الخدر...

ومفاهيم أخرى

 

عمّار عبد الحميد

الخدر:

ربما كان الخدر هو مرض العصر الأكبر. والمقصود بالخدر هنا تبلُّد المشاعر، بل والضمائر، في وجه سيل المعلومات التي توفرها وسائل الإعلام فيما يتعلق بواقعنا المعيش كبشر لم تعد الحدود تفصلهم نفسياً بعضهم عن بعض، على الأقل ليس بتلك القوة عينها التي عهدناها بالأمس القريب.

الخدر هو الذي يجعل المرء وربما عليّ أن أقول هنا: يجعلني أنا، لأني، مثل كل الناس، واحد ممَّن أصابهم الخدر؛ بل ربما لا يتمايز الناس بعضهم عن بعض في هذا الصدد إلا بدرجة تعمُّق الخدر فيهم أقول: إن الخدر هو الذي يجعلني أواصل تناول طعامي بهدوء وأنا أراقب على شاشة التلفاز أمامي صوراً لمذبحة ما في رواندا، أو كوسوفو، أو فلسطين، أو ربما الحي المجاور.

إن الخدر هو الذي يجعلني أتمسّك بعادات وأفكار لو أردت أن أفكر فيها للحظة لأدركت أنها بالية بل مضرّة. لكني لا أفكّر فيها لا أفكّر فيها كيلا أفقد أحد الأعمدة القليلة المتبقية في حوزتي التي مازلت أبني عليها، أو بالأحرى يُبنى لي عليها، كياني. إن الخدر هو الذي يجعلني غير قادر على الشعور بأني قد توقفت، منذ زمن بعيد كما يبدو لي الآن، عن التفكير؛ بل إنه ييسِّر لي التهيؤ بأن النتائج التي في جعبتي إنما جاءت حصيلة تفكير عميق وخبرة طويلة في الحياة.

لقد صدمني الواقع حتى الخدر، ولا أقول اللامبالاة. لا. فأنا مازلت أبالي، مازلت أهتم، ومازالت لي قضيتي. قضيتي التي أذود عنها بكل ما تبقى لي من قوة. قضيتي التي يصور الخدر لي أنها القضية التي اخترتها لنفسي بنفسي، عن مطلق قناعة مني. هكذا يصور الخدر لي الأمور. هكذا يفعل بي الخدر. فهو خدر من نوع خاص: إنه خدر الضمائر والأفكار، خدر الحسرة المختبئة في القلب، خدر اليأس المحتقن في الجوف، خدر الانتظار… انتظار الخلاص بالطبع، خدر الموت في انتظار الولادة الثانية.

تُرى هل ستأتي؟ أينمّ هذا الخدر عن مخاض؟

المنقول:

يجيء المنقول كحصيلة للمعارف الناتجة عن تجارب الإنسانية على مرّ العصور، تلك التجارب التي تعكس قدرة الإنسانية على إيجاد الوسائل المناسبة التي تضمن لها البقاء أولاً، ونوعاً من الترقّي والتقدم ثانياً. فوجود المنقول إذن ليس بالأمر العبثي أو الطارئ.

لكن هذا الاعتراف لا يعني التسليم بصحة كل ما ورد ويرد في طيَّات المنقول. ففعالية المنقول تنبع من قدرته على التجدد والتحديث. إذ يصير المنقول عبئاً ثقيلاً عندما يُقبَل دونما نقاش، وعندما لا يوضَّح، أو يصحَّح، أو يغيَّر، أو يعدَّل، أو يُضاف إليه كل جديد مع مرور الزمن. إذ لا وجود للمطلق في المنقول، والإبداع شرط من شروطه الأساسية.

التقدم:

إن غاية النوع (البشري) الأساسية هي النجاةالبقاءالاستمرار. أما التقدم فحدث عرضي. أو هكذا كانت الأمور سابقاً على الأقل. أما اليوم، مع تزايد أعدادنا ومعارفنا واحتكاكنا بعضنا ببعض، أضحى التطور والتقدم أداة أساسية من أجل ضمان استمرارنا ونجاتنا.

الله:

الله المبدأ الذي يعي أنه مبدأ، والمعنى الذي يعي أنه معنى، والفكرة التي تعي أنها فكرة. هذا أو... لاشيء.

الإنسان:

الإنسان تصور مبهم في أذهان تناضل ضد الانغلاق.

النظام:

نميل إلى تعريف الأشياء أحياناً وفقاً لموقعها في ذلك اللاشيء الذي هو الفضاء أو المكان، وبالنسبة لعلاقتها بتلك "الخاصية" التي مازلنا لا نفهمها والتي هي الزمان. ومع ذلك، فإن هذا النظام يعمل بشكل ما، وبفعالية كافية أعترف بما يسمح لنا بقتل بعضنا بعضاً، وبأشياء أخرى...

الغريزة:

لو فهم كل امرئ، أو قدَّر، ماهية ما يفعل ويصنع، لما اخترعت الإنسانية شيئاً منذ وجدت، ولما كانت، بالتالي، استمرت. إن عدم فهمنا وتقديرنا لما نفعل ونصنع واحد من الأسباب الرئيسية وراء استمرارنا حتى الآن. إن الغريزة تعرف أكثر منا ما تريد وما يلزم للاستمرار وللبقاء. إنها أقدم. إنها تفكر. إن الغريزة جمعية بطبيعتها وتعمل لمصلحة النوع قبل الفرد. وفي الحقيقة، قد لا يوجد شيء اسمه الغريزة الفردية. والقائلون بهذا إنما يسقطون وعيهم، الفردي بطبيعته، على الغريزة. النوع كله كائن واحد على مستوى الغريزة.

المخاض:

من حيث لا ندري ولا نحتسب، يجيء حاملاً معه وعوداً قد تتحقق. وهذا أجمل ما فيه. ففي طيّاته الأمل. وهذا أسوأ ما فيه. ففي طيّاته الشك واحتمال الفشل.

الخلاص:

سعينا نحو الخلاص نيفاً وإحدى عشر ألف سنة، بل ربما أكثر، أيْ نعم أكثر، أكثر بكثير. ولكن، ربما كان الانعتاق هو بيت القصيد لا الخلاص.

وممّ الخلاص؟ من إنسانيتي؟ من فردانيتي؟ من وقاحتي؟ اللهم لا خلاص إذن! فهذا كل ما في جعبتي. هذا ما بدأت به وانتهيت إليه.

الانعتاق:

أن يرى الإنسان غيره لا يعني أن يعمى عن نفسه. أن يحب الإنسان غيره لا يعني أن يكره نفسه. بل من يكره نفسه لا يمكن أن يعرف الحب. يجيء الانعتاق عبر محبة الكون والخليقة بما فيها الذات.

الانعتاق بالحب يكون، ومن الخوف والأماني يكون.

التوحيد:

التوحيد موقف وليس عقيدة. يخطئ من يظن أنه عقيدة. وهو موقف حيال الحياة كسيرورة أكثر منه حيال تصور ما متعلق بأصلها وصيرورتها.

الوجود:

وعي مكثّف إلى درجات متفاوتة. فلا معنى، إذن، لادّعاء وجود المادة أو الطاقة أو شيء من هذا القبيل، إلا إذا عرّفنا بالوعي لا على أنه طاقة ما، بل على أنه الطاقة. فالموجود، إذن، وعي، وإن اختلفت طرقه في التعبير عن نفسه بحسب "كثافته".

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود