|
جمعية المكتبة المتنقِّلة من أجل اللاعنف والسلام
LOWNP
1. مقدمة لم يكن "اللاعنف" دومًا عنوانًا لمُقرَّراتنا التعليمية. كنا نتَّبع مناهجًا مختلفة لكي نُري الأطفال والشباب ما بوسعهم أن يفعلوه من أجل تطبيق اللاعنف في حيواتهم اليومية وضمن نطاق عائلاتهم. على سبيل المثال، نعلِّمهم كيف يشترون خضروات وسمكًا ولحومًا طازجة؛ فهناك طرق لاكتشاف جودة اللحوم والتحقُّق فيما إذا كانت لحم ماعز أم لحم غنم، محلية أم لا. فغالبًا ما كانوا يشترون منتجات رديئة فيدخلون في شجار مع أهاليهم. إنه عنف غير محبَّذ. لذا نجعلهم، بدلاً من ذلك، يحسُّون بالفاعلية والمسؤولية تجاه عائلاتهم. (نافذ العسيلي، مدير LOWNP) يبيِّن هذا المثال البسيط، بطرق متعددة، الرؤيا المميزة لجمعية المكتبة المتنقلة من أجل اللاعنف والسلام LOWNP، والتي مقرُّها الخليل (فلسطين). فعوضًا عن إلقاء المحاضرات حول اللاعنف، تتحرَّى LOWNP طرقًا من أجل الأطفال واليافعين لكي يختبروا أهمية اللاعنف بأنفسهم ويعززوا استخدامه العملي على المستوى الشخصي وضمن نطاق العائلة والمدرسة، وكذلك على المستوى الاجتماعي الأعم. فمن خلال مثل هذا التعليم القائم على التجربة في النشاط اللاعنفي يتعلَّم الناس التغلُّب على ما يحيط بهم من مظالم، والكفاح من أجل خلق مستقبل جديد تسوده العدالة الاجتماعية عبر وسائل سلمية، متسلِّحين بالأمل والمهارات. وتبتكر LOWNP حلولاً لمعالجة قضايا العنف والظلم من خلال نهجها اللارسمي في التعليم ومن خلال مختلف حملاتها اللاعنفية. فالعمل المباشر مع الناس، وضمن أحوالهم اليومية، يجعل من LOWNP منظمة مجتمعية متطورة ضاربة الجذور. فمنذ تأسيسها في العام 1986، كانت منظمة رائدة في مجال نشر ثقافة السلام واللاعنف في أوساط الأجيال الفلسطينيية الناشئة. إن الهدف بعيد المدى لـ LOWNP هو رؤية قيامة غاندي فلسطيني ذات يوم، والذي سيقود الشعب نحو التحرر من خلال فعاليات لاعنفية. فنافذ العسيلي، مدير LOWNP، على قناعة بأن التحرير لا يمكن أن يأتي سوى من خلال شخصية غاندوية. ومع أن بعض ما يُكتَب يسمِّي نافذ العسيلي نفسه بغاندي الفلسطيني، إلا أنه يرفض بشدة هذه التسمية ويؤكد على أنه مجرد زارع بذور لمن يمكن أن يكون مستقبلاً غاندي فلسطيني. ويؤكد على ذلك بقوله: تمامًا مثل البوذيين في الشرق الذين يفتشون عن خصائص مميزة من أجل دالاي لاما جديد، كذلك أنا أبحث عن ميزات خاصة لقيام غاندي فلسطيني مستقبلي.
صورة مع دالاي لاما تستند هذه الدراسة عن LOWNP على تدقيق وثائقي وبحث ميداني ومقابلات أُجريت في الخليل وبيت لحم في كانون الأول العام 2009 مع أعضاء في الهيئة ومتطوعين ومتدربين وأطفال وآباء وموظفين وعاملين في منظمات غير حكومية NGO وطلاب مدارس وأصحاب محلات ومعلمين وأناس آخرين منخرطين في نشاطات LOWNP أو متأثرين بها. وقد أُجريت الدراسة بالتعاون مع د. نبيل جندي. 2. البداية بدأ الأمر كله، بالنسبة لنافذ العسيلي، مع شريط سينمائي عن سيرة غاندي. لقد كان مطلوبًا منه، باعتباره طالبًا في قسم علم الاجتماع واللغة الإنكليزية في جامعة نابلس في العام 1979، كتابة مقالة لمقرَّر "دراسات فلسطينية". وفي حين كان زملاؤه الطلبة منكبِّين على الكتابة عن الحركات الفلسطينية أو الصهيونية، عثر نافذ على ضالَّته في مقالة منشورة في إحدى المجلات المصرية تتحدث عن شريط سينمائي جديد محوره شخصية غاندي. وماعدا العدد المتوقع من جوائز الأوسكار التي كان سينالها الفيلم، شرحت المقالة فلسفة غاندي ونهجه في تحرير الهند من الاحتلال البريطاني. كانت تلك شرارة الفكرة التي خطر لنافذ الكتابة عنها: النشاط اللاعنفي من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي مقالته، التي حملت عنوان هل بوسع الفلسطينيين تطبيق اللاعنف أم لا؟، قام نافذ بتحليل الكفاح الفلسطيني في تلك الفترة، وخلص إلى نتيجة مفادها أنه يتوجب على الفلسطينيين اختيار طريق المقاومة اللاعنفية، بسبب: - أولاً، عدم السماح للثلاثة مليون فلسطيني، العُزَّل، امتلاك السلاح، وهم لا يتقنون استخدامه أصلاً. - ثانيًا، عدم قدرة الفلسطينيون على إدخال السلاح بسبب إحكام إسرائيل سيطرتها على الحدود. - ثالثًا، استمرار إسرائيل في تهويد المناطق المحتلة من خلال مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات. - أخيرًا، فقدان الفلسطينيون للأمل في تحرير أراضيهم من خارج أراضيهم، نظرًا لأن البلدان العربية لا تبدي اهتمامًا بمجابهة مسلحة مع إسرائيل. لقد حدَّدت هذه العوامل طبيعة الكفاح الفلسطيني آنذاك. لذا، استنتج نافذ بأن على الفلسطينيين اختيار المقاومة اللاعنفية وصولاً إلى تحررهم. ورغم حصول المقالة على 13 درجة من أصل 20، فقد كانت نقطة انعطاف في مسار حياته. لقد قدَّمت له فرصة القراءة عن فلسفة اللاعنف ومناهجه، كما عن زعمائه من أمثال غاندي ومارتن لوثر كينغ. في العام 1983، عندما كان نافذ يدرِّس اللغة الإنكليزية في إحدى مدارس القدس، لفت انتباهه إعلان في إحدى الصحف عن ورشة عمل، في مقر جمعية الشابات المسيحيات العالمية YWCA، يديرها مبارك عوض بعنوان: كيف نتخلص من الاحتلال؟. حضر نافذ الورشة التي كان محورها اللاعنف، وقال لمبارك عوض في ختامها: "هذا ما نحتاج إليه! علينا العمل على ذلك". وعلى أية حال، لم يكن جميع الحضور متجاوبين مع فكرة اللاعنف. فمنذ أن كانت لغته العربية ركيكة، استخدم مبارك عوض كلمة منظمة organisation في التعبير عن حركة movement اللاعنف، مما أوحى للجمهور أنه يسعى إلى استبدال منظمة التحرير الفلسطينية PLO بمنظمة لاعنفية. ولم يكن من المناسب، في ذلك الوقت، اقتراح أي شكل للمقاومة خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية، مما عرَّض مبارك عوض إلى الكثير من التهجُّمات السياسية بسبب فكرته عن اللاعنف. وقد تسببت دعوته إلى إلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت ذعرًا في أوساط الطلاب. ويقول الفيلسوف ساري نسيبة: في ذلك الوقت، لم يكن مقبولاً kosher[1] في المجتمع الفلسطيني أن تُظهِر نفسك بصورة الشخص اللاعنفي. كان عليك أن تقدم نفسك كشخص مُزنَّر بالأسلحة من قمة رأسك إلى أخمص قدميك، أو... تصمت.[2] أصبح نافذ ومبارك عوض أصدقاء، واتجها معًا صوب التجمعات الفلسطينية لنشر فكرة اللاعنف. يقول نافذ: كان الأمر مُحبِطًا. لقد اتهمونا بالعمالة للاستخبارات المركزية الأمريكية وللمخابرات الأردنية، وبالترويج لمنتجات اللاعنف في السوق الفلسطينية. لكنهما واصلا العمل، فأُعجِب الناس بتلك النشاطات، واكتشفوا تدريجيًا قوة اللاعنف وما كان نافذ وعوض يعنيان بها. وفي العام 1985، بُعيد سفره إلى الهند للاستزادة في المعرفة عن غاندي، أسس عوض المركز الفلسطيني لدراسة اللاعنف، ومقرَّه القدس. وقد بدا اسم المركز مفرطًا في أكاديميته للحيلولة دون إعطاء السلطات الإسرائيلية مبررًا لإغلاقه، لكنه كان في الواقع مركزًا من أجل حركة لاعنف فلسطينية. وبدأ المركز في ترجمة ونشر الكتب حول فكرة اللاعنف باللغة العربية، مثل دليل طرق المقاومة اللاعنفية لجين شارب، وهو مُنظِّر عالمي بارز في قضايا المقاومة اللاعنفية، وكتاب رجل يُضارع جبالاً حول عبد الغفار خان، "النظير المسلم لغاندي". وفي الوقت ذاته، كان المركز ينظِّم ورشات عمل حول اللاعنف، لكن نظرًا لقلَّة الذين كانوا يرتادونه، قرر القائمون عليه الذهاب إلى حيثما يتواجد الناس. وهكذا نشأت فكرة "المكتبة المتنقلة من أجل السلام واللاعنف" في العام 1986. كانت مجموعة الكتاب المتنقِّل[3] Book Mobile تجول على التجمعات السكانية حاملة كتبًا حول اللاعنف للأطفال، وتصغي إلى الآباء الذين كانوا يعرضون المشاكل التي تواجههم. وعندما كانت المجموعة تعود لزيارتهم مرة أخرى لاستبدال الكتب القديمة بأخرى جديدة، كانت تتشارك مع الآباء في البحث عن حلول لمشاكلهم بطرق لاعنفية. وهكذا كانوا يُمكِّنون الناس في مختلف المناطق من استخدام أدوات اللاعنف. كانت بعض أعمالهم تُكلَّل بالنجاح، وأخرى تبوء بالفشل. ففي مدينة الخليل القديمة، حين بدأ المستوطنون في مهاجمة محلات الفلسطينيين، قاد المركز حملات لتشجيع الناس على الذهاب إلى المحلات الفلسطينية والشراء منها. كما نظم المركز مع القرويين والمزارعين حملات تشجير على الأراضي التي كانت مهدَّدة بالمصادرة. جمع نافذ ومبارك، أثناء رحلاتهما ولقاءاتهما، بيانات حول العائلات المشتتة من طولكرم في الشمال إلى رفح في الجنوب. وأُصيبا بالصدمة جراء غضب تلك العائلات المتضررة وحنقها، وتلمَّسا اقتراب ولادة انتفاضة؛ ثورة شعبية. وفي العام 1986 أطلقا حملة للمِّ شمل العائلات، وحثَّ نافذ أحد أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية في باريس للبدء في مشروع مماثل، لكن منظمة التحرير لم تتجاوب مع توصيته في ذلك الوقت. ويرى نافذ الآن أنه لو وافقت منظمة التحرير لأمكن تنظيم الانتفاضة بشكل أفضل. وعلى أية حال، أصبح الآن عضو منظمة التحرير ذاك الذي تم الاتصال به في باريس رئيسًا للمكتبة المتنقلة من أجل السلام واللاعنف. لدى اندلاع الانتفاضة الأولى، لم تكن حركة اللاعنف قد غدت حركة شعبية بعد. لا أحد كان راغبًا في تحدي منظمة التحرير، المنظمة الوحيدة الممثلة للشعب الفلسطيني، ولا أحد كان مستعدًا لمعارضة ياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير والرمز الوطني الفلسطيني. لكن عوض، بتبشيره باللاعنف، كان يتحدى الأسس التي كانت تقوم عليها الهوية الفلسطينية. 3. الانتفاضة الأولى في بداية الانتفاضة الأولى في العام 1987، ركَّز المركز الفلسطيني لدراسة اللاعنف على التعليم الداخلي بسبب إغلاق السلطات الإسرائيلية العديد من المدارس ومقار المنظمات. وكان أعضاء المركز محترسين من الاتصال بمنظمة التحرير الفلسطينية تجنبًا لاعتقالهم من قبل السلطات الإسرائيلية بتهمة الاتصال غير القانوني بمنظمة لاشرعية؛ كانوا يفضلون مواصلة العمل على أن يصبحوا أبطالاً. بيد أن بعض المستجدات طرأت تدريجيًا. فقد نشرت الصحيفة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية، "الثورة الفلسطينية"، مقالة عن نشاطات المركز تتضمن الكثير من الإيجابية، على عكس موقف المنظمة السلبي في البداية. وزارت القيادة الموحدة للانتفاضة المركز على نحو غير معلن للاستفسار حول الطرق اللاعنفية. وقد دعا المنشور الأول، الذي أصدروه في تشرين الأول، الفلسطينيين إلى اعتماد لغة اللاعنف ووقعوه باسم "المقاومة اللاعنفية". وفيما بعد، بدأت قيادة الانتفاضة في اصدار منشورات موقَّعة باسمها تختلط فيها فكرة العنف مع فكرة اللاعنف، مما كان يعكس تباينًا في الآراء داخل قيادة الانتفاضة. ومازال نافذ يحتفظ بالمجموعة الكاملة للبيانات في منزله. وقد كان ملاحظًا أن الدعوة إلى قتل الخونة قد تراجعت في المنشورات الأخيرة على نحو واضح. كما أنتج المركز ووزع ملصق حملته: "الأكل والشرب من المنتجات المحلية فقط". وبعد شهور قليلة كان الملصق نفسه موقَّعًا بعنوان "التين والزيتون وطور سنين" والذي تحول لاحقًا ليكون شعار منظمة حماس الجديدة. كما جعل المركز صوته مسموعًا بدعوته المسيحيين إلى قرع أجراس كنائسهم والمسلمين إلى رفع الأذان من على مآذن مساجدهم، في إشارة احتجاجية على الاحتلال وإقلاق راحة المحتلين. على الرغم من أن الكثيرين يعتبرون أن الانتفاضة الأولى كانت لاعنفية، إلا أنها اتخذت في الواقع كلا الشكلين: العنفي واللاعنفي. وفي الحقيقة، لم يَعْنِ "غير مسلَّح" دومًا "لاعنفي". لقد تضمنت تحركات الجانب الفلسطيني إضرابات ومقاطعات للمنتجات الإسرائيلية وعصيانات مدنية وحرق دواليب مطاطية وإقامة حواجز، لكنها تضمنت أيضًا رمي حجارة وإلقاء قنابل مولوتوف وسيارات مفخَّخة. ومن وجهة نظر LOWNP، تشرَّبت حركة المقاومة تدريجيًا فكرة اللاعنف مما خلَّف أثرًا كبيرًا على الانتفاضة الأولى. لقد كان هناك أناس يفضِّلون اللاعنف لكنهم يخشون الإفصاح عن ذلك، لكن LOWNP قدمت لهم منبرًا للتعبير، وباعتزاز، عن مساندتهم لفكرة اللاعنف. قال نافذ: "أشعر برضى كبير لكوننا أشعلنا شمعة من أجل الفلسطينيين"، مشيرًا إلى الدور المهم لنشاطهم خلال الانتفاضة الأولى. لكنه أبدى ملاحظة وهي أن هذا التأثير لم يحظَ بالمتابعة المناسبة. فإحدى التحديات الكبرى، برأيه، هي حقيقة أن الفلسطينيين يتشرَّبون الأفكار الجديدة ببطء شديد. كانت هذه هي الحال على وجه الخصوص مع عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الذين هم أناس بخلفيات عسكرية ولا يمكنهم التحول نحو استراتيجية لاعنفية بين عشية وضحاها. وقد اعتبر مبارك عوض أن الانتفاضة جاءت مبكرة جدًا بسبب ضآلة عدد الناس الذين نال التحوُّل قلوبهم وعقولهم صوب اللاعنف حتى ذلك الحين. وكان لديه تخمين بأن تطور حركة مقاومة لاعنفية شعبية يستغرق ما بين عشر سنين وخمسة عشر سنة أخرى. لكن لم تسنح له الفرصة لمواصلة عمله بسبب ترحيله من إسرائيل في العام 1988 وانتقاله إلى الولايات المتحدة الأمريكية. بعد إبعاد مبارك عوض، تحمَّل نافذ الكثير من المسؤوليات في المركز. فمشروع الكتاب المتنقل، الذي كان مسؤولاً عنه، أصبح منظمة بحدِّ ذاته، في حين أُغلِق المركز بعد بضعة سنوات. وقد ركزت LOWNP، منذ انطلاقتها، على قضية اللاعنف، وبذلك حظيت بمكانة مرموقة في مشهد المنظمات اللاحكومية العاملة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. كانت الانتفاضة الثانية، التي اندلعت في العام 2000، أشدَّ عنفًا من الانتفاضة الأولى. فالقمع المفرط من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء الانتفاضة الأولى قوَّض الإيمان لدى الفلسطينيين بجدوى المقاومة اللاعنفية. لذا، وعلى خلفية انهيار قمة كامب ديفيد/عملية أوسلو للسلام وزيارة أرئيل شارون الاستفزازية للمسجد الأقصى، لجأ الفلسطينيون إلى العنف حالاً. ورغم أن الانتفاضة الثانية بدأت بمظاهرات شعبية وإضرابات، فإن الرد الإسرائيلي العاجل والقاسي حوَّلها إلى انتفاضة عنفية. وقد زادت الخسائر البشرية الباهظة التي تكبَّدها الجانب الفلسطيني من حدة الغضب والرغبة في الانتقام. وتميَّزت الانتفاضة الثانية بمواجهات عسكرية حادة وعمليات انتحارية وإطلاق صواريخ "القسَّام". وأدَّت العمليات الانتحارية، خصوصًا ضد المدنيين الإسرائيليين، إلى ردٍّ انتقامي قاسٍ من قبل الجانب الإسرائيلي. واغتالت إسرائيل العديد من قادة وكوادر المجموعات العسكرية. ومقارنة بالانتفاضة الأولى، لم تشارك عمليًا سوى نسبة ضئيلة من الفلسطينيين في المقاومة العنفية. وبوفاة ياسر عرفات وانتخاب محمود عباس (أبو مازن) رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، أُعلِنت هدنة بشكل غير رسمي في العام 2005. وفي حين قوَّض الرد الإسرائيلي المفرط في قسوته على الانتفاضة الأولى اللاعنفية في الغالب اعتقاد الكثير من الفلسطينين بجدوى المقاومة اللاعنفية، فإن الرد الإسرائيلي القاسي على الانتفاضة الثانية العنفية على الغالب أضعف من إيمانهم بجدوى العنف. 4. سياق الاحتلال والجدل حول اللاعنف تسبب الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني في عمليات طرد جماعية للفلسطينيين أثناء قيام دولة إسرائيل، وفي نشوب خمسة حروب إقليمية (1948، 1956، 1967، 1973، 1982)، واندلاع انتفاضتين فلسطينيتين (1987 – 1992 و 2000 – 2006)، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة منذ العام 1967. لقد اخترق العنف الجسدي والبنيوي بعمق كلاً من المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني. وتضمن العنف الفلسطيني الموجه ضد المحتل إلقاء قنابل مولوتوف وقذف حجارة وعمليات انتحارية وتفجير سيارات مفخخة وطعن مواطنين إسرائيليين وإطلاق صواريخ وخطف طائرات. وقد أكدت مظاهر هذا العنف الفلسطيني الخوف المتجذِّر لدى الشعب اليهودي من الإبادة وقدمت مبررًا للأعمال العدوانية التي بدت كما لو أنها ردودًا دفاعية. وتضمن عنف الاحتلال الإسرائيلي قتل الأطفال والمدنيين ومن يُشتبَه بكونه يحمل سلاحًا، وقمع وحشي للانتفاضات الفلسطينية، واعتقال سجناء سياسيين، وعقاب جماعي، وهدم بيوت، ونزع ملكية أراضٍ، واجتثاث أشجار زيتون. ولا يمكن دومًا تفسير ارتكاب الأعمال العنفية من قبل كلا الجانبين على أنه حالة دفاعية أو وسيلة لغاية، بل أيضًا نتيجة لشعور متأصِّل عميقًا بالأُضْحيَّة. فلدى الإسرائيليين شعور واسع بالأُضْحيَّة الوجودية بسبب تاريخهم، وأنهم مستهدَفون لكونهم يهودًا فحسب. كما يُبطِن الفلسطينيون إحساسًا عميقًا بالظلم بعد طردهم من أراضيهم ومنعهم من العودة إليها. لذا يفضِّل الكثير من الفلسطينيين مصطلح "الجهاد" على "مصطلح "العنف" عندما يتعلق الأمر بوصف عملياتهم ضد المحتل الإسرائيلي، لأنه يشير إلى احتجاجهم الصارخ ضد الظلم. إن اللجوء إلى العنف هو أيضًا مجرد تعبير عن الأُضْحيَّة وقلَّة الحيلة في مواجهة الظروف المحيطة بكلا الجانبين. على الجانب الفلسطيني، كان يجري عمل المكتبة المتنقلة من أجل السلام واللاعنف LOWNP حيثما يواجه الناس عنفًا على الصعيد اليومي. فهناك عنف جسدي مباشر، مثل الاشتباكات بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين أو المستوطنين، وهناك أيضًا عنف بنيوي يومي على شكل احتلال وما يرافقه من مضاعفات ومن بؤس، مثل مصادرة الأراضي وهدم البيوت وبناء المستوطنات وحظر التجول وفرض حصار على المناطق الفلسطينية. لقد أصاب هذا العنف الجسدي والبنيوي كل عائلة في فلسطين، إذ يندر أن تسلم عائلة من اعتقال فرد/أفراد منها أو إصابته بجراح برصاص الجيش الإسرائيلي أو قتله. لذا، من السهل على الفلسطينيين الشعور بالغضب والرغبة بالانتقام والكراهية والألم والكآبة في بيئة تشكَّلت بالعنف البنيوي للاحتلال. فتعرُّض الفلسطينيين للعنف على مدى عقود من الزمن، من قبل قوات الاحتلال ومن مجتمعهم الخاص، واختبار تأثير هذا العنف في حيواتهم الشخصية، جعلهم يعتقدون أن استخدام العنف هو وحده الذي يمكِّنهم من تحقيق العدالة والتغلب على الصعاب. خصوصًا وأن المتطرفين والجماعات السياسية العنفية، من كلي الطرفين، يُوقِدون ديناميات العنف على حساب الحلول التفاوضية. وفي حين تخلَّل العنف الماضي والحاضر، فإن الدروس المستقاة من ذلك أظهرت مدى إخفاق العنف في منح الفلسطينيين دولة حرة مستقلة، أو إيقاف تفشي بناء المستوطنات، كما لم يُفضِ إلى تحقق عدالة اجتماعية، ولم يُكسبهم دعم المجتمع الدولي. في اختصار، لم يؤدِّ بهم استعمال العنف إلى ما يصبون إليه. بل على العكس؛ لقد أدى بهم إلى حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد أصاب الجميع بالضرر. فكل حالة عنف من قبل الجانب الفلسطيني كانت تُستخدم كذريعة للرد بشراسة وانتقام شنيع من قبل الجانب الإسرائيلي، ويتلو ذلك قمعًا أكثر واحتلالاً أوسع. وكما يلاحظ أحد العاملين في منظمة غير حكومية: إن أطلقنا رصاصة واحدة، علينا توقع انهمار أطنان من القنابل على رؤوس شعبنا. لن نخسر بنيتنا التحتية فحسب، بل الكثير من الأرواح البشرية أيضًا. فإطلاق صاروخ فلسطيني لم يُنهِ الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، بل أدى بدلاً من ذلك إلى حرب مدمرة قتلت فيها آلة الحرب الإسرائيلية الساحقة مئات المواطنين الفلسطينيين. كما نتج عن العملية الانتحارية في نتانيا في العام 2002 إعادة احتلال لكل المناطق المُصنَّفة A في الأراضي المحتلة. وقد أدى استخدام العنف عمليًا إلى إيقاع الفلسطينيين في شرك تطويق الأراضي المقسَّمة بجدار عازل، بالإضافة إلى إحداثه حالة من النفور في أوساط المؤيدين للقضية الفلسطينية في كل من إسرائيل والغرب. نظرًا لاختلال التوازن في الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، لا يمكن للفلسطينيين تحقيق انتصار عسكري مطلقًا. فالجانب الإسرائيلي متفوِّق إلى حد كبير من ناحية القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية. ففي حين أن الجيش الإسرائيلي قوي ومجهز تمامًا، من غير المسموح للفلسطينيين امتلاك السلاح، لا فرديًا ولا جماعيًا، وليسوا مدربين عليه جيدًا، وليست لديهم قنوات لاستيراد ما يكفي منه. وكما يلاحظ أحد المتطوعين المتعاطفين: "العنف ليس مفهومًا، لأنه ليست لدينا دولة". فالاقتصاد الفلسطيني مهمَّش، والقيادة السياسية ضعيفة نسبيًا، والدول العربية ليست في وارد الدخول في مجابهة عسكرية مع إسرائيل لتحرير الأراضي المحتلة. لذا، بالنسبة لـ LOWNP، العنف ليس خيارًا من أجل تحسين أوضاع الفلسطينيين، لكن ليس المطلوب الاستسلام. فغالبًا ما يُساوى بديل العنف بالسلبية ويُفهَم على أنه استسلام. وهنا، يناقش نافذ الوضع مُحمِّلاً الفلسطينيين جزءًا من المسؤولية عنه، حيث يستمر الاحتلال والمعاناة والإذلال بسبب تفرُّقهم وضعفهم. فالمسؤولية لا تقع على من يرتكب الظلم فقط: على الفلسطينيين أن يتحملوا مسؤولية معاناتهم أيضًا، ويبادروا إلى تغيير الوضع. وفي الوقت نفسه، لا يؤمن الكثير من الفلسطينيين بالسلام. فالسلام هو أخذ وعطاء، لكنهم يدركون بأن إسرائيل ليست في وارد العطاء. المفاوضات وعملية السلام لم تُوجِد أية حلول لقضايا الصراع الرئيسية: السيادة والحدود الإقليمية، اللاجئين، وضع القدس، الأمن، السجناء السياسيين، المستوطنات، المياه. ومما لا شك فيه أن خيبات الأمل بعملية السلام تخلق احتجاجًا أكثر وعنفًا أيضًا. لكل ما سبق من حجج، يدافع نافذ عن خيار اللاعنف النشِط من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة الاجتماعية. ونظرًا لفشل العنف ومفاوضات السلام والدعم الدولي في الغالب، يجب أن يأتي التحرير من ضمن المجتمع الفلسطيني عبر مقاومة لاعنفية. والمورد الوحيد الذي يمتلكه الفلسطينيون هو الشعب، لذا عليهم تنمية هذا المصدر من خلال التعليم ورفع درجة الوعي. ويمكن للمقاومة اللاعنفية أن تساعد على تحويل مجرى الإحباط والغضب وأن تكون متنفَّسًا للضغط الداخلي الذي يغلي. كما يمكن للاعنف المحض أن يُوصل رسالة إلى الإسرائيليين برغبة الفلسطينيين في العيش إلى جوارهم؛ ولأن الإسرائيليين يدركون العنف بمثابة تهديد وجودي، فسيردُّون بإيجابية على اللاعنف. ومن خلال المقاومة اللاعنفية، قد يتفهَّم الإسرائيليون بشكل أفضل المظالم الواقعة على الفلسطينيين، ويكونون أكثر رغبة في التسوية خلال المفاوضات بدلاً من الإحساس بأن الأمر يُنتزَع منهم انتزاعًا. وقد أظهرت التجربة العالمية أن اللاعنف النشِط هو استراتيجية أكثر كفاءة من اللجوء إلى العنف. وعلاوة على ذلك، لن يجعل الفلسطينيون الرأي العام العالمي يُبدي نفورًا منهم، بل سيكونون قادرين على إشراكه في قضيتهم. بتخطي خياري العنف والاستسلام، يُدعى اللاعنف النشِط على الغالب بـ "الطريق الثالث". فبناء على ما سبق، يعتقد نافذ ونشطاء لاعنفيون آخرون أنه الطريق الوحيد المتقدِّم. لكن هذا لا يعني أنه صيغة سحرية. فبعض الافتراضات الكامنة في خيار المقاومة اللاعنفية تشمل: - عدم ضمان المقاومة اللاعنفية استجابة لاعنفية. فهناك احتمال تقديم تضحيات هائلة من قبل الجانب الفلسطيني: قتلى وجرحى، بالإضافة إلى الخسائر الشخصية من ناحية الملكية وتراخيص العمل. - تتطلَّب المقاومة اللاعنفية موقفًا فاعلاً واستثمارًا للموارد وتنمية للطاقات وتدريبًا خاصًا ودرجة عالية من التنظيم والانضباط. وعلينا أن ندرك أن معظم النشاطات اللاعنفية ستُعتبر لا شرعية في ظل نظام قانون الطوارئ. - ثمة إمكانية لحُسن التمييز والتغيُّر لدى كل جندي إسرائيلي. فالجنود ينفذون أوامر ضباطهم، لكن بوسعهم تمييز الصواب من الخطأ والبحث دومًا عن مسوِّغ معقول لأعمالهم. وهم ليسوا بالسوبرمانات ولا بالجبناء. - الحكومة الإسرائيلية حساسة تجاه الرأي العام المحلي والدولي، وإن كان ذلك إلى مدى محدود فقط، لكونها على استعداد لمواصلة بلوغ أهدافها بوسائل ظالمة بغض النظر عن الضغوطات الدولية. ونظرًا لفشل كل أمر آخر، فقد حان الوقت لاستكشاف خيار المقاومة اللاعنفية بصورة جدِّية. وهناك عدد من الأفراد والمنظمات في الضفة الغربية ممن يروِّجون ويطورون فكرة اللاعنف النشط. وقد كانت LOWNP واحدة من المنظمات الرائدة في هذا المجال. فهي تتميز، بالعمر ومدى المقاربة، عن الكثير من المنظمات غير الحكومية التي تأسست في أعقاب عملية أوسلو حين توافر تمويل دولي ضخم استخدمه المجتمع الدولي لتهدئة الفلسطينيين. 5. التمكين من اللاعنف في سياقات الحياة اليومية مع إيمان LOWNP باللاعنف كاستراتيجية فعالة وحيدة لإنهاء الاحتلال، فهي نادرًا ما تركز على أعمال لاعنفية تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال. وبهذا الخصوص، تميِّز نفسها عن الأعمال اللاعنفية المنظَّمة ضد الجدار العازل في بعلين، على سبيل المثال. فعوضًا عن ذلك، تهدف LOWNP إلى تمكين الفلسطينيين من اللاعنف من خلال سياقات حياتهم اليومية، سواء كان الأمر يتعلق بقضايا اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية أم ثقافية. فكل هذه القطاعات الحياتية تشكل تحديات جدية، متعلِّقة بالاحتلال بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والتي يمكن التعامل معها من خلال الأعمال اللاعنفية. وهكذا، تتوجه الأعمال اللاعنفية لـ LOWNP إلى القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية الجدية في حياة الفلسطينيين اليومية، وتمكِّنهم في الوقت ذاته من فلسفة اللاعنف وممارسته. 5. 1 السياق الأمني منذ اتفاقيات أوسلو للسلام، تولَّت السلطة الفلسطينية مسؤولية الإدارة العامة في الضفة الغربية؛ لكن هذا لا يعني سيطرتها على كامل الضفة الغربية المقسَّمة إلى مناطق A وB وC. ففي المناطق المصنَّفة C، لا تزال الإدارة والأمن تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. لكن أيضًا في المناطق A، حيث الإدارة والأمن بيد السلطة الفلسطينية، يمكن للجيش الإسرائيلي دخول هذه المناطق لحظة يشاء وإعادة احتلال المنطقة التي يختار. ويخلق هذا الوضع الكثير من الاستياء والتوتر داخل المجتمع الفلسطيني، ليس على الصعيد السياسي فحسب، بل والاجتماعي والأمني أيضًا. فعلى سبيل المثال، يرتكب اللصوص والمجرمون أفعالهم في المناطق A وB ويفرون إلى المناطق C الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. ونظرًا لعدم اكتراث السلطات الإسرائيلية باللصوص والمجرمين، فإنهم يواصلون نشاطاتهم الإجرامية بسهولة. ونتيجة لذلك، لا يشعر الناس بالأمان، فيميلون إلى ابتياع أسلحة لحماية أنفسهم. ومن ثم لا يعود استخدام هذه الأسلحة لردع اللصوص فحسب، بل تستخدم أيضًا في النزاعات العادية التي تتصاعد من تبادل الإهانات إلى العنف الجسدي وتنتهي بإطلاق الأعيرة النارية. في مواجهة هذا الوضع الأمني وبعد تحليله، أطلقت LOWNP حملات لمعالجة بعضًا من هذه القضايا ذات الصلة. فكانت "حملة على الأسلحة العائلية" الهادفة إلى رفع مستوى الوعي وإلى الإحجام عن استخدام العنف والسلاح في حل النزاعات. كما نظمت LOWNP ورشات عمل وتدريبات تواصل لاعنفية وعروض أفلام واعتصامات وتوقيع عرائض ونشر ملصقات. ونظمت حملة للعب الشطرنج تفيد في جعل الناس يمعنون التفكير قبل الإقدام على عمل ما؛ فبينما كانت الرسالة: "التفكير قبل قتل أحد ما"، كان الهدف الفعلي من الحملة المساعدة على منع مثل حالات القتل هذه.
كانت الحملة الأوسع انتشارًا والمتعلقة بالسياق الأمني: "كُتب على طول خط التقسيم: القراءة عند نقاط التفتيش"، التي أُطلِقت في صيف العام 2007 حين كان الناس يضطرون للانتظار وقتًا طويلاً عند حواجز التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية. لقد تلقى سائقو النقل العام الذين يعبرون نقاط التفتيش مجموعة من الكتب والقصص حول اللاعنف. وكانت مجموعات الكتب هذه منتقاة بعناية وتتضمن قصصًا قصيرة وكتب جيب تناسب المسافرين بغض النظر عن اللحظة التي يتوقفون فيها عن القراءة. كما كانت تُوزع هذه الكتب على العابرين لكي يستفيدوا من فترة السفر وخصوصًا أثناء وقت الانتظار عند نقاط التفتيش. وكانت الحملة تبغي تحقيق ثلاثة أهداف: 1. مساعدة الناس على ضبط غضبهم والتغلب على إحباطهم من خلال القراءة. 2. إطلاعهم على فلسفة اللاعنف والأفكار الأخرى الجديدة التي يمكن أن تتم مناقشتها في وسيلة النقل. 3. الإظهار للجنود الإسرائيليين أن نقاط التفتيش بلا طائل كطريقة للعقاب لأن المرء بوسعه تمضية زمن الانتظار بنشاطات مفيدة وقراءة ممتعة. وكانت الحملات منظمة بالتعاون مع اتحادات النقل العام، بالإضافة إلى ورشات عمل من أجلها. وعمومًا، كان السائقون المشاركون في الحملة من المتطوعين الذين يميلون إلى المطالعة. وكانت سياراتهم تحمل ملصقات للحملة. وكانت تتم مقابلتهم أثناء وبعد الحملة لتقييم مدى تقدمها وتعديل نشاطاتها إن لزم الأمر. ويُقدَّر عدد المسافرين الذين وصلت إليهم الحملة بـ 31000 وكانت تغطيها وسائل الإعلام المحلية والأقنية التلفزيونية العربية والأوروبية. 5. 2 السياق السياسي يتميز السياق السياسي الداخلي اليوم في فلسطين بضعف القيادة. فمنذ انقلاب حماس في غزة، ما عاد من الممكن تشكيل حكومة فلسطينية موحَّدة. ولا تتعامل LOWNP مع قياديين سياسيين ذوي مناصب عليا بما هم عليه، لصعوبة الاتصال بهم من جهة، ومن جهة ثانية، لأنهم لا يُعتبَرون كمجموعة هدفًا رئيسيًا. ورغم أهمية تغيير مواقف السياسيين، إلا أن ذلك ليس في بؤرة نشاطات LOWNP، التي تركز، بدلاً من ذلك، على التعليم وتنمية الطاقات للوصول إلى الأهداف الأخرى. وعلى المستوى الشعبي، يتميز السياق السياسي بضعف المشاركة في صنع القرار السياسي وتدني مستوى التعليم المدني وندرة النساء في مواقع اتخاذ القرارات. مثلاً، وفيما يتعلق بعملية السلام الرسمية والمفاوضات، كثير من القضايا التي تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر، مثل المياه واللاجئين والمستوطنات، لم تجد حلاً حتى الآن، ولم يشارك الشعب في اتخاذ القرارات السياسية. لذا، ترمي LOWNP إلى تشجيع الأغلبية الصامتة على المشاركة في عملية صنع القرار والتوجُّه إلى القضايا التي تؤثر عليهم بشكل مباشر. مثلاً، اللقاء بما يقارب الثلاثين شخصًا من منطقة مجاورة لإحدى المستوطنات وسؤالهم عما يريدون من المفاوضين الفلسطينيين أن يطلبوا من المفاوضين الإسرائيليين، فيجيب الأهالي أنهم يريدون تعويضًا عن استخدام أرضهم منذ العام 1967، أو أنهم يريدون أن يغادر المستوطنون إلى غير رجعة، أو أن يبقى المستوطنون عمومًا ما عدا أولئك المتميزون بالعنف. ومن ثم تُرسَل تصريحات هؤلاء الأهالي إلى شعبة المفاوضات الفلسطينية لأخذ العلم بها. وبهذه الطريقة يشعر الناس أنهم مشاركون في نظام ديمقراطي ويتعلمون تحمُّل المسؤولية. ولا تعني الديمقراطية، بالنسبة إلى LOWNP، مجرد التصويت، بل إيجاد حلول للمشاكل بمتابعتها من خلال المؤسسات المعنية. فإذا عرف الناس كيف يقومون بهذا العمل، سوف يتحسَّسون منافع الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية أكثر بدون اللجوء إلى وسائل غير ديمقراطية وغير سلمية. وعلى أية حال، هناك ضعف على صعيد التعليم المدني في أوساط الناس. لذا، فإن أحد أهداف LOWNP هو رفع مستوى الوعي عبر مختلف الحملات، وتعليم الناس كيفية اشتغال الديمقراطية وكيفية التعبير عن احتياجاتهم، وتمكينهم من خلال التدريب، وتركهم يكتشفون طاقاتهم. وعلى وجه التحديد، تنظم LOWNP ورشات عمل وتدريبات حول مختلف القضايا، مثل حقوق وواجبات المواطنين فيما يتعلق بدفع الضرائب أو شروط عقد الزواج أو الأنواع المختلفة للتأمين على السيارات. ونظرًا لندرة النساء في مواقع صنع القرار، تُولي LOWNP اهتمامًا بأن تشمل نشاطاتها كلا الجنسين. 5. 3 السياق القانوني تشوب السياق القانوني في الضفة الغربية اليوم الكثير من العيوب، مثل الافتقار إلى نظام محاكم لائق، والبيروقراطية المفرطة، وضعف وظائف قوات الشرطة، والنقص في الحقوق المدنية، والتوزيع غير المتكافئ للفرص، الخ. إن الجهود التي تبذلها LOWNP على الصعيد القانوني تتركز على التمكين والتعليم المدني بشكل رئيسي. فعلى سبيل المثال، يخسر الناس الكثير من المال لأنهم يجهلون آلية عمل النظام القانوني؛ إنهم لا يعرفون كيف يكتبون طلبًا رسميًا في دار البلدية، فيدفعون عشر شيكلات لكي يكتبه لهم أحد آخر. لذا، تعلمهم LOWNP كيف يكتبون طلبًا يضمِّنونه البيانات المطلوبة. إنها توضح لهم كيف يسير العمل في البلدية وكيف عليهم متابعة معاملاتهم؛ فبداية التدريب تكون من المشاكل الحقيقية للناس. كما تشجع النساء على متابعة قضاياهن بخصوص النفقة، لكنها تشجع أيضًا الرجال الذين ترفض زوجاتهم السابقات السماح لهم برؤية أطفالهم. إذ سيكون الناس أقل غضبًا وانزعاجًا عندما يعرفون كيف تعمل المؤسسات، ويتحسَّسون نوعًا من عدالة اجتماعية. وفي التجمعات النسائية، تحلِّل LOWNP وثيقة الزواج ودور الشهود والضمانات المقدَّمة للنساء المتزوجات والحالات التي يرفضن فيها ذلك الزواج. كما تنظَّم جولات للشباب إلى مراكز الشرطة حيث يمكنهم الإحاطة بموضوع سرقة السيارات غير المستوفية الشروط القانونية ولا تأمين لها. وتنطلق النشاطات مع الأطفال من فكرة منحهم الفرصة للإحساس بالمسؤولية وتوعيتهم بحيث يمكنهم هم أيضًا المساهمة بدور في المجتمع، مثلاً: مراقبين في الشوارع. وتهدف LOWNP، من خلال نشاطاتها المتنوعة، إلى تمكين الناس من معرفة حقوقهم وواجباتهم وتطوير إمكانية وصولهم المتكافئ إلى الفرص وتشجيعهم على الالتزام بحكم القانون. 5. 4 السياق الاجتماعي إن السياق الاجتماعي في الضفة الغربية اليوم مُحدَّد بالاحتلال إلى مدى واسع. فالكثير من مظاهر حيوات الفلسطينيين هي تحت سيطرة الإدارة والجيش الإسرائيليين. وكل نشاط يومي تقريبًا خاضع لنظام احتلال شامل يُصدِر ويرفض تراخيص العمل وأذونات التنقل. كما يجري تهويد الضفة الغربية بشكل متزايد من خلال خطة مُحكمة تقوم على توسُّع المستوطنات. فمقابل 2,5 مليون فلسطيني، هناك حوالي60000 جندي إسرائيلي و500000 مستوطن غالبيتهم من المدنيين. وقد أدى عنف الاحتلال أيضًا إلى زيادة العنف داخل المجتمع الفلسطيني. فالرجال الذين يعانون من العنف على أيدي الإسرائيليين بدون أية إمكانية للرد، يصبحون هم أنفسهم عنيفين ضمن عائلاتهم. مثلاً: عندما يتعرَّض رجل فلسطيني، وهو المُعتبَر حامٍ لعائلته، للإذلال أمام أعين أفراد أسرته على يد إسرائيلي ولا يستطيع الرد، فإنه سيمارس لاحقًا نفس الفعل العنيف ضد زوجته وأطفاله. فهناك قدر كبير من العنف ضد النساء والأطفال في فلسطين يدور في حلقة مفرغة لأن الأطفال سيسلكون طبقًا لما يتلقونه. وليس لدى النساء والأطفال عمومًا الكثير من الفرص للتعبير عما يعانون. وتصل نسبة الطلاق في فلسطين اليوم إلى 11% وفقًا للمكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء (2008)، وهي نسبة مرتفعة. وإضافة إلى تفاقم سوء شروط الحياة اليومية للفلسطينيين، عمد الاحتلال أيضًا إلى اختلاق فجوات جدية من عدم الثقة بين الناس، إن كان على صعيد العائلة أم على صعيد المجتمع. فباستجواب الناس منفصلين عن بعضهم البعض تنمِّي السياسة الإسرائيلية الارتياب المتبادل في المجتمع الفلسطيني، مما يجعل ثقافة الإشاعات المسيئة واسعة الانتشار. فالمجتمع مُتشظٍّ والقيم متآكلة. ويحيق الخطر بالشعور بهوية وطنية فلسطينية موحَّدة، كما أن هناك تنامٍ للتوترات القائمة على أساس هويات محلية، سواء كانت بين أبناء القرى وأبناء المدن أم بين اللاجئين والسكان المحليين أم بين المسيحيين والمسلمين أو مجموعات مختلفة من ضمن الدين الواحد أم بين سكان شمال الضفة الغربية وجنوبها. 63% من السكان هم تحت السن القانوني، في حين يُقدَّر عدد المتسرِّبين منهم من المدارس بـ 10%. وكثير من الشباب متورط في أعمال جرمية. وتساهم قلة الفرص التعليمية والترفيهية في الشعور باليأس. فـ 44% من الفتيان تحت سن الـ 14 يدمنون التدخين، وفقًا لتقارير وزارة التعليم العالي[4]. ويتفق الفلسطينيون المهتمون بالشأن الاجتماعي على أن هناك حاجة ماسة لزرع بذور السلام واللاعنف داخل العائلة الفلسطينية. ولا تمتلك LOWNP، حتى الآن، برامج محددة حول العنف الموجه ضد النساء، لكن لديها الكثير من البرامج الخاصة بالأطفال والشباب، كما سنرى لاحقًا. ومن أجل التوجه إلى ضرورة إعادة الثقة في المجتمع الفلسطيني، لم تدعُ LOWNP أساتذة جامعات لإلقاء محاضرات عن مفهوم الثقة، بل تركت الناس يختبرونها بأنفسهم "من خلال البطاطا"، كما قال نافذ. ففي ورشة عمل، يضع حوالي 30 شخصًا ساعاتهم في حقيبة. وبعيون مغمضة، على المشاركين تحسُّس الساعات في الحقيبة والاحتفاظ بالساعة التي يعتقد كل منهم أنها تخصه. في هذه الجولة، يمكن لأغلب المشاركين التعرُّف على ساعاتهم. وفي جولة تالية، يحصل كل مشارك على حبة بطاطا، لا يُسمَح له بتأشيرها، وعليه أن يتعرَّف عليها في الحقيبة وعيناه مغمضتان. في هذه الجولة، لا يستطيع معظم المشاركين التعرف على حبة البطاطا الخاصة بهم. وفي ختام الورشة، يتم طهو كل البطاطا ويأكلها المشاركون معًا. ودلالة هذا التمرين هي أنه عندما يكون الناس متآلفين مع أشياء معينة، مثل ساعاتهم، فإنهم يدمجونها في دواخلهم (يضفون عليها صفة ذاتية) بطريقة ما، وبوسعهم الاعتماد على حدسهم لاتخاذ القرار الصائب، بمعنى آخر: التعرف على ساعاتهم. لكن عندما لا يكون الشيء مألوفًا لهم، مثل البطاطا، يمكن أن يرتكبوا أخطاء. 5. 5 السياق الاقتصادي اقتصاديًا، الوضع في الضفة الغربية في غاية الصعوبة. فمعدل البطالة حوالي 20%، وتكاليف المعيشة باهظة، و23% من العائلات تعيش تحت حد الفقر[5]، والاستثمارات والمشاريع التنموية ضعيفة. والوضع الاقتصادي ليس شكلاً للعنف البنيوي فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى عنف جسدي، حيث أن التوتر والإحباط يجعلان الناس أكثر عنفًا. وفي الواقع، يبيع الإسرائيليون منتجات منتهية الصلاحية سرًّا إلى المستوردين الفلسطينيين، مما دفع LOWNP إلى التحرك مع الأطفال المراقبين. ومن أجل تنمية الشعور بالمسؤولية لدى الأطفال ومحاربة هذه المنتجات الفاسدة اللاقانونية، تدربهم LOWNP على زيارة المحلات والتدقيق في تاريخ انتهاء صلاحية المنتجات. فإذا كان المنتج منته الصلاحية، فإن المراقبين الأطفال، الذين يحملون شارة من وزارة الاقتصاد الفلسطينية، يحذِّرون صاحب المحل ويطلبون منه التخلص من هذه المنتجات. ومن ثم يعودون بعد بضعة أيام للتأكد مما إذا كان قد تم التخلص من تلك المنتجات. وليس الهدف تقديم شكوى بحق أصحاب المحلات، بل من أجل توعيتهم. ويتعلق هذا التحرك بحملة "لنأكل ونشرب من المنتجات المحلية فقط". ويعتمد الاقتصاد الفلسطيني، إلى حد كبير، على المنتجات الإسرائيلية، سواء على شكل مواد أولية أم منتجات مصنَّعة. فالناس يستهلكون الألبان على مدار اليوم، ورغم وجود معامل ألبان فلسطينية فإنهم غالبًا ما يشترون المنتجات الإسرائيلية. وكان الأمر واضحًا تمامًا بالنسبة إلى LOWNP: إذا كان الفلسطينيون لا يريدون الاحتلال، عليهم أن يقدموا برهانًا على ذلك بطريقة ما. وهكذا انطلقت حملة "لنأكل ونشرب من المنتجات المحلية فقط"، والتي كانت تهدف إلى تشجيع استهلاك المنتجات المحلية وخفض استهلاك منتجات الاحتلال الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن الحملة تُشابه إلى حد كبير حملة مقاطعة، إلا أنها لم تُسمَّ "مقاطعة" لكي لا تعطي ذريعة للسلطات الإسرائيلية للتعامل مع LOWNP كمنظمة. بهذا العنوان، قدمت الحملة رسالة أكثر إيجابية مما لو أنها قد دُعيت حملة مقاطعة. وقد وُجِّهت الدعوات للعديد من القائمين على الورشات والمعامل والمحلات للعمل على توعية الفلسطينيين بالمظاهر الإيجابية لاستهلاك منتجاتهم المحلية فقط، ومن أجل تطوير الحملة. كما أُطلقِت حملات إعلانية ضخمة في كافة أنحاء منطقة الخليل على شكل ملصقات وإعلانات ضخمة في الشوارع، وكذلك في الإذاعة والتلفزيون المحليين. بالإضافة إلى ذلك، نُظِّمت معارض لتذوُّق المنتجات المحلية وعروض مسرحية للدعاية لها. وخلال الحملة، كانت LOWNP تطلب مشورة أصحاب المحلات المسؤولين عن تنفيذ الحملة عمليًا، وتقوم بزيارات مراقبة إلى المحلات للتحقُّق من المبيعات الفعلية للمنتجات المحلية والإسرائيلية. مثل هذه الحملة تجعل الناس يفكرون بخصوص الأهمية الوطنية في شراء المنتجات المحلية، وتمنحهم إحساسًا بالمواطنة، وتزيد من ثقتهم بمنتجاتهم الخاصة وتعلُّقهم بأرضهم. كما تعزز لديهم الثقة بإمكانيتهم على مقاومة الاحتلال في مختلف الطرق المبدعة. بالإضافة إلى حثِّ المصانع الفلسطينية المحلية على تحسين نوعية منتجاتهم. وفي نهاية المطاف، ستؤدي زيادة المبيعات إلى عمالة أكثر، وبالتالي إلى فقر أقل.
بدأت الحملة في العام 2008، وكانت لا تزال متواصلة عندما دعا وزير الاقتصاد، في كانون الأول العام 2009، الفلسطينيين إلى الامتناع عن شراء منتجات المستوطنات الإسرائيلية بعد الآن. لكن LOWNP كانت تريد مقاطعة كل المنتجات الإسرائيلية، وليس فقط منتجات المستوطنات. لذا ما تزال تبحث عن قنوات اتصالات لممارسة المزيد من الضغط بخصوص هذه المسألة. مثلاً، من خلال العلماء المسلمين الذين يعتزمون الاتصال بالمفتي الأكبر لطلب دعمه في مقاطعة كل المنتجات الإسرائيلية. إن موقع الزعماء الدينيين أكثر حرية من ذاك الذي لـ LOWNP. وسيكون دعم المفتي تحدٍّ لأولئك الذين يستمرون في استيراد المنتجات الإسرائيلية التي تتوفر بدائل محلية لها. وبهذا الخصوص، تتعاون LOWNP أيضًا مع الاتحاد الفلسطيني للمنظمات غير الحكومية في الخليل، وتسعى إلى نشر هذه الحملة في كافة أرجاء فلسطين. وعلى الرغم من عدم تسميتها حملة مقاطعة، فإنها أيضًا تُرسل إشارة إلى المجتمع الدولي، حيث تجري هناك حملة مقاطعة، بأن الفلسطينيين يقومون أيضًا بفعلٍ ما على هذا الصعيد. 5. 6 السياق الثقافي رغم المواجهة اليومية مع الثقافة اليهودية واللغة العبرية، فإن معظم الفلسطينيين لا يعرفون الكثير عن هذا الأمر ولا يفهمونه حقًا. لكن LOWNP تجد أنه من المهم تعلُّم ما يتعلق بتقاليد الخصم وتحطيم الأفكار المُنمَّطة عنه. يجب ألا تبدو الصحف الإسرائيلية كأمر غريب، لكن مع الحذر مما يُدَسُّ فيها. لذا، نظَّمت LOWNP فصولاً دراسية حول التقاليد اليهودية واللغة العبرية حضرها معلمون ومدراء مدارس وطلاب جامعات ومنظمات فلسطينية حكومية. ثمة مظهر آخر ذو علاقة بالسياق الثقافي وهو الحضور المهيمن للعنف في الثقافة العربية/الإسلامية وما يتبع ذلك من مقاومة ضد فكرة اللاعنف. فوفقًا للثقافة السائدة، يتضمن اللاعنف معنى سلبيًا، في حين يجب على المرء أن يردَّ بـ "العين بالعين". لذا لابد من ثورة ثقافية شاملة. كما يعتقد الكثيرون أن اللاعنف دخيل على مجتمعنا، لكن أحد المشاركين في هيئة LOWNP كتب أطروحة حول تاريخ اللاعنف في فلسطين وأظهر أن المقاومة اللاعنفية هي جزء من تقاليد البلد. كما ألقى نظرة عامة على أدوات المقاومة اللاعنفية وبيَّن أن تلك الأدوات يمكن أن تكون أيضًا أدوات فلسطينية. وقد وُزِّعت الأطروحة على العديد من المنظمات غير الحكومية. ونظرًا لأن المجتمع الفلسطيني هو نوعًا ما مجتمع تقليدي ومتديِّن، فمن السهل والمقبول الحديث مع الناس عن اللاعنف وأدواته من منظور الإسلام. لذا، أدارت LOWNP برنامجًا لدراسة السلام من وجهة نظر إسلامية، يهدف إلى تسليط الضوء على التراث اللاعنفي في الإسلام وتغيير المواقف الدينية المتعلقة باللاعنف. ولهذا التقت LOWNP بالزعماء الإسلاميين الفلسطينيين ذوي الشأن للتشاور معهم. كما جهزت منشورات حول الإسلام والقرآن والمجتمع والعائلة، ... الخ تم توزيعها في كافة أنحاء فلسطين. وهذه المنشورات هي أيضًا جزء من المكتبات مما يوفر للكثير من الأطفال وآبائهم فرصة التعرف على هذا الموضوع. وتقوم هيئة LOWNP بإجراء دراسات حول التقاليد الإسلامية بخصوص السلام والعيش المشترك واللاعنف. وقد نظِّمت ورشات عمل مع العلماء المسلمين في المساجد والجامعات ومقرات منظمات أخرى. كما تعاونت LOWNP مع وزارة الشؤون الدينية في إطار هذا البرنامج الذي ولَّد مناقشات واسعة. وقد أصبح الناس متآلفين مع مصطلح اللاعنف ومتفهِّمين تطابقه مع أحكام الدين. فعندما كان حزب التحرير الإسلامي يهاجم المنظمات التي تتلقى تمويلاً من الخارج، ذهب أحد أعضاء هيئة LOWNP، حاملاً منشوراتها، إلى أحد زعمائهم لسؤاله فيما إذا كان يعتبر أن تلك المنشورات تتضمن أفكارًا أجنبية. وبعد أن قرأ الزعيم المحلي المنشورات قال إن LOWNP تقوم فعليًا بعمل أفضل مما يعملونه هم أنفسهم. وتأمل LOWNP، من خلال التقاليد اللاعنفية في الإسلام، في التأثير على المجموعات السياسية الإسلامية ومناقشتهم حول أدوات المقاومة اللاعنفية. ويتذكر أحد أعضاء هيئة LOWNP أن الناطق باسم حماس في غزة سُئل في برنامج لهيئة الإذاعة البريطانية BBC لماذا يحجم من يعتبرون أنفسهم حركة مقاومة عن إطلاق النار على الإسرائيليين، فأجاب بأنهم يقاومون بعدم استهلاك المنتجات الإسرائيلية وبتنظيم المظاهرات. عمومًا، تهدف LOWNP إلى الترويج لفكرة السلام (Salaam بالعربية وShalom باليهودية وPeace بالمسيحية)، وفهم التشابهات بين مختلف الثقافات الدينية واحترام الاختلافات. 5. 7 السياق المحلي للخليل الخليل هي المدينة الفلسطينية الأكبر والمعروفة بأجوائها الإسلامية المحافظة. وتهيمن فيها القوانين العشائرية على القوانين الرسمية، بالإضافة إلى أن السلطة الفلسطينية ليست صارمة في تطبيق القانون في أغلب الأحيان، جزئيًا بسبب سيطرتها على المنطقة H1 فقط. وتقع مدينة الخليل القديمة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية. وهناك ما يقارب الـ 600 مستوطن يهودي متطرف يعيشون متحصِّنين في المدينة القديمة بحماية الجيش، ويواصلون مضايقة الفلسطينيين والضغط عليهم لبيع منازلهم أو التخلي عنها. لقد جعلوا حياة السكان لا تطاق، مما دفع الكثير منهم إلى المغادرة. كما أقام الجيش الإسرائيلي حواجز على الطرق لإعاقة المواطنين ومنعهم من الوصول إلى السوق في المدينة القديمة، مما أدى إلى إفلاس الكثير من أصحاب المحلات الفلسطينيين وبالتالي إغلاقها. ويتعرض تلاميذ المدارس في المدينة القديمة إلى الاستفزازات والمضايقات من قبل أطفال المستوطنين. أما الحضور الدولي المؤقت في الخليل، والذي تواجد بعد المجزرة التي راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين على يد المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي في العام 1994، فمازال باقيًا في المدينة القديمة. وحسبما يُذكر، نسبة البطالة الدائمة ومعدل الجريمة في ارتفاع. ولفت أحد المشاركين في اللقاءات الانتباه إلى أن الخليل مازات تعاني من حالات الثأر بين العائلات. وعمومًا، تُعتبَر الخليل مدينة واقعة تحت حالة توتر هائل بسبب مقدار العنف في الشوارع وضمن العائلات وفي أوساط الشباب. فأكثر من معظم المدن الفلسطينية الأخرى، يكاد يكون العنف جزءًا من المشهد اليومي في الخليل؛ لقد أصبح جزءًا من الثقافة ومن الجو العام. لذا، مجرد حضور LOWNP في الخليل يكتسب أهمية كبيرة بحد ذاته. ومع أن مقرَّ مكتبها الرئيسي في رام الله، إلا أن LOWNP افتتحت فرعًا في الخليل حيث معظم نشاطاتها. لم تكن هناك ضرورة للتركيز على رام الله نظرًا لتواجد مئات المنظمات، في حين أن عدد سكانها يبلغ عُشر سكان الخليل فقط. بالإضافة إلى أن حجم المشاكل في الخليل أكبر. وعندما بدأت LOWNP عملها في الخليل، لم يكن هناك الكثير من المنظمات غير الحكومية، فالتقاليد المحلية والاستيطان في المدينة القديمة يجعلان العمل صعبًا في الخليل. لكن إقدام LOWNP على العمل في الخليل كان بمثابة حافز لمنظمات غير حكومية أخرى للمجيء. وحتى الآن، LOWNP هي المنظمة الوحيدة في الخليل، على ما يبدو، العاملة في مجال اللاعنف وحلِّ النزاع. إنه لأمر استثنائي أن يتعلم السكان المحليون عن اللاعنف ويعملون على تحقيق حاجاتهم من خلال وسائل لاعنفية. أطلقت LOWNP عدة حملات تتعلق بالوضع في المدينة القديمة في الخليل. فعلى سبيل المثال، اقترحت على وزارة الشؤون الدينية إطالة أذان الدعوة للصلاة إلى 24 ساعة لإقلاق راحة المستوطنين وخصوصًا في الليل. وهذا ما تم عمليًا، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي عطَّلت مكبرات الصوت في مآذن مساجد المدينة القديمة، في انتهاك لحق حرية التعبير والعبادة. كما نظمت LOWNP حملات لتحفيز الناس على البقاء في المدينة القديمة، ونظمت يانصيب لدعم أصحاب المحلات المحليين. 6. استراتيجيات المكتبة المتنقلة تُظهر الأمثلة المعروضة نشاط LOWNP في العديد من السياقات المجتمعية من خلال المبادرات والحملات المتنوعة. فكما هو مذكور، يُمكَّن هذا النشاط الناس من فلسفة اللاعنف وممارسته في مختلف مجالات الحياة اليومية، وفي نفس الوقت يساعدهم على معالجة مشاكلهم واحتياجاتهم في مختلف القطاعات الحياتية بسبل لاعنفية. فكل المبادرات والحملات التي ذُكِرت تهدف إلى تحضير جيل يناضل من أجل الاستقلال والعدالة الاجتماعية في فلسطين عبر وسائل لاعنفية. أما فيما يتعلق بالاحتياجات التي اختيرت للعمل من أجلها، فليس من المؤكد إن كانت LOWNP قادرة على تغطيتها كلها؛ فالأمر يعتمد على الأولويات وعلى مجال العمل. فعلى سبيل المثال. ليس بوسع LOWNP العمل على صعيد الصحة العقلية. يقول نافذ: "إذا عملنا في كل شيء، لن نصل إلى شيء". على أية حال، وكطريقة عمل رئيسية، كل المشاريع التي تتبناها LOWNP تقوم على معالجة مشاكل المجتمع واحتياجاته، وليس بناء على احتياجات خاصة بها أو أجندات المتبرعين. ومن المفهوم أن كل المجتمع يحدد احتياجاته الخاصة. وبغض النظر عما إذا كانت المهمة صعبة أم لا، تركز LOWNP عملها بناء على أهمية المشاكل التي يواجهها المجتمع، بالإضافة إلى أن القيمة الجوهرية للاعنف متضمَّنة في كل المشاريع دومًا. وبالرغم من اتساع مجال عمل LOWNP وتنوع نشاطاتها، بوسعنا مع ذلك التعرف على بعض الاستراتيجيات الرئيسية في عملها. 6. 1 البدء من السياقات المحلية وحاجات الناس أولاً، وقبل كل شيء، تبدأ LOWNP نشاطاتها دومًا من السياقات المحلية للناس وحاجاتهم الفعلية. وما يُحرِّض على فكرة الانطلاق من حاجات الناس هو حقيقة أن الناس سيكونون أكثر فاعلية إذا تم الاهتمام بحاجاتهم، بدلاً من الركون إلى الإحباط والاكتئاب. وقد واجهت LOWNP، على مدى سنين من العمل، الكثير من العقبات التي منعت الناس من اتخاذ مبادرات. ومن خلال التركيز على الاحتياجات الشخصية والحملات الموجَّهة ترمي LOWNP عكس الميل في الاعتماد على الآخرين؛ فهي تمنح الناس الإلهام والأدوات المناسبة للتعامل مع احتياجاتهم الخاصة عبر طرق لاعنفية. وهذا، بحد ذاته، يُوصِل رسالة للناس بأن عليهم ألا يفقدوا الإيمان في كفاحهم، كما ويُنعش آمالهم. وعندما يتعلم الناس حلَّ مشاكلهم الخاصة على نحو لاعنفي، يكون بوسعهم لاحقًا التصدي لمشكلة الاحتلال. يمكن أن تتفاوت الحاجات الفعلية للناس وسياقاتهم المحلية، مثل العائلات أو المدارس أو المحلات. لكن الفكرة هي إلهام الناس اللاعنف في حياتهم اليومية، كما هو وارد في المثال المعروض من قبل حول شراء المنتجات ذات المواصفات الجيدة. وهناك واقع يومي آخر وهو صعوبة الاستدلال على الطرق في القرى بسبب افتقاد الشوارع إلى أسماء. لذا، وأثناء المعسكرات الصيفية، تأخذ LOWNP الأطفال إلى منطقة معينة لكي يطَّلعوا على البقاليات ومحلات الأحذية والمخابز، ... الخ، ويقوموا بعملية جرد، ومن ثم يناقشوا أسماء للشوارع ويقدموا اقتراحًا بها إلى الدوائر البلدية. فنجاح الأطفال في إعطاء اسم لشارع من عندهم يعطيهم شعور بالتمكين والمسؤولية والمواطنة. وفي نشاط آخر، يخرج الأطفال لمعاينة الشوارع وفيما إذا كانت مصابيحها تعمل أو أن مواقف الحافلات لائقة أو أن هناك ما يكفي من حاويات القمامة. وبعد ذلك، يكتبون اقتراحًا إلى رئيس بلدية الخليل بهدف تطوير الشوارع. فـ LOWNP تعلِّم الانتباه إلى الأمور الصغيرة في الحياة اليومية ومتابعتها. كما أن الحملات حول المنتجات المحلية والقراءة عند نقاط التفتيش بدأت أيضًا من السياقات الفعلية للحياة اليومية. فالناس لم يكونوا يعرفون أن أفعالاً مثل هذه يمكن أن تكون أيضًا جزءًا من المقاومة. وبتبني وتطبيق أدوات اللاعنف وطرقه في الظروف المحلية، جعلت LOWNP الناس يعون أهمية ذلك. 6. 2 نظرة موجَّهة عمليًا عملاً باستراتيجية البدء من السياقات المحلية وحاجات الناس، يكون التركيز الاستراتيجي على الممارسة التي تسمح للناس اكتشاف أهمية اللاعنف بالنسبة لهم. ويقول نافذ حول النظرة الموجَّهة بالممارسة: نحن نهيِّئ الأرضية لهم [الناس] لاستكشاف اللاعنف. نعلِّمهم، فيمارسون ويمكن أن يكتشفوا. نحن لا نقدم لهم الأمور على طبق من فضة ونقول لهم: "تفضَّلوا، رجاء". ولا نقول لهم بأنه أمر جيد؛ فنحن لا نُسوِّق. إننا نريد أن يكتشف شعبنا قوة اللاعنف بنفسه. وفي الواقع، لا تلجأ LOWNP إلى اقناع الناس بجدوى اللاعنف، بل ترغب في خلق الفرص لهم لاختبار ما هو أكمل بالنسبة لمصلحتهم الخاصة. فـ LOWNP تدع الناس يكتشفون اللاعنف في الممارسة ذاتها، لأن "النظريات قد أنهكتهم". وهذه النظرة تختلف، على سبيل المثال، عن نظرة Holy Land Trust التي تميل إلى الجانب النظري في هذا الخصوص. فالممارسة لدى LOWNP هي من صلب المناقشات التي تجري ضمن التجمعات وفي أوساط المشاركين في النشاطات. 6. 3 نشاطات بسيطة إن النشاطات الجارية والأدوات المستخدمة بسيطة وغير مكلفة في أغلب الأحيان. فعلى سبيل المثال، بدأ نافذ حملة صغيرة بالطلب من الناس في الخارج إرسال بطاقات بريدية إلى عنوانه في القدس الشرقية مع ذكر "فلسطين" وليس "إسرائيل" في العنوان. وكانت الفكرة ترمي، على الأقل، إلى خلق نوع من رد فعل لدى العاملين في مكتب البريد الذين كانوا يوصلون البطاقات إن أعجبهم الأمر، أو يعيدونها إلى المصدر إن لم يعجبهم. وقد وصلت بعض البطاقات، لكن شُطبت عبارة "فلسطين" واستُبدلت بـ "إسرائيل". لكن مظاريف أخرى حملت ملاحظات أو إشارات اهتمام أو آراء خاصة من موظفي البريد. وعلى العموم، وصل الكثير من تلك البطاقات. إنها طريقة بسيطة من النشاط يمكن لأناس في الخارج المشاركة فيه دون أن يكلفهم الأمر سوى ثمن طابع البريد. ولا تتطلَّب بعض النشاطات الأخرى البسيطة وغير المكلفة لـ LOWNP سوى علبًا فارغة وأحجارًا صغيرة، حيث يُطلب من الأطفال العثور على علب فارغة وملئها بأحجار صغيرة لعمل خُشخيشات. وبهذه الطريقة البسيطة يتعلم الأطفال أنه من الأفضل الاستماع إلى موسيقا الحجارة بدلاً من قذفها على الجنود الإسرائيليين. بل حتى أن الأطفال يأخذون خشخيشاتهم إلى نقاط التفتيش ويلعبون بها على مرأى من الجنود الإسرائيليين الذين يحتارون عما يمكن عمله مع هؤلاء الأطفال الذين يعبِّرون عن رغبتهم في الحرية بهزِّ أحجار صغيرة في علبة. 6. 4 الإبداع والابتكار بالتوافق مع التقاليد المحلية LOWNP هي منظمة فريدة تمامًا مقارنة مع المنظمات الأخرى في الخليل بسبب نظرتها الجديدة لاستخدام اللاعنف في المسعى إلى السلام. إنها مختبر للأفكار الجديدة والنشاطات المبدعة التي تنبثق من الاستبداعات الجماعية. فالنظرة الإبداعية والمبتكرة للحملات المختلفة، مثل القراءة عند نقاط التفتيش، تجعل الناس يولونها اهتمامًا أكثر من الحملات النموذجية. وفي الوقت نفسه، تمتلك LOWNP الرؤية والمهارات اللازمة لدمج الإبداع والابتكار مع التقاليد المحلية بصورة مناسبة. فالمجتمع تقليدي، على العموم، وLOWNP تراعي العادات والأخلاقيات المحلية. ومثال على ذلك البرنامج المذكور قبلاً الهادف إلى اكتشاف الناس قوة اللاعنف في التقاليد الإسلامية. 6. 5 التسبب بالإزعاج، لكن ليس المجابهة فيما يتعلق بالخصم، تتمثل استراتيجية LOWNP في مواجهة الآخر و"التسبُّب في إزعاجه". ونافذ واضح للغاية في عدم إيلائه الكثير من الاهتمام بحضور ورشات عمل مع أناس متشابهي التفكير من الجانب الإسرائيلي لبناء علاقات جيدة وفهم عام مشترك، إذ ليس في هذا المنحى يكون حل القضايا. فبدلاً من العمل مع مجموعات إسرائيلية تدعم القضية الفلسطينية، هو أكثر اهتمامًا بمواجهة أعضاء في الليكود، على سبيل المثال، لأن المطلوب منهم تغيير مواقفهم وآرائهم تجاه اللاعنف. فالنظرة اللاعنفية لا تستلزم معاقبة الخصم، بل تغيير مواقفه من خلال اللاعنف. ولكون المواقف لا يمكن أن تتغير بسهولة، يؤكد نافذ على ضرورة إثارة الخصم وممارسة الضغط عليه وإقلاقه. ففي فهمه، لا يمكن للاعنف أن يكون محضًا بالتمام والكمال، نظرًا لأنه يستلزم بعض الألم النفسي والاجتماعي. وعلى الرغم من كون الفعل اللاعنفي ليس مثاليًا، إلا أنه ضروري لتغيير المواقف من أجل تغيير الأنظمة اللاعادلة. لذا، يجب أن تكلف الأفعال والحملات الخصم الإسرائيلي الكثير من "المال والجهد والوقت". يقول نافذ: "ما يشغلنا هو التسبب في إزعاجهم". مثلاً، لا يُعتبَر الجنود الإسرائيليون مسؤولين عن أعمالهم، فهم يتلقون الأوامر من الضباط العسكريين الذين، بدورهم، يتلقون الأوامر من السياسيين. ومع أن LOWNP ليس لديها من مأخذ على الجنود، فإنها تسعى إلى إزعاجهم بدون إيذائهم، وبالتالي سيحدِّثون رؤسائهم بهذا الأمر. وإن لم يكن من المحتمل تغيير مواقف القادة بخصوص استعمال القذائف، يمكن للنشطاء اللاعنفيون تحطيمها بالمطارق، مما يسبب هدرًا للمال الإسرائيلي وجهده ووقته. وعمومًا، LOWNP مستعدة للبدء بأي مشروع أو حملة تخاطب حاجات الناس والمجتمع، بغض النظر عن ردود الأفعال والعوائق التي يمكن أن تصادفها. "تنجم شجاعة LOWNP من مشاريعها الفريدة التي لا يملك الآخرون الشجاعة للقيام بها"، كما يلاحظ أحد العاملين في منظمة غير حكومية، ويضيف: "من وجهة نظري، تستتبع مشاريع LOWNP الكثير من المخاطر، لكنهم دومًا يستطيعون تحمل هذه الصعوبات وبلوغ أهدافهم". وفي نفس الوقت، ليست حملات ومبادرات LOWNP سياسية على العموم أو أفعالاً عدوانية، بل كانت تُدار بطريقة ذكية وأحيانًا غير مباشرة. فلـ LOWNP نظرة خاصة فيما يتعلق باختلال التوازن في المواجهة والتسوية. فأحيانًا يكون الحوار ممكنًا فتُحلُّ المسألة عن طريق تبادل الحديث فقط. وأحيانًا يمكن أن يُثار حوار حول قضية ما دون الوصول إلى حل. وفي هذه الحالة، يمكن البدء بحملات أو القيام بأفعال لاعنفية. وفي قضايا أخرى، لا يكون هناك إمكانية للحوار، لذا يكون البدء بحملات أو أفعال لاعنفية للتوصل إلى حوار. وعلى أية حال، كما يقول نافذ، تثابر LOWNP على العمل في قضية إلى أن تجد لها حلاً. ومن الواضح تمامًا أن LOWNP لا تتجنب المواجهة، لكنها في نفس الوقت لا تدخل في مواجهة ما لم تكن ضرورية. إنها تتجنب خصوصًا الأعمال المباشرة ضد الاحتلال، سواء كانت لأسباب استراتيجية أم لأسباب تتعلق بالقدرة. أما المنظمات الأخرى فهي أكثر تصادمية ووضعت نفسها في خط المواجهة مع الاحتلال. 6. 6 التركيز على الأطفال والشباب... رغم أن نشاطات LOWNP تشمل اليافعين والأطفال والعاملين في كافة القطاعات الحياتية، إلا أنها اختارت استراتجية تركيز نشاطاتها على الأطفال والشباب. ومع الأخذ بالحسبان أن الفلسطينيين يتشرَّبون الأفكار الجديدة ببطء شديد، فإن LOWNP تعتبر أنه من المثمر العمل مع عقول في طور التفتح. يُضاف إلى ذلك، أن الأطفال في الخليل ليس لديهم سوى فرص ضئيلة للتعبير عن أنفسهم. 6. 7 ... من خلال التمكين والتعليم لقد أفضت النظرة العامة لـ LOWNP في التركيز على التمكين والتعليم وفي الخيار الاستراتيجي في العمل مع الأطفال إلى تنوع المشاريع التي أصبح العديد منها جوهر عمل LOWNP. فمن الحاسم بالنسبة لعمل LOWNP، من أجل تجهيز جيل جديد، هو مجموعتها من الكتب والمواد الأخرى وجعلها، بشتى الطرق، في متناول المستفيدين من أجل اكتشاف قوة اللاعنف. فـ LOWNP تعتقد بأن الكتب يمكن أن تغير حقًا من تفكير الناس وتقوم بدور مهم في عملية التعليم. وتخدم مجموعة المواد في تطوير مشاريع LOWNP، لكنها أيضًا متوفرة للدراسة لكل الأفراد والمنظمات في فلسطين. ويساهم هذا، في حد ذاته، في نشر مفاهيم اللاعنف وثقافته. بالنسبة للأطفال، يمكن بسهولة الوصول إلى هذه المواد من خلال المكتبات الثابتة والمتنقلة. فهناك مكتبة ثابتة في المدينة القديمة في الخليل، في مكاتب LOWNP، وكذلك في رام الله. ويجول الكتاب المتنقل في الأماكن المهمَّشة والبعيدة عن الخليل التي ليس بوسع سكانها الوصول إلى المكتبات العامة وحيث قلة من الكتب متوفرة. وفي كل أسبوع، تزور LOWNP العديد من المدارس في القرى المحيطة بالخليل. وبسبب الشكل الخاص للكتب ومظهرها، ينجذب الأطفال إليها ويتحمسون لقراءتها. وتتوفر في المكتبة المتنقلة كتب حول اللاعنف، وأيضًا كتب تتعلق بالمناهج الدراسية ومواضيع ذات اهتمام أوسع. ويتم الاهتمام بتشجيع الأطفال على المطالعة وتحسين مستوى قراءتهم، وتوضيح مختلف أنواع المعلومات التي تفيدهم في تعليمهم وتنمي مهاراتهم عمومًا. وفي أثناء زياراتهم، يستمع موظفو المكتبة المتنقلة إلى مشاكل الأطفال والقرويين ويشجعونهم على استخدام وسائل لاعنفية من أجل إيجاد حلول لها. وفي المناطق التي لا يستطيع موظفو المكتبة المتنقلة عبورها بسبب ظروف الطرق أو وعورتها، فإنهم يؤدون عملهم كـ "مكتبة على ضهور الحمير".
في بيت اللاعنف HoN في الخليل، بوسع الأطفال والشباب أن يختبروا ويستكشفوا أفكار السلام وطرقه والتعايش المشترك واللاعنف كطريقة في الحياة. فبيت اللاعنف هو مكان يمكن للأطفال والشباب فيه تعلم اللاعنف والتدرب عليه وتنمية طاقاتهم ومواهبهم وتطبيق طرق تحويل الصراع اليومية. ومن خلال النشاطات والحملات يتعلمون تنظيم أنفسهم. فالشباب المتعلِّمون والمُمكَّنون في HoN، يعودون إلى منازلهم ومدارسهم ومجتمعاتهم الأوسع للعمل كوسطاء وإشاعة الطرق اللاعنفية. وهكذا، ينشِّط بيت اللاعنف دور الأطفال والشباب في مجتمعاتهم ويدربهم على تسلُّم أدوار قيادية في المجتمع. وبالتشارك في المعرفة والخبرة مع شباب آخرين، يمكنهم تشجيع الناس على استكشاف قوة اللاعنف. ولقد أصبح الطلاب خصوصًا أكثر انخراطًا في عمل LOWNP مؤخرًا، وكانوا مؤثرين في التغيير في الجامعات. اللاعنف طريقة فهم كلية وشاملة، ولذا يتضمن بيت اللاعنف تعليم الجيل الجديد أسلوب الحياة اللاعنفية، وبالتالي لا ينظِّم دورات تدريب حول اللاعنف وتحويل الصراع فحسب، بل أيضًا تشكيلة واسعة من النشاطات الأخرى على مدار السنة: مثل مشاهدة عروض سينمائية، ونشاطات مسلية، وفعاليات فنية مثل الدراما والمسرح، ومقررات تعليمية حول التقاليد اليهودية واللغة العبرية واللغة الإنكليزية، ونشاطات خاصة بالنساء الشابات مثل جلسات تلطيف التوتر، وفعاليات من أجل غزة، ... الخ. والأنشطة المسلية هي جزء مكمِّل من نظرة LOWNP، لأنها لا تجذب الناس إلى الأنشطة والحملات فقط، بل تُظهر أيضًا أن اللاعنف النشِط هو مرح بحد ذاته. وبيت اللاعنف هو مكان يتعلم فيه الأطفال والشباب التعبير عن أنفسهم من خلال أشكال فنية متنوعة، مثل الدراما والموسيقى ورواية القصص. وهو مجال للتفاعل الاجتماعي حيث يمكنهم التعرف على بعضهم البعض، وبالتالي الشعور بالانتماء إلى شعب واحد؛ إنه فضاء حر لاستكشاف أفكار جديدة. كما تقدم LOWNP نوعًا من التعليم لا يحصل عليه الأطفال في المدارس الرسمية حيث التركيز على الكتب الدراسية، ولا في البيت حيث يركز الآباء على مسؤوليات أخرى. غالبًا ما يأتي الأطفال في الخليل من أوساط تتميز بالعنف، ويكون بعضهم قد تلقى ضربًا من الأب أو المعلم أو الأخ أو أبناء عمومته. لذا تولي LOWNP أيضًا انتباهًا إلى البعد الشخصي والسلام الداخلي من خلال جلسات تأمل وعلاج بالفن لحل النزاعات. وتسمح الأنشطة الميدانية والحملات للشباب بتحويل مجرى غضبهم وإحباطهم على نحو بنَّاء. كما تهدف دروس إدارة الوقت والعمليات المختلفة حول الثقة والاحترام والحقيقة إلى تخفيض التوتر الداخلي. قال أحد الأطفال: "أغضب عندما يضربني أحد أو عندما يتقاتل الآخرون. وعندما نأتي إلى هنا ونحن غاضبون، نقضي بضعة ساعات نعود بعدها إلى البيت وننشر فكرة اللاعنف". ويقولون إن هناك جو من السلام في HoN، وإن المدربين يتعاملون مع الأطفال بليونة وتفهُّم؛ فمن يضيع لعبة لا يُعاقب، بل عليه أن يروي نكتة. من خلال النشاطات التعليمية والتدريبية، يُمنَح الشباب، الذين يعانون في أغلب الأحيان من التشوش والشعور بعدم الأمان بسبب ظروف المعيشة، فرصة لاستعادة الإحساس بالأمن والثقة بالنفس. أحد هذه المشاريع هو برلمان الأطفال من أجل اللاعنف الذي استهل عمله في الخليل في كانون الأول العام 2006. ويتوجه هذا المشروع إلى الممارسات العنفية التي يتعرض لها الأطفال في المجتمع بهدف توعيتهم بأهمية الوسائل اللاعنفية للدفاع عن حقوقهم. كما أنه يقدم تدريبات في الاتصالات اللاعنفية على مستوى العائلة والمدرسة والمجتمع مما يعزز تقديرهم الذاتي لأنفسهم. وفي العام 2008 كان يُقدر أعضاء البرلمان بـ 60 طفلاً (20 صبيًا و40 صبية). ولكي تجعل اللاعنف جزءًا بنيويًا من تعليم الأطفال، ترغب LOWNP أن يكون مُتضمَّنًا في الكتب والمناهج المدرسية في فلسطين. كما يمكنها العمل سوية مع أحد شركائها من العاملين على تطوير المناهج في المدارس الفسطينية.
7. الإلهام والحافز كمنظمة، ليس لدى LOWNP مصادر مُنسَّقة من الإلهام والتحفيز. ففي الواقع، بوسع جميع أعضاء الهيئة والمشاركين أن يكون لهم إلهاماتهم الخاص وحوافزهم، سواء كانت من الإسلام أم المسيحية، من الشيوعية أم من مصادر أخرى. على أية حال، تطور عمل LOWNP على مر السنين إلى مدى كبير بفضل مديرها نافذ العسيلي، وتشكَّل بأسلوبه الخاص في الإلهام والتحفيز. فاللاعنف بالنسبة لنافذ مسألة مبدأ وليس مجرد تكتيك؛ إنه مبدأ في حياته اليومية كما في حياته الاجتماعية والسياسية، لكنه مبدأ يُستخدم على مستوى استراتيجي. يأتي إلهام نافذ بشكل رئيسي من الدين. فعندما كان فتى صغيرًا لم يدخل في أي عراك، لأنه لم يكن لدية أخوة يدافعون عنه. والتحق بالمدرسة الابتدائية للكاثوليك الروم، ثم بالمدرسة الثانوية للأرثوذوكس الأقباط، ومن ثم بجامعة نابلس. وستساهم خلفية هذه المصادر الثلاثة في تشكيل فلسفته حول اللاعنف. ويقول نافذ عن نفسه إنه كان حقًا طفلاً طبيعيًا يلعب "عرب ويهود" و"عسكر وحرامية"، وجاءت نقطة التحول مع مشاهدته لفيلم غاندي. وكمسلم، يتَّبع نافذ التقليد الصوفي في الإسلام في الغالب. وهناك أربعة مبادئ تلهمه على وجه الخصوص: أولاً وقبل كل شيء، اعتباره قيمة الكائن البشري حاسمة، لأن الله يعيش في كل كائن بشري. ويوضح نافذ هذا الأمر للأطفال واليافعين على حدٍّ سواء بتبيان كيف أن اسم الله مكتوب على أكفِّ راحات أيدينا. فيرفع يده مع ضم الإبهام السبابة وتبقى الأصابع الأخرى ممدودة فيتبين أن أصابعه تتهجى "الله" في اللغة العربية. لذا، يجب أن نكون حذرين من إيذاء كائنات بشرية آخرى، لأننا نؤذي الله فيهم. وفي الوقت نفسه، يتأذَّى الله الكامن فينا أيضًا. يجب أن نرى الله حتى في الناس الذين يقاتلونا، لأن في كراهيتنا لشخص ما كراهية لله فيه. لكن هذا لا يعني أن نذعن، بل علينا المقاومة بدون عنف وبدون إيذاء الله في ذلك الكائن البشري. ففي هذه الفلسفة، قتل كائن بشري يُعدُّ خطيئة كبرى. المبدأ الثاني هو طهارة النفس أو الروح، بالمقارنة مع نجاسة الجسد. فعند الموت، يقبل الله الروح الطاهرة التي تنتمي إليه، بينما يُدفَن الجسد النجس في الأرض. لذا علينا تمييز حضور الروح عن نشاطات الجسد؛ يمكننا الحكم على أفعال شخص، لكن ليس على الشخص بحد ذاته. المبدأ الثالث هو وحدة الحياة. إننا نسقي النباتات والأشجار، وعندما نأكل الثمار، نشرب نفس الماء الذي امتصته النباتات والأشجار. والكائنات البشرية الإسرائيلية والفلسطينية والحيوانات تشرب جميعها نفس الماء وتتنفس نفس الهواء. المبدأ الرابع، المأخوذ عن مارشال روسينبيرغ، هو التواصل اللاعنفي، ليس فقط مع الآخرين، بل مع البيئة والكوكب أيضًا. لقد طور نافذ رؤياه الخاصة من مصادر متنوعة، وليس فقط من الصوفية والإسلام، بل أيضًا من أنبياء العهد القديم والكنيسة الكاثوليكية الرومانية والبوذية ومصادر علمانية. ولازمه هذا الإلهام دومًا. يقول نافذ: أحيانًا أكون حزينًا، لكن لست بغاضب. حالة الغضب هي خيار شخصي. إذا كنت غاضبًا فلأنني أريد أن أكون غاضبًا. لا شي خارج كياني يمكن أن يجعلني غاضبًا. ويروي أن زوجته تكون أحيانًا غاضبة منه، لأنه لا يغضب أبدًا. حتى عندما فقد عينه في شجار في أحد المساجد في العام 1991، أو عندما صادر الإسرائيليون أرضه، لم تنتابه رغبة في الانتقام بل قاوم بشكل لاعنفي. ويقول: العنف ليس خيارًا بالنسبة لي مطلقًا. فليس هناك من سبب يمكن أن يشدَّني إلى إيذاء أي كائن بشري. يمكن لمثل هذا الموقف أن يتم بالتدريب، لكنه يتطلب قدرًا كبيرًا من الصبر. هذا هو الإلهام والحافز الذي يمكن أن يؤثر على الناس عندما يصغون إلى نافذ، لأن كلماته تعكس موقفه اللاعنفي، وهو يجعل من اللاعنف خبرة شخصية.
8. غصن الزيتون والبندقية: اللاعنف وحركة المقاومة بوصفها متصدرة لقضية اللاعنف في فلسطين، تعي LOWNP علاقتها بحركة المقاومة عمومًا، وتولي انتباهًا خاصًا لرسالتها صوب أولئك الذين يدعون إلى مقاومة عنفية. وكما يوضح نافذ، عندما كان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات يتحدث من على منبر الأمم المتحدة في العام 1973، كان يحمل غصن زيتون في يد وبندقية في اليد الأخرى، مُظهِرًا أن كلتا اليدين هما جزء من الجسم ذاته. وفي حين أن LOWNP تفضل غصن الزيتون وتتحمل مسؤولية ذلك، فإنها لا تنكر وجود يد أخرى؛ إنها لا تُدين الكفاح المسلح، ولا تعمل على إيقافه، لأن الإقدام على ذلك هو من شأن أصحابه. يقول نافذ: إذا كنت سأقول إنني ضد الكفاح المسلح، فسيعني هذا أنني لست فلسطينيًا صالحًا. ويقول، في الحقيقة، كانت السلطات الإسرائيلية تأمل أن يضع الفلسطينيون أنفسهم نهاية لحملات المقاومة اللاعنفية في فلسطين. ولو لم تتموضع LOWNP بطريقة بارعة، لكان قد قهرت نفسها منذ البداية. تدافع بعض المنظمات الفلسطينية بشكل صريح عن المقاومة اللاعنفية. لكن معظم الأحزاب السياسية في فلسطين تركز على المقاومة بوسائل عنفية مع عدم استبعاد خيار وسائل لاعنفية إن أفصحت هذه الوسائل عن فعالية أكثر. وعلى أية حال، يعتقد الفلسطينيون بأن اللاعنف يمكن أن يجدي في ظل أشكال أخرى من الاحتلال، مثل الهند وجنوب أفريقيا، لكنهم لا يؤمنون بجدواه في سياق احتلال على شاكلة الاحتلال الإسرائيلي. ويجادلون بأن الانتفاضة الثانية قد انتهت عمليًا منذ العام 2005، لكن نقاط التفتيش مازالت قائمة، وأرضٍ تُسلَب، والمستوطنات تتزايد. لذا يرون أن اللاعنف ليس فعالاً في حالتهم. وتؤمن بعض الأحزاب السياسية بأن الاحتلال لا يمكن أن ينتهي إلا بالعنف، ولديهم مجموعاتهم المسلحة الخاصة لدعم وجهة النظر هذه. ويبدو أن منظمة فتح أجرت مؤخرًا تحولاً باختيارها المقاومة اللاعنفية بالتزامن مع الخيار العنيف إذا لزم الأمر. ففي اجتماع حركتها في بيت لحم العام 2009، تبنت فتح "المقاومة الشعبية" في جدول أعمالها السياسي ونوَّهت بالأعمال اللاعنفية في بعلين. و"المقاومة الشعبية" تعني مقاومة مدعومة من كامل قطاعات السكان، لكنها في المفردات المحلية تُفهم على أنها الوجه المقابل لـ "الكفاح المسلح". ويأسف نافذ على أنهم لم يعلنوا بوضوح تسميتها "مقاومة لاعنفية شعبية". فلو كان في موقع أبو مازن لقال إنه يعلن اللاعنف رسميًا كجدول أعمال سياسي، ويسلِّم كل الأسلحة إلى إسرائيل ويتواجد مع الناس في الشوارع لتنفيذ أعمال لاعنفية. فالعمل اللاعنفي هو مكوِّن ضروري من مكوِّنات المفاوضات. وفي خطابه في قمة البحر الأحمر في العام 2005 بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون والرئيس الأمريكي بوش، أعلن أبو مازن أن الفلسطينيين مستعدون للاعتراف بالمحرقة ولهم الحق في مقاومة الاحتلال بوسائل لاعنفية. لكن شارون لم يصرح بأي شيء علنًا وواصل بناء المستوطنات مما جعل أبو مازن يشتعل غضبًا. ولم يتوقف الأمر على أبو مازن، بل إن الكثير من الفلسطينيين توصلوا إلى أن المفاوضات السلمية لن تفضي إلى نتيجة، ولم يعودوا منفتحين على المفاوضات أو السلام مع إسرائيل. لذا يُعلن نافذ بوضوح شديد بأن لا طائل من المفاوضات بدون عمل لاعنفي، وقد أكد لياسر عرفات، في العام 1994، بأن العمل اللاعنفي يمكن أن يقوِّي موقف الفلسطينيين على طاولة المفاوضات. وكما قيل من قبل، لم يكن السياسيون والزعماء السياسيون هدفًا مباشرة لـ LOWNP. لكن من خلال أنشطتها وحملاتها كانت LOWNP ترمي إلى التأثير على السياسات وجعل السياسيين يتبنون أدوات لاعنفية. على سبيل المثال، أصدر وزير الشؤون الاجتماعية أمرًا لموظفيه يمنع بموجبه استعمال المنتجات غير المحلية في مكاتب الوزارة. وأيدت LOWNP القرار في مقالة في صحيفة القدس في حزيران من العام 2009، وناشدت رئيس الوزراء تطبيق هذا القرار في جميع الوزارات. وبعد شهر، أعلن وزير الداخلية تطبيق القرار نفسه. أحيانًا تؤثر LOWNP على السياسيين بصورة غير مباشرة من خلال حملاتها وملصقاتها ومظاهراتها. فالحملة المناهضة لاقتناء الأسلحة العائلية لم تكن موجهة مباشرة ضد منتجي الأسلحة، لكن السلطات قررت أن تستهدفهم بعد حملة LOWNP. كما قامت LOWNP أيضًا بتدريبات لاعنفية لرجال الشرطة وأعضاء من فتح، وتدريس التقاليد اليهودية لموظفي الوزارات، ومقررات حول التواصل اللاعنفي لأجهزة الأمن الفلسطينية. ونظرًا لأن LOWNP تُقرُّ بأهمية تغيير المواقف، فهي مثابرة على البحث عن طرق جديدة للوصول إلى مجموعات جديدة، مثل السياسيين والقادة المحليين من فتح والمتدينين المتشددين. وإحدى الأفكار كانت البدء باندماج مستقل لـ LOWNP ومنظمة غير حكومية للعمل مع فتح عن قرب والاتصال المباشر مع أبو مازن. ولكونها مستقلة، لن تكون هذه المنظمة قادرة على الطلب من قادة فتح ممارسة اللاعنف فقط، لكنها يمكن أن تدعم معرفتهم وممارستهم للاعنف وتساعدهم على تبيان وتطبيق قرارات اجتماع فتح الأخير. كما يمكن أن تنظم ورشات عمل حول اللاعنف وجلسات نقاش وأفكار مبدعة من أجل تطوير فكر واستراتيجية فتح. 9. التعاون المحليُّ والشبكات الدولية في الخليل، تعاونت LOWNP مع العديد من المنظمات الأخرى في العشرات من النشاطات وخصوصًا في الحملات. على سبيل المثال، كانت المؤسسة الخيرية لتطوير المجتمع من أجل الثقافة والإيديولوجيا شريك في الحملة الداعمة للمنتجات المحلية والامتناع عن شراء المنتجات الإسرائيلية. كانوا يشعرون أنهم يتشاركون مع LOWNP بنفس الهدف من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني، ويؤمنون بقوة أن اللاعنف أداة صالحة لتطوير المجتمع ومجابهة الاحتلال. كما لعب اتحاد سائقي السيارات في الخليل دورًا حاسمًا في حملة القراءة عند نقاط التفتيش. ومن المؤمل أن تتشارك LOWNP مع السائقين في مشروع جديد أو أن تدربهم على التعامل بطريقة لاعنفية مع مختلف أنواع المسافرين. واتحاد الشباب الفلسطيني الدولي شريك لـ LOWNP ويرسل بانتظام متطوعين لها. ونظرًا لأن الاتحاد يرغب في التركيز أكثر على اللاعنف في عمل مع الشباب، فسيطلب من LOWNP التدريب والخبرة. وقد دعمت بلدية الخليل أيضًا LOWNP بطرق مختلفة؛ بتوفير التسهيلات لها من أجل عقد الاجتماعات، أو دعوة السكان إلى بعض نشاطات LOWNP أو إفساح المجال لها لزيارة المعامل من أجل إيضاح فكرة دعم المنتجات المحلية. وبتوفيرها هذا الدعم التنظيمي تدلِّل البلدية على موافقتها على عمل LOWNP وحملاتها النوعية. وتتمتع LOWNP باحترام المنظمات والمؤسسات الأخرى في الخليل لمساهمتها العامة في قضايا المجتمع الفلسطيني، بالإضافة إلى برامجها ونشاطاتها المميزة. وLOWNP عضو في الاتحاد الوطني للمنظمات العامة الفلسطينية (فرع الخليل)، وقد ترأست هذا الاتحاد لفترة من الزمن. ومن خلال برنامجها حول اللاعنف والإسلام، استطاعت عمليًا استقطاب بعض السكان المحليين في نشاطاتها. في باقي الأراضي الفلسطينية، لا تعمل LOWNP إلا نادرًا مع المنظمات الأخرى، لكن لها مع Holy Land Trust نشاطات كثيرة على نفس الخط، أي أن لكليهما فهمًا شاملاً للاعنف وهدف بناء المجتمع واستنهاض جيل يكون اللاعنف طريقة له في الحياة. وتقيم المنظمتان معًا دورات تدريبية في اللاعنف ووسائل الإعلام البديلة والإرشاد السياحي البديل والقيادة. واليوم، في كافة أنحاء فلسطين، هناك بين عشرين وثلاثين منظمة تعمل على اللاعنف. وجميع هذه المنظمات لها نشاطاتها ومناطقها المعينة، مثل منظمة اللاعنف والديمقراطية في الشرق الأوسط MEND، حملة أوقفوا بناء الجدار، مجموعات في بعلين، مركز التقارب في بيت ساحور. وبسبب ضعف الاتصالات المباشرة بين المنظمات، لا تعرف هذه المنظمات في أغلب الأحيان ما الذي تقوم به المنظمات الأخرى بالضبط. فهناك افتقار هائل في التعاون والتشبيك بين مختلف هذه المنظمات العاملة على قضية اللاعنف. ورغم وجود بعض المحاولات لجمعها معًا إلا أنه لم يتم متابعة هذه المحاولات. ولهذا السبب يعتبر البعض بأنه ليس هناك من حركة لاعنفية في فلسطين اليوم، بالرغم من أن البذور قد زُرعت منذ عشرين سنة. وقد اتخذت مبادرات أيضًا لتطوير شبكة اللاعنف العربية في المنطقة. وستكون LOWNP عضوًا فيها. لكن هذه الشبكة مازالت في مرحلتها الابتدائية[6]. كما أن LOWNP عضو في الشبكة الإقليمية لـ LACR. يدعم LOWNP دوليًا مجموعات من الأفراد والأصدقاء، كما في هولندا، ومنظمات تنمية مثل CCFD أو Cordaid. وهي أيضًا جزء من الشبكات الدولية مثل Pax Christi أو International Fellowship of Reconciliation. وهذه الشراكة الدولية ذات أهمية بالنسبة لـ LOWNP، ليس فقط بسبب الدعم المالي، بل أيضًا لأن Pax Christi يمكن أن تشكل ضغطًا من أجل قضية فلسطين على المستويين الوطني والعالمي، أو أن تنظم Cordaid ورشات عمل متميزة في الشرق الأوسط. إن التأثيرات الملهِمة والدعم الأخلاقي الذي تتلقاه LOWNP من شركائها الدوليين قيِّم إلى حد كبير، وزياراتهم المؤثرة لا تُقدَّر بثمن. يقول نافذ: "أشعر أنهم يتلمَّسون وضعنا وعدالته. وهم يتعهدون بتشجيعنا. نحن لسنا معزولين دوليًا". الدعم والحضور الدوليين ساهما في إنجاح فكرة اللاعنف في فلسطين، نظرًا لاقتناع جزء من الفلسطينيين بأن اللاعنف هو موقف إيجابي. وعلى أية حال، من المهم أن يكون الفلسطينيون أنفسهم على خط المواجهة الأمامي، ويبقى الحضور الدولي في الخط الثاني. ويمكن أن يساهم المجتمع الدولي بشكل ملحوظ في توفير دعم مباشر أو غير مباشر في بناء الطاقات. أما من الحكومات الأمريكية فلا تتوقع LOWNP الكثير، "لأنها لا تغير موقفها تجاه قضايانا". 10. البذور والثمار من الواضح أن LOWNP هي منظمة رائدة في فلسطين تعمل بنشاط على تعليم وتدريب جيل جديد وعلى نشر ثقافة السلام واللاعنف، لكن ليس من السهل قياس تأثير عملها. فقد كانت تجري مناقشات حول إمكانيات وطرق قياس تأثير مبادرات بناء السلام. ففي حين تتطور منهجيات تقييم التأثير لسمات متنوعة لبناء السلام، لازالت هناك قلة من مثل هذه المنهجيات لتقييم التأثير القصير والطويل المدى لمبادرات التعليم والتمكين، إحدى البؤر الرئيسية لـ LOWNP. ولا يبدو أن LOWNP نفسها قد استخدمت أدوات مراقبة وتقييم واضحة، لذا من الصعب تقييم تأثير عمل LOWNP على المجتمع الفلسطيني مع مرور كل هذه السنين. فالاستنتاجات في هذه الدراسة تقوم على دليل مبني على السماع. فإذا كان الهدف الرئيسي هو زرع بذور، فإننا يمكن أن نقرَّ بأن بعض البذور قد فُقِدت، وبعضها مازال باقيًا على حاله، وأخرى أورقت، وأخرى حملت ثمارًا. إن قدرة LOWNP على الاشتغال في الخليل طوال سنين عدة هو بحد ذاته برهان على النجاح، وفقًا لما قاله أحد العاملين في منظمة غير حكومية. ومن وجهة نظرنا، إحدى أكبر الإنجازات لـ LOWNP هو مساهمتها في تغيير التفكير النمطي حول اللاعنف في المجتمع الفلسطيني وجعله موضوعًا مقبولاً، أو، على الأقل، قابل للنقاش. فمنذ عشرين سنة، لم يكن اللاعنف معروفًا على نحو واسع، وكان يُفهَم على أنه كلمة مُنفرة وعلى علاقة بمؤامرات وكالة الاستخبارات الأمريكية والخيانة واللاوطنية. لكنه غدا الآن مصطلحًا عامًا. وعلى الرغم من أنه مازال هناك الكثير من المعارضة لفكرة اللاعنف في المجتمع الفلسطيني، إلا أنه هناك على الأقل انفتاح أكثر لمناقشته. فحتى الرئيس ورئيس الوزراء تحدثا عن الوسائل السلمية للمقاومة، كما أن فتح ضمَّنته في برنامجها السياسي. ولم يكن هذا نتيجة مباشرة لنشاطات LOWNP بمفردها، لكن LOWNP أثَّرت في هذا التحوُّل من خلال العمل المثابر طوال سنين عديدة سوية مع منظمات أخرى مثل Holy Land Trust وMEND وحملة أوقفوا بناء الجدار ومركز التقارب في بيت ساحور ومحتجين لاعنفيين في بعلين وقرى أخرى. وقد ساهمت LOWNP بالتحديد في قبول فكرة اللاعنف في المجتمعات المحلية من خلال نظرتها العملية جدًا، بالإضافة إلى نظرتها في كشف البعد اللاعنفي في التقاليد الإسلامية. ويقول بعض المتدربين والمتطوعين إنهم عندما يتحدثون عن السلام واللاعنف يلاقون الكثير من المعارضة، لكنهم عندما يتحدثون عما يقومون به عمليًا ويربطونه بالإسلام، يلقى حديثهم آذانًا صاغية من قبل الأصدقاء وأفراد العائلة. وكما يقول نافذ: "لقد ساعدنا الفلسطينيين على البدء بخطوة في الاتجاه الصحيح". فعلى الأقل، أصبح اللاعنف الآن خيارًا ناضجًا، وإذا ما اندلعت انتفاضة ثالثة ستكون انتفاضة لاعنفية. وعلى الرغم من هذا الإنجاز الكبير، يجب على حتى المدافعين عن المقاومة اللاعنفية الإقرار بأن حركة مقاومة لاعنفية فلسطينية حقيقية لم تتفتَّح حتى الآن. فحتى عندما يستوعب الناس أكثر فأكثر بأن العنف لا يجدي نفعًا وأن اللاعنف هو الخيار الوحيد، فإن ذلك لم يُترجَم في الممارسة على نطاق واسع حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الإيمان بالعنف في أوساط المجموعات الرئيسية في المقاومة المسلحة لم يصبح أضعف، وأن قلة فقط من المؤيدين للعنف قد تحولوا إلى اللاعنف. وعلاوة على ذلك، كان هناك أيضًا حالات مخيبة للآمال بتحوُّل البعض نحو العنف بعد أن كانوا مع LOWNP لعدة سنوات، بسبب إحساسهم أن العنف هو الخيار الوحيد للتعامل مع العقلية المتصلبة للمحتل. ومع أن اللاعنف، بالنسبة إلى نافذ، مبدأ وطريقة حياة، فإن اللاعنف في الخطاب العام لـ LOWNP يُقدَّم غالبًا بوصفه طريقة أكثر كفاءة من استخدام العنف. هذه المناقشة السائدة حول كفاءة اللاعنف يمنعه من الانتشار كمبدأ وطريقة حياة في المجتمع الأكبر. وعندما يبدو اللاعنف وكأنه فقد تأثيره، يمكن أن يسقط بسهولة. وكما يقول أحد المؤيدين لحماس: يمكنني استخدام اللاعنف عندما أرى بأنه ذو فائدة، لكن في هذه اللحظة لا أرى ذلك. سأستخدمه عندما يكون فعالاً، وليس عندما لا يكون فعالاً. فبعدم تقديم اللاعنف على أنه مبدأ وطريقة حياة، تكون الاستجابة للاعنف في أوساط الناس أكثر سطحية أو مؤقتة. بل وأن البعض حتى ينادي باللاعنف لمجرد أن هناك تمويل متوفر لدعمه. لقد تركت LOWNP أثرًا في حوالي 50,000 شخصًا خلال السنوات العشرين الماضية. فالأطفال الذين استعاروا كتبًا من LOWNP في الثمانينات هم الآن في سن الخامسة والعشرين. ووفقًا لهيئة LOWNP، فإن بعضًا من هؤلاء الذين كانوا أطفالاً يقودون الآن مقاومة لاعنفية في بعلين ونعلين وأم سلمونة وقرى أخرى. وآخرون ممن كانوا على تماس مع نشاط LOWNP يعملون الآن في أجهزة الأمن الفلسطينية. وربما لا يتذكر البعض منهم كتب LOWNP، لكن آخرين يتذكرون أنهم تعرَّفوا على اللاعنف من خلال LOWNP. ويخمِّن أحد أعضاء الهيئة أن حوالي 40% من سكان الخليل على معرفة بـ LOWNP من خلال حملاتها وكتبها المتنقلة، أو من خلال إعلاناتها، أو من خلال لقاءاتها مع الناس. كما تعرف معظم المنظمات غير الحكومية في الخليل LOWNP، بالإضافة إلى الكثير من الموظفين في مختلف الوزارات التي لها فروع في الخليل التي دعت LOWNP إلى نشاطات وورشات عمل. وهناك تخمين بأن 80% من أساتذة وطلاب الجامعة في الخليل يعرفون LOWNP، لأن على الطلاب القيام بعشرين ساعة من الخدمة المجتمعية ولابد من التقائهم بـ LOWNP. أما في المدينة القديمة، فليست LOWNP معروفة بالتمام، لأن الكثير من مواطنيها أتوا من خارج الخليل ويعيشون وضعًا اقتصاديًا متدنيًا مما يعني أن التعليم اللاعنفي ليس أحد أولوياتهم في أغلب الأحيان. يلعب تأثير كرة الثلج دورًا مهمًا في قدرة LOWNP على الامتداد بين الناس عمومًا. قال أحد الأطفال: "لقد أخبرت أصدقائي عن LOWNP فأتوا معي. وأخبر أصدقائي أبناء عمهم فجاؤوا أيضًا". ويتحدث الآباء عن LOWNP إلى العائلات الصديقة التي تبدأ أيضًا في إرسال أطفالها إلى LOWNP. كما أن الأطفال يتحدثون عن LOWNP في المدرسة، عن بعض الحملات مثلاً، فيذهب الأطفال الآخرون لاستطلاع الأمر. "أنا أخبرت صفي كله بوجوب مقاطعة المنتجات الإسرائيلية فاستجابت الأغلبية". ويشارك المدرس في الـ LOWNP معلمي المدرسة في بعض الواجبات المنزلية. وعمومًا، يعتبر الناس الذين يعرفون LOWNP أنها ذات سمعة طيبة وتتمتع بثقتهم. إنها محترمة من قبل الناس بسبب نظرتها العامة واهتمامها بالمصالح الفلسطينية. كما أن هناك تقدير عام للخصائص الشخصية لنافذ ومقدرته على التواصل مع الكثير من الناس في التجمعات، بالإضافة إلى طاقته الإبداعية ورؤياه واستشرافه البارع وإدارته لـ LOWNP. ولـ LOWNP تحديدًا تأثير جيد على مستوى القاعدة، لأنها تمتد حقًا ضمن المجتمعات المحلية وتعمل ضمن السياقات المحلية للناس. إنها تقدم منظورات مختلفة للناس وتدعهم يكتشفون أدوات وفعالية اللاعنف بطرق عملية. ويُظهِر الناس، بفضل LOWNP، كيف غدا اللاعنف أكثر من مجرد كلمة. لقد غيَّرت أفكارهم بخصوص اللاعنف، وعزَّزت إحساسهم بالمواطنية، ومكَّنتهم من الدفاع عن حقوقهم، وزادت من احترامهم لذواتهم ومن ثقتهم بأنفسهم، وطورت مهاراتهم العملية والاجتماعية. وتثمر الحملات نتائج ملموسة مما يكلف إسرائيل، عمليًا، وقتًا ومالاً وجهدًا. فعلى سبيل المثال، ساهمت الحملة من أجل المنتجات المحلية في زيادة مبيعات بعض المنتجات المحلية بنسبة 3% للمشروبات و5% للألبان، وفقًا لبيانات المعامل المحلية في الخليل. وكذلك، بعد 4 أشهر من الحملة من أجل القراءة عند نقاط التفتيش، بدأ الجنود الإسرائيليون في جمع الكتب وتأخير السيارات، مما أظهر مدى نجاح الحملة. وهكذا يرى نافذ أن السلطات الإسرائيلية لم تكن لتُبعد مبارك عوض لو لم تكن تعتبر اللاعنف أمرًا خطرًا وفعالاً. وخلال الحملات اللاعنفية، كسب الفلسطينيون أيضًا تعاطفًا أكثر من الإسرائيليين والرأي العام الدولي، وأصبح السكان المحليون أكثر تفهمًا للقضايا التي تتوجه إليها الحملات.
لقد كانت الحملة من أجل القراءة عند نقاط التفتيش ناجحة من ناحية العدد الكبير من الناس الذين استفادوا من قراءة الكتب، فأمضوا وقت الانتظار على نحو مفيد، وشعروا بأنهم قد تغلبوا على الجنود الإسرائيليين الذين كانوا غالبًا ما يستفزون السائقين والمسافرين. وقد لاقت الحملة استحسانًا عظيمًا من قبل المسافرين، بحيث دعا البعض منهم إلى أن تشمل الحملة جميع سيارات الأجرة. كما نالت الحملة إعجاب الكثير من الناس بسبب تميُّزها ودقة التحضير لها وتنفيذها الجيد. ويعتقد المدير العام لاتحاد السائقين في الخليل أن الحملة كانت تجربة إيجابية جدًا، رغم أنه لا يملك بيانات عن تأثيرها الملموس، لكنه يستند إلى آراء السائقين والمسافرين. والحقيقة إن تغطية الحملة من قبل وسائل الإعلام المحلية والعربية ساهمت في إنجاحها. أما الحملة من أجل المنتجات المحلية فقد جعلت الناس أكثر إدراكًا وعمقًا في التفكير. لقد أظهرت لهم كيف يمكن استخدام الأدوات اللاعنفية بطريقة بارعة. فالناس يعون تمامًا أن "الأكل والشرب من المنتجات المحلية فقط" يعني في الحقيقة "لا تأكل أو تشرب من المنتجات الإسرائيلية". كما بيَّنت لهم أن الحملات، إن جرت بطريق ذكية، لا تخرق أي قانون، وبالتالي لا تستطيع السلطات الإسرائيلية معاقبتهم. وجعلت الحملة أيضًا الناس أكثر وعيًا بأهمية منتجاتهم المحلية، مما حفَّز أصحاب المعامل في الخليل على تحسين نوعية منتجاتهم، وشجعت الناس على العمل متعاونين. ويسود شعور عام بضرورة استمرار هذه الحملة وامتدادها إلى كافة أنحاء فلسطين. وعلى أية حال، سيستغرق الأمر وقتًا أطول من أجل أن تعطي الحملة نتائج أكثر، لأن رفع مستوى الوعي وتغيير عادات الأكل يأخذ وقتًا. لقد عملت جمعية الكتاب المتنقل في 15 مدرسة ووصلت كتبها إلى آلاف الأطفال على مدى سنين. ولم يقتصر عملها على الخليل، بل أيضًا في القرى ومخيمات اللاجئين. ففي بعض هذه المناطق ليس هناك من كتب على الإطلاق. ويلاحظ المعلمون أنه حتى في المدرسة التي تحتوي على مكتبة، يحفِّز الكتاب المتنقل الأطفال أكثر على القراءة. ليس فقط لأن هذا الكتاب يأتي في شاحنة وعلى عجلات، بل لأنه جذاب أيضًا ويركز على مواضيع جديدة ليست جزءًا من المناهج الدراسية. وعلى أية حال، ليس من الواضح دومًا إلى أي مدى عمليًا تتم قراءة كل الكتب المستعارة وكيف تُحسِّن على نحو سليم مستوى القراءة والمعرفة الأكاديمية وممارسة اللاعنف عند الأطفال. وعلى الرغم من أن الهدف من الكتاب المتنقل لم يكن يقتصر على توفير الكتب للأطفال، بل تدريبهم على ممارسة اللاعنف، إلا أن هذه الفكرة لم تتم حتى الآن بسبب النقص في الأموال. إن إحدى أكبر المساهمات لـ LOWNP هو التعليم النابض بالحياة والنشاط حول اللاعنف الذي يُقدَّم للأطفال والشباب في مدينة محافِظة مثل الخليل. ويبدو أن الأطفال الذين يحضرون نشاطات LOWNP يدركون حقًا رسالتها. لقد تعلموا ألا يشتروا منتجات إسرائيلية، لأن المنتجات الإسرائيلية تسبب دمارًا: إنها تساعد الاقتصاد الإسرائيلي ومن أرباحها يشترون الطائرات والأسلحة. ويضيف طفل آخر: نحن لا نملك أسلحة، لكننا إذا امتنعنا عن شراء منتجات إسرائيلية نجعلهم ضعفاء وغير قادرين على شن حرب علينا. إنهم يؤمنون باللاعنف لأنه يساعد على تقدُّم المجتمع ويخلق حالة من السلام بدون صراعات وبدون أسلحة، ويجلب الأمن للأهالي. كما أنهم مدركون أيضًا أن استخدام العنف سيجعل الإسرائيلي يستخدم عنفًا أشد ضدهم لأنه الأقوى. ويعلِّق أحد الأطفال: إننا نتسبب في دمار مجتمعنا الخاص وبُنانا التحتية وقتل شعبنا. لذا، سنحاربهم بوسائل لاعنفية. ولو لم يستخدم أجدادنا العنف لما كنا الآن في مثل هذا الوضع المتردي. كما أنهم يدركون أيضًا أنهم لا يملكون أسلحة لمواجهة قوة إسرائيل الساحقة، لكنهم قادرون على مواجهتها بالتعليم: يجب أن ندرس باجتهاد ونصبح أناسًا معاصرين يفكرون بعمق. عندها يمكننا التغلب على الاحتلال الإسرائيلي من خلال التقدم والمعرفة والتعليم. إنهم لا يهدفون إلى الوصول إلى مراميهم بالعنف، بل باستخدام قوة العقل والكفاح من أجل الفهم: "الشخص القوي هو من يستخدم عقله وليس عضلاته". إنهم يؤمنون بفاعلية اللاعنف، لأنه "من خلال العنف لا تكسب شيئًا، ولا يمكنك التقدم. لقد حرر غاندي الهند بدون استخدام السلاح". ويقول أحد الأطفال أيضًا إنه من المهم عدم التسبب في الأذى لأي كان. من خلال النشاطات العديدة، تنغرس في أذهان الأطفال قيم الصبر والثقة والحقيقة والتحمُّل. إنهم يحبون المحاضرات التي يتلقون فيها تعليمًا حول أنواع اللاعنف ووسائله، وحول اللاعنف في الإسلام، وحول السبل العملية لاستخدام اللاعنف في حيواتهم، وحول مواضيع أخرى "قد تساعدنا على تطوير مجتمعنا". فعلى سبيل المثال، قال أخوان إنهما تعلما الإحجام عن المواجهة اللفظية أو الجسدية، ويعملان بجهد من أجل المصالحة حين يستفزهما أحد ما أو يهاجمهما. وقالا إن LOWNP علمتهما كيف يتفهما المشاعر الإنسانية ودوافع الغضب بالإضافة إلى استشعار حاجات الآخرين، وهكذا يمكنهما المساعدة في تهدئة الناس المزعجين. وإن لم يجدِ الأمر، يحاولان تفادي الشخص أو يخبرا المعلمين في المدرسة لكي يساعدوهم على التصدي للحالة. وتشير هذه الأمثلة إلى أن الأطفال يتأثرون حقًا بالجلسات التدريبية لـ LOWNP، كما أنهم يستمتعون أيضًا بالرحلات والزيارات والحملات في الشوارع، أو زيارة الجدار لرسم أشكال عليه. وحضروا عرضًا لفيلم حول غاندي وكيف استطاع تحرير بلده بوسائل لاعنفية. وLOWNP أيضًا مكان يمكن للأطفال أن يستمتعوا فيه ويلعبوا الألعاب ويتسلوا. يقول أحد الأطفال: "آتي إلى هنا عندما أكون غاضبًا، فألعب وأمارس تمارين التنفس". بالإضافة إلى ذلك، يتخذ الأطفال أصدقاء جدد لهم ويشعرون بالانتماء إلى بعضهم البعض وبإمكانية تشاركهم في أفكار ومشاعر في مجموعة تقبل بهم. وخلال المعسكرات الصيفية، يتعرفون على أطفال من مختلف المناطق في فلسطين، بالإضافة إلى أطفال من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ويبقون على اتصال معهم عبر البريد الإلكتروني. كما أنهم يجدون مقرَّر اللغة الإنكليزية مفيدًا جدًا؛ ففي أحد الأيام كتب الأطفال أحرف LOWNP على أجسادهم لإظهار امتنانهم للمنظمة. وعن طريق العمل مع الأطفال، تأمل LOWNP أيضًا أن يشارك الآباء في أفكار ونشاطات حول اللاعنف. ويبدو أن هذا الأمر ممكن، نظرًا لأن الأطفال أكدوا أنهم يتحدثون في البيت عما يقومون به في LOWNP. وقالوا إن آباءهم يفضلون ويتبنون أفكار LOWNP وممارستها: "لولا ذلك لما أرسلونا إلى هنا". وتشهد إحدى الأمهات بأنها لم تكن لديها سوى فكرة عامة عن LOWNP، لكن هذه الفكرة تعمَّقت أكثر لأن أطفالها بدأوا بحضور النشاطات، وأنها تودُّ تشجيع أطفالها على متابعة الدراسات اللاعنفية لاحقًا. وبعض الآباء يقرأ الكتب التي يستعيرها أطفالهم من LOWNP. وبالنسبة لإحدى الأمهات، LOWNP هو المكان الوحيد الذي تشعر بأن بناتها فيه بين أيدي أمينة وبالاطمئنان عندما يكنَّ هناك. وقد لاحظ الآباء أيضًا مدى التغير الذي طرأ على أطفالهم. فعلى سبيل المثال، أصبح الأطفال أكثر إبداعًا وأكثر ثقة بالنفس وأكثر نشاطًا وحيوية، وأن شخصياتهم قد تطورت أكثر. فأبناء إحدى العائلات كانوا قد حضروا نشاطات LOWNP قبل خمس سنوات، لكنهم حتى اليوم يتحدثون عنها لأصدقائهم ويحثُّونهم على العيش والعمل والسلوك على نحو لاعنفي. ويقدِّر الآباء تنوع النشاطات التعليمية في LOWNP، من اللغة الإنكليزية إلى المهارات القيادية: "لا البيت ولا المدرسة قادرة على العطاء بالقدر الذي تعطيهم إياه LOWNP". وهم يرون أن الفائدة من الحضور في LOWNP ليست محصورة في الجانب التعليمي، بل لأنه أيضًا أفضل من مشاهدة التلفزيون في البيت و"الإحساس بالتوتر والإرهاق بسبب رؤية جرائم الاحتلال". ويلاحظ الآباء أيضًا أن أطفالهم يصبحون أصدقاء مع أطفال من مدارس أخرى في الخليل أو من مناطق أخرى في فلسطين. فيما يتعلق بهيئة موظفي LOWNP، يؤمن البعض منهم بإصرار بفكرة اللاعنف، بينما يتغير آخرون على نحو إيجابي من خلال عملهم في LOWNP. كما يؤثر المتطوعون إيجابيًا: عندما نرى الناس يقرؤون ويرفعون من مستوى تعليمهم، وعندما نرى الأطفال مبتسمين، وعندما نحلُّ نزاعًا بين عائلتين، فإن ذلك يمنحنا شعورًا طيبًا ويخفف من توتراتنا. ومكافأة على كل عملها هذا، نالت LOWNP العديد من الجوائز، مثل جائزة Gamilial Chair for Peace and Justice وجائزة Fellowship of Reconciliation وجائزة IBBY-Asahi Reading Promotion.
11. التحديات بعد عشرين سنة، كانت إحدى أكبر التحديات بالنسبة لـ LOWNP، ومازالت، الأفكار المسبقة ونقص الفهم فيما يخص فكرة اللاعنف في المجتمع الفلسطيني، وفي الخليل على وجه التحديد. فهناك الكثير من التقييدات في الوضع المحلي؛ البنى الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تعيق تقبُّل الأفكار والوسائل اللاعنفية. وكما شخَّص نائب رئيس LOWNP الوضع: "ليس هناك من آذان في المجتمع تصغي إلى فكرة اللاعنف". ويعتبر كثير من الناس أن العنف هو الوسيلة الوحيدة المحتملة للمقاومة ضد العنف. وهناك فهم واسع الانتشار بأن اللاعنف مساوٍ للاستسلام ويدلُّ على إسقاط الحق في المقاومة. لذا، يُنظر إلى المدافعين عن فكرة اللاعنف كجبناء أو خونة أو متعاملين مع الغرب. فحتى الآن، لم تتشكَّل فكرة اللاعنف كمفهوم في المجتمع الفلسطيني الأوسع، ولازال الكثير من الناس غير متفهمين كيف يمكن للاعنف أن يساعدهم على تحقيق أهدافهم. ونظرًا لأن الاسم الكامل لـ LOWNP يتضمن كلمة "سلام"، يفكر الناس مباشرة أنه يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويفهمونه على أنه "تطبيع". فهم لا يفهمونه على أنه أيضًا سلام بين الفلسطينيين أنفسهم، وسلام ضمن العائلة الواحدة. بل ويشير اللاعنف أيضًا إلى مستوى أعمق في مفاهيم التسامح والمصالحة، لكن "الفلسطينيين حتى الآن لم يفهموا أن وقت المصالحة قد حان"، كما يقول مبارك عوض. لذا، من الصعب جدًا بالنسبة للمنظمات العاملة على فكرة اللاعنف الاستمرار بالعمل وتبيانهم أنهم يقدمون أسلوبًا جديدًا في المقاومة. فعليهم دومًا البدء من موقع دفاعي بدلاً من موقع فعال يمكنهم من خلاله القيام بالتعبئة على نحو أسهل. وعلى LOWNP أيضًا البدء بالتوضيح أنها تهتم حقًا بالناس وبأوضاعهم وبكسر الأفكار الشائعة عن مؤيدي فكرة اللاعنف بأنهم خونة. وعلى أية حال، لم تيأس LOWNP في أية لحظة. ولكي تواجه الرفض الاجتماعي لفكرة اللاعنف، أحدثت أدوات ومواد إبداعية أثبتت أنها مساعدة للناس. وقد تغيرت عقول ومواقف الكثير من الناس عندما اختبروا التأثيرات المثمرة للتعليم اللاعنفي والحملات المساندة له. كما تواجَه المنظمات العاملة من أجل التنمية الاجتماعية بتحدٍ كبير يتمثَّل بانتقال الناس عمليًا من السلبية إلى الفعل، أو من اللامقاومة إلى المقاومة. فغالبية الناس فقيرة وضعيفة التعليم ولا تهمها أية نشاطات. والكثير منهم منشغلون بتأمين لقمة العيش وليس لديهم متسع من الوقت للقراءة أو الاشتراك في أية نشاطات اجتماعية. والآخرون مستهلَكون بالمشاكل الشخصية أو "مهتمون بالألعاب الرياضية فقط". كما أن الكثير من الناس فقدوا الأمل وأُصيبوا باليأس، فهم لم يعودوا يؤمنون بعمل أي شيء ولا الاهتمام بأي شيء. وبالنسبة لهم، LOWNP هي مجرد منظمة من جملة المنظمات الساعية إلى كسب المال. إن عقلية الضحية واسعة الانتشار، بالإضافة إلى الشعور بأن الجميع ضد الفلسطينيين. ويشير نافذ إلى أن الفلسطينيين يجدون أنفسهم "تحت الصفر" فيما يتعلق بكل مظاهر الحياة، ويحتاجون إلى نشاطات من الدفاع الاجتماعي "لكي يصلوا إلى المستوى الصفري". فمن هناك فقط سيكون من المحتمل نقل طرق ومهارات اللاعنف للبدء في الارتفاع فوق مستوى الصفر. فعلى سبيل المثال، النشاطات من أجل المحافظة على التراث الفلسطيني ليس لها علاقة بالمقاومة اللاعنفية، لكنها مسألة دفاع اجتماعي، كما يقول. لو كان هناك وعي أكثر، لكان الناس أكثر تأثيرًا ومشاركة في حركة المقاومة. ولأن انتقال الناس من اللامقاومة إلى الفعل اللاعنفي هي قضية مجتمع متعلم، فإن معظم النشطاء اللاعنفيون في فلسطين يعتقدون أن الأمر سيستغرق سنين طويلة لإحداث حركة مقاومة لاعنفية ناجحة. والحقيقة أن عدم تبني القيادة السياسية في فلسطين للاعنف يبقى تحديًا آخر. ومع أن هذه القيادة قبلت باللاعنف إلى حد ما، فإنها لا تنظر إليه بوصفه طريقًا لبلوغ أهدافها فتتردد في تبنيه كاستراتيجية لها؛ ففي الأذهان، لايزال العنف هو الوسيلة المجدية. لقد تضاعفت التحديات التي تواجهها LOWNP إلى حد أكبر بسبب تمركز نشاطاتها في الخليل التي تعتبر حالة خاصة في كل فلسطين. فالمجموعات الهدف نفسها في رام الله ذات عقلية منفتحة أكثر بكثير، كما يُقال. فالخليل معروفة بعقليتها المحافظة ووقوعها تحت سيطرة القوانين التقليدية أكثر من أية منطقة في فلسطين. على سبيل المثال، يُعارض الكثير من الناس النشاطات المختلطة بين الذكور والإناث. وقد يؤكد الناس على رغبتهم بالتغيير، لكنهم في الحقيقة يخشون التغيرات ويجدون صعوبة في تبنيها. إنهم لا يتشربون بسهولة أفكارًا جديدة و"يحتاجون إلى المزيد من الوقت من أجل التقدم". ويشير أحد الآباء إلى أن المراهقين في الخليل يتحدثون بنفس طريقة أجدادهم: يتقيدون بالقواعد القديمة ويرفضون أية تغييرات. فأية منظمة ترغب في العمل في الخليل عليها أولاً أن تصطف مع القوانين والثقافة التقليدية ومن ثم فقط تستطيع نشر رسالتها الخاصة. ومن غير السهل على LOWNP التواجد في الخليل بعنوانها ومهمتها بسبب إيمان الكثير من الناس بأن الجهاد هو الطريق الوحيد لمقاومة إسرائيل. وقد وجه بعض الزعماء المسلمين انتقادات لـ LOWNP بسبب نظرتها ومفاهيمها، لكنهم أصبحوا أكثر تقبلاً بعد اجتماع هيئة LOWNP بهم والتوضيح لهم عما تقوم به المنظمة. والآن ليس لدى LOWNP أية مشاكل مع الزعماء الدينيين. وعلى الرغم من هذه التحديات، لا تتبنى LOWNP وجهة النظر القائلة بأن الخليل حالة ميؤوس منها، بل تواصل عملها بكل ما في وسعها لمساعدة المدينة. وما عدا التحديات المتعلقة بالمحيط، تواجه LOWNP أيضًا بعض التحديات الداخلية في المنظمة. إن التحدي الأكبر بلا شك هو النقص في عدد الموظفين وفي التمويل. فالسلطة الفلسطينية لا تدعم LOWNP ماليًا. ويعتقد نافذ بأن السبب في هذا ربما يعود إلى تخوُّف هذه السلطة من حالة التمكين التي تنتج عن تبني اللاعنف والتي لا تتوجَّه ضد الاحتلال فقط بل ضد كل أشكال الظلم. كما ينتج عن التقلُّب في الوضع المالي للمنظمة إعادة ترتيب مستمرة لأوضاع الموظفين. وكنتيجة، توجَّب على LOWNP إعادة توجيه بعض البرامج الناجحة، مثل بيت اللاعنف، وبالتالي خسارة بعض الناس جلسات التدريب. كما أنها لا تستطيع توسيع النشاطات والبرامج الناجحة إلى مناطق وتجمعات أخرى يمكنها الاستفادة منها. ولا تستطيع بمصادرها المحدودة تغطية حتى منطقة الخليل بالكامل أو البدء بمبادرات للتعامل مع النباتات الضارة المحيطة ببذور اللاعنف. كما أن برنامج السلام في الإسلام يحتاج إلى الكثير من المصادر والتكريس من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه. وهناك أيضًا حاجة إلى المزيد من الكتب في المكتبات العاملة. وLOWNP أيضًا محدودة بإمكانياتها للبدء ببرامج وأنشطة جديدة. فعلى سبيل المثال، لا تركز LOWNP على أنشطة مناهضة لانتشار المستوطنات وتوسُّعها بسبب ضعف قدرتها بشكل رئيسي. ناهيك عن عدم قدرة LOWNP على التركيز على فكرة اللاعنف في المنطقة العربية. وLOWNP أيضًا ليست معروفة جيدًا في المجتمع الأوسع. فمقارنة مع التنوع الواسع لنشاطاتها، لم تنل التغطية المطلوبة في وسائل الإعلام. وعلى الرغم من أن لـ LOWNP العديد من الشركاء المحليين، ليس لديها الكثير من الشراكات الهيكلية. فأحيانًا تنفذ LOWNP نشاطًا بمفردها، في حين أنه يكون أكثر فعالية لو تم التعاون مع منظمات أخرى. وعلى أية حال، ما يحصل هو أن تلك المنظمات تريد أولاً استلام تمويل قبل البدء بأي نشاط، فهي لا تريد القيام بعمل ميداني صعب، أو لا تريد أن تنفذ أي نشاط بنفسها. إن الضعف في التعاون الهيكلي مع المنظمات غير الحكومية أو مع المؤسسات الحكومية مُعترَف به كنقص رئيسي في LOWNP. بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا ضعف في التعاون مع المنظمات الأخرى في فلسطين العاملة على صعيد اللاعنف. ومن ناحية القيادة، هناك حاجة للمزيد من الأشخاص المؤهلين الملتزمين باللاعنف والقادرين على نشر فكرته واستعمال أدواته بطريقة احترافية داخل المجتمع الفلسطيني. 12. عينة من التوصيات إذا شاءت LOWNP أن يعمل الأطفال معها، فعليها تعليق ملصقات أكثر في الشوارع، والبدء بحملات جديدة، وإطلاع الناس أكثر على نشاطاتها عبر الإنترنت والصحف، وشراء المزيد من الكتب والسيارات لتوزيع الكتب. فمن وجهة نظر المنظمة، يجب أن تنتشر تجربة الخليل إلى كافة المدن الفلسطينية الأخرى. يدعم الكثير من الناس فكرة امتداد نشاطات LOWNP إلى كامل فلسطين. وقد يبدو هذا للبعض أنه يشكل، إلى حد ما، عامل تهديد لقوتها المتجذرة في المجتمع المحلي، لكن بوسع LOWNP أن تضرب جذورًا في المجتمعات الأخرى أيضًا. يجب أن تفكر LOWNP بمبادرات جديدة للوصول إلى عدد أكبر من الناس وإشراكهم في نشاطاتها وحملاتها. فمن خلال دعاية متميزة يجب أن تخبر الرأي العام الأوسع عن حملاتها في المنطقة وطبيعة برامجها. إذ يمكن للبرامج الخاصة أن تبدأ في زيادة الثقة. فكثير من الناس يتفهمون عمل LOWNP، وكثير منهم سيدعمونها. ويمكن أن تُشرك LOWNP أناسًا ذوي تأثير أكبر في المجتمع، مثل الصحفيين، وأن تُنظَّم ورشة عمل حول اللاعنف من أجلهم. فوسائل الإعلام يجب أن تصبح أكثر مشاركة في حملات LOWNP وفي إيصال رسالتها إلى العالم. كما يمكن أيضًا التركيز أكثر على إشراك الطلاب الذين يُقدَّر عددهم بحوالي 25000 في الجامعات الأربعة في الخليل. ومن ناحية حاجات المجتمع، يجب أن تخطط LOWNP للبدء ببرنامج خاص حول العنف المنزلي. وسيكون أيضًا من المفيد إجراء بحوث حول تأثير عملها الميداني. 13. خاتمة من المؤكد أن المكتبة المتنقلة من أجل السلام واللاعنف تلعب دورًا هامًا في نشر ثقافة السلام واللاعنف في الخليل. ومع أنها طورت نظرة فريدة خاصة بها في سياق معين، إلا أن بعض سمات نظرتها واستراتيجيتها قد تكون مثيرة للاهتمام بالنسبة للمنظمات اللاعنفية الأخرى في العالم. لقد طورت LOWNP نظرة شاملة من أجل نشر ثقافة السلام واللاعنف في أوساط الأجيال الجديدة في فلسطين. فعملها يقوم كليًا ضمن التجمعات نفسها وفي الظروف المحلية للناس. وتشتغل LOWNP في مجال نشاطاتها من خلال الممارسة، وليس من خلال النظريات في المكاتب. وبالرغم من أن هناك الكثير من المقاومة ضد فكرة اللاعنف، تمكنت LOWNP من تقديم فكرة اللاعنف وأساليبه بطريقة جعلت الناس يبدون أكثر اهتمامًا. وقد تم هذا الأمر عن طريق ربط فكرة اللاعنف بالتقاليد المحلية وبالإسلام، لكن أيضًا بالتطوير المستمر للطرق الإبداعية والتركيز الثابت على حاجات الناس. فكل نشاطات LOWNP وبرامجها تستند إلى الحاجات الملموسة للناس، مما يولِّد اهتمامًا ومشاركة أكثر حتى في أوساط الأغلبيات الصامتة. كما يضمن الارتباط الوثيق بحاجات الناس دفقًا مستمرًا من الإبداع والابتكار. ومن خلال أنشطة وحملات جديدة من أجل ظروف جديدة وحاجات جديدة، تجد الأدوات والوسائل اللاعنفية طريقها إلى عقول الناس ومواقفهم وفي المجتمع ككل. وبهذه الطريقة، تُخلَق الفرص للناس من أجل أن يكتشفوا اللاعنف بأنفسهم، ويدركوا أن مثل هذه الأنشطة يمكن أيضًا أن تكون جزءًا من المقاومة التي لم يعرفوها من قبل. ومن خلال النظرة النوعية لـ LOWNP، يدخل اللاعنف السياقات اليومية للناس، وفي الوقت نفسه يتعامل مع حاجاتهم المحددة. فحملات LOWNP تتعامل مع قضايا سياسية واجتماعية وثقافية جدِّية في حياة الفلسطينيين اليومية. ومن خلال الحملات يطلع الناس على إيديولوجية اللاعنف وسبل ممارسته، ويطوروا مهاراتهم من أجل التعامل مع حاجاتهم الخاصة على نحو لاعنفي. وهكذا، بإمكان LOWNP تدريب الناس على كيفية استخدام الوسائل اللاعنفية وتركهم يطبقونها. وعندما يختبر الناس بأنفسهم مدى التأثيرات المثمرة للتعليم اللاعنفي والحملات من أجله، يعاودهم الإحساس بالأمل مرة أخرى. كما يمكن لهم أن يكوِّنوا فكرة عن كيفية تحقيق السلام من خلال اللاعنف ويتشجعوا للمقاومة اللاعنفية ضد الاحتلال ذات يوم. لقد ساهمت LOWNP بشكل كبير في الحركة اللاعنفية الفلسطينية عن طريق تزويد الناس بالممارسة الفعلية لطرائق اللاعنف وأدواته. وعلى الرغم من أن الوسائل اللاعنفية كانت متاحة من قبل، إلا أنه كان هناك ضعف في استغلال الفرص وفي إرشاد الناس إلى كيفية استخدام هذه الوسائل بدون أن يُنظَر إليهم كجبناء أو خونة. إن خبرة LOWNP على مر السنين جعلتها مرتعًا لنمو المعرفة والوعي باللاعنف. والقيمة الفريدة لـ LOWNP هي أيضًا نشاطها مع الأطفال على أسس ثابتة. فالأطفال، الذين مازالت عقولهم أكثر مرونة، يتعرَّفون على اللاعنف في مرحلة مبكرة بأسلوب مُسلٍّ مما يمكِّنهم من النمو كالأشجار التي تحمل الكثير من الثمار. لقد زرعت LOWNP، على مر السنين، الكثير من بذور اللاعنف، لكن حركة مقاومة لاعنفية شعبية لم تتفتح حتى الآن، ومازال نافذ يبحث عن غاندي من أجل فلسطين. ربما لو كانت LOWNP أكثر وضوحًا بشأن القيم الإنسانية القابعة تحت خيار اللاعنف، بدلاً من تقديم اللاعنف في خطاب مؤثر على الغالب، لامتدت جذور البذور المزروعة عميقًا. لكن، على الرغم من التحديات والعقبات، تواصل LOWNP عملها في ظروف ليست بالسهلة. ويبدو أنها المنظمة الوحيدة في الخليل التي تتحدث عن اللاعنف وحلِّ الصراع. وتختار LOWNP عملها حيث تشعر أن مساعدتها مطلوبة، حتى لو كان عليها أن تنقل مكتبتها على ظهور الحمير. وقد يكون الأهم من ذلك هو حضور LOWNP المتفائل وشهادتها النابضة بالحياة على أن واقعًا آخر وطريقة أخرى في الحياة مازالت محتملة بالنسبة للفلسطينيين لكي ينالوا حقوقهم ويعيشوا بسلام. *** ملحق 1: قائمة الوثائق - العسيلي نافذ، استراتيجية اللاعنف في الأراضي المحتلة. - العسيلي نافذ، الخيارات الفلسطينية: العنف، الاستسلام أم الخيار الثالث (المقاومة اللاعنفية)؟ ورقة بحث. - غورنبيرغ جيرشوم، المهاتما المفقود: بحثًا عن غاندي أو مارتن لوثر كينغ في الضفة الغربية، (نيسان 2009). http://southjerusalem.com - LOWNP، تقارير سنوية، 2006، 2007، 2008. - LOWNP، خطة استراتيجية (وثيقة داخلية). - LOWNP، استراتيجية: تحديات، تدخلات، نتائج (وثيقة داخلية). ملحق 2: قائمة المقابلات (كانون الأول 2010)
ملحق 3: نطاق التفاهمات مشروع بناء السلام في الشرق الأوسط مقدمة لقد تعاونت حركة السلام الهولندية IKV Pax Christi وحركة السلام الدولية Pax Christi International على بناء شبكة مجموعات السلام في الشرق الأوسط منذ العام 2003. واليوم، هناك 7 منظمات من الشرق الأوسط أعضاء في Pax Christi International7. وقد نظَّمت Pax Christi Netherlands/IKV Pax Christi وPax Christi International سويَّة أربعة لقاءات استشارية إقليمية في الشرق الأوسط. وكان لهذه اللقاءات الأهداف التالية: - تشارك في التحليل - ارتباط وتعلُّم - تطوير استراتيجية مشتركة وتخطيط الأنشطة استجابة للحاجة المشتركة مع المنظمات الشريكة، والإفادة أكثر من الارتباط وتعلُّم إمكانية الشبكة، قررنا في اللقاء الاستشاري الأخير في أيار 2008 في لارنكا تنفيذ أفضل دراستين تطبيقيتين حول اللاعنف الفعال في الشرق الأوسط. وستُحلِّل الدراستان مشاريع نُفِّذت من قبل Pax Christi International و/أو شركاء IKV Pax Christi في بلدين في الشرق الأوسط حيث لدينا خبرة أكثر باللاعنف الفعال: لبنان والضفة الغربية. ونظرًا لأن Pax Christi International (PCI) تخطط للقيام بدراسات مماثلة حول اللاعنف الفعال في بقاع أخرى من العالم، ستكون الدراسات جزءًا من سلسلة ستُسهِّل الارتباط والتعلم العالمي حول هذا الموضوع ضمن شبكة PCI. وتهدف PCI وIKV PC أيضًا إلى تنظيم حلقات دراسية عبر إقليمية حيث يمكن لأفضل الخبرات من كل أنحاء العالم أن تشارك وتتعلم. (دراسات بحثية تحضيرية لذلك) الأهداف - جعل خبرات تعلم مشاريع اللاعنف الفعال في بلدين من الشرق الأوسط، لبنان وفلسطين، متوفرة للشركاء الآخرين والمجتمع المدني عمومًا في الشرق الأوسط، ولشبكة PCI المنتشرة عالميًا ولمنظمات أخرى في هولندا وأوروبا تتعاون معها IKV Pax Christi وPax Christi International في عملية بناء السلام. - توثيق خبرات التعلم في الشرق الأوسط لكي تساهم في عمليات التعلم الداخلية ضمن IKV Pax Christi وPax Christi international بهدف تمتين استراتيجيتهما في عملية بناء السلام. أغراض الدراسة 1. لقد حددت IKV Pax Christi وPax Christi international المشاريع التالية كأغراض للدراستين: 2. تجربة رائدة في لبنان والمنطقة منذ 25 سنة في مبادرتين: مشروع بلاد BILAD والجامعة العربية للاعنف مع الجمعية اللبنانية من أجل الحقوق المدنية. 3. نشر فكرة اللاعنف في الخليل عن طريق المكتبة المتنقلة من أجل اللاعنف والسلام. أسئلة بحث ستحلِّل الدراسات المظاهر التالية للمشاريع المحددة: 1. الرؤية والمهمة: على ماذا تقوم رؤية المشروع ومهمته؟ ما هو الفهم والرؤية للاعنف؟ ما هو التأثير الملهم الداخلي والحافز للاختيار والعمل والعيش على نحو لاعنفي؟ 2. السياق: ما هو سياق المشروع؟ كيف يمكن أن يؤثر السياق على المشروع؟ كيف استجابت منظمة التنفيذ للتغيرات في السياق؟
3.
المنهج: ما هو المنهج الذي اختير؟ لماذا؟ ما الخطوات التي أُتخِذت؟ 4. الشراكات: من هم الشركاء الذين كانوا مشاركين في المشروع؟ ماذا كان دورهم؟ ما القيمة المضافة التي تم بلوغها من خلال هذه الشراكات؟ ماذا كان دور الشبكات الإقليمية؟ 5. المحصلة: ما التغيرات التي أُنجِزت على مستوى المجموعة الهدف؟ كيف يقدِّر أصحاب الشأن قيمة المشروع؟ كيف حصل المشروع على صلة سياسية وثيقة؟ 6. النموذج: هل يمكن اشتقاق نموذج من المشروع؟ 7. هل من دروس مُستفادة؟ ملحوظة: بالتنسيق مع الباحث والمنظمة الشريك، سيُحضَّر هيكل مفصَّل لكل دراسة. المنتَج سترِد كل دراسة تطبيقية في تقرير من حوالي 30 صفحة بإحدى اللغتين الإنكليزية أو العربية. وستنشر IKV Pax Christi كل أفضل دراسة تطبيقية في نسخة مطبوعة باللغتين الإنكليزية والعربية في نسخة ورقية أو PDF. المنهج سيتضمن البحث العناصر التالية، ويمكن أن يتضمن عناصر أخرى: - تعريف المنهج الملائم للبحث، بما في ذلك تطوير الاستبيانات المناسبة، بالتنسيق مع عنصر الاتصال في IKV Pax Christ/PCI. - دراسة وثائقية، بحث أدبي (يتضمن ذلك، دراسة تجريبية، إنتاج فكري أو أدبي). - مقابلات مع المنظمات المنفِّذة للمشاريع على أساس الاستبيان. - مقابلات مع معنيين آخرين (مجموعات هدف، شركاء، فاعلين آخرين في الميدان نفسه، تجمُّع مستفيد) على أساس الاستبيان. - وإذا أمكن، مشاهدة المشروع أثناء الأداء. التخطيط إن المدة المُقدَّرة للدراستين، على أساس فريق عمل مُشكَّل من باحثين اثنين لكل دراسة، ما مجموعه 40 يوم بحث، متضمنًا: 4 (2 x 1x 2) أيام تحضير للدراسة وتعريف هيكلي واستبيانات. 8 (2 x 2 x 2) أيام دراسة وثائقية. 14 (2 x 7) يوم مقابلات 4 (2 x 1 x 2) أيام من أجل تشارك النتائج مع فريق البحث. 10 (2 x 5) أيام لكتابة التقرير. ومنها 24 يوم بحث من أجل الباحث الرئيسي (دراستين x 12 يوم) و8 أيام بحث لكل باحث محلي. ومن المفضل أن يتم التنفيذ بين 15 تشرين الثاني 2009 و15 كانون الثاني 2010. التخطيط المقتَرح: قبل 25 تشرين الثاني: خطة بحث جاهزة (تعريف نهائي لمسائل البحث، نظرة عامة على الوثائق المتاحة، قائمة المقابلات، إلخ). 29 تشرين الثاني – 13 كانون الأول: بحث ميداني في الخليل ولبنان. 15 كانون الثاني: مسودة أولى للتقرير جاهزة. نهاية كانون الثاني 2010: التقرير النهائي جاهز. نتائج كلٍّ من هذه المراحل ستشارك بها ماريولين فينينكس، مُنسِّق الدراسات في IKV Pax Christi. تقسيم المهام في فريق البحث: باحث رئيسي: - يُحضِّر خطة بحث مفصَّلة. - يكون مسؤولاً عن تخطيط البحث ونتائجه والتقارير عنه. - يكون المدوِّن الرئيسي للتقارير النهائية. باحثان محليان (باحث للبنان وباحث للخليل): - يُحضِّران بحث ميداني ومقابلات. - يعملان على جزء من دراسة الوثائق والمقابلات. - يساهمان في التقرير. الباحث الرئيسي والباحث المحلي معًا: - سيُقرَّان تقسيم المهام المحدد. - سيصوغان نتائج البحث والاستنتاجات منه. ترجمة: غياث جازي *** *** *** ٭ بالتعاون مع د. نبيل جندي. تحرير: بيث كينيون. [1] الكاشير kosher هو الطعام المُباح أكله في الشريعة اليهودية. (المترجم) [2] جيرشوم غورنبيرغ، المهاتما المفقود: بحثًا عن غاندي أو مارتن لوثر كينغ في الضفة الغربية (نيسان 2009). http://southjerusalem.com [3] الكتاب المتنقِّل أو المكتبة المتنقلة Book Mobile أو Mobile Library: سيارة، أو وسيلة نقل أخرى، مجهَّزة لتكون مكتبة. والفكرة شائعة في العديد من بلدان العالم. (المترجم) [5] http://siteresources.worldbank.org/INTWESTBANKGAZA/Resources/wbgaza-povertyaftereconcrisis.pdf) [6] إشارة إلى "الشبكة من أجل العنف في البلدان العربية". [7] جمعية عدالة ورحمة، الجمعية اللبنانية من أجل الحقوق المدنية في لبنان، المركز الإعلامي للنساء العربيات في الأردن، المعهد التربوي العربي، مركز حل النزاعات والمصالحة، المكتبة المتنقلة من أجل اللاعنف والسلام في فلسطين، المنظمة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية CEOSS في مصر.
|
|
|