English

Arabic

الإيكولوجيا العميقة

الانتقال في القيم سوف تغير طرق ارتباطنا

بعضنا ببعض وبالأرض تغييراً عميقاً

 

فريتيوف كابرا

 

لقد بات من الواضح أكثر فأكثر أن قضايا عصرنا الخطيرة لا يمكن أن تُفهَم معزولة. فخطر الحرب النووية، واجتياح بيئتنا الطبيعية، وبقاء الفقر مستمراً إلى جانب التقدم، حتى في أغنى البلدان، ليست بقضايا معزولة. إنها وجوه مختلفة لأزمة واحدة، هي أساساً أزمة في الإدراك.

 

تتفرع الأزمة الراهنة عن كون غالبيتنا العظمى، وخصوصاً مؤسساتنا الاجتماعية، تقر مفاهيم وقيم نظرة إلى العالم فات أوانها، ولم تعد تصلح للتعامل مع قضايا عالمنا المكتظ سكانياً والعالمي الترابط. وفي الوقت نفسه، يقوم باحثون مرابطون على التخوم المتقدمة للعلم، إلى جانب حركات اجتماعية متنوعة وشبكات بديلة عديدة، بتطوير رؤية جديدة للواقع سوف تشكِّل أساس تكنولوجياتنا ومنظوماتنا الاقتصادية ومؤسساتنا الاجتماعية القادمة.

لقد ساد الأنموذج paradigm المتقهقر الآن على ثقافتنا عدة مئات من السنين. يتألف هذا الأنموذج من عدد من الأفكار والقيم، من بينها النظر إلى الكون كمنظومة ميكانيكية مكوَّنة من لبنات بناء أولية، والنظرة إلى الجسم البشري كآلة، والنظرة إلى الحياة في المجتمع كصراع تنافسي من أجل الوجود، والإيمان بالتقدم المادي غير المحدود الواجب إحرازه عبر النموّ الاقتصادي والتكنولوجي، وأخيراً وليس آخراً، الاعتقاد بأن المجتمع الذي تصنَّف فيه الأنثى في كل مكان دون الذكر مجتمع يتَّبع قانوناً أساسياً في الطبيعة. لقد وُجِد في العقود الأخيرة أن جميع هذه الافتراضات شديدة المحدودية ويعوزها تعديل جذري.

 

النظرة الجديدة إلى العالم

يصح وصف الأنموذج المنبثق مؤخراً بطرق شتى. فقد يدعى بالنظرة الكلانية holistic إلى العالم التي لا تشدد على الأجزاء بقدر ما تشدد على الكل. وقد يدعى أيضاً بالنظرة الإيكولوجية إلى العالم، باستعمال مصطلح "إيكولوجي" بمعنى الإيكولوجيا العميقة. ذلك أن الفيلسوف آرني نيس Arne Naess قام في أوائل السبعينيات بالتمييز بين الإيكولوجيا "الضحلة" shallow والإيكولوجيا "العميقة" deep، وقد بات هذا التمييز يلقى الآن قبولاً واسعاً كاصطلاح يفيد جداً في الإشارة إلى الانقسام الكبير ضمن الفكر البيئي المعاصر.

الإيكولوجيا الضحلة بشرية المركزية anthropocentric. فهي تنظر إلى البشر باعتبارهم فوق الطبيعة أو خارجها، وبوصفهم مصدر كل قيمة، ولا تعزو إلى الطبيعة إلا قيمة أداتية أو نفعية. أما الإيكولوجيا العميقة، فلا تفصل البشر عن البيئة الطبيعية، كما لا تفصل عنها أي شيء آخر إطلاقاً. إنها لا ترى العالم كمجموعة من الأشياء المعزولة، إنما بالحريّ كشبكة من الظاهرات المترابطة والمتواكل بعضها على بعض جوهرياً. والإيكولوجيا العميقة تعترف بالقيمة الجوهرية لكل الكائنات الحية وتنظر إلى البشر كمجرَّد خيط متميِّز واحد في نسيج الحياة.

