english Arabic

عن سياسة العزل وإخفاقها
الحديث مع حماس[1]

 

IKV Pax Christi [2]

 

خلاصة

لقد تمت كتابة مسودة هذا التقرير قبل أن ينتهي وقف إطلاق النار، وقبل أن يستأنف المتشددون الفلسطينيون إطلاق صواريخهم، وقبل أن تبدأ العملية العسكرية الإسرائيلية وتسدد ضرباتها نحو غزة. ورغم هذا، فإن هذه التحولات الجديدة والدراماتيكية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لم تكن مفاجئة بشكل كامل، ولم تأت في النتيجة كخلاصة هذا التقرير، بل بالعكس، لن يزيد المزيد من العنف في غزة شيئًا من إمكانيات السلام، وعلى المدى البعيد فإن استبعاد حماس لن يخدم لا الطموحات الوطنية الفلسطينية ولا رغبة إسرائيل في الأمان.

ليس بالإمكان تجاهل حماس كعامل سياسي في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. تلك كانت الحال حتى قبل سنوات من الانتخابات الفلسطينية التي جرت عام 2006، ورغم هذا، بات من الجلي أن حماس، ومنذ الانتخابات، تتمتع بتأييد قسم كبير من السكان، وذلك ما قاد الحركة إلى المطالبة بالسلطة، أو على الأقل بعضًا منها في المناطق الفلسطينية. والمطالبة بالسلطة تراجعت بعد الانقلاب الذي حصل في عام 2007. لكن، تبقى حماس في الحقيقة حاكمة في جزء أساسي من المناطق الفلسطينية، ألا وهو قطاع غزة، وتبقى لديها شعبية لدى قسم كبير من الشعب الفلسطيني. ما يعني أن محاولات الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي إبعاد حماس عن المشاركة السياسية ستبقى غير مثمرة. إن عزل حماس وعزل قطاع غزة، والتفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدون حماس، لن تحوّل الشعب الفلسطيني ضد حماس ولن تضعف سلطة حماس في قطاع غزة. وفي كل مرة كان يتم فيها تنحية حماس جانبًا، كانت لديها الإمكانية لعرقلة النشاط السياسي، ما أثبت أنه من المستحيل خفض مستوى العنف في قطاع غزة وما حولها دون إشراك حماس.

إن تحليل خطابات ونشاطات قيادة حماس السياسية والأيديولوجية تبين أن سياسة الحركة تتجلى عن طريقين: الأول، وهو الخطاب الإيديولوجي الذي يعتبر السلام مع إسرائيل مرفوضًا، وأن التسوية مستحيلة من جهة، وكل منْ ينظر إلى الجانب الإيديولوجي لحماس ستكون لديه الحجة التي تجعل كل أمل في نقاش سياسي طبيعي معها مستحيلاً؛ لكن، من جهة أخرى، بينت حماس أنها حركة سياسية قادرة على العمل بطريقة محسوبة ما يتيح لها ضبط موقعها السياسي وتقويته. وبفعلها هذا أظهرت حساسية لاحتياجات الشعب الفلسطيني. هذا الموقف الأخير ليس بالضرورة دلالة على اعتدالها، إنما هو موقف يمكن أن يتحول إلى العنف إن بدا أن العنف يمكن أن يعطيها منفعة سياسية. على كل حال، يمكن للحسابات السياسية أن تقود إلى سلوك براغماتي لا يمنع من تقاسم السلطة مع المجتمع الفلسطيني، وإيجاد نوع من الترتيبات السياسية مع إسرائيل.

ونلاحظ أن الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) على حكومة حماس لم تفعل أكثر من تقوية خط حماس الأيديولوجي القوي على حساب خطها السياسي المتعقل. ما جعل الإعتراف بإسرائيل ونبذ العنف، الذين هما بالتأكيد النتائج المنطقية والضرورية للمفاوضات السياسية، عقبتين عند وضعهما كشرطين مسبقين لهذه المفاوضات. لا بل أكثر من هذا، لم يعر أي اهتمام لواقع أن حماس حين قبلت اتفاقية مكة اعترافت ضمنًا بإسرائيل. إن استراتيجية العزل ومهاجمة غزة بعد عام 2007 ساهمت فقط في دعم الخط الإيديولوجي لحماس، وأضعفت بالنتيجة حكومة الرئيس محمود عباس على حساب حماس.

إن استمرار استهداف إسرائيل من قطاع غزة يظهر قوة حماس التدميرية، ولكن حتى في الأيام الأولى لمشاركتها في العملية السياسية أرسلت حماس إشارات بأنها لن تكون رافضة للهدنة. وأيضًا، أثبت استلام حماس زمام السلطة في غزة، وفرض سيطرتها عليها فيما بعد، ثم مد هذه السيطرة لتشمل الفصائل المسلحة الأخرى، (أثبت) بوضوح مقدرتها على فرض أي اتفاق لوقف إطلاق النار.

في صيف عام 2008، حين توسطت مصر من أجل وقف جديد لإطلاق النار خلال المفاوضات، كان يبدو الجناح السياسي العقلاني لحماس مهيمنًا، لكن الحصار الإسرائيلي لغزة ورفضها لإطلاق سراح ولو واحد بالألف من أعضاء حماس المعتقلين في سجونها ساهم في تآكل التوجه البراغماتي لهذه الأخيرة. وعلاوة على ذلك سمحت فتح باعتقال العشرات من مؤيدي حماس ومنعت ما يقارب من الـ 400 مدرس من مؤيديها في الضفة الغربية من مزاولة أعمالهم. وفي شهر نوفمبر عام 2008 قتلت إسرائيل خمسة من الجناح العسكري لحماس زعمت بأنهم متورطين في حفر أنفاق لإطلاق الصواريخ نحو إسرائيل. لذلك، عندما انتهت اتفاقية وقف إطلاق النار لاحظت قيادة حماس بأنها لم تجلب منفعة لها ولا للشعب في غزة، وأن لا مصلحة لها في الاستمرار بها، ما جعل الجناح الأيديولوجي لحماس يسيطر مرة أخرى.

وتظهر السيناريوهات الثلاث التي وضعت للمستقبل (وهي الضفة الغربية أولاً، المزيد من العنف في غزة، والتأجيل المستمر لعملية السلام) أن تراجع العنف بين إسرائيل والفلسطينيين في قلب المجتمع الفلسطيني والتقدم نحو السلام يصبحا بعيدي الاحتمال حين تُستبعد حماس من الترتيبات السياسية، ما يعني أن أي بداية جديدة نحو السلام ستكون عملية فقط حين يكون هناك نوع من المصالحة وتقاسم السلطة بين حماس وفتح.

لذلك يجب أن تهدف استراتيجية المجتمع الدولي إلى تشجيع البراغماتية السياسية لحماس وليس أيديولوجيتها. وأيضًا، من المهم أن تدعم العوامل الخارجية محاولات إنهاء الخلاف وتقاسم السلطة بين السياسيين الفلسطينيين في قلب المجتمع الفلسطيني وليس إحباطها. كما يجب أن يكون اعتراف حماس بإسرائيل ونبذ العنف حصيلة محادثات سياسية وليست شروطًا مسبقة. إن مقاطعة اللجنة الرباعية، وعلى الأخص الإتحاد الأوروبي والبلدان الأوروبية، لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وعزل أعضاء حماس في هذه الحكومة أثبتت عمليًا اليوم عدم جدواها. كما أن هذه الاستراتيجية، التي طُبقت إلى حد بعيد من قبل الرباعية والإتحاد الأوروبي والعديد من دوله، والتي تتبنى فقط الموقف الذي تدعو إليه إسرائيل والسلطة الفلسطينية والقاضي بعدم التفاوض مع حماس، بينما كان يتوجب بدلاً من ذلك دعم كل ما من شأنه تطوير المفاوضات مع حماس؛ أدت إلى نتيجة عكسية، حيث المقاطعة لحماس بدأت تضعف، ولم تقوي شرعية الرئيس عباس التي أصبحت تتآكل.

لقد فشلت الرباعية فشلاً ذريعًا في فرض أي تأثير ذو معنى، سواءًا لتقريب فرص السلام أو لتحسين مستوى حياة الشعب الفلسطيني. وفي غضون ذلك يمر الوقت. والاحتلال للضفة الغربية ولغزة ما زال مستمرًا، وما زال الفلسطينيون في غزة في وضع إنساني كارثي، كما أن الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين لم تفعل شيئًا يذكر من أجل الحلِّ (دولتين لشعبين). في الوقت الذي لم تكن هناك فرصة مناسبة للإتحاد الأوروبي، وعدد من بلدانه، لاتباع سياساتهم الخاصة وجلب الفلسطينيين للمصالحة وتقاسم السلطة.

إن العملية السياسية التي ستشمل حماس لن تكون سهلة، حيث سيكون هناك الكثير من الممانعة من قبل السلطة الفلسطينية وإسرائيل والبلدان الأوروبية. علاوة على ذلك فإن كل الجهود يجب أن تستهدف إقناع حماس بالمشاركة في السلطة والقيام بخطوات أخرى على طريق السلام. وإذا أبعدت حماس من العملية السياسية فإنه من المؤكد عمليًا أن العنف بين إسرائيل والفلسطينيين وبين الفلسطينيين أنفسهم سوف يستمر، كما ستستمر الحالة الإنسانية الطارئة في غزة، وسيبقى السلام حلمًا بعيدًا. ومن المستحيل أن يكون هذا، بأي شكل من الأشكال، نافعًا لإسرائيل.

مقدمة

إن الفكرة التي لدى القادة في الحكومة الإسرائيلية ولدى حكومتنا، والقائلة بأنه من الممكن استبعاد حماس من محادثات السلام والتوصل إلى نتيجة ناجحة من هذه المحادثات، هي أمر خيالي[3].

يحلل هذا التقرير ما الذي يمكن أن يحدث عندما يتم عزل حركة المقاومة الإسلامية حماس من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي وإبعادها عن عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية. لقد أشارت العديد من الجهات في وسائل الإعلام المتنوعة إلى وجوب إشراك حماس بشكل أو بآخر، وإلى أن تجنب الحديث معها أمر غير مجدٍ. تريد منظمة كنائس السلام العالمي والقسم الهولندي لمنظمة IKV – PaxChristi تقييم الفرص المتاحة لشمول حماس في العملية السياسية. وسنقوم بذلك عن طريق رسم صورة لحماس وتحليل خطابها وأفعالها. ومن خلال وصفنا لبضعة سيناريوهات مستقبلية سنقدم صورة مصغرة للعواقب التي سيجلبها استمرار عزل حماس. وفي النهاية سنرسم صورة تبين ما الذي يمكن أن يحصل إن أشركنا حماس في حلِّ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وفي تقاسم السلطة في المجتمع الفلسطيني.

يتجاوز العمل، الذي يدعو إلى إشراك حماس، النفوذ المباشر للمجتمع الدولي والإتحاد الأوروبي أو الحكومة الهولندية. ورغم ذلك فإن الإتحاد الأوروبي وهولندا يمكن أن يلعبا دورًا يحبط مشاركة حماس في السلطة وفي محادثات السلام. لهذا ينتهي هذا التقرير إلى عدة توصيات أرسلت مباشرة إلى الحكومة الهولندية والإتحاد الأوروبي. فالرباعية (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة) فشلت في أن يكون لها تأثير في تسريع عملية السلام أو في تحسين الظروف الحياتية للشعب الفلسطيني. ويبين التقرير الجديد، الذي قدمته عدة جهات تتبرع بالهبات ومنظمات للسلام تحت عنوان اللجنة الرباعية للشرق الأوسط: تقرير عن تقدم العمل، كيف أن كل محاولات الرباعية لتحسين الأوضاع على الأرض، إما فشلت أو كانت هامشية[4]. كما أنه ما زال من غير المؤكد إمكانية امتلاك الإدارة الأميركية الجديدة الإرادة والتصميم اللازمين لاختراق المأزق الحالي. وفي غضون ذلك يمر الوقت، والاحتلال للضفة الغربية ولغزة ما زال مستمرًا، وما زال الفلسطينيون في غزة في وضع إنساني كارثي، كما أن الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين لم تفعل شيئًا يذكر من أجل الحلِّ (دولتين لشعبين). في الوقت الذي لم تكن هناك فرصة مناسبة للإتحاد الأوروبي، وعدد من بلدانه، لاتباع سياساتهم الخاصة وجلب الفلسطينيين للمصالحة وتقاسم السلطة.

لا يريد هذا التقرير، بأي شكل، تبرير خلفية سلوك حماس، جُلَّ ما يريده هو المساهمة في فهم تحركات حماس وعواقب استبعادها. كما لا ينوي، هذا التقرير، تقديم وصف مفصل لما يجب أن تكون عليه المحادثات والمفاوضات مع حماس، ولا تلمس مؤشراتها. حيث يجب أن يكون من الواضح أن هذه العملية تتطلب عناية شديدة، لأن الموضوع ليس مجرد تجميل صورة حماس.

موقف مجلس كنائس السلام العالمي والفرع الهولندي لمنظمة Pax Christi من الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي:

يعمل مجلس كنائس السلام العالمي والفرع الهولندي لمنظمة Pax Christi من أجل حلٍّ سياسي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتحقيق العدالة، وضمان الأمن لجميع الشعوب والدول المعنية. فالعدل والسلام ليسا مصلحة ممكنة مقتصرة على طرف فقط على حساب حقوق الآخر وأمنه. وهناك تعارض حقيقي بين توجهات الأطراف في الصراع يمكن أن تحل فقط عبر تسويات يتم التوصل إليها من خلال المفاوضات السياسية. يجب أن يُستخدم القانون الدولي والقانون العالمي لحقوق الإنسان كأساس لحل الصراع، وعلى الدول والأطراف الداخلة في الصراع أن تحترم، على الدوام، قوانين السلوك الواجب أثناء الحرب ومعاهدات جنيف. إن قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية (قرار 242) وحق العودة للاجئين الفلسطينيين (قرار 194)، يشكلان أساس إيجاد حلٍّ سياسي.

يمتلك الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي خاصية فريدة من نوعها. فمقابل إسرائيل، الدولة المؤسسة جيدًا والمسلحة بأسلحة ثقيلة، يقف الشعب الفلسطيني الذي يعاني من انقسامات حادة في صفوفه، والذي لا يملك بنية حقيقية لدولة، حيث ليس للسلطة الفلسطينية ولا لمنظمة التحرير الفلسطينية أوضاع أو مقومات دولة؛ وهنا يجب أن يكون القانون الدولي هو الحكم في صراع له هذا الطابع الفريد. ليس هناك أي حلٍّ ممكن للصراع من دون هذا الحَكم. من ناحية ثانية إن حالته الفريدة لا تعني أن الطرف الأقوى، أي إسرائيل فقط، يتحمل مسؤولية الصراع وإيجاد حلٍّ له، وأن الطرف الأضعف، الفلسطيني، ليس ملزمًا بالقانون الدولي والقانون الإنساني.

في موضوع البحث عن حلّ نجد أن كلا الطرفين والمجتمع الدولي يفكرون أولاً في حلِّ الدولتين، دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل المستقلة، وتعيش كلتاهما بسلام. هذا الحلّ سيقدم لإسرائيل أفضل الضمانات لكي تحقق رغبتها في دولة ديمقراطية ذات شخصية يهودية الطابع.

مع ذلك هناك الكثير من الفلسطينيين الذين يعتقدون أن حلَّ الدولتين لن يكون أبدًا قابلاً للبقاء لأنه لا يقدم حلاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين. إن أي حلٍّ بين إسرائيل والفلسطينيين، تتم الموافقة عليه بالتساوي، ويكون مقبولاً لدى الأكثرية في الجانبين وقابلاً للحياة مبدئيًا، يجب أن يُقبل. ليس واضحًا كيف سيتم ذلك، ولا بديل ممكن غير حلّ الدولتين. لكن عدم التوازن الكبير لهذه الحالة الفريدة، واستمرار احتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة، يجعل حلَّ الدولتين المتساويتين بالغ الصعوبة، ما يجعل إمكانيات النجاح المأمولة لهذا الحلّ تتلاشى في الأفق.

تعمل منظمة IKV Pax Christi مع مختلف المنظمات المحلية في إسرائيل وفلسطين والبلدان العربية المجاورة، كما أن المواضيع التي تم بحثها في هذا التقرير سبق أن نوقشت مع العديد من ممثلي هذه المنظمات. وهؤلاء الشركاء يقاسموننا القلق حول حالة الانقسام الكبيرة والتمزق الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وآثارها على السلام. برغم رفض الكثير منهم لأيديولوجية حماس، والطريقة الحالية التي تحكم بها قطاع غزة، فإن الكثير منهم يتفقون على إن أي حلّ سياسي لا يمكن التفكير به من دون حماس - وإن كانت المسؤولية النهائية لهذا التقرير واستنتاجاته هي مسؤولية IKV Pax Christi وحدها. خلال السنوات الأخيرة، كان لطاقم IKV Pax Christi نقاشات مع ناشطي حماس ومفكريهم المقربين مباشرة من القيادة، والصورة التي نقدمها أدناه تستند جزئيًا على تلك المحادثات رغم إنها قد لا تنقلها بشكل حرفي.

1.     حماس

التأسيس

تأسست حركة المقاومة الإسلامية حماس في عام 1987 مع بداية الإنتفاضة الأولى، وكانت في ذلك الوقت تمثل تحديًا وحلاً بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تدعي القيادة لأول ثورة ضد الاحتلال الإسرائيلي. كما كانت حماس أيضًا رمزًا لمقاومة الطابع العلماني لمنظمة التحرير الفلسطينية ومنتقدةً لخطابها السياسي. حيث بدأ تحرك منظمة التحرير الفلسطينية، منذ عام 1985 وبشكل متزايد، يتجه نحو السعي للحصول على اعتراف دولي ونبذ الإرهاب والسعي للاعتراف بقيام الدولة الوطنية والدخول في العملية السياسية[5] التي ستؤدي، في النهاية، إلى قيام الدولة الفلسطينية الوطنية إلى جانب إسرائيل[6].

أما حماس فقد تبنت الاستراتيجية الأصلية لمنظمة التحرير الفلسطينية الداعية إلى تحرير كامل المناطق الفلسطينية عن طريق الكفاح المسلح[7]، واستخدمت العنف والهجمات لإعاقة مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، كما حدث في عام 1994 بعيد اتفاقية اوسلو حين استخدمت حماس الهجمات الانتحارية في إسرائيل.

الخلفية

حماس جزء من حركة الأخوان المسلمين، وهي حركة ظهرت عام 1928 في مصر. يعتنق الأخوان المسلمين عقيدة صارمة مستوحاة من القرآن ومن الدعوة لتأسيس دولة إسلامية تتطابق مع وصايا النبي. وكان لدى الأخوان المسلمين وحركة حماس منذ السبعينات توجهٌ لتجليات الإسلام السياسي الذي يحاول صياغة أجوبة عن العولمة والحداثة، التي يُنظر إليها باعتبارها تهديدًا للقيم والحضارة الإسلامية ولدور الإسلام بشكل عام. وحركة الأخوان هي حركة عالمية، وهذا ما يجعلها تحاول أن تلعب دورًا في السياسات الوطنية لمختلف البلدان العربية.

ابتداءًا من السبعينات كان الفرع الفلسطيني لقيادة الأخوان المسلمين بيد الشيخ أحمد ياسين، وكان مشغولاً بأسلمة المجتمع في المناطق الفلسطينية وذلك عبر المواعظ الدينية وتقديم الخدمات الاجتماعية للفقراء، وذلك انطلاقًا من الفكرة الأساسية التي تقول أن المسلمين وحدهم بوسعهم تشكيل حكومة شرعية تعتني بالفقراء عبر أموال مؤسسات لجمع الزكاة والوعظ الديني في الجوامع، مما زاد من نفوذ الأخوان المسلمين. وكان الأخوان المسلمون، الفلسطينيون بشكل خاص، متورطون في الكفاح من أجل تحرير فلسطين التاريخية، مما أدى لتشكيل حركتهم المسلحة الخاصة داخل المجتمع الفلسطيني في العام 1987.

الأيديولوجيا

وفقًا لدستور الحركة، تسعى حماس لتأسيس دولة إسلامية في كامل منطقة فلسطين. فهذه الأرض تعتبر وقفًا إسلاميًا، أي منطقة إسلامية ضامنة (لمستقبل) الأجيال المسلمة[8]. ما يعني أن هوية حماس الوطنية جزء من إيديولوجيتها الدينية[9]. ما يعني أن مشاريع السلام والحلول السياسية التي تقود إلى التخلي عن أجزاء من فلسطين غير مقبولة بالنسبة لها من هذا المنظور الأيديولوجي، وأن الجهاد هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. وتتلخص المادة الثامنة من النظام الداخلي للحركة بالشكل التالي الذي يقول أن: الله هدفها والنبي قدوتها والقرآن دستورها والجهاد سبيلها والموت في سبيل الله أعظم وأسمى ما تؤمن به[10]. وتعتبر هذه الجملة المسوّغ للهجمات الانتحارية التي يُنظر إليها أيديولوجيًا على أنها عمليات استشهادية. لكن، ومن ناحية ثانية، فإن حاجة حماس إلى البقاء والاستمرار كحركة سياسية ونشر نفوذها يقودها إلى إيجاد حلّ وسط بين الموضوع الأيديولوجي السامي والطموحات السياسية الوطنية للشعب الفلسطيني، وهذا ما يزيد من نسبة الذين يقبلون بحل الدولتين. والنتيجة الوحيدة لهذا الواقع السياسي والاجتماعي أنه قاد حماس في الماضي القريب إلى تبني موقف سياسي أكثر براغماتية. وأصبح التعديل هو السمة الرئيسية لمطالب السلوك السياسي لحماس. فمن جهة أصبحت استراتيجيتها هي السيطرة على العنف والتفاوض من أجل التعايش. وقد انعكست حسابات المشاركة هذه على كل أفعال حماس، ما بدا واضحًا من خلال جهودها لتجنب صنع قرار حول تعهداتها المتضاربة بين الرؤية الإسلاموية والأمة الفلسطينية من جهة، ومصالحها المحلية من جهة أخرى[11]. وهذا ما قاد، بدءًا من عام 1993، إلى النقاش حول المشاركة في الانتخابات وقبول المسؤولية السياسية وتبني استراتيجيات سياسية تهدف إلى تحقيق الطموحات الوطنية للشعب الفلسطيني. ومع ذلك - كقضية مبدأ - بقيت حماس تنتقد، وبشكل مفرط، حلّ الدولتين. وهذا كان متوقعًا لأن أيديولوجيتها أصبحت أكثر جاذبية للشعب الفلسطيني الذي فقد الأمل في إمكانيات نجاح حلّ الدولتين.

الطريقة العملية: الدعوة والجهاد

نشأت حماس كحركة اجتماعية وحزب سياسي وحركة مقاومة مسلحة. وقد حمل ذلك المركز الإسلامي، الذي أنشأ ذات مرة على يد الإخوان المسلمين في السبعينات، على عاتقه مسؤولية الدعوة. هذه التعبئة الدينية الاجتماعية كانت بواسطة التعليم والعناية الصحية وأعمال البر والتعليم الديني وبناء المساجد. فقد ركزت الدعوة على إتباع نمط حياة يناسب المسلم الصالح. وكان الجهاد هو النضال ضد منْ يُنظر إليهم كأعداء الإسلام. وفي فلسطين تعتبر إسرائيل الترجمة السياسية لـ (عدو الإسلام). ومن المنظور الجهادي فإن حماس هي حركة مقاومة تعمل علنيًا ومنذ عام 1991، ولديها جناح عسكري سرّي يدعى كتائب القسّام نسبةً إلى الشيخ عز الدين القسّام، الذي دعا إلى الجهاد، في العشرينات، ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا، وقتل على يد الجيش البريطاني بعد هروبه من هناك إلى فلسطين التي كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني.

وكانت استراتيجية حماس هي حشد الدعم من أوساط مجتمعها. والنقطة الجوهرية في تعبئة مناصريها كانت رفضها للمفاوضات مع إسرائيل في الوقت الذي دخلت منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تعتبر فتح أهم الأعضاء فيها، تلك المفاوضات.

في عام 1996، وبعد نقاشات داخلية مستفيضة، قررت حماس عدم المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني[12]. وكان الجدل المحتدم يدور حول أن الانتخابات ستعطي الشرعية لاتفاقية اوسلو للسلام، والتي هي، برأي حماس، لا تقدم الضمانات للحقوق الفلسطينية ولا للدولة الفلسطينية[13].

مع ذلك فإن حماس، ومنذ تأسيسها، دأبت على المشاركة في انتخابات المنظمات الفلسطينية المختصة والمؤسسات (مثال على ذلك انتخابات الجامعات). وكانت الانتخابات البلدية الأولى التي فازت بها حماس، ومنذ ثلاثين عامًا، تلك التي جرت في 2004-2005 وحققت فيها نصرًا استثنائيًا، فقد فازت حماس في كل المدن الكبيرة في الضفة الغربية ما عدا رام الله. أعطت الانتخاب البلدية المختصة حماس الفرصة لتحول دعم المجتمع الفلسطيني لها إلى قوة سياسية وذلك ما قادها مرة ثانية إلى التحدي وإلى خوض الانتخابات الوطنية.

2.     موجز تاريخي لما جرى منذ الانتخابات الفلسطينية

في عام 2006 دعت حماس لبرنامج انتخابي أسمته برنامج الإصلاح والتغيير. أشارت حماس في برنامجها إلى أن بوسعها الآن المشاركة لأن الانتفاضة الثانية أسهمت في إنهاء اتفاقيات اوسلو[14]. فازت حماس في الانتخابات وأحرزت الأغلبية المطلقة، وهي 76 مقعدًا من أصل 132 مقعد في البرلمان. الكثير من الناس يعزون هذا الانتصار إلى صراع السلطة في قلب فتح الذي أدى إلى خوض الانتخابات الوطنية بقوائم منفصلة، وإلى التنافس بين مرشحي فتح. مباشرةً بعد الانتخابات رفضت فتح المشاركة في أي حكومة تقودها حماس. مع ذلك اختارت حماس العمل ضمن حكومة وحدة وطنية، وقد جاء هذا الخيار من جانب حماس لأنها لم تكن مستعدة لتنفيذ المواقف السياسية التي كانت تدعو إليها، والتي أعطاها النصر غير المتوقع والساحق في الانتخابات الحق في تنفيذها؛ من جهة أخرى جاء هذا الخيار كنتيجة لحاجة حماس للوحدة الوطنية ولو وفق شروطها[15].

في النهاية رفضت كل الأحزاب التعاون ضمن حكومة وحدة وطنية. وكان رفض فتح يستند رسميًا على فشل حماس بالاعتراف بدور منظمة التحرير الفلسطينية ورفضها المصادقة على قرارات الأمم المتحدة بخصوص فلسطين وعلى اتفاقيات إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية[16].

في حزيران 2006 كانت محادثات بين حماس وفتح، استنادًا إلى ما عرف بمبادرة الأسرى، وهي اتفاقية وقعت من قبل ناشطين من فتح وأعضاء من حماس في داخل السجون الإسرائيلية. وكانت وثيقة من 18 نقطة تدعم حلّ الدولتين وتتضمن الاعتراف بإسرائيل. وفي النهاية قررت حماس عدم المشاركة في حكومة وحدة وطنية بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس، في خطابه أمام الأمم المتحدة، وجوب التزام أي حكومة فلسطينية مستقبلية بالاتفاقيات الأولى بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بما في ذلك الاعتراف المتبادل[17].

اتهمت حماس فتح بأنها الغطاء السياسي لمتطلبات المجتمع الدولي. ثم عُقدت مفاوضات جديدة حول حكومة الوحدة الوطنية في نهاية ديسمبر كانون الأول، ومارس عباس ضغطًا خلال هذه المفاوضات عن طريق التهديد بالدعوة إلى انتخابات جديدة. أما حماس فقالت إن الانتخابات المبكرة عمل غير دستوري. وفي 10 حزيران 2006 أنهت حماس وقفًا لإطلاق النار، دام 16 شهرًا، بعد موت عائلة فلسطينية على شاطئ غزة، ادعت حماس بأنها قُتلت بنيران المدفعية الإسرائيلية. وتمّ خطف العريف الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 حزيران 2006، فدخلت إسرائيل إلى غزة بعد ثلاثة أيام، وفي غضون ذلك اندلعت الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. في نوفمبر 2006 حصل وقف غير رسمي لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل.

وبوساطة من المملكة العربية السعودية تمَّ في النهاية تشكيل حكومة وحدة وطنية في آذار 2007. ومرة أخرى لم تفي هذه الحكومة بالتزاماتها تجاه الرباعية وبقيت الأمور من دون حلٍّ وسط. ظلّت حكومة الوحدة الوطنية تعمل بعيدًا عن المواضيع الهامة مثل التحييد السياسي للقوى الأمنية ودمج المليشيات. وفي آيار2007 استأنفت حماس القتال ضد إسرائيل وكذلك في حزيران 2007 كانت كتائب القّّسام مسؤولة عن قصف إسرائيل من غزة. استجاب الرئيس عباس للعنف الفلسطيني الداخلي عبر التهديد بالدعوة لانتخابات مبكرة أو للتباحث من جديد. وفشلت عدة محاولات للتوصل إلى اتفاق في موضوع الأمن.

وفي 9 حزيران بدأت محاولة حماس السيطرة على السلطة في غزة بالعنف. وخلال ثلاثة أيام هزمت حماس القوات الموالية لفتح واستولت على المقرات الرئيسية للقوى الأمنية والأبنية الرئاسية. زعمت حماس بأن ذلك كان عملاً استباقيًا بقصد ضمان عدم استيلاء أي من الجماعات التي لها علاقة بفتح على السلطة، وهو زعم لا يبدو بأنه تمامًا من دون أساس، حيث يبدو أن محمد دحلان، رئيس جهاز الأمن في غزة، كان يستعد لاستخدام الوسائل العسكرية للتخلص من قيادة حماس. وفي 14 حزيران أعلن الرئيس عباس حالة الطوارئ وحلّ حكومة الوحدة الوطنية، وشكّل حكومة مؤقتة بقيادة الإقصادي والزعيم السياسي، الذي يحظى بالاحترام على مستوى العالم، سلام فياض، واعترفت إسرائيل والمجتمع الدولي بهذه الحكومة وحوّلت إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية التي كانت تحتجزها سابقًا إلى الحكومة الجديدة.

أما حماس فقد أعادت النظام إلى غزة، وسيطرت بشكل تام على العنف، واحتكرت بشكل كامل تقريبًا النشاطات السياسية وعدّلت القوانين والأنظمة. وشعر مؤيدو فتح بالتهديد: فقد تمّ إغلاق وسائل الإعلام المعارضة، وكانت أنظمة الصحة وخدمات التعليم، المدعومة ماليًا من قبل السلطة الوطنية في الضفة الغربية، تحت سيطرة حماس التي استولت على السلطة وأصبحت صاحبة القرار التي تمنح التراخيص. وعُيّن موظفو الأمن والنظام القضائي من عناصر حماس[18]. ودفعت السلطة الوطنية الفلسطينية رواتب قواتها الخاصة ورواتب عدد من الموظفين القضائيين لكي يلازموا منازلهم، ما يعني أن حماس فرضت سطوتها على مجتمع غزة.

بعد الاستيلاء على السلطة في حزيران 2007 أصبحت الحدود مغلقة بشكل كامل أمام حركة المرور. وردًا على الوتيرة المتزايدة للصواريخ والقذائف المنطلقة من غزة تجاه إسرائيل، اعتبرت الحكومة الإسرائيلية غزة كيانًا معاديًا في 2007، وقررت أن تفرض عليها المقاطعة. وشددت إسرائيل على نحو صارم مراقبتها للإمدادات الإنسانية الضرورية. وشهد الوضع الإنساني في غزة تحولات دراماتيكية رغم منع المجاعة الحادة عن طريق السماح بدخول كميات محدودة من الإمدادات الأولية، وكميات محدودة متواصلة من الأغذية والمياه والطاقة. وكان ما شهده القطاع من تدهور اقتصادي يبعث على اليأس، والمقرون بالتهديد المتواصل للعنف، يفرض ضريبة ثقيلة على شعب غزة. إلا أن هذا لم يؤدي إلى ابتعاد الناس عن حماس بل بالعكس من ذلك زاد من عداء السكان ضد إسرائيل، معتبرين حكومة عباس حكومة عاجزة.

وفي 23 كانون الثاني 2008 قامت مليشيات عسكرية بتلغيم الحدود بين غزة ومصر. استخدمت الألغام الأرضية لنسف الجدار الذي يشكل الحدود الفاصلة بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية. وتعاونت قوات حماس في البداية مع القوات المصرية لمنع الناس من عبور الحدود. لكن مع ذلك، في الصباح، قام عشرات الآلاف من الفلسطينيين بانتهاز الفرصة لشراء البضائع من مصر. وبالرغم من أن فتح الحدود شكل مشكلة لكل من مصر وإسرائيل إلا أن الحكومة المصرية، التي تسامحت مع تدفق هذا العدد الكبير من الفلسطينيين من أجل التبضع، اعتبرته أمرًا مخيفًا وباهظ الثمن ويجب عدم السماح بتكراره.

وبعد فترة ليست بالطويلة أعيد إغلاق الحدود قرب رفح مرة أخرى باصرار من مصر. لكن من ناحية ثانية كان على مصر أن تجد حلاً للتوتر المتنامي في غزة، فألحّت على كل الأطراف لكي توافق على وقف إطلاق النار. وكان في النهاية وقف لإطلاق النار لمدة ستة أشهر في 19 حزيران 2008. ووافقت إسرائيل على توسيع تدريجي لدخول عدد من البضائع المرخص بها إلى غزة، فكان هناك هدوء معقول بدأ معّ وقف إطلاق النار. وأيضًا أحجمت إسرائيل عن القيام بعمليات عسكرية حتى عندما تم قصف معبر كارني. من جهة ثانية اتهمت حماس إسرائيل بعدم إيفائها بما تفرضه عليها التزامات الاتفاقية المبرمة معها، والتي تقضي برفع الحظر. وأيضًا كانت فتح قد سمحت باعتقال العشرات من أنصار حماس، ومنع ما يقارب من 400 مدرس من مؤيدي حماس من مزاولة أعمالهم في الضفة الغربية. وفي نوفمبر 2008 قامت إسرائيل بقتل 5 من مسلحي حماس، وزعمت بأنهم كانوا متورطين بحفر أنفاق لغرض قصف إسرائيل بالصواريخ. عندما انتهت اتفاقية وقف إطلاق النار لاحظت حماس أن هذه الاتفاقية لم تجلب أي فائدة لها ولا للشعب في غزة، وإن لا مصلحة لها في الاستمرار بها. ومرة أخرى مالت الكفة لصالح الجناح الأيديولوجي لحماس، فتم استئناف قصف إسرائيل من جديد، ما دفع إسرائيل إلى القيام بعملية عسكرية جديدة في غزة.

وكما عرضنا سابقًا، فإن لدى حماس مزاج أيديولوجي ديني وتوجه سياسي براغماتي. المزاج الأيديولوجي يتجلى في أحاديثها والتدرج المرحلي في جعل موضوع رفض السلام مع إسرائيل بمثابة مبدأ، بل وحتى رفض المشاركة في السلطة مع المجتمع الفلسطيني، ما يعطي المبرر لمن يركزون فقط على الخطاب الأيديولوجي لأن يدّعوا بأن السلام مع حماس مستحيل، ما يفترض ضمنًا رؤية ضيقة للغاية لبواعث حماس، لأن الوجه الآخر لحماس هو أنها إحدى الحركات السياسية البراغماتية التي تريد استرجاع سلطتها، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على تجاهل تعهداتها نحو ذلك الجزء من الشعب الفلسطيني الخاضع لسلطتها. هذه المقاربة السياسية البراغماتية ليست دائمًا معتدلة أو مسالمة، حيث يمكن أيضًا أن يقود المنطق العقلاني قيادات حماس إلى الاستنتاج بأن العنف أفضل من الحديث عن تقاسم السلطة داخل المجتمع الفلسطيني أو الحديث عن السلام وعقد اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع إسرائيل. ولأن الموقف السياسي البراغماتي، بسبب بعض هذه الظروف، غير صلب فإنه ما زال قادرًا حتى الآن على التغير.

لاحظت الإيكونومست إنه، حتى بعد تصاعد الصراع بين حماس وإسرائيل في ديسمبر 2008، فإن حماس كانت منقسمة بين نزوعها البراغماتي وبين التشدد والظروف، ونوع الصراع هو الذي يحدد إلى أي جانب تميل الكفة[19]. ورغم هيمنة أيديولوجية الخط المتشدد خلال فترات العنف والصراع تبقى هذه الأيديولوجية بلا جواب أمام المأزق الحقيقي الذي تواجهه حماس حين تريد ممارسة السلطة في المناطق الفلسطينية.

3.     الشروط الثلاث للجنة الرباعية

شُكلّت اللجنة الرباعية في العام 2002، وهي تضم كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا. كان هدفها الأساسي تنظيم مؤتمر للشرق الأوسط في ذلك العام. لم ينعقد المؤتمر أبدًا، لكن اللجنة الرباعية استمرت بالعمل لتبين اهتمام المجتمع الدولي بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. في 30 كانون الثاني 2006 عقد ممثلو الرباعية اجتماعًا في لندن لمناقشة الانتخابات التي حققت فيها حماس ببرنامجها، الإصلاح والتغيير، فوزًا كبيرًا إذ فازت بـ 74 مقعدًا من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني أي (56%) من المقاعد البالغة 132 مقعدًا. وقد هنأ ممثلو الرباعية، وهم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزيرة الخارجية الاسترالية اورسولا بلاسنك ووزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس، الشعب الفلسطيني على نجاح الانتخابات الحرة والنزيهة.

مع ذلك أعلنت الرباعية بأنه على

جميع أعضاء الحكومة الفلسطينية المستقبلية أن يتعهدوا بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والقبول بجميع الاتفاقيات والتعهدات السابقة بما فيها خارطة الطريق،

وختمت الرباعية بيانها بالقول

إنه لمن الحتمي أن تكون المساعدات المستقبلية، لأي حكومة جديدة، مشروطة بأن يعيد المانحون النظر بهذه المساعدات إن أخلت الحكومة بأي من مبادئ نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والالتزام بالاتفاقيات والتعهدات السابقة بما فيها خارطة الطريق.

كما يذكّر التصريح بأن "على الجانبين تجنب أي أعمال من جانب واحد تضر بقضايا الوضع النهائي..." وكررت وجهة النظر القاضية بوجوب وقف التوسع، كما كررت قلقها من العقبات التي تعترض الطريق، وأشارت إلى التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء المؤقت اولمرت بأن إسرائيل ستستمر في عملية إزالة المواقع غير المرخصة[20].

كما أوضح البيان أن الرباعية تتوقع ليس فقط من حماس، بل من كل أعضاء الحكومة الفلسطينية المستقبلية، أن يفوا بالشروط الثلاثة. أوضح التقرير، بشكل مؤلم، المطالب التي على الحكومة الفلسطينية الجديدة تلبيتها، والتي عرضت بطريقة مختلفة على الحكومة الإسرائيلية الملزمة أيضًا باتباع خارطة الطريق. ولا يمكن تفسير ذلك إلا بسبب اعتماد الحكومة الفلسطينية على المانحين. ولم تثمر محاولات الممثل الخاص للأمم المتحدة بالترحيب بمشاركة حماس في الانتخابات واحترامها، في وقف إطلاق النار[21].

بعد ثلاثة أشهر قررت الرباعية، في ردها على برنامج الحكومة الفلسطينية الجديدة، أن الشروط الثلاثة لم يتم الوفاء بها[22]. وبذلك أصبحت مقاطعة الحكومة الفلسطينية الجديدة حقيقة. أما مكتب رئاسة السلطة الفلسطينية فأستمر بتلقي المساعدات الدولية. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فإن هذه المقاطعة تضمنت تعليق جميع الاتصالات مع الحكومة الفلسطينية الجديدة ووقف التعاملات المالية إلا مع الحسابات التي تتعامل مع السلطة الفلسطينية التي ترد إليها الأموال التي يتم إنفاقها تحت الإشراف الدولي المباشر. كما توقفت بعض أنواع المساعدات المقدمة من الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية بما فيها مساعدات مكتب التنسيق الأوروبي لدعم الشرطة الفلسطينية.

لقد كان الاتحاد الأوروبي تابعًا للولايات المتحدة في هذا الأمر، وإن كان أكثر براغماتية عندما ربط استئناف الدعم بقبول حماس بالشروط الثلاثة للرباعية[23]. لكن الولايات المتحدة ذهبت أبعد من الاتحاد الأوروبي في ذلك، وأعلنت إنها ستضع المصارف الدولية التي تتعامل مع الحكومة الفلسطينية على القائمة السوداء.

التخلي عن العنف

من الواضح أنه، رغم وقفها لإطلاق النار من جانب واحد، من آذار 2005 - نيسان 2007، فإن حماس، باعتبارها عضوًا في الحكومة الفلسطينية الجديدة، تعتبر العنف، بما فيه العنف ضد المدنيين، عملاً مشروعًا لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

هناك نقاشات حول شرعية استخدام العنف كأحد أساليب مقاومة الإحتلال العسكري، وهذا لا يعتبر متناقضًا مع القانون الدولي[24]. ورغم ذلك، حتى وإن لم يكن شرعيًا، فإن حماس ملزمة معنويًا وسياسيًا باحترام متطلبات القانون الدولي الذي يفرض عدم التعرض للعزل والمدنيين. إن استخدام حماس للعنف ضد أفراد الجيش الإسرائيلي المتورط، والذي هو جزء من عمليات احتلال المناطق الفلسطينية، لا يعد خرقًا لمبدأ عدم التعرض للعزل، حتى وإن أخذ شكل عمليات انتحارية. يختلف الأمر فقط عندما يكون المدنيون الإسرائيليون أهدافًا مقصودة.

إن إيقاف الأعمال العدائية لدى الجانبين هو شرط مسبق معقول ومألوف للبدء بمفاوضات السلام. بالإحجام عن العداء، تأخذ الأطراف مكانها في المفاوضات التي تحيي الثقة بينها وتعطى الفرصة للسلام المنشود الذي يعملون من أجله. من هذا المنطلق، ليس من الواقعية أن نتوقع أن حماس هي الوحيدة التي يجب أن تنبذ العنف. إن حماس وكل الأطراف المشاركة في الصراع تستطيع بالتأكيد الالتزام والاستجابة للقانون الإنساني الدولي.

ومن الجلي أن إطلاق القذائف وصواريخ القسّام، والتي تستهدف المدنيين، هو عمل غير أخلاقي تحت أي ظرف، ويتنافى مع معاهدة جنيف الرابعة. وإطلاق هذه الصواريخ على أهداف عسكرية هو أيضًا غير شرعي لأن الصواريخ غير دقيقة الاستهداف تمنع تطبيق قانون حماية العزل والمدنيين. كذلك فإن إطلاق الصواريخ من داخل المناطق الآهلة بالسكان أو من مناطق متاخمة لها هو أيضًا انتهاك للقانون الدولي الإنساني لأنه يحوّل السكان إلى دروع بشرية[25].

من حزيران 2004 حتى كانون الأول 2007، تسببت صواريخ القسام بقتل أحد عشر مدنيًا[26]. وقد استنكر الأمين العام للأمم المتحدة هجمات الصواريخ الفلسطينية والتي سمّاها "أعمالاً إرهابية"، كما سمّى الإجراءات الإسرائيلية التأديبية "غير متكافئة واستخدامًا مفرطًا للقوة"[27].

هناك إشارات واضحة من حماس تدل على اهتمامها بوقف إطلاق النار[28]. ومع ذلك فإن إسرائيل لاترى في وقف إطلاق النار حلاً، بل تعتقد أن الإجراءات الإسرائيلية العقابية هي التي تحقق النتائج المرجوة[29]. وأكثر من ذلك تخاف إسرائيل من أن وقف إطلاق النار سيعطي حماس الفرصة لتعزيز وتقوية موقفها. تحت ضغط السكان في جنوب إسرائيل، وضغط مصر والمجتمع الدولي، تنامى الاستنكار لعملية المقاطعة شبه التامة لغزة، ووافقت إسرائيل في النهاية على وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر. وتستمر الآن المحادثات غير المباشرة بواسطة مصر من أجل تبادل الأسرى وإطلاق سراح العريف الإسرائيلي جلعاد شاليط.

الاعتراف بإسرائيل

هناك أيضًا تحفظات على جعل الاعتراف بإسرائيل شرطًا مسبقًا. فالتحليلات تقول إن الاعتراف بدولة إسرائيل يجب أن يكون نتيجة للمفاوضات وليس شرطًا مسبقًا لها. وهذا ما يجعل من المستحيل على حماس أن تعلن اعترافها بإسرائيل قبل بدء المفاوضات وقبل أن تشهد هذه المفاوضات تقدمًا حقيقيًا.

قال افرام هالفي، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، في مقابلة مع الشبكة الهولندية المعروفة بـ Duch World Service Network، إن على إسرائيل أن تقبل عرض حماس لهدنة غير مشروطة وطويلة الأمد. "لم تكن هناك مشكلة كهذه عندما تفاوضنا مع الآخرين في المنطقة."[30] في الماضي وضعت الولايات المتحدة ضغوطًا كبيرة على منظمة التحرير الفلسطينية لكي تقبل بالقرار 242 قبل أن يتاح لها بأن تكون شريكًا في المفاوضات، فقبلت المنظمة بالقرار في عام 1988، والذي معناه قبول "السلام" مع إسرائيل مقابل الأرض "أي المناطق المحتلة"؛ وبعد ثلاث سنوات أخذت منظمة التحرير الفلسطينية موقعها في مفاوضات مدريد ومن بعدها في مفاوضات واشنطن واوسلو التي استندت على ذلك الموقف. مع ذلك، في تلك الأيام، كان القبول بإسرائيل نتيجة للمحادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية وليس شرطًا مسبقًا لها.

ما يعني، بتعبير آخر، إن الطلب من حماس القبول بإسرائيل هو خلط غير ملائم بين الشروط المسبقة والنتائج النهائية للمفاوضات.

ومن الأهمية بمكان إدراك أن نشوء السلطة الفلسطينية اعتمد على اتفاقيات اوسلو للسلام التي اعترفت فيها كل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل ببعضهما البعض. إن مشاركة حماس بالانتخابات على أساس برنامج الإصلاح والتغيير يدل ضمنًا على القبول بالقواعد التي كانت قد وضعتها السلطة الفلسطينية. وأيضًا في الوقت نفسه أعطت حماس إشارات ذات مغزى بتوقيعها على اتفاقية مكة التي رعتها المملكة العربية السعودية، حيث ألزمت حماس نفسها باحترام القرارات العربية والدولية الملزمة لحكومة الوحدة الوطنية والاتفاقيات التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية "كجزء من مفاوضات اوسلو"[31].

وهذا ما يبين أن حماس يمكن أن تكون منظمة براغماتية عندما يفيدها ذلك ويجعل سلطتها وموقفها أكثر قوة. ففي اتفاق مكة ميّزت حماس بين مسؤوليات السلطة الفلسطينية، فهناك مسؤوليات للحكومة وأخرى لمنظمة التحرير الفلسطينية، مسؤوليات تتيح للرئيس عباس التفاوض مع إسرائيل بينما حماس، كمنظمة، تستطيع أن تصر على رفضها المسبق للاعتراف بإسرائيل. وهذا ما يفسّر التهمة التي وجهها الرجل الثاني لقيادة تنظيم القاعدة أيمن الظواهري حين اعتبر أن توقيع حماس على اتفاقية مكة يخدم التوجهات الأميركية التي تدعو لاحترام الاتفاقيات المبرمة مسبقًا مع إسرائيل. ويوضح أيضًا رد حماس القائل بـ "أننا لن نخون عهودنا التي قطعناها مع الله للاستمرار في طريق الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين كل فلسطين"[32].

وقد عبّر متحدّث آخر لحماس عن ذلك بالقول إن هذا القبول بدولة إسرائيل لن يكون اعترافًا رسميًا إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة[33]. لقد بقيت تصريحات حماس حول الإعتراف بدولة إسرائيل متناقضة في هذه المرحلة. مما طرح تساؤلات حول شكل الحلّ الذي تريده حماس.

القبول بالاتفاقيات والتعهدات السابقة

كانت شروط الرباعية، قبول الاتفاقيات والتعهدات السابقة وبضمنها خارطة الطريق، مقبولة بشكل كبير في رسالة التكليف من الرئيس عباس، والتي كانت جزءًا من اتفاقية مكة في 8 شباط عام 2007، وقد جاء فيها

أني أدعوكم، باعتباركم الحكومة الفلسطينية العتيدة، أن تتعهدوا بالعمل على تحقيق التطلعات العليا للشعب الفلسطيني والحفاظ على حقوقه وانجازاته وتطويرها والعمل على إنجاز الأهداف الوطنية مثلما صادق عليها المجلس الوطني الفلسطيني ومواد القانون الأساسي ووثيقة المصالحة الوطنية. وبناءًا على ذلك أدعوكم إلى احترام القرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية.

وقد تحفظت حماس على الخطاب، لأن حماس تعتقد أن بعض الاتفاقيات الماضية تتناقض مع تطلعات الشعب الفلسطيني ويجب أن تُعدّل في المفاوضات مع إسرائيل[34].

نتيجة المقاطعة

لقد كانت نتائج عزل حماس ومحاصرة غزة كارثية، وكان الهدف من العزل والحصار واضحًا ألا وهو تقويض التأييد لحماس في غزة وإظهار السلطة الفلسطينية كبديل مثالي في الضفة الغربية. فكان الدعم السياسي والاقتصادي للسلطة الفلسطينية، وإحياء محادثات السلام والتساهل مع الاحتلال الإسرائيلي مقصودة لجعل التطورات التي تشهدها الضفة الغربية ملفتة بالنسبة للشعب الفلسطيني في غزة، والذي تحمّل عبء الأزمات الإنسانية واستمرار العنف الإسرائيلي. كان وقف إطلاق النار سببًا لبعض الاسترخاء رغم استمرار الوضع الاقتصادي الكارثي.

لكن العقوبات واستخدام العنف ضد حماس زادها قوة ولم يضعفها. فحماس

أصبحت أقرب من تأسيس احتكار فعال لاستخدام القوة وشبه احتكار للنشاط السياسي المفتوح. كما أنها أعادت تشكيل الأنظمة القانونية والتشريعية وأصبحت تتمتع بحرية الإمساك بزمام الأمور لإعادة تشكيل المجتمع من خلال إدارة شؤون الصحة والتعليم والشؤون الدينية[35].

والأكثر من ذلك هو أن المقاطعة جعلت نفوذ السلطة الفلسطينية يتبخر، مما سهّل لحماس سدَّ الفراغ الذي تركته السلطة وراءها. وقد أشار أنصار عزل حماس إلى نمو الإحباط في أوساط الشعب في غزة والناتج عن الأزمات الإنسانية والعنف والطريقة التي تعاملت بها حماس لإنهاء العنف بوضع يدها بقسوة على حرية الصحافة وحرية النشاطات السياسية المستقلة أيضًا. ومما لاشك فيه أن بعض الفلسطينيين أسفوا على تصويتهم لصالح حماس في الانتخابات. لكن من جهة ثانية توجه الإحباط ضد إسرائيل بالدرجة الأولى، وتحديدًا بعد انفجار الأوضاع على الحدود بين مصر وغزة. ومن جهة أخرى

أعادت حماس بالتدريج فرض النظام عن طريق الميليشيا التابعة لها والتي ضبطت إطلاق النار والعداوات القبيلة. ما أدى إلى انخفاض كبير في النشاطات ذات الطابع المافوي[36].

ولو أراد أي أحد آخر أن يفعل ما فعلته حماس في غزة للقيَّ الترحيب من المجتمع الدولي. وهذا ما أدى إلى تزايد التأييد لحماس على حساب تأييد السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس عباس، والذي يبدو غير قادر على حماية تطلعات الشعب في غزة. والنظرة الفاحصة حاليًا تُظهر أن التأييد الشعبي لقائد حماس إبراهيم هنية قد تزايد في الضفة الغربية من 37% إلى 47% منذ كانون الأول 2007، بينما تراجع تأييد الرئيس عباس من 56% إلى 46 بالمئة[37].

النتائج الكارثية والعكسية لمقاطعة حماس

وُضعت شروط الرباعية الثلاثة أولاً كمبادئ لتقرير ضمان المساعدات لكل حكومة فلسطينية جديدة. وبالتدريج بدأ استخدام هذه المبادئ كشروط للدعم والحفاظ على الاتصال مع الحكومة الفلسطينية التي شاركت بها حماس، وكشرط للبدء بالبحث عن السلام على اعتبار أن حماس أصبحت ممثلة للشعب الفلسطيني، وتم اختيارها عبر انتخابات ديمقراطية. وتنظر وزيرة الخارجية الأميركية إلى هذه الشروط "كمبادئ أساسية للسلام"، حيث "لن تكون هناك اتفاقية أو عملية سلام ما لم يعترف طرف بحق الطرف الآخر بالوجود، أو ما لم ينبذ العنف[38]".

وهذه الملاحظة تبدو صحيحة، لكنها تتجاهل جوهر المشكلة. فالمبادئ الضامنة للمساعدات قد فُسّرت باعتبارها شروطًا للتفاوض الدبلوماسي، وذلك ما جعل منها عقبات لأي محاولة لتحقيق السلام الذي يقود إلى الاعتراف المتبادل بحق الآخر بالوجود والتخلي عن العنف.

وربما لم يقدم أعضاء الرباعية شروطهم الأولية في محاولة لجعل وضع حماس أكثر اعتدالاً أو من أجل تقويض الدعم الشعبي لحماس وتقوية موقف الرئيس عباس. لكن عمليًا كانت الشروط ذات مردود عكسي كارثي الى حد كبير. حيث

-       أصبحت شروط الرباعية جزء من سياسة فرّق - تسُد، وهذا ما طعن بسمعة الرباعية "كوسيط نزيه". كما وأضر عمليًا بمصداقية الأمم المتحدة كما أشار تقرير دو سوتو حيث جاء

... سيتم الطعن بمسؤولياتنا تجاه الشعب الفلسطيني ومشكلة الشرق الأوسط، إن لم يكن قد تمت التضحية بها، على مذبح تحسين العلاقات مع عدد من الدول الأعضاء، أيًّا كانت أهميتها[39].

-       وجّهت مقاطعة حماس كل الاهتمام السياسي نحو المستوى المتدني للالتزام بالتعهدات من الجانب الفلسطيني، بينما سحبته بعيدًا عن الرفض الإسرائيلي لتلبية التعهدات الهامة واحترام القانون الدولي[40].

-       خلقت شروط الرباعية ظروفًا مثالية للمتطرفين من كلا الجانبين لكي يضعوا عملية سلام الشرق الأوسط رهينة لديهم[41]. كما أسهمت مقاطعة حماس في استجابتها للدعم القادم من إيران وانتشار النفوذ الإيراني في المنطقة وفي الصراع الجاري فيها.

-       ليس هناك أدلة على أن عزل حماس قلل من الدعم الشعبي لها. ففي الوقت الذي تُقاطع فيه حماس، يقوّض الدعمُ السياسي والاقتصادي للسلطة الفلسطينية مصداقيةَ عباس ويقلّص ملعبه السياسي. أشار غراهام فوللر، وكيل رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية CIA، إلى أن بحث الغرب عن "كيسلينغ فلسطيني" يعتمد على قراءة جانب واحد من المشكلة محكوم عليه بالفشل. فعلى الغرب أن يقوم بمقاربة أكثر توازنًا مع حماس إذا أراد تحقيق أي نجاح في العملية السياسية[42].

-       كانت الشروط إحدى عناصر الصراع الفلسطيني الداخلي الدامي الذي ساعد على زيادة اضمحلال المؤسسات الفلسطينية وإمكانياتها ما يقود إلى انهيار الدولة.

لقد عوملت المؤسسات الفلسطينية كلعبة اليو يو، أو ربما كالطين الذي يعاد تشكيله مرة إثر مرة وفقًا للحاجات الراهنة. لذلك عندما تتطلب الدبلوماسية قيادة فلسطينية قابلة للحياة - كما تفعل الآن لغايات قصيرة أو طويلة الأمد - فإنها لن تجد أحدًا[43].

-       قوّضت مقاطعة حماس بعد "الانتخابات الحرة والعادلة والنزيهة" استراتيجية استخدام الانتخابات لتحقيق الإصلاحات السياسية، وهو طريق بدا وكأن العديد من الحركات الإسلامية المعتدلة مستعد لقبوله، ما أضرّ بمفهوم الديمقراطية في العالم الإسلامي. إحدى الأمثلة التوضيحية على ذلك هو الانتقاد الذي وجهه إلى حماس ممثل الجماعة الإسلامية في لبنان عندما أشار إلى فشل كل الإسلاميين الذين شاركوا في البرلمانات الوطنية.

ليس هناك أي حزب إسلامي أو نائب، بدءًا من إسلام آباد وصولاً إلى القاهرة أو أي مكان بينهما، كُتب له النجاح في جلب أي تغيير مؤثر لمجتمعه[44].

ما دعا ألستر كروك لهذه النبوءة السوداوية حيث قال

سيكون من الممكن على المدى المتوسط التنبؤ بأن العدد الأكبر من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل سيصبحون راديكاليين كما هي الحال عند الشعب الفلسطيني برمته. وقد يختفي أصدقاء إسرائيل من الزعماء العرب المعتدلين. وستواجه إسرائيل الإسلاميين ليس فقط في الحكومة الفلسطينية بل على الحدود الأردنية والحدود المصرية[45].

سياسيًا، انتهت مقاطعة حماس إلى فشل ذريع، وهذا ما أضر كثيرًا بمصداقية عملية السلام وبمصداقية اللجنة الرباعية. لقد قطع أنصار مقاطعة حماس كل أمل بالسلام.

إن الفكرة التي لدى القادة في الحكومة الإسرائيلية ولدى حكومتنا، والقائلة بأنه من الممكن استبعاد حماس من محادثات السلام والتوصل إلى نتيجة ناجحة من هذه المحادثات، هي أمر خيالي[46].

في الوقت نفسه هناك، في المجتمع المدني، بضعة الأعضاء البارزين في حماس ممن يملكون الوسائل المناسبة للتحرك والاتصال بالمجتمع المدني في الغرب، كـ "بيت الحكمة" الذي يحاول تنظيم لقاءات بين أعضاء من حماس وممثلين عن الغرب، والذي يريد أن يكون جسرًا بين حماس والغرب[47].

4.     دور الولايات المتحدة

نشرت دورية Vanity Fair الأميركية مؤخرًا مقالة تحمل عنوان قنبلة غزة[48]. تناولت فيها الطريقة التي يبدو أن الحكومة الأميركية تدخلت فيها في موضوع العنف الدائر بين فتح وحماس. وقد اعتمدت المجلة على المعلومات التي أدلى بها ديفيد ورمسر، من المحافظين الجدد، وهو مستشار نائب الرئيس ديك تشيني الذي استقال احتجاجًا على دخول الولايات المتحدة في حرب قذرة لدعم دكتاتورية فاسدة (بقيادة محمود عباس) وتحقيق النصر لها.

ترسم المقالة صورة للحكومة الأميركية، المرتبكة من انتصار حماس في الانتحابات، وهي تقوم بالضغط على الرئيس عباس لكي يقوم بحلّ الحكومة المنتخبة حديثًا وبأسرع وقت ممكن. وقد شجعت الولايات المتحدة الرئيس عباس على إضافة محمد دحلان إلى فريقه كمستشار للأمن الوطني الفلسطيني. وسيلعب دحلان دورًا قياديًا مع الجنرال دايتون الذي عيّن منسقًا للأمن الأميركي لشؤون فلسطين. كان هناك هدف واضح "إفعل ما بوسعك، علينا أن نكون مع فتح لهزيمة جيش حماس".

في نيسان 2007 صادق الكونغرس الأميركي على فاتورة دعم بقيمة 59 مليون دولار من أجل "تفكيك بنية الإرهاب وتثبيت الأمن والنظام في الضفة الغربية وغزة". وبالتوازي مع هذا الدعم المفتوح كانت هناك خطة عمل سرية[49] وهذه الخطة - حسب ما أكدته المجلة - هي تعزيز مستوى القوات الأمنية لفتح المكونة من 15000 عنصر بإضافة 4700 آخرين ممن تلقوا تدريبًا خاصًا في كل من مصر والأردن، وقد تم شراء الأسلحة ودفع رواتب القوات الأمنية من السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وصادق الجميع على تنفيذ هذه الخطة. وقد أكد الجنرال دايتون وصول الدفعة الأولى من القوات الجديدة، البالغة 500 عنصر، أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط في البيت الأبيض الأميركي[50]. كما ذكر تقرير لجريدة هآرتس، في 7 حزيران 2007، وصول أكبر دفعة تتلقاها فتح من الأسلحة المصرية ومن ضمنها العشرات من السيارات المصفحة والمئات من قذائف الآر.بي.جي المضادة للدروع، والصواريخ وآلاف القنابل اليدوية والملايين من ذخائر الأسلحة ذات العيارات الصغيرة[51]. وبعد بضعة أيام بدأ "الانقلاب" على حماس. التي من جانبها كانت قد تدربت وتلقت السلاح من إيران. وقد صرح ورمسر أن الانقلاب في غزة لم يكن في نية حماس بل كان عملاً استباقيًا لمنع انقلاب فتح المدعوم أميركيًا.

إن إعادة إعمار التدخل الأميركي في العنف الفلسطيني الداخلي يحتوي على العديد من العناصر التي تنذر بالخطر. حيث يبدو واضحًا أن الحكومة الأميركية لم تكن فقط غير راضية عن نتائج الانتخابات الفلسطينية من البداية، ولكن الولايات المتحدة كانت أيضًا متورطةً في محاولات لإبعاد حماس من الساحة السياسية، وعن طريق خطة عمل سرية، كانت أيضًا متورطةً في المعركة الدموية الدائرة بين فتح وحماس. وهذا بحد ذاته، ليس السبيل الوحيد للعمل في الشرق الأوسط؛ فإيران كانت أيضًا متورطة وبنفس الطريقة مع حماس. ومن جهة أخرى، فإنه من المثير للقلق، ملاحظة أن الولايات المتحدة، كمدافعة عن نشر الديمقراطية وكعضو في اللجنة الرباعية، تتعامل على نفس المستوى الذي تتعامل به إيران. ومقابل هذه الخلفية كان انقلاب حماس ردًا على الطريقة التي شجّعت ودعمت فيها الولايات المتحدة تقويض اتفاق مكة، وردًّا على محاولات قوات فتح "بقيادة دحلان" استلام السلطة[52]. فانقلاب حماس لم يكن مخططًا له ولا مرغوبًا فيه.

ما يعني باختصار أن هناك أسباب عديدة للاقتناع أن حماس سعت لتحسين موقفها التفاوضي مع عباس وأرادت أن تقوم بعمل استباقي ضد تعزيز قوة فتح. لكنها بسيطرتها التامة وبوضع يدها على غزة دفعت ثمنًا باهظًا للغاية[53].

5.     مشاهد مستقبلية

لقد تتبعنا طريقة محاولات استبعاد حماس عن المفاوضات ومقاطعتها، ورأينا أنها كانت كارثية أكثر منها ناجحة. هذا وسنقدم فيما يلي ثلاثة نتائج محتملة، جميعها تصّر على استبعاد حماس وهي:

أ: سيناريو الضفة الغربية أولاً.

ب: سيناريو المزيد العنف في غزة.

ج: سيناريو التأجيل المستمر لعملية السلام.

أ: سيناريو الضفة الغربية أولاً:

في معرض دعمهم لرئيس السلطة الفلسطينية وحكومته الجديدة باشرت إسرائيل والأعضاء الرئيسيون في مجموعة المانحين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، بعدد من الضغوطات السياسية، بهدف فرض أوضاع غير متماثلة، الغاية منها مدّ تأثير الشروط الاقتصادية على الانقسام السياسي في المناطق الفلسطينية، في محاولة للتأثير على التوجهات السياسية لممثلي الشعب في تلك المناطق[54].

لقد كانت مقاطعة حكومة حماس، واستمرار الحجر حتى بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وعناق الرئيس عباس كحليف، هي الطابع المميز لسياسة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. إن الأزمة في غزة والواقع الجديد الذي ظهر هو - كما تقول بعض التحليلات-

فرصة لاستبدال فظائع غزة بواقع جديد في الضفة الغربية، (واقع) يمكن أن يقدم كمثال للطاقات الإيجابية الفلسطينية[55].

إن سيناريو الضفة الغربية أولاً يفترض أن التأييد للسلطة الفلسطينية وللرئيس عباس سيتنامى باطراد مع تحسّن مستوى الحياة في الضفة الغربية، وسينخفض التأييد لحماس تناسبًا مع تردي الأوضاع الإنسانية والأمنية في غزة. في هذا السيناريو سيتم عزل حماس بشكل صارم. وهذا سيؤدي فقط إلى تأجيج الصراع بين حماس وفتح داخل المجتمع الفلسطيني؛ وهو مكافأة للقيادات السياسية لفتح، غير المستعدة لتقاسم السلطة مع حماس، على موقفها.

ومع ذلك فإن هذا السيناريو غير قابل للنجاح للأسباب التالية:

-       يستند سيناريو الضفة الغربية أولاً على فكرة أن الرئيس عباس يستطيع أن يكون في وضع أقوى في الضفة الغربية على حساب غزة. وهذا ليس فقط غير مقبول أخلاقيًا بل إنه مستحيل سياسيًا. إن قبول الدعم للضفة الغربية واستبعاد حماس نهائيًا يقوّض موقف الرئيس عباس كرمز للدولة الفلسطينية[56].

-       إن سيناريو الضفة الغربية أولاً يعتمد بشكل كبير على قدرة فتح على العمل الحاسم. ولكن، خلافًا لحماس فإن فتح لم يعد لها وجود كحركة ذات تنظيم وأيديولوجيا متماسكة. فخلف اسمها المعروف هناك فروع عديدة وإقطاعيات ومصالح شخصية[57].

-       إن سيناريو الضفة الغربية أولاً يتطلب مزيد من الأمن للشعب الفلسطيني. ورغم أن حكومة فياض قد حققت تقدمًا في هذا المجال في نابلس، وتوسعت لتصل إلى جنين، إلا أن سياسة الأمن العسكري الإسرائيلي أحبطت أي مكتسبات يمكن أن تحصل على هذا الصعيد.

-       إن احتمال استمرار عدم الاستقرار السياسي والتحديات الجديدة تحدّ من فرص الانتعاش الاقتصادي وهي أمر جوهري لسيناريو الضفة الغربية أولاً[58].

-        إن الشرط الحاسم للانتعاش الاقتصادي في الضفة الغربية هو تراخي القيود الإسرائيلية على حرية الحركة والتجارة داخل الضفة الغربية وما وراء الحدود. لكن تفتت الضفة الغربية يجعل تطور الاقتصاد الفلسطيني مستحيلاً[59].

-       يقود سيناريو الضفة الغربية أولاً إلى العنف بشكل حتمي تقريبًا. حيث ستقوم حماس بتخريب أي نجاح غير متوقع يمكن لهذا السيناريو أن يحققه. وإذا لم يكن هناك تحسّن سريع في مستوى الحياة فإن الشعب في الضفة الغربية سيغير تأييده من التجاوب مع هذا السيناريو إلى مقاربات أخرى أكثر تشددًا.

لهذه الأسباب كلها فإن استراتيجية الضفة الغربية أولاً، والتي ترتبط بإحكام مع مشروع عزل حماس، تظهر القليل من الواقعية السياسية والاقتصادية؛ ما يعني أنه محكوم عليها بالفشل إن لم تكن مفلسة سياسيًا مسبقًا.

ب: سيناريو المزيد من العنف في غزة

يفترض السيناريو الثاني المزيد من العنف، وهذا ما أصبح حقيقة في كانون الأول 2008. حيث لا تزال إسرائيل ترى في وجود حماس في غزة خطرًا أمنيًا يجب تحييده. والصواريخ التي تطلق من غزة ليست المصدر الوحيد لذلك التصور، فالأسلحة المهرّبة والأسلحة المصنّعة محليًا لتعزيز قوة حماس هي أيضًا عنصر آخر. ولا يُتوقع من إسرائيل السكوت على المزيد من الهجمات بالصواريخ التي تنطلق من غزة. ولا يُتوقع من حماس أن تبقى بلا حراك في الوقت الذي تعزل فيه سياسيًا وتخنق غزة اقتصاديًا.

فكلا الطرفين - إسرائيل وغزة - هما تحت ضغط كبير في سيناريو مزيد من العنف في غزة. سينفذ الجيش الإسرائيلي مهمات تتراوح بين تحييد المصدر، أو إن استخدمنا المصطلحات الفنية الإسرائيلية، القيام بمهمات تتراوح بين "تدمير البنية التحتية للإرهاب" وقتل قادة حماس. وبوسع إسرائيل أيضًا أن تفعل أكثر من ذلك بإقامة مناطق عازلة تمكنها من السيطرة على القنوات التي تستخدم لتهريب الأسلحة. وقد كان لدى إسرائيل مناطق عازلة على طول الحدود بينها وبين غزة في الماضي. ويفترض هذا السيناريو استمرار حماس بهجماتها الصاروخية وازدياد دقة تصويبها ومداه. كما ويفترض تطوير العمليات البرية إلى حرب عصابات داخل المدن. ومع ذلك من المشكوك به للغاية فيما إذا كان لدى هذا السيناريو القدرة على الاستمرار على المدى المتوسط.

-       فالقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في غزة سيتطلب حشودًا إسرائيلية لإعادة احتلالها. والعمليات البرية من هذا النوع ستخلف الكثير من الإصابات[60]. وهذا ليس من مصلحة إسرائيل؛ حيث لن يلاقي تأييدًا سياسيًا ولا اجتماعيًا.

-       لا بل أكثر من ذلك، فإن عملية عسكرية واسعة النطاق ستلزم إسرائيل مرة أخرى بتحمل مسؤولية 1.5 مليون فلسطيني، وهذا يعني من المنظور الإسرائيلي خسارة المكتسبات التي جنتها بسبب انسحابها من غزة. فيكون المشهد القائل إن على إسرائيل أن يحكم بلده والمناطق المحتلة يقرّب إلى نحو مزعج كابوس أن عليها أن تحكم شعبًا أصبح بأكثريته من الفلسطينيين. والأكثر من ذلك على المدى القصير ليس هناك أمل لاستراتيجية واقعية تؤمن له مخرجًا.

-       كما أن التخلص من حماس بشكل كامل سيترك فراغًا تامًا في غزة. "فإذا كانت سياسة تدمير حماس كقوة سياسية قابلة للتحقيق، فإن من سيحل محلها سيكون أمراء حرب، ومن دون حماس ستصبح غزة أرضًا حرام[61]". ونلاحظ أنه حتى خلال الصراع على السلطة بين حماس وبين فتح في عام 2006 فقد كان واضحًا أن بعض العصابات وأمراء الحرب اتصلوا بالقاعدة.

-       كما أن استمرار العنف سيعزز تأييد حماس في أوساط الشعب الفلسطيني ولن يضعفه، وسوف يُزيد التأييد لها في الضفة الغربية وبين الجماهير في مختلف البلدان العربية. وفي نفس الوقت فإن العملية العسكرية واسعة النطاق والإصابات في أوساط المدنيين التي لا يمكن تجنبها ستقوّض أكثر موقف عباس.

-       علاوة على ذلك فمن المشكوك فيه فيما إذا كانت هناك خيارات عسكرية فعالة يمكنها أن توقف تهريب الأسلحة إلى غزة، وتقضي على التصنيع المحلي لها، وتضع نهاية لا لبس فيها لإطلاق الصواريخ. ومن المرجّح أن المزيد من الصواريخ سينطلق من غزة. حتى الآن، لم تؤد الأعمال الثأرية العسكرية القاسية من جانب إسرائيل لمواجهة إطلاق الصواريخ إلى أكثر من تقليص جزئي ومؤقت لعدد الصواريخ المنطلقة.

-       وفي النهاية، فإن السيناريو المفترض، أي المزيد من العنف في غزة، غير مقبول أخلاقيًا. ويبدو أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على العمل في غزة من دون أن يتسبب بإصابات في أوساط المدنيين، ومن دون انتهاك القوانين الإنسانية وقوانين الحرب. كما أن الإصابات بين المدنيين الإسرائيليين لا يمكن تجنبها عندما تنطلق الصواريخ. لذلك هناك خطر كبير يتهدد التأييد لإسرائيل في البلدان الأوروبية وداخل الإتحاد الأوروبي بسبب استمرار الأزمة الإنسانية في غزة[62].

ما يعني، بتعبير آخر، المزيد من العنف في غزة ليس سياسة واقعية على المدى الطويل. في هذه الحال، فإن هذا يعني أيضًا أن سياسة مقاطعة حماس أثبتت عدم جدواها. وبقبول الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة بين حماس والجيش الإسرائيلي (حزيران 2008) اعترفت الحكومة الإسرائيلية ضمنًا أن هذا السيناريو غير مرغوب به أو إنه غير واقعي، على الأقل في الوقت الراهن.

ج: نهاية عملية السلام

السيناريو الراديكالي الآخر الذي ظهر بعد تولي حماس للسلطة في غزة هو التأجيل المستمر لعملية السلام. والمنطق الذي يقف وراء هذا السيناريو هو بكل بساطة أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا يمكن حله. فحماس عدو لا يمكن التوصل معه إلى تسوية. وعندما تولت حماس السلطة

عاد السياسيون الفلسطينيون، بشكل واضح، إلى وضع ما قبل 1993، وما تفرضه سياسة الغرب والولايات المتحدة يعني لا مساعدات غربية ولا دعم دبلوماسي حتى يغيّر القادة الفلسطينيون سياساتهم[63].

في هذا السيناريو، ستدعم الولايات المتحدة وحلفائها إسرائيل دعمًا غير مشروط بسبب نفوذ حماس والدعم الذي تتلقاه هذه الحركة من سوريا وإيران، والذي يعرّض التطلعات والقيم الغربية للخطر أكثر من أي وقت مضى. في هذا السيناريو يصبح الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو

المعركة العظيمة الثالثة مع التوتاليتارية -الشمولية- التي ما زالت حية في الذاكرة. وكما كان الكفاح ضد الفاشية والشيوعية، فإن الفوز في هذا الصراع يمكن تحقيقه بالعزيمة ومن خلال تعبئة الموارد الغربية[64].

إن قسمًا من المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة السياسية يؤيد بالتأكيد هذه المقاربة. وبالنسبة لقسم كبير من الشعب الإسرائيلي ليس هناك ببساطة "شريك للسلام" في الجانب الفلسطيني، فلا عباس والسلطة الفلسطينية لأنهم قليلو القوة ولا يستطيعون الوفاء بتعهداتهم وليس حماس لأنها غير مستعدة أبدًا للحديث عن السلام. وهذا يتلائم مع الفكرة المنتشرة الآن في أوساط قسم من الشعب الإسرائيلي بأن حلَّ الدولتين لم يعد مطروحًا. وحتى في قلب حماس فإن هناك مقاومة مبدئية لحلِّ الدولتين، وإن يكن لأسباب مختلفة تمامًا. (انظر القسم 1.3).

كما أن المواجهة لا تلقى إلا دعمًا ضعيفًا ومتناقصًا من المجتمع الدولي بسبب التورط الأميركي في العراق. وليس الإتحاد الأوروبي ومعظم الدول العربية وحدها الآن هي من يميل إلى حلّ الدولتين بل الولايات المتحدة أيضًا. فالرئيس الحالي للولايات المتحدة الأميركية جورج بوش هو أول من تحدّث صراحة عن حقِّ الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة إلى جانب إسرائيل. وقد تظهر على المدى الطويل حلول أخرى غير حلّ الدولتين، لكن على المدى القصير لا يوجد أي سيناريو واقعي لأي نموذج آخر.

وطالما لا توجد هناك مصالحة ومشاركة في السلطة بين حماس وفتح فليس هناك من خيار سوى وقف النار في غزة ومفاوضات السلام المصيرية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في نهاية المطاف. ووقف إطلاق النار هذا سيكون بموافقة كل من حماس وإسرائيل على الوساطة المصرية. من الناحية الأخلاقية سيكون وقف إطلاق النار بالتأكيد أفضل من استمرار العنف. في مابين عام 2005-2006 استجابت حماس لوقف إطلاق النار من جانب واحد. علاوة على ذلك فإن وقف النار من دون حلّ سياسي يعتمد بشكل كلّي على النوايا الحسنة لأحد الطرفين. وتقدم مفاوضات وقف إطلاق النار يضمن أيضًا الإمكانية لشكل من التدخل الدولي يضمن أمن كلا الجانبين.

6.     تقاسم السلطة في فلسطين وبداية جديدة باتجاه السلام كخيار وحيد

لا تقدّم السيناريوهات التي ذُكرت أعلاه أي طريق نحو حلّ جوهري وعادل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. فجميعها تتسم بطابع واحد معروف هو أن لا أحد يريد التعامل مع حماس. وكما أظهر هذا التقرير فإن مقاطعة حماس لن تجلب أي حلّ سياسي قريب للصراع. بل بالعكس، ستقوي المقاطعة حماسَ وستتقوّض شرعية السلطة الفلسطينية.

لقد كان التوجه الأول للمجتمع الدولي، وعلى الخصوص للإتحاد الأوروبي، هو الدعم الدائم للسلطة الفلسطينية من أجل بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة من خلال العمل على بناء المؤسسات كأول الخطوات باتجاه حلّ الدولتين. ولا تزال هذه الاستراتيجية السياسية سارية المفعول، لكنها تتعارض مع التوجه السياسي للجنة الرباعية الذي يعمل من أجل التخلص من حماس وليس من أجل التأثير عليها. فقد أشار تقرير مجلس اللوردات البريطاني إلى:

إن الانقسام الحقيقي في سياسة الاتحاد الأوروبي لا تكمن كثيرًا في تفاصيل المواقف السياسية المتفق عليها عمومًا، وإنما بالفصل الواضح بين المستويين السياسي الدبلوماسي وبين المبادرات على أرض الواقع وحضور الاتحاد الأوروبي وحكومات مختلف الدول الأوروبية

طبقًا لما قاله د. ريتشارد يونغ[65].

إن الإصرار السياسي على شروط اللجنة الرباعية الثلاثة، والنتائج المؤكدة لمقاطعة حماس، سدّت الطريق أمام كل وسيلة للبحث عن حلّ دائم وعادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. حيث لا يمكن تصور حلّ سياسي دائم من دون حماس. وعلى المدى الطويل لن يحقق هذا الاستبعاد لا المطامح الوطنية الفلسطينية ولا رغبة إسرائيل المشروعة بالأمن.

لقد أصبحت الشروط الثلاثة التي تحاول الرباعية فرضها على حماس تعويذة إيديولوجية. وإطالة تكرار هذه التعويذة سيجعل من الأصعب التخلص منها وإصلاح الضرر الذي تسببت به. والقادة السياسيون، الذين يحافظون على التابو المعادي للاعتراف بحماس، يجب أن يحاكموا على أساس النتائج وليس على أساس تماسك سياستهم. وهذا ينطبق بشكل خاص على القادة السياسيين - ومن بينهم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي - الذين يعتقدون أن مقاطعة حماس تساهم في دفع عملية سلام الشرق الأوسط أو في خدمة تطلعات إسرائيل.

لقد ازداد عدد المحللين والسياسيين الذين يطالبون بإدخال حماس في العملية السياسية التي ستؤدي في النهاية إلى السلام. ومن المهم أن يذكر هنا أن من بين هؤلاء شخصيات بارزة في الجيش وقوى الأمن الإسرائيلية، ومن بينهم المستشار السابق للأمن الوطني الإسرائيلي غيوا ايلاند ووزير النقل الحالي ووزير الدفاع السابق شاؤول موفاز ورئيس الموساد السابق إفرام هلفي. وقد قال هلفي

لقد برهنت حماس، لسوء الحظ، أنها، كقوة سياسية، أكثر مصداقية وفاعلية من فتح داخل المجتمع الفلسطيني، هذه الحركة التي أسسها - رئيس السلطة الفلسطينية السابق- ياسر عرفات والتي تعاني الآن من حالة من الضعف يَصعبُ تصديقها ومن الفساد الهائل، والتي أصبحت عاجزة سياسيًا. فقد تمكنت حماس من تحقيق ثلاث إنجازات كبيرة في السنوات الأخيرة، وفي أوضاع بالغة القسوة، وهي فوزها في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في عام 2006، وإفراغ خطة فتح من مضمونها وذلك بانتزاع السيطرة على غزة منها في عام 2007، كما أنها فكت -عمليًا- الحصار الذي فرضته عليها إسرائيل في كانون الثاني عام 2008. وفي كل الأحوال فرضت حماس مفاجأة استراتيجية على جميع اللاعبين الآخرين في المنطقة وعلى الولايات المتحدة، وفي كل الأحوال لم تبرهن أي استراتيجية مضادة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل على فاعليتها. (...) ما جعل من المنطقي إمكانية مقاربة تفاهم أولي يشمل حماس - لكن لا يقتصر عليها - في وقت يستمر فيه البحث عن مثل هذا التفاهم. لن يربح أحد من اشتعال يؤدي إلى عودة دخول إسرائيل إلى قطاع غزة بالقوة لإنهاء فك الارتباط المشؤوم من طرف واحد، كالذي قامت به عام 2005[66].

كما أرسل مفكرون إسرائيليون، ومن ضمنهم كتّاب كعاموس عوز، أ.ب.يهوشاوا، ديفيد غروسمان، ماير شاليف، جوديث كاتزير، إيلي أمير، سافيون ليبرخت، يوشع سوبول ودورت رابينيا، الرسالة التالية إلى الحكومة الإسرائيلية:

لقد فاوضت إسرائيل في الماضي أسوأ الأعداء... والآن أصبح من الصحيح التفاوض مع حماس من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار يجنب المزيد من المعاناة لكلا الجانبين... نحن نعتقد أن إسرائيل أمام فرصة لتعزيز عملية السلام في قمة لسلام المنطقة خطط لها في شهر تشرين الثاني...[67].

كما ارتفعت أصوات، حتى في داخل الاتحاد الأوروبي، تدعو إلى التعامل مع حماس. حيث قال وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما في لقاء الأحد مع وسائل الإعلام الأجنبية في روما:

من دون الدخول في حوارٍ مع منْ يحكم غزة فإن عملية السلام ستواجه مصاعب تمنعها من المضي قدمًا[68].

يقتضي إشراك حماس ضمنًا المصالحة بين حماس وفتح وقدرًا معينًا من تقاسم السلطة. وهذا ما يعطي الحديث مع حماس عن ترتيبات السلام قدرًا من المعقولية. ما يعني أن مقاربة - غزة فقط- يجب أن لا تكون ببساطة بديلاً عن مقاربة - الضفة الغربية أولاً -. هذا وستلعب الدول العربية، ومن المحتمل تركيا أيضًا، دورًا محوريًا في عملية المصالحة بين حماس وبين فتح. ومن الأمور الأساسية أن تتضمن أية اتفاقية، لتقاسم السلطة بين حماس وفتح، الإصلاح داخل المؤسسات السياسية والأمنية وانتداب الرئيس عباس للتفاوض مع إسرائيل. لم يتضمن اتفاق مكة على ترتيبات لتقاسم السلطة وهذا ما جعله قاصرًا منذ البداية.

إن المصالحة بين حماس من جانب وفتح والرئيس عباس من جانب آخر ستصبح أكثر صعوبة مع مرور الوقت. حيث يعتقد الرئيس عباس، واهمًا، أن مقاربة الضفة الغربية أولاً ستقوّي موقفه مع مرور الوقت، بينما تعتقد حماس أن مقاربة الضفة الغربية أولاً ستعزز قوتها مع مرور الوقت. وفي كل الأحوال سيواجه تقاسم السلطة بين حماس وفتح صعوبات متزايدة.

وطالما بقيت كل من الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي ملتصقين بمقاربة الضفة الغربية أولاً فسوف لن تجد لا حماس ولا فتح مبررًا للاندفاع قدمًا من أجل المصالحة السياسية. بناءًا عليه فإنه من الأهمية بمكان أن يرفع المجتمع الدولي صوته عاليًا بشكل غير ملتبس من أجل المصالحة. ويستدعي ذلك أيضًا وجوب كسر تابو الحوار السياسي مع حماس.

عندئذٍ فقط يمكن لتدابير بناء الثقة أن تستخدم من أجل خلق المناخ السياسي، وتكون هناك فرصة حقيقية لبلوغ السلام. وهذه التدابير لبناء الثقة تتضمن مايلي:

-       التوصل إلى اتفاقية مدعومة دوليًا لإيقاف الأعمال العدائية ووقف إطلاق النار بين السلطة الفلسطينية وحماس وبين حماس وإسرائيل.

-       فتح الحدود مع غزة ووضعها تحت الإشراف الدولي.

-       تبادل الأسرى.

من المؤكد أن هذا يفترض مقدمًا استعداد إسرائيل للإذعان لتعهدات خارطة الطريق التي لم يتم التعامل معها منذ زمن بعيد.

إن مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، كتلك التي استبعدت حماس في نهاية 2007 من مؤتمر انابولس في الولايات المتحدة الأمريكية، هي عبارة عن خيال سياسي. وليس مرجحًا أن الحكومة الأميركية الحالية تنوي تغيير موقفها من حماس أو إنها لا تزال تتمتع بمصداقية سياسية مؤثرة في الشرق الأوسط تسنح لها بفرض تغيير في المسار. وهذا يفسّر لماذا يمتلك الإتحاد الأوروبي دورًا محوريًا يؤهله لكسر تابو الاعتراف بحماس كشريك في محادثات معدّة تقود إلى السلام والأمن في الشرق الأوسط. وهذا يفترض ضمنيًا نقاشًا سياسيًا عن النتائج الكارثية للسياسة الحالية لعزل حماس سياسيًا ومحاصرة غزة، ويؤدي إلى مشاركتها السياسية.

7.     استنتاجات وتوصيات

أ. استنتاجات

لم يؤدي الاستبعاد المنظم لحماس وللحكومة التي تشكلت بعد انتخابات 2006، من قبل إسرائيل واللجنة الرباعية وبدرجة معينة من السلطة الفلسطينية، لأي فرصة حقيقية لاتفاقية سلام ولا لإضعاف موقف حماس. وفي النهاية، أدى الاستبعاد والمقاطعة إلى نتيجة كارثية على الأوضاع الإنسانية في غزة، وعلى أي فرصة للسلام وتقاسم السلطة والاستقرار داخل المجتمع الفلسطيني. إن استبعاد حماس كان ضارًا أيضًا بالعمل الجاد من أجل الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط. ويبيّن التعقيد في السيناريوهات الثلاثة المحتملة أن مستقبل الاستقرار بدون حماس بعيد الاحتمال للغاية. كما أظهرت نهاية وقف إطلاق النار وتجدد القتال بين حماس وإسرائيل في كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009 أن عزل واحتواء حماس في غزة قد فشل.

إذا استنتجنا أن السلام بدون حماس مستحيل فيجب علينا أن نتساءل فيما إذا كان السلام مع حماس ممكنًا. من الواضح أن هذا سيكون صعب المنال. يبين لنا تاريخ حماس أن الحركة تعتبر العنف، بما فيه العنف الموجّه ضد المدنيين، سلاحًا شرعيًا في كفاحها ضد إسرائيل. من جهة ثانية، من المستحيل الحكم على كل إمكانيات الحوار السياسي مع حماس. لقد أظهرت الحركة انقسامًا في شخصيتها يتراوح بين الأيديولوجيا والسياسية البراغماتية. ومن يركّز على الجانب الأيديولوجي وحده سيجد دائمًا المبررات للاعتقاد بأن التسوية مع حماس مستحيلة؛ ولكن لفعل ذلك عليه أن يتجاهل الانفتاح المتضمن في عروض الجانب السياسي البراغماتي لحماس. فبينما تهيمن الأيديولوجية المتشددة منذ أن سادت حالة العنف الحالية على الصراع الذي بدأ في كانون الأول 2008، فإن الأيديولوجيا ستبقى بدون جواب عن المآزق الحقيقية التي يجب على حماس مواجهتها حين تريد ممارسة السلطة في المناطق الفلسطينية.

ما يعني أن على استراتيجية اللجنة الرباعية الاحتكام إلى البراغماتية السياسية لحماس وليس إلى ايديولوجيتها. وهذا لم يحدث ذلك منذ انتخابات 2006؛ لأنها- أي الرباعية- أصرت على الإعتراف بإسرائيل ونبذ العنف كشروط مسبقة وليس كنتائج للمحادثات، ولأنها قاطعت الحكومة التي ترأستها حماس وحكومة الوحدة الوطنية وحاصرت غزة، وهذا لم يؤدي إلا إلى دفع حماس أكثر نحو جانبها الأيديولوجي. ما جعل اللجنة الرباعية، بما فيها الإتحاد الأوروبي وحتى الحكومة الهولندية، مفسدةً للعملية السياسية في الشرق الأوسط. إنه لمن الواضح أن جزءًا من قيادة حماس ليس لديها مشكلة مع تشدد الجانب الأيديولوجي. إن التقييم السلبي لعمل اللجنة الرباعية والتشكك في إمكانية توقع أي شيء من الإدارة الأميركية الجديدة قاد منظمة IKV وPax Christi لأن تدافع عن الفكرة القائلة بأن على الإتحاد الأوروبي أن يتبنى موقفًا مستقلاً يشدد على تعزيز الحوار وتقاسم السلطة بين مختلف التيارات السياسية الفلسطينية بدلاً عن عزل حماس. فالاتحاد الأوروبي يمكن أن لا يصبح عائقًا عندما يقوم بمحاولات من أجل إنجاز المصالحة وتقاسم السلطة.

إن التفاوض مع حماس وإغفال السلطة الفلسطينية وفتح أمر غير مرغوب فيه. وسيقود هذا إلى استبعاد جزء هام من المجتمع الفلسطيني، ويؤدي إلى ظهور تمزّق إضافي داخل هذا المجتمع. علاوة على ذلك فإنه سيؤدي إلى خسارة المنجزات التي تم تحقيقها في السنوات الأخيرة، ومن ضمنها قبول مبدأ حلّ الدولتين. لذلك فإنه من الأهمية بمكان تشجيع فتح وحماس على تقاسم السلطة في فلسطين.

ب. توصيات

ستتعامل منظمة IKV وPax Christi فقط مع التوصيات التي تستهدف القادة السياسيين الهولنديين والأوروبيين.

وستدعو منظمة IKV وPax Christi لسياسة جديدة للاتحاد الأوروبي، وتطالب الحكومة الهولندية باستخدام نفوذها داخل أوروبا من أجل تفعيل هذه السياسة. يجب على الإتحاد الأوروبي أن يقوم بدور قيادي بدل أن يكون مشلولاً من قبل اللجنة الرباعية العاجزة، أو أن ينتظر حتى تأتيه الولايات المتحدة بخطة جديدة. تعتقد منظمة IKV وPax Christi بأنه من المرغوب أن يقوم الاتحاد الأوروبي بما يلي:

-       1: استبدال استراتيجية العزل بأخرى تكون أكثر تأثيرًا على حماس ما يعزز التيار السياسي البراغماتي لهذه المنظمة.

-       2: اتخاذ خطوات عملية باتجاه حوار نقدي مع حماس يدعوها لنبذ العنف مع إعطائها فرصة موضوعية ملائمة تؤدي لرفع حماس من قائمة المنظمات الإرهابية.

-       3: تغيير شروطه المسبقة المتعلقة بالحوار مع حماس بحيث تشمل أهداف للحوار والمفاوضات.

-       4: تشجيع إسرائيل على فعل الشيء نفسه.

-       5: تعزيز الحوار الفلسطيني الداخلي بين حماس والسلطة الفلسطينية، والداعي إلى تقاسم السلطة، وفي الوقت نفسه الاستمرار بترميم العلاقات الاقتصادية مع حكومة الوحدة الوطنية في غزة.

-       تقديم الدعم والتسهيلات - قدر الإمكان - لمن يرغب ويستطيع، من البلدان العربية وكذلك تركيا، القيام بالوساطة بين السلطة الفلسطينية وحماس.

-       تقديم الدعم والقوة الدافعة للمحاولات التي باشر بها الآخرون لتفعيل الحوار النقدي مع حماس.

-       وفي النهاية عمل كل ما يمكن لتجديد وقف النار الحالي بين إسرائيل وحماس من أجل تحسين الوضع الإنساني في المناطق الفلسطينية، وخاصة عن طريق فتح المعابر إلى غزة ووضعها تحت الإشراف الدولي.

المحتويات:

خلاصة

مقدمة

موقف مجلس كنائس السلام العالمي والفرع الهولندي لمنظمة Pax Christi من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

1- حماس

-       التأسيس

-       الخلفية

-       الأيديولوجيا

-       طريقة العمل: الدعوة والجهاد

2 - موجز تاريخي منذ الانتخابات الفلسطينية

3- شروط اللجنة الرباعية الثلاثة

- التخلي عن العنف

- الاعتراف بإسرائيل

- القبول بالاتفاقات والالتزامات السابقة

- نتيجة المقاطعة

- النتائج الكارثية والعكسية لمقاطعة حماس

4 - دور الولايات المتحدة

5 - مشاهد مستقبلية

- سيناريو الضفة الغربية أولاً

- سيناريو المزيد من العنف في غزة

- إنهاء عملية السلام

6 - تقاسم السلطة في فلسطين وبداية جديدة باتجاه السلام كخيار وحيد

7 - استنتاجات وتوصيات

- استنتاجات

- توصيات

6، كانون الثاني، 2009

ترجمة: حربي محسن عبدالله

*** *** ***


 

horizontal rule

[1]  أُكمل هذا التقرير من قبل IKV Pax Christi. قدم العمل المفصلي للمنظمة من قبل الفرع الهولندي لمنظمة Pax Christi ومجلس كنائس السلام العالمي الهولندي (IKV) وقد ناقشا هذا التقرير وأعطيا موافقتهما عليه.

[2] باكس كريستي IKV Pax Christi هي أكبر حركة للسلام في هولندا، ينتظم فيها أكثر من عشرين مليون عضو ومتطوع، وتتلقى دعمًا كبيرًا من هبات الكنيسة مما يخولها لأن تكون علامة بارزة ولاعبًا مشاركًا على قدر كبير من الفاعلية في ملعب السلام العالمي، يقوم طاقم أعضائها بدعم السلام وإعادة الوفاق في مناطق الصراع، بالاشتراك مع منظمات محلية للعمل من أجل إيقاظ وعي مماثل يحمل لواء: السلام أمر ضروري!. تعمل IKV Pax Christi على برامج السلام كمطلب لكل من منظمة PAX Christy وIKV، وهما يعملان كمنظمة واحدة بمجلس إشراف واحد وبمجلس إدارة واحد، ويساهمان بجهد مشترك في تحديد المهام وتطوير الرؤى وتقييم علاقتها مع سياسة الحركة. جان غرويترز، مديرًا. جانّي كويك، قائد البرنامج الفلسطيني/ الإسرائيلي. جان جاب اوسترزه، قائد فريق الشرق الأوسط وآسيا. الرجاء تحويل الأسئلة والتعليقات إلى: vanoosterzee@ikvpaxchristi.nl أو kuik@ikvpaxchristi.nl

[3]  برنارد غويردزمان، لا سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من دون حماس، مجلس حول العلاقات الخارجية، 7 آذار 2008. http://www.cfr.org/publication/15683/

[4]  هو تقرير صدر في 25 أيلول 2008 عن كار وأوكسفام والاتحاد من أجل إنقاذ الأطفال واتحاد المدنيين من أجل السلام التي تنتسب إليها أيضًا باكس كريستي. http://www.reliefweb.int/rw/rwb.nsf/db900sid/VDUX-7JSSZD

[5]  إعلان القاهرة في 7 تشرين الثاني.http://www.al-bab.com/arab/docs/pal/pal1.htm

[6]  خطاب عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 كانون الأول 1988، والذي قبل فيه بالقرار 242. http://www.al-bab.com/arab/docs/pal/pal5.htm

[8]  البند الثاني من ميثاق حماس. http://www.palestinecenter.org/cpap/documents/charter.html

[9]  تعتبر حماس القومية، بمعنى الوطنية، كجزء وجانب من إيمانها الديني. ميثاق حماس، البند 12. http://www.palestinecenter.org/cpap/documents/charter.html

[10]  شاوول ميشال وأفراهام سيلا، استشهاد بالإنكليزية مأخوذ عن حماس الفلسطينية، عام 2000، ص 180. http://www.palestinecenter.org/cpap/documents/charter.html

[11] نفس المرجع، ص 147.

[12]  شاوول ميشال وأفراهام سيلا، استشهاد بالإنكليزية مأخوذ عن حماس الفلسطينية، عام 2000، ص 163 – 166.

[13]  نفس المرجع، ص 144.

[14]  خالد خروب، حماس جديدة من خلال وثائقها، مجلة دراسات فلسطينية، 130 (2006)، ص 6 و27.

[15]  نفس المرجع.

[16]  نفس المرجع.

[17]  نفس المرجع.

[18]  غاربث إيفن، في مقالة في لبكؤيستبن سبينس مونيتور بعنوان: ارتداد عزل حماس، تاريخ 27 آذار، 2008. انظر: http://www.csmonitor.com/2008/0327/p09s02-coop.html

[19]  الإيكوموميست، 3 كانون الأول، 2008.

[20]  البيان الربعي الصادر في لندن في 30 كانون الثاني، 2006. انظر: hptt://www.consilum.europa.eu/uedocs/cms-Data/docs/pressdata/en/declarations/88201.pdf

[21]  تقرير نهاية الخدمة الصادر عن ألفارو سوتو، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق من أجل السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمين العام لدى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ومندوب اللجنة الرباعية، أيار 2007. انظر: http://image.guardian.co.uk/2007.06.12/DeSotoReport.pdf  

[22]  البيان الربعي الصادر في لندن، في 30 آذار، 2006. انظر: http://domino.un.org/ONISPAL.NSF/)a2a053971ccb56885256cef0073c604d404f985257141005a4b38!OpenDocument

[23]  الاتحاد الأوروبي وعملية السلام في الشرق الأوسط، لجنة الاتحاد الأوروبي، التقرير السادس والعشرين لأعوام 2006-2007، مجلس اللوردات، المملكة المتحدة، 24 تموز 2007. http://www.publications.parliament.uk/pa/ld200607/ldselect/ldeucom/132/132i.pdf

[25]  حول الهجمات على المدنيين الإسرائيليين وإطلاق صواريخ القسام على إسرائيل، راجع: http://www.btselem.org/English/Israeli_Civilians/Qassam_missiles.asp

[26]  راجع إحصاءات منظمة بيت سلام:http://www.btselem.org/english/Statistics/index.asp

[27]  تصريح الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، نيويورك، 1 آذار، 2008. http://www.un.org/apps/sg/sgstats.asp?nid=3026

[28]  نضال المغربي، حماس تضع الشروط لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وكالة رويترز، 12 آذار، 2008. http://www.reuters.com/article/NewsMaps/idUSL1290175720080312

[29]  ناثان ج. براون، الطريق للخروج من غزة، مؤسسة كارنجي لدعم السياسة الدولية للسلام، شباط، 2008: http://www.carnegieendowment.org/files/brown_gaza_final.pdf

[31]  ما بعد مكة: مشاركة حماس، تقرير الشرق الأوسط رقم 62، مجموعة الأزمات الدولية، 28 شباط، 2007. http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=4677

[35]  حكم فلسطين 1، غزة في ظل حماس، تقرير حول الشرق الأوسط رقم 73، الصادر عن المجموعة الدولية للأزمات في 19 آذار 2008. انظر: http://www.crisisgroup.org/library/middle_east_north_africa/arab_israeli_conflict/73_ruling_palestine_gaza_under_hamas_web.doc

[36]  نفس المصدر.

[37]  إحصاء: هنية يصبح أكثر شعبية من عباس بعد غارات جيش الدفاع الإسرائيلي على غزة. راجع: http://www.haaretz.com/hasen/spages/965204.html

[38]  ستيفن كاوفمان، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتفقان على أن الحكومة الفلسطينية لا تقبل مبادىء اللجنة الرباعية، وزارة الخارجية الأمريكية، 19 آذار 2007. انظر http://www.america.gov/st/washfile-english/2007/March/20070319182244esnamfuak0.6020929.html

[39]  تقرير نهاية الخدمة الصادر عن ألفارو سوتو، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق من أجل السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمين العام لدى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ومندوب اللجنة الرباعية، أيار 2007، الصفحة 34 (الفقرة 90) أيار 2007. انظر: http://image.guardian.co.uk/sys-file/Guardian/documents/2007/06/12/DeSotoReport.pdf انظر أيضًا: http://64.233.183.132/search?q=cache:DxGqPb9VwGoJ:www.bojanbb.com/blogsr/media/EndofMission.pdf +text+%2B%22end+of+mission+report+%22+De+soto&hl=en&ct=clnk&cd=10&gl=uk

[40]  الاتحاد الأوروبي وعملية السلام في الشرق الأوسط، لجنة الاتحاد الأوروبي، التقرير 26 لدورة 2006-2007، الكتاب الأول، مجلس اللوردات، المملكة المتحدة، ص 24، 24 تموز 2007. انظر: http://publications.parliament.uk/pa/ld200607/ldselect/ldeucom/132/132i.pdf

[41]  نفس المصدر، ص 20 ، الفقرة 46. انظر: http://www.caabu.org/resources/lords_select_committees/eu_peace_process/

[42]  غراهام أ. فولر، وصول حماس إلى السلطة: طفرة أو نكسة؟ رؤى استراتيجية، الملف الخامس، الإصدار 2، مركز النزاعات المعاصرة، شباط 2006. انظر: http://www.ccc.nps.navy.mil/si/2006/feb/FullerFeb06.pdf

[43]  ناثان ج. براون. الطريق للخروج من غزة. مؤسسة كارنجي لدعم السياسة الدولية للسلام، شباط 2008: http://www.carnegieendowment.org/files/brown_gaza_final.pdf

[44]  لقد انتقد الممثل الرسمي الحالي لحماس في لبنان بشدة من قبل فتحي يكن رئيس الجماعة الإسلامية في لبنان، آذار 2007، http://www.nazmi.org/Our.doc

[45]  الآستير كرووك، خطيئتنا الثانية الكبرى في الشرق الأوسط، انظر: http://www.lrb.co.uk/v29/n13/croo01_.html

[46]  برنارد غويردزمان: لا سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من دون حماس، مجلس حول العلاقات الخارجية، 7 آذار 2008. http://www.cfr.org/publication/15683/

[47]  استنادًا إلى مقالة نشرتها الإنترناشيونال هيرالد تريبيون فإن سعيد أبو مسامح، أحد مؤسسي حماس وعضو المجلس التشريعي، وأحد الممثلين المعتدلين للحرس القديم، وأحد أعضاء مجلس أول مركز أبحاث أقامته حماس هنا ويدعى بيت الحكمة الذي يحاول مد جسور مع الغرب... قال إن إلقاء حماس الصواريخ على جنوب إسرائيل خطأ، وكذلك فإن علاقة حماس مع إيران هي بنت الضرورة وليست رغبة. وأضاف أن رأيه حول هاتين النقطتين لا تشاركه بها القيادة العليا لحماس، لكنه ليس الوحيد الذي لديه مثل هذه القناعة وهناك كثيرون مستعدون لتبنيها إن لقوا التشجيع على ذلك. انظر: http://www.iht.com/articles/2008/06/14/africa/15gaza.php?page=2.

[48]  ديفيد روز، قنبلة غزة، فانينتي فير، نيسان، 2008، انظر: http://www.vanityfair.com/politic/features/2008/04/gaza_documents200804

[50]  جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية للشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا التابعة لمجلس النواب في 23 أيار 2007، رقم التسجيل 110-70، ص 11. انظر: http://www.internationalrelations.house.gov/110/35673.pdf

[51]  عموس هاريل وآفي إيسشاروف، من فتح إلى إسرائيل: أعطونا السلاح لنحارب حماس، 7 حزيران، 2007. انظر: http://www.haaretz.com/hasen/spages/867987.html

[52]  انظر أيضًا: ما بعد غزة، تقرير الشرق الأوسط رقم 68، مجموعة الأزمات الدولية، 2 آب، 2007: http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=4975&l=1

[53]  نفس المرجع، ص 14.

[54]  الدكتور محمد السمحوري، استراتيجية الضفة الغربية أولاً: تقييم سياسي-إقتصادي حرج. ورقة عمل رقم 2، جامعة برندايز، مركز كرون لدراسات الشرق الأوسط، والتمان، تشرين الأول، 2007. انظر: http://www.spme.net/cgi-bin/articles.cgi?ID=3080

[55]  عرشون باسكين، سقوط غزة وصعود فلسطين، شبكة الانترنت العربية للإعلان، 15 حزيران، 2007. انظر: http://www.commongroundnews.org/article.php?id=21205&lan=en&sid=0&sp=0

[56]  روبرت مالي وآرون ميلر، الضفة الغربية أولاً: مشروع لن ينجح، الواشنطن بوست، 19 تموز، 2007. انظر: http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2007/06/18/AR2007061801365.html

[57]  نفس المرجع.

[58]  الدكتور محمد السمحوري، استراتيجية الضفة الغربية أولاً: تقييم سياسي-إقتصادي حرج. ورقة عمل رقم 2، جامعة برندايز، مركز كرون لدراسات الشرق الأوسط، والتمان، تشرين الأول، 2007. انظر: http://www.spme.net/cgi-bin/articles.cgi?ID=3080

[59]  الحد من الحركة والدخول إلى الضفة الغربية: عدم يقين وعدم فعالية الاقتصاد الفلسطيني، البنك الدولي، 9 أيار، 2007. انظر: http://siteresources.worldbank.org/INTWESTBANKGAZA/Resources/WestBankrestrictions9Mayfinal.pdf

[60] في تقرير بعنوان حكم فلسطين 1: غزة في ظل حكم حماس. تستند اللجنة الدولية للأزمات إلى بيانات أدلى بها الناطق بلسان قوات الدفاع الإسرائيلية بأن خلق منطقة عازلة عرضها 3 كم ستكلف ما لا يقل عن 5000 إصابة من الغزاويين. انظر: http://www.crisisgroup.org/library/documents/middle_east_north_africa/arab_israeli_conflict/73_ruling_palestine_gaza_under_hamas_web.doc

[61]  حكم فلسطين 1: غزة في ظل حكم حماس. الشرق الأوسط، التقرير رقم 73 الصادر عن مجموعة الومات الدولية في 19 آذار، 2008. انظر: http://www.crisisgroup.org/library/documents/middle_east_north_africa/arab_israeli_conflict/73_ruling_palestine_gaza_under_hamas_web.doc

[62]  رويترز، قرار الاتحاد الأوروبي حول سياسة العزل يجلد إسرائيل. هآرتز 22 شباط، 2008. انظر: http://www.haaretz.com/hasen/spages/956817.html

[63]  باري روبين (من البحث العالمي في القضايا الدولية)، حماستان، وهي مقالة نشرت في الوول ستؤيت جورنال في 15 حزيران، 2007. انظر: http://www.wsj.com/article/SB118186922078136232html?mod=opinion_main_commentaries

[64]  نفس المرجع.

[65]  الاتحاد الأوروبي وعملية السلام في الشرق الأوسط، لجنة الاتحاد الأوروبي، التقرير 26 لدورة 2006-2007، الكتاب الأول، مجلس اللوردات، المملكة المتحدة، 24 تموز، 2007. انظر: http://publications.parliament.uk/pa/ld200607/ldselect/ldeucom/132/132i.pdf

[66]  لورا روزين، الموساد الإسرائيلي يخرج من الظلّ، الأم جون سمارت، صحافة بلا خوف، سان فرانسيسكو، 19 شباط، 2008، انظر: http://www.motherjones.com/washington_dispatch/20/0802/israel-mossad-outof-the-shadows.html

[67]  شيري ليف آري، مازال معلم، كتاب يدعون إلى الهدنة مع حماس، هآرتز 24 أيلول، 2007، انظر: http://www.haaretz.co.il/hasen/pages/ShArtStEngPE.jhtml?ItemNo=906484&contrassID=1&title=’Authors%20call%20for%20truce%20with%20Hamas%20’&dyn_server=172.20.5.5

[68]  ليزا باملميري-بيليغ، وزارة الخارجية الإيطالية، التفاوض مع حماس، الجيروزاليم بوست 4 آذار، 2008، انظر: http://www.jpost/com/servlet/Satellite?pagename=JPost/JParticle/ShowFull&cid=1204546390877

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود