|
منقولات روحيّة
الغُنُوصيَّة (من "غنوص" gnōsis، الكلمة اليونانية التي تعني "معرفة" أو "بصيرة") هي تسمية أُطلِقَتْ على حركة دينية وفلسفية سائبةِ التنظيم ازدهرتْ في القرنين الأول والثاني للميلاد. ولا يمكن تعقُّب الأصل أو الأصول الدقيقة لتلك المدرسة، على الرغم من إمكانية تتبُّع مؤثراتها أو مصادرها بالعودة إلى الماضي حتى القرنين الأول والثاني ق م، مثل المقالات المبكرة للـCorpus Hermeticum ["المجموعة الهرمسية"]، والكتابات العبرية الرؤيوية – وخاصة الفلسفة الأفلاطونية والكتب اليهودية المقدسة نفسها.
الحمد لله
الذي جعل كعب البيت عليًّا وقدسًا لإبراهيم،
وفضَّل كعبة القلوب على النفوس والأرواح في
برزخ الجمع العظيم، فصلَّى الله وسلَّم على
شجرة طوبى والبلد الأمين، محمد المصطفى وآله
المعصومين إلى يوم الدين. تتردَّد في خلوتي نغمات
فطرية صادقة، عازفة ألحانًا رقيقة، باحثة عن
رؤيته التي هي جوهرة الجمال وقوام الحسن،
وتعزف لحنًا عذبًا في سبيل وصاله. التصوُّف
هو أن تعبد الله، لا طمعًا في ثواب، ولا خوفًا
من عقاب، بل أن تعبد الله حبًّا في الله – مما
يعني انتفاء الغرض؛ وهو ما تقتضيه طبيعةُ الإخلاص.
بذلك ينهض التصوف على ركن أساسي هو الحب
والإخلاص فيه.
حين تقرأ رسائل إخوان
الصفاء للمرة الأولى، كإنسان محايد ليس
لديه أيُّ انطباع مسبَّق عن هذه المجموعة،
سوى معرفته لزمن ظهورها في أواخر القرن
الثاني الهجري وأوائل القرن الثالث الهجري... حين تتأمل محتواها، مبسوطًا
في 52 رسالة، بوصفه دعوة إلى تحقيق الغاية
الإلهية من وجود ابن التراب على هذا التراب...
أصل
القبالة من الجذر العبري ق ب ل، "قبل".
فالأستاذ، "العارف"، يمنح، والمريد،
السائل، "يقبل". والقبَّالي ينظر إلى
نفسه بوصفه المريد السائل. القبَّالة طريقة للنظر إلى
العالم، بل للنظر إلى النفس وهي ترى العالم.
وهذه "الطريقة" طريقة أصيلة لأنها تجمع
ما بين انتظار كَشْفٍ ساطع (الطريقة الصوفية
أو الكَشْفية) وبين الدراسة المتأنِّية (الطريقة
العقلية). بعبارة أخرى، فإن القبَّالي ينمِّي
في نفسه فنَّ المقارنة والنظر في مكتشفاته،
فيما هو يستبطن خبرة الوحدة المستعادة.
إنه يشغِّل، في آنٍ معًا، نِصْفَي كرته
المخِّية. ومن شأن هذه الرياضات أن تقيم روابط
بين العاقلة والحدس والمخيِّلة. فطريقته
عقلية وروحية في آنٍ معًا. "المسيح"
مفهوم ديني تتقاسمه ثلاثة أديان، هي الإسلام
والمسيحية واليهودية. وهو، على الرغم من
تفاوت أهميته ومركزيته بين هذه العقائد، ومن
اختلاف مضامينه، فإن جوانب مشتركة تبقى واضحة
للعيان بالنسبة لمؤرِّخ الأديان والباحث في
العقائد المقارنة. وهذا ما سوف نحاول إيضاحه
في هذا المقال الوجيز الذي لا يمكن له أن يفي
الموضوعَ حقَّه أو يضيء جوانبَه كلَّها. طبيعة
الإنسان هي هي في كلِّ زمان ومكان: اقتران
جسم بوعي، هما وجهان للتعبير عن حقيقة
واحدة، متمايزان، لكنْ غير منفصلين. إن كلاً
من هذين الوجهين ينمو ويتطور ويتنوع
تلقائيًّا وعفويًّا، من الميلاد حتى الممات؛
لكن بمستطاع الفرد أن يمسك بزمام هذا التطور
ويوجِّهه. تلك هي إحدى القدرات التي يتميَّز
بها الإنسانُ عن سائر الكائنات الأدنى منه
على سلَّم التطور الأرضي. ويتفرع عن هذا
الواقع نوعان من الثقافة، وُجِدا في سائر
البلدان وجميع العصور، لكنْ بوجود اختلافات
نسبية: فإما أن يُمنَح الجسمُ المزيد من القوة
والمرونة والصلابة، من أجل تحمُّل إرهاق
الصيد والحرب والكفاح اليومي ضد قوى الطبيعة،
وإما
ألا يبقى
الجسم هو هدف الجهود الفردية الأوحد، لأن
للوعي أيضًا متطلباتِه. تتميَّز
وجهةُ نظر الأديان ذات المنشأ السامي [نسبة
إلى سام بن آدم]، في جملة ما تتميَّز به،
بجنوحها إلى نَفْي كلِّ ما لا يهم الإنسان بما
هو كذلك: يترتب على ذلك أنها تنفي خلودَ النفس
الحيوانية، كما تنفي أيضًا – وهو ما يساوي
الأمر نفسه من بعض الوجوه – ارتحالَ النفس
عبر وجودات غير بشرية. على كلِّ حال، لا يمكن
لنا أن نتكلَّم هنا على النفي إلا على نحو
خارجي تمامًا ونسبيٍّ جدًّا؛ ذلك لأن الأخطاء
لا وجود لها في وحي الرسالات، ولأن الأمر
يتعلق هنا بمفهومٍ، فيه التركيب والتبسيط إلى
حدٍّ كبير، عن أحوال ما بعد الموت، التي
ترتدُّ في جملتها إلى حالتين "أبديتين":
الجنة والنار. ولئن كنَّا، من خلال هذا
المفهوم، ننكر على الحيوان أن تكون له نفسٌ،
فلأنه، من حيث هو كائن غير بشري، لا يستطيع أن
يسهم مباشرة في أسباب الخلاص [النجاة]، ولا
يستطيع – تبعًا لذلك – أن يخلِّص نفسه
انطلاقًا من حالته الخاصة. كذلك، كلُّ حالة من
أحوال ما بعد الموت لا تنطبق على الحالة
البشرية، فإنما تمتصها ضمنًا – إن لم يكن
صراحةً – أحوالُ الجحيم أو أحوال "الأعراف"
[ما بين الجنة والنار] Limbes، على حسب الأحوال.
غنيٌّ عن القول إنه إنْ كانت الأحوالُ غير
البشرية – طبعًا نحن هنا لا نتكلَّم على
الأحوال الملائكية – يمكن تمثُّلها في
الجحيم لأنها لا تحمل أسباب الخلاص، فإن من
الممكن، من ناحية أخرى – ولسبب لا يقل عن ذلك
– تمثُّل هذه الأحوال نفسها في "الأعراف"
لأنها لا تحمل أسباب الهلاك. تبعًا
لذلك،عندما يُعْلَن "الوثنيون" و"الهراطقة"
[الزنادقة] مستبعَدين من الخلاص – وبمقدار ما
هو كذلك – فإن هذا لا يعني، من الناحية
الباطنية – وجوب نزولهم منازل الجحيم. من
ناحية أخرى، فإن تصوير الأحوال غير البشرية –
أو دون البشرية، إن شئتم – في أحوال الجحيم
يجد تسويغَه في أن ارتحال النفوس ينطوي على
عذاب، أو إن شئنا الدقة، على تناوب أحوال
السعادة والشقاء، من حيث إن الكائن لا خلاص له
إلا في الفردوس. لكن هذه الحجة يمكن قَلْبُها،
ويمكن لها أن تفيدنا أيضًا في البرهنة على أن
الارتحال، مادامت الآلامُ التي تنشأ عنه غير
دائمة، ليس "جهنميًّا" بالمعنى المطلق
الذي تضفيه على هذه الكلمة وجهةُ النظر
اللاهوتية.
|
|
|