لم يعد الإطار الأخلاقي المصاحب للأنموذج القديم صالحاً للتعامل مع عدد من المسائل الأخلاقية الكبرى في يومنا هذا التي تنطوي على تهديدات لأشكال الحياة غير البشرية. فمع الأسلحة النووية التي تهدد بإفناء كل حياة على الكرة الأرضية، والمواد السُمِّية التي تلوث البيئة على نطاق واسع، والحيوانات التي يتم تعذيبها باسم سلامة المستهلك، والمتعضِّيات المجهرية microorganisms الجديدة المجهولة التي تنتظر إطلاقها في البيئة دون معرفة العواقب، والمخاطر المرعبة للتلاعب بالجينات وللاستنساخ، وشبح العولمة الاقتصادية المخيِّم على الكرة الأرضية مع حدوث كل هذه النشاطات، يبدو من المهم إدخال معايير أخلاقية موجَّهة إيكولوجياً في العلم والتكنولوجيا الحديثين.

إن السبب وراء عدم صلاحية أخلاق الأنموذج القديم للتعامل مع هذه المسائل هو أنها، مثلها في ذلك كمثل الإيكولوجيا الضحلة، بشرية المركزية. بذا تكون المهمة الأهم الواقعة على عاتق مدرسة جديدة للأخلاق هو تطوير نظرية للقيم لابشرية المركزية non-anthropocentric، نظرية تمنح أشكال الحياة غير البشرية قيمة صُلْبية.

والاعتراف بالقيمة الصُلْبية للطبيعة الحية كلِّها ينشأ في الجوهر عن الإدراك الإيكولوجي العميق بأن الطبيعة والذات واحد. و لا يخفى أن هذا الاعتراف هو لبّ الإدراك الروحي نفسه أيضاً. وبالفعل، عندما يُفهَم مفهوم الروح البشرية بوصفه نسق الوعي الذي يشعر فيه الفرد بارتباطه بالكوسموس ككل، يصبح جلياً أن الإدراك الإيكولوجي إدراك روحي في جوهره الأعمق، وبأن الأخلاق الإيكولوجية الجديدة تضرب بجذورها عميقاً في الروحانية.

ونظراً للتماثل الجوهري بين الإدراك الإيكولوجي العميق والإدراك الروحي، لا يدهشنا أن الرؤية الجديدة البازغة للواقع تتساوق مع "الفلسفة الخالدة" Perennial Philosophy للمنقولات الروحية الشرقية، ومع روحانية المتصوِّفة المسيحيين، ومع الفلسفة والكوسمولوجيا المبطِّنتين لمنقولات سكان أمريكا الأصليين.

أما في ثقافتنا المعاصرة، فيلوح أن الجوهر الروحي للرؤية الإيكولوجية العميقة يجد تعبيراً مثالياً عن نفسه في الروحانية النَسَوية feminist التي ينادى بها في حركة النساء. فالروحانية النَسَوية متأصِّلة في تجربة واحدية كل الأشكال الحية وفي الإيقاعات الدورية لولادتها وموتها. فهي بذلك إيكولوجية بعمق وقريبة من الروحانية الأمريكية الأصلية والطاوية وغيرهما من المنقولات المشدِّدة على الحياة والموجَّهة نحو الأرض.

 

النظرة الآلتية إلى العالم

تنامت النظرة الآلتية إلى العالم the mechanistic world view في القرن السابع عشر على أيدي غاليليو وديكارت وبيكون ونيوتن وسواهم. فقد أقام ديكارت نظرته إلى الطبيعة على التقسيم الأساسي إلى عالمين مستقلين: العقل والمادة. والكون المادي، بما فيه المتعضِّية البشرية، كان بنظره آلة يمكن فهمها من حيث المبدأ فهماً تاماً بتحليلها إلى أجزائها الصغرى.

لقد كان تشبيه المخ بالكمبيوتر، مثله في ذلك كمثل التشبيه الديكارتي للجسم بآلية الساعة، مفيداً جداً، لكن كلاهما الآن فات أوانه. فدماغنا قد يبدو، للوهلة الأولى، منفِّذاً لوظائف تشبه وظائف الكمبيوتر، لكنه ليس بالكمبيوتر. المخ، كذلك، متعضِّية حية. إن هذا الفرق فرق حاسم، لكن علماء الكمبيوتر، وأكثر منهم العوام حتى، يتناسونه. ولما كان علم الكمبيوتر يستعمل تعابير من نوع "ذكاء"، "ذاكرة"، أو "لغة" لوصف الكمبيوترات فإننا نميل إلى الظن بأن هذه التعابير تشير إلى الظاهرات البشرية المعروفة. إن سوء الفهم الخطير هذا هو السبب الرئيسي وراء تخليد تكنولوجيا الكمبيوتر الحديثة للصورة الديكارتية للبشر بوصفهم آلات، وحتى وراء تعزيزها.

هناك مهمات ينبغي ألا تُترَك أبداً للكمبيوترات: جميع المهمات التي تتطلب خصالاً إنسانية حقيقية كالحكمة، والرحمة، والاحترام، والفهم، أو المحبة. فالقرارات والمواصلات التي تتطلب هذه الخصال الإنسانية كقرارات قاضٍ أو جنرال سوف تجرِّد حياتنا من إنسانيتها فيما إذا اتخذتها الكمبيوترات. إن استخدام الكمبيوترات في التكنولوجيا العسكرية، على وجه التخصيص، ينبغي ألا يزداد بل، على العكس من ذلك، ينبغي أن ينخفض جذرياً. فمن المأساوي أن حكومتنا ومجتمع الأعمال نأيا بنفسيهما كثيراً عن اعتبارات كهذه.

من خصائص النظرة القديمة إلى العالم هاجس الهيمنة والسيطرة. ففي مجتمعنا، تقوم نخبة متماسكة، مبنيَّة هرمياً، بممارسة السلطة السياسية والاقتصادية.

إن علمنا وتكنولوجيانا مؤسَّسان على الاعتقاد بأن فهم الطبيعة يحتِّم بالبداهة هيمنة الإنسان man على الطبيعة. وأنا أتعمَّد هنا استعمال كلمة man [=رجل] لأنني أتكلم على صلة هامة بين النظرة الآلتية إلى العالم في العلم وبين منظومة القيم الأبوية patriarchal، بما هي نزوع الذَّكر إلى الرغبة في السيطرة على كل شيء.

كانت أهداف العلم قبل القرن السابع عشر هي الحكمة وفهم النظام الطبيعي والعيش في تناغم مع ذلك النظام. لكن هدف العلم بات، منذ القرن السابع عشر، المعرفة التي يمكن استخدامها للسيطرة على الطبيعة والتلاعب بها واستغلالها. واليوم، غالباً ما يُسخَّر العلم والتكنولوجيا كلاهما لأغراض خطرة، مؤذية، وضدإيكولوجية.

 

مأزق الاقتصاديات

يخفق معظم علماء الاقتصاد، إذ يتبعون النموذج نفسه، في الاعتراف بأن الاقتصاد ما هو إلا مظهر واحد من مظاهر نسيج إيكولوجي واجتماعي متكامل. فَهُم ينزعون إلى فصل الاقتصاد عن هذا النسيج الذي هو مترسِّخ فيه وإلى وصفه بلغة نماذج مفرطة في التبسيط وغير واقعية إلى حد كبير.

وحده قطاع النقد، بحسب الاقتصاديات الاتباعية، يقع في متناول التحليل الاقتصادي، وكل ما عداه يدعى "خارجياً" ويستثنى من الإطار النظري. بهذا تم التعريف بالمفاهيم الاقتصادية الأساسية تعريفاً ضيقاً وجرى استخدامها بمعزل عن سياقها الاجتماعي والإيكولوجي الأوسع. ولقد جرّ هذا النطاق الضيق والاختزالي reductionist الاقتصاديات إلى مأزق. إذ لم تعد غالبية المفاهيم والنماذج الاقتصادية الراهنة صالحة لوضع الظاهرات الاقتصادية في موضعها المناسب في عالم متواكل بعضه على بعض من حيث الأساس، كما أن السياسات الاقتصادية الراهنة لم يعد بوسعها حل مشاكلنا الاقتصادية.

لقد نجم عن الإطار الضيق والاختزالي للاقتصاديات الاتباعية توجيهٌ للسياسات الاقتصادية خاطئ أساساً. فجوهر هذه السياسات هو السعي وراء النمو الاقتصادي، باعتباره ازدياداً في المُنتَج الوطني الإجمالي، أي على نحو محض كمِّي بلغة رفع الإنتاج إلى استطاعته القصوى. والافتراض المعمول به هو أن كل نموٍّ جيدٌ حتماً وأن المزيد من النمو أحسن دوماً. يدعونا ذلك إلى التساؤل حول ما إذا كان علماء الاقتصاد هؤلاء قد سمعوا بالسرطان.

 

الأنموذج الجديد

إن الانتقال إلى أنموذج الإيكولوجيا العميقة حاسم الآن من أجل سعادتنا بل وحتى من أجل بقائنا! وإن انتقالاً كهذا يحدث فعلاً. فثمة بحَّاثة على تخوم العلم، وحركات اجتماعية متنوعة، وشبكات بديلة تقوم بتطوير رؤية جديدة للواقع ستصبح قاعدة تكنولوجياتنا ومنظوماتنا الاقتصادية ومؤسساتنا الاجتماعية القادمة.

إن المنظومات الطبيعية قاطبة عبارة عن كلِّيات wholes تنبثق بناها النوعية من تفاعل وتكافل أجزائها. وإن الخصائص المنظومية systemic تتخرب عندما يتم تشريح منظومة ما، سواء فيزيائياً أو نظرياً، إلى عناصر معزول بعضها عن بعض. ومع أن بوسعنا أن نميِّز أجزاء فردية في أية منظومة فإن طبيعة الكل مختلفة دوماً عن مجرَّد مجموع أجزائه.

تنطوي الطريقة المنظومية أو الإيكولوجية العميقة في التفكير على نتائج هامة عديدة ليس على العلم والفلسفة وحسب، بل وعلى المجتمع وعلى حياتنا اليومية أيضاً. إذ إنها سوف تؤثر في مواقفنا تجاه المرض والصحة، في علاقاتنا بالبيئة الطبيعية، وفي العديد من بنانا الاجتماعية والسياسية.

لقد أمسى تطبيق المفاهيم المنظومية لوصف السيرورات والنشاطات الاقتصادية ملحاً بصفة خاصة لأن جميع مشاكلنا الاقتصادية الحالية هي عملياً مشاكل منظومية، لم يعد بالوسع فهمها عبر مقاربات العلم الديكارتي المجزَّأة. أما المقاربة المنظومية للاقتصاديات فسوف تجعل إدخال بعض النظام إلى الشواش المفاهيمي الحالي أمراً ممكناً بتزويد علماء الاقتصاد بمنظور إيكولوجي هم بأمسّ الحاجة إليه. فالاقتصاد، بحسب هذه النظرة المنظومية، منظومة حية تتألف من بشر ومنظومات اجتماعية تتفاعل تفاعلاً متواصلاً مع المنظومات الإيكولوجية ecosystems التي تتوقف حياتنا عليها.

ولقد بدأت مقاربة إلى المسائل الاقتصادية كهذه، قائمة على التفكير المنظومي ومتأصِّلة في الإيكولوجيا العميقة، تبزغ بزوغاً بطيئاً على مدى السنوات العشرين الأخيرة. وهي ليست بعدُ نظرية اقتصادية محكمة تمام الإحكام، لكن مفاهيمها وأفكارها الرئيسية باتت الآن واضحة كل الوضوح. وقد دُعِيت هذه المقاربة الجديدة بـ"الاقتصاديات الخضراء" بسبب من أساسها الإيكولوجي.

إن الغاية من التفكير الاقتصادي الجديد، كما والغاية من الاقتصاديات الاتباعية، هي تعزيز التنمية الاقتصادية. غير أن هذا المفهوم يعطى هنا معنى مختلفاً. فبدلاً من أن يُعرَّف به بوصفه رفع الإنتاج والاستهلاك إلى الحد الأقصى، بات يُعرَّف به بوصفه رفع الرفاه الإنساني إلى الحد الأقصى. والرفاه welfare الإنساني يتوقف على الصحة وعلى الحاجات البشرية؛ على الشؤون الذهنية والعاطفية والروحية؛ على القضايا الاجتماعية والبيئية.

 

القيم الجديدة

بما أنه يتعذر منح العديد من مظاهر مثل هذا المفهوم النوعي للتنمية الاقتصادية قيماً نقدية فإنها ينبغي أن تُنفَّذ من خلال السيرورة السياسية. فالخيارات غير النقدية الواجب الأخذ بها هي خيارات سياسية مبنية على القيم.

إن الانتقال إلى نظرة جديدة إلى العالم ونمط جديد من التفكير يسيران يداً بيد مع تغيِّر عميق في القيم. وما يثير العجب في هذه التغيرات، بنظري، هو تلك الصلة المدهشة بين التغير في التفكير والتغير في القيم. فكلاهما يمكن أن يُرى كتحوُّل من توكيد الذات self-assertion إلى التكامل integration. وفي حدود ما يتعلق بالتفكير، بوسعنا أن نلحظ انتقالاً من العقلاني rational إلى الحدسي intuitive، من التحليل analysis إلى التأليف synthesis، من الاختزالية reductionism إلى الكلانية holism، ومن التفكير الخطِّي linear إلى التفكير اللاخطي nonlinear. وأريد أن أشدد على أن الغاية ليست استبدال نسق بنسق، إنما بالحري الانتقال من الشطط في التشديد على أحد النسقين إلى توازن أعظم بينهما.

أما فيما يتعلق بالقيم، فنحن نلحظ انتقالاً مقابلاً من التوسُّع expansion إلى المحافظة conservation، من الكمّ إلى النوع، من التنافس إلى التعاون، ومن الهيمنة والسيطرة إلى اللاعنف non-violence.

وتلقى القيم الجديدة، إلى جانب المواقف وأساليب الحياة الجديدة، رواجاً لدى عدد كبير من الحركات: حركة الإيكولوجيا، الحركة السلمية، الحركة النَسَوية، إلخ. ومنذ مطلع الثمانينيات، بدأ العديد من هذه الحركات بالتلاحم، موقنة بأنها لا تمثل إلا وجوهاً مختلفة للرؤية الجديدة للواقع عينها. وقد شرعت في تشكيل قوة شديدة في التحول الاجتماعي. والنجاح السياسي للحركة الخضراء الأوروبية، على علاتها، هو أبرز الأمثلة تأثيراً في سيرورة التلاحم تلك.

لقد دعوتُ القوة الاجتماعية البارزة مؤخراً بـ"الثقافة الصاعدة"، مستعيراً هذه الصورة من وصف أرنولد توينبي لنماذج الصعود والانحدار في سيرورة التطور الثقافي. ففي التحول الثقافي الراهن، لاتزال الثقافة الآفلة ممثَّلة بالأحزاب السياسية الراسخة، والشركات الضخمة المتعددة الجنسيات، والمؤسسات الأكاديمية الشامخة، إلخ. مهيمنة على مسرح الأحداث. فهي ترفض التغير، متشبثة تشبثاً يزداد جموداً بأفكار فات أوانها. بيد أن الثقافة المهيمنة اليوم، كونها مبنية على إطار من المفاهيم والقيم التي لم تعد قابلة للحياة، سوف تأفل حتماً وتنتهي إلى التفسُّخ. أما القوى الثقافية الممثِّلة للأنموذج الجديد فسوف تواصل صعودها وتضطلع آخر الأمر بالدور القائد.

إن سيرورة التحول هذه باتت اليوم مرئية في مجتمعاتنا، وبوسع كل منا أن يختبرها كتحول داخلي. غير أن سؤالاً يبرز هنا: هل سيتاح من الوقت ما يكفي؟ هل سيتم بلوغ نقطة الانعطاف عاجلاً بما يكفي لإنقاذ العالم؟ كجواب على هذا أودّ أن أقبس عن المرحوم إ. ف. شوماخر، صاحب كتاب الصغير جميل ونبي حركة الإيكولوجيا:

"هل نستطيع أن نتكل على إنجاز عدد كافٍ من الناس لـ"انعطاف" عاجلاً بما يكفي لإنقاذ العالم الحديث؟ كثيراً ما يُطرَح هذا السؤال، لكن الجواب عليه، أياً كان، مضلِّل. فالجواب بـ"نعم" سوف يقود إلى رضى كاذب، والجواب بـ"لا" إلى اليأس. لذا يستحسن ترك تلك الحيرة وراءنا والانكباب على العمل."

 

للتوسُّع والاستزادة

-          Paul Ekins, editor, The Living Economy, Papers of The Other Economic Summit (TOES).

-          Fritjof Capra, The Turning Point, Simon & Schuster, New York, 1982.

-          Fritjof Capra & Charlene Spretnak, Green Politics: The Global Promise.

-          Fritjof Capra, The Web of Life, Anchor Books, New York, 1996.

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود