صديقي العزيز،
بادئَ ذي بدْء، شكرًا أيضًا على ما فعلْتَه من أجلي منذ وقت قريب. إذا كان ذلك
ناجعًا، كما أتمنى، فسيكون قد حصلَ ليس من أجلي ولكنْ من أجل آخرين من خلالي،
من أجل إخْوةٍ لكَ شبابٍ لا بدَّ أنهم عزيزون جدًا عليكَ، يجمعهم مصيرٌ واحد.
سيكون بعضهم مَدِينين لكَ ربما، وهم على أعتاب اللحظة الأخيرة، بعذوبةِ تبادُلِ
النظرات.
لديكَ من بين الجميع هذا الامتياز بأنَّ الحالةَ الراهنة للعالَم هي واقع حقيقي
في نظركَ. كذلك الأمر أيضًا ربما في نظر من يَقتُلون في هذه اللحظة ويموتون،
يَجرحون ويُجرحون، ولا يعرفون، أمام دهشتهم، أين هم ولا ماذا يحلُّ بهم، الذين
ليس لديهم، كما كان حالُكَ بالأمسِ، أفكارٌ عن هذا الواقع. وفي نظر الآخرين
جميعًا، أُناسِ هذا البلد مثلاً، فإنَّ ما يجري هو كابوسٌ مشوَّشٌ عند البعض
القليل جدًا، وهو عند الغالبية قماشُ خلفيةٍ غيرِ واضحٍ، ديكورُ مسْرح، وفي
الحالتَين لاواقع.
رأى
المرء طائرًا يموت، وقد أطلق رجل عليه النار. كان يطير طيرانًا جميلاً، يضرب
بجناحيه ضربات موقَّعة، بكل حرية وعدم خوف، حتى اخترقه رصاص البندقية، فسقط على
الأرض وقد فارقته الحياة. ثم جلبه كلب، وراح الرجل يجمع طيورًا ميتة أخرى. كان
يهذر مع صديقه، وبدا أنه عديم الاكتراث تمامًا؛ كل ما يشغل باله كان إسقاط أكبر
عدد ممكن من الطيور، والأمر فيما يخصه ينتهي عند هذا الحد. إنهم يقتلون في
أنحاء العالم كلها: تلك الحيوانات البحرية العظيمة الرائعة – الحيتان – تُقتل
بالملايين، والنمر وغيره كثير من الحيوانات باتت الآن أنواعًا مهددة بالانقراض.
وحده الإنسان هو الحيوان الذي لا يؤمَن له جانب!