وصلت عند ذهولي

وأنا أشرعتي حُبلى

من لغتي

تبني في قدمِ الماء مسالكَها

 قلتُ:

وسأحرق كل حروفِ العودة

في نار وصولي

عبثاً هذا النجمُ يمدُّ عباءَته

 يولمُ مائدةَ الماضي/يدعو الفجر

فلا يأتي

عبثاً هذا النجم دليلي

وأنا هيَّأتُ الماء لأبني نجماً

أخذ الدفَّة من قلب الغيب ويبني

في غيبِ القلبِ عزائمَه

نجماً يوغِل في كل فصولي

وعلى كتفِ النجمِ أقمتُ حقولي

وبذاري تصرخُ بي

وفراشي تصرخُ بي

أطياري

تصرخ: أبدي هذا القيد ؟

ها أنا ذا

أطلقُ نهر وريدي

قمراً فوق سهولي

ها أنا ذا

تسطع في وجه الليل خيولي

وأمتد من المدِّ إلى المدِّ نشيداً...

جبلة 25 / 2 / 2001

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود