english Arabic

السلبية والأدب[1]

 

ريتشارد كلين[2]

 

المجرد

للحفاظ على التمييز ما بين ما هو أدبي والأدب، تطرح هذه الورقة الأسئلة المستفزة: هل نحن بحاجة إلى نظام محدد للدراسات الأدبية؟ لماذا لم تستطع دراسة العمل الأدبي أن تمتص لتتغلغل ضمن نظام أوسع متصل أو متفرق بين أنظمة متعددة؟ جوابًا على هذا، تحدد الورقة دراسة الأدب باعتبارها دراسة للسلبيات وتجادل أنه باعتبارها كذلك فهي ضرورية للجامعة باعتبارها مكانًا للانتقاد في زمن تهديد الاستبداد. يكذب الأدب، باعتباره من عمل الخيال، إنما بشكل لا يعتمد عليه وهو بذلك يقدم نظام الأكاذيب الأشد تعقيدًا في نسيجه. تستكشف الورقة هذا النظام عند روسو، بودلير، بروست، فرويد، وديريدا وتكشف قانون رد الفعل المناعي الذاتي الذي يمكن لشخص أو ديمقراطية تحاول أن تحمي نفسها أن تتسبب بموتها هي. تكشف دراسة الأدب هذا الخطر، وتصل الدراسة إلى نتيجة مفادها أن دراسة عمل تخيلي ضرورية لأنه يجري استغلال الأعمال التخيلية بنجاح أكثر فأكثر من قبل قوى الاستبداد.

السلبية والأدب

دعوني أبدأ بالتمييز مابين الأدب من جهة، والأدبي من جهة أخرى وهو مالا أعتبره اختلافًا مطلقًا بل تقسيم مساعد من أجل النقاش. برأيي أن ماهو أدبي يسبق الأدب تاريخيًا ويمتد في الاتساع أكثر: قد تكون اللغة الأدبية كالأغنية عامة، يعود إمكان وجودها، على أقل تقدير، إلى الطبيعة المجازية للغة وإلى قدرتها على المحاكاة، على التصوير، على الصدق، وعلى الكذب. كل الثقافات، بهذا المعنى، فيها الأدبي، وأنتجت شيئًا مثل الشعر أو العمل التخيلي. إلا أن الأدب Literature (بالحرف الأول الكبير)، مميزًا عن الأدبي، هو مؤسسة أوربية من أواخر القرنين السابع عشر والثامن عشر. يرتبط تأسيسه بنشر وبيع الكتب، بإيجاد جمهور الحضور والظهور المصاحب للتعليق الصحفي. ربما كبرت المؤسسات الأدبية في مكان آخر من العالم، في عصور مختلفة، إلا أننا لا نطلق هنا اليوم تسمية "الأدب" Literature بالحرف الأول الكبير إلا على النصوص الموجودة ضمن نطاق المراجع والاستشهادات والإشارات الأوربية.

(سأحاول في هذه الورقة أن أحافظ على الفارق ما بين الأدب وماهو أدبي، لكني أخشى أن لا أنجح دائمًا في ذلك لأن الفارق خيال يمكن أن يكون مفيدًا في التحكم به لفترة لكن ليس له داعم أساسي.)

ظل الأدب حتى عهد قريب موضوع دراسات أدبية أكاديمية ظهرت في شكلها الحالي في القرن التاسع عشر عند المدرسة الألمانية لفقه اللغة التاريخي، وهي دراسة تاريخ اللغة كما هو محفوظ في المخطوطات والكتب ونصوص الأرشيف.

إن دراسة الأدب كنظام أكاديمي، في أصولها، فرع من فقه اللغة. ومثل العلم الأم تهتم الدراسات الأدبية في المقام الأول بحفظ ونقل النصوص الموجودة ضمن الأرشيف. وكائنًا ماكان ما تفعله دراسة الأدب من أشياء أخرى، سواء جرى ذلك بصورة جيدة أم سيئة، فإنها تحافظ على حياة وتوفر تلك النصوص الأدبية التي تعتبرها جديرة بالدراسة. لكن السؤال الذي يطرح الآن هو: هل نحن بحاجة إلى نظام محدد للدراسات الأدبية؟ لماذا لم تستطع دراسة العمل الأدبي، في الأكاديمية، أن تمتص لتتغلغل ضمن نظام أوسع متصل أو مبعثر بين أنظمة متعددة؟ ما الذي سنخسره في نهاية الأمر لو أن دراسة الأدب، لنقل، في كورنيل وضعت (لا سمح الله) تحت رعاية شيء من مثل "جمعية العلوم الإنسانية" حيث ستصبح جزءًا من دراسة إنسانية معولمة تفحصت ثقافات وفنونا يدوية ومؤسسات مختلفة، وإضافة إلى ذلك، الدور الذي يلعبه الأدبي في تشكيلها وانعكاسها. ستتم دراسة الأدبي بشكل دقيق باعتباره يؤدي مهمة إضاءة التاريخ ووصف أساطير ذات هوية وطنية أو عرقية. بامتصاصها، مرة وإلى الأبد ضمن دراسة العلوم الإنسانية والاجتماعية المعولمة، ستكون دراسة الأدب قد خسرت ادعاءها تكوين مؤسسة استقلالية محددة لذاتها لها معاييرها الخاصة للجودة ومتطلباتها الاحترافية الخاصة بها. ولكن هل سيفقد أي شيء؟

حسنًا، قد تفقد بعض الوظائف. قد يعني ذلك نهاية النقد الأدبي الأكاديمي، التحليل والنقد المدوَّن للأدب، وبالنتيجة وظائف من مثل وظائفنا في كليات الأدب. ضمن منهاج أكثر عولمة، ستختفي في آخر الأمر من الوجود طرق النقد الأدبي النابعة من دراسة الأدب وكما وسع أحدهم النظام الأكاديمي ليشمل الأدبي من كل أنحاء العالم، يبدو أنه قريبًا لن يكون هناك سبب لنستمر في أن ننقد ونكتب وندرِّس عن الأدبي، بالأساليب والشروط التي تم بها عمل ذلك حتى وقت قريب ضمن تقاليد وسط أوروبا لدراسة الأدب. هل سيضيع أي شيء؟

مثلما أن الأدب Literature، بالحرف الأول الكبير للكلمة، يتوقف الآن عن أن يكون الموضوع الحصري للدراسات الأدبية، فإن نظام الدراسات الأدبية على وشك أن يختفي تحت ضغط مقاومة أكثر عمومية للأدب، بحرف L كبير، قادمة من الخارج ومن الداخل. أريد أن أجادل بأنه يجب أن يرحب بذلك الميل بمقدار ما يؤسف له. إن ارتباط الاعتقاد بالانتماء للنخبة والإيمان بسمو العرق على سائر الأعراق بدراسة الأدب الأنجلو- أوروبي، يجري محوه منهجيًا من خلال توسع القواعد والمعايير الأدبية لتضم أعمالاً خارج حدود الخصائص الغربية التقليدية. ومع الترحيب بذلك التطور، فإنه يجازف في الوقت نفسه بإظهار الأدوات النقدية المطلوبة بإلحاح في مجتمع تهدد فيه أكاذيب الانتقاد اللاذع ودعاية الطبقة الثرية بأن تحل محل الخطاب العام بأكمله. ويأتي التهديد للدراسات الأدبية الأكاديمية ممن داخل وخارج النظم التي تقاوم ماهو أشد تطرفًا، الأشد انتقادًا في نظام الدراسات الأدبية. لماذا يجب أن تكون هناك، أكثر من أي وقت آخر، مقاومة لدراسة الأدب في الأكاديمية، بالأحرى في المجتمع في اللحظة التي يتواجد فيها الأدبي في كل مكان، عندما يكون كل طفل في أميركا لدى وصوله سن البلوغ قد خاض تجربة حبكات قصصية دالة، بواسطة وسائل الإعلام، أكثر من أي طفل في التاريخ؟

أريد أن أثبت أنه خلافًا للنظم الأخرى، التي هي علوم إيجابية، فإن دراسة الأدب، بالطريقة التي تمأسست فيها كنظام في أميركا، مازالت حتى اللحظة، في أشد صيغها صفاء، دراسة للسلبيات. ليس هناك نقد دون سلبية - دون فهم ضمني وصريح بشكل متزايد للنماذج المحتملة للسلبية. تتخذ دراسة الأدب هدفًا لها تلك النصوص التي في الأرشيف والمحددة بأنها سلبية - أقصد الأعمال التخيلية - نصوص ليس لها دلالات يمكن الاعتماد عليها. بما أن دراسة الأدب تدرس لا شيئًا، أو بالأحرى لا أشياء، فإنها أكثر النظم هشاشة وأقلها فهمًا من قبل من هم خارجها. إن الدراسات الأدبية غائبة كليًا عن وسائل الإعلام في أشد صورها المعبرة تطورًا. وبسبب تركيزها الأساسي على السلبية لا تستطيع دراسة الأدب الدخول ضمن الدراسات المتشاركة إلا بالتخلي عن ذات الأهداف والمواد التي تعطيها الترابط كنظام. هل سيفقد أي شيء؟

أريد أن أثبت أن دراسة الأدب هي النظام الأشد هشاشة في الجامعة. لذلك فهو النظام الأكثر احتمالاً للتخلي عنه، في نفس اللحظة تمامًا التي يلوح فيها الاستبداد في الأفق، عندما تكون فيها دراسة الأدب أكثر ضرورة من أي وقت آخر لوجود الجامعة كمكان للنقد - حيث يمكن أن يجري التفكير فيها بالبدائل للوضع القائم.

إن ما يعطي الدراسة الأدبية هشاشتها الخطيرة هو أن مادة الدراسة، الأدب، هي الأكثر هشاشة من كافة الموضوعات ليس فقط لأنه يحتوي المتخيلات، بل لأن وجوده يعتمد بشكل كامل على الوجود المادي للأرشيف، دون أي مرجع خارجي.

وحدها بين النظم تفشل دراسة الأدب في امتحان الحرب النووية الشاملة: بعد حدوث محرقة نووية ستظل العلوم الإيجابية، الفيزياء أو علم الآثار ستظل ممكنة. سيعود الفن إلى الحياة. بل قد يعيد الناجون المشردون ابتكار الملحمة الشعرية أو القصيدة الغنائية. لكنهم لا يستطيعون أبدًا إعادة تأليف الأدب: أغنية رولاند La Chanson de Roland، أو المقدمة Prelude، إن فقدتا في خراب الحرب النووية الشاملة الذي لا يمكن تصوره، والتي سيكون الحال فيها أسوأ من فقد مكتبة الإسكندرية حيث لن يمكن استرجاع نظام الأرشيف بأكمله على الإطلاق. سيتم تدمير كل النظم المعتمدة على الأرشيف، كالتاريخ أو القانون، لكن يمكنها إعادة تشكيل نفسها بشكل ما. تكمن الهشاشة الاستثنائية للأدب في حقيقة أن وجوده تفاعل كامل ما بين النصوص، يعتمد على نظام الإسناد المرجعي والإسناد المرفقي التفصيلي الذي يشكل الأرشيف والذي بدونه تكون دراسة الأدب مستحيلة. ليس للأدب وجود ممكن خارج الأرشيف.

تنبع هشاشة الأدب، بشخصيته النصية والمتفاعلة بين النصوص الخالصة كما قلنا من احتوائه على النصوص المتخيلة، والتي أضع ضمنها معظم أشكال الشعر الغنائي، التعبير الذاتي. عندما أكتب قصيدة شعر أو سيرة ذاتية، ذلك نوع من العمل التخيلي فيه بعض الصحة بالنسبة لي لكن دون مرجع موضوعي، قد يشمل ذلك أكاذيب متقنة أختلقها كليًا. حقيقة العمل الخيالي هي التي في قلب نظام الدراسات الأدبية، وتلك هي مادة الدراسة المحددة.

إن كونه خياليًا يعني أن ليس للأدب مرجعًا يُعتمد عليه في العالم. أن تدرس الأدب يعني أن تواجه لا مسؤولية العمل التخيلي، مقاومته لكونه يصنع ليقدم عرضًا للحقيقة قابلاً للتصديق. الأدب يكذب، إنما بصورة لا يعتمد عليها. بعكس ذلك فهو يقدم الحقيقة أحيانًا. إذا لم يقدم الحقيقة عن الواقع أبدًا، سيكون كاذبًا بصورة يعتمد عليها وبهذا لن يكون أدبًا. إن دراسة تلك الأكاذيب التي لا يعتمد عليها هي التي تكوّن مادة نظام دراسة الأدب. الأكاذيب هي بعض ما ندعوه سلبيات، ويقدم لنا الأدب أشد أنظمة الأكاذيب تعقيدًا. سأحاول في هذا الحديث أن أشرح مثل هذا الشكل من السلبية وأشير إلى سلبيات أخرى.

حيث إن الأدب، الذي يفهم على أنه عمل تخيلي، لا يحمل مسؤولية تجاه الواقع، فلا يمكن إدخاله ضمن الأهداف الموضوعية العلمية للنظم الأخرى، إلا فيما تخطئ فيه تلك النظم وهو بالضبط ما يجعلها ماهي عليه: كبت وإنكار أدبية الأدب. تريد النظم الأخرى استخدام أو الاستفادة من الأدب لفهم شيء عن الواقع. ويمكن للأدب أن يخصص لكل نوع من الأنشطة الانضباطية. انظروا إلى رفوف مكتبة كورنيل، حيث يمكن العثور على الروايات التي تُدرَّس في كل نظم العلوم الإنسانية والاجتماعية. لكن في اللحظة التي تمسك فيها نظم أخرى العمل التخيلي بطريقة معينة لتجعله يتحدث عن العالم، يتوقف عن كونه الكذبة التي كان عليها. في اللحظة التي يورد فيها مؤرخ قصيدة شعر تتوقف، لأسباب بنيوية وليست نفسية، عن أن تكون شعرًا وتصبح وثيقة، أداة مفيدة بشكل من الأشكال للبحث التاريخي. (وستبرهن بصورة ثابتة صحة قراءة القصيدة للمؤرخ والذي تقرأه بتلاوتها. يوصم المؤرخون أساسًا بالعمل التخيلي الذي تبحث عنه حكايتهم كي تمحوه. ذاك صحيح أيضًا بالنسبة لنقاد الأدب، إلا أنه يفترض بهم أن يعرفوا ذلك سلفًا.) تتوق النظم، أو العلوم الاجتماعية أو العلوم الإنسانية، الأخرى لكبت أو إنكار لا مسؤولية الأدب، ورفضه للمرجعية، من خلال رغبتها استئناس الأدبي وإدماجه ضمن عمليات تصويرها للواقع.

يهدد الرواج الحالي للتواصل الضمني في الدراسات بتقليل شأن والقضاء على دراسة مؤسسة الأدب. لكن التهديد للدراسات الأدبية لا يأتي فقط من الخارج بل من الداخل. هناك الكثير من طلاب الأدب المتلهفين لقراءة ودراسة الأدب كانعكاس وتعبير عن الواقع، خصوصًا حيث يتعلق ذلك بالقضايا السياسية المتصلة بالهوية. تلك استخدامات شرعية تمامًا للأدب، إن كان الهدف هو استغلال خاصيته الوثائقية كدليل أو تأكيد لحقيقة تاريخية ما (باستخدام، مثلاً، روايات القرن الثامن عشر كمرشد لتاريخ أدب أو حرفة). إلا أن ذلك الاستخدام الشرعي للأدب لا يتطلب النظام المستقل للدراسات الأدبية. دراسة الأدب، كما أحاول وصفها أساسًا، تشغل نفسها بالطبيعة المختلقة لمادته. إنها تحدد ذاتها مقابل كل أشكال الدراسات المتصلة ضمنيًا فيما بينها التي تهدف إلى ضم ودمج الأدب في عملية بحثها عن المعرفة الإيجابية.

ماهو العمل التخيلي؟ قبل كل شيء، وبحسب التعريف الكلاسيكي، العمل التخيلي يكذب. يتحدث لكنه لا يقول الحقيقة. إن "حلم اليقظة الرابع" لروسو هو نقطة البداية المعتادة لتحليل الكذب عمومًا وللعمل التخيلي بخاصة. يكتب روسو مثلا:

أذكر أني قرأت في كتاب فلسفة بأنك عندما تكذب تخفي حقيقة يجب على الفرد أن يكشفها. من المؤكد أن ينتج عن هذا التعريف أن إسكات الحقيقة التي لا يضطر المرء لقولها ليس كذبًا؛ إلا أن كائنًا من كان في مثل هذه الحالة من عدم قول الصدق ]عندما لا يكون المرء ملزمًا بذلك[ وفي الواقع يقول العكس، هل ذلك كذب أم لا؟ وفقا للتعريف الذي بدأنا به، لا يمكن أن يقال إن مثل هذا الشخص يكذب: إذ أنه إن أعطى نقودًا مزيفة لرجل هو لا يدين له بشيء، فلاشك أنه يخدع هذا الرجل، لكنه لا يسرق منه[3].

بالنسبة لروسو، العمل التخيلي صنف خاص من الكذب ليس فوق الشك، إنه أولاً وآخرًا نوع من الغش أو الخداع، لكنه لا يستجلب الاستنكار الأخلاقي الذي يتوجه به نحو السرقة أو الكذب عندما يتوجب على الفرد قول الصدق، تصرفات تستوجب الشجب تؤدى على حساب الآخرين أو للمصلحة الشخصية لفرد. ربما تذكرون أن روسو أقسم في La Lettre à D’Alembert يمينًا قاطعا على أن يقول الصدق دائمًا وحمل شعار  Vitam impendere vero(أن يلزم المرء حياته - يكرسها، يهبها "بكل الحب" كما كتب - بالصدق.) لذلك فإن العمل التخيلي مشكلة لمؤلف أشهر رواية في عصرها La Nouvelle Héloïse. أن لا نقول الصدق وأن نقول ما هو زائف شيئان مختلفان، شكلان مختلفان للخداع، للسلبية.

أن تكذب، حسب قول روسو، هو أن تخفي الحقيقة عندما ينبغي أن يتم كشفها. جريمة شهادة الزور تعني: قولك عكس ما تعرف أنه الحقيقة في محكمة. يعرَّف الكذب بأنه عدم قول الحقيقة، غياب الشيء ذاته الذي كرس روسو حياته له، سلبية أشد سلبية من الموت نفسه. الكذب بداية كل فشل أخلاقي، أسوأ جريمة. والعمل التخيلي نوع من الكذب، صاف وبسيط، يعرِف نفسه بأنه اللا صدق، يعلم أنه يؤلف كذبة. في القرن الثامن عشر، غالبًا ما كانت الرواية تعلن عن كذبها بالقول: "هذه هي القصة الحقيقة لعاشقين وجدت رسائلهما داخل صندوق في العلّية... ". كان المؤلف يكذب بوقاحة، لكنه كان يعلم بأن الكذبة التي يرويها - "كل هذا حقيقي" - كانت إشارة تقليدية للقارئة بأن ما تقرأه هو عمل تخيلي.

مسموح لك أن لا تقول الصدق إذا لم تكن ملزمًا بذلك.. مسموح لك أن تلتزم الصمت حول حقيقة لست ملزمًا بالبوح بها. ليس مطلوبًا منك أخلاقيًا أن تخبر أشخاصًا بأنهم شديدو القبح. إلا أن عدم قول الحقيقة وقول شيء مكذوب ("أنت رائعة الجمال") هما شيئان مختلفان. ربما ذلك. أن تتفوه بكذبة، أي كذبة، لا يعني فقط أن تقدم ملاحظة بشيء مزيف، بل إن ذلك سلوك أيضًا، أداء لعمل هو تقديم شيء غير ذي قيمة لآخر. أن تكذب يعني أن تعطي الآخر هدية، وعدًا ضمنيًا، وعدًا فارغًا، بلا قيمة، غير مخول بالصدقية أو المصداقية، كإعطاء واحد قطعة نقود مزيفة، إذا استخدمنا مثال روسو، عند توقعهم منك قطعة حقيقية. هذا غش جرمي. إنما في موقف لا يكون فيه المرء ملزمًا بتقديم الحقيقة، حيث لا يكون الفرد مدينًا بشيء، ما الذي يعنيه إعطاء قطعة نقود مزيفة، كذبة، عمل تخيلي لمن هو خارج نطاق علاقة التبادل؟ إنها هدية لا تطلب مقابلها شيئًا، لا تتوقع شيئًا في المقابل. ربما يكون في ذلك غش، أشد أذى لنفس المرء مما هو للآخر لكنها ليست كذبة. تتصف بالغش لكنها ليست كذبة - هدية ليست ذات قيمة لا تجعل المتلقي مدينًا بشيء، والذي لا يتلقى شيئًا في عملية اللا تبادل. النقود المزيفة، la fausse monnaie، هدية لا منفعة فيها أو ضرر لواحد أو لآخر. يؤكد روسو بأن:

أن تكذب دون نفع أو ضرر ليس كذبًا. أن تكذب ليس كذبًا، إنه عمل تخيلي[4].

كساكن جزيرة كريت الذي يقول بأن كل سكان كريت كذابون. كيف يمكن للفرد أن يطرح حشوًا أكثر سلبية، والذي هو تناقض كامل أيضًا، في قلب التعريف الأول للعمل التخيلي في تاريخ الأدب؟

يمكن أن يصف إعطاء نقود مزيفة لشخص ليس مدينًا له بشيء فعل الصديق الذي يظهر ضمن قصيدة نثرية صغيرة لبودلير بعنوان النقود المزيفة La fausse monnaie التي شرحها جاك ديريدا مفصلاً في منح الوقت Giving time. كان بودلير، كما نعرف، قارئًا لروسو. والمقطع الشهير الذي قرأناه فوق من حلم اليقظة الرابع يعرف العمل التخيلي بوضوح بالهدية المزيفة، la fausse monnaie. يمعن راوي "قصيدة النثر" الصغيرة النظر في دوافع صديق يقدم قطعة نقود كبيرة مزيفة لمتسول، شخص، بحسب تعريف روسو، لا يدين له بشيء. هذه الإيماءة، تقديم قطعة نقود مزيفة لمتسول هي نوع من الخداع أو الكذب. لكن سؤال روسو هو إذا ما كان كذبة بريئة. يختم الراوي بأنه في قضية صديقه، تم إعطاء قطعة النقود المزيفة لعمل الخير بثمن رخيص. من هنا هي كذبة، صافية وبسيطة. هو يريد أن يحصل على كعكته وأن يأكلها أيضًا: أن ينال راحة الضمير الطيب بعمل الخير دون أن يحمّل نفسه أية نفقة. مثل هذه الهدية كذبة لا تسبب أي أذى للآخر لكنها تنفع الكذاب. يمكن أيضا الجدال بأن الفرد يكون مدينًا لمتسول بأكثر من قطعة نقود مزيفة. ونظرًا لوجود دوافع قبول الرشوة عند الصديق فإن هدية النقود المزيفة هذه ليست بريئة. لكن راوي قصيدة بودلير الصغيرة يتخيل دافعًا محتملاً آخر لهدية قطعة النقود المزيفة، دافعًا يقترب من تعريف روسو للعمل التخيلي أكثر، هدية الكذبة التي لا تحمل أي ضرر. لنفترض أن صديقه كان شاعرًا متهورًا لكنه يتسم بالبراءة وأراد أن يرى ما هي الاحتمالات الرائعة أو الفظيعة التي قد تنشأ نتيجة لتقديم مثل هذه الهدية. يتصور الراوي ضمن هذه الفانتازيا الطرق المختلفة التي يمكن أن تغير بها الهدية المزيفة حياة المتسول، فترسل به إلى السجن أو تفتح الأبواب أمامه إلى الثروة. إذا قدمت هدية الكذبة دون نية الانتفاع أو الأذى بل لمجرد متعة الاستمتاع بالفرضيات المتخيلة، فحينئذ لا تكون كذبة. الكذب ليست كذبًا Mentir n’est pas mentir سواء وصلت الهدية إلى ما هو حسن أم إلى ما هو سيء فهي تحتفظ بقيمتها كخيال جمالي لينظر إليها بشكل استرجاعي على أنها قاسية أو نافعة (لا تبالي القسوة الجمالية بمعاناة الآخرين، والقسوة السادية تتمنى عذابهم). كذبةٌ هذه الهدية، لأنها تخدع المتسول، لكنها أقل تعرضًا للتوبيخ أخلاقيًا من الضمير الحي، والإيمان الضعيف عند الصديق المرتشي المستفيد من عمله الخيّر في كل ما يقدمه.

يميز روسو وبودلير ما بين درجات الكذب، بإعطاء الرموز المزيفة دون إجازتها قانونيًا أو إعطائها التسمية أو التخويل الصادق. ينشئ روسو وبودلير منظومات هرمية أخلاقية للكذب حيث بعضها مؤسف أكثر من الأخر. لا يتم التسامح مع بعض الأكاذيب في الكتب حيث من السهل الشكوى ضدها، في حين أنها تنال الرضا التام، بل لا يمكن الاستغناء عنها، في المجتمع. تتطابق هذه الدرجات المختلفة من الكذب، من منظورنا، مع صلات معقدة إلى حد ما من السلبية - سلبيات مختلفة. الكذب البريء هو ما سيدعوه روسو وبودلير عملاً تخيليًا. لقد ازدادت أشكال السلبية تعقيدًا. إلا أن النقود المزيفة ليست شيئًا مثل الأشياء الأخرى في العالم. إنها رمز تعطيه لنفسها بكونها موثقة، بكونها مفوضة ومخولة لحمل اسم العملة، إلا أنها في الحقيقة كذبة. لم تكن مفوضة ومخولة ليتم تبادلها، إنما يجب أن تكون قادرة على التبادل إذا كان لها أن تكون كما هي: إنها نقود مزيفة فقط في لحظة تبادلها باعتبارها حقيقية. لو أني أعطيتك بالمقابل دولارًا من الورق المقوى فلن يكون نقودًا مزيفة حيث إنه لا يشبه النقود الحقيقية على الإطلاق. لكي تكون النقود مزيفة يجب أن تبدو حقيقية جدًا إلى حد مرورها للآخر كبدل. فقط إن قبلت باعتبارها حقيقية يمكن أن تعتبر مزيفة. إذا اعتبرت مزيفة فستتوقف عن أن تكون نقودًا مزيفة.

