|
أسطورة
منذ صغره، تبنَّى فراس السواح شعار "اعرف نفسك" – وهو شعار كان منقوشًا على واجهة هيكل دلفي في اليونان القديمة، وصار المقولة الرائسة لفلسفة سقراط. فكان عليه أن يعرف الإنسان حتى يعرف نفسه، خاصة أنه كان يستشعر في داخله قلقًا معرفيًّا. وهذا ما دَفَعَه إلى الخوض في ثلاثة مجالات معرفية: الفلسفة والتاريخ والأسطورة. وبعد إلمام بالفلسفة العربية والغربية، تبيَّن له أنها لا تعدو أن تكون لعبة ذهنية، – هي التي كان يظن أنها ستقدم له أجوبةً على الأسئلة التي كانت تدور في ذهنه، – فخرج منها ولسانُ حاله يقول: مَن يدخل الفلسفة لا يخرج بنتيجة إلا إذا أنتج فلسفته الخاصة، والدخول إليها أصعب من دخول الجمل في سَمِّ الخياط. هكذا، إذن، ودَّعها إلى الأبد، موليًا وجهه شطر التاريخ والأسطورة، حيث وجد فيهما محاولةً جادة لفهم ماضي الإنسان ولفهم الشرط القديم الذي أدى إلى الوضع الراهن. وجد فراس السواح في الأسطورة ضالَّته المعرفية، حيث أرشدتْه إلى إجابات واسعة على تساؤلات كثيرة نشأت في نفسه منذ الصغر. فكانت الأسطورةُ رفيقةَ دربه الأولى، كرَّس لها حياتَه، فباحت له بأسرارها العصيَّة أحيانًا على الأفهام. لكن فراس السواح، على الرغم من صعوبة الموضوعات وحساسيتها أحيانًا، يملك قدرة عالية على جذب القارئ بأسلوبه العلمي الشائق، فتغدو أعقدُ الأفكار وأصعبها واضحةً ويسيرةً على الفهم والإدراك. فكما يقول السواح نفسه: "لا توجد فكرة معقدة، وإنما هناك أسلوب معقد." لذلك فإن 50% من جهده الذهني ينصبُّ على الفكرة، بينما باقي المجهود ينصبُّ على أسلوب التوصيل إلى القارئ، في أبسط شكل ممكن وفي أوضح صيغة متاحة. وهذا ما يتطلَّب منه كتابة المؤلَّف عدة مرات. لذلك لا عجب في أن يُعاد، مثلاً، طبعُ كتابه الأول والأشهَر، مغامرة العقل الأولى، 13 مرة. أضف إلى ذلك أن قراءة أيِّ كتاب لهذا المفكر السوري الفذ يحفز القارئ على البحث عن باقي أعماله، ولو كانت مختفية في إحدى مكتبات مدينة حمص، مسقط رأسه. أثر الميثولوجيا على التراث الأدبي
الهندي لقد
رأينا أن الأساطير هي الفسحة بامتياز للتعبير
عن الأفكار الأخلاقية والفلسفية؛ لكن هذه
تنعكس أيضًا في آداب الهند وفنونها. فيما يلي
نتناول الصلة القائمة بين الأساطير والأدب
السنسكريتي القديم. ويدل مصطلح "الأدب
القديم" على أعمال الشعراء والكتاب
المسرحيين من القرن الأول إلى القرن السابع
الميلادي، وبذلك يستثني الكتب المقدسة (الفيدا
والأوبنشاد) والملاحم الكبرى (الراماينا
والمهابهارتا) وقصص المآثر الأسطورية (البورانا).
|
|
|