|
اللاعنف والمقاومةNonviolence and resistance
لى الرغم من أنَّ الحكومة البريطانية قد نظَّمَت القمعَ فقد كانت تنوي التحضيرَ لدستور جديد للهند. فبحسب المعلومات التي قدَّمَتْها الصحفُ الهنديةُ، كان مِن المتوقَّعِ منحُ نظامٍ انتخابي خاص بـ«الطبقات الدنيا» (Depressed Classes، وتعني حرفيًا: «الطبقات البائسة [المنبوذة]»). ومثلُ هذا الإجراء الذي يخصُّ بالدرجة الأولى المنبوذين يبدو غيرَ مقبول تمامًا لغاندي. فهو يرى أنَّ النبذ الاجتماعي هو أحد أكبر الشرور التي تعاني منها الهندُ. فالمنبوذون لا ينتمون إلى أية طبقة ويُـعَـدُّون كائناتٍ قذرةً. ويجب عليهم أنْ يعيشوا في القرى في منأىً عن الهندوس الآخرين. فلا يحقُّ لهم الوصول إلى بئر القرية وتوصَدُ أبوابُ المعابد في وجوههم. وأطلقَ غاندي عليهم اسمَ الهاريجان Harijans، ويعني "أبناء الله".
ريد: حسنًا، إذًا أنتِ من دعاة السلام! ماذا كنت لتفعلي لو حاول شخص ما، فلنقل، التهجم على جدتك؟ جوان بايث: مهاجمة جدتي العجوز المسكينة؟ فريد: نعم، أنت جالسة في غرفة مع جدتك وهناك رجل على وشك مهاجمتها، وأنت واقفة هناك. ماذا كنت ستفعلين؟ ج. ب.: كنت سأصيح ثلاث مرات: "تعيش جدتي" ثم أغادر الغرفة. فريد: لا، جديًا، ولنقل أنه كان يحمل سلاحًا وكان على وشك إطلاق النار عليها. هل ستطلقين النار عليه أولاً؟ ج. ب.: وهل أحمل أنا أيضًا سلاحًا؟
كان لويس فيشر، وهو صحفي أمريكي، يتابع بدقة حملات غاندي في الهند لسنوات عدة، وما انفكَّ يتساءل عن الحكمة العملية لهذا الرجل الضئيل البنية الذي كان يطبق بنجاح منقطع النظير قوانين المحبة على التحديات الهائجة لسياسة القوة. وحين سنحت له الفرصة أخيرًا لزيارة غاندي في منزله، لم يجد ذاك السياسي الذي أسر قلبه، وإنما كان غاندي الإنسان: حيويته الدائبة، دفء مشاعره، قوته الرقيقة الثابتة، حسَّ الدعابة الذي لا يفارقه، وفرحه العارم. كان هناك رجل بلا ممتلكات خاصة ماعدا غنى تجربته الداخلية؛ رجل بدا أنه يعاني من نكبات ونكسات بلا نهاية، لكنه لم يفقد قط مرونته ومزاجه اللطيف؛ رجل لم يكن لديه سوى ستة أو سبعة كتب على طاولة مكتبه، لكنه كان مفعمًا بالحكمة العملية.
|
|
|