وفي انعطاف أخير للسلبية، أقول إنه من الجلي، كما يبين ديريدا، أنه بين المعاني العديدة أو مرجعيات عنوان قصيدة بودلير النقود المزيفة يدل العنوان بذاته على أن النص الذي نقرأه، قصيدة النثر هذه التي عنوانها النقود المزيفة، هي في ذاتها نقود مزيفة، كذبة أو قطعة عمل تخيلي. كل ما يقال ضمن القصيدة حول النقود المزيفة يمكن أن يقال أيضًا ضمنيًا عن العمل التخيلي لقصيدة النثر نفسها. لهذا، يمكن للمرء أن يقول، مثلما قال ديريدا، إن الشيء الذي في النص والذي يشير إليه العنوان، أي النقود المزيفة la fausse monnaie هو نفسه يضم القصة كلها. ما يلي العنوان النقود المزيفة يمكن أن يشاهد فقط على أنه شرح أو تعليق على العنوان الذي يقول كل شيء بالفعل. الشيء الذي يقوله هو هذا العمل التخيلي الغريب، النقود المزيفة، التي يعطيها الصديق للمتسول، والتي تولّد الفرضيات الخيالية. يفرد العنوان واحدة من التفاصيل التي تشكل القصيدة، النقود المزيفة - تفصيل يحوي القصيدة بكاملها. الجزء يضم الكل، هو أكبر من الكل، لأنها هي نفسها تفصيل ويحتوي إضافة لذلك الكل. مثل هذه العلاقة بين الجزء والكل لا يمكن تصورها على الإطلاق، إنها تتضمن علاقة شيء بنفسه سلبية جدًا لتكون غير قابلة للتصور لكنها ظاهرة معروفة لما يدعى mise en abyme: المحتوى يحوي الحاوية التي تحويه.

داخل قصة النقود المزيفة الـ fausse monnaie هي موضوع ومادة الكل، تمثل الكل، وهي بنفسها منفصلة ومتباعدة، هي رمز للكل زائدًا نفسها، ومن هنا أكثر من كامل القصيدة - كائنًا ما كان ما يعنيه ذلك. إنها تعني علاقة ليست متصورة لكن الغريب أنها قابلة للتفكير بها - علاقات السلبية التي لا تبلغها العلوم الإيجابية. تخبرنا القصيدة شيئًا عن العمل التخيلي وعن القوة الغريبة للسلبيات التي تولدها.

دعوني أسعد بأن أقرأ عليكم المقطع الشهير من "بروست"، الذي قرأه بول دي مان[5] بأهمية حيث يصف الراوي القوارير التي ملئت بالماء والأسماك الصغيرة التي يراقبها في نهر "فيون" حيث يقيم:

راقني النظر إلى الأباريق التي غطسها الأولاد في نهر فيون ليمسكوا بها الأسماك الصغيرة، والتي امتلأت بالنهر والذي بدوره احتواها من كل الجهات، بحيث أصبحوا في الوقت نفسه "حاوية" بجوانب شفافة كالماء المتجمد و"محتوى" مغموس في حاوية أكبر يجري فيها بلور سائل، ويستحضر ذلك صورة البرودة بشكل أكثر بهجة وإثارة للغيظ مما لو كان سيحدث لو جلسوا إلى طاولة للعشاء، بإظهارها فقط في ذلك التنقل المتجانس الدائم ما بين الماء بدون كثافة والذي ما كان ليدي أن تمسكه والزجاج الذي يخلوا من حالة السيولة والتي لم يكن لحاسة الذوق عندي أن تستمتع به[6].

إن تلك الصورة اللذيذة/المغيظة للسلبية مرتبط بحركة مجاز المولد الذاتي المتجانس هذا، مثل تكرار نفس المقاطع الصوتية التي تنتقل دون توقف من كلمة لأخرى في: حاوية ومحتواة. يمكن تمييز كلاً من: حاوية ومحتواة بصورة منفصلة في العقل وغير متميزة في التنقل المتجانس أمام العينين، بصورة متقطعة لكليهما وليس لأي منهما. إن الصورة هي هاوية تثير مشاعر السمو عندما يسبق العقل إمكانات الإدراك، يتجاوز النهاية الرسمية لكل الصور، حتى تلك التي تخترعها المخيلة، كي تمعن النظر في الهاوية، فكرة اللانهاية.

صورة السلبية هذه، حاوية محتواة بما تحتويه، تأخذ أشكالاً أخرى. يروي فرويد قصة مذهلة لمريض، مصاب بعصاب استحوازي، كان يتلو دعاء لطرد الشر والحظ السيء كلما شعر بأقل رغبة جنسية كي يبعد عن نفسه اللهفة الشديدة التي تثيرها. لا يقول لنا فرويد، لأسباب ستتضح لنا، الكلمات الدقيقة التي كان يتلوها المريض، لذلك دعوني اخترع بعضها لأشرح فقط بشكل ملموس ما يصفه فرويد. لنفترض أن المريض كلما اقترب من حبيبته يتمتم بدعائه القصير هذا بثرثرة لغة ألمانية: "Elohim in diese. Amen."، سيسمع فرويد بأذنه الثالثة قبل كل شيء في ذلك الدعاء نوعًا من التصحيف لكلمة Elo–i–se، اسم المرأة التي أحبها المريض حبه الفاشل (والذي لم يكن بإمكان فرويد كشفه). ربما لم يكن المريض عارفًا بالتصحيف لكن قد يكون لاحظه. ربما مالم يدركه هو، ولاحظه فرويد، أنه بإضافة "آمين - Amen" لاسمها في الدعاء، كان يلفظ، دون أن يدرك ذلك، نطق كلمة "س- يمين S-amen" وهي الكلمة الألمانية التي تعني "مني". كان يضع المني مع جزء من حبيبته، مع اسمها، وهو شيء لم يتمكن من فعله في الحياة عمليًا. الخطر الجنسي الذي كان يحاول إزاحته جانبًا بالكبت عن طريق دعائه العصابي عاد في نفس الكلمات التي كان يستعملها لينقذ نفسه. يختم فرويد بقاعدة رائعة تقول:

هذا مثال جيد أيضًا للقاعدة التي تقول إنه بمرور الوقت، الشيء الذي نعمل على إزاحته يجد وبشكل ثابت طريقه ضمن ذات الأسلوب الذي يجري استخدامه لإزاحته[7].

القاعدة هي تلك المتعلقة برد فعل المناعة الذاتية، عندما ينقلب نظام المناعة المصمم لحماية الجسم من أعدائه الخارجيين ضد ما هو مفروض أن يحميه ويعتبر نفسه، جسده ذاته، هو العدو. نفس الوسيلة التي تهدف إلى حمايتنا من الخطر الخارجي تصبح مصدر تهديد داخلي كبير. يوسع ديريدا المجاز البيولوجي ويشرح القاعدة الفرويدية بمثال إلغاء الحكومة الجزائرية نتائج الانتخابات الحرة لأن الفائزين كانوا من الأصوليين المعادين للديمقراطية[8]. لكي نحمي الديمقراطية، يجب إلغاء الديمقراطية: التصرف المجهض للشر الذي يفترض أن يبعد الخطر عن الديمقراطية (بإحباط انتخاب الأصوليين) يصبح الأداة لموت الديمقراطية - إلغاء الانتخابات. إن ذلك مثل تحول ثيسيوس إلى حجر بالنظر إلى رأس ميدوسا غورغون الذي كان قد قطعه وعلقه على درعه لإبعاد أعدائه. ميدوسا هو اسم أقوى مجهض للشر.

تجدون عند فرويد و ديريدا نفس صورة mise en abyme. إذا كنتم تفكرون بالعدو باعتباره شيئًا يمكن احتواؤه بواسطة الدفاع فإذًا في اللحظة التي يصبح فيها العدو هو الدفاع، مقدمًا ضمن الدفاع، يكون الدفاع أسوأ من المرض إذًا، فالعدو قد أصبح هو نفسه الدفاع. المحتوى يحتوي ما يفترض أن يحتويه هو ويدمر بصورة انتحارية كلا من المحتوى والحاوي. يسوء حال المصاب بالعصاب ويموت المريض. حقيقة مثل هذه الأعمال المتخيلة هي التي يسمح لنا نظام الدراسات الأدبية أن ندرسها وندرِّسها.

كان بإمكاني أن أسمي أشكالاً أخرى من السلبية مستخلصة من الأدب. مما يحضر للذهن: الوجود والعدم لسارتر، هايمن: إله الزواج hymen في قراءة ديريدا لمالارميه مفككًا فكرة التمثيل التي دائمًا ما تفترض مقدمًا أولاً وثانيًا. سأضيف أنا نظرية "السلعة" الواردة في الجزء الأول من كتاب رأس المال، حيث تكتسب السلعة حياة خاصة بها وترقص الموائد. هناك صورة "الثالث" في حلقة بحث عن الحرف الطائر لمؤلفه لاكان Séminaire sur ‘La Lettre Volée في "الكتابة Ecrits" حيث لا يكون "الثالث" أبدًا حيث هو، وفيه يستخدم الصدق من أجل الكذب. أو كتاب كنت Zeck ohne Zweck الهدف من غير هدف عن العمل اليدوي الفني، في قراءة ديريدا لتلك الصيغة في كتاب كنت كتاب النقد الثالث Third Critique (في La verité en peinture حقيقة فن الرسم) أو لكي نستمر في صورتنا: فكروا في قراءة مان Man (في قصص مجازية عن القراءة Allegories of Reading) في ميتاليبسيس metalepsis عند نيتشه، صورة بلاغية تسمي نوع ما بعد الصدمة الذي يحدث عندما يعتبر الأثر الناتج سببًا، أو العكس بالعكس، كما في المثال عن "اللسان" بمعنى اللغة. ما يأتي فيما بعد يأتي قبل والعكس بالعكس: المحتوى يحتوي الحاوي.

هنالك أشكال أخرى كثيرة للسلبية، لأكاذيب الأعمال التخيلية، تقدم آثارًا مدهشة في عالم الواقع، تنشأ في ظروف تأثر على الجسد، جسدية وسياسية معًا. لكن لا يمكن التنبؤ بها، ومن غير الممكن برمجتها أو اختبارها، وهي لا مسؤولة ولا يمكن الاعتماد عليها. يعرض الأدب علينا هدية هذه السلبيات؛ إنها، بشكل مكشوف أم غير ذلك، غاية دراسته، ما المجازفات التي نخسرها عندما يتغلغل الأدب داخل الأدبي ويندرج ضمن الاعتبارات التاريخية أو الاجتماعية. دراسة الأدب، حسب قول جوناثان كلر، تقدم

دليلاً على القدرة الذاتية للغة، لأساس النماذج المجازية غير القابلة للسيطرة عليها، والتي لا يمكن لذلك أن تعمل كأساس للمعرفة التي يمكن الاعتماد عليها[9].

إن دراسة الأدب، والتي لا يمكن السيطرة ولا الاعتماد عليها، ضرورية أكثر من أي وقت آخر، حيث صارت الأعمال التخيلية تستغل بنجاح أكثر فأكثر من قبل القوى الاستبدادية.

تشرين الثاني/نوفمبر

ترجمة: محمد بديع دك الباب

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] قدمت هذه الورقة لأول مرة في مؤتمر معرفة غير منضبطة؟ العوامل المشتركة في العلوم الإنسانية الفرنسية الأميركية، وهو تظاهرة للدراسات الفرنسية أقيمت يومي 2-3 آذار/مارس 2007 في جامعة كورنيل، إثاكا، نيويورك. ظهرت نسخة فرنسية من هذا النص في عدد من ليبيرنت Labyrinthe بعنوان نهاية الأنظمة La fin des disciplines?. (طبعة لوران دوبريل، باريس، ميزونوف ولاروس، 2007).

[2] ريتشارد كلين بروفيسور في الأدب الفرنسي في جامعة كورنيل. وهو مؤلف السجائر شديدة الروعة (دوك أب)، كلوا الدهون (بانثيون)، وأحاديث الجواهر: أطروحة جديدة (بانثيون). وقد ركز انتباهه مؤخرًا على شعر التروبادور الذي كتب في لهجة الأوكسيتان القديمة بتراث الحب المهذب الذي تضمه. يمتد اهتمامه إلى النزاعات الاجتماعية والإيديولوجية التي نبت من خلالها ذلك الشعر في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. معلومات للاتصال:
بريد الكتروني:
rjk11@cornell.edu
الموقع الرسمي:
http://www.arts.cornell.edu/romance/french_faculty/klein.html

[3] Je me souviens d'avoir lu dans un livre de philosophie que mentir c'est cacher une vérité que l'on doit manifester. Il suit bien de cette définition que taire une vérité qu'on n'est pas obligé de dire n'est pas mentir ; mais celui qui non content en pareil cas de ne pas dire la vérité dit le contraire, ment-il alors, ou ne ment-il pas ? Selon la définition, l'on ne saurait dire qu'il ment ; car s'il donne de la fausse monnaie à un homme auquel il ne doit rien, il trompe cet homme, sans doute, mais il ne le vole pas

[4] Mentir sans profit ni préjudice de soi ni d'autrui n'est pas mentir : ce n'est pas mensonge, c'est fiction.

[5] بول دي مان Allegories of Reading "قصص مجازية عن القراءة" اللغة المجازية عند روسو، نيتشة، ريلكه، بروست. نيوهافن، مطبعة جامعة ييل، ص 64.

[6] Je m’amusais à regarder les carafes que les gamins mettaient dans la Vivonne pour prendre les petits poissons, et qui, remplies par la rivière, où elles sont à leur tour encloses, à la fois « contenant » aux flancs transparents comme une eau durcie, et “contenu” plongé dans un plus grand contenant de cristal liquide et courant, évoquaient l’image de la fraîcheur d’une façon plus délicieuse et irritante qu’elles n’eussent fait sur une table servie, en ne la montrant qu’en fuite dans cette allitération perpétuelle entre l’eau sans consistance où les mains ne pouvaient la capter et le verre sans fluidité où le palais ne pourrait en jouir. A la recherche du temps perdu, “Combray.” (Paris : Quarto Gallimard, p.139)

[7] بعض صفات المصابين بالاستحواذ، الطبعة النموذجية، ترجمة ستراتشي، المجلد العاشر، ص 225

[8] جاك دريدا الفلسفة في زمن الإرهاب Philosophy in a Time of Terror طبعة ج. بورادوري: شيكاغو، مطبعة جامعة شيكاغو، 2003.

[9] كلر، الأدبي في النظرية The Literary in Theory ستانفورد، كاليفورنيا: مطبعة ستانفورد، 2007، ص 94.

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود